متابعة قراءة مكاسب طفيفة للأسهم الأمريكية بعد خسائر الأسبوع الماضي
الأرشيف الشهري: فبراير 2023
العقود الآجلة للنفط تهبط 1٪ وسط القلق من زيادة الفائدة الأمريكية
وزيرة الخزانة الأميركية: توجد عوائق قانونية أمام مصادرة الأصول الروسية لمساعدة أوكرانيا
غولدمان ساكس يتوقع شح المعروض النفطي وزيادة أوبك+ الإنتاج في يونيو
الأسواق الأوروبية تغلق على ارتفاع .. والجنيه الإسترليني يرتفع بفعل صفقة بريكست جديدة
الذهب يرتفع مع فقد الدولار بعض مكاسبه
المعركة ضد التضخم لم تنته بعد مع قوة سوق الوظائف الأميركي
وول ستريت تفتح على صعود بعد أسوأ عمليات بيع أسبوعية في 2023
هيئة تنظيمية سويسرية تجري تدقيقا يشمل 12 مصرفا في قضية ترتبط بحاكم مصرف لبنان
الصين تسد فراغ الشركات الأميركية في روسيا.. كيف ذلك؟
خلال العام الماضي، هربت مئات العلامات التجارية العالمية من روسيا عقب الحرب الروسية الأوكرانية، أجبر هذا الروس على إيجاد بدائل لكل شيء بداية من الهواتف الذكية إلى السيارات.
واستفادت من هذا التغيير الشركات الصينية، حيث تظهر بيانات الصناعة أن عملاق الهواتف الذكية Xiaomi وصانع السيارات Geely من بين أولئك الذين شهدوا زيادة في المبيعات في الأشهر الأخيرة.
حيث كانت أجهزة iPhone و Samsung Galaxies من الأكثر مبيعًا قبل الحرب، لتصبح الطرازات من Xiaomi وRealme محلهما، وفقًا لـ Counterpoint Research.
كان المصنعون الصينيون يتمتعون بشعبية كبيرة في روسيا قبل الحرب، مستحوذين على ما يقرب من 40% من سوق الهواتف الذكية في ديسمبر/كانون الأول 2021. والآن، استحوذوا على ما يقرب من 95% من السوق بعد عام، وفقًا لبيانات Counterpoint.
وفي الوقت نفسه، شهدتSamsung وApple – في المركز الأول والثاني على التوالي – انخفاضًا في حصتها المجمعة في السوق من 53% إلى 3% فقط خلال نفس الفترة التي انسحبت فيها من البلاد.
السيارات على الطرق الروسية
على مدار العام الماضي، قفزت شركات صناعة السيارات الصينية Chery و Great Wall Motor إلى أكبر 10 علامات تجارية لسيارات الركاب، في حين اختفت BMW و Mercedes الألمانيتين، وفقًا لبيانات من S&P Global Mobility.
اشترى الروس عددًا قياسيًا من السيارات الصينية العام الماضي، وفقًا لبيانات Autostat، وقالت في تقرير الشهر الماضي إن مبيعات السيارات الصينية الجديدة في البلاد ارتفعت بنسبة 7% في عام 2022 إلى 121.800 ألف سيارة.
Lada العلامة التجارية المحلية التي كانت بالفعل أشهر شركة لصناعة السيارات في روسيا قبل الحرب، شهدت أيضًا نمو حصتها في السوق من حوالي 22% إلى 28% في عام 2022، وفقًا لبيانات S&P.
متابعة قراءة الصين تسد فراغ الشركات الأميركية في روسيا.. كيف ذلك؟
لماذا ارتفع سوق الكريبتو اليوم؟
خفض الدولار بدءاً من اليوم… خيارات المركزي
هل توجد اجراءات فعلية في هذه المرحلة للحَد من انهيار سعر صرف الليرة؟ وماذا سيفعل مصرف لبنان في الفترة التي ستفتح خلالها المصارف أبوابها من جديد، لتسيير شؤون الناس؟
منذ بدأت الاجتماعات المالية في السرايا، بهدف البحث عن حل للأزمة المستجدة، والتي تمثّلت بإضراب القطاع المصرفي، وبارتفاع سعر صرف الدولار وفق وتيرة سريعة تجاوزت المعدلات السابقة، يتم الترويج لمقولة انّ مصرف لبنان رسم خطة للجم الدولار، وانه ينتظر وقف إضراب المصارف لكي يبدأ في تنفيذها.
بدءاً من اليوم الاثنين، سوف تكون المصارف قد فتحت أبوابها، للعمل بشكل اعتيادي لمدة اسبوع مبدئياً، بانتظار ما سيفعله رئيس حكومة تصريف الاعمال لمعالجة الاشكالية القائمة بين بعض القضاء والقطاع المصرفي. فهل سيتمكن المركزي من خفض سعر صرف الدولار في هذه الفترة؟ وما هي الخطوات التي سيقوم بها؟
لا توجد إجراءات سحرية لوقف انهيار الليرة، وكل ما يستطيع ان يبتكره المركزي لن يخرج عن اطار ضَخ دولارات اضافية في السوق. وأيّ اجراء آخر، لا يتضمّن مبدأ ضخ الدولارات ملهاة ومضيعة للوقت، ولن يوصِل الى النتائج المستهدفة.
انطلاقاً من هذا المبدأ، هل سيضخ مصرف لبنان الدولارات بسخاء اعتباراً من اليوم الاثنين؟
لا بد من الاشارة اولاً، الى انّ المركزي سبق وأوقف ضخ الدولارات عبر «صيرفة» قبل إضراب المصارف. وقد خرج من السوق بشكل عشوائي، مما اثار القلق، وزاد الضغط على الليرة، بعدما أعطى الانطباع بأنّ مصرف لبنان أصبح عاجزا عن التدخّل مرة أخرى. في هذه الفترة، قفز سعر الدولار بسرعة اكبر من السابق. وما جرى فعلياً، هو انّ الدولار أعاد تموضعه في السوق، وأخذ سعره الحقيقي، بعدما كان في السابق اصطناعياً، بسبب تدخلات مصرف لبنان الدائمة لِلَجمه. بالاضافة طبعاً الى عوامل ترتبط ببدء اعتماد سعر الـ15 الف ليرة لسحب الودائع الدولارية بدلاً من 8 آلاف.
ما قد يفعله مصرف لبنان اليوم هو ان يعيد العمل في «صيرفة»، وان يسمح من جديد بسحب الرواتب عبر صيرفة لموظفي القطاعَين العام والخاص. كما يستطيع ان يعيد العمل في السماح للشركات المستوردة بأن تشتري الدولار عبر «صيرفة»، فيكون بذلك قد خفّف الضغط على الليرة، بما سيساهم في خفض الدولار قليلاً، في الايام القليلة المقبلة.
لكن هذه الاجراءات، وعلى بساطتها، لن تكون متاحة بسهولة، بسبب الفارق الشاسع في السعر بين السوق السوداء ومنصة صيرفة. هذا الامر سيؤدّي الى اشكالات سيعجز المركزي عن التصدّي لها. وسينتج عن هذا الفارق في الاسعار ما يلي:
أولاً – ستكون خسائر المركزي كبيرة في كل دولار يبيعه عبر «صيرفة». (حوالى 45% على السعر الحالي). وهذا يعني انّ كل 100 مليون دولار يبيعها مصرف لبنان سيخسر فيها حوالى 45 مليون دولار. في حين انّ خسائره في السابق، عندما كان سِعرا صيرفة والسوق السوداء متقاربين، (15% كمعدل عام) لم تكن تتجاوز الـ15 مليوناً لكل 100 مليون دولار يبيعها عبر «صيرفة».
ثانياً – سيعمد بعض أصحاب الشركات المستوردة الى الافادة من الوضع لتحقيق ارباح غير مشروعة، سواء عبر الاستيراد عبر «صيرفة» وبيع البضائع على سعر السوق السوداء، او عبر الاستيراد ومن ثم اعادة التصدير لتحقيق ارباح وتهريب الدولارات الى خارج البلاد.
ثالثاً – ستتعرّض مؤسسة الكهرباء لنكسة في تنفيذ خطة الجباية لتأمين اسعار الفيول، لأنّ فواتيرها مُسعّرة على «صيرفة بلاس»، في حين انّ الدولار الحقيقي سعره أعلى بنحو 30 % من «صيرفة بلاس». وهنا، امّا ستعجز المؤسسة عن الاستمرار في خطتها، أو سيضطر المركزي الى بيعها الدولار عبر صيرفة، بما يعني المزيد من الخسائر الجسيمة.
إذا أضفنا الى هذه الاشكاليات الثلاث، مسألة استمرار تراجع الاحتياطي في مصرف لبنان، ووصوله الى مستويات مقلقة، على اعتبار انّ هذا الاحتياطي مخصّص لتغطية جزء من الودائع، ولتنفيذ التشريعات القائمة ومنها التعميم 158، ومستقبلاً سيتم استخدام هذا الاحتياطي لتنفيذ مندرجات الكابيتال كونترول بعد إقراره، سيتبيّن ان المركزي لن يكون مرتاحاً لتنفيذ وعوده بلجم الدولار فور اعادة فتح ابواب المصارف.
يبقى، انّ الغموض يكتنف السعر الذي سيحدده مصرف لبنان لـ«صيرفة» صباح اليوم الاثنين. اذا حافظ السعر على ثباته ولم يتجاوز الـ46 الف ليرة، فهذا يعني ان مصرف لبنان لن يستطيع ضخ كميات كبيرة من الدولارات، وان الاجراءات الموعودة لن تتجاوز مبدأ رَش القليل من الدولارات على الموظفين في نهاية الشهر. أما اذا عمد المركزي الى تغيير سعر «صيرفة» بشكل جذري، ورفع السعر بنسبة كبيرة، فسيكون ذلك بمثابة مؤشّر على وجود نية لضخ كمية كبيرة من الدولارات، وفي هذه الحالة قد نشهد تراجعاً مقبولاً لسعر صرف العملة الخضراء. لكن ذلك لا يعني القدرة على الحفاظ على ثبات نسبي للسعر لفترة طويلة. اذ انّ ذلك يحتاج، ومثل إبر المورفين، الى ضَخ إضافي في كل فترة، وهذا ما لا يستطيع فعله مصرف لبنان لفترة طويلة.
الدولار والعملات الوطنية
بسبب النظام الإيراني الحالي وتطلعاته النووية، والعقوبات الدولية، وميليشياته الإرهابية، وقمعه للشعب الإيراني المحب مثل كل الشعوب للحرية والمعرفة والإنسانية والحياة المرفهة، فإن الريال الإيراني هو العملة الأقل قيمة في العالم. وبسبب العقوبات المفروضة على نظام الملالي و«الحرس الثوري» و«فيلق القدس»، وقمع المظاهرات والاحتجاجات والنساء السافرات، وتدخله في الأنظمة المجاورة من العراق إلى سوريا ولبنان واليمن ومياه الخليج العربي وسفن العالم التجارية، فإن إيران أصبحت دولة منبوذة وفاشلة وشبه محاصرة، وتم حرمانها من وصول نفطها إلى السوق العالمية، نتيجة العقوبات الأميركية والأوروبية الصارمة. وللعلم فإن الريال الإيراني انحدرت قيمته حالياً إلى 0.00002363 دولار أميركي، وهو رقم صعب القراءة!
الدولار الأميركي هو العملة الأكثر تداولاً واستخداماً في العالم، فهو يُستخدم بنسبة أكثر من 70 في المائة من الأوراق النقدية المستخدمة خارج الولايات المتحدة. كما أن هذا الدولار عملة احتياطية لعديد من الدول، ويعتبر فيها «عملة وطنية» غير قانونية في الأزمات الاقتصادية والمالية، مثلما حدث في لبنان والعراق وليبيا وأفغانستان.
أما الفرنك السويسري فهو العملة الأكثر استقراراً في العالم؛ لأن سويسرا لديها أدنى مستوى من الديون، وسياسة نقدية سليمة، ما يجعل اقتصادها قوياً للغاية. ولذلك يُطلق على الفرنك السويسري «عُملة الملاذ الآمن» نتيجة للجوء أصحاب الثروات الطائلة إليه، وحتى اللصوص الكبار وأصحاب الأموال السوداء المسروقة من الخزائن الحكومية الدولية في فترات الفوضى والانقلابات والثورات.
ومع كل تلك الدول تقف «جزر كايمان» في الساحل الغربي للبحر الكاريبي، وهي تابعة لبريطانيا وعاصمتها «جورج تاون» وعدد نفوسها يتراوح بين ثمانية وخمسين ألفاً وثمانية وستين ألف نسمة. وهي إقليم متخصص في غسل الأموال، ما جعلها تتصدر قائمة مخابئ الأموال المنهوبة، وهي تبذل أقصى ما في وسعها لمساعدة أغنى أغنياء العالم على إخفاء وغسل الأموال، دون ملاحقة قانونية جدية أو ضوابط رقابية. وقد أدرج وزراء مالية الاتحاد الأوروبي هذه الجزر في القائمة السوداء لملاذات التهرب الضريبي، إلى جانب جزر سيشيل وجزر بالاو. وتتعامل هذه الجزر مع أكثر من 100 ألف شركة دولية تعتبر من مراكز الأموال السرية الفاسدة؛ لكن حكومة جزر كايمان نفت هذه التهمة، وزعمت أنها «لا تعمل في السر»؛ بل تتعاون مع السلطات في جميع أنحاء العالم!
نعود إلى الدولار الذي تحول إلى مشكلة عويصة في دول مثل العراق ولبنان وإيران وأفغانستان، وروسيا بجلالة قدرها. فالدول تلجأ إلى قرار تخفيض قيمة عملاتها الوطنية لإعادة التوازن في ظروف عجز كبير، أو لتخفيف هذا العجز. ويؤدي تخفيض قيمة العملة الوطنية، كما حدث مؤخراً في العراق مثلاً، إلى جعل أسعار السلع المستوردة أعلى بالنسبة إلى السكان المقيمين، وقد يحدّ من شراء السلع المستوردة من الخارج، ويدفع إلى الإقبال على شراء منتجات وطنية رديئة الصنع، وليس لها منافس، بأسعار مقبولة بعد خفض قيمة العملة الوطنية، وانكماش رواتب المتقاعدين. إلا أن مثل هذا القرار يجب -وليس يجوز- أن يتم علاجه في أقرب انفراجة مالية؛ سواء بالاستيراد من الخارج أو تحسين الصناعة الوطنية للتنافس على السلعة، وليس إرغام المستهلكين على شراء «الهيكل العظمي» للدجاجة المحلية –مثلاً– وكتابة معلومات كاذبة عن وزنها! أو فتح مزاد علني يومي في البنك المركزي العراقي، لبيع الدولار مقابل الدينار العراقي عديم القيمة، ثم إرسال صناديق الدولارات المبيعة إلى إيران، بحجة أنها لتسديد كلفة بضائع مستوردة من طهران إلى بغداد، أو قيمة استهلاك كهرباء وهمي مستورد من إيران. يجب أن تنتهي هذه اللعبة «الإطارية» المكشوفة، فقد آن الأوان أن يتصرف المسؤولون بكامل المسؤولية عن وطن له حدود وعلم وعملة وطنية ونشيد وطني، وإيقاف أطول مسرحية فوضوية دموية فاسدة ومملة، استغرق عرضها عشرين عاماً.
لقد تعهد رئيس الوزراء العراقي الحالي بحل المشكلة، وإنعاش العملة الوطنية. الشعب العراقي في الانتظار، بعد أن تدخلت الولايات المتحدة للدفاع عن دولارها المنهوب من قبل دولة إيران والموالين لها في العراق.
قبل 5 أشهر ذكرت صحيفة «فايننشيال تايمز» أن قوة العملة الأميركية أمر مهم؛ إذ يميل الدولار إلى فرض ضغوط انكماشية على الاقتصاد العالمي. ويلعب رأس المال الأميركي والدولار دوراً كبيراً في أن تبقى الأسواق المالية الأميركية مفتوحة، وعندما تُغير التدفقات المالية اتجاهها من أو إلى الولايات المتحدة يتأثر الجميع.
لماذا ترتفع قيمة الدولار أمام بقية العملات الرئيسية الأخرى؟ يرى محللون اقتصاديون أن قرار الاحتياطي الفيدرالي المركزي الأميركي رفع سعر الفائدة بشكل مستمر وأسرع من بقية الدول الكبرى لكبح التضخم، يؤدي إلى تعزيز العملة الأميركية، وزيادة إيرادات الودائع وصناديق المعاشات التقاعدية، ما يفيد الأميركيين عند شراء السندات الأجنبية بأسعار مناسبة وتنافسية.
وإذا راجعنا الدول الأوروبية والآسيوية الأخرى، مثل بريطانيا وفرنسا والدول الإسكندنافية، أو اليابان والصين والهند، فهي غير راضية عن عملاتها، ولا ترفع أسعار الفائدة. أما الولايات المتحدة فهي راضية عن سياستها المالية، حتى لو كانت غير متحمسة لتحركاتها السياسية والعسكرية؛ لأنها قد تؤدي إلى ركود اقتصادي عالمي من دون مبرر.
الدخول في كل التفاصيل اليومية لا يجدي؛ لأنها قد تتغير مع صياح الديك؛ لكن أصحاب الثروات يهتمون بها لأنها قد تؤدي إلى سكتات قلبية. وأخيراً أنا أسمع شكاوى من العراقيين الذين تأذوا اقتصادياً من رفع أسعار شراء الدولار الأميركي في البنك المركزي العراقي، وليس الأميركي، ويتساءلون: هل أصبح الدولار الأميركي عملة «وطنية» عالمية في العراق وغيره من الدول؟
وأخيراً يحتاط كثير من الدول بالذهب على حساب الدولار؛ لكن ذلك قد لا يعني أن هيمنة الدولار على نظام النقد الدولي باتت مسألة وقت، كما يقول قراصنة الجمجمة والعظمتين.
داود الفرحان
هل يمكن لأميركا الازدهار من دون حرب؟
من دون صياغة رؤية جديدة للدور الأميركي في العالم، يربط الكثيرون داخل واشنطن بين التحديات الجيوسياسية القائمة اليوم بتلك التي كانت قائمة أمس.
وفي هذا الإطار، يجري تصوير الصين باعتبارها الاتحاد السوفياتي الجديد، وتنذر الخطوات العسكرية عالية التقنية التي تتخذها الصين بوصول الولايات المتحدة للحظة تدرك حينها فجأة أنه أصبح يتعين عليها اللحاق بركب بكين التي سبقتها. وعليه، جرى إحياء «لجنة الأخطار الحالية»، التي سبق وأن حشدت الدعم العام للإنفاق العسكري أثناء «الحرب الباردة»، مع تركز أنظارها هذه المرة على الصين.
ودعماً لأوكرانيا، تراجع المخزون الأميركي من الصواريخ، ما أثار دعوات للولايات المتحدة كي تصبح من جديد «ترسانة الديمقراطية»، وذلك «لتعزيز الدفاع عن النظام الليبرالي الحر والمفتوح».
ويجري النظر إلى فلاديمير بوتين باعتباره جاسوساً سابقاً لدى جهاز الاستخبارات السوفياتية (كيه جي بي)، وزعيماً سوفياتياً لا يعرف الرحمة.
ويمكن أن تكون مسألة إثارة الصراعات الكبرى لأميركا في مواجهة الفاشستية والشيوعية، مفيدة من الناحية الخطابية. وتستحضر هذه المسألة حقبة يجري تذكرها لديناميتها الاقتصادية، ووحدة الصفوف وراء هدف واحد وروح الوطنية التي سادتها.
ومع ذلك، فإن التصورات المبسطة للماضي تميل لإضفاء طابع رومانسي على تداعيات الحرب على المجتمع الأميركي. ولا تخلو هذه الذكريات الشائكة من خطورة، فقد تحولت الحرب إلى الحل لمشكلات أميركا الاقتصادية والسياسية، بدلاً عن الانتباه إلى حقيقة الحرب: أنها عامل محوري وراء خلق هذه المشكلات.
الحقيقة أن الميول الصقورية للقادة الأميركيين تتسبب فقط في تفاقم الأزمات والمخاطر على نحو يزيد من إدمان واشنطن للحرب. ولا يزال التصعيد مستمراً في التوترات مع الصين حول تايوان وبالونات التجسس، بينما تدخل الحرب في أوكرانيا عامها الثاني، مع غياب نهاية في الأفق.
ومع ذلك، فإنه نظراً لإدراكه لحدود القوة العسكرية الأميركية، تحرك الرئيس بايدن بحذر باتجاه دعم أوكرانيا، وحرص على تقدير توجهه إزاء الصين بحذر مقارنة بسلفه. كما أنه عمل على تقليص خسائر أميركا من خلال إنهاء الحملة المشؤومة لبناء الدولة في أفغانستان، إلا أن هذا لم يفلح في إسكات الجوقة داخل المؤسسة المعنية بالسياسة الخارجية التي تدعو لـ«حرب باردة» جديدة مع الصين، ومزيد من التصعيد لما تحول إلى حرب بالوكالة أمام روسيا، والعودة إلى سياسة ممارسة أقصى قدر من الضغوط على إيران.
وثمة فرضية تقليدية تقف خلف العقلية التي تدعو لتحمل عبء الاضطلاع بفرض نظام عالمي يقوم على مجموعة محددة من القواعد، وهي: الحرب، رغم مأساويتها، تحفز النشاط الاقتصادي والحماس الوطني. في الواقع، يعتبر مثل هذا الافتراض عتيق الطراز، على أفضل تقدير. اليوم، لم يعد الاقتصاد يتلقى تحفيزاً من جانب صناعات الحرب على النحو الذي عهدناه من قبل. عندما يجري خوض الحروب من جانب فيالق صغيرة من المتطوعين، ويجري تمويلها من خلال الاقتراض من مؤسسات مالية وحكومات أجنبية، أكثر عن الضرائب وسندات الحرب، لا تتكون روح عامة ملتفة حول قضية مشتركة.
في الواقع، أسهمت المغامرات العسكرية الرديئة التي تورطت فيها واشنطن الفترة الأخيرة في تراكم مستمر لديون تجاوزت 30 تريليون دولار، والتي يجري استغلالها كسلاح اليوم من قبل أعضاء الحزبين الديمقراطي والجمهوري داخل الكونغرس، سعياً وراء تحقيق مكاسب سياسية.
وبعد غزو روسيا لأوكرانيا، أصر إليوت أبرامز، الذي قاد السياسة تجاه الشرق الأوسط في ظل إدارة بوش والسياسة تجاه إيران وفنزويلا في عهد إدارة ترمب، على أن الولايات المتحدة ينبغي لها استغلال «فرص الحرب الباردة» السانحة؛ لتعزيز بناء إجماع بين الحزبين الرئيسيين بالبلاد.
ويبدو الحديث عن بناء هذا الإجماع مغرياً، لكن الحديث عن الإجماع حول الحرب ليس ما تحتاجه الولايات المتحدة أو ما سيساعدها على الازدهار، الواقع أن الانشقاق أكثر قيمة عندما تصل المخاطر مستوى الأزمة الجيوسياسية. وحدة الصف لا تعني الإجماع والتطابق، والمعارضة المنضبطة ما يفصل بين الديمقراطية التي تتحرك من الأسفل للأعلى عن الأنظمة الاستبدادية التي تتحرك من أعلى لأسفل.
الحقيقة أن الصلة الخرافية بين الحرب والوحدة المدنية لا تصمد أمام التفحص الدقيق. وفي كتابه الحاصل على جائزة «بوليتزر»، «نهاية خرافة»، تتبع غريغ غراندين الترتيب الزمني لكيف أنه بعد الحرب الأهلية، أرسل جنود الشمال والجنوب معاً إلى الحدود الغربية لتهدئة قبائل السكان الأصليين لأميركا.
وقد جرى النظر إلى هذه الحملات ضد السكان الأصليين، في جزء منها، باعتبارها سبيلاً لإعادة دمج الولايات الكونفدرالية السابقة داخل الجيش الأميركي، وجرى تصوير ذلك باعتباره «برنامج إعادة تأهيل» للجنوب.
أيضاً، جرى الترويج، إلى حد ما، للحرب الإسبانية – الأميركية والحرب العالمية الأولى باعتبار ذلك سبيلاً لتوحيد صفوف الشمال والجنوب. ومع ذلك، لم تمنع أي من هذه الحروب الانقسامات التي ظلت قائمة منذ فترة الحرب الأهلية، وصولاً إلى النقاشات الدائرة اليوم حول معالم الولايات الكونفدرالية وأعلامها.
هل سمحت الحرب العالمية الثانية لأميركا بتحقيق كامل إمكاناتها الاقتصادية والفرار من قبضة «الكساد العظيم»؟ هل أفرز الصراع أثناء «الحرب الباردة» في مواجهة تهديد شيوعي مشترك، حقبة من الوحدة والتقدم التكنولوجي؟ ومع أن هذه النوستالجيا تحمل داخلها بعض الحقيقة، فإنها تغفل بعض الحقائق التي لا تبعث على الشعور بالارتياح. من هذه الحقائق أن الولايات المتحدة دخلت الحرب العالمية الثانية بصورة أساسية بدافع الانتقام، وليس لإنقاذ العالم الحر.
وساعدت الحرب في إضفاء الطابع الصناعي على البلاد، لكنَّها خلفت وراءها كثيراً من الأميركيين في حالة من الفقر والحرمان. كما أن الخرافات الشائعة حول التناغم الاجتماعي أثناء حقبة «الحرب الباردة»، تتجاهل المآسي التي خلقتها سياسات الفصل العنصري. كما أن وحدة الصف المدني التي سادت فترة هجمات 11 سبتمبر لم تصمد أمام الحروب الكارثية في العراق وأفغانستان.
وتقدم لنا التسعينات تصويراً حياً لكيف أن الرخاء والتسويات السياسية يمكن أن يزدهران عندما نتخلص من شعور زائف بغياب الأمن الوطني، والتموضع العالمي العسكري الذي غالباً ما يرافقه. في ذلك العقد، كانت مشاركة أميركا في الصراعات العالمية محدودة، وكان الهدف الرئيسي لإدارة كلينتون إعلاء صعيد السياسة الخارجية، وتعزيز التجارة.
ربما يدفع المقاولون العاملون بمجال الدفاع أن الإنفاق العسكري يخلق نشاطات ووظائف تجارية، إلا أنه بعد عقود من السياسة الخارجية التي تحمل صيغة عسكرية واضحة، ينبغي أن تحذر واشنطن من مسألة استغلال موازنة الدفاع في الإسهام في النمو الاقتصادي، خصوصاً أن الأجيال الأصغر لا ترى حاجة لمقايضة السلام مقابل الرخاء. وكشف استطلاع أجرته منذ وقت قريب المؤسسة التي أنتمي إليها، أن غالبية البالغين الأميركيين تحت سن الـ30 يدعمون إقرار موازنة دفاعية أصغر.
في اللحظة الراهنة، يبدو أن الخطر يتهدد الديمقراطية الأميركية، وتبدو الأوضاع الاقتصادية عصيبة. ومن دون إدراك حقيقة هذه الحقبة من السياسات الدولية، يميل صناع السياسات نحو النكوص إلى سبل قديمة، الأمر الذي قد يدفعهم نحو الانزلاق نحو عادة الحد من التكاليف بأقصى درجة ممكنة، والمبالغة في ميزات التورط في صراع عسكري.
ومع ذلك، تظل الحقيقة أن فكرة أن الحرب بإمكانها علاج التراجع الديمقراطي والجمود الاقتصادي متخلفة؛ لأنه في الواقع فإن الديمقراطية الأميركية مهددة والثروات مهدرة بسبب الحروب الحمقاء، التي أهدرت مخزون الثقة والموارد العامة التي كان يمكن استغلالها على نحو مثمر بالداخل، بدلاً عن استغلالها على نحو مدمر بالخارج.
مارك هنا.