لا تشبه سنة 2023 سابقاتها من السنوات الثلاث الماضية التي عانى فيها لبنان من أسوأ أزمة اقتصادية ونقدية ومصرفية في تاريخه، فعلى الرغم من المشهد السوداوي الذي شهده في نهاية العام 2022 إلا أن العام الحالي جاء أقل وطأة على كاهل المواطنين وبخاصة العاملين في القطاع الخاص الذين ساهموا مع أموال المغتربين التي تقدر بـ 8 مليارات دولار والموسم السياحي الذي فاقت إيراداته الـ 4 مليارات دولار بنمو يقدر بنحو 0.5% كمؤشر إيجابي للاقتصاد اللبناني.
إلا أن العجز عن إقرار أي خطة حكومية للتعافي يبقى حتى الآن هو العائق الأساسي لعدم التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي.
محطات عديدة رسمت العام 2023 لربما أبرزها انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة وتسلم الحاكم بالإنابة وسيم منصوري، الذي أدار السياسة المالية محافظاً على استقرار سعر الصرف وامتنع عن تمويل الدولة من أموال مصرف لبنان بالعملات الأجنبية لتغطية عجز الموازنة، هذه الموازنة التي خرجت بعجز معلن قدره 46 تريليون ليرة أو ما يقارب 500 مليون دولار ولم تقر حتى اللحظة فيما مشروع موازنة 2024 مثقل بالضرائب والرسوم ويواجه اعتراضات باللجان النيابية.
ومع عدم إيجاد أي حلول لأموال المودعين تبقى القوانين الإصلاحية كالكابيتول كونترول وإعادة هيكلة المصارف وقانون التوازن المالي معلقة بانتظار الحلول السياسية العامة في ظل فراغ رئاسي وتشريعي وحكومة تصريف أعمال غير مكتملة الصلاحيات.
أما على المستوى الاجتماعي فقد أظهرت البيانات الحديثة لإدارة الإحصاء المركزي أن مؤشر أسعار الاستهلاك في لبنان سجل ارتفاعاً نسبته 208% في شهر سبتمبر أيلول 2023، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022، وهو ما يعود إلى ارتفاع أسعار مختلف المواد والخدمات الأساسية بحيث حل لبنان في المرتبة الثانية من بين الدول العشرة الأكثر تضرراً من تضخم الغذاء في العالم بحسب البنك الدولي.
ووفقاً لتقرير المرصد الاقتصادي للبنان فإن علامات التطبيعأو التكيف الحاصل حالياً مع الأزمة والتباطؤ في انكماش النشاط الاقتصادي لا يعني تحقيق الاستقرار كما إن تنامي الاقتصاد النقدي الذي يقدر بنحو نصف إجمالي الناتج المحلي هو نقطة سوداء في الاقتصاد المحلي والمطلوب خطة إصلاحية شاملة تكون بارقة أمل للعام.