غول يطل برأسه على الأسواق، فيرسل إشارات الخوف من مستقبل يكتنفه الغموض، مع أسعار تحلق في عنان السماء للحاجات الأساسية لمقتضيات الحياة، لمليارات البشر حول العالم.
قد يبدو الأمر للكثيرين مجرد معطيات اقتصادية صماء لمصطلح لا يفقه الكثيرون ما هيته، ولكن على أرض الواقع، فإن التضخم جائحة تعادل في مأسوياتها جائحة كورونا.
فالارتفاع الجنوني لأسعار السلع الأولية والتي صاحبها قفزة في تضخم أسعار الغذاء باتت هي المشهد الأبرز في الصورة الأكبر لاقتصاد عالمي يتحسس طريقه نحو التعافي من تبعات الجائحة.
وعودة بالذاكرة نحو الوراء، وبالتحديد إبان الحرب العالمية الثانية، حينما تضخمت الأسعار على نحو مفاجئ ، فقد ملايين البشر ثرواتهم وأصبحت نقودهم بلا فائدة في واحدة من أسوأ موجات ارتفاع الأسعار بالتاريخ.
التضخم على اختلاف أنواعه يصاحبه موجة من الغلاء تنخفض فيها قيمة النقود، مما يسبب اضطرابًا في المعاملات بين الدائنين والمدينين، وبين البائعين والمشترين، وبين المنتجين والمستهلكين، وتشيع الفوضى داخل الاقتصاد المحلي.
ربما النوع الأكثر شيوعا للتضخم بالوقت الحالي هو الركود التضخمي غير المدفوع بآليات العرض والطلب المعتادة.
تقرير حديث صادر عن الفاو يشير إلى ارتفاع أسعار الغذاء العالمية لأعلى مستوياتها في 10 سنوات، ما يعني مزيد من المعاناة للفقراء في عالم يزاد في الثري ثروة ويزاد فيه الفقير فقرا.
بالنسبة إلى الاقتصاديين، قد يبدو ارتفاع الأسعار مسألة اقتصادية بحتة لا يشعرون بآثارها الفعلية، ولكن للفقراء، فإنها معركة وجود في مواجة غول يتوحش.