خطوط المقاومة وخطوط الدفاع ، وهما أم حقيقة ؟ا

خطوط المقاومة وخطوط الدفاع ، وهما أم حقيقة ؟

  . 11.05.2004

 
يخطئ من يعلّم ، ويخطئ من يعتقد ، ويخطئ من يتوهم ، ويخطئ من يبشر ان خطوط الدعم والمقاومة هي خطوط نفسية وهمية بحتة ، لا تحمل أية قيمة وضعية مادية علمية .
يخطئ من يعلّم إن ارتفاع السوق عند خط دعم هو نتيجة لوهم يتوهمه الناس بأن السوق سيرتفع فيقبلون على الشراء .
يخطئ من يبشر بأن تراجع السوق على خط مقاومة هو نتيجة ظن وتخمين من قبل الناس بان السوق سيتراجع فيقبلون على البيع .
إنّ الأمر لأعمق من الوهم ، والظن ، والاعتقاد ، والتخمين ، والتقدير .
إنّ الأمر لأبعد من مجرد الاقبال على الشراء ظنا من ان السوق سيرتد صعودا أو هبوطا أمام حاجز نفسي وهمي لا وجود له إلا في مخيلة المتعاملين .
إنّ الأمر لمرتكز يا أصدقائي على قاعدة تعامل استراتيجية تعوّد على اعتمادها ، وتعوّد على احترامها ، وتعوّد على قبولها ، وتعوّد على التسليم بصوابيتها كلّ – أو أكثر- المتعاملين الذين تصلهم ملاحظاتنا اليومية بالنسبة للتعامل الفعلي بالسوق .
إنّ كلّ ارتداد للسوق هبوطا أو صعودا إنما هو نتيجة مباشرة وحصرية ومنطقية ، لفعل حقيقي واقعي مادي عقلي ، يتمثل باصطدامه بحاجز ما أجبره على التراجع بالاتجاه المعاكس .
أن كل ارتداد للسوق ، في أيّة نقطة من نقاط الرسم البياني ، أنما كان سببه وجود خط مقاومة أو خط دعم متخفيا وراء معوّقات كثيرة ، تحجب رؤيته عن الكثيرين من المتعاملين ، بينما تظهرها جليّة واضحة لمتعاملين آخرين .
لا يمكن للسوق أن يرتدّ في اتجاه معاكس إلا إن هو اصطدم بقوة تجبره على الارتداد . وهذه القوة لا بد أن تكون واحدة من اثنين : قوة مقاومة لارتفاعه صعودا ، أو قوة دفاع لتراجعه هبوطا .
الحاجز الذي يحجب هذه القوة عن الأنظار ، هو ما يسعى الجميع إلى أزالته لتبدو القوة هذه بكل تفاصيلها ، بعدّتها وعديدها ، بكمّها ونوعها ، بقوّتها وضعفها .
إماطة الحجب هي إذن مهمة المحلل التقني . هي مهمة القادر. سمّه ما شئت . جنرالا ، أو رائدا ، أو عقيدا ، أو نقيبا ، أو قائد فرقة ، الى ما هنالك من تسميات تختلف بالشكل وتلتقي بالجوهلر .
إنّ من يظنّ بأنّ خطوط المقاومة هي فقط خطوط وهمية نفسية ، إنما هو كمن يبشر بأنّ العدوّ اندحر من بلد ما ، أو من أرض ما ، أو من منطقة ما ، فقط ، وفقط ظنا منه بأن مقاومة ما تقف له بالمرصاد . أو فقط ، وفقط وهما من رؤساء فيالقه ، ومن أفراد جيشه ،  بأن من سيتصدى سيكون خطيرا ، ومن سيقاوم سيكون عنيدا .
إنّ من يظنّ ذلك لهو كمن يقول بأنّ المقاومة  ….  كانت وهمية ، وأنّ فرار العدو كان خوفا من سراب ، وأنّ كلّ تلك التضحيات المبذولة لم تكن سوى نتاجا لمخيلة البعض وتمنياتهم .
لا يا أصدقائي .
لا وألف لا . لا يتراجع مهاجم إلا إن آلمته ضربة المتصدي ، ضربة المقاوم ، وأصابت منه مقتلا . فهل يعقل لقوة وهمية نفسية أن توجه ضربات قاتلة لعدو يقضم حقوقها حقا بعد حق ؟
قد يحصل ان يخترق المحتلّ خط دفاع أولا ، وثانيا ، وعاشرا ؛ ولكنّ خطا ما ، ذا رقم ما ، وذا قوة ما ، وذا ثقل ما ، لا بدّ أن يلقنه الدرس .
هذا الخط ليس وهما أو خيالا . هو حقيقة تتمثل برجال أشداء على العدو في ساحة الوغى ، وتتمثل بقوة عرض أو قوة طلب في ساحة تجارتنا هذه .
أنّ كل متر ، بل قل ، كلّ فتر من افتار الارض التي تقضم هو خط مقاومة ، أنّ خطا واحدا من هذه الخطوط سينجح في وقف التقدم . مهمتنا أن نحدّد وجوده قبل أن تبلغه طلائع الزاحفين ، وان ننزل نحن ايضا في معركة التصدي ، وان نساهم في وقف تقدم السوق  . مهمتنا هذه ليست بالمستحيلة ، لأنّ الخط الذي نبحث عنه ليس خطا وهميا نفسيا بحت . هو خط موجود تتخفى وراءه قوة هائلة من المستبسلين الجاهزين لوقف تقدم غير مرغوب فيه .
ولكن ، كيف ؟ أنا أسمع آلافا من الألسنة تتمتم بهذا السؤال . أحسّ بآلاف من الأفئدة تنبض بهذه المشاعر المحتارة . ولكن كيف ؟ هل انّ ذلك ممكن؟
نعم ، إنّ ذلك لممكن . إنّ الحرب لضروس . إن الغلبة فيها لا تكون بالتمني .