هل «أوبك بلس» على حق عندما فكرت في خفض الإنتاج لمدة عام كامل ثم زادته بعض الدول في التحالف بصورة طوعية؟ هذا السؤال من الأسئلة الصعبة إجابتها، لأن التحالف دائماً ما يقف موقف المتهم من قبل الإعلام الغربي والمستهلكين في باقي العالم.
نعم أسعار النفط مهمة لدى الجميع منتجين ومستهلكين، ولكن هناك نقطة الكل يؤكد عليها ولا أحد يلقى لها بالاً بشكل كبير، وهي استقرار السوق.
استقرار السوق بالنسبة لدول تتحكم في أكثر من 40% من الإنتاج العالمي للنفط أهم بكثير من مكاسب سعرية سريعة ومؤقتة. هل هذا صحيح؟ نعم إلى حد ما، ولكن ليس لكل الدول بالتأكيد، بل للدول التي لديها إنتاج ضخم وكبير.
«أوبك بلس» ليست ذات تاريخ طويل، بينما منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) لديها تاريخ طويل جداً يمتد إلى أكثر من 60 عاماً في التعامل مع الأسعار والتقلبات.
«أوبك» تعلمت الكثير من الدروس القاسية، وأولها أن أسعار النفط العالية لفترة طويلة جداً ليست في صالحها. هذا السيناريو أدى إلى أزمة السوق في الثمانينات عندما دخل نفط بحر الشمال وغيره إلى السوق بكميات كبيرة، وحينها توقع بعض وزراء «أوبك» أن انخفاض الأسعار سيخرج المنتجين الهامشيين من المعادلة. هذا لم يحدث.
وتكرر الأمر مع منتجي النفط الصخري قبل 10 سنوات، وتوقعت «أوبك» أنها الوحيدة القادرة على البيع بسعر منخفض وإخراج الباقين من السوق، وهذا لم يحدث، وظل الإنتاج من خارج «أوبك» عالياً وانهارت الأسعار.
بالنسبة للدول ذات الإنتاج الضخم في «أوبك بلس» فإن الحفاظ على استقرار السوق وأمن الطلب أهم من الحفاظ على مستوى سعري عالٍ لفترة طويلة، ولهذا تتخذ قرارات صعبة أحياناً، مثل تخفيض الإنتاج لفترة طويلة. مثل ما حدث في جائحة كورونا.
إذا ما نظرنا لوضع السوق حالياً فإن السوق لا يوجد به استقرار من ناحية الطلب، ولهذا ما سيبقي أسعار النفط في مستوى مريح للمنتجين حتى من خارج «أوبك» هو الدور الذي تلعبه «أوبك بلس».
إن أسعار النفط دخلت في وضعية الكونتانغو مؤخراً، وهو ما يعني أن السوق حالياً يعتقد أن هناك تخمة في المعروض اليوم وشحا في الإمدادات في آخر العام، ولهذا فإن قرار تخفيض «أوبك بلس» يبدو منطقياً للسوق، لأنها لو لم تخفض الإنتاج فإن الأسعار ستتدهور أكثر وتصل إلى مستويات لا تشجع الاستثمار وإنتاج النفط من خارج المنظمة.
بالنهاية من يريد سوقاً ترتفع الأسعار فيه فجأة بصورة جنونية وتهبط فجأة بصورة جنونية؟ ليس الشركات بالتأكيد، ولكن المضاربين، وهذا ما لا تفضله دول «أوبك بلس»… ولكن المضاربين مثلهم مثل «أوبك بلس» جزء من تركيبة السوق، ولهذا المسؤولية تقع على الجميع لاستقرار السوق، من الدول المستهلكة والمنتجة والمضاربين.
كل هؤلاء يريدون وضوحا وبيانات سليمة يبنون عليها قراراتهم، وهنا أصبحت توقعات «أوبك» للطلب والعرض أفضل بشكل أوضح من توقعات وكالة الطاقة الدولية، وهو ما يجعل السوق مؤخراً يؤمن أن «أوبك» على حق في الكثير مما تقوله.
وائل مهدي