“العملة المشفّرة” تتحوّل إلى “مقامرة”… ما مدى خطورتها؟

تتفشى ظاهرة المراهنة بالعملات المشفرة في لبنان وتنتشر بين أوساط الشبان، لتشكّل لهم مكسبا للأموال في ظلّ استئثار البطالة على سوق العمل. فأيّ مكاسب للعملات المشفرة وتحديدا البيتكوين؟ وما مدى خطورتها وأمانتها؟ والى أي مدى يمكن اعتبار المراهنة في هذا القطاع آمنة؟  

“البيتكوين”، بحسب ما يفسّر الخبير الاقتصاديّ باتريك مارديني لـ “المركزية”، هي عملة الكترونية مشفرة، غير صادرة عن المصرف المركزيّ، ولا يمكن للاخير أن يزيد من حجم العملة بالتداول أو تخفيضها، وهي غير محكومة بتدخلات السلطات أيا كانت.

وبحسب مارديني فان اللّجوء الى التداول بالعملة المشفرة خاضع في الأساس لعاملين أساسيين:

– الأول، تجنّبا للتضخّم الذي تتسبب به طباعة النقود، ومثالا ما حصل في لبنان، مع قرار الحكومة بزيادة حجم العملة النقدية المتداولة في السوق من 4 تريليون ليرة الى حوالى 80 تريليون ليرة اليوم، وما حصل في عدد من البلدان الأخرى حول العالم في ظلّ أزمة كورونا، حيث اتخذت بعض الحكومات قرارات مماثلة لكن بالحجم هذا، وهو ما أدى الى تضخم في عدد من الأسواق ولذلك يعيش الغرب في تضخم اليوم وهذا الامر يعني فعليا انخفاض القدرة الشرائية للعملة المحليّة، ما ينتج عنه فقدان ثقة الشعب بقدرة المصارف المركزية على المحافظة على القدرة  الشرائية للعملة المحلية، وهذا الواقع، يدفع بالموطنين الى اللجوء لـ “البيتكوين” كملاذ بعيد عن قدرة السلطات النقدية بأن تتحكّم به.اذا، الخوف من التضخم من جهة والمحافظة على الخصوصية من جهة أخرى، جعلت من “البيتكوين” عملة رائجة يقول مارديني.

– الثاني، “خصوصيّة التداول” التي تحكم هذا القطاع، وصعوبة الكشف عن المعاملات والمدفوعات التي أنجزت من خلال “البيتكوين”.

اذا، الخوف من التضخم من جهة والمحافظة على الخصوصية من جهة أخرى، جعلت من “البيتكوين” عملة رائدة يقول مارديني.

وقد يكون الاستعمال الأبرز لدى المستثمرين وأصحاب الأموال للبيتكوين هو تنويع المخاطر.

“الليرة” و”البيتكوين”

“الربح السريع” هو احد ابرز أسباب انتشار “البيتكوين” بين أوساط الشباب.. للأسف الشديد، يلحظ مارديني أنه في لبنان وغيره من البلدان، “البيتكوين” تُستخدم من قبل الشبان “للمقامرة والمضاربة”، فقد ينتج عن وضع كمية قليلة من الأموال في العملة المشفرة أرباحا طائلة في ظلّ التقلبات الحادة لهذه العملة، محذّرا من خطورة هذا الأمر، والخسائر الكبيرة، فصحيح أنّ  العملات المشفرة قد تسجل صعودا كبيرا الا أنّها تسجل هبوطا كبيرا أيضا، أحيانا في السرعة نفسها وأحيانا أكبر. وهنا، تكمن المخاطرة الكبرى.

وبمقارنة بين الانهيار الذي لحق بالعملتين المشفرة والليرة اللبنانية، بات البعض يعتبر، أنّ البيتكوين تقل خطورة عن الليرة اللّبنانية، فالانهيار الذي لحق بالبيتكوين لا يوازي الانهيار الذي لحق بالليرة اللبنانية. أضف الى ذلك، إنّ احتمال صعود الليرة اللبنانية مجددا يبقى ضئيلا مقارنة بصعود البيتكوين، وتاليا فإنّه بالمقارنة بين الليرة اللبنانية والبيتكوين يبقى “البيتكوين” أكثر استقرارا.

سمر الخوري