متابعة قراءة لماذا ارتفعت قيمة البيتكوين بنسبة 85٪ هذا العام
أرشيف التصنيف: (FX) العملات
الدولار يعوض خسائره واليوان ينخفض بعد بيانات ضعيفة للتضخم في الصين
أسئلة وأجوبة نقدية مطمئنة: هذه هي خيارات مصرف لبنان علمياً وتطبيقياً…
من الطبيعي بعد انهيار نظام رَبطٍ مَرِن لسعر الصرف دامَ 22 سنة في لبنان أن تكون ردة فعل كثيرين بالاعتقاد أنّ سبب الانهيار هو تثبيت سعر الصرف نفسه، فيَميلون تلقائياً لتأييد تحرير سعر الصرف أيّاً تكن النتائج إقتصاديا وإجتماعيا، خاصة إذا كانوا هم أنفسهم من ذوي المداخيل بالعملات الأجنبية… إلّا أن مسؤولية كل مُتخصّص بالسياسة النقدية وحريص على عدم تفكّك نسيج الوطن ومؤسساته الرسمية أن ينشر التوعية على خصوصية البلدان المدولرة بشكل مزمن والتي لها خياراتها الخاصة للمصرف المركزي وفق المعطيات العلمية والتجارب الدولية… باختصار، علمياً وتطبيقياً، تحرير سعر الصرف ضروري فقط بشكل مرحلي مؤقت للوصول الى سعر الصرف الحقيقي الذي يعكس توازن السوق، ليتمّ على أساسه الانتقال الى الربط الصارم لسعر الصرف عبر الدولرة الشاملة الرسمية أو مجلس النقد. نحن اليوم في مرحلة ازدواجية العمليات مع دولرة شبه شاملة تفرض نفسها وانطلاقاً من الفصل الرابع لصندوق النقد الدولي الصادر منذ أيام، لبنان يحتاج نظام نقدي جديد بعد انعدام الثقة باللليرة اللبنانية… هذه هي خيارات مصرف لبنان العلمية والفعّالة في أسئلة-أجوبة سريعة مطمئنة:
لماذا لبنان بحاجة الى نظام نقدي جديد؟
بعد حدوث انهيار نقدي كبير ضمن أزمة متشعبة الأوجه (اقتصادية، مالية، نقدية، مصرفية) وسط تغيّر كبير في خصوصية الاقتصاد كلياً وخضّات كبيرة (حرب أو نزاع سياسي أو أزمة هوية أو صراع سلطة حاد يوصِل الى فراغ متكرر ومُتمادٍ في الحكم…) وبالتالي سقوط الثقة بالعملة الوطنية والسلطات السياسية والاقتصادية المالية النقدية… تحتاج البلاد الى نظام نقدي جديد، لأنّ الناس لن تتجاوا ولن تمنح الثقة لتكرار استخدام سياسات نقدية سابقة وسيستمرون في الهروب أكثر من العملة الوطنية (أي اعتماد الدولرة الجزئية المرتفعة ولو بشكل غير رسمي، أي أن الدولة لا تزال تفرض استخدام العملة الوطنية لتسديد الضرائب والرسوم حتى لو تم احتسابها بالدولار ثم تحويلها الى الليرة وفق سعر صرف منصة صيرفة أو غيرها) إن لم يجدوا صدمة إيجابية كبيرة وتغيير جذري في الخيارات النقدية… بعد الحرب اللبنانية وارتفاع معدّل الدولرة بين 80 و 90 % اضطر لبنان عام 1993 الى التخلّي عن النظام العائم لسعر الصرف والانتقال الى الربط المَرن عبر الربط الزاحف بين 1993 و1998 ثم الربط بعملة واحدة، أي الليرة اللبنانية بالدولار الأميركي مع هامش ضيق وسعر وتوسّط ثابت بعد عام 1998 وحتى الانهيار الحالي، بدئاً من خريف عام 2019… بعد تراكم عجوزات ميزان المدفوعات وسقوط كل المؤشرات الاقتصادية بشكل متزاكم منذ العام 2011 وسط نزاع سياسي حاد تركَ لبنان من دون إقرار موازنات عامة لمدة 12 سنة بين 2005 و2017، وجَمّد عمل المؤسسات مع سنوات فراغ إن كان ذلك في موقع رئاسة الجمهوية أو الحكومة أو انتظام عمل المجلس النيابي…
لماذا الخيار الفعّال هو الربط الصارم Hard peg وماذا يعني؟
نظام الربط الصارم يشمل إمّا الاعتراف الرسمي بالدولرة الشاملة أي اعتماد العملة الأجنبية البديلة كعملة وطنية (في وضع لبنان هي الدولار الأميركي) ووقف طباعة العملة الوطنية سوى لتسديد فروقات صغيرة بالمدفوعات (أقل من قيمة دولار واحد، لتفادي استيراد العملات المعدنية للسندات من الولايات المتحدة الأميركية)، أو اعتماد مجلس نقد Caisse d’emission / Currency Board، وبالتالي الحفاظ على العملة الوطنية ولكن ضبط طباعتها بشكل لا يَتخطّى فيه تَوَفّر تغطيتها مئة بالمئة بالإحتياطي الذي لا يزال موجودا بالعملات الأجنبية لدى المصرف المركزي… الهدف أن تصبح العملة الوطنية مُغطاة كلياً بالعملات الأجنبية المتوفرة ومن الممكن استبدالها بها بأي لحظة، ما يُطمئِن العملاء الاقتصاديين الى القدرة الشرائية لعملتهم الوطنية والى تَوقّف خطر طباعة المزيد منها بما يفقد قيمتها… ما يستدعي إصلاحات حاسمة في المالية العامة لكي تعرف السلطات الرسمية أنه لن يكون بالامكان التمادي في العجز المادي والاتكال على اللجوء الى المصرف المركزي لطباعة العملة الوطنية لتغطية حاجات تمويل القطاع العام… في هذه الحال يمكن الاحتفاظ بالليرة اللبنانية أو اعتماد اسم جديد لها مثل «عملة الأرز»… فقط من أجل إحداث صدمة إيجابية بأنه تمّ وَقف عملة فقدت الثقة، وتصدر عملة جديدة إسمها «عملة الأرز» وهي مُغطاة كلياً بالدولارات المتبقية في المصرف المركزي ولن يتم طباعة أكثر منها لتمويل الدولة وعجوزاتها المالية، وبالتالي ستكون مضطرة الى تنفيذ سلة إصلاحات مالية إقتصادية شاملة…
أي فئة بلدان تضطر للربط الصارم لسعر الصرف؟
في الواقع ليس كل بلد يشهد أزمة نقدية يحتاج الى الربط الصارم لأنه لا يوجد نظام واحد فعّال ومناسب لكل البلدان وليس هناك نظام واحد مناسب للبلد نفسه مع اختلاف الحالات التي يشهدها… مثلاً في لبنان، وبعد الأزمة النقدية الأولى في الثمانينات من دون انهيار القطاع المصرف ومع اعادة انتظام المالية العامة عام 1993 والدعم الدولي المرافق لفترة إعادة الاعمار. وبما أنّ الاقتصاد اللبنانية كان قد أصبح مدولراً جداً (أي بمعدل يفوق 80 %) أصبح غير فعّال اعتماد أدوات نقدية تقوم على ضبط المصرف المركزي للسيولة بالعملة الوطنية (بما أنّ معظمها بالدولار الأميركي وليس بالليرة اللبنانية)، فتم اللجوء الى الربط المَرِن لذي يقوم على ضبط سعر الصرف بالاعتماد على تدخّل المصرف المركزي في سوق القطع عبر استخدام احتياطاته بالعملات الأجنبية ما يتسدعي تعزيزها بشكل دائم، أي بذل أفضل الجهود لتحقيق استدامة فوائض ميزان المدفوعات…). ولكن عندما تستمر الدولرة مرتفعة على الرغم من سنوات تثبيت سعر الصرف ثم يسقط نظام الربط المَرن لسعر الصرف وسط انهيار شامل متعدد الأوجه… فإنه لا يعود بالامكان تكراره لأنّ الناس تكون قد فقدت الثقة به وستستمر في طَلب الدولار، كما لا يمكن العودة الى تحرير سعر الصرف بعد ثبات الدولرة المرتفعة لأكثر من أربعين سنة (وفق كل التقارير للبنك الدولي وصندوق النقد والأدبيات الاقتصادية والتجارب الدولية…). في هذه الحال، وخاصة إذا كان البلد صغير الحجم، وسوقه مفتوح، ويعاني أزمات سياسية مستمرة تُضعِف المناخ الاستثماري الثقيل فيه كما تزيد من عامل المخاطرة وهو صغير الحجم وأكثر القطاعات المساهمة في دخله القومي هي القطاعات الخدماتية (السياحة، التجار…)، فإنه يكون أنسب خيار له والأكثر فعالية والأقل كلفة على المجتمع هو الانتقال الى الدولرة الشاملة الرسمية أو مجلس النقد.
هل من تجارب دولية ناجحة/فاشلة لأخذ العبرة؟
بالنسبة لمجلس النقد هنالك عدة تجارب دولية ناجحة، ومن أبرزها التجربة البلغارية التى أمّنت انتقال البلاد من أضعف المؤشرات الاقتصادية في تاريخها الى أفضل المؤشرات بعد سنة واحدة على تطبيق مجلس النقد، لأن السلطة التزمت بالاصلاحات المالية المواكبة للسياسة النقدية الجديدة وضبطت ماليتها العامة وتوقفت عن اللجوء الى طباعة العملة الوطنية لتغطية تمويل عجزها… أما الأرجنتين فقد فشلت لأنها أعلمَت مجلس النقد، ولكنها لم تحقق الاصلاحات المالية المطلوبة فاستمرت باللجوء الى تمويل المصرف المركزي فأصبح الخبر النقدي بالعلن مجلس نقد ولكن بالواقع «ربط مَرِن» مع استمرار تغطيس المصرف المركزي في التمويل العام… وبالتالي، لا يكون الفشل هو لنظام مجلس النقد إنما لسوء تطبيقه وافتقاد الاصلاحات المالية والاقتصادية التي ينبغي أن ترافقه لينجح.
أما الدولرة الشاملة الرسمية فهي أثبتت نجاحها في بلدان عديدة أبرزها الأكوادور، حيث انقلبت كل المؤشرات الاقتصادية من سلبية الى إيجابية هائلة في خلال سنة واحدة بعد الاقرار الرسمي بالدولرة الشاملة ومرافقتها بطبيعة الحال بالشروط الاصلاحية الضرورية في المالية العامة والاقتصاد ككل. أما البلدان التي تطغى فيها الدولرة بشكل زاحِف شبه شامل ولكن غير معترف به رسمياً، فتعمّ الفوضى وتسقط الموازنات العامة التي تستمر بالعملة الوطنية مع تَقلّب سعر الصرف فيتوقّف موظفو الفطاع العام عن العمل المنتظم وتتفكّك المؤسسات الرسمية ويدفع المجتمع ثمن «ازدواجية العملة» حيث «يختنق» ذوي الدخل المحدود بالعملة الوطنية ويفقدون القدرة على العَيش بكرامة، وعلى السكن والطبابة والتعليم ويفقدون قيمة تعويضات نهاية خدماتهم… ويشعرون بهوة كبيرة بينهم وبين أصحاب المداخيل بالدولار، فتزيد الفروقات وتسقط العدالة الاجتماعية ما يَدفع الى الفوضى والفلتان وانتهاء الاستقرار على جميع المستويات كما حصل تماماً في زمبابوي، وكما ينبغي أن نتفادى حصوله في لبنان، ولذلك تتعالي الأصوات العلمية المنادية بالابتعاد عن نموذج زمبابوي واعتماد نموذج الاكوادور…
هل الربط الصارم يضرّ بقطاعات اقتصادية ويناسب أخرى؟
كلا أبداً، نظام الربط الصارم (إن كان الدولرة الشاملة أو مجلس النقد) لا يضر بأي قطاع إنما فقط يشترط تحقيق إصلاحات مالية اقتصادية شاملة لوقف الضغط على الشق النقدي. يعني بوضوح لا الزراعة ولا الصناعة ولا السياحة ولا التجارة ولا غيرها تَتضَرر من تطبيق الربط الصارم لسعر الصرف. القطاعات المنتجة الثقيلة (الزراعة والصناعة) كلها تستورد كل موادها الأساسية بالدولار، وتسعى للتصدير للحصول على الدولار وحتى تسعّر في السوق المحلي وفق الدولار، كما أن أجور عمالها وميزانياتها كلها تُحتسَب بالدولار… يعني لا شيء يتغيّر عليها سوى شرعنة حساباتها بالدولار وتسديد ضرائب ورسوم وفق الدولار أو بالدولار… (بشكل مُحِق لإيرادات الدولة وليس وفق معدلات أقل لا تعكس حقيقة السوق). كذلك بقية القطاعات السياحية والتجارية كلها تتعامل أساساً بالدولار أو وفق سعر السوق، وبالتالي لن يتغيّر عليها سوى مسألة الرسوم والضرائب وهي أساساً مسألة مُحقة تجاه مالية الدولة، وحقّها بتحصيل الايرادات العادلة التي تسمح بتغطية تمويل نفقاتها وضمناً أجور موظفيها وسائر النفقات…
ما هي الآلية العلمية للانتقال الى الدولرة الشاملة الرسمية؟
هنالك آلية علمية مبنية على الأدبيات الاقتصادية الدولية والتجارية العالمية، وقد تم نشرها تحت عنوان «خارطة طريق الدولرة الشاملة في لبنان» بتاريخ 11 أيار 2022 في جريدة «الجمهورية».
هل من مراحل بارزة لعملية الانتقال الى النظام الجديد؟
بالطيع هالك مراحل بارزة تبدأ تحرير سعر الصرف كلياً، أقلّه لمدة شهر كامل، للتوصل الى سعر الصرف الذي يعكس حقيقة السوق ليتم على أساسه الانتقال الى الربط الصارم، إن كان لانشاء مجلس نقد أو لاعتماد الدولرة الشاملة، ومن ثم اعطاء مهلة للأفراد والمؤسسات، ثم المصرف ثم موازنة الدولة والمصرف المركزي للتطبيق. وقد نشرنا تفاصيل المراحل في مقال سابق في 16 تشرين الثاني 2022 في «الجهورية».
هل لا يزال لدى لبنان الدولارات الكافية للربط الصارم؟
نعم، الأرقام مطمئنة. عندما اعتمَدَت بلغاريا مجلس النقد لم يكن لديها احتياطات بالدولار تغطي أكثر من شهرين استيراد… لبنان لا يزال لديه حوالى 9 مليارات دولار ونصف، أي أكثر ممّا يُعادِل ستة أشهر استيراد. المبلغ المطلوب من الاحتياطيات بالدولار الأميركي لتغطية القاعدة النقدية بسعر السوق البالغ 100000 دولار أميركي / ليرة لبنانية، ستتمّ تغطية القاعدة النقدية فقط بـ 5.617 مليارات دولار، وطريقة احتِسابها مفصّلة في مقال سابق نُشِر في جريدة «الجمهورية» بتاريخ 29 آذار 2023.
د. سهام رزق الله
هبوط الدولار بفعل تباطؤ نمو الوظائف الأمريكية
الدولار مستقر مع استمرار متانة الاقتصاد الأميركي
الدولار يتعافى بفضل قوة سوق العمل الأمريكية
الدولار يصعد بفضل توقعات رفع الفائدة الأميركية
الدولار يستقر قبيل صدور محضر اجتماع الاتحادي
الين يستقر وسط ترقب الأسواق لتدخل السلطات والدولار الأسترالي يتراجع
انخفاض أسعار NFTs يثير القلق بين المستثمرين في الكريبتو مع انهيار BAYC بنسبة 90٪
حرب عالمية ضدّ العملات الورقية
لا شك في أنّ أولوية الشعب اللبناني أصبحت اليوم سعر الصرف، ومستقبل الودائع، ومنصّة صيرفة، والتي أصبحت المحرّك الأساسي للسوق المحلية، ومحاولة تكوين مدّخرات جديدة، بالدولار الفريش، وتخبئتها مثل أجدادنا، تحت البلاطة، أو في عمق الشجرة، وتحت السجادة. أما العالم من حولنا، فقد تغيّر ويتحوّل من اقتصاد مالي ونقدي إلى اقتصاد رقمي وتكنولوجي.
إذا نظرنا إلى خارج الحدود، نرى أنّ أيّ مودع في العالم، إذا حاولَ سحب أو طلب أي عملات ورقية نقداً، يخضع لمساءلات عدة، وحتى لتدقيق عن سببب وكيفية استعمال هذه العملات الورقية. أما في أوروبا، فهناك تقييد في كل السحوبات النقدية، والتي من المستحيل أن تتعدى الألف أورو، وعلى كل مودع أن يُبرهِن بدقة سبب طلب أي عملة ورقية وتفاصيل صرفها.
أما في بعض المصارف الدولية الأخرى، فقد بات ممنوعاً أي سحب بالأوراق النقدية، وقد بدأ التحوّل رويداً رويداً من الاقتصاد النقدي، إلى اقتصاد رقمي، ومن العملات الورقية إلى العملات الرقمية والمشفّرة، التي تُصدرها المصارف المركزية. فبدأت الحرب العلنية على العملات الورقية وتزداد يوماً بعد يوم، حتى إزالتها نهائياً، إلاّ في البلدان المتخلّفة، وبأيادي المافيات السوداء.
هناك أسباب عدة لهذا التحويل المعتمد والمبرمج من خلال استراتيجية وخطط مدروسة بدقة:
أولاً: إن الهدف الظاهر من إصدار العملات الرقمية، وتخفيف استعمال العملات الورقية، هو أساساً لمواجهة تبييض الأموال، وتمويل الإرهاب، والمخدّرات ومواجهة الفساد… باعتبار أنه من الصعوبة ضبط استعمال العملات الورقية وخصوصاً بعد طباعتها بطريقة مكثفة خلال السنوات الاخيرة في ظل «كوفيد19». فالخطة الراهنة هي سحبها من السوق، لمنع تضخُّم مفرط واستبدالها بعملات رقمية تمكن إدارتها وملاحقتها بطريقة أسرع وأمكَن وأدق.
ثانياً: إن تحويل اقتصاد العالم وعملاته إلى اقتصاد رقمي، يُفسح في المجال لكل المصارف المركزية التابعة لوزارات المالية أن تفرض في أي وقت كان، مقايضة على استعمال العملات وحتى الودائع، عندما تشاء، وتقر حتى بطريقة دقيقة «الكابيتال كونترول» عندما تشاء، وتراقب استعمال كل سنت، سنتاً سنتاً، للأفراد والشركات وغيرها.
ثالثاً: إن تحويل العالم إلى العملات الرقمية والمشفّرة سيحجب نهائياً قسماً كبيراً من الحريات والخصوصيات، وسيُفسح في المجال أمام تدقيق داخلي ومعرفة تفاصيل الإستهلاك من أبسط الأمور البديهية والأساسية مثل الطعام والشراب، وأيضاً استعمال الوقود، والصرف على الكماليات والرفاهية، والسهر وغيرها، فتزول نهائياً كل الخصوصيات الشخصية، فتُنتهك الحريات الشخصية.
رابعاً: إن نظام العملات الرقمية سيتواكَب مع إعادة هيكلة النظام الضريبي أيضاً، الذي يُمكن أن يتماشى حسب الصرف وكيفيته، وحسب الأشخاص، والمؤسسات، واستهلاكها واستثماراتها.
في المحصّلة، إننا نتلهَّى في لبنان بمشاكلنا الداخلية الضيّقة، وبوحول السياسة المتحركة ونتجاهَل التغيرات الدولية، وإعادة هيكلة الإقتصاد والنقد والمال العالمي، والحرب الشرسة والمخطّط لإزالة العملات النقدية، فهناك خطر ليس على مُدّخراتنا القديمة، المهدورة والمسروقة، لكن أيضاً على تلك الجديدة المختبئة، والتي يُمكن أن تزول صلاحيتها، إذا لم تُستثمَر أو من دون قطاع مصرفي جديد ومتين. فعلينا ملاحقة هذه التغيرات العميقة، واستثمار أي مدّخرات جديدة كأجدادنا بالذهب والمعادن والعقارات لحمايتها قبل فوات الأوان، وعبور القطار.
د. فؤاد زمكحل