يواجه أكبر اقتصاد في أوروبا خطراً داهماً، من شأنه تهديد “سلسلة القيمة بأكملها” في القطاع الصناعي بالبلاد، والذي يعد رافداً أساسياً للنمو الاقتصادي.
تتكشف تفاصيل ذلك التهديد في نتائج الاستطلاع الذي أجرته غرفة التجارة والصناعة الألمانية (DIHK) والذي كشف عن أن 32% من الشركات الصناعية المشاركة في هذا الاستطلاع عن تفضيلها الاستثمار خارج ألمانيا بدلاً من التوسع على الصعيد المحلي، مقارنة بنسبة 16% فقط في استطلاع مماثل تم إجراؤه العام الماضي.
يأتي تزايد النسبة على ذلك النحو انطلاقاً من المخاوف بشأن المستقبل، وفي ظل حالة عدم اليقين التي تعتري الاقتصاد الألماني والاقتصاد الأوروبي عموماً، في ظل الابتعاد عن الغاز الروسي “الرخيص”.
وفي هذا السياق، نقلت صحيفة financial Times البريطانية، عن الرئيس التنفيذي لإحدى الشركات الصناعية تحذيراته من أن هذا التوجه من شأنه تهديد سلسلة القيمة بأكملها.
وأفاد رئيس شركة Salzgitter لصناعة الصلب، جونار غروبلر، بأنه من الضرورة بمكان أن يلتزم كبار المصنعين في برلين بالبلاد، من أجل درء مخاطر تراجع التصنيف في أكبر اقتصاد أوروبي.
تكاليف الطاقة
وشدد على أنه حال ما إن ترك مصنعو المواد التي تحتاجها الصناعة في البلاد (مثل الصلب أو المواد الكيميائية وغير ذلك) السوق المحلية بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة، فإنهم بذلك يخاطرون بخسارة سلسلة القيمة بأكملها للإنتاج.
وحذر من أن هذا التوجه من شأنه تقليص معدلات الصناعة في البلد، موضحاً أنه “من منظور مجتمعي، أعتقد بأننا كصناعة نتحمل مسؤولية أيضًا”.
وأصبحت عديد من المشاريع الكبرى في البلاد، لا سيما المرتبطة بالمناخ، وبما في ذلك أيضاً مشاريع البنيك التحتية للسكك الحديدية المُنتظرة، محل شك، بعد تجميد السلطات المدفوعات من صندوق المناخ والتحول، في أعقاب قرار اتخذته المحكمة العليا في برلين بأن مبلغ 60 مليار يورو المخصص للصندوق، المصمم للمساعدة في إزالة الكربون من الصناعة، غير قانوني.
الصلب الأخضر
بينما تراهن صناعة الصلب الألمانية بشكل كبير على الطلب المستقبلي في أوروبا على ما يسمى بالصلب الأخضر، حيث تضخ مليارات اليورو في عملية انتقالية ستشهد في نهاية المطاف استبدال أفران الغاز بتقنيات تعتمد على الهيدروجين النظيف والكهرباء.
وواجه القطاع الصناعي في ألمانيا عديداً من الصعوبات منذ العام الماضي، وفي ضوء أزمة الطاقة. فيما بدا أن الأزمة ربما تتخذ مساراً أقل حدة حالياً، بعدما أظهرمؤشر مديري المشتريات للقطاع الصناعي بالبلاد في نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، أعلى مستوياته في 7 أشهر، غير أنه لا يزال في مستوى الانكماش (تحت مستوى 50 نقطة للشهر السابع عشر على التوالي).