تتوالى التحذيرات بشأن أداء الاقتصاد العالمي في ضوء التطورات الجيوسياسية والضغوط التضخمية المتصاعدة في مختلف الاقتصادات المتقدمة، وكذلك السياسات النقدية التشديدية التي تتبناها البنوك المركزية الكبرى.
وفي تقريره الصادر اليوم الثلاثاء، حذر صندوق النقد الدولي بأن “الأسوأ لم يأت بعد” بالنسبة للاقتصاد العالمي، كما خفض توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي في 2023 متوقعاً أن تؤدي زيادات أسعار الفائدة إلى ركود اقتصادي عميق.
هل هناك سوء تعامل مع التضخم؟
حذر صندوق النقد الدولي من رياح معاكسة شديدة يواجهها الاقتصاد العالمي مما دفع مسؤولي الصندوق لخفض توقعات النمو، وطالبوا البنوك المركزية العالمية بحسن التصرف في حربهم ضد التضخم.
وبدا في تقرير الصندوق نظرة تشاؤمية عن الاقتصاد العالمي بسبب عوامل من بينها تعطل سلاسل الإمداد والحرب الروسية في أوكرانيا والتي أدت لارتفاع أسعار الطاقة والغذاء على مدار الأشهر الماضية.
وعلى أثر هذا الارتفاع، قفزت معدلات التضخم في عدد من دول العالم مما اضطر البنوك المركزية لاتخاذ قرارات متسارعة لرفع الفائدة بشكل حاد من أجل السيطرة على التضخم.
وأفاد الصندوق أن الاقتصاد العالمي سوف ينمو بنسبة 3.2% هذا العام مقارنة بتقديرات سابقة بنمو نسبته 4.4%، أما في عام 2023، فإن الصندوق يرى نمواً عالمياً بنسبة 2.7% مقارنة بتقديراته السابقة بنمو نسبته 3.8%.
الاقتصادات الكبرى
في الولايات المتحدة، يرتفع التضخم، وتزيد معدلات الفائدة، وهذا المزيج يقوض إنفاق المستهلكين والنشاط في قطاع الإسكان، وبالتبعية يقود ذلك إلى تباطؤ اقتصادي.
وفي أوروبا، فإن هناك تقلبات اقتصادية شديدة مع ارتفاعات حادة في أسعار النفط والغاز الطبيعي وتوقعات بمزيد من الارتفاعات في ظل استعداد القارة العجوز لفرض المزيد من العقوبات على قطاع الطاقة الروسي.
أما في الصين – صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم – فإن هناك قيود إغلاق تفرض من آن لآخر في أماكن وأقاليم متفرقة لكبح انتشار فيروس كورونا، وهذه الإجراءات من شأنها الإضرار بأداء الاقتصاد.
أزمة الغذاء
خلال اجتماعات وزراء المالية على هامش اجتماعات صندوق النقد الدولي، تم التطرق إلى تأثير الحرب الروسية في أوكرانيا على أسعار الغذاء عالمياً.
وفي ذات السياق، أدانت وزيرة الخزانة الأميركية “جانيت يلين” التصرفات الروسية التي أدت إلى أزمة شديدة في الغذاء حول العالم، وذلك بحضور افتراضي من وزير المالية الروسي “أنطون سيلوانوف”.
وعلقت “يلين” قائلة: “إن نظام الرئيس بوتين والمسؤولين الذين يمثلون روسيا حتى في هذا الاجتماع يتحملون مسؤولية أزمة إنسانية وشيكة في ظل الحرب الدائرة”.
نعم الاقتصاد العالمي بأسره يتضرر بشدة بسبب العوامل المذكورة، لكن ما يحدث من تباطؤ في الاقتصادات المتقدمة بشكل خاص يضغط على الأسواق الناشئة التي كانت هشة بالفعل قبل الأزمة بسبب كورونا.
وحذر الصندوق من أن ارتفاع معدلات الفائدة وزيادة تكلفة الغذاء قللت الطلب على الصادرات، وهو ما يهدد الملايين حول العامل بالوقوع تحت براثن الفقر.
البنك الدولي
سلط رئيس البنك الدولي “ديفيد مالباس” الضوء على بذل البنك جهودا غير مسبوقة لمواجهة الأزمات التي تحيط بالعالم.
في عام 2022، ضخ البنك الدولي ما يقرب من 115 مليار دولار كحزم تمويلية لدعم الدول في مواجهة جائحة كورونا ودعم الأنظمة التعليمية.
وعلاوة على ذلك، أفاد “مالباس” بأن البنك ضخ تمويلات بنحو 31.7 مليار دولار لدعم جهود مكافحة التغيرات المناخية بالإضافة إلى 13 مليار دولار كتمويل طاريء للشركاء من أجل مواجهة تداعيات الحرب في أوكرانيا.
تجدر الإشارة إلى أن اجتماعات البنك الدولي تنطلق في الفترة بين 10 إلى 16 أكتوبر تشرين الأول بحضور عدد من القادة والمصرفيين.
وسوف تشهد الاجتماعات تصريحات وكلمات لشخصيات أبرزها رئيس البنك الدولي “ديفيد مالباس” ورئيسة صندوق النقد الدولي “كريستالينا جورجيفا” والرئيس التنفيذي لمنظمة “يونيسيف” “كاثرين راسل”.