“الشركات الأكبر لم تعد بالضرورة الأفضل.. كذلك فإن عدم اليقين بشأن المستقبل الوظيفي لم يعد مقلقاً بشكل كبير”.. هذا جانب من المتغيرات التي فرضت نفسها على سوق العمل في اليابان بعد جائحة كورونا، وقد لعبت الشركات الناشئة دوراً في إرساء جانب من تلك المتغيرات.. كيف حدث ذلك؟ وما تأثيره على السوق؟
عرفت الشركات في اليابان، والمعروفة بأنظمتها الأكثر صرامة، مجموعة من المتغيرات خلال فترة جائحة كورونا وما بعدها؛ كان من بينها نمط العمل من المنزل وسبل التكيف معه في ظل القيود التي فرضها الوباء.
ورغم أن هذا التطور -وفي بيئة عمل حازمة مثل بيئات العمل اليابانية- يعد تطوراً أساسياً ومحورياً، إلا أن تحولاً كبيراً كان في انتظار الشركات، ارتبط بشكل أساسي بالنسبة لثقافة الموظفين الأصغر سناً، ممن لديهم أفكار خاصة بشأن الحقوق المهنية، وما تقدمه الشركات في سياق المخاطر والمكافآت التحفيزية، علاوة على فرص الترقية والتقدم في العمل، وبما يفرض على الشركات تجديد ثقافة العمل.
الشركات الناشئة.. كلمة السر
كان الرابح في هذا السياق هي “الشركات الناشئة”، والتي انضم إليها أكثر من خمس الموظفين الذين تركوا الشركات الكبرى، بحلول نهاية العام 2021، طبقاً لتقرير نشرته صحيفة financial times البريطانية، والتي نقلت عن جمعية رأس المال الاستثماري اليابانية، بيانات تشير إلى أن معدل الخمس المذكور، يأتي مقارنة بنسبة 8% في العام 2018 فيما يخص التحويلات الوظيفية من الشركات الكبرى لنظيراتها الناشئة.
“ولا تدرك كثير من الشركات (الكبرى) حقيقة ما يحدث.. ولو أنها أدركت هذا التحول فستكون في حالة من الذعر”، بحسب ما نقلته الصحيفة عن إحدى الموظفات التي تتأهب لمغادرة أحد أكبر البنوك اليابانية، والتي ذكرت أن “الشركات الناشئة تقدم بيئة عمل بديلة”.
تتحدى تلك التحولات القيود الراسخة -التي يشكو منها الموظفون صغار السن بشكل دائم- في بيئات العمل في اليابان، ومن بينها القيود المتعلقة بالأقدمية على أساس العمر.
وبحسب البيانات التي نقلتها الصحيفة عن الرئيس التنفيذي لشركة رأس المال الاستثماري Coral Capital ومقرها طوكيو، غيمس ريني، فإن “الاستثمار في الشركات الناشئة في البلاد ارتفع بحوالي 10 مرات خلال التسع سنوات الماضية، واجتذبت الشركات بعض الموظفين الأكثر موهبة في البلاد”.
دعم حكومي
يأتي ذلك في ظل الدعم المالي والتنظيمي الذي توفره الحكومة اليابانية، والذي سّهل عملية البدء، وجعل هذا النمط من الشركات سائداً”.
يضاف إلى عامل الدعم الحكومي أيضاً، عوامل عديدة أخرى عززت اتجاه الموظفين للشركات الناشئة، من بينها أنه “في شركة ناشئة، يمكنك أن تتولى على الفور أو بسرعة كبيرة منصبًا رئيسيًا ويكون لك تأثير حقيقي على شركة من المحتمل أن تحقق عوائد أعلى بكثير”. كذلك تعمل الشركات الناشئة على توسيع فجوة الرواتب بينها وبين الشركات التقليدية.
ويعد قرار الالتحاق بشركة ناشئة بالنسبة للبعض تحوطاً ضد المخاطر المهنية، لا سيما بالنسبة للشباب الذين ينظرون للشركات التقليدية الكبيرة بأنها لن تكسبهم المهارات التي يحتاجونها لبناء وظائف في عالم ديناميكي سريع التغير.
