رغم إنجاز الترسيم.. الليرة اللبنانية تواصل السقوط!

لم تنجح الأخبار الإيجابية المتعلقة بإنجاز ملف ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، في إحداث تغيير إيجابي أو حتى لجم الوضع المتدهور للعملة اللبنانية، بل ازداد الوضع سوءاً، حيث استمر الدولار بإسقاط الليرة اللبنانية مسجلاً أمامها أرقاماً قياسية تاريخية في السوق السوداء متجاوزاً حاجز الـ 40 ألف ليرة لأول مرة.

وهذا الأمر انعكس ارتفاعا في أسعار السلع الغذائية والمحروقات وزاد من المعاناة المعيشية للبنانيين الذين كانوا يأملون في حدوث “انفراجه” بعد تسويق البعض لفكرة أن لبنان تحوّل الى بلد نفطي.

ويقول الباحث في الشؤون الماليَّة والاقتصاديَّة، البروفسور مارون خاطر في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن اتفاق ترسيم الحدود المنجز بانتظار التوقيع لم ينعكس إيجاباً على سعر الصرف، لكون تداعياته الاقتصادية والنقدية المباشرة مؤجلة إلى زمن الاستخراج والإنتاج من جهة، ولعدم تمكن المتلاعبين بالسوق الموازية من استغلاله من جهة أخرى، حيث تحيط به مخاطر وشكوك حتى التوقيع النهائي عليه وربما لما بعد ذلك.

وبحسب خاطر فإن ارتفاع سعر الصرف مقابل الليرة، يعكس فقدان الثقة بالاقتصاد اللبناني وبالليرة كنتيجة طبيعية للواقع الاقتصادي والسياسي المتأزم، ولعدم قدرة المصرف المركزي على التدخل بسبب قرب نفاد احتياطاته، مشيراً الى أنه بالإضافة إلى شحِّ العرض وانخفاض حجم التدفقات، تشهد الأسواق طلباً متزايداً على الدولار بعد رفع الدعم، وخروج المصارف من المعادلة الاقتصادية، وتحول الاقتصاد “المدولر” أصلاً إلى اقتصاد نقدي تغيب عنه الرقابة.

ويضيف خاطر أنه في هذا الوقت المصيري، تتلهّى الدولة اللبنانية بابتداع العلاجات الموضعية المؤقتة، وسط غياب كامل للخطط الإصلاحية الشاملة وتراجع حاد في الايرادات، وزيادة كبيرة في نسبة التضخم وفي معدل البطالة، مشيراً الى أن مفتاح الحل يكمن في فك الحلقة المفرغة التي يدور فيها البلد، عبر تأمين استقرار سياسي يدفع نحو استعادة الثقة المفقودة.

من جهته يقول رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق باتريك مارديني في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن آمال انخفاض سعر الصرف بعد الإعلان عن اتفاق ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل كانت غير مبنية على وقائع اقتصادية، مشيراً الى أن الأمور اختلطت على الناس بين موضوع ترسيم الحدود وبين موضوع اكتشاف النفط والغاز.

ويضيف مارديني أن لبنان قام بترسيم حدوده البحرية، ولكن هذا لا يعني أنه بات لديه نفط وغاز، فالشركات ستقوم في المرحلة المقبلة بعمليات التنقيب في البحر للتأكد من وجود النفط، وفي حال تم التأكد من ذلك سيكون على اللبنانيين الانتظار حتى 8 سنوات لتحقيق المداخيل.

ووفقاً لمارديني، فإن أسباب انهيار سعر صرف الليرة لا تزال موجودة، إذ أقرّت الحكومة اللبنانية موازنة فيها عجز وغير ممولة، وقد زادت الموازنة مداخيل الموظفين وبالتالي سيتم تمويل هذه المصاريف عن طريق طباعة الليرة اللبنانية كون مداخيل الدولة أقل من نفقاتها، وهذه الخطوة ستزيد كمية الليرة بالتداول وهو ما سيزيد انهيارها.

ولفت مارديني إلى أنه على الدولة معالجة مشكلة عجزها عن طريق تخفيض النفقات بدلاً من زيادتها، وتنفيذ الإصلاحات.