تقرير الوظائف الأميركية يترك الأسواق في حيرة

خيّم التناقض على تقرير الوظائف في الولايات المتحدة، ما بين زيادة في الوظائف كما أبلغ عنها أرباب العمل، وانخفاض العمالة كما ذكرت الأسر.

ولم يوفر تقرير الوظائف لشهر مايو الكثير من الراحة لمسؤولي الفدرالي الأميركي الذين كانوا يأملون في تراجع سوق العمل. حيث أشار صانعو السياسة الثلاثة الأكثر نفوذاً في الفدرالي، جيروم باول، وجون ويليامز، وفيليب جيفرسون، إلى تفضيلهم التوقف عن رفع سعر الفائدة في يونيو.

ولكن مع حل أزمة سقف الدين بشكل هادئ، ومعظم البيانات المفاجئة بشكل إيجابي، فقد تكون فرصة الفدرالي لرفع الفائدة تلوح في الأفق حتى لو كان باول يشك في أن الاقتصاد أضعف مما يبدو.

فالبيانات الأميركية قد تدعم فكرة رفع الفائدة، إلا أن بعض أعضاء مجلس الفدرالي يشككون بقدرة الاقتصاد على تحمل المزيد من رفع الفائدة حالياً.

الوظائف أفضل من التوقعات

كشف تقرير الوظائف الأميركية لشهر مايو عن إضافة 339 ألف وظيفة، متجاوزاً التوقعات البالغة 195 ألف وظيفة، ليس فقط القراءة الآخيرة، بل أجري التعديل على القراءة السابقة بزيادة 93 ألف وظيفة إضافية لتصل إلى 294 ألف وظيفة، ما يؤكد قوة نمو الوظائف في الولايات المتحدة.

لكن البطالة والأجور تحكي قصة مختلفة

ارتفع معدل البطالة من 3.4%إلى 3.7% وهي أكبر زيادة شهرية منذ الجائحة، وحساب هذا المعدل يتم من خلال دراسة استقصائية مختلفة تركز على الأسر الأميركية. والمثير للدهشة أن الاستطلاع كشف عن انخفاض في العمالة المنزلية بمقدار 310 ألف فرد، مصحوباً بارتفاع قدره 440 ألف في عدد الأميركيين العاطلين عن العمل. لذا فإن تقرير الوظائف حمل في جعبته بعض التناقض.

وبناء على تقدير الفدرالي، من الممكن أن يرتفع معدل البطالة إلى 4.5% بحلول نهاية العام.

وعلى الرغم من أن مسح الأسر هو مقياس أكثر تقلبًا لسوق العمل من الوظائف غير الزراعية، إلا أنه في العام الماضي كان أكثر دقة في التنبؤ بتحولات أرقام البطالة، وهو أيضًا أحد المؤشرات السبعة التي يستخدمها مكتب الأبحاث الاقتصادية في البيت الأبيض لتتبع حالة الركود.

وتراجع متوسط نمو الأجور في الساعة كما كان متوقعًا إلى 0.3% على أساس شهري، مقارنة بنمو الشهر السابق البالغ 0.5%، والذي تم تعديله إلى 0.4%. وإن المعدل السنوي لنمو الأجور في الساعة يبلغ 4.4%، وهو اتجاه يتوافق مع الاتجاه المطلوب للفدرالي.

إن التناقض بين الطلب القوي على العمال والندرة الملحوظة في العرض، إلى جانب تخفيف ضغوط الأجورهو تناقض ملحوظ، لكنه وضع قد يتبناه رئيس الفدرالي في اجتماع الشهر الحالي بكل سرور لتثبيت الفائدة.

الكلمة الآخيرة للتضخم

إن الأسواق لاتزال تضع امكانية رفع الفائدة في اجتماع شهر يونيو كخيار، حيث أنها تُسعر احتمالية رفع الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس بـ 23%. إلا أن الاحتمالية تأرجحت بشكل كبير منذ اجتماع شهر مايو. قد يعني ذلك أن الشكوك حول قرار الفدرالي الأميركي القادم كبيرة جداً. وبالإضافة إلى الشكوك، فإن التناقض بين مسح الأسر والشركات أعطى الأسواق بعض القرائن بأن الفدرالي قد يتجه لترك أسعار الفائدة دون تغيير.

وعلى ما يبدو أن قراءة مؤشر أسعار المستهلكين “التضخم” قبل يوم واحد من اجتماع اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة في 14 يونيو ستكون هي الفيصل والحكم لقرار الفائدة القادم.

أحمد عزام