استقبلت السلطات في أنحاء العالم بانزعاج يوم الجمعة تقارير ظهور سلالة جديدة من فيروس كورونا في جنوب أفريقيا، وكان الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بين من شددوا القيود على الحدود في الوقت الذي يحاول فيه العلماء معرفة ما إذا كان المتحور الجديد مقاوما للقاحات.
وبعد ساعات من فرض بريطانيا حظرا على الرحلات من جنوب أفريقيا وجيرانها، ومطالبة المسافرين العائدين من هذه الدول بدخول الحجر الصحي، حذرت منظمة الصحة العالمية من التسرع في فرض قيود السفر.
وقال مايك رايان مدير الطوارئ بمنظمة الصحة العالمية إن “من المهم في واقع الأمر عدم اتخاذ ردود فعل متعجلة”، مشيدا بمؤسسات الصحة العامة في جنوب أفريقيا لتعرفها على السلالة الجديدة من الفيروس الذي يتسبب في مرض كوفيد-19.
وأضاف “السبب في ذلك هو ما رأيناه في السابق عندما كان الجميع يغلقون الحدود ويفرضون القيود على السفر لحظة ورود أي إشارة على تحور من أي نوع”.
وقالت منظمة الصحة العالمية إن الأمر سيستغرق أسابيع لتحديد مدى فعالية اللقاحات في الوقاية من السلالة الجديدة.
وصنفت المنظمة السلالة الجديدة من كوفيد-19 بأنها “مقلقة” وهي خامس سلالة توضع في هذا التصنيف. وأضافت المنظمة في بيان أنها أعطت السلالة (بي.1.1.529) اسما بالحرف اليوناني أوميكرون.
ووصف وزير الصحة في جنوب أفريقيا جو باهلا قيود السفر بأنها “لا مبرر لها”، وذلك على الرغم من تصريحه بأن الدراسات الأولية تشير إلى أن السلالة الجديدة قد تكون أكثر قدرة على الانتشار.
من جانبها، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إن الاتحاد الأوروبي يريد أيضا وقف الرحلات الجوية من المنطقة. واتخذت عدة دول أخرى خطوات لتشديد القيود من بينها الإمارات وتركيا والهند واليابان وإسرائيل.
وأضافت فون دير لاين “أصبح من المهم الآن أن نتحرك جميعا في أوروبا بخطوات سريعة وحاسمة ومشتركة.. من الواجب تعليق جميع الرحلات الجوية لهذه البلدان لحين اتضاح الصورة بشأن الخطر الذي يمثله المتحور الجديد”.
وفي واشنطن، قال أنتوني فوسي، أكبر مسؤول أمريكي في مجال مكافحة الأمراض المعدية، إن الولايات المتحدة لم تتخذ أي قرار باتجاه حظر سفر أمريكي محتمل. وأضاف لشبكة (سي.إن.إن) أنه لا يوجد أي مؤشر يدل على وجود النسخة المتحورة في الولايات المتحدة، مؤكدا أنه لم يتضح ما إذا كان للسلالة الجديدة قدرة على مقاومة اللقاحات الحالية.
رغم ذلك، تحولت الأنباء الجديدة إلى ضربة موجعة لأسواق الأسهم العالمية والنفط، الذي تراجع بنسبة 10 بالمئة وسط مخاوف من أن تلقي قيود جديدة بظلال كئيبة على صناعة السفر والاقتصادات المهتزة أصلا في أنحاء الجنوب الأفريقي.
* التحور الأهم
قالت وكالة الأمن الصحي في بريطانيا إن السلالة الجديدة تحتوي على بروتين تاجي يختلف جذريا عن البروتين الأصلي الذي تعتمد عليه اللقاحات، مما يذكي القلق ويشعل المخاوف حول فعالية اللقاحات الحالية.
وقال وزير النقل البريطاني جرانت شابس لشبكة سكاي نيوز “على حد وصفهم، (يعد هذا) أهم نسخة متحورة رآها العلماء حتى الآن”.
وفي جنيف، اجتمع خبراء منظمة الصحة العالمية يوم الجمعة لمناقشة خطر السلالة الجديدة من فيروس كورونا (بي 1.1.529)، وحذرت المنظمة من فرض قيود على السفر في الوقت الراهن.
وقال المتحدث باسمها كريستيان ليندماير إن الأمر سيحتاج لبضعة أسابيع لتحديد قدرة السلالة على الانتشار وفعالية اللقاحات والأدوية في مواجهتها، مشيرا إلى أنه تم تسجيل ما يقرب من 100 تسلسل من السلالة المتحورة حتى الآن.
وقال وزير الصحة البريطاني ساجد جاويد إنه تم تحميل بيانات تسلسل النسخة المتحورة في هونج كونج من شخص مسافر من جنوب أفريقيا.
وأضاف جاويد لأعضاء البرلمان “من المرجح جدا أنه انتشر الآن إلى دول أخرى”.
ويعتقد العلماء في جنوب أفريقيا أن الارتفاع المفاجئ في الإصابات مرتبط بالسلالة الجديدة، لكن لم يتبين إلى أي مدى انتشرت خارج حدود البلاد.
وتعرفت بلجيكا على أول حالة في أوروبا، إضافة إلى حالات بوتسوانا وإسرائيل وهونج كونج. وقالت سلطات الصحة في الدنمرك، يوم الخميس إنها قامت بوضع تسلسل جميع حالات الإصابة بكوفيد-19 ولم تجد أي علامة على طفرات تدلل على أي سلالة جديدة.
وقال رئيس الوزراء نفتالي بينيت في بيان يوم الجمعة “نحن على حافة حالة طوارئ .. مبدأنا الرئيسي هو التحرك بسرعة وقوة وبشكل فوري”.
هل فات أوان حظر السفر؟
اجتاح فيروس كورونا العالم في السنتين الماضيتين منذ التعرف عليه لأول مرة في وسط الصين، وأصاب ما يقرب من 260 مليون إنسان وأودى بحياة 5.4 مليون خلال هذه الفترة الزمنية القصيرة.
وقال أحد علماء الأوبئة في هونج كونج إنه ربما يكون قد فات أوان تشديد قيود السفر في مواجهة السلالة الجديدة.
وأضاف بن كاولينج من جامعة هونج كونج “من المرجح أن هذا الفيروس موجود بالفعل في أماكن أخرى. لذلك إذا أغلقنا الأبواب الآن، فمن المحتمل أننا نفعل ذلك بعد فوات الأوان”.
وقالت شركة أسترا زينيكا إنها تأمل أن يكون مزيج الأجسام المضادة الذي تنتجه والمعد لمكافحة كوفيد-19 فعالا في مواجهة السلالة الجديدة التي تم رصدها في جنوب أفريقيا كما أنها تجري اختبارات على ما إذا كانت تلك السلالة مقاومة للقاحها للوقاية من المرض.