اليورو / الاسترليني: العملتان في انتظار مآلات المفاوضات.

جزم بريطاني بان رحيل اثنين من مهندسي بركسيت لن يبدلا شيئا..

أشارت حكومة المملكة المتحدة إلى أن الرحيل المفاجئ لاثنين من مهندسي بريكست من داونينج ستريت لن يدفعها إلى التراجع مع دخول المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي أسبوعًا حاسمًا آخر.
قال مسؤولون من الجانبين يوم امس  الأحد ، إن الأيام المقبلة ستكون حاسمة بالنسبة لمجرى المفاوضات، حيث سيحاول كل منهم تجاوز العقبات الرئيسية أمام التوصل إلى اتفاق تجاري. هذا يجري في حين أن المستثمرين يترقبون هذه الاجواء وما سترتبه من انعكاسات، مع اقتراب خروج بريطانيا من السوق الموحدة في 31 ديسمبر.
ولكن نظرًا لأن كلا الطرفين يحتاجان إلى وقت للتصديق على الاتفاق وتنفيذه ، يجب أن يتوصلا إلى اتفاق قبل عدة أسابيع من ذلك التاريخ. وفي حال بلوغ الامور حتمية الخروج بدون صفقة ، سيواجه ملايين المستهلكين عودة التعريفات الجمركية وما ترتبه من مستجدات في ارتفاع الاسعار  لأول مرة منذ جيل.

أدى رحيل المسؤولين إلى الاعتقاد باقتراب مرحلة التراجع في الموقف البريطاني ، ولكن بسرعة فائقة  تم نفي هذا الامر من قِبَل كبير المفاوضين. حذر ديفيد فروست من أنه لن يكون هناك تغيير في الموقف البريطاني الذي يجب أن يحترم سيادة قوانينها وتجارتها ومياهها الإقليمية. نقطتا الحجب المتبقيتان هما صيد الأسماك والإعانات التي تمنحها الدولة للشركات لاحترام قوانين عدم المنافسة.
حتى الآن لا يعطي أي من الجانبين الانطباع بالرغبة في تقديم تنازلات.

تقنيا الصورة هي بين الدعم القوي والميل الهابط..

ضعف اليورو مقابل الجنيه الاسترليني منذ منتصف سبتمبر وتصدره ميل هبوطي يغطي الارتدادات.
تتحرك الأسعار أدنى المتوسطات المتحركة لـ 10 و 35 يومًا والتي تتجه نحو الانخفاض. طالما بقينا تحت هذه المقاومة الهبوطية ، فإن التحيز على المدى القصير يكون سالبًا.

ومع ذلك ، فإن الزوج مدعوم بدعم قوي عند 0.8865 والذي احتوى الأسعار 4 مرات في يونيو مرتين ، وسبتمبر ونوفمبر. أشارت الصورة المتكونة في  11 نوفمبر إلى وجود نجمة صباحية على اتصال مع الدعم، مما يعطي إشارة انعكاس صعودية، ولكن لم يتم تأكيدها بعد. لذلك وجبت مراقبة اختراق المقاومة التراجعية أو الدعم لتحديد الحركة التالية من حيث الحجم.

ترمب والعجز التجاري

انتهت رئاسة ترمب، على الأقل هذا ما يبدو ظاهراً حتى هذه اللحظة، إلا إذا حصلت المعجزة وتمكن ترمب من التوصل إلى حل قانوني يشكك في نزاهة الانتخابات، وهو أمر غير محتمل بناء على المعطيات الحالية. ترمب لم يرشح لفترة ثانية، آخر مرة حصل فيها ذلك كان في عهد بوش الأب، الذي خسر أمام المرشح الديمقراطي بيل كلينتون. امتلأت حملة ترمب الانتخابية بوعود على مستويات عدة، سياسية وأمنية وتجارية واقتصادية. ولما جاء وقت الحساب، وجد الناخب الأميركي أن كثيراً من هذه الوعود لم ينفذ، بل على العكس فقد ساء الوضع في بعضها.

أول وعود ترمب كان الملف الأول الذي ابتدأ به، وهو العجز التجاري بين الصين وأميركا. فترمب كان على قناعة أن الصين «تغتصب» الاقتصاد الأميركي على حد تعبيره. وكثرت المفردات الشبيهة في خطاباته، فهي تستغل الولايات المتحدة، وتسرقها، وتستفيد من طلب مستهلكيها. وحين تسلم ترمب كرسي الرئاسة، كان العجز في التبادل التجاري بين البلدين 347 مليار دولار، وفي نهاية 2019. كان هذا العجز قد وصل إلى 345 مليار دولار، أي أنه نقص ملياري دولار فحسب! هذه هي القصة القصيرة للعجز التجاري بين البلدين. والذي من أجله أقيمت حرب اقتصادية شرسة احتوت على تصاريح نارية ومفاوضات طويلة. والمثير بالأمر أن ترمب طالب ناخبيه قبل تسلمه كرسي الرئاسة أن يقيّموه بناء على هذا الرقم عند نهاية فترته الرئاسية. ولكن الأمر لا يتوقف على الفارق بين هذين الرقمين، فالعجز في 2018 وصل إلى 418 ملياراً قبل أن ينخفض في العام الذي يليه 74 ملياراً أي بنسبة 18 في المائة. ذلك أن معظم فترة ترمب كانت في مفاوضات وأخذ ورد بينه وبين الصينيين، الذين حرصوا كل الحرص على أن تطول فترة المفاوضات بينهم وبين الولايات المتحدة، بأمل ألا يتحصل ترمب على فترة رئاسية ثانية، وكان لهم ما أرادوا.

وكان من المتوقع لو تحصّل ترمب على فترة رئاسية ثانية أن يستمر هذا العجز بالانخفاض ليصل إلى 21 في المائة في منتصف 2020. ولكن الجائحة حدثت وكان لحيثياتها تأثير جوهري في خطط ترمب. وترمب نفسه أدرك في وقت ما أن ملف الحرب الاقتصادية مع الصين ليس في مصلحته، فتوقف عن الحديث عن الصين وعن التبادل التجاري معها، وكأنه لا يريد للإعلام أن يستكشف هذا الملف ويثيره، ولم يعد يذكر الصين في الأشهر الأخيرة إلا بالتسبب بالجائحة. هذه الجائحة تمكنت وبكل نجاح من نسف غالبية المكتسبات الاقتصادية التي حققها ترمب، وأول هذه المكتسبات هي معدل البطالة التي وصلت أثناء الجائحة إلى 14 في المائة بعد أن وصلت إلى مستوى منخفض لم تصله منذ خمسين عاماً، لتستقر الآن على 8 في المائة. ولم يستطع ترمب استغلال هذه الورقة بسبب الجائحة وما فعلته.

انتقد ترمب أثناء حملته الانتخابية الرئيس السابق أوباما بسبب العجز ميزانية البلد، ولكن في آخر سنة له، تعدى العجز في ميزانية بلده التريليون دولار، أي ما يوازي 5 في المائة من الناتج القومي الأميركي. وهو أعلى حد بلغه العجز منذ فترة أوباما في سنوات ما بعد الأزمة المالية. أما من ناحية الدين العام على أميركا، فقد وعد ترمب قبل رئاسته بنسف هذه الديون، والتي كانت 10 تريليونات في عهد بوش الابن، وارتفعت إلى 20 تريليوناً في فترتي أوباما، ووصلت في 2019 إلى 26 تريليوناً، أي 79 في المائة من الناتج القومي الأميركي، وليس للجائحة علاقة بارتفاع الدين العام إلى 26 ترليوناً، فهذا الرقم كان قبل الجائحة. أما بعدها، فيتوقع أن يصل الدين العام في نهاية 2020 إلى 98 في المائة. وعن النمو الاقتصادي، فبلغ معدل النمو السنوي للاقتصاد 2.5 في المائة لترمب، بينما كان هذا الرقم 2.1 و2.3 في المائة في عهدي بوش الابن وأوباما. أي أن الفارق في النمو لم يكن كبيراً، مع ذكر أن الاقتصاد كان أكثر صعوبة في عهد أوباما منه في حقبة ترمب.

راهن ترمب على الاقتصاد قبل تسلمه الرئاسة، وعمل طيلة فترته الرئاسية لرفع الاقتصاد الأميركي، نجح في بعض من خططه، وفشل في بعضها الآخر ولم تتغير الخريطة التجارية لأميركا كثيراً في فترته. وجل ما نجح فيه مسحته الجائحة بشكل شبه تام. ولم تشفع له إدارته الداخلية للبلاد بترشيحه رئيساً لفترة ثانية، فلم يتعامل مع انتشار الفيروس بشكل جدي في البداية، مما أدى إلى تفشيه بشكل مروّع، ولم يستطع امتصاص غضب المتظاهرين في حادثة مقتل «فلويد». والعالم اليوم يتطلع للرئيس الجديد «بايدن»، لا سيما الشركاء الاقتصاديون أمثال الصين وكندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي، والذين عانوا طيلة السنوات الأخيرة من ضغوطات ترمب عليهم. ولكن من السذاجة الظن أن «بايدن» سيتخلى عن سياسة ترمب التجارية بهذه البساطة، لا سيما أن ترمب تجاوز مراحل المفاوضات بهذه السياسات إلى المراحل الأولى من التطبيق، وسيكون من المثير للاهتمام مرأى «بايدن»، وهو يستمر بهذه السياسة.

د.عبدالله الردادي

سراب الطفرة الاقتصادية القياسية في أميركا

يحق لأي اقتصاد ينمو بمعدل 33 في المائة أن يزعم بكل ثقة أنه يحلق بطائرة نفاثة. فعندما يتعلق الأمر بالاقتصاد الأميركي، فإنك تتحدث عن قوة طاغية قوامها 20 تريليون دولار هي الأكبر في العالم. كما أن «مكتب التحليل الاقتصادي» الأميركي أعلن أن الاقتصاد الأميركي في الربع الثالث من العام كان الأكثر تفجراً منذ الحرب العالمية الثانية على الأقل.
هي أخبار سارة للعمال وللعائلات الذين يكافحون للتنقل في ظل انتشار «كورونا»، وكذلك لمجتمع الأعمال. يعطي هذا الخبر فرصة للرئيس ترمب للترويج لأخبار اقتصادية رائعة وإعلان مسؤوليته عن توجيه كل شيء لهذا المسار السعيد.
في الواقع، أطلقت حملة ترمب بالفعل إعلانات توقعت إطلاق «مكتب التحليل الاقتصادي» لعبارة على شاكلة «أعلى ناتج محلي إجمالي في التاريخ الأميركي» و«بفضل الرئيس ترمب الاقتصاد الأميركي في تحسن»، ليصبحا شعارات الحملة الانتخابية لترمب.
لكن كل هذا ليس سوى مبالغات جامحة حتى بالنسبة لترمب وحتى بمعايير المبالغة في الحملة والسبب هو، أولاً، لم ينمُ الاقتصاد فعلياً بنسبة 33 %. فكما أوضح زميلنا الكاتب في «بلومبرغ» أوستن فوكس، فإن نمو الناتج المحلي الإجمالي الرئيسي هو معدل سنوي – ما يعني أن الناتج المحلي الإجمالي نما بنحو ربع المبلغ المعلن في الربع الثالث، أي بواقع أقرب إلى 7.4 %. لكن هذا الرقم يأتي عقب أكبر انخفاض على الإطلاق، بنسبة تتخطى 10 % في النصف الأول من العام الجاري. لذا، حتى بعد الربع الثالث المشجع، لا يزال الناتج المحلي الإجمالي منخفضاً بنسبة 3.6 % منذ أن بدأ الوباء في التفشى، وهو ما يمثل واحداً من أشد الانكماشات بعد الحرب.
لكن ما السبب وراء الأرقام المرتفعة مؤخراً؟ الإجابة هي أنه كان هناك بعض حسن الحظ والكثير من المساعدة من دافعي الضرائب والحكومة الفيدرالية.
فقد اجتمع الكونغرس والاحتياطي الفيدرالي معاً في مارس (آذار) لتصميم خطة إنقاذ بقيمة 7 تريليونات دولار أبقت ملايين العمال على كشوف المرتبات خلال فصل الصيف، والعديد من الأميركيين العاطلين عن العمل تم إسكانهم وإطعامهم. كما أنه سمح للأسواق المالية بالاستمرار في العمل بسلاسة. كذلك خفف «كوفيد – 19» هجومه قليلاً في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول)، ما قد يمنح المستهلكين مزيداً من الشجاعة للمغامرة.
ومع ذلك، فإن تلك الرياح الخلفية تتلاشى، إذ التزم رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، فعل كل ما هو ممكن لدعم الاقتصاد، لكن بنك الاحتياطي الفيدرالي لا يمكنه فعل الكثير، ولهذا السبب حث باول الكونغرس على تقديم مزيد من المساعدات الفيدرالية. وبدلاً من الرد على هذه المكالمة، فقد تردد الكونغرس لأسابيع حول حجم خطة الإنقاذ المقبلة، حيث رفض الجمهوريون وضع حزمة إغاثة كبيرة على الطاولة.
في غضون ذلك، أعاد كورونا تأكيد نفسه في جميع أنحاء البلاد، مهدداً الحياة والأسر والاقتصاد والوظائف مرة أخرى. كل هذا يشير إلى المزيد من الانكماش الاقتصادي، وفي الواقع، الاقتصاد يسير في تباطؤ فعلي. يتمثل أحد عيوب حسابات الناتج المحلي الإجمالي في أنها تقاس كل ثلاثة أشهر ويتم الإبلاغ عنها بفارق شهر تقريباً، لذا فهي لا تقدم التقييم الأكثر دقة من ناحية الوقت. طريقة واحدة للتغلب على ذلك هي النظر إلى المقاييس الاقتصادية التي يتم تجميعها بشكل متكرر، وكثير منها يظهر الاقتصاد الذي تباطأ بشكل ملحوظ خلال الربع الثالث.
تحكي البيانات الشهرية الأخرى قصة مماثلة، فقد انتعش مؤشر «ونفرنس بورد» للمؤشرات الاقتصادية الرئيسية بشكل حاد في مايو (أيار) ويونيو (حزيران)، لكنه نما ببطء أكثر كل شهر منذ ذلك الحين.
دعونا لا ننسى الوظائف، فبعد أن أضاف الاقتصاد 7.5 مليون وظيفة جديدة في مايو ويونيو، تباطأت وتيرة نمو الوظائف في كل شهر لاحق. إذا كان الاقتصاد سيعتمد على الوظائف التي تم استحداثها بمعدل سبتمبر، فسيتعين عليه الانتظار 16 شهراً أخرى لاستعادة جميع الوظائف التي فقدناها جراء الوباء.
توترت سوق الأسهم الأميركية أيضاً مؤخراً، حيث تراجعت بنسبة 6 % الأسبوع الماضي، ما قد يشير إلى أن فيروساً متجدداً ونقص المساعدة الفيدرالية قد يلحقان الضرر بأرباح الشركات التي صمدت بشكل مفاجئ حتى الآن.
يعلم ترمب شأن أي شخص أن الاقتصاد لا يزال يتأذى، على الرغم من صخبه بشأن العودة. لهذا السبب يطالب الكونغرس بإنفاق أكثر من 2.4 تريليون دولار التي يقترحها الديمقراطيون. إنه اعتراف ليس فقط بأن الاقتصاد هش، لكن أيضاً بأن للبيت الأبيض تأثيراً أقل عليه مما يعتقد كثير من الناس.
أدى هذا الوعي إلى تنشيط مفاوضات وزير الخزانة، ستيفن منوشين، مع رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، لكن الجمهوريين في مجلس الشيوخ يفتقرون إلى نفس الشعور بالإلحاح. وبعد أن حصلت إيمي كوني باريت على مقعد في المحكمة العليا، أجل زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، انعقاد مجلس الشيوخ حتى 9 نوفمبر (تشرين الثاني) بدون تصويت على إغاثة «كوفيد – 19».
على أي حال، دعونا نحتفل بربع عام رائع ثم نعود إلى منح الاقتصاد الأميركي الدعم الذي يحتاجه.

نير كايسار

ما مصير الودائع بعد شباط 2021؟

رسمَ حاكم مصرف لبنان في حديثه الأخير خريطة طريق للمصارف للأشهر الاربعة المقبلة، على أن يتحدّد في نهايتها مصير المصارف اللبنانية. فهل من خطر على الودائع؟ وهل يستطيع المركزي تنفيذ تهديداته اذا ما تبيّن انّ عدد المصارف العاجزة عن تلبية الشروط لا يُستهان به؟

دعا حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في تصريحه أمام جمعية المودِعين اللبنانيين، المصارف الى تطبيق تعاميم المصرف المركزي بدقة، فطالَبهم بإعادة تكوين التزاماتهم، وزيادة رساميلهم بنسبة 20 %، وإعادة الاموال المحوّلة بنسبة 15 الى 30 %، واعادة تكوين نسبة 3 % في حساباتهم لدى المصارف المراسلة، على أن يستحوذ مصرف لبنان على المصارف التي تفشل في تطبيق هذه الخطوات.

لا شك في انّ التزام هذه البنود ليس بالمهمة السهلة في ظل الانهيار الاقتصادي والمالي الذي يمر به لبنان، فمَن أخرجَ أمواله من المصارف لن يعيدها البتة، ولن يُقدم أي مستثمر على الاستثمار مجدداً في القطاع بعدما اهتَزّت سمعته. يبقى انّ الشرط الاصعب هو تأمين 3 % في حساباتهم لدى البنوك المراسلة. وفي انتظار الغربلة المتوقعة للقطاع، والتي ستتضِح معالمها في شهر شباط المقبل، لعلّ ما يهمّ المواطن اليوم هو مصير الودائع.

في السياق، أوضح الرئيس الاسبق للجنة الرقابة على المصارف ​سمير حمود:​ «عندما يصرّح المصرف المركزي انه في حال لم تتمكن المصارف من التزام الإجراءات المطلوبة منها حتى شهر شباط المقبل فإنه سيَضع يده على المصارف التي تفشل، إنما يهدف بذلك الى وضع يده على أسهم أصحاب المصارف حماية للودائع، وهو بذلك يحلّ مكان جمعية المساهمين في اختيار مجلس الإدارة وفي وضع يده على الأسهم بصورة مباشرة او غير مباشرة ولو بشكل دائم او مؤقت، وذلك بغرض حماية الودائع. وطمأنَ حمود الى أن لا خوف من قدرة المركزي على حماية الودائع لأنّ الالتزامات اليوم، ولو كانت بالدولار، إنما هي بالدولار المحلي أي بالليرة اللبنانية، والتزام المصرف المركزي بتأمين بالليرة اللبنانية لا يشكّل له أي عبء.

وأكّد حمود انّ المصارف اللبنانية ملتزمة بالمؤونات المطلوبة منها وفقاً للمعايير المحاسبية الدولية. وبالتالي، اذا رغب المساهمون إرادياً او لاإرادياً بعدم زيادة رساميلهم واموالهم الخاصة ورفضوا تحويل اموال المودعين الى أسهم، في هذه الحال ولدى وَضع اليد على أسهم اي بنك او على ملكيته تكون موجوداته في المصرف المركزي وموجوداته التي سبق ان سلّفها مُغطّاة بالالتزامات المتوجبة عليه بالودائع. وعليه، فإنّ موجودات كل المصارف، باستثناء عدد قليل لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، تغطي المطلوبات، لكنّ هذا الواقع لم يعد كافياً اليوم.

واعتبر حمود انّ وضع يد المركزي على مصرف متعثّر بات أسهل اليوم، إذ انه في السابق، أي قبل الأزمة المالية، في حالة التعثّر كان المودع يهرّب دولاراته الى الخارج، أمّا اليوم فهو ينقل أمواله من مصرف الى آخر، أي تبقى وديعته في المصارف اللبنانية ولا يتغير عليه شيء سوى ملكية المصرف. وأوضح انه طالما انّ الرسملة بالليرة اللبنانية فإنه من السهل على المصرف المركزي ان يؤمّنها لتغطية حاجات المودعين.

ورداً على سؤال، أوضح حمود انه حتى تتمكّن المصارف من تغطية الأموال المطلوبة منها وفقاً للمعايير المحاسبية، عليها زيادة أموالها الخاصة، والمصرف الذي لا يتمكن من زيادة رأسماله لن يسمح له المركزي بالاستمرار. وبالتالي، سيضطر الى وضع يده عليه وتغطية الأموال الخاصة المطلوبة بهدف استمرارية عمله. وفي حال طاوَلَ التعثر ثلاثة أو أربعة مصارف، يمكن للمصرف المركزي عندها ان يدمجها بعد ان يستحوذ عليها. ففي ظل الأوضاع الراهنة لن يُقدم أي مصرف على خطوة مماثلة من تلقاء نفسه إذ إنه لا مصلحة لأيّ بنك اليوم ان يندمج مع مصرف آخر، لأنّ هذه الخطوة ستزيد التزاماته بالودائع تجاه المودعين، بما يعني انه سيزيد الضغط عليه لناحية تلبية الطلب على سحب الودائع، لا سيما الودائع بالدولار. إنطلاقاً من ذلك، اعتبر حمود انه من الضروري ان يستمر المركزي في الخطة التي وضعها للمصارف، وان يتمكن من تحقيق الأهداف المرجوة منها، مع العلم انّ المصارف لن تكون راضية عن الشروط التي وضعها المركزي. لذا، توقّع حمود ان يفتح المصرف المركزي في المرحلة المقبلة باباً يسمح خلاله باسترجاع الأسهم لِمَن يريد.

مصير الودائع

وعن مصير الودائع في حال وضع المركزي يده على أي مصرف، قال: انّ قول المصرف المركزي انه سيستحوذ على المصرف الذي لا يلتزم بالشروط التي يضعها يجب ان يُطمئن المودع، فلو كان في نيّة المركزي ان يضرّ بالمودعين كان اتجه نحو القانون 2 / 67 أي الإفلاس، بحيث تتعاطى محكمة الإفلاس مع المصرف المتعثّر، وفي هذه الحال تصبح أموال المودعين معرّضة للهلاك، إنما ما يحاول المركزي فعله اليوم هو الابتعاد قدر الإمكان عن قانون الافلاس، وتحويل ملف المصارف المتعثرة نحو الهيئة المصرفية العليا، أي الدفع باتجاه الدمج او التصفية الذاتية، بحيث يستحوذ مصرف لبنان على الموجودات ويصفّيها.

ايفا ابي حيدر.