مؤشرات الأسهم الأوروبية تتراجع بنحو 2% بفعل التوترات بين روسيا وأوكرانيا

تراجعت الأسواق الأوروبية يوم الاثنين 14 فبراير، حيث واصل المستثمرون تتبع التوترات بين روسيا وأوكرانيا وتصريحات مسؤولي مجلس الفدرالي الأميركي حول توقعات أسعار الفائدة.

وأغلق مؤشر Stoxx 600 الأوروبي منخفضًا 1.9%، مع خسارة قطاع البنوك 3.3% ليقود الخسائر، حيث انزلقت جميع القطاعات والبورصات الرئيسية إلى المنطقة السلبية.

وحثت عدة دول مواطنيها على مغادرة أوكرانيا وسط مخاوف من غزو روسي وشيك، حيث حذر مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي جو بايدن جيك سوليفان يوم الأحد، من أن الكرملين قد سارع في تعزيز حشده العسكري على طول حدود أوكرانيا خلال الأيام العشرة الماضية.

وهدد القادة الغربيون بفرض عقوبات شديدة على روسيا في حالة حدوث أي توغل في أوكرانيا، حيث يواصل القادة السعي لإيجاد حلول دبلوماسية، بينما نفى الكرملين وجود أي نية لغزو جارته، متهما واشنطن بإذكاء “الهستيريا”.

وانخفض مؤشر MOEX Russia بنسبة 1%، وعكس الدولار الأميركي مساره مقابل الروبل الروسي وانخفض بأكثر من 1% في تعاملات فترة ما بعد الظهر.

وشهدت الأسواق العالمية حالة من الاضطراب منذ أن سجل التضخم الأميركي المرتفع بشكل مفاجئ الأسبوع الماضي، مما دفع رئيس الفدرالي في سانت لويس جيمس بولارد إلى القول بأنه لا يستبعد رفع أسعار الفائدة قبل يوليو بـ 100 نقطة أساس.

وعلى صعيد تحركات الشركات، تراجعت أسهم Commerzbank بنسبة 4% بعد أن قال وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر لصحيفة هاندلسبلات إن الحكومة ستتخلى عن حصتها في البنك على المدى الطويل.

وانخفضت أيضًا أسهم شركة Swiss chemicals للمواد الكيميائية بأكثر من 16% بعد تأخير تقرير أرباحها لعام 2021 وسط تحقيق في مزاعم المبلغين عن ممارساتها المحاسبية.

كما تراجعت الأسهم في منطقة آسيا والمحيط الهادئ يوم الاثنين، مع قيادة اليابان للخسائر حيث قام المستثمرون بتقييم كل من التوترات في أوكرانيا والوضع المتدهور لكورونا في هونغ كونغ

كيف تهدّد العملات المشفّرة الاقتصاد الحقيقيّ؟

يسود اعتقاد بأنّ العملات المشفَّرة المستقرّة، التي باتت تُعرف اصطلاحاً باسم Stablecoins، هي عملات آمنة وحقيقية. بخلاف تقلّبات العملات المشفّرة الأخرى. لكن تزداد المخاوف من مخاطرها على الاقتصاد الحقيقي وعلى الأسواق المالية في الولايات المتحدة. السبب، بحسب مات فيليبز، محرّر الأخبار المالية في موقع “أكسيوس”، هو تداخل العملات المستقرّة (المشفّرة) بشكل متزايد مع عناصر مهمّة من النظام المالي. ويمكن أن تصبح في نهاية المطاف مساهمة في تشكيل الحكومة. وقد تضطرّ حتى إلى إنقاذ الباب الخلفي لاقتصاد العملة المشفّرة. وهذا ما دعا لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب الأميركي إلى عقد جلسة استماع في 8 شباط الحالي لجمع المعلومات عن سوق العملات المشفّرة، واستكشاف الحلول التشريعية.

1- ما هي العملات المستقرّة Stablecoins؟

هي عملات مشفّرة مصمّمة للحفاظ على قيمة ثابتة، هي بشكل أساسي 1 دولار، بدلاً من التقلّب الشديد الذي يصيب العملات المشفّرة الأخرى مثل إيثيروم Ethereum وبيتكوين Bitcoin  ودوجكوين Dogecoin وغيرها. وعادةً ما يجري استعارة العملات المستقرّة وإقراضها وإنفاقها على منصّات تداول العملات المشفّرة. وأشهر العملات المستقرّة هي تيثيرTether ، الصادرة عن شركة تحمل الاسم نفسه، ويو.إس.دي.سيUSDC ، التي أنشأتها شركة المدفوعات سيركيل .Circle وقد نما سوق العملات المستقرّة بنحو 450% العام الماضي، إلى ما يقرب من 155 مليار دولار، وفقاً لتصنيفات “فيتش”.

عندما يشتري شخص ما عملة مستقرّة، فإنّه يدفع نقوداً، أي دولاراتٍ أميركية أصلية، إلى شركة تصدر العملة المشفّرة

2- كيف تسير عملية البيع والشراء؟

عندما يشتري شخص ما عملة مستقرّة، فإنّه يدفع نقوداً، أي دولاراتٍ أميركية أصلية، إلى شركة تصدر العملة المشفّرة. وعادة ما يشتري الزبائن عملات مستقرّة لأنّ عدداً من بورصات العملات المشفّرة لا تسمح للمتداولين بالاحتفاظ بأرصدتهم غير المستثمرة بالدولار الفعلي. بعد ذلك، يقوم مُصدر العملة المستقرّة بوضع الدولارات التي جمعها كضمان، أو في الأقلّ هذا ما يقولون إنّهم يفعلونه. ومن المفترض أن توضع الأموال في أحد المصارف، أو تُوظّف في استثمارات آمنة قصيرة الأجل مثل سندات الخزانة أو نوع من ديون الشركات المعروف باسم الأوراق التجارية .(CP)

نعم، لكن: إنّه الغرب المتوحّش فعليّاً. إذ لا توجد قواعد تضمن أنّ تلك الدولارات توضع جانباً من أجل الحفاظ عليها. لكن، كما تعلم، أحياناً لا يكون المال موجوداً حقّاً نظراً لعدم اليقين بشأن ما إذا كانت هناك ضمانات فعلاً. بل إنّ العملات المستقرّة معرّضة بشكل غير عادي لِما يُعرف في العالم المالي باسم “الجري: run”، أي إسراع الزبائن لاسترداد الأصول.

3- ما هو التأثير لهذا الجري؟

عندما يُهرع حاملو العملات المستقرّة لبيعها واسترداد الدولارات، سوف يندفع مُصدرو العملات المشفّرة لبيع الديون القصيرة الأجل التي يمتلكونها مثل الأوراق التجارية، بحيث يحاولون جلب الدولارات لتسليمها إلى أولئك الذين يرغبون في مبادلة العملات المستقرّة بأموال حقيقية. وهنا تقع المشكلة! فسوق الأوراق التجارية هو سوق مهمّ. إنّه المكان الذي تذهب إليه الشركات للحصول على قروض قصيرة الأجل، وإذا انهار السوق، فسيصعب على الشركات الحقيقية جمع أموال حقيقية للقيام بأشياء حقيقية غير مشفّرة.

4- كيف نفكّر بشكل صحيح؟

يمكن أن تزعزع العملات المستقرّة استقرار الأسواق المهمّة. فالتهافت على مبادلة العملات المستقرّة المشفّرة قد يجبر الحكومة على اتخاذ إجراءات لمنع السوق المضطرب من أن يزعزع استقرار الاقتصاد الحقيقي. لأنّ العملات المستقرّة تدعم تداول العملات المشفّرة، ومن المؤكّد تقريباً أنّ بيع العملات المستقرّة سيؤدّي إلى انخفاض حادّ في أسعار الأصول العالية المضاربة من العملات المشفّرة مثل بيتكوين وإثيروم. وهذا يعني أنّ إنقاذ العملات المستقرّة سيكون، بشكل فعّال، كخيار إنقاذ لتجّار البيتكوين، وعالم تمويل العملات المشفّرة غير المنظّم، والذي غالباً ما يكون مظلّلاً بعمليات مشبوهة من تبييض الأموال. إذ لا يحظى عالم العملات المشفّرة كما عالم العملات الورقية، بقواعد ضابطة. ففي العالم المشفّر حيث يجري التداول بأسماء مستعارة، لا يمكن كشف التبييض ولا أصحاب الحسابات المشبوهة.

 

حساب الدين العام في غياب قطع الحسابات: تفصيل المكونات ومعدلات الفوائد

شكّلت إشكالية الدين العام في لبنان مادة سجال دسمة، تبارز فيها اجتزاء المراحل والمكوّنات مع اختلاط قراءة الأرقام بين التوقعات الاستباقية والأرقام الفعلية، في ظلّ محطات من غياب استدامة إقرار الموازنات وقطع الحسابات في محطات عديدة. بعد الانهيار المالي الشامل، لا بدّ من قراءة مفصّلة وفق القواعد الإقتصادية والصدقية العلمية، تسمح بتفنيد دقيق للمعلومات المتوفّرة حول الدين العام وأبرز عناصر تطوّره، قبل أن يفقد إستدامته. متى وكيف بدأ خلل المالية العامة؟ في أي محطات غابت فيها الموازنات وقطع الحسابات؟ وكيف تطوّر الدين وأي تواريخ بارزة في هذا المسار؟

منذ نيل لبنان إستقلاله وحتى العام 1962 كانت موازناته العامة تقليدياً تسجّل فوائض، ولم يكن يعرف إشكالية البحث عن تمويل العجز ولا القلق من سبل تمويله. وقد اعتُبر عام 1962 عام التحوّل من فائض الى عجز المالية العامة في لبنان للمرة الاولى بمعدّل 13.2% من النفقات. بين عام 1962 حتى عام 1975، عندما بدأت الحرب في لبنان، كانت جميع الميزانيات تعاني من عجز، باستثناء موازنات الأعوام 1971 و 1972 و 1974 عشية اندلاع حرب 1975. منذ عام 1975 وحتى اليوم، أصبحت الموازنات اللبنانية المتتالية تعاني من عجز مالي. علماً أنّ الموازنة تقدّم كل سنة الأرقام «المتوقعة» للسنة التالية، في حين يعطي «قطع الحساب» الأرقام «الفعلية» للسنة المنصرمة. أول غياب لقطع حسابات الموازنات العامة وحسابات المهمّة (حسابات الخزينة) كان بين عام 1979 وعام 1993. وحديثاً تكرّر الأمر بوقف قطع الحسابات المستمر منذ عام 2004 وحتى عام 2020.

 

وتميّزت حقبة 1983- 1984 بتنامي عجزين: عجز المالية العامة وعجز ميزان المدفوعات. أما الاقتراض من المصرف المركزي، فقد أجازته إتفاقية عُقدت بين وزارة المالية وبين المصرف المركزي في العام 1977، سمحت للحكومة بأن تحصل على قروض استثنائية، بغية تمويل تسيير أجهزة الدولة، وإعادة الإعمار. وقد رُفع سقف هذه القروض اكثر من مرّة بعد ذلك التاريخ. وكان ذلك يتمّ بموجب مادة في قانون الموازنة تجيز للحكومة تعديل الاتفاقية المذكورة بمرسوم. وقد بقي ارتفاع سقف هذه القروض محدوداً حتى العام 1982، إلّا انّ حقبة 1982- 1984، شهدت رفعاً لسقف التسليفات من المصرف المركزي للحكومة، بما يتجاوز ستة اضعاف. ففي حين كان سقف هذه التسليفات يساوي 2500 مليون ل.ل. بتاريخ 18 ايلول 1982، اصبح يساوي 16000 مليون ل.ل. في آخر العام 1984. وقد ارتفع حجم الدين العام نتيجة ذلك من أقل من 7 مليارات ل.ل. في آخر العام 1981، إلى أكثر من 14 مليار ل.ل. في آخر العام 1982.

 

واضطرت الدولة إلى اللجوء إلى الديون الخارجية والداخلية لتمويل تطوير المشاريع التي توقف تنفيذها. ومن أجل تمويل عجز الميزانية المتزايد في مناخ من التوترات وعدم الاستقرار السياسي والأمني، أصبح العرض النقدي وطباعة العملة منذ عام 1982 يتجاوز بشكل واضح الاحتياجات الاقتصادية للبلاد، وتترجم ذلك بانطلاق مسار التضخّم حتى بلوغ التضخّم المفرط بمجمل 487% عام 1987 و»هروب» الناس الاختياري باتجاه «الدولرة» وفرضها كأمر واقع..

 

بعد عام 1985، لم تعد الحكومة ترسل مشروع الموازنة إلى مجلس النواب على النحو المنصوص عليه في الدستور. وأقرّ البرلمان إمكانية التصويت على قوانين تسليفات إضافية لموازنة عام 1985، أو اللجوء إلى طلب سلفات خزينة.

 

وقد فرضت الدولة على المصارف إلزامية الاكتتاب بسندات الخزينة على مواردها من الليرة اللبنانية. وأدّت خاتمة فترة الحرب في عامي 1989 و 1990 إلى تفاقم وضع المالية العامة وأدّى انخفاض الإيرادات الضريبية إلى اعتماد الخزينة العامة، بالإضافة إلى الديون، على أرباح مصرف لبنان التي يتمّ تحويلها إليه بموجب قانون النقد والتسليف. وبلغت حصة أرباح مصرف لبنان في تمويل الخزينة حوالى 62% من إيرادات الموازنة في عام 1989 و 38.5% من إيرادات الموازنة في عام 1990.

وبعد غياب الموازنة لمدة 5 سنوات، اتسمت نهاية عام 1990 بإصدار الموازنة العامة. تحسن وضع المالية العامة نسبياً، لكن استمرار العجز أدّى إلى نمو قوي في الدين العام الداخلي الذي زاد بنسبة 66% عام 1991 و 92% عام 1992. في نهاية العام 1992 كان مجموع الدين العام الثابت المتوجب على الخزينة اللبنانية يعادل نحو 3 مليارات دولار أميركي، منه 327.5 مليون دولار أميركي والباقي بالليرة اللبنانية.

 

وابتداءً من العام 1993 وحتى العام 2005 انتظم من جديد العمل المؤسساتي في المالية العامة وعُرفت موازنة العام 2005 بـ»الموازنة الإصلاحية»، وترافقت مع آخر قطاع حساب عن العام 2004، قبل أن يتوقّف صدور قطوعات الحسابات من جديد ويستمر غيابه الى اليوم! لا بل توقّف أيضاً إقرار الموازنات المالية من العام 2005 حتى العام 2016، قبل أن يُعاود صدور الموازنات عام 2017 ولكن دون قطع حسابات.

 

مجموع الإنفاق ما بين العام 1993 والعام 1998 كان يتوزع بين: الدعم لمؤسسة كهرباء لبنان؛ المبالغ المخصّصة لصندوق المهجرين ولمجلس الجنوب؛ رواتب وأجور لموظفي القطاع العام ومعاشات التقاعد؛ خدمة الدين العام…

 

عام 2011 كان عام انقلاب كل المؤشرات الاقتصادية في لبنان، تزامن مع انقلاب مناخ الاستقرار السياسي، تبدّل مسار مؤشر الدين العام/الناتج المحلي ليعاود ارتفاع بعد سنوات من الانخفاض المتتالي، وكان قطاع الكهرباء يراكم سلفات بالدولار الأميركي وفوائد عليها تخطّت 18 مليار دولار حتى العام 2011 مما رفع الدين بالدولار لأكثر من 21 مليار دولار. واستمرت الكهرباء بتسجيل عجز مالي سنوي بحوالى 2 مليار دولار وتتراكم عليها الفوائد حتى باتت تفوق الـ43 مليار دولار. مع الإشارة الى الفرق بين حسابات الموازنة وحسابات الخزينة، حيث أنّ وزارة المال لا تكتفي بعمليات الموازنة بل تتولّى أيضاً عمليات الخزينة التي تشمل بين سواها دفع سلفات خزينة لمؤسسة كهرباء لبنان ولسائر المؤسسات والبلديات وفروقات الدين العام.

 

نسبة إجمالي الدين العام المستحق إلى الناتج المحلي الإجمالي في لبنان أصبحت من بين أعلى المعدلات في العالم. في عام 2006، بلغت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي ذروة بلغت 183%. وتراجعت النسبة تدريجياً لتصل إلى 131% في عام 2012 وتعاود المسار التصاعدي المتواصل.

 

بين عامي 1993 و 2001، اعتمدت الحكومة اللبنانية في البداية على الاقتراض الكبير من السوق المحلية، وشكّلت الديون بالليرة اللبنانية حوالى 81.3% من إجمالي الدين.

 

وقد تمّ إجبار المصارف على الاكتتاب بسندات الخزينة حتى 60% من إلتزاماتها بالليرة اللبنانية، وخُفّض المعدل إلى 40% في عام 1994 ثم أُلغي في عام 1997.

 

من عام 2002 إلى عام 2008، تصاعدت حصّة الديون بالعملات الأجنبية مع بدء مؤتمر باريس الذي عُقد في شباط 2001، فشكّل متوسّط الديون بالعملات الأجنبية 49.1% من إجمالي الدين من 2002 إلى 2008. وعاود الدين بالليرة اللبنانية النمو ليشكّل من 2010 إلى 2018 متوسّط 60.25% من مجموع الدين.

 

وبلغت عائدات الدين بالعملة المحلية، خصوصاً على سندات الخزينة عن عام وعامين، مستويات عالية تخطّت 30% في التسعينيات. واشترك اللاعبون المحليون بشكل رئيسي في الديون بالعملة المحلية على أساس عائد مرتفع لتعويض المخاطر العالية. على هذا النحو، تأثرت عائدات سندات الخزينة اللبنانية لعامين، التي احتفظت المصارف المحلية بمعظمها بعائد 33.6% في آب وأيلول 1992، قبل أن ينخفض تدريجباً الى حدود 7.1% مطلع العام 2019.

 

علماً أنّه بدءاً من العام 2016 أصبح الاتجاه الى خفض خدمة الدين العام باعتماد سياسات نقدية غير تقليدية عُرفت بـ»الهندسات المالية» بالتوافق بين وزارة المال والمصرف المركزي والمصارف اللبنانية، بغية استبدال تدريجي لجزء من الدين بالليرة بدين بالدولار (يوروبوند)، كون الفوائد على اليوروبوند أقل من الفوائد على سندات الخزينة بالليرة اللبنانية نظراً لفارق عامل المخاطرة بين العملتين.

وبين الفوائد المرتفعة التي كان يتمّ دفعها لتوظيفات المصارف في مصرف لبنان، والفوائد الأقل التي كان ينالها المصرف المركزي مقابل توظيف جزء من هذه الأموال في عمليات شراء سندات الخزينة، كان مصرف لبنان يتحمّل فارق الفوائد كخسائر في الموازنة طوال السنوات الماضية. وكانت مختلف التوترات السياسية تضغط على مناخ الثقة للاستثمار وتدهور تصنيف لبنان السيادي لدى مؤسسات التصنيف «فيتش»، «موديز» و«ستاندرد أند بورز»، مما يؤدي الى رفع الفوائد لتعويض المخاطر..

 

اليوم قارب مجموع الدين العام الـ100 مليار دولار وفق الأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة المال، إنما فعلياً فقط أقل من ثلثه بالدولار الأميركي والباقي هو بالليرة، وقد تدنت قيمته كثيراً إذا تمّ تقويمه على أساس سعر الدولار في السوق.

 

يبقى أنّ الدين العام كما مجمل الإشكاليات الإقتصادية، لا يمكن قراءته بمعزل عن الإشكاليات السياسية التي أحاطت به ورافقته، من منطلق تأثيرها المباشر على المناخ الاستثماري وثقة المموّلين وعامل المخاطرة الذي يُترجم بمعدلات فوائد الدين لإقناع المكتتبين.. وإذا كان حساب الدين مسألة علمية مستندة الى حسابات تقنية، إلّا أنّ المحاسبة عليه تتطلّب بإلحاح تسلسلاً متكاملاً في قطع الحسابات، لأنّ المالية العامة لا تكتفي بموازنات متوقعة بل تحتاج أرقاماً فعلية مثبتة.​

د. سهام رزق الله

الانتخابات تطيح خطة الانقاذ.. وتخبزوا بالأفراح

 

قيل الكثير في اليومين الماضيين في موقف صندوق النقد الدولي من خطة الانقاذ التي عرضَ الوفد اللبناني خطوطها العريضة في جولة المفاوضات الاولى. وقيل أكثر في الظلم الذي سيلحق بالمودعين جرّاء هذه الخطة. ماذا يعني ذلك؟ وهل لا يزال التفاؤل في إمكان إنجاز اتفاق مع الصندوق في غضون شهرين قائماً؟

بين كل التعليقات والتسريبات التي طَفت الى السطح، ومنها الدقيق وغير الدقيق، ساد انطباع عام مفاده ان الامور لا تزال تدور في حلقة مفرغة، بل انها قد تعود الى المربع الاول، من خلال مجموعة حقائق ومؤشرات، أهمها ما يلي:

اولاً – دخول رئيس الجمهورية على الخط وانتقاده العلني لمضمون الخطة ووصفه المقترحات الواردة فيها بـ»الوقاحة»، على اعتبار انها تلقي «على المودعين الجزء الاكبر من الاعباء، فيما مَن أهدر أموال الناس يتحمّل الجزء الأصغر. كيف سنطلب من الناس القبول بمزيد من التذويب لودائعهم وحقوقهم بينما لا يوجد بعد في السجن ولو شخص واحد من اولئك الذين سطوا عليها وتسبّبوا في إفقار أصحابها؟ وليكن معلوماً انني لن أقبل بأن يدفع المودعون الثمن الأكبر للحل كما دفعوا الثمن الأقسى للأزمة».

ثانياً – ملاقاة رئيس مجلس النواب رئيس الجمهورية في مسألة حقوق المودعين، واعلانه ان «لا كابيتال كونترول لمصلحة المصارف ما لم يكن هناك قانون يحفظ اموال المودعين حتى آخر قرش، ولا يمكن ان أقبل بتحميل اي خسائر للمودعين فلبنان ليس بلدا مفلسا على الاطلاق وهناك مؤسسات يمكن ان تنجح مثل الميدل ايست والريجي».

ثالثاً – هناك أحزاب وقوى سياسية بدأت تتحدث اكثر فأكثر عن ضرورة الحفاظ على حقوق المودعين بالكامل، وانها لن توافق على اي خطة لا تراعي هذه النقطة بالذات.

رابعاً – جرى الترويج لأجواء منقولة عن صندوق النقد مفادها ان الصندوق رفض مقترحات الوفد اللبناني انطلاقاً من مسألة رفضه المَس بحقوق المودعين، وان رئيس الحكومة اضطر الى العودة الى «لازارد» للمساعدة في إعادة صوغ مقترحات يمكن ان تتماهى ومتطلبات صندوق النقد.

من خلال المواقف السياسية المعلنة، يمكن الاستنتاج ان الحسابات الانتخابية هي الطاغية في هذه المرحلة، وكما انه يصعب إقرار موازنة اصلاحية للعام 2022 لهذا السبب بالذات، كذلك يستحيل اعلان خطة انقاذ موجعة. وبالتالي، أصبح من المؤكد ان لا خطة انقاذ ولا من ينقذون في هذه الحقبة، بانتظار انتهاء الاستحقاق الانتخابي.

أما في مسألة موقف صندوق النقد، فهناك مغالطات قد تكون مقصودة وقد تكون عفوية ونابعة من قلة المعرفة بطريقة عمل هذه المؤسسة الدولية. إذ ليس صحيحاً ان الصندوق يمكن ان يرفض خطة للتعافي استنادا الى حقوق المودعين، بل ان أي رفض لأي خطة قد ينبع من قناعة الخبراء في الصندوق بأنها لن تنجح بسبب الأثقال التي ستُلقى على عاتق الاقتصاد. وبالتالي، من وجهة نظر خبراء الصندوق، ان الخيار هو بين معادلتين: إما وضع خطة عادلة ومنصفة حيال المودعين (عددهم حالياً حوالى المليون)، وإما وضع خطة منصفة مع الاقتصاد المستقبلي تسمح بالتعافي في فترة زمنية منطقية، وتكون بالتالي عادلة مع بقية المواطنين (عددهم حوالى الـ4 ملايين).

ومن خلال التجارب العديدة مع دول أخرى، يمكن الاستنتاج أن الصندوق يوافق على واحد من أمرين: إمّا اقتطاع ما يلزم من الديون، لضمان التعافي الاقتصادي المستقبلي وفق جدول زمني محدّد بالخطة، وإما تحويل الديون والودائع والخسائر الى عُملة البلد، (الارجنتين أحد النماذج)، وتحمّل تبعات التضخّم، وهي تبعات سيعانيها كل سكان البلد المعني. أما أنصاف الحلول، والتي في الاجمال لا ترضي المُقرض، ولا تُنصف الاقتصاد وتساعده على التعافي، فغالباً ما يرفضها الصندوق ويرفض تمويل هذا النوع من الخطط.

الواقع اليوم ان حجم إيداعات (توظيفات) المصارف في مصرف لبنان تبلغ حوالى 87 مليار دولار، لا يوجد منها فعليا سوى 12 مليار دولار. واذا اقتطعنا رساميل المصارف المقدّرة بحوالى 21 مليار دولار على سعر 1500 ليرة، وهي عملياً اصبحت اليوم لا تزيد عن مليار ونصف المليار دولار، مضافاً اليها الاموال المتوفرة في حسابات المصارف الخارجية، فإنّ المجموع العام لما هو متوفّر لا يتجاوز في أحسن الحالات الـ17 مليار دولار، بما يعني ان الفجوة تصل الى 70 مليار دولار. فمن اين سيتم تأمين هذه الدولارات لإعادة حقوق المودعين بالكامل؟

أنطوان فرح

تراجع بورصة وول ستريت بشكل حاد عند الإغلاق بسبب المخاوف من صراع أوكرانيا

أغلقت بورصة وول ستريت على انخفاض حاد يوم الجمعة للجلسة الثانية على التوالي مع شعور المستثمرين بقلق من تفاقم التوتر بين روسيا وأوكرانيا. وانخفضت معظم مؤشرات القطاعات الأحد عشر الرئيسية لمؤشر ستاندرد اند بورز 500 بقيادة قطاع التكنولوجيا. وصعد مؤشر قطاع الطاقة مع ارتفاع أسعار النفط لأعلى مستوى لها منذ سبع سنوات.

وهبطت أسهم أبل (NASDAQ:AAPL) وأمازون (NASDAQ:AMZN) وإنفيديا ومايكروسوفت وأثرت بشكل أكبر من أي قطاعات في تراجع ستاندرد اند بورز 500.

وبحسب بيانات أولية، تراجع المؤشر ستاندرد اند بورز 500 بواقع 85.76 نقطة أو 1.90 ليغلق عند 4418.32 نقطة، في حين خسر مؤشر ناسداك المجمع 400.02 نقطة أو 2.83 في المئة إلى 13784.13 نقطة. وتراجع المؤشر داو جونز الصناعي 510.12 نقطة أو 1.45 في المئة إلى 34731.47 نقطة. متابعة قراءة تراجع بورصة وول ستريت بشكل حاد عند الإغلاق بسبب المخاوف من صراع أوكرانيا