متابعة قراءة ارتفاع معدل التضخم السنوي في تركيا إلى أعلى مستوى له في 24 عاماً
تحالف “أوبك+” سيناقش خفض إنتاج النفط 100 ألف
تراجع الأسهم الأوروبية مع استمرار إغلاق نورد ستريم 1
أسهم اليابان تهبط للجلسة الرابعة متأثرة بتراجع وول ستريت
وقف الغاز الروسي يهبط باليورو إلى ما دون 99 سنتاً
ألمانيا تقر حزمة مساعدات ثالثة بقيمة “هي الأكبر” لدعم الأسر
الاقتصادي جيريمي سيغل: نظرة الاحتياطي الفدرالي المتشددة تتعارض مع الوضع الحقيقي للتضخم
اليابان ثملة
هل تتخذ الحكومات قراراتها بناءً على مصلحة الشعوب؟ منطقياً يبدو الأمر كذلك، فالحكومات أياً كان هيكلها، لا ترغب في اتخاذ قرارات تضر بأبناء بلدها. حتى وإن كانت بعض القرارات لا ترضي السواد الأعظم، إلا أن الأغلبية يدركون أن الحكومة – على الأقل – ترى أن هذه القرارات للمصلحة العامة، وإن كانت مؤلمة. ولذلك فعندما هجمت الجائحة على العالم، بدأت بعض الحكومات باتخاذ قرارات صعبة للحفاظ على اقتصاداتها من الانهيار، واختلفت هذه القرارات حسب الحكومات، ولكن معظم هذه القرارات كانت منطقية بشكل أو بآخر دون أي غرابة، حتى جاء قرار الحكومة اليابانية قبل عدة أيام.
فالحكومة اليابانية أطلقت مسابقة، تشجع فيها الشباب ممن دون سن الأربعين على شرب المزيد من الكحول! وتدعو هذه المسابقة الشباب إلى تقديم خطة عمل تساهم في زيادة إقبال الشباب على شرب الكحول. وانخفضت نسبة استهلاك الكحول لدى الشباب الياباني، لأسباب منها تغير أسلوب الحياة وعادات الشرب بعد العمل، إضافة إلى الجائحة التي زادت من بقاء الناس في منازلها. السبب الأخير تحديداً جعل المسابقة تركز على تقديم المقترحات لجعل اليابانيين يشربون أكثر في منازلهم. هذه المعلومات ليست من الصحافة الصفراء أو من المواقع غير الموثوقة، بل هي معلومات نشرتها الصحف اليابانية، التي تبنى الكثير منها هذه المسابقة لتحفيز الشباب على المشاركة. فلماذا أصدرت اليابان هذا القرار الغريب؟
في عام 1980، شكلت العائدات الضريبية للكحول 5 في المائة من إيرادات الضرائب في اليابان، وانخفضت هذه النسبة لتصل إلى 3 في المائة عام 2011، لتنخفض بعد ذلك إلى نحو 1.7 في المائة عام 2020، هذا الانخفاض أثر بشكل كبير على العوائد الضريبية لحكومة اليابان، التي تعاني بالفعل من عجز في ميزانيتها يزيد على 340 مليار دولار. وانخفضت عائدات الضرائب خلال العام الماضي بنحو 813 مليون دولار، وهو أكبر انخفاض في الثلاثة عقود الماضية، بعد هذا النقصان أصبحت العوائد 8.4 مليار دولار. وللتوضيح، هذا الرقم الأخير هو ما تجنيه الحكومة اليابانية من ضرائب جراء مبيعات الكحول!
والحكومة اليابانية لا تريد خسارة هذه الأموال، خصوصاً في وقت تسعى فيه لتحفيز اقتصادها، ولذلك فقد أطلقت هذه المسابقة التي أعلنتها وكالة الضرائب الوطنية في رسالة واضحة وشفافة، أن الحكومة تريد المزيد من الأموال، ضاربة صحة المجتمع عرض الحائط. هذه المسابقة هي تخبط جديد للحكومة اليابانية، التي حذرت وزارة صحتها العام الماضي من عواقب الإفراط في شرب الكحول وما يسببه من مشكلات اجتماعية كبرى.
ولم تعقب منظمة الصحة العالمية على هذه المسابقة التي مر على إعلانها أكثر من 5 أيام، وهي التي يمتلئ موقعها الإلكتروني بالتحذير من مخاطر الإسراف في شرب الكحول. وتذكر منظمة الصحة العالمية في موقعها العبارة التالية: «كلما قلت التنمية الاقتصادية في البلدان أو المناطق، ارتفع معدل الوفيات والإصابات والأمراض التي تعزى للكحول، ويرتبط ذلك بشكل مباشر بمعدل استهلاك الكحول لكل فرد»، فما هو معدل استهلاك الكحول في اليابان؟ كان في السابق نحو 100 لتر في العام لكل فرد، وهو الآن 75 لتراً في العام لكل فرد، وقد لا تعلق المنظمة على كلا الرقمين أو حتى المسابقة، لأسباب معروفة.
إن إلقاء المحاضرات عن القيم والأخلاق ومصلحة الشعوب، أمر في غاية السهولة في أوقات الرخاء. وهو أمر أصبح سماعه معتاداً من الدول المتقدمة بشكل عام. ولكن عند التقلبات وشظف العيش تختلف الموازين، فلو اتخذت أي دولة ثانية القرار نفسه، سواء في أوقات الشدة أو الرخاء، لتكالبت عليها الدول منددة ومستنكرة، ولكن الموازين كذلك تختلف حسب الدولة التي تتخذ القرار. وقد يكون لليابان ما يبرر هذا القرار حسب ثقافة الشعب ودينه، ولكن الدول الأخرى كذلك، التي تحذر باستمرار من مغبة الكحول والإسراف فيه – مثل بريطانيا – لا تمانع بكل تأكيد في دعم هذه الصناعات بهدف التصدير للخارج، بل يعد ذلك أحد أهم نجاحات بعض الحكومات البريطانية السابقة، وكأن شرب الكحول غير ذي مضرة إن كان خارج الحدود، خصوصاً إذا كانت مبيعاته وصادرته تملأ الخزائن.
د. عبد الله الردادي
تنبيه خطير: لا سقف لارتفاع الدولار مقابل الليرة!
دوّامات أسعار الصرف والدولار الجمركي
يشتعل المشهد اللبنانيّ بحركات تمرّد يقوم بها موظّفو الخدمة المدنيّة، فهم غير راضين عن احتساب رواتبهم وفق المعدل الرسميّ (الوهميّ) لسعر صرف الليرة اللبنانيّة، أي ١٥٠٧,٥ ليرة لبنانيّة للدولار الأميركيّ، في حين أنّ جميع أسعار السلع الأساسيّة والكماليّة تُسعّر وفق سعر صرف السوق. لذلك، يواجه الموظّفون ما يرونه ظلمًا، بواسطة تعطيل سير المعاملات الرسميّة سواء بالإضرابات المفتوحة، أو بالتململ في التعامل مع المواطن نفسه.
أمّا الطبقة السياسيّة فهي مصمّمة على استخدام كافّة الوسائل المتاحة لديها لزيادة الواردات العامّة إلى خزينة الدولة، من دون المباشرة بالإصلاحات التي اشترطها صندوق النقد الدوليّ مقابل أيّ مساعدة يُبادر بها لوقف دوّامات الانهيار الآخذة بالاشتداد. فالحكومة ما تزال تعمل بمبدأ «حبر على ورق»، فموافقتها المبدئيّة على مقترحات صندوق النقد الدوليّ لم تشهد أيّ تحرّكاتٍ ملموسة على الصعيد العمليّ، لدرجة أنّ مؤسّساتها تزداد فقرًا وتُعلن حالة عجزها، ومكاتبها خَلت من «الحبر» ومن «الورق» وأصبحت معها معظم الدوائر بحكم المُعطَّلة.
عمليًّا، أبلغ بعض التجّار ومزوّدي الخدمات عملاءهم وزبائنهم أنّ الدولار الجمركيّ سيُحتسب وفق المعدّلات الجديدة المتصاعدة على وقع الإشاعات، فقد توقّعوا الموافقة على مشروع الموازنة منذ بداية العام، رغم أنّنا وصلنا إلى نهاية الشهر الثامن من دون أيّ انفراجات تلوح في الأُفق بهذا الشأن. ونستغرب هنا مصدر المعلومات الذي اعتمده هؤلاء التجّار لتحديد أسعارهم، من دون ظهور أيّ قراراتٍ رسميّة. كما أنّ هذه الإشاعات تبقى ضبابيّة، لأنّ ثمّة وعوداً بوجود حوالى ٦٠٠ سلعة أساسيّة مُعفاة من هذه الرسوم، وعلى المواطن أو التاجر تخمين ما هي السلعة الأساسيّة مع حكومة قَلّلت الدعم عن الأدويّة الأساسيّة وحليب الأطفال، وأبقته على بعض الكماليّات الغذائيّة. وما هي الأمور الكماليّة في عصر بات الهاتف المحمول من الأساسيّات ولو أنّه يأتي مستوردًا، والسيّارة ضرورة في ظلّ غياب وسائط النقل العامّة بوجهٍ مناسب؟
من الواضح أنّ الضريبة الجمركيّة هي ضريبة متغيّرة يعتمد فرضها على المعاهدات الدوليّة بين لبنان والاتّحاد الأوروبيّ، واتّفاقيّات التجارة الحرّة بين لبنان وبعض الدول العربيّة. إذ تنصّ هذه المعاهدات على الإلغاء التدريجيّ للضرائب الجمركيّة على مجموعة من البنود المحدّدة في مختلف القطاعات. وعليه، فإنّ السلع المستوردة من الدول المُعفاة من الرسوم الجمركيّة لن تتأثّر بأيّ تعديل في سعر صرف الدولار الجمركيّ، بل ستتأثّر بزيادة ضريبة القيمة المضافة التي لن يتمّ احتسابها بعد الآن على سعر الصرف الرسميّ للدولار الأميركيّ. كما أنّ بعض المنتجات معفاة من الرسوم الجمركيّة – بما في ذلك بعض المنتجات المستهدفة بموجب الاتفاقيّات التجاريّة المبرمة مع الحكومة اللبنانيّة – بينما تخضع منتجات أُخرى لضرائب قد تصل إلى 70% من سعرها قبل الضريبة بما في ذلك رسوم النقل والموانئ.
كما أنّنا نرى أنّ مصادر اقتصاديّة عدّة تتّفق في انتقادها النهج الذي تتّبعه الحكومة اللبنانيّة في إعداد مشروع الموازنة، وتحديد سعر الدولار الجمركيّ. فعلى الرغم من أنّ وزارة الماليّة أرادت الاقتراب من معدّل صرف يعكس الواقع الاقتصاديّ، إلّا أنّها فضّلت نهج الإنفاق على الإيرادات وليس العكس. وفي السياق نفسه، كان من الأفضل إجراء تخفيضات تدريجيّة في فاتورة أجور القطاع العامّ، وهي التخفيضات التي أوصَت بها في مناسبات عدّة منظّمات دوليّة مختلفة، بما في ذلك البنك الدوليّ.
من ناحية أُخرى، نجد أنّ ارتفاع معدّل صرف الدولار الجمركيّ لن يكون دوّامة مستقلّة ذات تأثيرات محدودة، بل ستتوسّع آثاره السلبيّة لتشمل الحلقة الاقتصاديّة الكليّة. إذ سيؤدّي ارتفاع سعر صرف الدولار الجمركيّ إلى تحويل الطلب على المنتجات المستوردة إلى الأصناف البديلة المنتجة محليًّا كأوّل ردّة فعل طبيعيّة. بالتأكيد، هذا ما نشهده اليوم في حالة القبول عند غالبيّة اللبنانيّين الذين تآكلت قوّتهم الشرائيّة بشكلٍ كبير، إذ باتوا يُقبلون على شراء منتجات لبنانيّة الصنع، مُسترجعين شعار «بتحبّ لبنان… حِبّ صناعتو» رغم أنّهم مسيّرون بخيارهم وليسوا مخيّرين.
هذا ما سيؤدّي إلى انخفاض حجم الواردات ولن تتحقّق الإيرادات المتوقّعة من زيادة الضريبة الجمركيّة، كما هو متوخّى في مقدّمة مشروع الموازنة. علمًا أنّ لبنان الذي لم تعرف حكوماته المتعاقبة كيفيّة ضبط حدوده، قد وصل حجم الاقتصاد غير الشرعي إلى أربعة أضعاف نظيره الشرعيّ، ولنا أن نتخيّل كيف ستكون حركة التهريب مع ارتفاع الدولار الجمركيّ.
عادةً ما تؤدّي الضرائب المفروضة على الاقتصادات الضعيفة، مثل الاقتصاد اللبنانيّ اليوم، إلى انخفاض الاستهلاك، وتقود المواطنين إلى دوّامة من الركود التضخّمي، يصعب جدًّا الخروج منها. مع العلم أنّ الزيادة في الدولار الجمركيّ ستؤثّر على كلّ حلقة من حلقات سلسلة الإنتاج المحلّي، وكلّ رابط في السلسلة التجاريّة. لكن من ناحية أُخرى، يُطرح السؤال، لماذا لا تُفرض ضرائب تصاعديّة تكون كفيلة بجلب الإيرادات المتوقّعة على خزينة الدولة بطريقة عادلة، وتخفّف من وطأة هذه القرارات على الطبقتين الفقيرة والمتوسّطة؟
يجب أن نذكّر أنّ معدّل صرف الدولار الجمركيّ لا يزال متوافقًا مع سعر الصرف الرسميّ، لكنّ المسؤولين أرادوا رَفعه دفعةً واحدة ليتطابق مع سعر صرف الدولار الأميركيّ وفق منصّة «صيرفة» التي يديرها مصرف لبنان، والذي يبلغ حتّى هذه اللحظة ٢٦٥٠٠ ليرة مقابل الدولار الأميركيّ. علمًا أنّ هذه القيمة ما تزال قليلة لأنّ سعر الصرف في السوق السوداء الموازية الذي تخطّى ٣٤٠٠٠ ليرة في نهاية الأسبوع المنصرم، والذي شهد ارتفاعًا حادًّا في الأيّام الأخيرة، في خضمّ تقليص ما تبقّى من دعم على البنزين، ورجوع المغتربين، وإخفاق التوقّعات للموسم السياحيّ الصيفيّ، وغيرها من عوامل فقدان الثقة بالعملة المحليّة.
في سياق الفترة الانتقاليّة التي ستبدأ فيها الحكومة اللبنانيّة في تعديل سعر الدولار الجمركيّ، يجب أن تأخذ في حسبانها شرطين أساسيّين: انخفاض القوّة الشرائيّة بسبب التضخّم والاستهلاك، إذ بلغ معدّل التضخّم ٢١٠,٨ ٪ في نهاية شهر حزيران بحسب المعدّل السنويّ، كما فقدت العملة حوالى ٩٥ ٪ من قيمتها منذ العام ٢٠١٩. يُضاف إليها المطالب المشروعة لموظّفي الخدمة المدنيّة في زيادة رواتبهم. كما أنّ معدّلات التضخّم لن يقابلها زيادة في احتياطات العملة الأجنبيّة، مما سيُجبر البنك المركزيّ على ضخّ أكبر لليرة اللبنانيّة.
كما أوصت المنظّمات الاقتصاديّة بتحديد سعر صرف الليرة اللبنانيّة بمعدّل ٨٠٠٠ ل.ل. للدولار الأميركيّ قبل رفعه تدريجاً إلى السعر المطلوب، وهو ما قامت به فعلاً بعض الشركات لكن بشكلٍ غير رسميّ منذ بداية العام ٢٠٢٢. من الناحية المثاليّة، سيكون من الأفضل توحيد سعر الصرف وتعديله بحسب سعر صرف السوق، وتقليل الرسوم الجمركيّة لتجنّب التأثير الكبير على الأسعار بالعملة المحلّيّة.
إنّ معظم التحليلات الاقتصاديّة تجد أنّ الزيادة في سعر صرف الدولار الجمركيّ أمرٌ لا مفرّ منه، حتّى لو لم تتحقّق الأهداف المباشرة المرجوّة منه التي من أجلها فُرضت هذه الضريبة… لكنّ ثمّة نظرة اقتصاديّة مغايرة، ترى أنّ الرسوم الجمركيّة تضرّ أكثر ممّا تنفع البلدان التي تطبّقها. فلطالما واجه الاقتصاد العالميّ احتمال أن تتنافس بعض البلدان على أسواق التصدير بفرض أسعار منخفضة بوجهٍ مُصطنع. إذ يقترح الخبراء الاقتصاديّون فرض رسوم لتعويض خزينة الدولة، غالبًا ما يفشل مؤيّدو هذا القرار في إدراك أنّ مثل هذه الرسوم ستكون ضارّة جدًّا بالاقتصاد المحلّي على المدى البعيد. فعلى نحوٍ غير متوقّع، يمكن أن تكون الآثار السلبيّة على لبنان كبيرة، حتّى ولو التزم التجّار بدفع ما يترتّب عليهم من رسوم خاصّة.
يكمن أحد العيوب الرئيسيّة لهذه الرسوم الجمركيّة، انّها ولو قادت إلى دعم الصناعات المحليّة التي تتنافس بشكلٍ مباشر مع بعض السلع المستوردة، فإنّها مع ذلك ستمارس تأثيرًا مخفّفًا بشكلٍ عام وتقلل الإنتاج، والاستثمار، والعمالة في الاقتصاد ككلّ. قد تبدو هذه النتائج مفاجئة على المدى البعيد، فبعد تحويل الطلب إلى السلع المنتجة محليّاً ورفع أسعار الواردات المنافسة، لن تؤدّي الرسوم الجمركيّة إلى زيادة الإنتاج والعمالة مع عدم القدرة على التحكّم بالتضخّم. فقد لاحظ روبرت مونديل، الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد للعام ١٩٩٩، أنّه من خلال الوعد بتحسين ميزان المدفوعات الأساسيّ في البلد المستورد، ستُعزّز مكانة العملة المحليّة في سوق صرف العملات الأجنبيّة، ممّا قد يُقلّل من الناتج المحلّي الإجماليّ، والعمالة، وفي هذه الحالة يؤدّي إلى تفاقم العجز التجاريّ في نهاية المطاف.
في الأفق البعيد، ليس لدى لبنان سوى تعديل معدّلات الصرف. في المقابل يراوغ القطاع الخاصّ ليجد سعر الصرف الأنسب بين ٨٠٠٠ ل.ل أو ١٢٠٠٠ ل.ل مقابل الدولار الأميركيّ. كما أنّ إجراءات الزيادة تؤثّر على المنتجات الفاخرة من دون إعطاء مزيد من التفاصيل، مؤكّدًا على أنّ سعر صرف الدولار الجمركيّ قيد الدراسة حاليًّا ليبلغ ٢٠,٠٠٠ ل.ل للدولار الأميركيّ. ومع ذلك، سيكون الأمر متروكًا لوزارة الماليّة ورئيس الحكومة، وحاكم مصرف لبنان.
هكذا نجد أنّ لبنان تتجاذبه دوّامتين في ظلّ تعثّره الاقتصاديّ، فإمّا أن يوحّد أسعار الصرف التي قد تعدّدت بتعدّد الاستخدامات والمصطلحات، أو بتطبيق بعض القوانين الاستثنائيّة لضبط قيمة الدولار الجمركيّ، الأمر الذي تطلّب الاتّفاق بين وزير الماليّة وحاكم مصرف لبنان. على أيّ حال ستقع التداعيّات الاقتصاديّة على المواطن اللبنانيّ الذي ينحدر أكثر فأكثر نحو حالة فقرٍ غير مسبوق.
ممّا لا شكّ فيه أنّ انهيار الدولة حاصل لا محالة، وقد تشابه في سقوطها ما حصل مع صوامع القمح في مرفأ بيروت، فهي في بادئ الانفجار الاقتصاديّ خرجت عن العمل، وحاولت الصمود لفترة، لكنّنا نشهد في الفترات الأخيرة سقوطها مؤسّسةً تلو الأخرى، حتّى تُصبح أطلالًا تحتاج إلى من يسندها. فالدولة غير القادرة على تمويل رواتب الخدمة المدنيّة هي بحكم المنهارة.
كما أنّ مسلسل تعديل الرسوم الجمركيّة لا يقوم على بطولات وهميّة، فإن بادر أحد الأطراف بطرحه، أو «تلبيسه» لطرفٍ آخر، فلا ننخَدع من الأطراف الرافضة من الحلقة السياسيّة التقليديّة، التي تذرّعت بضرورة الرفع التدريجيّ للرسوم الجمركيّة، ردعًا للنتائج الكارثيّة، أو ضرورة دراسة تبعات هذا الارتفاع، في حين أنّ غالب قراراتهم لم تعرف لا دراسة… «ولا هُم يحزنون»، وفي عهدهم اتّسعت الهوّة بين طبقات المجتمع، فجُلّ آمالها هي تبييض صفحتها قبل مغادرتها المشهد السياسيّ، وانّ الحفاظ على ورقة التين لن يستر تاريخها الجائر بحقّ المواطن… إذ أخذته معها إلى جهنّم.
البروفيسور ندى الملّاح البستانيّ
بروفيسور في جامعة القديس يوسف
التباطؤ التكنولوجي في الصين ليس بالأمر السيئ
للمرة الأولى في التاريخ، سجلت أكبر شركتين للتكنولوجيا في الصين انخفاضاً في الإيرادات، إذ تواجه الدولة عقبات نمو غير مسبوقة وتوقعات غير مؤكدة. لكن على بعد 2000 ميل، ثمة تحديات أكبر تنتظر واحدة من أكبر الشركات في جنوب شرقي آسيا.
سجلت شركة Sea Ltd، التي تعمل في مجال تشغيل الألعاب عبر الإنترنت وبوابات التجارة الإلكترونية، نمواً بنسبة 29 في المائة، وهو الأبطأ منذ ما يقرب من خمس سنوات. فنحن نميل إلى التفكير في التوسع في الإيرادات على أنه أفضل من التراجع، ولكن في حالة شركة «Sea» التي تتخذ من سنغافورة مقراً لها، فإن كل دولار يتم جلبه من خلال أعمالها التجارية الإلكترونية يتسبب في خسارة المزيد من المال. وقد واصلت شركتا Tencent Holdings Ltd، وAlibaba Group Holding Ltd على الأقل إعادة الأرباح حتى عندما تقلص السقف.
أدى ارتفاع التضخم العالمي والنمو الاقتصادي غير المستقر إلى دفع شركة «Sea» في شهر مايو (أيار) إلى خفض توقعات إيرادات العام بأكمله من التجارة الإلكترونية، والتي تمثل حوالي 52 في المائة من إجمالي مبيعات الشركة، بمقدار 400 مليون دولار إلى نطاق يتراوح بين 8.5 و9.1 مليار دولار. لكن التوجيه بالكامل الشهر الجاري.
في إطار جهودنا للتكيف مع تزايد حالات عدم اليقين الكلية، فإننا نقوم بتحويل استراتيجياتنا بشكل استباقي لزيادة التركيز على الكفاءة والتحسين من أجل القوة والربحية على المدى الطويل لأعمال التجارة الإلكترونية.
ويبدو هنا أن الإدارة أدركت أن شراء الإيرادات غير المربحة ليس نموذجاً تجارياً مستداماً، ولكن اختيار عدم القيام بذلك يجعل التنبؤ بالمستقبل شبه مستحيل.
في بعض الأعمال التجارية عبر الإنترنت – مثل التجارة الإلكترونية وتسليم البضائع إلى المنازل – تتمتع الشركات بقوة معينة لتحقيق الأهداف العليا من خلال تعزيز التسويق، واستخدام الإغراءات والإعانات لجذب المستهلكين إلى إنفاق الأموال. يجب أن يفكر المستثمرون في هذا على أنه «نمو خاطئ»، وقد رأينا ذلك في الأيام الأولى من خدمة النقل السريع وخدمة توصيل الطعام عندما قدم مقدمو الخدمة قسائم إنفاق وخصومات لجعل العملاء يستخدمون منصاتهم حتى عندما تخسر كل معاملة إضافية أموالاً. على النقيض من ذلك، فإن «النمو الحقيقي» سيجعل كل عملية شراء تجلب ربحاً للمزود حتى لو كانت التكاليف الهيكلية مثل الموظفين الإداريين تعني أن الشركة تخسر المال بشكل عام.
كان توسع التجارة الإلكترونية لشركة «Sea» على مدار السنوات القليلة الماضية، رغم أنه مثير للإعجاب، نمواً خاطئاً إلى حد كبير. وفي الوقت نفسه، تراجعت أعمال الترفيه الرقمي، التي تشكل 44 في المائة من الإيرادات، بنسبة 12 قي المائة في الربع الثاني مع تلاشي الإنفاق على الإقامة في المنزل بسبب «كوفيد».
من نواحٍ كثيرة، تعتبر «Sea» مكان التقاء وتقاطع بين شركتي «Alibaba» و«Tencent»، وهما أكبر شركات التجارة الإلكترونية والألعاب في الصين على الترتيب.
استمرار عمليات الإغلاق، والقمع على شركات الإنترنت، وارتفاع التضخم، وأزمة الرهن العقاري المتصاعدة والتوترات الجيوسياسية المتصاعدة، تعتبر جميعها عوامل مؤثرة على توقعات الناتج المحلي الإجمالي في الصين. فبينما تستهدف الحكومة نمواً بنسبة 5.5 في المائة العام الجاري، فقد بلغ الإجماع في استطلاع أجرته «بلومبرغ» لخبراء الاقتصاد فقط 3.8 في المائة. وتعد شركتا Goldman SachsGroup Inc، وNomura Holdings Inc أحدث شركات قامت بخفض سقف توقعاتهما.
سجلت شركة «Tencent» الأسبوع الجاري انخفاضاً بنسبة 3 في المائة في الإيرادات، أكثر من المتوقع، وخفضت حوالي 5 في المائة من قوتها العاملة بعد تراجع الإعلانات بمعدل قياسي. في وقت سابق من الشهر الجاري، أعلنت شركة «علي بابا» أيضاً انخفاضاً في المبيعات. وقد انخفض صافي الدخل في كلتا الشركتين، لكنهما على الأقل ظلتا رابحتين.
نظرة شركة «Sea» تعتبر أقل وضوحاً. فخدمة «Shopee» التي تقدمها هي عبارة عن تطبيق التجارة الإلكترونية الأعلى تصنيفاً في إندونيسيا، وتايوان، وجنوب شرقي آسيا بشكل عام، بحسب الشركة، إلا أن الثروات الاقتصادية لأسواقها الرئيسية لا تزال غير مستقرة. وتتمتع إندونيسيا، أكبر اقتصاد في جنوب شرقي آسيا، بنمو قوي مدفوع بالتوسع في الصادرات التي تغذيها الزيادات في أسعار السلع الأساسية. ومع ذلك، يترك التضخم الباب مفتوحاً أمام احتمال ارتفاع أسعار الفائدة الذي قد يعيق إنفاق المستهلكين.
في وقت سابق من الشهر الجاري، خفضت سنغافورة من توقعات الناتج المحلي الإجمالي بمقدار نقطة مئوية واحدة بينما قلصت تايوان، سادس أكبر اقتصاد في آسيا، توقعات النمو مرتين العام الجاري بسبب تباطؤ الطلب على الإلكترونيات الاستهلاكية وانخفاض الاستهلاك الخاص. كما خفض «بنك التنمية الآسيوي» توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي لعامي 2022 و2023 لتايلند وماليزيا.
ومع وجود احتمال ضئيل بتحسن الاقتصاد الأوسع وزيادة الضغط على الإنفاق الاستهلاكي، فإن فرص شركة «Sea» في نشر توسع سريع في الإيرادات وتحويل المظهر المربح أخيراً يعد أمراً بعيد المنال، وهو ما أجبر الإدارة على تبني بعض الخيارات الصعبة، ومن المقرر أن يتم التضحية بالنمو نتيجة لذلك. إنه نوع من الانضباط المالي الذي يجب على المستثمرين أن يبتهجوا به، لكنهم في البداية سيحتاجون إلى قبول إيرادات ضعيفة.
تيم كولبان
الكابيتال كونترول و”الثالوث المستحيل” في لبنان! إجراء ظرفي بدون خطة بنيوية…
على الرغم من أنّ تنظيم حركة الرساميل كان يفترض أن تحصل فور انفجار الأزمة المالية-النقدية-المصرفية في لبنان كما هي الحال في البلدان التي شهدت وجهاً من تعدد أوجه الأزمة اللبنانية، الّا أنّ تمادي الفوضى لا يلغي ضرورة التنظيم والمساواة ولو بعد حين. اليوم لم يعد من مفرّ لتقديم رؤيا موحّدة لضبط التعامل بين المصارف والمتعاملين معها في الداخل والخارج، لا سيما لتأمين ما يمكن أن يتبقّى من مساواة في المعاملات المصرفية من جهة، ولإقناع المجتمع الدولي بالنية بوقف الفوضى والاستنسابية وجدّية القرار، بالسعي لانتظام الخطوات للخروج من الأزمة واستعادة الثقة، بدءاً من تنظيم التعامل مع حركة الرساميل. فماذا يعني أساساً تنظيم حركة الرساميل في علم الاقتصاد لبلد صغير نامٍ منفتح كما هي حال لبنان؟ وكيف يمكن ترجمته من خلال ما يُعرَف بـ”الثالوث المستحيل” في علم الإقتصاد؟ وما هي أبرز الهواجس إزاء الصيغة المقترحة لقانون “الكابيتال كونترول” في لبنان؟
من أبرز الأدبيات الإقتصادية حول حرية حركة الرساميل هو ما طرحه ستانلي فيشر Stanley Fisher، النائب الأول للمدير العام لصندوق النقد الدولي (IMF) حينها، منذ ما يقارب عقدين من الزمن. على الرغم من إدراكه لمخاطر حرية حركة رأس المال، أثبت بأن الحل لا يتمثّل في الحفاظ على الضوابط على حركة رأس المال، بل بإجراء الإصلاحات اللازمة للتخفيف من هذه المخاطر.
هذا النقاش حصل حين كان صندوق النقد الدولي يسعى بنشاط إلى تكريس تحرير حساب الرساميل في أنظمته الأساسية. لكن الأزمات المالية تلتها بعد ذلك في العالم، في آسيا والبرازيل والأرجنتين وروسيا وتركيا وأخيراً في أوروبا والولايات المتحدة. في عام 2010، نشر مذكرة تقرّ بأن ضوابط رأس المال كانت جزءًا من ترسانة أدوات السياسة التي تهدف إلى مكافحة عدم الاستقرار المالي.
ومع ذلك، فإن الرأي السائد، سواء في صندوق النقد الدولي أو في البلدان المتقدمة ، هو أن ضوابط رأس المال يجب أن تكون أداة الملاذ الأخير – لاستخدامها فقط عندما يتم استنفاد السياسات المالية وسياسات الاقتصاد الكلي. تظل حرية حركة رأس المال هي الهدف النهائي، حتى لو استغرقت وقتًا لتحقيقها في بعض البلدان.
لكن هذا الموقف به مشكلتان. الأول، كما أشار مؤيدو حرية حركة رأس المال مرارًا وتكرارًا، أن البلدان يجب أن تَفي بقائمة طويلة من الشروط المسبقة قبل أن تتمكن من الاستفادة من العولمة المالية. وتشمل هذه الشروط حماية حقوق الملكية، والإنفاذ السليم للعقود ، والقضاء على الفساد، وتحسين المعلومات المالية والشفافية، وممارسات إدارة الشركات السليمة، والاستقرار المالي والسياسة النقدية السليمة، والقدرة على تحمل الديون، وأسعار الصرف التي يحددها السوق ، والتنظيم المالي رفيع المستوى والإشراف الاحتياطي. بمعنى آخر، تتطلب السياسة التي تهدف إلى تعزيز النمو في الدول النامية وجود مؤسسات في الدول المتقدمة قبل أن تصبح نافذة المفعول.
المسألة الثانية هي احتمال أن تضرّ تدفقات رأس المال بالنمو، حتى أنها تتجاهل المخاوف بشأن الهشاشة المالية. يفترض أنصار حرية حركة رأس المال أن الاقتصادات الفقيرة تقدّم العديد من فرص الاستثمار المربحة التي لا يتم استغلالها بسبب نقص الأموال للاستثمار. من هنا، يدعون هذه البلدان الى السماح بتدفق الرساميل، وسوف ينطلق الاستثمار والنمو.
لكن العديد من البلدان النامية يعوقها نقص الطلب على الاستثمار، وليس نقص المدخرات المحلية. العائد الاجتماعي على الاستثمار مرتفع، لكن عائدات القطاع الخاص منخفضة بسبب العوامل الخارجية أو الضرائب المرتفعة أو المؤسسات الضعيفة أو عدة عوامل أخرى.
في سياق حركة العملات الأجنبية والسياسات النقدية والمالية المستقلة، يمثّل تدفق رأس المال المستمر تحدياً ثلاثي الأبعاد لبلد صغير:
أولاً، خطر أزمة ميزان المدفوعات عندما ترتفع نسبة الدين الخارجي بالنسبة للاقتصاد الوطني.
ثانياً، خطر أزمة السيولة وأزمة سعر الصرف عند تزايد الدين بالعملات الأجنبية قصير الأجل نسبة إلى الأصول الأجنبية السائلة.
ثالثاً، خطر حدوث أزمة مصرفية محلية عندما يتعلق الأمر بالمصارف المحلية التي اقترضت بالعملات الأجنبية للإقراض بالعملات المحلية أو القبول باستعادة القروض بالعملة المحلية، بعد منحتها بالعملات الأجنبية (مثلما يحصل اليوم في لبنان في الفوضى الحاصلة) مما يؤثر على ملاءة المصارف المحلية ويتسبّب بانهيار سعر الصرف.
في الواقع، يمكن أن تهيمن تدفقات رأس المال الداخلة والخارجة في المدى القصير على سعر الصرف: إذا كان الأخير ثابتاً، فإنّ الدولة تخاطر بنفاد الاحتياطيات بالعملات الأجنبية، كما حصل تماماً من قِبل مصرف لبنان في إطار تنفيذه لخيار التمسّك بالمحافظة على سعر الصرف الرسمي حتى بعد استنزاف الاحتياطي بالعملات الأجنبية، لا سيما مع سياسة دعم استيراد المنتجات التي اختارتها السلطات الرسمية في السنتين الأخيرتين بعد انفجار الأزمة، وطيلة سنوات قبل ذلك، من خلال الضغط على تحقيق “ثالوث مستحيل” في علم الإقتصاد، وهو محاولة الاحتفاظ بتثبيت سعر صرف الليرة في ظلّ نظام حرية انتقال الرساميل والسعي لتطبيق “إستقلالية المصرف المركزي” وفق قانون النقد والتسليف، وهو ما كان مستحيلاً بوجود العاملين السابق ذكرهما في الوقت عينه.
فالمعروف أنّه في ظلّ حرية حركة الرساميل التي كان يضمنها نظام الاقتصاد الحر المنفتح في لبنان، من الضروري الاختيار بين التضحية بثبات سعر الصرف والإبقاء على مرونته، لترك هامش تحرّك للمصرف المركزي لاعتماد الاستقلالية في تحديد وتنفيذ سياسته النقدية الهادفة الى المحافظة على القدرة الشرائية للعملة الوطنية ومكافحة التضخّم وإدارة السيولة في السوق، أو القيام بالعكس تماماً، أي التضحية باسقلالية المصرف المركزي عبر توجيه خياراته للحفاظ على تثبيت سعر الصرف عبر ربط سعر صرف العملة الوطنية بالعملة الأجنبية الأكثر تداولاً واستقراراً وتعاملاً دولياً وهي الدولار الأميركي، خصوصاً بعد اعتماده كعملة ثانية إلى جانب الليرة اللبنانية منذ الأزمة النقدية التي عرفها لبنان في الثمانينات، والتي أطلق على أثرها مسار دولرة مرتفعة غير رسمية ولكنها “مفروضة” من قِبل القطاع الخاص كأمر واقع منذ ذلك الحين، بغرض الهروب من خطر تقلّبات سعر الصرف وافتقاد العملة الوطنية لمهامها الأساسية في الثمانينات كأداة تسعير وتسديد للعمليات الشرائية الكبرى والمحافظة على القدرة الشرائية على المدى البعيد وصعوبة استعادة الثقة منذ ذلك الحين، على الرغم من جهود وكلفة تثبيت سعر الصرف على مدى 22 عاماً. علماً أنّه الخيار الأكثر فعالية لتحقيق الاستقرار النقدي في ظل اقتصاد مدولر كما هي الحال في لبنان، حيث لا نفع من الاكتفاء بإدارة السيولة بالليرة اللبنانية طالما الحصة الأكبر من السيولة المتداولة في السوق هي بالدولار الأميركي.
إلّا أنّ التحسينات التي كانت ممكنة ومطلوبة كانت تكمن في معدّل سعر الصرف المناسب لعملية الربط بين العملتين وفق تطوّر المؤشرات الماكرو-إقتصادية، خصوصاً منها ميزان المدفوعات، الذي يُظهّر رصيد دخول وخروج العملات الأجنبية لمختلف الأسباب بين لبنان والخارج، فضلاً عن سعر هامش تحرّك سعر الصرف ومرونة تدخّل المصرف المركزي في المحافظة عليه، بما يُبقيه ضمن مستوى مقبول من دون استنزاف كبير متواصل للاحتياطي بالعملات الأجنبية.
إنّ تدفق رأس المال، عن طريق خلق طلب زائد على النقد الوطني، يؤدي تلقائياً إلى ارتفاع قيمة العملة الوطنية، ما لم يخزّن البنك المركزي جميع التدفقات الواردة في احتياطياته بالعملات الأجنبية. لبعض الوقت، إنّ المبالغة في تقييم العملة تحافظ على أسعار السلع المستوردة منخفضة، بينما في ارتفاع الأسعار يتمّ تعويض سلع التصدير من الاستثمارات الممولة من القروض الخارجية.
قبل زيادة إنتاجية البلاد وقدرتها على التصدير واستقطاب الاستثمار والتوظيفات الخارجية، غالباً ما يظهر سعر الصرف مبالغاً فيه، تماماً كما شهده لبنان، لا سيما مع تراكم عجوزات ميزان المدفوعات منذ العام 2011 في لبنان، باستثناء سنوات الهندسات المالية عامي 2016 و2017 التي استقطبت بعض الرساميل من الخارج لشراء الأوروبوند وشهادات إيداع المصرف المركزي بالعملات الأجنبية أي لإقراض القطاع العام (بين خزينة الدولة ومصرفها المركزي). الأمر الذي يؤدي تلقائياً الى ارتفاع الدين الخارجي الصافي بالعملات الأجنبية بالنسبة للاقتصاد المحلي (الناتج المحلي الإجمالي).
وبالتالي، إنّ لحظة حدوث أي خطأ في السياسات، والتوجّه المفرط لرأس المال المقترض نحو السلع غير القابلة للتداول، والمبالغة في التقييم المفرط للعملة والعجز الكبير في الحساب الجاري، في سياق ضعف في الاحتياطيات بالنسبة للديون الخارجية قصيرة الأجل، لا بدّ أن يُترجم ذلك بخطر إثارة أزمة ثقة في البلاد، وخروج جماعي مفاجئ وهائل للرساميل وانهيار سعر الصرف.
كما أنّ المصطلح العام للأزمة المالية يجمع هذه الأنواع الثلاثة للأزمات: أزمة ميزان المدفوعات، وأزمة السيولة ومعدل سعر صرف العملة، والأزمة المصرفية المحلية.
من هنا، ولتجنّب الأزمات المالية والنقدية، فإنّ حرية التنقّل الدولي المجاني لرأس المال تتطلب نظرياً ظروف استقرار مماثلة لتلك الموجودة داخل البلدان التي تعتمدها.
أما أبرز الهواجس التي يعكسها العملاء الاقتصاديون اليوم إزاء مشروع قانون “تنظيم وضع ضوابط استثنائية ومؤقتة على بعض العمليات والخدمات المصرفية”، فهو أنه لا يأتي من ضمن خطة استراتيجية متكاملة، في الوقت الذي يفترض أن يكون ضبط حركة الرساميل مجرد إجراء ظرفي ضمن خطة نهوض بنيوية للاقتصاد. وإن كان القرار هو ضبط السيولة المتبقية بالعملات الأجنبية، فمن الملحّ وضع خطة استراتيجية من جهة أولى لشرح سُبل ترشيد استعمال السيولة المتبقية بالدولار الأميركي، ومن جهة ثانية لكيفية تأمين استمرارية استيراد المواد الضرورية من الخارج مما يتطلّب جردة دقيقة وشفافة لحسابات مصرف لبنان وتقييم للحاجات الأساسية من قبل الوزارات المعنية. وتوفّر هذه الخطة الإطار الصحيح الذي يبنى على أساسه مشروع قانون القيود المالية ويتم تضمينه في الأسباب الموجبة للقانون. ومن جهة ثالثة اتخاذ القرار بشأن نظام القطع حيث لم يعد من مفر من اللجوء الى نظام الربط الصارم Hard Peg لليرة اللبنانية وسط الارتفاع الهائل لمعدّل الدولرة الذي لا يسمح بالإبقاء على نظام الربط المرن الحالي ولا باللجوء الى النظام الحر العائم، فلا يبقى سوى مجلس النقد/الدولرة الشاملة. وهذا يتطلّب اعتماد سعر صرف يتم على أساسه الذهاب الى الربط الصارم مما يحتاج أيضا كمية معيّنة من الاحتياطي بالعملات الأجنبية…
يبقى القول ان الاجراءات الظرفية لا يمكن تنفيذها بمعزل عن الرؤيا البنيوية التي تتطلّب بدورها جردة دقيقة وشفافة لحسابات مصرف لبنان وتقييم للحاجات الأساسية من قبل الادارات العامة المولجة. من لا ينظر لبعيد يخاطر بالوقوع مجددا عن قريب، بل يخاطر في إمكانية النهوض عما قريب…
Morgan Stanley: الأسهم الصينية قد تتراجع بنحو 20% إذا تدهورت أزمة العقارات
حذر محللو Morgan Stanley من أن قطاع العقارات الصيني المتعثر قد يضغط بصورة كبيرة على سوق الأسهم ما إذا لم توفر السلطات الدعم بالشكل الكافي.
وقال محللو المصرف الأميركي في مذكرة هذا الأسبوع إن السلطات الصينية ستحاول بسرعة إنقاذ صناعة العقارات بما في ذلك إتاحة صندوق ضخم لمساعدة المطورين على إنهاء عمليات بناء الشقق السكنية.
وأوضح التقرير أن ذلك سيسمح لمبيعات وأسعار المنازل بالاستقرار في النصف الثاني من العام الجاري.
أما في حالة أن كان حجم هذ الصندوق صغير للغاية وظلت الإجراءات محدودة فإن المحللين سيكونوا أقل تفاؤلاً بشأن تأثير الأزمة على اقتصاد الصين وأسهمها.
ووفقاً لذلك السيناريو المتشائم، قد يتباطأ نمو اقتصاد الصين بصورة حادة عند مستوى 2% في 2023، كما أن مؤشر الأسهم الصينية قد يتراجع بنسبة 20% إضافية من المستويات الحالية على مدار فترة الإثني عشر شهراً المقبلة،
كما أن هناك 11 مليون شخص قد يفقد وظيفته بما يرفع معدل البطالة في المدن إلى مستويات أعلى من 7%، مع تركز الوظائف المفقودة في قطاعات الإسكان والبناء.
ومع ذلك شدد محللو Morgan Stanley على أن المسألة الإيجابية في الأزمة الراهنة هي أن التداعيات في قطاع العقارات على باقي الاقتصاد لا تزال تحت السيطرة حتى الآن.
ارتفاع عقود الذهب عند التسوية لكنها تسجل خسائر أسبوعية بنحو 1.5%
ارتفعت أسعار الذهب عند تسوية تعاملات اليوم الجمعة الثاني من سبتمبر أيلول لكنها سجلت خسائر أسبوعية.
وأظهرت بيانات اقتصادية اليوم الجمعة إضافة الاقتصاد 315 ألف وظيفة في أغسطس آب الماضي مقارنة بتوقعات المحللين بإضافة 300 وظيفة.
أما معدل البطالة فارتفع عند 3.7% مقارنة بتوقعات المحللين بأن يستقر مسجلاً 3.5%.
وعند تسوية تعاملات الجمعة، ارتفعت العقود الآجلة للذهب بنحو 0.8% أو بحوالي 13.30 دولار للأونصة إلى 1722.60 دولار للأونصة، لكنها سجلت خسائر أسبوعية بنحو 1.5%.
وكانت العقود الآجلة للذهب سجلت أقل مستوى منذ 20 يوليو تموز عند تسوية تعاملات الخميس.
وكان جيروم باول رئيس الاحتياطي الفدرالي صرح الأسبوع الماضي بأن البنك سيواصل رفع الفائدة لكبح التضخم على الرغم أن تلك الزيادات تسبب ألماً للأسر والشركات.
متابعة قراءة ارتفاع عقود الذهب عند التسوية لكنها تسجل خسائر أسبوعية بنحو 1.5%