إن شئت أن تعمل جمّالاً عليك أن تعلّي عتبة دارك

إن شئت أن تعمل جمّالاً عليك أن تعلّي عتبة دارك  – 27th November  2004

 
مثل عربي معروف ، فيه ما فيه من العبرة والتفكه  . ان ذكره اللبنانيون والسوريون قالوا : البدو يعمل جمّال بدو يعلي عتبة دارو .
خطا الاوروبيون خطوات جبارة في توحيد قارتهم ، وما ان وصلوا الى توحيد العملة حتى اشتدت المخاوف من احتمال الفشل ، وارتفع معيار التحدي ، إذ لا يجوز ل ” مسيو يورو – او – هارر يورو ” أن يكون اقلّ شأنا من ” مستر دولار ” .
قوة العملة هي  ،  ولا شك ، تعبير وانعكاس لقوة اقتصادية ، واستقرار سياسي ، وبحبوحة داخلية ، وثقة خارجية . عوامل تتضافر كلها لتخلق حالة من الهيبة التي يطمئن لها ااخاطر ويطرب بها الفؤاد .
الاوروبيون ، كلّ الاوروبيين في منطقة اليورو، عامة شعب وسياسييين ، طربوا وانتشَوا ، يوم انطلق اليورو مساويا للدولار ثم ارتفع بعد أيام قليلة ليبلغ ما يزيد على ال 1.1500 دولار. ولم يطل الامر على هذه الحالة حتى عاد الى التراجع واستمر فيه الى أن دقّ ابواب ال 0.7000 سنتا . يومها كانت التنهدات تسمع في منطقة اليورو ، وكان الترقب سيّد الموقف . وكان الخوف من الشماتة كبير .
ولاسباب لسنا الان في وارد تفصيلها بدأ  العد العكسي ، وعاد القطار الى المسار بالاتجاه الصحيح ، وها نحن اليوم على ابواب ال 1.3500 . فما ردّة فعل الاوروبيين على ذلك ؟
لا شكّ في أن عامة الناس ينظرون الى الوضع نظرة الافتخار والزهو ، فعملتهم قد تمكنت من التفوق على الدولار وقهره . عملتهم باتت اليوم تاخذ مكانها على المستوى العالمي بسمعة بيضاء نقيّة طاهرة ، هي تطمح ان تحتل المركز الاول عالميا كعملة احتياط . هي على وشك ان تسلب الورقة الخضراء  عرشا تربعت عليها الاخيرة عقودا كثيرة . ” منذ ولادته في العام 1999 ، تمكن اليورو من جذب ما يقارب خُمس  الاحتياط النقدي العالمي . فهو احتوى جزءا ارتفاع من 13.5% عام 1999 الى ال 19.5% العام 2003 ” . انه خبر مفرح ومبشر . ولكنه ياتي في وقت غير مستحب .
عملة احتياط عالمية ، ثقة فائقة باليورو على مستوى البنوك المركزية الدولية ، الكثيرون منهم يشيحون نظرهم عن الدولار ، يخرجون منه ، يميلون نحن عملة القارة الموحدة ، هي تستهويهم بما لها من بريق عذري لم يمَسّ . الروس ، الصينيون ، الكثير من بنوك الشرق الاوسط ، يعون خطورة الموقف . هم يريدون التحول بجزء من احتياطهم النقدي من الدولار الى اليورو . اجل بين ليلة وضحاها بات اليورو عملة احتياط عالمية .
ولكن ما الذي قد يعنيه هذا للاوروبيين ؟
عامة الناس فخورون . هذا نلمسه بالتحدث معهم . هم لا يقدرون خطورة الموقف . السياسيون قلقون ، يحذرون ، يطالبون البنك المركزي الاوروبي بعمل شيء ما . السيد تريشيه يحاول ، هو يحاول بوسائل عدة ، يحاول اقناع الاميركيين بعمل موحد لمنع هذا التحول المفاجئ في اسواق النقد . الاميركيون يشيرون بوجههم عنه . يقولون لا شأن لنا بذلك . لا مصلحة لنا بان نكون عملة الاحتياط العالمية الوحيدة ، شاركونا بهذا الفخر ، هم يقولونها وعلى الشفاه ابتسامة ساخرة .
 يميل السيد تريشه الى الاسيويين ، يريد منهم شراكة فعلية للتدخل في السوق شراء للدولار ، من اجل منع هذا التراجع المتعب للجميع . الآسيويون يفتشون مثله عن دواء ، ولكنهم جربوا الكيّ في الماضي ، أوجعهم الكيّ كثيرا ولم يجدِ نفعا . اليابانيون كلفتهم التدخلات السابقة في السوق ما يقارب المئتي مليارا من الدولارات ، النتيجة كانت خيبة وراء خيبة . في كل مرة كان اليابانيون يتدخلون شارين للدولار ، كان السوق يهلع صعودا بحركة جنونية مرعبة ، ثمّ ، وبكل برودة اعصاب يبرز على الساحة من يعاود بيع ما اشتراه اليابانيون فيعود السعر الى أعماق أكثر آيلاما من السابقة .
ماذا جنى اليابانيون ؟ جنَوا امتلاكهم لمئتي مليار من الدولارات ، اشتروها باسعار يزيد نصفها عن ال    110.10  ، وهم الان يحملونها ، عارفين ان الدولار سيتراجع الى ما دون ال 100.00 ، وعارفين ايضا ان الخسارة التي تكبدوها  لا بد من الانتظار طويلا لتعويضها . لذا لا بد من استبعاد امكانية التفاهم بين الاوروبيين واليابانيين على تدخل مبرمج ومدروس في السوق ، فاليابانيون لن يعرضوا انفسهم للدغ من الجحر مرتين .
ماذا بقي امام السيد تريشه ؟
تخفيض الفائدة . هي حلّ من الحلول المطروحة . ولكن هل سيقوى هذا الحل على وقف ارتفاع اليورو ؟
نعتقد انه سيقوى على تبريد الحماوة الحالية ، ولكنه لن يكون الحل الناجع على المدى المتوسط والبعيد . وهو الى ذلك ينطوي على مخاطر كثيرة ان تم الاقدام عليه وسط اجواء غير تضخمية تستدعيه . اذ لا يضمن احد اذذاك عدم الانزلاق شيئا فشيئا الى باحة الركود الاقتصادي ، فالدواء المعطى لم يكن المناسب للداء الموجود .
وباختصار فان التدخل في السوق مستبعد حاليا ، وتخفيض الفائدة على اليورو مستبعد ايضا ، للامرين محاذير كثيرة ، ولا بد من اخذ الامور بالتروي  .
اجل ، انه لمن المستحب ان يرى المواطنون عملتهم تتحول الى عملة احتياط عالمي . انه لمدعاة للفخر ان يرى الاوروبيون هدفهم و قد تحقق بسنوات قليلة جدا  ، هدفهم المتمثل باعادة شيء من التوازن الى النظام المالي العالمي ، وبانتزاع جزء من العزّ الذي احتفظ به الاميركيون لانفسهم طيلة عقود . انه لمن دواعي السرور ان تتحول العملة الى عملة احتياط دولي وتتدفق اليها الرساميل من كل حدب وصوب ، فتساهم في تمويل العجز ، بل تقف حاجزا دون حدوثه . هذا كان الحلم الاكبر للاوروبيين ، سياسيين  واقتصاديين .
وها هي الامنية تتحقق ، الرساميل تتدفق ، فاذا بها تصير عبئا . تدفقت الرساميل في وقت غير مناسب . الدولار يتراجع بقوة ، الرساميل تتدفق على اوروبا ،  يساعد هذا  على ازدياد تدحرج الدولار . إذن ما كان بالامس أمنية ، صار اليوم عبئا .
والمقلق في الامر ان اليورو يرتفع دون ان يعكس في ارتفاعه وضعا اقتصاديا وسياسيا اوروبيا مطمئنا ، فالنمو الاوروبي لا يشكل الا نصف النسبة الذي يقدر بها النمو الاقتصادي الاميركي .
نعم أراد الاوروبى ان يدخل حلبة النقد الدولية من بابه العريض . فتح له الاميركي اليوم الباب على مصراعيه . دخل ، ويبدو انه يتوه في هذه الارجاء الواسعة . يبدو انه سيستغيث  ، الاميركي يتفرج ، ويبتسم . الاسيوي لن يقوَ على الاغاثة .
كان على الاوروبي أن يعرف ، كان عليه أن يقرأ الامثال العربية : “من يريد ان يعمل جمّالاً عليه أن يعلّي عتبة داره ” .
 
 

 

غلطان يا معاند بَحر

غلطان يا معاند بَحر13th October 2004

 

بالمصادفة مّرَ صديقنا خالد في 11\2\ 2004على موقع أراب اون لاين بروكرز ، كان يتمنى دائما أن يُتاجر بالعملات عن طريق الانترنيت لأنه قد سئم التعامل بالطريقة التقليدية مع البنوك لما فيه من تجاوزات كثيرة بحق المضارب، بسرعة البرق طلب استمارة الانضمام إلى هذه الخدمة التي طالما حَلُمَ بها، استقبلَ الاستمارة، دوّن المعلومات ، أرسَلها بالفاكس اتصلَ بسرعة ( أرسلوا لي رقم الحساب لأقوم بالتحويل بسرعة أريد أن اعمل أريد أن احقق رغبتي الموجودة بداخلي منذ 10 سنوات…….. ) .

 

استلم صاحبنا رقم الحساب وهرولَ إلى البنك صباحا ليودع 5000 دولار ليبدأ العمل،  في هذه الأثناء كان يتصل بشكل متكرر للسؤال عن وصول الحوالة.

 

أثناء تصَفح الموقع لاحظ وجود عنوان الترايدر بالمسينجر وتسأل هل احتاج إلى الاتصال بالتريدر ؟ (لااظن انني سأحتاجه إذا طلع السوق بيع وإذا نزل السوق شراء !!! الأمر ابسط مما يسوق له هؤلاء ، هم هكذا دائما أهل البورصة يضخمون الأمور وكأن الوضع يحتاج إلى مُرشد ) .

 

جاء البريد الأول ليبشر صاحبنا بوصول الحوالة، وماهي إلا لحظات دخل بعدها في خضم البحر الهادر يشتري هنا و يبيع هناك ويوجه أسئلته للترايدر هل اشتري هنا ؟ هل أبيع هنا ؟ كم ممكن يوصل الين؟ كيف شايف الاسترليني ؟ هل اشتري بالحساب كاملا ؟ هل …………… ؟

 

جاءه رد الترايدر أن هذا ليس بأسلوب عمل للبورصة فهي تحتاج إلى هدوء وترقب وبحث عن الفرصة المناسبة للدخول وانك بهذه الطريقة سنفقدك قريباً. تعجّب خالد وقال في نفسه ( ما أسوا حظي رماني القدر عند حذر ومتردد، هذا السوق لا يعرف الجبن والحذر يحتاج المغامرين، مقاومة ، دعم ، شارت ، كله كلام فاضي ، فلا نامت أعين الجبناء )….

 

في أول يوم وضع خالد الإسترليني فوق الين والدولار بجوار الفرنك واليورو مع الكندي والاسترالي تحت النيوزلندي يعني باختصار متناقضات جَمَعَها في سلة واحدة….

 

شاءت قدرة المولى عز وجل أن يأتي السوق في تلك الليلة من نصيب خالد فاستيقظ صباحا ليجد أل 5000 دولار أصبحت امامه على الشاشة 12542 دولار !!!!!!!!!

 

جنَّ جنونه ( هذه البيضة التي تبيض ذهباً أين أنا من هذا الكنز كم كنت مغفلا طوال هذه السنين، يجب أن أعوض كل مافاتني بالحياة، 7542 دولار في اليوم يعني 37710 بالأسبوع تصبح 150840 شهريا وبذلك أكون حققت 1810080 دولار سنويا أكثر من مليون وثمانمائة ألف دولار ؟؟؟؟؟؟ )

تسأل بنفسه ( لماذا الترايدر يوبخني على طريقة عملي بالسوق أنا حققت 7542 في 24ساعة )، قال في نفسه ( يبدو أن الترايدر أصابته بيروقراطية العمل الرسمي التي تجعل الإنسان مقيدا حتى في تفكيرة ! هو خائف ربما لا يعشق المغامرات ربما  حذر لأسباب شخصية ؟ )

 

في اليوم الثاني بدأت شمس الحقيقة تظهر وماهي إلا لحظات ويبدأ مسلسل الخسائر يتوالى على صاحبنا حتى أصبح في كل يوم يربح 10000 دولار يخسر في اليوم التالي 15000 دولار وكان لصاحبنا زيارة كل أسبوع لبنكه لإرسال حواله لزيادة الرصيد عل وعسى أن يبعد عنه شبح المارجن كول.

 

كل حوالة تأتي من صاحبنا يربح بعدها بأيام ربحا خياليا ما يلبث أن يقذف به في ثواني بسبب كثرة العقود وبسبب جهله بالسوق، كان الترايدر يحاول كثيرا في تأديب سلوكه بالعمل وكان ينصاع ليوم ويتجاوز ذلك بالأيام الأربعة الباقية من كل أسبوع، كان يبحث عن الانتقام من السوق فيجد أن السوق يزيد من جراحه وينتقم منه أكثر وأكثر….

 

ضل صاحبنا على هذه الحال حتى خسر 47843 دولار من ماله بالإضافة إلى ما يقارب أل 75000 دولار التي ربحها من السوق………………………….

أحس خالد بمرارة الفشل مع خسارة المال، فالفشل أصعب من خسارة المال لأنك إذا وضعت في عقلك الباطني انك فاشل فان ذلك سينقلب على جميع جوانب حياتك وسيطاردك الفشل حتى يصبح جزءاً من حياتك .

 

من أخطاء طريقة عمله وصوله إلى حد الرصيد ( المارجن كول ) ، العقود الكثيرة، الشراء بمواقع خطيرة جدا، تحدي اتجاه السوق، عدم قبول آراء المحللين والعارفين، الجمع بين متناقضين، عدم استخدام وقف الخسارة ،،،،،،،،،،،،،،

 

صاحبنا ألان مصاب بذهول ليس من خسارة المال ولكن من طريقة خسارته وبدأ المحاولة في اعادة التوازن إلى عمله بمساعدة الترايدر وهو الان يسعى لان يحقق طريقة متزنة للعمل بدأً من 1\10\2004 وقال لي أريدك بعد نهاية شهر 7 أن تنقل تجربتي الحقيقية في هذا السوق وقتها سأخبرك بطريقة عملي المربحة لتخبرها لأصدقائك.

خالد طلب مني نقل هذه التجربة نقلتها بأمانة….. وغلطان يا معاند بحر

4\10\2004

 

 

بعد مرور عام على التوصيات . الجزء الخامس

 بعد مرور عام على التوصيات الجزء الخامس  5th October  2004

 

س  :  لا شك انك لاحظت من تصرفات المتعاملين أمورا إيجابية واخرى سلبية تجمع بين البعض منهم . هل لك أن تحدثنا عن أكثر ما لفت نظرك في هذا المجال ؟

 
ج  :  المتعاملون فريقان : رابحون وخاسرون . كلّهم بشر يخضعون في تصرفاتهم لنفس القواعد ويتأثرون بنفس المؤثرا ت عاطفية شعورية ، أو عقلية فكرية .
أشعر احيانا انني لا اتعامل مع افراد معينين رغم كوني قد حفظت حتى الان أسماء كل الاخوة الذين يرافقونني في عملي اليومي . أشعر وكأنني امام كتلتين بشريتين تقفان على طرفي نقيض . كتلة تربح في تجارتها ، وأخرى تخسر في مغامرتها .
 
س  :  وهل الموازنة بين التجارة والمغامرة عمل صدفة ؟ ام ترى يرمى بها إلى شيء ؟
 
ج  :  بل يرمى بها ، ويرمى الى أشياء وأشياء . أستطيع أن اؤكد أن كلّ ، أو لنقل معظم ، الذين يتاجرون يربحون . واستطيع أن أؤكد أيضا أن كلّ ، أو لنقل معظم ، الذين يغامرون يخسرون . الرابحون متشابهون في اساليب عملهم ، وفي ردات فعلهم ، وفي طريقة كلامهم ، وفي كلّ ما يبدر منهم أو يظهر عليهم . والخاسرون متشابهون ايضا ، في كل مغامراتهم ، وفي خيبات آمالهم ، وفي اسراعهم الى تبرير ما حصل ، وفي الهروب من المسؤولية ، وكذلك في كلّ ما يبدر منهم أو يظهر عليهم .
كلنا بشر ، نفرح لما يسرّ القلب  ، ونحزن لما يكمد الفؤاد . ينشرح صدرنا لربح ، فنشكر الله على نعمته ونميل الى ذواتنا فننمي بها مشاعر الفخر، والى انفسنا نغذي بها أحاسيس الاعتزاز . وتنقبض أنفاسنا لخسارة ، فنسارع الى ايجاد التبارير الكفيلة بنزع اللوم عن ذواتنا ، ورميه على أي مخلوق سوانا ، إرضاء لانانيتنا ، ودغدغة للأنا اللعينة الكامنة فينا  .
 
س  :  وهل من أمور معينة لفتت نظرك يمكن التطرق اليها ؟
 
ج  :  لفت نظري أمر يجمع بين شريحة غير قليلة من المبتدئين المتعاملين بحسابات صغيرة ، معظم هؤلاء المتعاملين يدخلون هذا العمل بشعور القادم الى الربح المؤكد ، فان بدأوا عملهم بصفقة خاسرة ، فوجئوا بما حصل ، وانعكس الامر تعكرا في مزاجهم وتوترا في تصرفاتهم ، وفشلا في عملهم . والتوتر هذا يشتد أكثر فأكثر ان كان المتعامل قد ادخر مالا قليلا من مهنة يشقى بها ، وجاء الى تجارتنا هذه عاقدا العزم على مضاعفة هذا المبلغ ، وممنيا النفس ان يحصل هذا الامر في وقت قريب ، وقريب جدا ، لا لشيء الا ، لتتم له الامنية الثانية ، وبأسرع ما يمكن : أمنية إضافة الربح المحقق الى رأس المال الأصلي ، ومضاعفتهما كليهما مرة جديدة .  
هذه الفئة من المتعاملين متشابهة بقدر كبير ، أكاد أن أقول أن الاشخاص هنا يتبدلون ولكن المتعامل واحد .
نصيحتي لاصحاب الحسابات الصغيرة المكونة من الف من الدولارات ، ألا يغامروا بالعمل بهذا المبلغ الا ان كانوا يمتلكون عشرة أضعاف ما يغامرون به . والا يبدأوا بالعمل الا بعد أن يكونوا قد طرحوا على انفسهم السؤال الكبير القائل : هل انا مستعد لخسارة الالف دولار هذه ؟  وألا يبدأوا بالعمل الا ان كانت كل جارحة من جوارحهم تهتف لهم بكلمة نعم .
نصيحتي لمن لا يمتلك الا مبلغا لا يزيد على الالف دولار أن يتروى كثيرا قبل أن يتاجر بها أو حتى بنصفها . المبلغ هذا لا يكفي لتحقيق الربح المعقود العزم عليه . المبلغ هذا قد يكفي ، وقد لا يكفي لتعلم الدروس الاولى التي لا بد لكل وافد الى نادينا أن يتعلمها . المبلغ هذا يجب ان لا نمني النفس كثيرا بانه قادر على نقلنا الى سلم المجد . أنا لا أنكر أن هناك من انطلق منه ونجح ، ولكنني لا أستطيع تعميم هذا الامر .
 
س  :  أخبرنا عن تجارب تضحك وتفيد .

 

ج  :  احببته دون أن اعرفه ، خفيف الظل ثقيله . يريد أن يربح ولا يربح . هو معي من زمن بعيد . لم يزد حسابه عن ال 500 دولارا ولم ينقص عن الخمسين . ان بلغ حسابه خمسين دولارا دعمه بمئة جديدة . وجد وعمل ورفعه ال مئات قليلة . ويحتاج الى مئة دولار لامر طارئ . يسحبها من حسابه . يدفع تكاليف الحوالة اربعين دولار ا ليسحب مئة . وهكذا تسير اموره .
يكون اليورو على حدود ال 1.2280 . ارسل توصية تقول : نبيع اليورو ان بلغ ال 1.2310 . ولا تمضي ثوان على ذلك حتى ، يبلغني منه سؤال طريف : بيع أم شراء  يا استاذ ؟
أحس بغيظ يفاجئني . أمسك اعصابي . تمرّ لحظات كأنها دهرٌ . اقول : بيع .
أظنّ ان المسرحية قد انتهت ، ولكن بعد أقل من دقيقة يرميني بالسؤال التالي : هل تقصد الان ابيع يا استاذ ؟
أحاول تمالك أعصابي . لا أقوى على ذلك . اضرب كفا بكف . أثور عليه . أقسوه بالكلام . أهدده أحيانا .
يمكث برهة لا يجيب . أقول : بما تراه يفكّر . تدور في رأسي تساؤلات كثيرة . ألوم أناي على ما فعلت . أستسمح ربي على قسوتي . أخشى أن أكون قد آذيته . وفي هذه اللحظة بالذات . وكأنها بمشيئة القادر العظيم . تصلني منه رسالة . أتلهّف لقراءتها . أفتحها .
كلمة يتيمة : السموحة .
أضحكُ ، واضحكُ ، وأضحك .
 وهكذا تستمر لعبة الهرّ والفأر . لعبة شبه يومية . لا تنقطع إلا ، عندما يفلس صديقي لفترة ، بانتظار وصول الدعم للحساب : المئة دولار .
إضحك انت ايضا يا عزيزي  . إضحك انت ايضا  . صار الرجل من حياتي . أضيق به احيانا ، ولكنني أفتقده ان غاب يوما ، ما استطعت له كرها ، أحببته رغما عني  .
 
س  :  وبكلمات تفصل بينها قهقهات : ماذاعن مشتركاتنا ؟
 
ج  :  لهنّ مني كل التقدير والاحترام . عددهنّ ينقص طبعا عن أعداد المشتركين ، ولكن عدد الناجحات بينهنّ يزيد على عدد المشتركين ، إن نحن نظرنا الى الامر من الزاوية النسبية العددية . روح الميل الى المغامرة عندهنّ تكاد أن تكون معدومة . هنّ يستحقنّ المزيد من الوقت المخصص لهنّ . وسيكون ذلك مستقبلا باذن الله . لا اميز معهنّ بين صاحبة حساب كبير أو صغير . أجرب ان ابلسم جراحهنّ إن حصلت . أنجح أحيانا . أحاول ان أعوض لهنّ ما تلحقه بهنّ مجتمعاتنا من غبن . هنا يلزمنا فعل الكثير .
 
س  :  يشكو بعض المشتركين من عدم حصولهم على جواب يطرحونه احيانا .
 
ج  :  هم يشكون بمعنى يتأففون ؟ ام يرفعون الشكوى الرسمية عليّ ؟
 
ج  :  لا الاصح انهم يطالبون بما يعتبرونه حقا لهم .
 
ضحك طويل  ثم :
 
ج  : قد يحصل أن اغلق نافذة بالخطأ فيضيع سؤالها . قد يحصل أن يتوقف المسنجر ايضا وتضيع أسئلة . لكنها هي حالات قليلة جدا . حالات اخرى  لعلها الأهم ، تتمثل بأسئلة لا يمكن ايجاد جواب لها ، إلا على طريقة الدليل الصحفي في القدس قبل العام 1967 . والامر يوجز بالتالي :
مجموعة من السيدا ت الاميركيات ، يحججن الى القدس . بعضهنّ تعرفا ، وبعضهنّ حجا ، وكلهنّ سياحة وترفيها . 
دليل سياحي فلسطيني برفقة السيدات . ذكيّ  ، حريصّ ، سريع البديهة ، يقظ الذهن ، والى كل ذلك ، معجب بمقولة لكل سؤال جواب  . طبعا ، رجل من القدس لا يجوز ان يجهل أمور القدس بكل تفاصيلها  .
سيدة من الجمع ، اضافت الى الحشرية التي تروى عن عنصر النساء ، حشرية ناشئة من تقدم العمر ، حيث يصير المرء مكثارا للسؤال ، محبا لمعرفة جزئيات لم يعرها اهتماما في شبابه . ربما خوفا من مغادرة هذا العالم تاركا فيه ما يجهله .
الجمع في متحف للمخزونات القديمة . السيدة ترى جمجمة صغيرة في إحدى الخزائن فتسأل : لمن هذه الجمجمة ؟
يفاجأ صاحبنا بالسؤال . لم يسبق ان طرحه أحد عليه . جمّع ما بقي من جرأة . سبق احمرارا كان سيظهر على وجهه . قال : هي لشيشرون . ( امبراطور روماني كبير الشان )
السيدة التي كانت على شيء من الاطلاع تستغرب الجواب معترضة : ولكننا نعرف أن رأس سيدنا شيشرون كان كبيرا ، فهل يعقل أن تكون جمجمته صغيرة ؟
ولم يكن حال صاحبنا أمام الهجوم الثاني بأحسن مما كان عليه أمام الاول . ولم تكن مقدرته على المناورة في الجواب الثاني بأضعف مما كانت عليه في الاول . قال : نعم سيدتي ، أنت محقة في ذلك ، ولكنّ هذه جمجمة شيشرون عندما كان لا يزال ولدا .
وقبلت السيدة الجواب . ونفذ العقل العربي من مكيدة …
ويرتفع الفرنك السويسري 20 نقطة ، ويردني سؤال ملح يقول : ما السبب وراء ارتفاع الفرنك ، ارجو الإجابة ؟ وهل يمكن أن نجد سببا لكل تحرك ناتج عن مضاربات طبيعية مستمرة في سوق يعيش على المضاربات .
جوابي واحد أقوله هنا على كل سؤال من هذا النوع : السوق يتنفس ، شهيق وزفير ، ان توقف عن التنفس مات . هذا سر من اسرار وجوده . وان أغرق في الشهيق ايضا يموت ، وان أغرق بالزفير أيضا يموت . لا بد من الفعلين متلازمين متلاحقين متساويين او متفاوتين بحسب ما يحتاج السوق من ضخ لدم الى أعضائه . هذا الضخ وهذه الحاجة هي التي تحدد قوة اندفاع أو ضعفها . لا شك انه من المفيد ان نعرف سببا لحالات تحرك معينة . ولكننا لا يمكن باي شكل من الاشكال ان نعمد الى معرفة سبب تحرك مفاجئ حصل . والا سيكون عملنا مخصصا لما حدث ولن نقوى على التفكير بما سيحدث .
ويدخل مشترك الى السوق بعد أن انهى وظيفته ، وقبل ان يتناول وجبة غدائه ، فينقض علي انقضاض الصقر بسؤال من امثال : ماذا أشتري الان ؟
وان كان من جواب فلن اقول الا : من الافضل أن تذهب الى ماكدونالد . لا  وجبات جاهزة عندي ، جعبتي تفتقر للتوصيات المعلبة ، نصيد السمكة عندما ترد محيطنا .
ولا اجيب احيانا . ويحرد السائل .
 السموحة … !!
المعذرة ثم المعذرة ، هناك امور لا أجد  لها جوابا .
دليل السياحة يكذب .
شيشرون لم يمت مرتين .
الجمجمة لا يمكن أن تكون له عندما كان ولدا .
وهي ليست له عندما مات كهلا .
هذا مستحيل .
 
س  : ويبقى ان أعرف جوابا على فضول : ما أشد ما كرهت ؟
 
ج  :  ما كرهت شيئا كرهي لهذا الاندفاع السريع الى التخوين ، لهذا الوقوع الغير إرادي في فخ الشك غير المبرر .
هي سمة رهيبة ألحظها في كل مقلب من مقالب حياتنا اليومية . أذكر على سبيل المثال لا الحصر :
 بداية متعكرة عند الصباح ، يفتح واحدنا البرنامج ولكنه يعصى عليه . السوق باحسن حال ، الشورت الان في هذه اللحظة يجب ان يكون ، هو يعرف ذلك .
يحاول مجددا مع البرنامج ، ولكن هذا يستمر بالعصيان .
شركة نصابة ، اقفلوا البرنامج في وقت يعرفون ان الربح فيه سهل .
 ويعمد الى الرسائل ، هو يستفسر أولا بادب وحشمة ، طمعا بالحصول على حل . واذ يسمع ان البرنامج يعمل بشكل طبيعي ، يثور ، يكاد ان يشتم : عندي لا يعمل . خدمات سيئة ، الشركة تنصب تقفل البرنامج عندما تشاء وتفتحه عندما تشاء . سأفضحكم على المنتديات .
وأضحك وأضحك … ( وسيكون لنا في هذا الموضوع يوما نقد وبناء )
واستعوذ بالله من الشيطان الرجيم . الا يمكن ان تكون قد اخطات في كتابة حرف من حروف كلمة السر ؟
لا طبعا انا احفظها جيدا ، هي تاريخ مولد ابني الوحيد وزيادة عليه حرفين من اسم زوجتي .
ألا يمكن أن تكون قد غيرت أو عدلت هذه الكلمة ، ثم نسيت ما فعلت ؟
وينقطع صاحبنا عن الاجابة .
 وبعد لحظات يبدأ باجراء الصفقات .
ويظن صاحبنا انني لم افهم . ولكنني فهمت :
غيّر صاحبنا كلمة السر التي تخوله الدخول الى برنامج التعامل عند المساء ، تحسبا لقرصنة ما . عمد بعدها الى تناول وجبة دسمة من ذوات الحساب  . إشتدت عليه الاحلام ليلا الى درجة بلوغها حد الكوابيس . نسي في صباحه ما أقدم عليه في مسائه ، فعمد الى التخوين .
واسترسلُ في التفكير . لا ألومُ صاحبي هذا . هو معذور .
نعيش في بعض من عالمنا العربي علاقات يومية مشوهة بين الفرد والسلطة . بين القانون والمجتمع الاهلي . بين الحاكم والمحكوم . هذه العلاقات الشبه قبلية حيث السلطة تملك وتعطي . حيث لا بد للناس من ان يكونوا مطيعين ، ومطيعين فقط .
علاقات متسمة بالمحسوبية والزيف  والغش . علاقات ناشئة عن ثقافة اسمها ثقافة الفساد .
هذه الثقافة هي المسؤولة عن كل تصرف من هذا النوع . انساننا يعيش حالة شك مستمر بكل ما هو حوله ، حالة استنفار مستمر للحفاظ على ما هو له ، على حق مهدد بان يؤخذ منه .
انساننا يعيش حالة وسواس رهيب . لا بد من الشك في كل شيء ، لا يمكن تصديق أي شيء ، الغش يحيط بنا من كل صوب ، النضال مطلوب على مدار الساعة للحفاظ على الملك .
محسوبية ، زيف ، كذب ، غش ، طاعة ، أمر واقع ، توريث جمهوريات ، تمديد رئاسات ، تعيين برلمانات ، ثقافة فساد ، وساويس تخوين .
كل ذلك باسم الانسان ، وباسم صاحبنا الذي لم يفتح معه برنامج التعامل بالعملات  . فهل لا يحق له أن يتهم أو يشك ؟
بلى له كل الحق في ذلك ، بلى وألف بلى ، ولكن !! 
يا ليته ، ويا الف ليته ، يوفر ذلك عليّ ، ويوجه سهامه الى حيث مستحقيها !!!
 
 

 

بعد مرور عام على التوصيات . الجزء الرابع

 على ماذا تعتمد في قرارك لفتح الصفقات ؟20th September 2004

 
شديد الاهمية سؤالك هذا . فائق الحساسية هو . يوحي برغبة تجسسية هائلة . أقرأ في كلماته غزوة عربية لا رحمة فيها . أخشى الاتهامات بالتكتم على ما قد يكون فضحه مفيدا .  اشعرتني بمسؤولية ضخمة .
 أبغيت مني جوابا مختصرا ، صادقا ، قلّ كلامه ودلّ معناه ؟
أقول : اعتمدت في قراري لفتح صفقاتي على نفسي ، وعلى نفسي دون سواها .
 
أمزاح أم هروب الى الوراء؟
 
لا بل إيجاز ووصول الى الهدف من أقرب الطرقات وأسهل السبل .
أعتمد على نفسي . ونفسي هذه من تراها تكون  ؟
إحص ِ لياليَ لا تحصى ، لياليَ امضيتها في فك رموز شموع ترتسم امامي على ما يسمونه رسما بيانيا . أضف اليها اياما كثيرة عرفتها مقارنا لحالات ألمح في وجوهها شبها ، محاولا إيجاد وجوه خلافها . زد على هذا لحظات شك وخوف وتردد ، لا يمكن لامرئ ان يشعر بأمرّ منها . إجمع الثلاثة إلى حالات خسارة ، تحني ظهرا ولا أصلب . أضف كل ذلك الى عزم ٍ شديد ٍ عنيد ٍ رشيدْ .
إفعلْ كلّ ذلك ، تقعْ على نفسي .
ما من أحدٍ  ولا من شيءٍ , ما من كتابٍ  ولا من برنامج ٍ , ما من مدربٍ ولا من دورةٍ ، يستطيع أن ينفعني ، أو تستطيع أن تنفعك ، في اتخاذي لقراري ، او في اتخاذك لقرارك ، كما تستطيعه نفسي ، وكما يجب أن تستطيعه نفسك .
ونفسي هذه من تراها تكون ؟
نفسي هذه ليست المؤلفات التي عملت على ارتشاف محتوياتها ، وليست المقالات التي انصرفت الى التدقيق بتفاصيلها ، وليست النظريات التي انكببت على تحليلها ، وليست التحاليل التي بدأت باختبارها .
نفسي هذه  ليست الشموع اليابانية ، ولا خطوط الدعم والمقاومة ، ولا خطوط الترند المتصاعد والمتراجع ، ولا القناة المنحصر السوق بين خطيها ، ولا تقسيمات الفيبوناكسي ، ولا موجات اليوت .
نفسي هذه  ليست الخطوط المتوسطة الانسيابية ، وهي ليست مؤشرات ال RSI  أو ال MACD   ولا ال  STOCHASTIC  ولا غيرها الكثير الكثير من امثالها .
نفسي هذه  ليست البيانات الاقتصادية الصادرة عن مؤسسات الاحصاء ، او عن وزارات التجارة والمالية العالمية ، أو عن البنوك المركزية المختلفة .
نفسي هذه ليست مستوى التضخم ، ولا مستوى ثقة أو ائتمان أو سعر المستهلك ، ولا هي الناتج المحلي الاجمالي ، ولا مبيعات التجزئة ، أو السلع المعمرة .
نفسي هذه  ليست قرارات رفع الفائدة او تخفيضها ، هي ليست تصريحات السيد جرينسبن ، ولا بيانات السيد تريشه ، او مناورات غيره من رؤساء البنوك الممتلكة لقدرة التاثير في تحريك السوق صعودا او نزولا .
نفسي ليست واحدا من كلّ ما تقدم  ، فهل تكون نفسي كلّ ما تقدم ؟
نعم قد تكون ، أو قل إنها لكذلك .
إنّ ثمة شيء أعرفه وأؤكده وأتذكره وأحبه وابوح به ولا أخفي سرّه :
نفسي هي عصارة ذلك الكمّ الهائل ، وخميرذلك المزيج الدسم ،  من التعلّم ، ومن التعليم ، ومن التجارب ، ومن الدروس ،  ومن الاخطاء ،  ومن العبر ، ومن الخوف ، ومن الوهم ، ومن الطمع ، ومن القناعة ، ومن الخيبات ، ومن النجاحات ، ومن الرعشات ، ومن البسمات  .
نفسي هي انتفاضة الرماد بعد انكسارة الافلاس ، ومن لم يعرف الافلاس مرة لا يمكن ان يعرف للربح قيمة . نفسي هي انبعاث المارد من قمقم الصياد ، وقرار المنكسر بتحصيل الانتصار .
نفسي هي تلك اللا الصارخة من اعماق اعماقي : هذه صفقة يوسوس لك بها شيطان الطمع  فلا تعمل بمشيئة شيطان الطمع . وتنصاع يدي لإيحاءات نفسي .
نفسي هي ذلك الشعور الناعم الهادئ المدغدغ لرغبة الربح التي لا بد أن يكون قد عرفها وقد احسّها كلّ من يقرأ هذه السطور . هي تلك الوشوشات الصامتة الخفية : الآن ، الآن ، هذه واحدة من الصفقات التي ما ولدت يوما غيرَ ذكر ، وستلداليوم ، توأما من الذكور ( ونحن أقوام لا نزال تفضل ، وللاسف ، وعن غيرحق ، مولودا ذكرا ) وتنصاع يدي الى وشوشات نفسي .
 
س  :  هل تقصد أن امتلاك أسرار التحليل التقني غير كاف للنجاح في تحقيق الربح ؟
 
ج : امتلاك اسرار التحليل التقني هو درجة من درجات المعرفة التي لا تحصى . هي مادة من مواد التعلَم والتخصّص ، يتلقاها طالب الطبّ في سنة من سنوات تحصيله العلميّ . هي مادّة يدرسها وتفيده في كل يوم أثناء ممارسته لعمله بنسبة معينة ودون أن يحسّ بذلك . ولكن في مرحلة من مراحل ممارسته الناجحة ، أراه يصبح ويمسي على قواعد اخرى ، وأسرار اخرى ، هي قواعده هو ، وأسراره هو ، بينما لا تبدو تلك التي درسها في شبابه بجانبها سوى حروف جامدة يابسة ، لا جدوى منها ولا حاجة لها . 
تخيّل طبيبا جرّاحا يعمد الى مراجعة درس سبق وان تعلمه قبل سنوات ، ثم يعود لتطبيق الدرس في عمليته الجراحية .
تخيّل لاعب كرة وقف على ارض الملعب وراح يرسم خطة الهجوم على ورقة يحتفظ بها في جيبه قبل ان ينفذها على الارض .
تخيّل سائق سيارة يفتح الكتاب الذي تعلّم به قيادة سيّارته على المقعد المحاذي لمقعد القيادة ويعود اليه في كل عقبة تلاقيه في سيره .
التحليل التقني هو الكتاب الذي عرّف السائق المبادئ الاولية للقيادة ، وأطلعه على قوانين السير ، وأرشده الى المرغوب فعله ، ولكن قيادة السيارة لا يمكن ان يتم تعلّمه بكتاب .
تخيّل سائق السيارة الذي ما فعل امام الخطر الداهم سوى الضغط بقدمه وبكل ما اوتي من قوة على مكبح السيارة . تخيّله وقارنه بسائق آخر زاد على خفة الضغط على المكبح خفة ذهنية اخرى جعلته وبسرعة البرق ينعطف بسيارته يمينا او يسارا لتفادي المصيبة القادمة . أليس حظ الثاني بالنجاة يضاعف حظ الاول .
امتلاك أسرار التحليل التقني ، هو امتلاك أسرار قيادة الدراجة الهوائية عن طريق كتيب صغير يمكن لكلٍ ان يحصل عليه ، هو امتلاك اسرار قيادة الجماهير في كتيب صغير يمكن لكلٍ ان يشتريه .  نقل هذه الاسرار الى حيز التطبيق الفعلي هو سرّ كلّ الاسرار ، هوخلاصة كلّ الافكار .
ادرس التحليل التقني بكل تفاصيله ، إحفظ عن ظاهر قلب كلّ حرف من حروفه ، ثمّ ، إن دقّت الساعة – ساعة إقفال صفقة مشؤومة اخطات في فتحها – تاخر لحظة واحدة عن اتخاذ القرار وتنفيذه ، وها انت من الخاسرين .
اعتمد على ما عرفته من قواعد التحليل التقني كلّها ، ما وضع منها حديثا ، وما عرف من قرون ، ثمّ ، لا تتحرر من تلك البلادة القاتلة التي ما لازمت فكرا الا وعطّلته ، ولا رافقت يدا إلا وأغلّتها ، إفعل ذلك وما انت إلا من الفاشلين .
امتلاك اسرار التحليل التقني هو امتلاك قواعد الصرف والنحو لاية لغة من اللغات الحيّة ، فهل امتلاك قواعد اللغة يجعل من الممتلك اديبا أو كاتبا أو شاعرا ؟
امتلاك أسرار التحليل التقني هو امتلاك سر استخراج مئات من الالوان من ألوان ثلاثة فقط . فهل كان مازج الالوان يوما رساما فنانا خلاقا  مبدعا ؟
إمتلك أسرار التحليل التقني . أدرسها وتدرب على تطبيقها . لكن ، إيّاك أن تقف عند هذا الحد ، فهو معرفة القليل وعليك بمعرفة الكثير .
 
 

 

بعد مضي عام على التوصيات والتعليم . الجزء الثالث

بعد مضي عام على التوصيات والتعليم . الجزء الثالث – 7th September 2004

 
س  :  غربلة الصفقات ! الثعالب العتاق ! الارانب البسطاء ! صيد الستوبات ! ……
 كلام رمزي شديد التعبير وبعيد المرامي ، ولكن ! يبقى السؤال الكبير : ماذا يمكننا فعله لتنبيه المبتدئين الى شراك الصيادين ؟
كيف يمكننا تحويل الارانب البسطاء الى محنكين حكماء ؟
هل من قاعدة محسوسة ، أو هل من نصيحة ملموسة ، يمكن هنا شرحها ؟
ج  : أنا لا اتعمد الرمز في كلامي للتعتيم على الفكرة بل للتنوير عليها ، والتنبيه اليها . ما من شيء قد يفيد الساقط في الفخّ ، او الواقع في الشرك ، او العالق في الشبكة ، بقدر ما يفيده الفخ ذاته ، والشرك ذاته ، والشبكة ذاتها .
ما من معلم يستطيع أن يعلمنا درسا بقدر ما تستطيع أخطاؤنا نفسها . كلّ متعامل سبق له أن سقط في مثل هذه الشراك ، ولا يستطيع واحد الادعاء انه نجا منها بشكل دائم . حتى ناصبها لا بد ان يكون فريسة لصياد آخر في موضع ما ، وفي وقت ما .
ان نحن وقعنا في الفخ ، ثم نهضنا منه واكملنا الطريق ، ثم عدنا لنقع فيه ثانية في طريق عودتنا ، فيه هو ، هو نفسه ، بنفس الموضع ، ونفس الظروف ، ونفس المخاطر . ان حصل هذا فلا يمكنني الا ان اقول ، تبا لمتعامل لا يعرف من قواعد الحساب سوى ان يقول : واحد  زائد واحد تساوي اثنان .
في عملنا هناك حسابات اخرى لا بد من تعلمها ، ولا بد من قبولها ، ومن ملاحظتها . علي ان اقبل ان واحدا يزاد عليه واحد قد يصح احيانا ان يساويا  احد عشر . وعلي ان اعرف بان واحدا يزاد عليه واحد يساوي ايضا وقبل كل شيء ثلاثة محذوف منها واحد ، وهو نادرا ما قد يساوي مباشرة اثنان .
ان استطعت التسليم بان الاحد عشر هي نتيجة لجمع واحدين فانت قادر على تقدير الموضع الذي نصب فيه الشرك ، والزاوية التي حفر فيها الفخّ .
 
س  :  ولكننا لم نتعدّ إطار الرمز بعد .
ج   :  قائدا فرقة ، في وسط المعركة ، نجح الواحد في تخليص فرقته من مصيدة ، ووقع الآخر فيها . ما الذي يميّز الواحد عن الآخر ؟
ولأبسط من هذا . سائقا سيارة . طالعتهما حفرة في الطريق . نجح الواحد في تحاشيها ووقع الآخر فيها . ما الذي يميّز بينهما ؟
ولأوضح من هذين . لاعبا كرة . نجا الواحد من كل مكائد خصمه ونفذ بالطابة حتى بلوغ الهدف ، بينما وقع الاخر في أول فخ نصب له . ما الذي يفرّق بينهما ؟
لا شكّ في انّ سوقا تراوح لفترة ساعات بين حدين قريبين ، وعرف حجم تبادل هزيل ، يكون مناسبا أكثر من غيره لنصب شراك الصيادين ، لان تحريكه صعودا ونزولا ليس من الصعوبة بمكان ، ولأن كمية وافرة من الستوبات تكون قد أخذت مكانها مطمئنة  فوق الحد الاعلى لهذه المساحة الافقية أو تحت حدّها الاسفل .
ولا شك ايضا ان هناك خطوط مقاومة ودفاع معينة يستلذ الصيادون ممارسة رياضتهم في محيطها أكثر من غيرها ، وهي تحدد بحسب حركة السوق وشدة اندفاعه تجاهها وتوقيت هذا الاندفاع وسببه .
ولا شك ايضا – ولعلّ هذا هو الأهم –  بان خط مقاومة منيع لا يجب ان يعني بالضرورة وجود عرض كثيف يمنع السوق من اجتياز هذا الخط ، ولكنه قد يعني ايضا طلبا ضئيلا ناتج عن انعدام الشهية للجلوس الى المائدة في هذا الموضع ، وهذا التوقيت . وهذا موضع نصب الشباك  وحفر الفخوخ بامتياز .
والى كل ذلك ، يبقى ان نقول ما يبدو الأعمق أهمية ، والأكثر صوابية ، والأدق حكما ، والأشد افادة . لم ينفعنا يوما في هذه المواضع حكم ، كما نفعنا حسّ التاجر الذي لا يوصف بكلام ، وبصيرته التي لا ترى بعين ، وحدسه الذي فاق كل تحليل وسما فوق كل اختبار .
وهو ذاته ، هذا الحسّ ، وهذا الحدس ، وهذه البصيرة ، هي التي ميزت قائد الفرقة وسائق السيارة ولاعب الكرة ، كلّ عن مثيله .
 
س  : هل من حكمة من تحديد محيط للشراء او البيع ، وليست نقطة معينة يلتزم بها كل المتعاملين . هل لك أن توضح إيجابية الطريقة المعتمدة والافادة التي يمكن للمتعامل ان يجنيها منها ؟
ج  :  وهنا وصلنا الى نقطة تجاذب مهمة بين الآراء لا بد من الوقوف عندها .
إنه لمن السذاجة الاعتقاد ، أو القول ، أو الادعاء ، بأن شخصا ما يمكنه ان يحدّد نقطة معينة تكون هي نقطة تحول الترند من تراجعي الى تصاعدي ، او من تصاعدي الى تراجعي . ومن أصاب بذلك مرة أو مرات فانما يكون ذلك نتيجة صدفة ، ترافقت لا شك مع حسن تقدير، ولكنها احتفظت بمعظم الفضل في الاصابة .
وان نحن سلمنا بهذا المبدأ ، فعلام الفرض على مجموعة من المتعاملين نقطة معينة ، إن اصابت وفقوا بها جميعا ، وإن اخفقت أخفقوا بها جميعا ؟ نحن لا نريد تحويل العمل الذي نقوم به الى امتحان مدرسي يخفق فيه الترايدر أوينجح ، ويتحوّل التلامذة فيه الى لجنة فاحصة . وأرجو أن يحمّل كلامي هنا القدر الذي يتحمّله  من المرامي وليس أكثر .
أنا في العمل الذي اتابعه لا ارمي الى حملة او موجة دعائية . أنا لا يهمني ان يقال : التوصيات حققت في الشهر الفا  أو الفين أو ثلاثة آلاف أو أكثر أو أقل من النقاط . أنا لا أسعى الى جائزة يعتمد في منحها لي على عدد نقاط أحققها على الورقة . هذا كلام ، ووسيلة دعائيةلا تخلو برأيي من اللاواقعية .
ما أراه أنا وما أتمنى ان يراه كلّ متعامل يتابعني في العمل هو التالي : لا يمكن اعتبار المتعامل عنصرا ثانويا في هذه اللعبة . لا يمكن ولا يجوز اعتباره جهة متلقية لتعليمات  فحسب .  ومنفذة لتوصية دونما اية مشاركة في القرار. ان شاء ان يتمتع فقط بهذه الصفة فهو لن يكون مؤهلا لتحقيق ربح ، أي ربح . ومن الخير له ان يودع حسابه في صندوق توظيف يتولى إدارته شخص ذو كفاءة ويكون قد وفر على نفسه العناء الكثير .
المتعامل هو العنصر الفعال الاول والاهم في هذه المعادلة . على كاهله يقع الجزء الاكبر من القرار ، ومن التنفيذ ، ومن تحقيق النتيجة ، معتمدا طبعا على توصية قائمة بحد ذاتها على تحليل لسوق من الاسواق . وان كان المتعامل هذا لا يريد ، أو لا يستطيع  ، أن يتخذ قرار فتح صفقته في محيط لا تتجاوز مساحته النقاط العشر، فالأولى ان يعيد النظر في كلّ ما أقدم عليه من قرارات . وان كان المتعامل هذا لا يريد ، أو لا يستطيع فعل ذلك الان ، فكيف سيكون قادرا مستقبلا على حمل المسؤولية ، كلّ المسؤولية ، بحيث انه يكون قادرا على التصرف باستقلالية تامة ، من حيث التقرير والتنفيذ ؟
 انا أعرف تماما ان هناك من المتعاملين من يعتمدعلى خلاصة تجربته في الحكم على اي توصية بحيث يستبق النقطة المحددة لفتح الصفقة ، أو بحيث يؤجلها ان رأى في السوق حركة توحي بامكانية تجاوزه لهذه النقطة ، بحيث يكون فتح الصفقة ممكنا بمستوى اكثر امانا واكثر ضمانة ، واقل مخاطرة . وأعرف ايضا ان هناك منهم من يتسرع في الحكم ، ويعجل في فتح صفقته في موضع يسبق النقطة المحددة ، مدفوعا بمشاعر تخوف من ألا يبلغ السوق النقطة المحددة وتضيع صفقة يمكن ان تحقق له الوفير من الربح . واعرف كما يعرف الكثير من المتعاملين أن كلا الطرفين ، قصدت المتروي والمتعجل ، قد يصيبا في مرة ويخفقا في أخرى ، وهذه صفة ملازمة لعملنا ولا يمكن لاحد ان يتجاوزها .
 
س  :  بهذه الحالة لا يمكن للمتعاملين ان يحققوا بالضبط النتيجة النهائية التي تحققها انت في التوصيات .
ج   :  انا لا اطلب منهم ذلك ، ولا اتوقع ذلك ، خاصة من المبتدئين منهم . ان تحقيق نتيجة تساوي نصف ما تحققه التوصيات بالنسبة لمبتدئ في هذا العمل ، اعتبره إنجاز مهم من قبله في الطريق الى الهدف ، وأهنئه عليه  . ولنكن اكثر واقعية واكثر وضوحا . ان ععمل مبتدئ بتنفيذ توصيات يومية بيعا وشراء وأمضى فترة شهر او شهرين في السوق دون ان يقع بخسارة كبيرة أو ان هو حقق ربحا متواضعا ، فانا اعتبره قد حقق إنجازا مهما  في سعيه الى النجاح يستحق عليه الشكر .
هدف المبتدئ يجب ان يكون قبل كل شيء التمرن والتدرب وامتلاك آلية العمل وتنمية حس التاجر وتطوير نفسية المتعامل القادر على التاقلم مع كل الظروف المستجدة ، وتمتين اعصاب الكارّ والفارّ ، وقبل كل شيء تطوير استراتيجية العمل المبنية على التوصيات التي يتلقاها بقصد ترجمتها الى عمل فعلي .
 
س  :  اذن انّ تلقي التوصية لا يصح اعتباره ضمانة لتحقيق الربح !
ج  :  لا بالطبع ، ان تلقي التوصية لا يعني بالضرورة تحقيق الربح . تلقي التوصية هو مرحلة اولى تسبق المرحلة الاهم التي تتمثل بتحويل هذه التوصية الى قناعة باجرائها ، وتحويل هذه القناعة الى تنفيذ ، واعتبار هذا التنفيذ محاولة لتحقيق الربح ، مع الاحتفاظ بنسبة معينة من التشكك بامكانية حصوله .
هذا التشكك هو الحصانة المستقبلية لي من اية صدمة نفسية قد تحملها لي خسارة مفاجئة كنت أتوقع منها ربحا .
الربح يجب أن يوضع دوما في دائرة الاحتمال ، ولا يجوز ان ينتقل باي شكل من الاشكال الى دائرة التاكيد ، حتى ولو صدرت التوصية عن خبير متمرس في أمور السوق واحواله .
التوصية بحد ذاتها يمكن ان تكون ناتجة عن حكم خاطئ حتى ولو صدرت عن أكثر الخبراء تمرسا .
التوصية الصائبة لا بد أن تنفذ لينتج عنها ربحا .
التنفيذ لهذه التوصية هو العنصر الاهم الذي يتطلب تمرنا وتدربا بقصد التغلب على كل المعوقات النفسية التي تعتبر من الموانع لحصول الربح .
من هنا القول :  الاشهر الاولى يجب ان تكون اشهر تدرب وتعلم ، مرحلة ترويض لطباع التسرع والاندفاع ، وليست أشهر او مرحلة تحقيق ربح . الربح ياتي لاحقا ، ويأتي وفيرا ، ويأتي مريحا ، وياتي ممتعا ؛ هذا إن انت نجحت في ترويض ما يجب ان يروّض من طباع ، وفلحت في شحذ ما يجب أن يشحذ من همم ، والتزمت بما يجب ان يلتزم به من آداب .
آداب !!!!
نعم للبورصة آداب ، كما لكل ناحية من نواحي الحياة ، ولنا في ذلك يوما كلام !
 
 
س  :  على ماذا تعتمد في قرارك لفتح الصفقات ؟
 
س  :  هل تقصد أن امتلاك أسرار التحليل التقني غير كاف للنجاح في تحقيق الربح ؟
 
س  :  لا شك انك لاحظت من تصرفات المتعاملين أمورا إيجابية واخرى سلبية تجمع بين البعض منهم . هل لك أن تحدثنا عن أكثر ما لفت نظرك في هذا المجال ؟
 
هذه الاسئلة وغيرها ستلقى جوابا في الاجزاء المتبقية من الحوار والتي ستنشر تباعا .
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

 

 

بعد مضي عام على التوصيات والتعليم . الجزء الثاني

بعد مضي عام على التوصيات والتعليم . الجزء الثاني –  21th August 2004  

 
س  :  من المعروف عن طريقتك في العمل انك لا تعمد الى تحديد ستوب للصفقة المفتوحة الا بحالات معينة . هل نطمع بتوضيح لهذا الامر ؟
ج  : سكر دارك ولا تتهم جارك ،  يحميك من المفاجآات ، يضمن عدم غدر السوق بك الى حد إفلاسك ، يأخذ منك القليل ويوفر عليك الكثير ، راحة للبال وأمان لرأس المال ، رشوة للسوق لا بد منها ليغض عنك الطرف ، هذا بعض ما يقال فيه ، وهو  كثير .
كلام جميل ، فيه بعض من حقيقة تصحّ في مناسبات ، ولكنه ليس كل الحقيقة . إذ تقال فيه أوصاف أقل نبلا وأكثر غدرا .
 صديق لدود لا يؤمن جانبه ، غدّار يظهر عليك بوجه ويخفي عنك آخر ، يأخذ القليل ، ولكنه إن أخذ هذا القليل في مرات عديدة صار القليل كثيرا .
وان شئت وصفي له بكلمة مبتكرة لقلت فيه : حاميها حراميها .
 
س  :  وكيف يكون الستوب عدو المتعامل ، ومن المتعارف عليه انه وسيلة امان ؟
ج  :  إن احصى أي متعامل عدد المرات التي سلب منه فيها الستوب الصفقة سلبا ، ثم عاد السوق ليجري تاركا اياه فريسة لمشاعر الندم . وإن أحصى عدد النقاط التي ضاعت منه في مثل هذه المناسبات . ولو حوّلها الى عملة ما ، وأعاد التفكير ، وراجع الحسابات . لو فعل كل ذلك ، لتوصل الى نتيجة حتمية تقضي بإعادة التفكير بكل هذه النعوت والاوصاف التي تطلق على هذه الوسيلة السحرية ، ولاعتبر ان اللجوء اليها ضروري في حالات معينة ، ولكنه مميت قاتل في حالات اخرى .

لا شكّ في ان اللجوء الى الستوب تصبح ضرورة قصوى ان عمد المتعامل الى الدخول في السوق في مواضع يشتدّ فيها الخطر ، او في اوقات يعرف  فيها عن السوق الانفلات من كل قاعدة وكل عرف .
لا شك ايضا في ضرورة اللجوء الى الستوب ان اصرّ المتعامل على الدخول في السوق في حالة لم يشبعها درسا ، وكان دخوله اقرب الى تجربة الحظ منه الى الاقتناع العقلي الراجح . 
ولكن ، إن انت رايت الدخول بائعا او شاريا ، في موضع رجحت امكانية صواب رأيك وتحليلك بشكل واضح ، فهنا تكمن المخاطرة بادخال الستوب الى العملية وإقحامه بما ليس له ، هنا يكمن خطر تحول الحارس الى سارق ، ويصح فيه القول : حاميها حراميها .
 
س  :  وفي حال اتخاذ قرار استعمال الستوب لحماية الصفقة ، ما القاعدة الاساسية لاعتماده ؟
ج  :  في حال اتخاذ هذا القرار لسبب ما ، قد يتعلق بوضع السوق ، أو ربما بوضع المتعامل ، فلا بد من احترام قاعدة مهمة في ذلك تقضي بان تقل نسبة النقاط المقررة للستوب عن نسبة النقاط المحددة كهدف لجني ربح الصفقة . وذلك انطلاقا من الحقيقة التالية :
لنسلم جدلا بان اعتماد استراتيجية قائمة بجزء منها على الحظ في اتخاذ القرارات امر ممكن  . في هذه الحالة لا بد من القبول بان قانون النسبية يسمح بالتسليم بان هذه الصفقات المعتمدة ستكون بنصفها الاول  خاسرة وبنصفها الاخر موفقة . وفي هذه الحالة ، ان عمد المتعامل الى تحديد مستوى للستوب يقل عن مستوى الهدف بنسبة ملحوظة فهو لا بد ان يخرج في آخر المطاف من السوق بربح ما ، أو لنقل على الاقل سينجو من الخسارة .
 
س  :  هل نفهم من الشرح السابق ان صفقة حدد هدفها ب100 نقطة يجب أن يكون وقفها 50 ؟ أم ترى المقصود غير ذلك .
ج   :  من حيث المبدأ التفكير بهذه الطريقة سليم ، ولكن ، لا الهدف ولا الوقف يجوز ان يحدد بطريقة اعتباطية عشوائية . كل ترند يتخذه السوق خطا مستقبليا له ، له نقطة ما يهدف السوق الوصول اليها . ان نجح المتعامل في تقدير هذه النقطة فلا بد ان تكون الهدف المقصود للصفقة . وهي قد تبلغ احيانا ال 40 نقطة ، واحيانا ال 90 ، واحيانا اخرى ال 150 نقطة او ما يزيد . والهدف هذا قد يتمثل بخط مقاومة او خط دفاع ، يقدر المتعامل ان قوة الجذب فيه كافية لايصال السوق اليه ، وقوة الدفع ايضا كافية لايقافه ان هو بلغه . هنا يعمد المتعامل الى تحديد هدفه على هذه النقطة .
وما قيل عن الهدف يقال ايضا عن الستوب . إذ يبدو من المسلم به ان تتشكل تحت المستوى الحالي للسوق او فوقه نقاطا يشتد عليها الطلب ، أو يشتد عليها العرض ، طمعا في الدخول بالسوق في لحظة مناسبة للسفر معه الى الهدف الذي سبق وتحدثنا عنه ، رغبة بتحقيق ربح ما . هذه النقاط تشكل غالبا دفاعا او مقاومة صلبة تهيء الظروف المناسبة للترند ان ينطلق صعودا او هبوطا . هذه النقاط لا بد من اخذها بعين الاعتبار في عملية البحث عن مساحة يثبت الستوب عليها حماية للصفقة المختارة .
 
س  :  قصدت ان الستوب يثبت تحت وفوق هذه النقاط ؟
ج  :  بالطبع هذا ما هو متعارف عليه في طريقة العمل بالستوب . يفترض المتعامل في ان هذا الخط أو هذه المساحة المسماة دفاعا او مقاومة ستصمد وتنجح في إطلاق الترند بالوجهة المرغوبة ، فيعمد الى تثبيت الستوب تحت الدفاع في حالة الشراء وفوق المقاومة في حالة البيع  حماية لصفقته من المفجاات غير المحسوبة والتطورات غير السارة . وهذه المساحة هي التي يجب ان يبحث عنها من يرغب ان يحدد وقفا لصفقته ، ولا يجدر به على الاطلاق ان يعتمد نقطة عشوائية في ذلك ، كان يقول حددت هدفي على 120 نقطة ، احدد وقفي على اربعين .
لا شكّ في ان النسبة بين ال 120 وال 40 جيدة لهدف وستوب ، ولكن الهدف يجب ان يكون مبررا اختياره على ال 120 وكذلك الوقف لا بد من سبب تقني وجيه ومقنع لتثبيته على ال 40 نقطة .
 
س  :  وهل يمكن الاطمئنان الى ان خط الدفاع او المقاومة الذي ثبت الستوب وراءه كفيل بحماية الستوب ، ان مال السوق الى الارتفاع والسير بالوجهة المحددة له ؟
ج  :  لا طبعا ، لا يوجد في هذا النوع من العمل اية ضمانة لنجاح اية خطة ، او لحصول اي مطلوب . ما نخطط له هو امر مرغوب حدوثه . ما يحدث بالفعل قد يكون المخطط له ، كما قد يكون نقيضه ايضا .
الستوب ، اي ستوب هو عرضة لخطرين دائمين .
 الخطر الاول يتمثل بكون ما خطط له المتعامل لامكانية حدوث ترند باتجاه ما جاء خاطئا ، فيسير السوق بالاتجاه المعاكس ويسقط الستوب وتحصل الخسارة ، الخسارة هنا هي خسارة ايجابية لا بد من قبولها ، لانها خسارة بنطاق المعقول ولولا الستوب لكانت  اكثر فداحة وأشد إيلاما .
 الخطر الثاني يكمن في جهوزية صيادي الستوب باية لحظة الى التدخل ، باساليبهم البارعة ، وطرقهم المطوّرة ، وخدعهم المرسومة ، لاصطياد الستوب المقرر تحديده وراء خط مقاومة أو خط دفاع ، فينجحون بحركة سريعة في اسقاط هذا الخط وخطف كل ما حدد وراءه من ستوبات بسعر يناسبهم جدا . وهكذا يكونون هم ، قد نجحوا في الصعود الى القطار في افضل محطة ، وسافروا فيه الى حين بلوغ الهدف . بينما يكون المتعامل الذي ظنّ هذه المرة عن خطأ ، بان الستوب سيحميه من الوبال ، قد بقي على الرصيف متحسرا على خيبته وفشله .
هنا يصح قولي به : الستوب حاميها حراميها .
وهنا يكمن السرّ المكتسب بالخبرة ودقة الملاحظة ،السرّ القائم على ضرورة غربلة الصفقات ، واختيار ما يجب فتحه منها مع تحديد نقطة مناسبة للستوب لحظة دخول السوق ، وما يجب فتحه منها مع الاستغناء عن هذه الوسيلة ، منعا لخسارة قد تتم بعملية قرصنة سريعة يقوم بها ثعالب عتاق يدركون جيدا كيف يوقعون الارانب البسطاء في شراك احسنوا نسج خيطانها .
——————————————————————–

وفي الجزء التالي :
 
س  :  يشكو بعض المتاملين من تحديد محيط للشراء او البيع ، وليست نقطة معينة يلتزم بها كل المتعاملون . هل لك أن توضح إيجابية الطريقة المعتمدة والافادة التي يمكن للمتعامل ان يجنيها منها ؟
 
س  :  على ماذا تعتمد في قرارك لفتح الصفقات ؟
 
س  :  هل تقصد أن امتلاك أسرار التحليل التقني غير كاف للنجاح في تحقيق الربح ؟
 
س  :  لا شك انك لاحظت من تصرفات المتعاملين أمورا إيجابية واخرى سلبية تجمع بين البعض منهم . هل لك أن تحدثنا عن أكثر ما لفت نظرك في هذا المجال ؟
 
هذه الاسئلة وغيرها ستلقى جوابا في الاجزاء المتبقية من الحوار والتي ستنشر تباعا .
 
 
 
 
 

 

 

بعد مضي عام على التوصيات والتعليم

بعد مضي عام على التوصيات والتعليم 9th August 2004  

بعد مضي عام على التوصيات والتعليم  .
واحد من العتاق العتاق ، واحد ممن عجنتهم السنون في معاجن الكرّ والفرّ ، ثم خبزتهم على نار المقاومة والدفاع ، لتقدمهم فيما بعد خبز معرفة على مائدة الالتزام المعنوي العنيد والصدق الاخلاقي الشريف  .
عرفناه من زمن بعيد ، شربنا معه كؤوس الأيام حلوة ومرة ، خضنا سوية جولات وجولات ، سجلنا في الكثير منها انتصارات وانتصارات ، ورضينا بما كان لنا من هزائم ، مستعينين  بما أوتي الرجل من حكمة ، ومن واقعية ، ومن موضوعية ، ومن قدرة سحرية في استثمار أي انكساروفي استغلال أية هزيمة ،  بتحويلها مباشرة الى عبرة وأمثولة ، تكون له وتكون لنا سلاح المستقبل الأمضى .
أخذ على نفسه عهدا بأن يكون عونا لكل من شاء الافادة من خبراته في مجال تجارتنا هذه ، فرافق المتعاملين يوميا منذ ما يقارب السنة ، ولا يزال . أطلعهم على أسرار وخفايا ، ولا يزال ، يحملهم الترس قبل السيف ، والدرع قبل الرمح ، وإن هو آنس في نفوسهم عزما ، وفي قلوبهم شجاعة ، وفي فرائصهم شدة ، وفي زنودهم قوة ، أطلقهم الى الحلبة يناضلون عليها ويدللون على ما يستطيعون .
الاستاذ أيمن بارود ، نحاوره اليوم ، آملين أن يكون في الكلام بعضا من إفادة ، لكل من يعمل في ما نعمل ، ولكل من تسوّل له نفسه الدخول في عالم السحرالواقعي الخلاب ، عالم المقارعة والتحدي .
 

س  : استاذ ايمن نبدأ بالسؤال عن خلاصة انطباعك بعد مضي سنة على قبولك المشكور لهذا التحدي .

ج   : انا في حالة من الرضى والشكر الكثير لرب العالمين ، على ما حققناه بعونه خلال هذه الفترة من تذليل لمصاعب ، ومن ازالة لمعوقات كانت تقف في طريقنا . المصاعب هذه لم تفاجئني ، كنت احسب لها حسابا . ولعلّ أكثر ما يثلج الصدرهو ما كنا نعرفه ، وما راهننا عليه ، وما تأكد لنا الآن ، من كون العقل العربي غير قاصر عن مماشاة العقل الغربي وعن التقدم عليه أيضا ، إن هو توفرت له الارضية الصالحة والمناخ المؤاتي لذلك . إن جملة من الذين يرافقونني يوميا في عملنا اليومي أثبتوا هذا القول بالفعل . أثبتوا قدرتهم على النجاح وعلى تحويل التعامل من هواية ، أو من تجربة مؤقتة ، إلى مهنة رئيسية يداومون فيها يوميا ، ويحصّلون ما قسم لهم من رزق منها .
هذا ما هدفنا اليه ، وهذا ما حققنا حتى الان خطوات مقبولة ولا نزال في طريقنا الى تحقيق المزيد ، ان قدّرنا الله .

س  :  الذين حققوا الهدف وباتوا متعاملين مداومين ، هل يجمعهم عامل مشترك ، هل يتميزون بما يفتقده غيرهم ؟

ج  :  لا شكّ في ذلك على الإطلاق . هناك صفات طالما لفتنا النظر اليها في مناسبات عدة تجمع بين هذه الفئة من المتعاملين . هم يتميزون بامتلاكهم للروح العلمية الموضوعية ، بقدرتهم على التحليل والمقارنة والاستنتاج ، برغبتهم في التعلّم وقناعتهم بان التعلّم أهم من تحقيق الربح بكثير . هذه الفئة سرعان ما تتنبه الى واقع لا يمكن نكرانه وهو : ان امتلاك فنّ العمل يمكن أن يكون منطلقا ووسيلة لتحقيق الربح ، بينما لا يمكن لتحقيق الربح أن يكون هو الوسيلة للتعلم . الربح بدون العلم هو ربح حظ ، الربح عن طريق العلم هو ربح عمل . هذا ولا يخفى على احد أيّهما أبقى واضمن ، ولا يخفى على احد في أيّهما حلت بركة الله ونعمته .
 

س  :  وهل يعني ذلك أن لا مكان للحظ في عملنا هذا ؟

ج  :  لا ، لا يمكنني أن ادّعي ذلك . الحظ موجود في كلّ مجال من مجالات حياتنا ، هو يرافقنا في كلّ ما نقوم به ، فيكون باسما او عثرا . لكنني أصرّ على التفريق بين حظ البارع  وحظ الفاشل ، بين الحظ بمفهومه الايجابي ومفهومه السلبي . من يعتمد على الحظ  لتحقيق مكسب في عملنا هذا ، لا يمكن أن يكتب له نجاح دائم . قد يحقق بعض المكاسب الظرفية ولكنها غير دائمة .
 

س  :  والذين فشلوا في الوصول الى غايتهم . ما الذي يجمع بينهم ؟

ج  :  صفات ما حلّت واحدة منها بامرئ إلا اهلكت فكره ، وحطمت فؤاده ، وكسرت نفسه . كلّ هؤلاء قدموا إليّ  بنهم على الربح قلّ مثيله وندر قرينه . كلّهم اقبلوا على المائدة وكأن الطعام سيهرب عنها . كلّهم راقبتهم وهم يأكلون فأشفقت عليهم ، كانوا جميعا يلتهمون ولا ياكلون ، لا تكاد اليد اليمنى ترتد عن افواههم مفرغة فيها ما حملته ، حتى تتبعها اليسرى ، فتفرغ بدورها حمولة اختارتها من أدسم ما وجد على المائدة . وهم ان أصيبوا بعسر في ابتلاع الممضوغ فلهم بالشراب على ذلك عونا ، لا للتمهل والتاني ، مما يعني مداواة العلّة بعلّة لا تقلّ خطرا عنها .
وأنا ؟
أنا أحذردونما ملل أو كلل  ، أنصح بالتروي ، أدعو الى الهدوء ، أذكّر بالتعقل ، منتظرا النهاية المحتومة ، فإذا هي مشهد من أسوأ ما يكون ، ونهاية من أصعب ما يكون .
آداب المائدة لم يحترمها واحد منهم ، ربح الجظ ذاق طعمه معظمهم ، الربح الذكي المتنامي الواقعيّ الصحيّ الدائم لم يكتب لهم .
 

س  :  ومن بين هؤلاء ، هل هناك من عاد واستوعب الدرس ؟

ج  :  لا شكّ في ذلك . هناك منهم فئة من الميسورين القادرين على البدء من جديد . لا شكّ في انهم اقتنعوا بعد ان جربوا بانفسهم . النصيحة لم تكن كافية لهم . كان لا بد من حرق الاصابع للاحساس بوجود اللهيب . والان هناك منهم من انسحب عن الساحة مؤثرا البحث عن عمل آخر ، كما هناك من يعاود الكرّة بمنهجية جديدة أكثر تعقلا ، وأكثر تفهما لواقع الحال .
 

س  :  واقع الحال . أي واقع حال ؟ هل لنا من ايضاح ؟

ج  :  بالطبع  . واقع الحال يقول : السوق لا تمكن مصارعته . لا مجال لمعاندته . يستحيل الثأر منه . هو دوما الرابح . هو دوما على حق .
لا بدّ من مهادنته ، من مصادقته ، من مماشاته . وان بدا لك منه لينا ، او بانت رقة ، فخذ منه ، لن يبخل عليك إن لم تكن طماعا .
س  :  مصادقة السوق ! مصارعة السوق ! ما زلت اطمع بايضاح ما .
ج  :  بربك ! أما سمعت عن لبوة أرضعت غزالا صغيرا واعتنت به ؟  اما سمعت عن لبوة ارضعت طفلا من بني البشر ؟ أما تآخى أبدا كائنان ينتميان الى فصيلين يقفان على طرفي نقيض ؟
أنت ، انا ، نستطيع إن شئنا جعل السوق وحشا يأكل ولا يشبع ، يفترس ولا يشفق ، كما اننا نستطيع ان نجعله كائنا مسالما يعطي فلا يندم ، ويهب فلا يستعيد .
 

س  :  وكيف ؟ ألا تبوح لنا ؟

ج  : بأن تكون الطير الصغير الذي لا مهرب لوحيد القرن منه ، ولا حلّ له سواه ، لتنقية جلده من حشرات تمتصّ بعضا من دمه .
لا سرّ لأخفيه ، ولا خفايا لاكتنزها ، أنا اعلّم مريدي التعلّم بالمثل ، وانببهم بالرمز ، ومتى كان اللبيب بحاجة لغير الاشارة ليفهم ؟
 والحق يقال ، ما نفذ أحد في هذا السوق ، وما أثبت جدارة ، وما اظهر تفوقا ، وما استحق تهنئة ، بقدر ما فعل اللبيب  المؤهل على التقاط الاشارة من الاشارة ، واستخراج العبرة من الخطأ .
 

س  : وحيد القرن يستمتع بالطير الصغيرينقر بمنقاره الدائرة المحيطة بعينه . الطرفان لهما مصلحة في ذلك . الواحد يتغذى ، الآخر يتنظف . وهل يعقل ان يكون السوق صديق المتعامل ليغدق عليه الربح ؟

 ج  :  بالطبع . السوق يموت ان لم يكن فيه رابحون . السوق ، قصدت البورصة كائن حيّ كباقي الكائنات . عائلة السوق هم المتعاملون الأوفياء القادرون على التعامل مع السوق دون الحاق الضرر فيه . هؤلاء هم اصدقاؤه وأولاده . هؤلاء هم الذين يبرّون به ويبرّ بهم . هؤلاء تراهم إن ظلموا من قبل السوق مرة ، يسارع اليهم ليعوض الصفعة بلمسة ، والعثرة بفاتحة خير .
الخاسرون هم أعداء السوق ، هم الذين يحاربونه محاربة الندّ للندّ ، هؤلاء تراهم لا يربحون صفقة ليخسروا صفقات . هؤلاء استجلبوا هم اللعنة على أنفسهم . بطمعهم ، بتسرعهم ، بتعجلهم ، بنهمهم . هؤلاء يريدون أن يأخذوا ما ليس لهم  ، هؤلاء هم الخاسرون الدائمون .
وان شئت أن اكون أكثر وضوحا ، حتى لا تتهمني بتعمّد الغموض ، تراني أقول : إن أولئك الذين يعدون الناس بتحويل ثلاثمائة من الدولارات بشهرين الى خمسة عشر الفا ، وبأربعة شهور الى خمسين الفا ، هم إما مخادعون أو جاهلون . واعلم تمام العلم ، إن أنت انتزعت من السوق مبلغا خياليا خلال فترة قصيرة ، فإنّ السوق سيسارع الى استرجاع هذا المبلغ منك مضاعفا  في فرصة قريبة جدا .
 
س  :  هل تعني ان تحقيق ربح يساوي خمسين الف من الدولارات أمر مستحيل في شهور قليلة ؟
ج  :  لا لم اقصد هذا . إن تحقيق خمسين ألف دولار في شهور قليلة هو امر ممكن وسهل التحقيق ، ولكن ، ليس برأسمال لا يتعدى الثلاثمائة دولار .
 
س  :  وكم يجب ان يكون المبلغ إذا ؟
ج  : لا يسعني إلا أن انحني باحترام امام من انطلق من عشرة آلاف من الدولارات ، وتمكن من تحويلها الى خمسين ألفا في مهلة تقارب الخمسة شهور .
ولا شك أن من انطلق من العشرة وحولها الى خمسين ، يستطيع ان ينطلق الان من الخمسين ويحولها الى مئتين . هذا منطقي . ولكن عليه ان يستمر باحترام آداب المائدة . حذار وكثرة الطعام !
 
س  :  وحساب ال 300 وال 500 دولار ، الا ترى من حظ له ؟
ج  :  له حظه طبعا ، ولكن عليه ان يتحلى بالصبر ، عليه أن يحول حسابه في السنة الاولى الى 2500 دولار ا ، وفي السنة الثانية يقارب ال 10.000 ويصير بامكانه ان ينطلق لارباح اكبر .
وكلمة اخرى عن هذه الحسابات . أن من يفتح حسابا ب 500 دولار ليجرب ويتمرن ويتعود على اسلوب العمل هو مختلف تماما عمن يعتمد هذا الحساب لانه لا يملك من الدنيا الا ال 500 دولارا . هذه الفئة من المتعاملين أدعوهم للتفكير مليا قبل الاقدام على الخطوة ، خاصة إن كانوا أرباب اسر ومن مواطني بلدان يصعب تحصيل المال فيها . هذا لا يعني ان الربح عليهم مستحيل ، لا طبعا ، ولكن اصابتهم باول خسارة سينعكس عليهم قلقا ، وتوترا ، فتنعدم قدرتهم على التخطيط والتركيز ، ويتحول فكرهم الى طاقة سلبية تهدف الى الانتقام من السوق واسترداد ما سلبه منهم بمثل ما فعل ، وتكون النتيجة الخروج من السوق بخفي حنين .
 
س  :  من المعروف عن طريقتك في العمل انك لا تعمد الى تحديد ستوب للصفقة المفتوحة الا بحالات معينة . هل نطمع بتوضيح لهذا الامر ؟
 
س  :  وكيف يكون الستوب عدو المتعامل ، ومن المتعارف عليه انه وسيلة امان ؟
 
س  :  يشكو بعض المتاملين من تحديد محيط للشراء او البيع ، وليست نقطة معينة يلتزم بها كل المتعاملون . هل لك أن توضح إيجابية الطريقة المعتمدة والافادة التي يمكن للمتعامل ان يجنيها منها ؟
 
س  :  على ماذا تعتمد في قرارك لفتح الصفقات ؟
 
س  :  هل تقصد أن امتلاك أسرار التحليل التقني غير كاف للنجاح في تحقيق الربح ؟
 
س  :  لا شك انك لاحظت من تصرفات المتعاملين أمورا إيجابية واخرى سلبية تجمع بين البعض منهم . هل لك أن تحدثنا عن أكثر ما لفت نظرك في هذا المجال ؟
 
هذه الاسئلة وغيرها ستلقى جوابا في الاجزاء المتبقية من الحوار والتي ستنشر تباعا .

 

 

حسنا ، لتكن مشيئتك سيد جرينسبن

 

حسنا ، لتكن مشيئة السيد جرينسبن  1st  August 2004

 

الكلّ بانتظار البطل ، دقت ساعته ، وصل الى القاعة ، صعد الى المسرح ، أدلى بما في دلوه ، عزف سمفونية التفاؤل ، المشاهدون بطبعهم يفضلون الكوميديا على التراجيديا ، يحبون الضحك ، يميلون الى التصفيق ، صعوبات الحياة تكفيهم ، لماذا التشاؤم اذن ، ان كان لا بدّ من مسرحية فلتكن كوميدية . البطل عرف ما يسر الناس ، إنتزع منهم البهجة انتزاعا ، صفق له الحضور ، فرح من فرح ، أسدلت الستارة ، ولكن ، الآن أو بعد آن ، ستاتي ساعة الحقيقة ، لا بد لذلك أن يكون . 

كثرة كثيرة من العاملين على الذهب يعتمدون في تقدير وجهة المعدن الاخضر على شارتين . اولهما شارت الذهب وهذا امر طبيعي ، وثانيهما شارت الدولار وهذا أمر قد يثير استغراب البعض من الوافدين على هذه المهنة .
نعم هم أحيانا على حق في ما يعملون ، فلكي تعرف ما سيكون عليه الامر في كابول أو في بغداد أو في غيرها وغيرها من العواصم ، فلا بد لك ان تعرف ما هو عليه الامر اليوم في واشنطن . ويخطئ من يظن ان فصل الامرين هو من السهولة بمكان .
انه من دواعي المنطق ان يرتبط سعر الذهب بسعر الدولار الى حد معين ، فيرتفع الاول ، او يميل الى الارتفاع ، ان انخفض الثاني . وينخفض الاول ، او يميل الى الانخفاض ، ان ارتفع الثاني . هذه حقيقة عايشناها في فترات كثيرة يكون السوق فيها فريسة للمضاربات ، ولتنقل الرساميل من مكان الى مكان ، تبعا لقوة تصريح سياسي أو اقتصادي ، أو تبعا لتطرف في نتائج بيان يقيس قوة الاقتصاد ، فيستقرأ منه وجهة قرار قادم سيتخذه الفدرالي الاميركي رفعا للفائدة او خفضا لها .
وفي أيامنا هذه نحن نعيش هذه الحالة . فمنذ مارس الفائت والى اليوم ، والذهب يتفاعل ايجابيا او سلبيا بشكل دقيق مع الهبات الساخنة او الباردة الصادرة عن كلام السيد جرينسبن او عن البيانات التي تستبق وجهة كلامه . والفترة التي سبقت مارس الماضي بماذا تميزت ؟
أمر سهل للغاية . لقد عرفت تراجعا دراماتيكيا للدولار وصل الى حد التطرف بحيث ان قلة من المحللين كانوا قد توقعوا حصوله . الذهب عرف في هذه الحقبة عهده الذهبي اللامع . هذا امر يسير مع منطق الامور . نسبة الى اليورو تراجع الدولار الى حدود ال 1.3000 . الذهب دقّ ابواب ال 430.00 دولار اللاونصة الواحدة . معادلة مقبولة .
لماذا كان الدولار يتراجع ؟ ببساطة السبب الظاهري والمباشر هو : لان الفائدة عليه كانت تنخفض . وهذا من مسلمات الامور ، أن تراجع الفائدة على عملة ما تنفر الرساميل منها ، فتشير بوجهها عنها ، وتنصرف باحثة لنفسها عن مردود أكثر انتاجا .
لماذا كان الذهب يرتفع ؟ ببساطة السبب الواقعي هو : لأن بعضا من هذه الرساميل التي سئمت رائحة عفنة تنبثق من الورقة الخضراء الذابلة ، يممت نحو المعدن الاصفر مشغوفة بلمعانه ، ولو لوقت .
والآن لماذا يتراجع الذهب ؟ ببساطة لان السيد جرينسبن بشر بعصر ذهبي قادم على الاقتصاد الاميركي ، وبالتالي على انتعاش لا بد ان يصيب الدولار بعضا منه ، فيعود الى ورقته شيء من اخضرارها .
ولكن هل سيبقى الامر على هذا النحو ؟
هل يُعقل ان يستمرّ الحال على هذا النحو ؟
هل يمكن ان تستمرّ الورقة الخضراء متحكمة بوجهة المعدن الاصفر الذي طالما رفع راسه مختالا متكابرا ؟
توقعاتنا بأن الذهب سيدكّ اسوار ال 500.00 دولار ومن بعدها سيهدد ال 800.00 بالسقوط ، أتراها مجرد أوهام وبقية من احلام ؟
لا لا لا !
هي توقع لا بدّ ان يصير واقعا .
ولكن متى ؟
مهلا ، مهلا ، مهلا .
سيحصل هذا ، نعم سيحصل  .
ولكن متى ؟  قلها بربك ! 
عندما ،  تبدأ الفائدة على الدولار بالارتفاع ، وستزداد ارتفاعا ، وسترتفع ايضا وايضا ، والدولار ، الدولار لن يبالي بذلك ، بل ، سيتابع  التراجع  !
هل يمكن ان يحصل هذا ؟
نعم يمكن ان يحصل .
عندها سيضرب السيد جرينسبن اخماسا باسداس ، وسيعرف انه راهن على ما هو صعب المنال .
عندها سيكتشف السيد العجوز إنه خلط بين الممكن والتمني ، وآثر الثاني على الاول ، فقط لكونه يابى مغادرة الفدرالي إلا وقد أعاد الى الاقتصاد الاميركي بعضا من عنفوانه ، ولكن السفن لم تستطع يوما التحكم بوجهة الريح ، وللتاريخ حتمية لا بد من الاعتراف بها والتنبه لها . 
وإني والله ، لقارئ هذه الكلمات منذ اليوم في عينيه ، ولسامعها في نبرات صوته !
غلطة الجاهل بغلطة ، وغلطة الشاطر بالف غلطة .
 
 
 

 

قراءة هادئة للآتي

 

قراءة هادئة للآتي . 13th July 2004
 
ان كلّ مدقق في واقع الحال الاقتصادي الاميركي يقع على جقيقة لا مفرّ من الاعتراف بها ولا مهرب من الوقوف عندها . إنّ أكبر اقتصاد في العالم يمر في حقبة استثنائية لم يعرفها منذ وقت غير قريب . هو من الحساسية والهشاشة بحيث يصعب عليه تحمّل أي زيادة في الفائدة ، وهو كذلك من الضعف والسقم بحيث يستحيل عليه تقبل فكرة أي تراجع في تدفق الرساميل الاجنبية على البلاد . الامران لا بد منهما ، ولسؤ الحظ لا يمكن باي حال ان يتمّ الامران دون أن يلحق واحدهما الضرر بمسيرة النمو الذي تتراءى بوادره الوهمية للكثيرين .
الكثيرون من المتتبعين لمسيرة النمو المخادع هذه يؤكدون على ان رفع الفائدة لن تنعكس ضررا على الاقتصاد ، ويصرون على ضرورة حدوثها بعد أربع سنوات من فائدة قاربت الصفر . هم يؤكدون على ذلك ولكنّ ثمة أرقام توحي بغير ذلك .
إن إتحاد البنوك المتخصصة في قروض العقارات سجل في المدة الاخيرة تراجعا واضحا في هذا المجال ، كما سجل تراجعا في الطلب السابق على تملك البيوت والشقق السكنية . إن هذا لأمر ملفت للنظر في فترة بالغة الحساسية كالتي نمر بها .
الاتحاد نفسه هذا سجل ارتفاعا كبيرا بنسبة القروض المتحركة فوائدها بحيث ان هذه النسبة قد بلغت 30% من القروض جملة ، وهي نسبة مقلقة ولا شك ، تعبر عن انعدام قدرتهم على متابعة تحملهم للقروض الاقل خطرا ، فحولوا قسما لا يستهان به الى قروض تتحرك فوائدها رغم الخطر الذي قد يتعرضون له من جراء ذلك .
الاتحاد نفسه سجل ايضا تراجعا واضحا بالنسبة لتملك المساكن المنتمية الى الفئة المتوسطة، اذ تبين ان 20% فقط من السكان باتوا قادرين على تملك مثل هذا النوع من المساكن . أمور مقلقة لا شك في ذلك .
نأتي الان الى تقارير أخرى .
إئتمان المستهلك بلغ ارتفاعا ملحوظا لم يبلغه من فترة طويلة . الارتفاع هذا يترجم ولا شك استهلاكا ملحوظا ، وينعكس ايضا انتاجا ملحوظا .
ولآئتمان المستهلك هذا وجهه القاتم ايضا ولكنه لا يبدو الا بعد فترة من البحبوحة الكذابة المخادعة : نسبة الإفلاس الفردي زادت 50% من 10 سنوات الى الان . إحصاءاات العام الفائت تظهر ان ميزانية عائلة من كل 73 عائلة انتهى بها الامر الى الافلاس . هذا في فترة بحبوحة تظهر وجها كذابا للمستهلك وتخفي عنه وجه الغدر المقيت .
وان زيدت الفائدة فماذا سيحصل على هذه الجبهة ؟
لا شك أن زيادة الفائدة ستنعكس تقلصا سريعا في نسبة القروض المكونة لإتمان المستهلك ، كما أنها ستنعكس مباشرة ميلا الى الادخارعوضا عن الاستهلاك ، بالنسبة لمن هو قادر على الادخارطبعا . وفي الحالتين تراجع في الاستهلاك ، زيادة في التخزين من قبل المصنعين ، تراجع في التصريف ، وفي آخر المطاف تراجع في الانتاج .
وهل نسينا ان 70% من الانتاج الاميركي هو مخصص للاستهلاك الداخلي و 30% فقط يصنع للتصدير ؟
وهل لا زلنا نراهن على كون الاقتصاد الاميركي في طريقه الى التعافي ؟
وهل لا زلنا عاجزين عن قراءة ملامح القلق التي تختفي وراء بسمة مخادعة يبديها السيد جرينسبان بين الفينة والفينة ؟
الاقتصاد الاميركي يتعافى . هذا مجرد وهم ! وهم يقارب الجنون !
لكل عصر نهاية . هذا معروف على الصعيد السياسي ، وهو ينطبق ايضا على الصعيد الاقتصادي . عصر النمو الاقتصادي الاميركي قد انتهى . بدأ في أوائل الثمانينات ، وها هو في هذه الفترة يلفظ أنفاسه الاخيرة . الرسم البياني الاقتصادي سيطالعنا الان بترند تراجعي قد يطول أمده ، وقد يطول الى حين يصعب تقديره ، وقد يطول الى حيث تشاء الحتمية التاريخية بحسب ما رآها ابن خلدون  ، وقد يطول الى عصر تتغير فيه كل مفاهيم السياسة الاميركية :  سياسة خارجية ، إنفاقا حربيا  ،  صدقا داخليا ، مفهوما جديدا لتقليص العجز ..
والى أن يحين الوقت ، لا بد لنا من الترداد : إن رفع معدل الفائدة ينطوي على مخاطر لا بد من الاعتراف بها . هو يقلل من استهلاك المستهلك ، وهذا يودي بنا الى تراجع في ربح الشركات ، وهذه ستقلل من كميات انتاجها ، وستتراجع ارباحها ، وستستغني عن قسم من العاملين لديها ، وما ادراك ماذا بعد  .
البعد معروف وهو بيت القصيد : أسهم هذه الشركات ستتراجع ، حركة سوق العقارات سيصاب بالسقم ، الاسعار ستتراجع  . السبب واضح : ليس هناك من يشتري .القادرون على الدفع قلّة قليلة .
والدولار ، ما الذي سيصيبه ؟
طبعا من الصعب تصور مصير وردي له على المدى المتوسط ، رغم ارتفاع معدلات الفائدة ، وإن كانت إمكانية محافظته على ما يتمتع به من ثقة أمرا ممكنا مرحليا .
وأسعار الأسهم والسندات ؟
هي الى تراجع .
وأسعار المعدن الاصفر ؟
الى ارتفاع أكيد ، ال 450$ للاونصة هي هدف قد لا يكون بعيد المنال .
 

 

أصدام – أو ، غلطان يا معاند بحر

 

 صدام – أو ، غلطان يا معاند بحر   . 5th july 2004
لا لا لا !!
لا تذهب بخيالك الى البعيد . المقال ليس سياسيا ، بل هو يتناول شؤون السوق .
صاد ِصدام مكسورة ، ودالها ليّنة غير مشددة ، والمرمي إليه ليس حدث الساعة . بل حدث كل ساعة !
أخي المتعامل .
السوق بحر صاخبة أمواجُه ، عميقة لججُه ، خطيرة مجاهلُه ، عديدة ألغازُه ، وفيرة خيراتُه ، كثيرة كنوزُه ، معلومة مكارمُه ..
السوق هذا أكرم الكثيرين ممن هادنوه ، وأذلّ العديدين ممن عاندوه ..
لا تصادم السوق ، وإلا صدمك ..
لا تعلن الحرب عليه ، فأنت خاسر حكما . .
لا تبحث عن ثأر عنده إن غدر بك مرّة ، إذ لن تلقى عنده قلبَ الأب المحب ، ولا  لسانَ الاخ المرشد ، ولا حكمة الصديق المتسامح . 
وان فعلت فلن تستيقظ من صدمة  لتغفوَ على صدمة ، ولن تشفى من لطمة  لتبلى بلطمة . ثمّ ، لا يعود اليك وعيُك ، إلا وقد انتهى أمرُك .
وإني لأراك ، أخي القارئ ، تنظر اليّ بعينين ملأهما العجب ، وتهمّ بنطق كلمتين صاغتهما الدهشة .
وما العمل إذن ؟  وما وسيلة التعامل الفضلى ؟
مارس عملك كتاجر، ولا تنزلق الى غياهب الرهانات السوداء  . 
كن تاجرا مناورا مرنا، ولا تكن ممّن قتّر الله عليهم في الرزق ، فحمّلوا ظهورهم حقيبة ، وداروا في القرى النائية أو الأحياء الفقيرة ، ينادون على بضاعة لا تريدها الا قلّة من نسوة ضاقت بهنّ سبل العيش .
هادن السوق وقت المهادنة ، صادقه إن هلّ عليك زمن المصادقة ، رافقه في مسيرة شاك دربها ، ثمّ ، إن بدت لك مواضع ضعف في جنب من جنباته ، لا تتمهّل ولا تتردد . سدّد طعنة يومك ، والق ثمرة جهدك .
مواطن الضعف في السوق قد تبين كلّ ساعة في يوم ، وقد لا تبين إلا في ساعة من يوم . المهمّ ان يكون سهمُك مبريا ، وفأسُك مشحوذا . والمهمّ المهمّ أن تكون متيقظا بكلّ ما وُهبت من همّة ، وكلّ ما أوتيت من إرادة .
أخي المتعامل .
شيمة السوق الغدرُ ، لتكن شيمتك الحنكة .
وماذا غير الحنكة ؟
الكثير الكثير !
وفي أخبار العرب مآثرُ  . وفي أقوالهم حكم .
روي عن شيخ قبيلة حلمُه ، ونقلت عنه رويّته . كان شيخَ قبيلته ، وكان حكيمَها وخادمَها .
وصل الى مجلسه يوما شابٌ غريرٌ من شباب القبيلة وما سلّم ، بل اقترب منه وسدد الى وجهه صفعة ، صُعق لها كلّ من جالس الشيخ .
وبكل ما أوتي الشيخ من وقار، و رويّة ، وهدوء ، واتزان  قال : لِمَ تصفعُني يا أخي ؟
وبكل ما أوتي الشاب من غرور، واعتداد ، وجهل ، وغباء  قال : رهان بيني وبين شلة من أقراني . الرهانُ على من يجرؤ على صفعك . وها أنا قد ربحت الرهان .
وبمثل ما سأل الشيخ أجاب : لقد خسرت الرهان يا أخي وما ربحته . فما عدتُ شيخَ قبيلتك . إنّ فلانا قد تولّى امور القبيلة وهو الان شيخُها المطاع ، فاذهب إليه واصفعه .
وكان فلان هذا رجلا ممّن لا يردون الصفعة إلا بطعنة ، فكان ان لقي الشابُ حتفه على يده .
وفي واقع الحال وحقيقة الامر من طعن الشاب الغرير ؟ أفلانٌ أم شيخُ قبيلته ؟
لا يختلف اثنان على أنّ شيخ القبيلة أخذ منه ما هو دين له .
بحلمه ، ورويّته ، وحكمته ، استحق أن يكون ما هو عليه .
وانت أخي المتعامل .
انت ، إيّاك أن تعاند السوق ، ولا تنسى المثل : غلطان يا معاند بحر !
أوصيك بالمرونة ، والرويّة ،  والحنكة ، والحكمة .
أوصيك بالمنهجية الموضوعية ، وبالروح العلمية .
وقبل كل شيء .
 أوصيك بالحلم  !!
الحلم ، بكسر الحاء لا بضمها .
الحلم هذا ، فيه أسرارُ الربح ، ومنه إكسيرُ النجاح .
عليك به .
وأنت ، بإذن الله وعونه ، من الظافرين الرابحين .
  

 

أخطأ جرينسبن هذه المرة؟ا

 

الفائدة الى ارتفاع : الدولار  سيرتفع ؟ الذهب  سينخفض ؟   . 19th june 2004

من حيث المبدأ ، وبحسب القاعدة الاقتصادية المعمول بها ، وبحسب المعادلة العلمية المقبولة : نعم . ولكن .

هذه المرة ستصح هذه المعادلة ايضا ؟ لا قد لا تصح .

ان ارتفاع الفائدة هو امر يبدو حتميا كنتيجة للعجز الهائل في الخزينة ولكن هذا الارتفاع لن يكون من التاثير بحيث انه قادر على إعطاء الدولار الحقنة المقوية الكافية ليصمد على مستويات عالية قد توصله اليها تلك القرارات المتلاحقة المنتظرة في رفع الفائدة عليه . بالعكس ، هو قد يرتفع كردة فعل هوجاء غير محسوبة من السوق نتيجة سوء تقدير أولي ، ونتيجة الاقبال المتزايد على السوق لمستثمرين لا يقيمون وزنا للمعطيات العلمية المتغيرة بحسب المستجدات الاقتصادية الطارئة ، ونتيجة موقف استغلالي ناتج عن مضاربات عنيفة تصدر عن بيوت المال العملاقة . ولكن ماذا بعد ؟ستذهب السكرة ، ستأتي الفكرة .

العجز في ميزان الخزينة لا بد ان يغطى . أسعار السندات لا بد ان تكون قد بلغت اعلى درجاتها والان يجب ان تتراجع . الفائدة  ترتفع . المشكلة  والسبب ليس التضخم القادم والمهدد لعجلة الاقتصاد . السبب الاكبر هو تغطية العجز الخطير: خمسمئة مليار من الدولارات .

هل ان اجتذاب 500 مليار دولار من التوظيفات الاجنبية الى اميركا سيكون ممكنا ؟ هذا هو السؤال المعضلة . سوق الاسهم اليابانية عاد ليكتسب بعضا من بريقه  ألن يكون المنافس الجدي لهذه الرساميل ؟

رفع الفائدة لا بد ان ينعكس سلبا على سوق الاسهم الاميركية   ، سيحدّ من النمو ، سيؤثر على أسعار العقارات ، سينعكس على مستوى مدخول الخزينة بشكل ضرائب ، سيزيد من مستوى العجز فيها .  المشكلة تتفاقم . المستثمرون الاجانب سيطرحون الكثير من الاسئلة . ما توقعوه من رفع الفائدة لم يؤتيهم ما تمنوه ، خسروا بتوظيفات الاسهم ، خسروا بتوظيفات السندات . ثقتهم بالدولار ستنعدم .

الرهان على رفع الفائدة من اجل اجتذاب الرساميل الاجنبية الى داخل الولايات المتحدة ، في حين ان هذه الفائدة تهدد الاقتصاد وتعيق نموه ، هذا الرهان هو أمر من الخطورة بحيث قد يجعلنا نكتشف ، وفي وقت ليس ببعيد ، أنّ ذلك الكهل القابع على رأس الفدرالي منذ ما لا يحصى من السنين ، والذي يحضر نفسه لولاية جديدة ، رغم بلوغه الثامنة والسبعين ، والذي لم يسبق له أن اخطأ الا قليلا ،  قد أخطأ هذه المرة ، وقد لا يترك ذلك الكرسي إلا وقد خلّف وراءه أسوأ ذكرى في أذهان الاميركيين .

سيرتفع الدولار ، نعم ، في المدى المنظور ، وكردة فعل عفوية ، غبية ، جاهلة ،عمياء ، على خطوات لا تخلو من المغامرة . ولكنه لا بد أن يعاود التراجع في فترة لن يطول أمدها الكثير . ومع تراجعه هذا سيكون الذهب الرابح الاكبر  .

الافادة اذن من القول نعم للدولار ! ولكن لفترة وجيزة . ومن عدم نسيان الفترة المناسبة للقفز الى الذهب  !

 . والى اليورو ايضا ؟ نعم . لا شيء يمنع .

 ولكن ! في الوقت المناسب .

 

المقاومة والدفاع ، خطوط محسوبة أم محسوسة ؟ ا

المقاومة  والدفاع ، خطوط محسوبة أم محسوسة ؟  . 7th june 2004
 
 
يتبين لنا  مما سبق من ابحاث وتحاليل ، وبما لا يقبل الشك ، انّ خطوط المقاومة والدفاع  المحددة على حركة معينة ، منطلقة من نقطة ما  ومنتهية بنقطة ما  في الرسم البياني – الشارت – ، هي من الكثرة بحيث يختلف المحللون التقنيون ، ويحارالمبتدئون منهم بشكل خاص ، في تحديد الخط الذي سينجح في كبح جماح السوق ووقف تقدمه .  ومن هنا ينتج التضارب في التوقعات والاختلاف في التوصيات الصادرة من بيوت الابحاث المختلفة . ففي حين يرى الواحد أن خط الدفاع المكوّن من ال 50% تصحيحا للحركة المذكورة هو خط له من المتانة والصلابة ما يؤهله لوقف تراجع السوق ورده على أعقابه ، ينبري غيره من المنظرين ليقلل من أهمية هذا الخط مبشرا بدنو انهياره واستمرار التراجع الى حين بلوغه خطا آخر ، قد يكون خطّ الترند المتراجع ، أو غيره من الخطوط الذي يقلّ بعدا عن الخط المذكور أو يكثر .
فمن يصدّق المتعامل إذن ؟ وعلى تحليل أي محلّل يرتكز ؟ ومن تباشير أي مبشر ينطلق ؟
في الحقيقة إنّ المحللين المذكورين هما خبيران متمرسان ، وقد يصيب الاول في تحليل ارتكز فيه على معطيات عقلية موضوعية معينة ، بينما يخطئ الثاني الذي ارتكز في تحليله أيضا على معطيات لا تقل موضوعية عما تسلح به صاحبه . وقد تنقلب النتيجة فيصحّ توقع الثاني ويخطئ الاول .
فما السرّ إذن ؟ ومن نصدّق ؟ وعلى من نعتمد ؟
لا شكّ في ان مقاومة – او دفاعا  – تشكلت منذ فترة طويلة تصل الى حد السنتين مثلا ، تزيد اهمية على مقاومة حديثة العهد تشكلت لتوها قبل يومين مثلا أو ما يقاربهما .
لا شكّ أيضا في كون المقاومة – أو الدفاع – متميزة في مركزها ، بعيدة عمّا سواها من قمم مقاومة أخرى ، تشكل قوة جذب للسوق يلحظها المتعامل المتمرس في نبضه وسعيه لبلوغها .
لا شكّ في أن ازدياد عدد محاولات السوق في كسر مقاومة ما ، يزيد تلك المقاومة أهمية ويجعل من النجاح في كسرها بابا لحركة عنيفة آتية قد تكسب المراهن عليها وفيرا .
لا شكّ أن النجاح في كسر مقاومة بعد محاولات عديدة ، يعني النجاح في تفعيل كميات هائلة من أوامر الوقف ، نتجت عن تتابع صفقات كثيرة ، نتجت عن رهانات خاطئة – أو بالاصحّ ، تبيّن الآن انها كانت خاطئة –  في كل مرة كان السعر يقترب من هذه المقامة ويفشل أمام أسوارها .
لا شكّ ايضا أن دكّ أسوار مقاومة ما ، أو دفاع ما ، قد يدوم طويلا ، وقد يتكرر كثيرا ، ولا يتحقق النجاح في الاقتحام ، فيعود السوق مهزوما فيربح فريق ويخسر آخر .
لا شكّ في أنّ المتحركات المتوسطة الناتجة عن الوحدات ال 10 او 20 او 25 او 50 او 100 او 200 السابقة للوحدة الحالية ، سواء كانت أياما أو ساعات أو أنصاف ساعات أو أرباعها ، هي أيضا خطوط مقاومة او دفاع بحسب حكم وقوعها ، فوق أو تحت السعر الحالي لسوق ما .
لا شكّ في أن الخطوط الناتجة عن التصحيح بحسب حسابات الفيبوناكسي ، هي خطوط مقاومة ودفاع لا تقلّ أهمية عن غيرها من الخطوط  –  وهي التصحيح لحركة ما بالنسب التالية : 0.2140  /  0.3820  /  0.5000  /  0.6180  /  0.7860  بالمئة – .
لا شكّ في أن كسر السوق لمقاومة ما يحولها مباشرة الى دفاع – وكسره لاي دفاع يحوله الى مقاومة – تتركز عليه  الانظار ، وتعلّق عليه الآمال في أن يكون الحاجزالمتين  الذي يمنع السوق من العودة الى ما كان عليه من قيمة في ما سلف .
ولا شكّ  أن خط الترند المنطلق من أعلى قمة في الترند الحالي المتراجع ، والمار في القمة التي تتلي الاولى ، هو اشد خطوط المقاومة صلابة ، واكثرها اهمية واحتراما بين جمهور المحللين . ولكن !
لا شكّ ايضا في أن هذا الخط المميز عن غيره – خط الترند – ، هذا الخط الذي يسلب عقول المتعاملين ، هذا الخط الذي يشهد كلما اقترب السوق منه أعدادا هائلة من الصفقات المراهنة على صموده ؛ هذا الخط ، قد يتجاوزه السوق بسهولة لا يمكن تخيلها ، بينما يصمد غيره من الخطوط الذي يبعد عنه  او يقترب منه ، ويكون  خطا ثانويا عاديا لا يحتلّ آلا اهمية ثانوية في كتب الكاتبين وتحاليل المحللين .
ما السرّ إذن ؟
من هو مالكه ؟
كيف يربح الرابحون ؟
وخط المقاومة الصامد ، كيف تراهم يحسبون ؟
لعمري ، ما ظننتهم حسبوها ، بل قل أحسوها 
إن الخطوط هذه ، على كثرتها ، تتساوى بالأهمية ، من حيث المبدأ . تتميز بالتاثير من حيث الواقع .
الفتيات كلّهنّ على جمال ، واحدة منهنّ ستفوز باللقب . الاختيار ، غالبا ما يكون نتيجة آحاسيس تتقدم الحسابات ، وترجح الدفة .
 
لا يجوز ان ينظر لخطوط المقاومة بنفس المنظار . لا يجوز ان تطبق عليها كلها نفس المقاييس . لا يجوز ان تكون حصيلة ترجمة لشروحات وتحديدات درسناها في كتاب . لا يجوز لنا أن ننظر اليها بالجملة .
بصر ثاقب  وبصيرة  لطيفة ، لا بد من تعاونهما ، من اجل هدف واحد : إماطة الحجب عن خط واحد بين خطوط كثيرة ، يبحث عنه الجميع ويظفر به القلّة .
ريشة الرسّام يمكن لكلّ ان يمتلكها . القيثارة يمكن لكلّ ان يقتنيها .
ربّنا ، هب قلبنا نورا ، كحّل ريشتنا بألوان الصدق والخير والنبل ، أنطق قيثارتنا نغم البذل والعطاء والحسّ الانساني الشريف .
وأعطنا ، اعطنا  قوة  وصبرا  وجلدا  ، على التمرّن والتمرّس ، والتمرّن والتمرّس ، مرّات ومرات ، مرات ومرّات . فنبلغ منانا ، ونفتح الباب : باب الاحساس المرهف . إحساس الفنّان ، إحساس الرسام ، إحساس العازف ، إحساس الشاعر ، إحساس المحلل التقني الناجح  الذي ، ما عوّل على عقله قيراطا ، حتى عوّل على حسّه مئة قيراط ، فكانت له الغلبة . وكان له النصر .
 إحساس يمكن اكتسابه ، ويمكن تطويره ، ويمكن صقله ، عبر التمرّن والتمرّن والتمرّن .
وهل المحلل التقني غير فنان يرى بعين قلبه ويستنيربنبض مشاعره ؟
وهل خطوط المقاومة محسوبة ؟ 
لا ، بل قل  محسوسة .
وهل خطوط الدفاع محسوبة ؟
لا ، بل قل  محسوسة .
الكلمة الاولى في تحديدها ، للعقل ؛ ولكنّ الكلمة الفصل تبقى ، للاحساس .
 
 
 
 

 

خطوط المقاومة وخطوط الدفاع ، وهما أم حقيقة ؟ا

خطوط المقاومة وخطوط الدفاع ، وهما أم حقيقة ؟

  . 11.05.2004

 
يخطئ من يعلّم ، ويخطئ من يعتقد ، ويخطئ من يتوهم ، ويخطئ من يبشر ان خطوط الدعم والمقاومة هي خطوط نفسية وهمية بحتة ، لا تحمل أية قيمة وضعية مادية علمية .
يخطئ من يعلّم إن ارتفاع السوق عند خط دعم هو نتيجة لوهم يتوهمه الناس بأن السوق سيرتفع فيقبلون على الشراء .
يخطئ من يبشر بأن تراجع السوق على خط مقاومة هو نتيجة ظن وتخمين من قبل الناس بان السوق سيتراجع فيقبلون على البيع .
إنّ الأمر لأعمق من الوهم ، والظن ، والاعتقاد ، والتخمين ، والتقدير .
إنّ الأمر لأبعد من مجرد الاقبال على الشراء ظنا من ان السوق سيرتد صعودا أو هبوطا أمام حاجز نفسي وهمي لا وجود له إلا في مخيلة المتعاملين .
إنّ الأمر لمرتكز يا أصدقائي على قاعدة تعامل استراتيجية تعوّد على اعتمادها ، وتعوّد على احترامها ، وتعوّد على قبولها ، وتعوّد على التسليم بصوابيتها كلّ – أو أكثر- المتعاملين الذين تصلهم ملاحظاتنا اليومية بالنسبة للتعامل الفعلي بالسوق .
إنّ كلّ ارتداد للسوق هبوطا أو صعودا إنما هو نتيجة مباشرة وحصرية ومنطقية ، لفعل حقيقي واقعي مادي عقلي ، يتمثل باصطدامه بحاجز ما أجبره على التراجع بالاتجاه المعاكس .
أن كل ارتداد للسوق ، في أيّة نقطة من نقاط الرسم البياني ، أنما كان سببه وجود خط مقاومة أو خط دعم متخفيا وراء معوّقات كثيرة ، تحجب رؤيته عن الكثيرين من المتعاملين ، بينما تظهرها جليّة واضحة لمتعاملين آخرين .
لا يمكن للسوق أن يرتدّ في اتجاه معاكس إلا إن هو اصطدم بقوة تجبره على الارتداد . وهذه القوة لا بد أن تكون واحدة من اثنين : قوة مقاومة لارتفاعه صعودا ، أو قوة دفاع لتراجعه هبوطا .
الحاجز الذي يحجب هذه القوة عن الأنظار ، هو ما يسعى الجميع إلى أزالته لتبدو القوة هذه بكل تفاصيلها ، بعدّتها وعديدها ، بكمّها ونوعها ، بقوّتها وضعفها .
إماطة الحجب هي إذن مهمة المحلل التقني . هي مهمة القادر. سمّه ما شئت . جنرالا ، أو رائدا ، أو عقيدا ، أو نقيبا ، أو قائد فرقة ، الى ما هنالك من تسميات تختلف بالشكل وتلتقي بالجوهلر .
إنّ من يظنّ بأنّ خطوط المقاومة هي فقط خطوط وهمية نفسية ، إنما هو كمن يبشر بأنّ العدوّ اندحر من بلد ما ، أو من أرض ما ، أو من منطقة ما ، فقط ، وفقط ظنا منه بأن مقاومة ما تقف له بالمرصاد . أو فقط ، وفقط وهما من رؤساء فيالقه ، ومن أفراد جيشه ،  بأن من سيتصدى سيكون خطيرا ، ومن سيقاوم سيكون عنيدا .
إنّ من يظنّ ذلك لهو كمن يقول بأنّ المقاومة  ….  كانت وهمية ، وأنّ فرار العدو كان خوفا من سراب ، وأنّ كلّ تلك التضحيات المبذولة لم تكن سوى نتاجا لمخيلة البعض وتمنياتهم .
لا يا أصدقائي .
لا وألف لا . لا يتراجع مهاجم إلا إن آلمته ضربة المتصدي ، ضربة المقاوم ، وأصابت منه مقتلا . فهل يعقل لقوة وهمية نفسية أن توجه ضربات قاتلة لعدو يقضم حقوقها حقا بعد حق ؟
قد يحصل ان يخترق المحتلّ خط دفاع أولا ، وثانيا ، وعاشرا ؛ ولكنّ خطا ما ، ذا رقم ما ، وذا قوة ما ، وذا ثقل ما ، لا بدّ أن يلقنه الدرس .
هذا الخط ليس وهما أو خيالا . هو حقيقة تتمثل برجال أشداء على العدو في ساحة الوغى ، وتتمثل بقوة عرض أو قوة طلب في ساحة تجارتنا هذه .
أنّ كل متر ، بل قل ، كلّ فتر من افتار الارض التي تقضم هو خط مقاومة ، أنّ خطا واحدا من هذه الخطوط سينجح في وقف التقدم . مهمتنا أن نحدّد وجوده قبل أن تبلغه طلائع الزاحفين ، وان ننزل نحن ايضا في معركة التصدي ، وان نساهم في وقف تقدم السوق  . مهمتنا هذه ليست بالمستحيلة ، لأنّ الخط الذي نبحث عنه ليس خطا وهميا نفسيا بحت . هو خط موجود تتخفى وراءه قوة هائلة من المستبسلين الجاهزين لوقف تقدم غير مرغوب فيه .
ولكن ، كيف ؟ أنا أسمع آلافا من الألسنة تتمتم بهذا السؤال . أحسّ بآلاف من الأفئدة تنبض بهذه المشاعر المحتارة . ولكن كيف ؟ هل انّ ذلك ممكن؟
نعم ، إنّ ذلك لممكن . إنّ الحرب لضروس . إن الغلبة فيها لا تكون بالتمني . 
  

التحليل التقني وسيلة تعامل المستقبل المثلى

التحليل التقني وسيلة تعامل المستقبل المثلى . 27.03.04
 
التحليل التقني ليس اذن هدفا ، بل وسيلة موصلة لهدف . الهدف هو الربح ، التحليل التقني الوسيلة .
الهدف يتحقق ، ان وفق المتعامل في تحديد اللحظة المناسبة لدخوله السوق ، كما في تحديده اللحظة المثالية لخروجه منه . هذه هي قوة التحليل التقني وميزته .
اكتساب هذا العلم لا بد ان يتمّ على مراحل . تبدأ الاولى بالتعرف عليه كمبادئ اساسية عن طريق الاطلاع والتعلّم ، وتتلوها مراحل أخرى لا بدّ فيها من تطبيق المعلومات على السوق من خلال دراسة دقيقة للرسم البياني ، ونقل الدراسة الى صفقات حية ، سواء على برنامج تعامل وهميّ تجريبيّ ، أو على برنامج تعامل حقيقيّ حي ّ .
ان التعرّف على هذا العلم – خاصة باللغة العربية – لا يمكن ان يتمّ عن طريق مناهج أكاديمية تعليمية منتظمة في إطار تعليميّ رسميّ واضح . لذلك لا بد من اللجوء الى المقالات الصادرة في وسائل إعلامية مختلفة ، أو المشاركة في دورات تدريبية تحصل بين الحين والحين عبر الانترنت أو في أماكن مختلفة من الوطن العربي .
 وهنا لا بد من توضيح أمر لكل من شاء الدخول الى هذا العالم : إنه لمن الطبيعي ، ولا بدّ أن يكون واضحا : إن دراسة كتاب ، أو المشاركة في دورة لا يمكن أن يكون عاملا كافيا لتحقيق نجاح في عالم البورصة . إن نحن درسنا مبادئ التعامل بموجب خطوط الدفاع والمقاومة مثلا ، وحدّدنا ماهية هذه الخطوط ، وسبل التعرف عليها ، فلا يمكن أن تكون هذه الخطوة وحدها كافية لتحقيق النجاح ، وإلا فان كلّ من شارك في دورة بدائية مماثلة ، أو قرأ كتابا مشابها ، كان له أن يمتلك السرّ ويحقق الربح . ولو كان ذلك صحيحا أيضا لتمكن كل من تعرّف الى هذه الخطوط ان يكون على حق ، ولكان الجميع على حق ، ولتمكن الجميع من تحقيق الربح ، وهذا هو المستحيل الأكبر في عالم البورصة ، إذ لا بد من أن يقف مقابل كلّ رابح يطرب لربحه ، خاسرا يتحسّر على خسارته .
نعم ، لا بدّ أن يكون في البورصة  متعاملين ناجحين ، وآخرين أقلّ نجاحا ، وغيرهم فاشلين ، وآخرين شديدي الفشل  ، فتستقيم الامور ، وتسير عجلة التعامل ، كما قًدّر لها أن تسير .
وليتمّ هذا ، وتستقيم أمور العمل ، لا بدّ من التعرّف على التحليل التقنيّ كمرحلة أولية  تتلوها مراحل أخرى ، تفوقها في الأهمية ، وتتقدم عليها في الفضل  .
الكتاب يعرّفنا على العدة التي يجب ان نستعملها في عملية التحليل التقني ، كما يطلعنا على قواعد اللعبة المعتمدة لنكون على بيّنة من امرنا . الكتاب موضوعي في ما يقدم ، يثير الإعجاب كوسيلة تعريف وشرح ، ولكنّ تلك المساحة من الحرية اللازمة في مجال التطبيق ، فهو يتجاهلها ويبقى بعيدا عنها .
على سبيل المثال ، يقول لنا الكتاب ، أو يقول لنا الشارح في الدورة : إن وصل المؤشر المعتمد  في التحليل الى حدود الحقل العلويّ فالسوق متخم شراء . ويتوقف الكتاب عند هذا التحديد . وهنا تختلف الآراء ، ففي حين يرى الواحد من المحللين المذكورين ، بناء على هذه المعطيات ، ان السوق  متخم شراء ، ولا بد أن يعرف ارتدادا تنازليا بترند معاكس للذي دفعه إلى الأعلى ، ويسارع إلى اقفال مراكزه أو يفتح إخرى معاكسة ؛ يرى متعامل آخر أن هذه المعطيات التي يعطيها المؤشر المذكور لن تصحّ هذه المرة ، لكون الترند شديد النبض ، خفيف الحركة ، بحيث يصعب عليه الارتداد ، ولا بد من أن يتابع مسيرته التصاعدية ؛ فيحافظ على مراكز الشراء التي يحملها ، أو يفتح مراكز إضافية أيضا .
المحللان قرأا نفس النظرية في الكتاب المشهور، واطلعا على نفس التحديد للمؤشر المذكور ، وتعرفا على نفس الشرح للمبدأ المطروح ، واستوعبا نفس المعلومات ، وأعجبا بنفس المبادئ ، وكوّنا نفس القناعات .  ولكن ، ما ان جاء وقت التطبيق حتى تحول شرح الكتاب ، واستحالت المعرفة المكتسبة ، ترجمة شعورية نفسية داخلية ، عبّر عنها الواحد بما يتناسب مع أمانته لما درس من فصول في كتاب ، أو مع رغبته في جني ما تيسر من مال ، فسعى الى اقفال صفقاته وفتح أخرى معاكسة . وعبّر عنها الآخر بما يتناسب مع ما يجول في نفسه  ويجيش في قلبه ، من مشاعر طمع بآلاف أخرى ، واحاسيس رغبة بربح إضافي ، فسعى إلى المحافظة على صفقاته ، وربما الى دعمها بصفقات اخرى .
المحللان اعتمدا نفس المرجع إذن ، ولكنهما وصلا الى نتيجتين مختلفتين ، فربح واحدهما ، وخسر الآخر .
فهل التحليل التقني هو اذن تحليل موضوعيّ علميّ ، أم تراه تحليل شخصيّ شعوريّ ؟  وما العمل ليجوز التعويل عليه ؟
هذا ما سنتناوله في بحثنا القادم إن شاء الله وأذن .
 
 

بورصة انفو: الموقع الرائد لأخبار الذهب ، العملات ، البورصات. مع تحليلات