أعلن تحالف “أوبك+” اليوم الأربعاء عن قرار بخفض إنتاج النفط بمليوني برميل يومياً، وهو ما اعتبر أكبر خفض منذ عام 2020، فما تأثير هذا القرار؟
التقى مندوبو الدول الأعضاء بمنظمة “أوبك” والمنتجين المستقلين ضمن تحالف ما يعرف بـ”أوبك+” اليوم في العاصمة النمساوية “فيينا” لمناقشة التطورات والأحداث التي يشهدها السوق وتحركات أسعار النفط في الآونة الأخيرة.
ما أبعاد القرار؟
لا يعد هذا الخفض بوتيرة كبيرة قياساً على الخفض التاريخي الذي بدأه تحالف ”أوبك+” في مايو أيار عام 2020 والذي قدر بنحو 10 ملايين برميل بعد تهاوي أسعار الخام نتيجة قيود الإغلاق التي عمت العالم كردة فعل على تفشي فيروس كورونا.
وفي بيانه اليوم بعد اجتماع مطول، كشف المندوبون عن ضرورة تعديل انعقاد اجتماعات لجنة المراقبة الوزارية لتصبح كل شهرين، وسوف يكون اجتماعهم القادم في الرابع من ديسمبر كانون الأول.
كما كشف البيان عن منح اللجنة صلاحيات لعقد اجتماعات إضافية أو طلب عقد اجتماعي لوزراء الدول الأعضاء في “أوبك” والمستقلين في أي وقت من أجل مناقشة التطورات التي يشهدها السوق.
الخفض المشار إليه سلفاً ربما يؤدي إلى تعافي أسعار النفط من انخفاضاتها قرب حاجز 90 دولار للبرميل مقارنة بمستوى 120 دولار للبرميل قبل ثلاثة أشهر.
ويأتي ذلك في ظل المخاوف من وقوع ركود اقتصادي عالمي بسبب سياسات التشديد النقدي (رفع الفائدة) من جانب البنوك المركزية العالمية وكذلك ارتفاع الدولار الأميركي.
وتباينت ردود أفعال الخبراء والمحللين في الأسواق، فقد أفاد محللو بنك JPMorgan أن ارتفاع أسعار النفط بعد القرار سيكون له تأثير محتمليمتد إلى أسواق الأسهم وخاصة أسهم شركات الطاقة.
أما محللو Goldman Sachs، فيرون أن خفض الإنتاج الحقيقي سوف يتراوح يكون بين 0.4 و0.6 مليون برميل يوميا بشكل رئيسي من منتجي دول الخليج الأعضاء في “أوبك” مثل السعودية والعراق والإمارات والكويت.
وفي ردة فعل على القرار، ارتفعت عقود خام “نايمكس” الأميركي بنسبة 1.8% إلى 88.07 دولار للبرميل، في حين ارتفعت عقود “برنت” بنسبة 2% إلى 93.6 دولار للبرميل.
كيف فُسر القرار؟
قالت المملكة العربية السعودية وأعضاء آخرون في أوبك+ إنهم يسعون لمنع التقلبات في السوق بدلاً من استهداف سعر معين للنفط.
أما من جانب روسيا – التي تعد أحد أعضاء تحالف “أوبك+” – فإن اتهاماتها للغرب لا تزال مستمرة بأن الولايات المتحدة وأوروبا يستخدمون الطاق كسلاح تسبب في خلق أزمة بالقارة العجوز وربما ما هو أسوأ في الشتاء القادم.
كما أن وزير الطاقة الاماراتي سهيل المزروعي قد أكد للصحفيين قبل اجتماع اليوم على أن القرار فني وليس سياسي مشيرا إلى أن تحالف “أوبك+” ليس منظمة سياسية وأن المخاوف بشأن الركود العالمي من الموضوعات الرئيسية المطروحة على الطاولة، مشدداً على أن “أوبك+” قلقة بشأن ضعف الاستثمارات في صناعة الطاقة.
ماذا عن ردة الفعل الأميركية؟
صدرت تصريحات من البيت الأبيض على لسان الرئيس الأميركي “جو بايدن” بدا من ظاهرها الرفض والانتقاد للخطوة التي اتخذتها “أوبك” وحلفائها المستقلين.
وصرح “بايدن” أن خطوة خفض الإنتاج النفطي من “أوبك” كانت غير ضرورية، ووجه “بايدن” وزير الطاقة في إدارته لاستكشاف اتخاذ المزيد من الإجراءات لزيادة الإنتاج المحلي من الخام.
كما أشار البيت الأبيض إلى أن إدارة “بايدن” سوف تتشاور مع الكونغرس حول الأدوات والسلطات الإضافية لخفض سيطرة “أوبك” على أسعار الطاقة.
وعلقت وزارة الطاقة الأميركية أيضا بالقول إنها سوف تسلم 10 ملايين برميل إضافية من احتياطي النفط الاستراتيجي في الشهر المقبل لدعم المعروض في السوق المحلي.
وواصل البيت الأبيض هجومه على القرار الذي وصفه بالخاطيء قائلاً إن خفض الإنتاج النفطي من “أوبك+” يصب في صالح روسيا.
وفي ذات السياق، أفاد محللون لدى بنك Citi بأن ارتفاع أسعار النفط رداً على الخفض في الإنتاج من جانب “أوبك+” سوف يؤثر سلباً على إدارة “بايدن” قبيل انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة.
السعودية
وردت تعليقات سعودية على لسان وزير الطاقة عبد العزيز بن سلمان الذي مازح الصحفيين عند وصوله إلى الاجتماع في “فيينا” بقوله: استمتعوا بالشمس..سيكون يوماً مشمساً”.
وأكد في تصريحاته على أنه ليس صحيحاً أن الخفض الحقيقي في إنتاج النفط 0.5 مليون برميل يومياً وأن تقديرات المملكة تتراوح ما بين مليون إلى 1.1 مليون برميل يومياً.
وأفاد بأن بلاده لا تعلم كيف سيتم فرض سقف على سعر النفط الروسي – بناء على ما أعلنته دول الغرب بقيادة الولايات المتحدة وأوروبا – لكنه أكد على التزام الرياض تجاه الاقتصاد العالمي وسوق النفط.
وأضاف “عبد العزيز بن سلمان” أن العالم يواجه حالة غير مسبوقة من عدم اليقين، وأن قرار ”أوبك+” اليوم يعكس مدى الالتزام بالنظم التي تم إرسائها.
CNBC