أوروبا عدوة أوروبا

تتعرض أوروبا اليوم لأزمات عدة تجعل المتأمل في خططها المستقبلية ووضعها الحالي في حيرة من مدى إمكانية تطبيق هذه الخطط والسياسات على أرض الواقع. وتعاني أوروبا أزمات في التعدين، واليد العاملة، والطاقة، تجعل مهمتها في تحقيق الاستدامة البيئية ومحاربة التغير المناخي في غاية الصعوبة. وما يثير الاستغراب أن التوجهات السياسية لبعض الدول الأوروبية تبعد أوروبا أكثر عن أهدافها. وسوف أتناول بعض هذه الأزمات بشكل أكثر تفصيلاً…
فالأزمة الأولى التي قد تتعرض لها أوروبا خلال العقد المقبل تتعلق بوفرة المعادن، فلكي تستطيع أوروبا تصنيع توربينات الرياح والألواح الشمسية لتوليد الطاقة المتجددة، فهي بحاجة ماسّة إلى معادن مثل المغنسيوم؛ أحد العناصر الرئيسية في تصنيع الألمنيوم المستخدم في صناعة السيارات والطائرات ومكونات الأجهزة، والذي يعد أحد أهم العناصر لتخفيف أوزان السيارات لتوفير استهلاك الطاقة. وقد كانت أوروبا في يوم من الأيام أحد أكبر منتجي المغنسيوم؛ إلا إن القرارات السياسية المتعلقة بالصناعات أدت إلى اضمحلال هذه الصناعة في أوروبا. وقد أوضحت وكالة الطاقة الدولية أن الطموحات الأوروبية في محاربة التغير المناخي لا تتسق مع وفرة المعادن لديها. واليوم تعتمد أوروبا بشكل كامل تقريباً على المغنسيوم الصيني، حيث تستورد 95 في المائة من الصين، وحين تأثر الإنتاج الصيني مؤخراً بفعل أزمة الطاقة، تأثرت المصانع الأوروبية بشكل كبير نتيجة لهذا. لذلك؛ فأوروبا في حاجة ملحّة إلى بدء نشاطات التعدين لتلبية الطلب المستقبلي، ولا يبدو ذلك سهلاً في ظل التحزبات البيئية التي تهاجم أنشطة التعدين.
الأزمة الثانية هي اليد العاملة؛ فأوروبا اليوم قارة عجوز ليس لعراقتها التاريخية؛ بل لأنها أعلى قارة في معدل الأعمار، وقد ساعدت حركة المهاجرين إليها بشكل كبير في تدعيم قواها العاملة. ولكن هذا الدعم قد لا يستمر طويلاً لأسباب سياسية؛ منها حركة اليمين الأوروبي لوقف المهاجرين إلى أوروبا. والأكثر غرابة هو بعض الجماعات البيئية في أوروبا، والتي تدعو إلى تحديد النسل للحد من الانبعاثات الكربونية، مصدرة دراسات توضح الانبعاثات الكربونية التي يتسبب فيها الإنسان خلال حياته، وكيف يمكن التخفيف من هذه الانبعاثات بعدم الإنجاب. وقد أجرت صحيفة ألمانية مقابلة مع معلمة تطالب بإعطاء حوافز للإناث بنحو 50 ألف يورو لتحفيزهن على عدم الإنجاب. ومعدل الإنجاب في أوروبا في انخفاض مستمر بالفعل، فعلى سبيل المثال؛ بلغ معدل الإنجاب في بريطانيا 16 لكل ألف نسمة في عام 1958، بينما انخفض هذ الرقم إلى 11 فقط في عام 2018.
الأزمة الثالثة هي الطاقة؛ فكما هي الحال مع مناجم المعادن، حارب كثير من الدول الأوروبية (مثل هولندا وبريطانيا) مصادر الطاقة فيها بدعوى المحافظة على المناخ. ولم يكن ذلك بشكل تدريجي، بل حدث خلال سنوات قليلة، متسبباً في أزمة في الطاقة اتضحت بشكل جلي في الأشهر القليلة الماضية. وفيما لو كانت أوروبا في الماضي تعتمد بشكل جزئي على الغاز المستورد من روسيا، فهي اليوم تعتمد بشكل شبه كلي على هذا الغاز. وأوروبا لا يمكن لها الاستغناء عن الغاز الذي تعده مرحلة تحولية نحو الطاقة المتجددة، وقد تستمر في احتياج له لعقدين على الأقل.
إن المتأمل في القارة العجوز يراها تغوص في ورطة بشكل تدريجي، فهي مندفعة ومتعجلة إلى مكافحة التغير المناخي؛ بما في ذلك من فرض سياسات محلية مؤثرة على الاقتصاد. وهي – بضغط من الأحزاب البيئية – تسعى إلى فرض رسوم على المعادن الصينية بدعوى أنها ملوثة للبيئة، وقد سبق لها قبل سنوات فرض رسوم بزعم أن الصين تغرق الأسواق بمنتجات مدعومة حكومياً.
في كل الأحوال؛ فإن أوروبا لا يمكنها تحقيق أي من خططها المستقبلية دون الصين شاءت أم أبت. وقد أوضحت تقارير مؤخراً إدراك الناخب الأوروبي أنه قد يدفع فاتورة السياسات الأوروبية الجديدة، فغالبية هذه التحولات السريعة نحو الطاقة المتجددة سيجري تمويلها من أموال دافعي الضرائب، الذين دفعوا بالفعل فاتورة غير مباشرة لهذه السياسات بدفع أسعار مضاعفة للغاز المستورد.
ويبدو أن أوروبا بنفسها تناقض خططها المستقبلية، فهي تريد تصنيع معدات للطاقة المتجددة، ولكنها تحارب استيراد موادها الخام من دول ملوثة للبيئة كالصين، وهي لا تملك اليد العاملة الكافية ومعدل الأعمار فيها في ارتفاع مستمر؛ لكنها تحارب حركة المهاجرين إليها، وهي في حاجة إلى الطاقة لأغراض الصناعة والتدفئة، ولكنها تسعى إلى إغلاق شركات الطاقة ولا تحاول مسايرة روسيا موردها الأكبر للغاز، والأمر يبدو من بعيد كأن أوروبا عدوة لأوروبا.

د. عبدالله الردادى

إعادة هيكلة المصارف…كارثة إضافية على الكوع

هل صحيح انّ لا دور للمصارف اليوم، وانّ من الافضل البدء في اعادة هيكلة القطاع، ما دام المصرف تحوّل الى مجرد صندوق لسحب الاموال، في حين لا يتمّ إيداع أموال طازجة تُذكر، ولا يقوم القطاع بدوره الطبيعي في تمويل الاقتصاد؟

قد تكون مطالبة النائب ياسين جابر وزارة المالية بتقديم معلومات دقيقة في شأن النتائج التي تمخّض عنها تطبيق التعميم 154 الذي أصدره مصرف لبنان في محلها، لجهة حق الرأي العام في معرفة عمّا أسفر التعميم الذي قيل فيه انّه بداية إعادة هيكلة المصارف. لكن الذهاب بعيداً في الضغط منذ اليوم، لتنفيذ مندرجات التعميم لجهة اتخاذ الإجراءات المناسبة في حق المصارف التي عجزت عن التطبيق الكامل، ينطوي على مغامرة غير محسوبة النتائج.

في الواقع، ينبغي الاعتراف، ومن دون الإطلاع على النتائج، انّ التعميم فشل جزئياً، لأنّه لم يحقق الهدف المُعلن منه، وهو تمكين المصارف من البدء في استعادة دورها الطبيعي الذي كانت تضطلع به ما قبل تشرين 2019. هذا الامر لم يتحقّق حتى الآن، ولو انّ رئيس جمعية المصارف سليم صفير قال أخيراً من السرايا، انّ البنوك جاهزة لاستئناف دورها في إقراض القطاع الخاص، في حال تأمّنت تشريعات تضمن ردّ الأموال بالعملة نفسها للقرض.

لكن فشل التعميم جزئياً، لا يجيز الذهاب بعيداً والمغالاة في المطالبة بتطبيق مندرجاته كافة، للأسباب التالية:

اولاً- انّ قسماً من الدولارات الطازجة، التي تأمّنت بناءً على هذا التعميم، يتمّ استخدامه اليوم لتطبيق التعميم 158، أي إعادة قسم من الودائع الى المواطنين. وتطبيق هذا التعميم لمدة سنة فقط، سيتيح اعادة كامل الودائع لمودعين صغار يقدّر عددهم بحوالى 800 الف مودع، مع نسبة هيركات تبلغ حالياً حوالى 25%. في حين انّ سحب الودائع وفق التعميم 151 (3900 ليرة للدولار) يؤدّي الى هيركات نسبته حوالى 84%.

ثانياً- انّ المصارف التي عجزت عن تطبيق التعميم 154 بشكل كامل، تطبّق حالياً التعميم 158، بما يعني انّ المودع يستفيد من هذه الوضعية التي قد تتغيّر اذا تمّت تصفية المصرف بسبب عجزه عن الالتزام المُنجز بالتعميم 154.

ثالثاً- انّ إعادة هيكلة المصارف او تعويمها او تنقيتها، (كلها ألفاظ تقود الى مكانٍ واحد) لا ينبغي ان تتمّ من خارج سياق برنامج التعافي الذي سيتمّ توقيعه مع صندوق النقد الدولي. وأي خطوة من هذا القبيل قبل بدء تنفيذ الخطة، ستكون بمثابة كارثة على البلد وناسه.

وهنا، لا بدّ من الاستفاضة في شرح الدور الذي تقوم به المصارف حالياً. يسمع المواطن يومياً، اصحاب مؤسسات وارباب عمل يقولون انّ مؤسساتهم تخسر، وانّهم يرفضون إقفالها حفاظاً على الموظفين ولقمة عيشهم، وحفاظاً على المؤسسة التي تستطيع ان تعوّض خسائرها وتعود الى الربحية، في حال خرج البلد من الأزمة الراهنة.

هل هذا الكلام دقيق، وهل فعلاً توجد نسبة مرتفعة من المؤسسات التي تخسر حالياً، لكنها مستمرة ولم تغلق ابوابها؟

الجواب، حتماً صحيح، ولو انّ التبريرات التي تُقدّم مسموح التشكيك في تراتبيتها. بمعنى، انّ قرار الاستمرار قد يرتبط اولاً بالمصلحة المالية لصاحب المؤسسة الذي لا يأتي على ذكر هذا السبب، وثانياً بالمحافظة على الاسم التجاري لمؤسسته، وثالثاً بمصلحة الموظف لضمان استمرارية عمله وعدم تحوله الى عاطل من العمل.

كيف يؤمّن صاحب مؤسسة مصلحته المالية اذا كانت مؤسسته تخسر؟

الجواب بسيط. كل صاحب مؤسسة يملك حساباً مصرفياً لمؤسسته، او حساباً شخصياً، ولا يستطيع ان يسحب هذه الاموال اذا كانت مؤسسته متوقفة عن العمل. وينطبق عليه ما ينطبق على كل المودعين المحرومين من حق سحب ودائعهم حالياً، بانتظار الحل النهائي للأزمة. في المقابل، ومن خلال استمرار عمل المؤسسة، يستطيع ربّ العمل دفع الاموال لموظفيه، ودفع الاكلاف التشغيلية لمؤسسته، وبالتالي يستطيع ان يسحب كميات ضخمة من اموال المؤسسة او امواله الشخصية من البنك، عبر تحويلها الى حساب المؤسسة. وبالتالي، يستطيع ان يحتفظ لاحقاً بجزء او بكل إيرادات المؤسسة لنفسه، وخارج القطاع المصرفي. وهو بالتالي، يمارس سياسة سحب ودائعه تدريجياً من المصرف، بواسطة تشغيل مؤسسته، ويتعرّض لهيركات محدّد ومقبول، من ضمنه الهيركات المحسوب من رصيد الخسائر التي تتعرّض لها المؤسسة، وطالما انّ الخسائر لا تتجاوز نسبة الـ84% من المال المٌنفق للتشغيل، فهو رابح لا محالة.

كل هذا الكلام لا يشكّل إدانة لصاحب أي مؤسسة، بل يؤكّد وجود تقاطُع مصالح بين ربّ العمل والموظف، يساهم في الإبقاء على الدورة الاقتصادية مستمرة بالحدّ الأدنى على الأقل. وحرمان ارباب العمل من هذه الميزة، يعني ضرب الدورة الاقتصادية، وتكبير حجم الكارثة القائمة بطريقة لا يتصورها العقل.

هذه باختصار أهمية استمرار المصارف، كل المصارف، بالعمل في هذه الحقبة، ومن دون التشاطُّر في محاولة الضغط على القطاع اليوم، لأنّ الثمن سيدفعه اللبنانيون، ممّا تبقّى من مقدرات عيش لديهم، ولو انّها ضئيلة وكارثية في حدّ ذاتها، لكنها تبقى أفضل وأرحم من المشهد الذي ستخلفه اي خطوة ناقصة في اتجاه القطاع المصرفي قبل اقرار برنامجٍ للإنقاذ.

انطوان فرح

إرتفاع الدولار مقابل الليرة… لا نزال في البداية

واصلت الليرة اللبنانية انهيارها امس مقابل الدولار الذي اقترب سعره في السوق الموازي من عتبة الـ 25 الفا مسجلا ارتفاعات متتالية، ففي مطلع الشهر الحالي سجل سعر الدولار نحو 22 الفا، في 12 الحالي تخطى سعره عتبة الـ24  ألف ليرة للمرة الاولى منذ شهر تموز إبّان اعتذار الحريري عن تشكيل الحكومة ثم عاد ليتأرجح سعر الصرف ما بين 22 الفا و23 الفا ليتسارع التدهور اعتبارا من مطلع الاسبوع مسجلا امس الاول 24 الفا ومقترباً بالامس من عتبة الـ25 الف ليرة.

صحيح ان تدهور سعر صرف الليرة متوقع في ظل غياب اي خطط اقتصادية ورفع الدعم تدريجا عن البنزين والدواء بما زاد الطلب على الدولار في السوق السوداء، لكن يبدو ان الوضع رغم تدهوره لا يزال ممسوكا من قبل المصرف المركزي الذي لا يزال ضابط ايقاع السوق ومتدخلاً فيه في الوقت عينه. فهو يحاول شراء الدولارات من السوق بالسبل المتاحة لاستكمال تأمين الدعم لبعض السلع الحياتية للمواطن وفي الوقت نفسه يضخّه عبر منصة «صيرفة» مؤمّنا الدولار للتجار حتى لو كان بخسارة لأنه يباع بأقل من سعر الشراء. والسؤال، هل تحول المركزي لاعبا اساسيا يساهم في ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازي؟ وهل اقترب لبنان من انهيار عملته وصولاً الى 6 أصفار؟

في هذا السياق، يؤكد الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمود لـ»الجمهورية» ان لا شيء مستغربا اليوم في تحرّك الدولار في السوق السوداء، لافتا الى ان السعر بات يتأثر بالعرض وليس بالطلب بمعنى آخر ان توفر الدولار وعرضه هو العامل المؤثّر في سعره، وليس الطلب لأنه اصلا كبير جدا، فإذا كان العرض مقبولا يحافظ سعر الدولار مقابل الليرة على استقرار معين.

وأشار الى ان اكبر جهة عارضة للدولار اليوم هي مصرف لبنان، إذ من الملاحظ انه بعد تشكيل الحكومة ارتفع عرض الدولار على المنصة الى الضعف في محاولة من مصرف لبنان لتهدئة الأمور عسى ان يكون هناك امل في هذه الحكومة باستقرار الاوضاع. وقال حمود: نحن في وقت ضائع وتحرك الدولار طبيعي جدا وبرأيي لا يزال في البداية، للأسف.

وعمّا اذا كان تدخل مصرف لبنان في السوق كشارٍ للدولار هو ما يساهم في رفع اسعاره، أوضح حمود ان مصرف لبنان لا يتدخل مباشرة في السوق لشراء الدولارات انما لديه مصدران اساسيان لجلب الدولارات هما: مراكز تحويل الاموال مثل omt او شراء بعض تحاويل الـfresh money من المصارف. ورأى انه من الطبيعي ان يلعب مصرف لبنان هذا الدور والا من اين سيأتي بالاموال لشراء المحروقات والادوية وغيرها؟ كما ليس مهما السعر الذي يبيع فيه الدولار على المنصة بقدر اهمية تأمينه للدولار لتخفيف الضغط عن السوق، لأنه اذا لم يتأمن من مصرف لبنان سيضطر الى تأمينه من احتياطي الـ 14 مليار دولار والتي في هذه الحالة ستستهلك بسرعة.

مشكلة ايجاد الدولار

ورأى حمود ان ارتفاع سعر الدولار اليوم ليس بأهمية ايجاد دولار في السوق لتأمينه لشراء الادوية والمحروقات، وذلك تجنباً للمس بالاحتياطي الالزامي، مع التشديد على انه اذا لم يتصرف مصرف لبنان بهذه الطريقة سيعود الدولار ليكون تحت ضغط العرض والطلب.

وبناء عليه، يرى حمود ان الدور الذي يلعبه المصرف المركزي اليوم صحيح وواجب انما غير مجدٍ لأن حجم التحويلات المالية الى لبنان دون احتياجات لبنان للأمور الحياتية والمعيشية، فلبنان منذ نشأته يرتكز الى جانب الموارد الاقتصادية على عامل اساسي يتمثل خصوصاً بالتحويلات المالية والتي تستعمل لهدفين: جزء منها للصرف داخل لبنان من المغتربين للاهل والعائلة والجزء الثاني على الادخار. وفي غياب هذا العنصر سنبقى في هذه الدوامة لأن حجم الدولارات التي تصل الى البلد تبقى اقل من احتياجاتنا الحياتية، خصوصاً ان لا سياحة اليوم في البلد، ولا انتاج وعلاقاتنا سيئة مع كل دول العالم، وبالنهاية مع كل هذه الوقائع كيف يعقل الا يكون كل ما يحصل في السوق غير متوقع وغير عادي ومستغرب؟

تفلّت ام لجم للدولار؟

وردا على سؤال، اعتبر حمود انه لا يمكن القول اليوم اننا امام تفلت في اسعار الدولار في السوق الموازي انما الاصح ان الدولار ملجوم

وهناك عاملان يساهمان بالحد من ارتفاعه االى مستويات كارثية أكثر:

اولا: عدم قدرة الناس على الاستحصال على ودائعها كاملة حتى بالليرة اللبنانية بما أدّى الى تراجع الطلب على الدولار.

ثانيا: قبول اللبنانيين بتدني مستوى المعيشة وانقطاع اكثرية السلع من السوق لا سيما تلك التي كانت تصنّف درجة اولى، وقبولهم العيش وفق نمط حياة مختلف ومتدنٍ. لذا، ورغم ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازي مقابل الليرة، فهو لا يزال ملجوماً من الارتفاع أكثر مما هو عليه اليوم.

اىفا ابو حيدر

الاسواق قلقة جدا مما قد يحمله متحور كورونا

استقبلت السلطات في أنحاء العالم بانزعاج يوم الجمعة تقارير ظهور سلالة جديدة من فيروس كورونا في جنوب أفريقيا، وكان الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بين من شددوا القيود على الحدود في الوقت الذي يحاول فيه العلماء معرفة ما إذا كان المتحور الجديد مقاوما للقاحات.

وبعد ساعات من فرض بريطانيا حظرا على الرحلات من جنوب أفريقيا وجيرانها، ومطالبة المسافرين العائدين من هذه الدول بدخول الحجر الصحي، حذرت منظمة الصحة العالمية من التسرع في فرض قيود السفر.

وقال مايك رايان مدير الطوارئ بمنظمة الصحة العالمية إن “من المهم في واقع الأمر عدم اتخاذ ردود فعل متعجلة”، مشيدا بمؤسسات الصحة العامة في جنوب أفريقيا لتعرفها على السلالة الجديدة من الفيروس الذي يتسبب في مرض كوفيد-19.

وأضاف “السبب في ذلك هو ما رأيناه في السابق عندما كان الجميع يغلقون الحدود ويفرضون القيود على السفر لحظة ورود أي إشارة على تحور من أي نوع”.

وقالت منظمة الصحة العالمية إن الأمر سيستغرق أسابيع لتحديد مدى فعالية اللقاحات في الوقاية من السلالة الجديدة.

وصنفت المنظمة السلالة الجديدة من كوفيد-19 بأنها “مقلقة” وهي خامس سلالة توضع في هذا التصنيف. وأضافت المنظمة في بيان أنها أعطت السلالة (بي.1.1.529) اسما بالحرف اليوناني أوميكرون.

ووصف وزير الصحة في جنوب أفريقيا جو باهلا قيود السفر بأنها “لا مبرر لها”، وذلك على الرغم من تصريحه بأن الدراسات الأولية تشير إلى أن السلالة الجديدة قد تكون أكثر قدرة على الانتشار.

من جانبها، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إن الاتحاد الأوروبي يريد أيضا وقف الرحلات الجوية من المنطقة. واتخذت عدة دول أخرى خطوات لتشديد القيود من بينها الإمارات وتركيا والهند واليابان وإسرائيل.

وأضافت فون دير لاين “أصبح من المهم الآن أن نتحرك جميعا في أوروبا بخطوات سريعة وحاسمة ومشتركة.. من الواجب تعليق جميع الرحلات الجوية لهذه البلدان لحين اتضاح الصورة بشأن الخطر الذي يمثله المتحور الجديد”.

وفي واشنطن، قال أنتوني فوسي، أكبر مسؤول أمريكي في مجال مكافحة الأمراض المعدية، إن الولايات المتحدة لم تتخذ أي قرار باتجاه حظر سفر أمريكي محتمل. وأضاف لشبكة (سي.إن.إن) أنه لا يوجد أي مؤشر يدل على وجود النسخة المتحورة في الولايات المتحدة، مؤكدا أنه لم يتضح ما إذا كان للسلالة الجديدة قدرة على مقاومة اللقاحات الحالية.

رغم ذلك، تحولت الأنباء الجديدة إلى ضربة موجعة لأسواق الأسهم العالمية والنفط، الذي تراجع بنسبة 10 بالمئة وسط مخاوف من أن تلقي قيود جديدة بظلال كئيبة على صناعة السفر والاقتصادات المهتزة أصلا في أنحاء الجنوب الأفريقي.

* التحور الأهم

قالت وكالة الأمن الصحي في بريطانيا إن السلالة الجديدة تحتوي على بروتين تاجي يختلف جذريا عن البروتين الأصلي الذي تعتمد عليه اللقاحات، مما يذكي القلق ويشعل المخاوف حول فعالية اللقاحات الحالية.

وقال وزير النقل البريطاني جرانت شابس لشبكة سكاي نيوز “على حد وصفهم، (يعد هذا) أهم نسخة متحورة رآها العلماء حتى الآن”.

وفي جنيف، اجتمع خبراء منظمة الصحة العالمية يوم الجمعة لمناقشة خطر السلالة الجديدة من فيروس كورونا (بي 1.1.529)، وحذرت المنظمة من فرض قيود على السفر في الوقت الراهن.

وقال المتحدث باسمها كريستيان ليندماير إن الأمر سيحتاج لبضعة أسابيع لتحديد قدرة السلالة على الانتشار وفعالية اللقاحات والأدوية في مواجهتها، مشيرا إلى أنه تم تسجيل ما يقرب من 100 تسلسل من السلالة المتحورة حتى الآن.

وقال وزير الصحة البريطاني ساجد جاويد إنه تم تحميل بيانات تسلسل النسخة المتحورة في هونج كونج من شخص مسافر من جنوب أفريقيا.

وأضاف جاويد لأعضاء البرلمان “من المرجح جدا أنه انتشر الآن إلى دول أخرى”.

ويعتقد العلماء في جنوب أفريقيا أن الارتفاع المفاجئ في الإصابات مرتبط بالسلالة الجديدة، لكن لم يتبين إلى أي مدى انتشرت خارج حدود البلاد.

وتعرفت بلجيكا على أول حالة في أوروبا، إضافة إلى حالات بوتسوانا وإسرائيل وهونج كونج. وقالت سلطات الصحة في الدنمرك، يوم الخميس إنها قامت بوضع تسلسل جميع حالات الإصابة بكوفيد-19 ولم تجد أي علامة على طفرات تدلل على أي سلالة جديدة.

وقال رئيس الوزراء نفتالي بينيت في بيان يوم الجمعة “نحن على حافة حالة طوارئ .. مبدأنا الرئيسي هو التحرك بسرعة وقوة وبشكل فوري”.

هل فات أوان حظر السفر؟

اجتاح فيروس كورونا العالم في السنتين الماضيتين منذ التعرف عليه لأول مرة في وسط الصين، وأصاب ما يقرب من 260 مليون إنسان وأودى بحياة 5.4 مليون خلال هذه الفترة الزمنية القصيرة.

وقال أحد علماء الأوبئة في هونج كونج إنه ربما يكون قد فات أوان تشديد قيود السفر في مواجهة السلالة الجديدة.

وأضاف بن كاولينج من جامعة هونج كونج “من المرجح أن هذا الفيروس موجود بالفعل في أماكن أخرى. لذلك إذا أغلقنا الأبواب الآن، فمن المحتمل أننا نفعل ذلك بعد فوات الأوان”.

وقالت شركة أسترا زينيكا إنها تأمل أن يكون مزيج الأجسام المضادة الذي تنتجه والمعد لمكافحة كوفيد-19 فعالا في مواجهة السلالة الجديدة التي تم رصدها في جنوب أفريقيا كما أنها تجري اختبارات على ما إذا كانت تلك السلالة مقاومة للقاحها للوقاية من المرض.