السوق المتخم والسوق الجائع

حديث الاسبوع  -السوق المتخم والسوق الجائع ٠


ان كان السوق متخما فهو خطير، ويتوجب الحيطة من الدخول اليه، والحذر من التعامل فيه . فهو في هذه الحالة يكون مثقلا بالقروض، وهذا عامل يؤذيه، ويدخل اليه القلق، ويجعله عرضة للانهيار في كل لحظة، وأمام أقل حادثة،دونما سبب موضوعي او واقعي ٠
وفي هذه الحالة يدخل السوق عدد هائل من المتعاملين القليلي الخبرة السريعي الانفعال ، الذين يملكون كميات هائلة من الاسهم ، اشتروها لا لعلم في أسرار البورصة وخفاياها أو لخبرة في عالمها ، بل لكون عدوى الاسعار قد أصابتهم فرغبوا بربح سريع يحققونه وطمعوا بثراء طالما حلموا به . وهم في كل ذلك متسرعون ، ما انتظروا وصول القطار الى المحطة ، بل سارعوا الى القفز اليه وهو سائر، معرضين أنفسهم لمخاطر السقوط . وللسقوط في هذه الصالات ألف قصة وقصة ٠
وهؤلاء أنفسهم ، هؤلاء الذين صعدوا القطار على عجلة ودونما دراية أو تبصر في الوجهة التي يقصدها . لن يتورعوا عن القفز منه،بعد فترة وجيزة ، قبل وصوله الى المحطة ، وأثناء سيره ، هربا من خطر يتوهمونه أو مصيبة يخشونها، بعد سماعهم أول اشاعة ، أو أول خبر سرّب الى صالة البورصة عمدا او عن غير عمد ٠
والمضاربون هؤلاء غالبا ما يكونون ضعيفي الأعصاب ، عديمي الخبرة ، قليلي الذكاء، محدودي الرؤية ، سريعي الانفعال ، وكلها عوامل وصفات لا تناسب البورصي اذ تدفع بصاحبها الى التهلكة، ان هو دخل صالة النار هذه ٠
والمضاربون هؤلاء غالبا ما يكونون قد راهنوا بمدخراتهم القليلة طمعا في مضاعفتها . أو راهنوا بقروض حصلوا عليها من البنوك لقاء رهونات ما كان لهم ان يجرونها، لو انهم وهبوا قليلا من بعد الرؤية، او تمتعوا بشيء من التبصر ٠
والمثل الاحدث على ما أسلفناه هو ما أصاب الأسواق في السنوات الست السابقة . وللتدليل الواضح نتابع أحداث ” النيو ماركت” أو السوق الجديد في المانيا منذ تأسيسه في أواسط التسعينات الى يومنا هذا ٠
في وسط العقد السابق ، أسس السوق الجديد في المانيا على ان يخصص للشركات الجديدة الواعدة المتخصصة في عالم التكنولوجيا . فلقي ترحيبا من المساهمين والمضاربين بحيث أقبل عليه كل من شاء ايداع مال ، او استثمار ثروة .في السنة الاولى من عمره كان مؤشر السوق الجديد يراوح في حدود ال 500 نقطة ، ولكن لم يمض على عمره سنوات ثلاث حتى قارب ال 6000 نقطة ٠
هنا بدأ النقاد والمحللون يتوقعون له التراجع بحركة تصحيحية تعيده الى مستوى منطقي ،لا يزيد عن ال 4000 نقطة . لكن الذي حصل كان عكس ذلك تماما . كان الطامعون في الربح وقليلي الخبرة يتدافعون الى شراء الاسهم، ويتسابقون الى امتلاكها بشكل جنوني لم يسبق له مثيل ، ظنا منهم ان أسهم شركات الانترنت والكمبيوتر لا يمكن ان تتراجع في عصر ذهبي كهذا . وارتفع السوق الى 8000 نقطة ، وارتفعت معه وتيرة التحذيرات والتخوف . وراهن الكثيرون على التراجع ، ولكن السوق تابع سيره قدما، حتى بلغ ال 10000 نقطة . وهنا دقت ساعة الحقيقة ففقعت فقاعة الصابون ، وبدا ان كل شيء كان سرابا فبدأت المسيرة العكسية . وشرع الهواة في القفز من القطار أثناء سيره ،هربا من نار أحسوا لهيبها . واستمرت عملية التخلص من الاسهم بابخس الاثمان خوفا من الأسوأ . وتراجع مؤشر السوق الجديد بشكل دراماتيكي، الى ان بلغ حدود ال 500 نقطة حيث يقف اليوم مطأطئ الرأس ، مقرا بهزيمة شنعاء لم يحسب لها أحد حساب ٠
هل نستفيد مما سبق ان التعامل بالبورصة يجب ان يبقى حكرا على حفنة من المضاربين المحنكين يتحكمون بالصالات وما فيها ؟ هل يجب ان يبقى المتعاملون الجدد بعيدين عن النار حتى لا يحرقوا أيديهم فيها ؟ أم عليهم ان يتحلوا بالدراية والحنكة ، وان يتسلحوا بالعلم ، وان يكتسبوا الخبرة فيتأهلوا بدورهم لاتخاذ مواقعهم الصحيحة في هذه اللعبة ؟

هذه اللعبة التي تبدو في ظاهرها معقدة وخطيرة ، وتبرز لمن تمرسوا بها سلسة مطواعة ، تحمل لمن مارسها التسلية والتحلية في آن .
 

أنا ربحت، ألحظ خسّرني

حديث الاسبوع 

18.10.03

عادة سيئة تتحكم بالعاملين في البورصة ، ولاسيما الجدد منهم . عادة تنمّ عن غرور واعتداد مفرط بالنفس ، كما تفضح منهجية فوضوية في العمل قد لا تؤتي من الثمر الا شوكا .
يبدأ الواحد عمله في تجارة العملات بحماس يصعب وصفه ، واندفاع يستحيل تخيله. ان هو ربح قال : اليوم ربحت ثلاثة آلاف من الدولارات . انا ولدت لهذا النوع من الاعمال . ثم يأتيه يوم يعثر فيه فان أتى مساؤه قال : كان حظي اليوم بائسا تعيسا . ويتوقف عن الكلام . لا يزيد شيئا .
انتبه عزيزي القارئ . ان ربح ، تراه يعمد الى استعمال كلمة أنا . انا ربحت . انا اتممت الصفقة . انا قررت ان اقفلها . انا فعلت كل هذه الاشياء .

وان خسر ، قال : حظي كان عسرا . ولم يزد شيئا . هنا تغيب كلمة انا . ليس هو الذي خسر . حظه هو الذي خسّره . يا لحماقتك يا ابن الانسان .
ذكرني هذا الامر بنادرة قصها علي أحد معارفي وكان يمارس التعليم . قال :
تأتي الامهات الى المدرسة للسؤال عن أولادهنّ ، والاطلاع على سير الدروس معهم . فإن سمعت الواحدة منهن ما يسر الخاطر ، تراها وقد برقت عيناها ، وأشرق وجهها ، لا تتردد أبدا في امتداح وليدها ، وفي تعداد مزاياه . فهو أهم من جابر بن حيّان ان حادثته في علم الجبر ، واين منه ابن سينا إن جئت الى علوم البيولوجيا ، وهو لو سمعه سيبويه يتحدث في قواعد اللغة لخجل من نفسه وأدرك قيمته . وهي لا تنسى بتعداد مزايا ابي الولد الذي أورثه الذكاء والفطنة . فكيف لا يكون ابنها على هذا الحال ؟

وان هي سمعت أخبارا لا ترفع لها رأسا ، ولا تسر خاطرا ، تراها وقد لجات الى أمضى سلاح عندها – لسانها – فالولد هذا لا يقل ذكاء عن الولد ذاك . هو ايضا يصرع جابر بن حيان لو قدّر له ان يصارعه في علم الجبر . وهو ايضا يبز سيبويه وابن سينا والفارابي وابن خلدون وغيرهم الكثيرين . ولكن العلة في المعلم . المعلم لا يحسن التعليم . المعلم ليس جديرا بهذه المهنة . المعلم سبب غباء ابنها وطيشه .

ما أشد الشبه بين هذه ترمي اللوم على المعلم لتستر بلاهة ابنها ، وذاك يمسح كل غباء بالحظ ويجد فيه تبريرا لكل نواقصه .
افتح عيوننا يا الله على نواقص أنفسنا واعطنا الجرأة للبوح بالحقيقة التي غالبا ما نعرفها ونادرا ما نصرح بها .

 

الخوف والطمع

حديث الاسبوع  – الخوف والطمع

 

بالامس احد معارفي ممن يتتبعون اخبارنا ويهتمون لقراءة ما ننشر على موقعنا من توقعات وتحليلات . بادرت الى سؤاله عن حاله وبالطبع عن تجارته . قال : جيدة ، – واخاله ابتسم اذ قال ذلك -حققت هذا الشهر 20% ربحا ، لكنني ، اعمل الان بحساب تجريبي .
ادركت للتو فطنة صاحبي وعمق معرفته رغم كونه لا يزال في المعركة الاولى والاسهل . عنيت المعركة التجريبية ، او التدرب على المعركة الحقيقية .
نعم ايها الاخوة . ان العمل بحساب تجريبي ، يختلف كثيرا او قليلا عن العمل بحساب عادي ، وذلك تبعا لشخصية المتعامل ، وتكوين نفسيته ، وقدرته على تحمل الصدمات والانفعالات ، وطريقة تفاعله مع المفاجآت المتوقعة منها وغير المتوقعة .
ارى الفرق بين متعامل بحساب تجريبي ، ومتعامل بحساب حقيقي ، كالفرق بين ممثل يلعب دور محارب بطل في واحد من الافلام السينمائية ، وبين محارب بطل يخوض غمار المعركة الحقيقية ن وسط السنة اللهب ورائحة البارود . ففي حين ان الاول يحتال في اظهار رجولته ، وقد يكون في واقع الامر جبانا رعديدا يخشى ظل اذنيه ان رآهما في عتمة المساء ؛ اذا بالآخر يخوض صراعا حيا ، حقيقيا ، مصيريا ؛ بين الحياة والموت ، بين الزوال والبقاء ، بين الربح والخسارة .
الاول ممثل يا اخواني والثاني بطل .
الاول يلعب الدور، وما اسهل ان نلعب الادوار ؛ والثاني يعيش المعركة ، وما اقسى ان نعيش المعارك .
الاول يتفرج على ما يحصل في بقاع عالمنا الملتهبة ويتسلى بنقل شخوص الشطرنج . والثاني يواجه خصما جبارا عنيدا بارادة القاتل او المقتول .
نعم ، صدقني صديقي ؛ هي ارادة القاتل او المقتول .
في هذه المعركة ، ان لم تقتل فستُقتل . لان كل فلس تربحه ، انما انتزعته من آخر قد خسره .
من السهل على صاحبنا المجرب كما على صاحبنا الممثل ان ينتصر في المعركة على مشاعر الخوف والطمع التي لا بد ان تنتابه ، فهو يعرف ان المعركة وهمية ، مصطنعة . وهو يوقن ان الخطر يكمن في آلة التصوير لا في سلاح العدو المتربص .لذلك تراه يشتري صفقته ،ثم ينصرف الى ارتشاف قهوته وهو ويتمتع برؤية السعر يجري لمصلحته ، او يأمل بكل برودة اعصاب ان يميل لمصلحته ان هو سار في المرحلة الاولى عكس ما يشتهي . وان عاند السوق واصر على المعاكسة ، فهو يعلم ان الصفعة لن تكون باي حال اشد ايلاما من صفعة الافلام السينمائية التي لا تكاد تلامس الوجه حتى ترتد الى الوراء تاركة للموسيقى امر ايهام المشاهد بقوة اندفاعها .
اما المتعامل الحقيقي ، لاسيما المبتدئ ن فهو ما ان يدخل في السوق حتى يشعر بمئات آلاف الانياب المكشرة من كل صوب ، ينظر الى الكنز الذي منى نفسه به ، يشد عزيمته ، يقرر الصمود ، يحاول ان يتلهى بفنجان قهوة ، يقرر عدم التطلع الى جهاز الكمبيوتر لفترة ، يحاول ذلك ، يفشل ، يشعر بقشعريرة يصعب تحملها . يسأل نفسه : ما العمل ؟ سرعان ما يجد الجواب . السوق يميل لمصلحته . هما نقطتان ، ثلاث ، اربع نقاط ربحا . يا لحظي ! آخذها وأهرب . يبيع صفقته ، ويشمر عن ساقيه ، ويترك الحلبة تبكي على نفسها .
بعد هنيهة يجلس صاحبنا امام الشاشة متفرجا ، لا مشاركا في المعركة . الان قد هدأت نوبة الاعصاب ، فاذا به يتمنى ان ينخفض السوق ، وهو الذي كان منذ لحظة يتضرع الى الله ليرتفع السعر فيجني منه الربح .
ولكن السوق يتابع الارتفاع ، 20 نقطة ربحا ، 50 نقطة ، قف ايها اللعين ! عد الى الوراء ! خذني معك ! ولكن القطار لا يتوقف الا على المحطة . والمحطة تكون على مسافة 150 نقطة لو ان الاعصاب صمدت ولم يهرب صاحبنا من السوق .
اجل التخطيط للمعركة كان جيدا ، توقيت البداية كان جيدا ، الحصان كان من افضل ما وجد ، ولكن المقاتل كان جبانا . لقد هرب عند بداية المعركة .
وان لم يحصل ذاك ، اخي المقاتل ، فقد يحصل هذا :
اخطط للصفقة ، ادرسها جيدا ، ادخل في السوق ، انتظر قليلا ، يجري الامر بعكس ما اشتهي .
ما العمل ؟ 20 نقطة خسارة ، 50 نقطة ، لا لن ابيع سانتظر ، 70 نقطة .
يا الهي ، ما العمل ؟
700 دولارا ! هي ثلث حسابي ! لا لن اسمح لهؤلاء الاوغاد ، لن اترك هؤلاء العلوج يقضون علي . سأنجو بنفسي .سأخرج من السوق باي ثمن .
وأخرج من السوق ، واذا بالعاصفة تهدأ في داخلي . واذا بالعاصفة تهدأ في السوق ايضا . فاجلس انا لالتقاط انفاسي . ويجلس السوق ايضا ، كانما لالتقاط انفاسه .
ثم وبعين ملؤها الشماتة والخبث ، اراه ينظر الي ، يستأذنني ، يستدير ، ويعود الى حيث كان .
ايه ! اي مغفل انا ! لو انني لم ابع ! لما خسرت شيئا .
ولكن التمني لا ينفع شيئا . هناك حقيقة لا بد من الاعتراف بها . وانا لا استطيع تغيير شيء فيها . لقد بعت ، وخسرت ، وانهزمت .
لقد ربح غيري ، ولا يبقى لي الا انتظار المعركة التالية .
نعم اخي المبتدئ . لا بد ان تواجه مواقف كهذه .كن متيقظا . حضر لكل مقام مقال . وليوفقك الله الى ما فيه خيرك .

1-5 = 2+2

حديث الاسبوع   2+2=5-1

في حكمة مأثورة كل الصواب ، وفيها ما يصح ان يطبق على العاملين في البورصة .الحكمة تقول :” المعرفة يمكن لكل انسان ان يحصل عليها ، لكن فن التفكير هو هبة نادرة من الطبيعة .” ليست اللعبة في البورصة كلعبة ” الروليت ” رغم ان ملايين البشر حوّلوا هذه الصالات الى ما يشبه الكازينو بأعمالهم الغريبة ، مما دفع البعض الى القول ان البورصة ليست سوى ” مونت كارلو ” دون موسيقى . ولكن الحقيقة نراها على غير هذه الحال ، فللبورصة موسيقاها الخاصة . تدقّ دقّات خفية لا يلتقطها الا ندرة من المتعاملين ، وهم الذين تميزوا بلاقط بالغ الحساسية والرهافة ، دقيق البرمجة واتنظيم ، سريع الاستقبال والتبليغ.
لا لذة في الأرض تحاكي لذة تشعر بها عندما تكتشف انك كنت على صواب في تقدير أصدرته أو في حكم أجريته في ما يتعلق بتطور سهم من الأسهم أو وجهة عملة من العملات . ان تلك اللذة تفوق في الغالب لذة ربح المال بعد عقد الصفقة والفوز بها.
ان نحن شئنا تشبيه لعبة البورصة بلعبة أخرى ، فانما هي أشبه ما تكون بلعبة ورق مقابل خصم خطير وباوراق مقلوبة . هي ليست بأية حال عملية حسابية ، لأن العالم مليء بالمفاجآت الغير متوقعة والمستجدات الغير محسوبة.
حتى ولو صحت كل الحسابات ، ودرست كل الاحتمالات ؛ حتى لو أخذت كل الأحتياطات ، وسجلت كل التوقعات ؛ فهذا لا يعني بالضرورة ضمان النجاح وحصول الربح .
قال واحد من العتاق في هذا المجال :” اكتشفت قبل 40 سنة _ وذلك هو سر نجاحي _ ان المعادلة الحسابية المبنية على المنطق والقاضية بحتمية الحصول على الرقم 4 ان نحن جمعنا 2 + 2 لا يمكن ان يصح في البورصة . بل ما يصح هو ان 2+2 تساوي 5-1 والمقصود في هذه المعادلة الغريبة هو ان النتيجة تأتي دوما في البدء مخالفة لما خطط له المتعامل ، ثم تعود الى ما انتظره منها . في النهاية لا بد لمنطق البورصة ان يسود . لكن السر هو في ان تستطيع انتظار هذه ال -1 وهذا هو الأمر الفائق الصعوبة الذي يجعل من 10% فقط من المتعاملين والمضاربين في البورصة ينجون من شراك هذه المعادلة البسيطة (-1) انهم يفتقرون دوما الى شيء ما ، يحسون دوما نقصا ما ، انه الصبر، او المال ، او الاقتناع بمبدأ ال (-1) . ولهذا السبب اردد دوما ان ذلك المال الناتج من هذا العمل ، انما هو في الحقيقة تعويض عن أوجاع.
في المرحلة الأولى تأتي الأوجاع ثم يليها المال بعد ذلك كأنما ليعوض شيئا منها.

ربح الدهاء وربح الحظ

الاحد 04.10.03

ولا تظنن يا قارئي الكريم ان صديقي قد اقتنع بما قلت له ، او سلّم بصوابية ما وجهته اليه في حديث الاحد الفائت . لقد عاودته الفكرة هذا الاحد فتعمّد لقياي وبادر باتهامي بالانانية وقلّة العناية بمصالح أصدقائي .
قال : أنت لي صديق ، وأنا لك صديق . أنت لي مُحب ، وأنا لك محب . هي رفقة عمر يا وليد . أما تذكر أيام الدراسة في بيروت ؟ أنسيت أيام الجامعة في باريس ؟ ألا تحنّ الى أيام كان لنا حلاوة في مرارتها ، وهناء في صعوبتها ؟
ادركت مرمى صديقي فما أجبت .
أغاظه صمتي وفسره تجاهلا .
قال : ما خلت يوما ان النجاح في الحياة العملية سيعمي بصرك ويشوه بصيرتك ، فينسيك من صدقوك القول والفعل ، ويصرفك عن الالتفات الى من أحببت ، الى الانكباب على عملاتك تناجيها في سرّك وتناجيها في علنك .
أدركت أن صديقي يعمد الى استثارتي ،لعله ينجح في استدراجي لحديث الاحد الفائت فيكون حظه اليوم أفضل مما كان عليه بالامس .
رقّ قلبي لرفيق الشباب فدخلت معه صالة العملات وبادرته بالسؤال : كم تريد ان ترصد من المال لهذه التجارة التي سلبت عقلك وحرمت أجفانك النوم؟
قال : ثلاثين الفا ، وفرتها من عملي . اريد ان أضاعفها . وانت ستساعدني على ذلك .
قلت : لن أساعد من هو أحبّ الى نفسي ، وأقرب الى قلبي . ألا ترى انه من الافضل أن تتدرب بحساب مصغر ؟
قال :أوتريدني ان أتلهى بلعبة أطفال ؟ وهل من كان وليدٌ صاحبه يبدأ بحساب مصغر . انت لن ترتضي لي ذلك .
تمالكت نفسي . أدركت ان صاحبي يسارع الخطى نحو الهاوية .
قلت : وبكم عقد تريد ان تعمل ؟

قال : تعطيني استشارة اكيدة . أدخل السوق بكل ثقلي . أشتري ، أو أبيع خمسة عشر عقدا ، أو ربما عشرين . اترك الربح يجري . أجاريه . أرقبه . وان بلغ الخمسين نقطة ، أو زاد عنها بقليل ، تراني قد أقفلت الصفقة . 20 عقدا . 50نقطة بالعقد. حساب بسيط . 1000 نقطة ربحا . 10.000 دولار بصفقة واحدة . تلزمني ثلاث صفقات من هذا النوع ، وها أنذا قد ضاعفت رأسمالي .

كظمت غيظي ، ولكنني ما استطعت كتمان سؤال ، كادت كلماته تحرق مني الشفتين .
قلت : وماذا لو سار السوق عكسك عوض ان يسير معك .
قال : عكسي ؟ كيف يكون ذلك ؟ ألم تعطني استشارة أكيدة ؟ أليس ربحها مضمون ؟
قلت : أوعهدتني نبيا ؟ أم قارئا في الغيب ؟ مضمون ؟ كيف يكون ذلك ؟ أيعقل أن أسمع مثل هذا ؟
لا يا صديقي . ليس في البورصة من مضمون . هذا عالم كل شيء فيه ممكن ، وكل شيء مستحيل . يتطلب العمل هنا ذكاء ، ويتطلب حنكة ، ولكنه يتطلب ايضا دراية والتزاما ادبيا بقواعد ، ان حدت عنها قادتك قدماك الى التهلكة .
سافتح لك حسابا ياصديقي ب30 الفا من الدولارات . ستعمل في الشهر الاول بعقد واحد فقط . لن اعطيك اية استشارة بل ، انك ستتبع توصيات الترايدر الذي يأخذ بيد المشتركين معنا . ستنفذ كلّ ما يمليه عليك . تشتري ان قال اشتر. تبيع ان قال بع . لا تطرح عليه الأسئلة . لن يجد الوقت الكافي لاجابتك . إطرح الاسئلة على نفسك . سائلها وأجبها . حلّل الصفقات واحدة واحدة . كن متنبها للطريقة التي يحدد فيها الترايدر الستوب والهدف . راقب الرسم البياني مراقبة العالم . حاول ان تجد لنفسك دربا وسط هذه الغابة الملتفة اشجارها . سلني من حين لحين .لن أبخل عليك بنصح أو تحليل . ستخسر وستربح . لتكن خساراتك دروسا لك وعبرا . وليكن ربحك تعويضا لخساراتك لا غرورا في نفسك . ميز بين ما ربحته بذكائك أو دهائك ، وبين ما ربحته بحظك . إفرح للربح الأول ، ولا تلتفت الى الثاني . ربح الحظ ليس هو المقصد ولا الهدف . ربح الحظ للحظ ، لا بد أن تقابله خسارة حظ ، وستكون للحظ أيضا .
بعد شهرين أو ثلاثة ، زد عقودك . لا تجعلها عشرين . بل اثنين فقط . واعمل سنة على هذا الاساس ، بعد مرور سنة ، سنتحادث ، وسنحلل ، وستصغي إلي من جديد . وسنرى ان كان من المناسب ان تعمل بثلاث عقود .
وخيّم على كلينا صمت ثقيل . صمت صديقي كان صمت طفل فلح في إقناع والده بضرورة أن يقدم له هدية في عيد ميلاده العاشر . وصمتي ! كان صمت الخائف على خطر قد يهدد مصير صديق ان هو أخطأ الحساب .

حديث الاسبوع

الاحد 04.10.03

ولا تظنن يا قارئي الكريم ان صديقي قد اقتنع بما قلت له ، او سلّم بصوابية ما وجهته اليه في حديث الاحد الفائت . لقد عاودته الفكرة هذا الاحد فتعمّد لقياي وبادر باتهامي بالانانية وقلّة العناية بمصالح أصدقائي .
قال : أنت لي صديق ، وأنا لك صديق . أنت لي مُحب ، وأنا لك محب . هي رفقة عمر يا وليد . أما تذكر أيام الدراسة في بيروت ؟ أنسيت أيام الجامعة في باريس ؟ ألا تحنّ الى أيام كان لنا حلاوة في مرارتها ، وهناء في صعوبتها ؟
ادركت مرمى صديقي فما أجبت .
أغاظه صمتي وفسره تجاهلا .
قال : ما خلت يوما ان النجاح في الحياة العملية سيعمي بصرك ويشوه بصيرتك ، فينسيك من صدقوك القول والفعل ، ويصرفك عن الالتفات الى من أحببت ، الى الانكباب على عملاتك تناجيها في سرّك وتناجيها في علنك .
أدركت أن صديقي يعمد الى استثارتي ،لعله ينجح في استدراجي لحديث الاحد الفائت فيكون حظه اليوم أفضل مما كان عليه بالامس .
رقّ قلبي لرفيق الشباب فدخلت معه صالة العملات وبادرته بالسؤال : كم تريد ان ترصد من المال لهذه التجارة التي سلبت عقلك وحرمت أجفانك النوم؟
قال : ثلاثين الفا ، وفرتها من عملي . اريد ان أضاعفها . وانت ستساعدني على ذلك .
قلت : لن أساعد من هو أحبّ الى نفسي ، وأقرب الى قلبي . ألا ترى انه من الافضل أن تتدرب بحساب مصغر ؟
قال :أوتريدني ان أتلهى بلعبة أطفال ؟ وهل من كان وليدٌ صاحبه يبدأ بحساب مصغر . انت لن ترتضي لي ذلك .
تمالكت نفسي . أدركت ان صاحبي يسارع الخطى نحو الهاوية .
قلت : وبكم عقد تريد ان تعمل ؟

قال : تعطيني استشارة اكيدة . أدخل السوق بكل ثقلي . أشتري ، أو أبيع خمسة عشر عقدا ، أو ربما عشرين . اترك الربح يجري . أجاريه . أرقبه . وان بلغ الخمسين نقطة ، أو زاد عنها بقليل ، تراني قد أقفلت الصفقة . 20 عقدا . 50نقطة بالعقد. حساب بسيط . 1000 نقطة ربحا . 10.000 دولار بصفقة واحدة . تلزمني ثلاث صفقات من هذا النوع ، وها أنذا قد ضاعفت رأسمالي .

كظمت غيظي ، ولكنني ما استطعت كتمان سؤال ، كادت كلماته تحرق مني الشفتين .
قلت : وماذا لو سار السوق عكسك عوض ان يسير معك .
قال : عكسي ؟ كيف يكون ذلك ؟ ألم تعطني استشارة أكيدة ؟ أليس ربحها مضمون ؟
قلت : أوعهدتني نبيا ؟ أم قارئا في الغيب ؟ مضمون ؟ كيف يكون ذلك ؟ أيعقل أن أسمع مثل هذا ؟
لا يا صديقي . ليس في البورصة من مضمون . هذا عالم كل شيء فيه ممكن ، وكل شيء مستحيل . يتطلب العمل هنا ذكاء ، ويتطلب حنكة ، ولكنه يتطلب ايضا دراية والتزاما ادبيا بقواعد ، ان حدت عنها قادتك قدماك الى التهلكة .
سافتح لك حسابا ياصديقي ب30 الفا من الدولارات . ستعمل في الشهر الاول بعقد واحد فقط . لن اعطيك اية استشارة بل ، انك ستتبع توصيات الترايدر الذي يأخذ بيد المشتركين معنا . ستنفذ كلّ ما يمليه عليك . تشتري ان قال اشتر. تبيع ان قال بع . لا تطرح عليه الأسئلة . لن يجد الوقت الكافي لاجابتك . إطرح الاسئلة على نفسك . سائلها وأجبها . حلّل الصفقات واحدة واحدة . كن متنبها للطريقة التي يحدد فيها الترايدر الستوب والهدف . راقب الرسم البياني مراقبة العالم . حاول ان تجد لنفسك دربا وسط هذه الغابة الملتفة اشجارها . سلني من حين لحين .لن أبخل عليك بنصح أو تحليل . ستخسر وستربح . لتكن خساراتك دروسا لك وعبرا . وليكن ربحك تعويضا لخساراتك لا غرورا في نفسك . ميز بين ما ربحته بذكائك أو دهائك ، وبين ما ربحته بحظك . إفرح للربح الأول ، ولا تلتفت الى الثاني . ربح الحظ ليس هو المقصد ولا الهدف . ربح الحظ للحظ ، لا بد أن تقابله خسارة حظ ، وستكون للحظ أيضا .
بعد شهرين أو ثلاثة ، زد عقودك . لا تجعلها عشرين . بل اثنين فقط . واعمل سنة على هذا الاساس ، بعد مرور سنة ، سنتحادث ، وسنحلل ، وستصغي إلي من جديد . وسنرى ان كان من المناسب ان تعمل بثلاث عقود .
وخيّم على كلينا صمت ثقيل . صمت صديقي كان صمت طفل فلح في إقناع والده بضرورة أن يقدم له هدية في عيد ميلاده العاشر . وصمتي ! كان صمت الخائف على خطر قد يهدد مصير صديق ان هو أخطأ الحساب .

بع في أيار والزم الدار

نحن الآن في ايار ، على أبواب الصيف المنذر بالركود او المبشر بما يثلج القلب فنخرج من حالة اللاثقة والحيرة التي لازمت الاسواق منذ فترة غير وجيزة ، ولا زالت . مثل قديم يتناقله اهل البورصة ، مفاده :” بع في ايار وابحث لك عن تسلية ما ” لعل هذه التسلية توفر عليك خسارة لا بد لاشهر الصيف الحارة ان تكون حبلى بها ٠
يعود هذا الاعتقاد الى كون مؤشر ” الستاندارد اند بور ” في اميركا وفي الفترة

الزمنية بين 1942 و 2002 قد حقق فقط 0.90% من ربحه في الاشهر ما بين مايو وسبتمبر ، بينما نراه حقق 8.40% منها بين الاشهر اوكتوبر وابريل٠ .
ان السنوات الثلاث الماضية كانت افضل ما ينطبق عليه هذا المثل . اذ انها عرفت في فترة الصيف وبالتتالي خسارة مقدارها : 1.1% و 16.9% و24.30% .هذه السنوات عرفت الكثير من الكوارث ليس أقلها أحداث الحادي عشر من ايلول ، او فضائح التزوير في الشركات الاميركية المشهورة . كل هذا ادخل المستثمرين في حالة من عدم الثقة ، والتشكك ،مما جعلهم ينأون بأموالهم عن الاستثمار في الاسهم ، مما عاد بالفائدة على السندات الحكومية والذهب٠ .
هذا عن فترة الصيف ، فماذا عن الشتاء في هذه السنوات ؟ شتاء العام 2000 عرف تراجعا بمقدار 13.02% ، اما العام 2001 فتحسن بمقدار 3.5% ، بينما تقدم العام 2002 بنسبة ٠12.6%
ماذا عن هذه السنة ؟ وكيف يجب ان ننظر اليها ؟ وماذا يجب ان ننتظر منها ؟ هنا لا بد من الترجيح لا الجزم . منذ العام 1942 وحتى اليوم لم يسبق للاسواق ان عرفت ثلاث سنوات متتالية كان صيفها في خسارة متتالية . لذلك نذهب الى التقدير بان هذه السنة ، فيما لو كان صيفها ضعيفا ، فهو سيكون الصيف الرابع على التوالي ، وهو ما سنسمح لانفسنا باستبعاد حصوله ، ليس جزما ، وانما تقديرا٠ .
ان من يأخذ هذا التحليل بعين الاعتبار ، لا بد ان يبقى هذا الصيف ملتزما بالسوق لعل هذه السنة تكون سنة٠ .
ومن شاء الآن الدخول في اللعبة فاننا نبرز له سهمين قد يحملان معهما شيئا من الفائدة٠
السهم الاول شراؤه بين ال 11.40و 12.70 يورو .وهو سهم
Deutsch telekom
السهم الثاني يشترى بين 10.10 و 11.30 يورو وهو سهم
Hypo vereins bank
السهمان المانيان ويتم التداول بهما في بورصة فرانكفورت

ان لم تنزل البورصة فهي إذن ستطلع

لي صديق عرف بنباهته ، وحبه للفكاهة ، وميله الى المرح والضحك ، أكثر من الجدية والالتزام المطلق . ان ضاقت بي الساعات ، وجدتُني ودونما تخطيط أو تفكير ، مقبلا اليه أفرغ في صدره الرحب هموم نهاري الطويل ، ورواسب ساعاتي الصعبة .
حمل لي منذ فترة قولا نقله عن الالمانية ، فيه طرافة وفيه صدق وحقيقة . قال :” في البورصة يا أخي كل شيء يمكن ان يكون ممكنا ، وكل شيء يمكن ان يكون مستحيلا “ثم أضاف : ” أكتب هذا القول على موقعكم لعله يحمل إفادة لقرائك ” . شكرته وكتبته .
بالامس زرت صديقي المرح ، فإذا هو يحمل لي قولا جديدا اقتطعه من مجلة ألمانية وصمم ان يهديه إلي ليكسب بذلك شرف المشاركة في تحرير موقعنا .
أعجبني الخبر كل الاعجاب ، ولكنني عبت على صديقي تفسيره السطحي للمعنى العميق الذي احتواه القول ، فهو ، مدفوعا بمزاجه الهزلي المرح لم ير فيه الا نكتة لا يسع المرء الا ان يبتسم أو يقهقه لسماعها .
ترجم صديقي الخبر بقوله : “البورصة هي سهلة الفهم ، قليلة التعقيد ، بحيث أن ظاهرتها توجز بكلمتين اثنتين . إذا لم تتجه نزولا فلا بد أن تتجه صعودا “.
أخذت الورقة من يد صاحبي وقرأت ما ورد فيها ، فإذا ما يلي :
Junge , die Boerse ist so einfach , wenn sie runter nicht mehr geht , dann geht sie rauf .
هي وصية كان يرددها بورصي قديم على مسامع تلامذته .
قرأت الخبر فتكشّف لي للتو، أنّ صديقي الذي أحب وأقدر قد أساء الفهم هذه المرة ، فلا بد لي من تصحيح ما أورده .
في القول الوارد بالالمانية عبرة عميقة ، ووصية ذكية ، وإشارة فطينة ، من رجل صارعته الايام وصارعها ، وهو لا يزال بها إلى أن صرعها .
في القول ، أيها الأخوة الأكارم ، كلّ ما يجب أن يتعلمه كلّ من شاء ولوج هذا الباب السحري الفسيح . في القول حكمة عارف ، وخبرة متمرس ، وخلاصة تجربة ، واختصار سنوات كرّ وفرّ ، بين أسعار ترتفع وأخرى تنخفض .
في القول ، يا إخواني ، ذكاء المعلم المجرب المحنك ، ذكاء تولته الأيام بعنايتها ، وتولاه السوق بقسوته ، فاذا به يستحيل حدسا ، واذا الحدس لا ينفك يتطور ويتشكل ، الى أن استقر غريزة علمية مبسّطة مختصرة بهذه الكلمات القليلات .
إستغرب صديقي مواجهتي له هذه المرة ، واستنبأ عنها :
كيف تقرأ الخبر انت ؟
قلت : أقرأه في ما رمى اليه ، لا في ما قاله .
قال : وإلامَ رمى ؟ أفصح بربك .
قلت : ان توقفت البورصة عن التراجع فلا بد لها ان تعاود الارتفاع .
قال : أترى فرقا في المعنى ؟
قلت : الفرق واسع والشرخ شاسع ، بين ما رأيتَ وما رأيتُ . رأيتَ نكتة ، ورأيتُ عبرة . رأيتَ ما يدعو الى الضحك ، ورأيتُ ما يدعو الى التأمل والبحث والاستنتاج المفيد .
ان توقفت البورصة عن التراجع ، انما عنى بها صاحبنا الالماني : ان لم تعد قادرة على التراجع . حقا ان الطريق المتجهة جنوبا بحسب تعبير أهل البورصة لهي سهلة السلوك غير متعبة ، ولكننا نعرف لحظات تسأم فيها البورصة التراجع ، بحيث أنها تعاود النظر الى الاعالي ، ويعنّ لها من جديد ان تعاود تسلّق المنحدرات التي سبق لها وتدحرجت عليها .
هناك لحظات يلحظها البورصي العتيق ، اذ يرقب عين البورصة بعينه الثاقبة ، فاذا هي تخطو الخطوة نزولا ، ثم تلتفت الى الوراء لتتحسر على ما كانت فيه من عزّ وجاه ، هناك في الاعالي على رؤوس القمم . فيدرك ،بما علمته اياه الايام ، ان البورصة تحضر لهجوم مضاد ، متسلحة بكل ما جمعته من مشاعر تلجّ بها صدور المتعاملين؛ فيعدّ هو أيضا العدة ، ويساند البورصة في كرّها ، بعد ان رافقها في فرّها ، وها هو يربح مرتين .
اجل يا صاحبي .ان قائل هذا القول ، انما اختصر بكلمات عصارة سنوات وسنوات من الخبرة والتعلّم ، فلا تستخفّنّ أبدا في ما قال .
وما يقال عن البورصة عندما تحنّ الى معاودة تسلّق القمم ، انما يقال عنها ايضا عندما ينهكها تسللّق التلال ، فاذا بعينها تحنّ الى مروج الوديان الخضراء ، واذا بها ترقب السهل من الاعالي ، وتقول في نفسها : ها أنا أمضيت الصيف على جبال لبنان ، فلنعد الآن الى المشتى ،هربا من لسعة كانون .
ويسمع البورصي العتيق همسها باذنه الحساسة المرهفة ، فيستوقفها ، ويستعطفها ، أن احمليني معك أيتها الأمّ الحنون . وإذا هي معجبة بذكائه ، مقدرة لفطنته ، مكبرة لدقة ملاحظته ، مثمّنة لسرعة انتباهه ، اذا هي ، تحنّ عليه دون سائر الخلق ، فتومئ له أن يرافقها ، ويا لها من ساعة ، ويا لها من إيماءة !
أجل يا صاحبي .إحتوى هذا القول سرّ الأسرار، وخلاصة الأخبار فلا تستهيننّ به ، إذ في فهمك له مخزون هائل ، لا بدّ أن يؤهلك لما أنت ساع إليه ومقدم عليه .

حديث الاسبوع -كذب المنجمون ولو صدقوا ٠

لجمعة 25.04.03

في شهر آذار من العام 2000 كان مؤشر الاسهم الالمانية ” داكس ” يقف بأبهة وفخر عند علامة ال 8100 نقطة . بعد أقل من ثمانية أشهر كان قد طأطأ الرأس ووقف عند علامة ال 3600 نقطة . مذذاك عرفنا حركتين تصحيحيتين . واحدة بدأت في آذار من العام 2001 وبلغت الخمسين بالمئة من الخسارة التي كانت قد أصابت السوق . والثانية في اوكتوبر من العام 2002 وبلغت الاربعين بالمئة .
اليوم نحن نعيش منذ ما يقارب الشهر او يزيد عليه بقليل حالة مشابهة اذ بلغت الحركة التصحيحية ما يقارب الثلاثين بالمئة من الخسارة الاخيرة . ا<br>
أمام هذه الحالة كثر المحللون وكثر معهم المنجمون ومعظمهم تنبأبسباق قادم سيعيد الداكس الى حدود الخمسة آلاف نقطة حتى قبل انتهاء هذا العام . منهم من يرتكز في تحليله على ما جرى للاسواق بعد حرب الخليج الثانية اذ عرفت وقتذاك الاسواق أفضل عصر ذهبي في حياتها . ومنهم من يرتكز في رؤيته الى اقتراب موعد الانتخابات الاميركية وهنا لا بد ان تندفع الاسواق الى الامام كما عودتنا الاحداث الماضية . ويضيف البعض الآخر الى هذه الرؤيا مسألة قرب التجديد لرئيس البنك الفدرالي الاميركي ” ألان غرينسبن ” وفي هذه المناسبة يصح عليه ما يصح على الانتخابات الرئاسية ، اذ لا بد له من انتهاج سياسة نقدية لينة لتسهيل هذا الامر .
القائلون بهذه الآراء يقللون من أهمية المنتقدين لنظريتهم والذينيرتكزون الى كون نسبة السعر الى نسبة الربح عالية جدا في اميركا ، فيقولون . ” ان من يعتقد ان هذا هو المؤشر الذي يتحكم بصعود البورصة او هبوطها انما هو على خطأ . ”

أمام كل هذه التنبؤات ، وحيال كل هذه التحليلات ، ما زلنا نحن في بورصة انفو نقف عند الرأي الذي دافعنا عنه في أكثر من مناسبة ، وفي أكثر من مقال . علينا ان نقلل من أهمية تلك التنبؤات الصادرة عن مصانع التفكير العالمية وان نعود الى واقع طالما نبهنا اليه . نحن في مرحلة قد تمتد لتبلغ ما يقارب العشرة من السنين . مرحلة تتراوح بين الامتداد الافقي والانخفاض المتدرج . مرحلة تتزايد فيها مشاكل الاقتصاد الاميركي باستمرار .مرحلة ستزيدها حروب السيد بوش تعقيدا وجدية . مرحلة استهلكت فيها الادارة الاميركية الحالية كل ما كانت الادارة الماضية بعهدة الرئيس كلينتون قد وفرته ، وهي على وشك ان تقع في عجز واضح .

وعليه فعلى كل مستثمر لبيب ، ان يعتصم بالقناعة فيشتري عند تراجع الاسواق ، ما لذ له من الاسهم وطاب ، او ما قدمناه له نحن على طبق مرصع بحسن الاختيار . ثم ان هو رأى في السوق تحسنا ، عليه الا يقع في أحاسيس الغرور او الطمع المفرط ظنا منه ان الوقت قد حان لتحقيق ربح قد يبلغ الخمسمئة بالمئة او أكثر . بل عليه ان يتعود على الاكتفاء بالارغفة الصغيرة الشقراء ، فيبيع ما اشتراه من اسهم ان هو حقق ما يراوح بين ال20 او ال 30 بالمئة . وفي الاوقات العصيبة تغني الارغفة الصغيرة الشقراء هي ايضا عن جوع

حديث الاسبوع – واقع مر … اميركا أمام الاثلاس .

وجد رئيس قسم الاقتصاد في جامعة بوسطن لورانس كوتليكوف وأستاذ الاقتصاد في جامعة كولومبيا جيفري ساكس “أن العبء الحقيقي للمشروع الضريبي الجديد في الولايات المتحدة سيصل بنهاية فترة سريانه أواخر العقد الجاري الى زهاء 7 تريليونات دولار ما سيُساهم في رفع العجز المالي الاجمالي للحكومة في واشنطن الى 44 تريليون دولار”.وأكد الأكاديميان أن قيمة العجز المالي الحقيقي الذي يزيد على أربعة أضعاف الناتج المحلي الأميركي هو رقم هائل بكل المقاييس، لكنه لا يقوم على حسابات أكاديمية بل توصل اليه فريق من الاقتصاديين والمحللين في وزارة الخزانة ومجلس الاحتياط الفيديرالي والبيت الأبيض والكونغرس في اطار دراسة أجريت بطلب من وزير الخزانة السابق بول أونيل في الخريف الماضي وكان من المقرر أن تُنشر نتائجها في مشروع موازنة السنة المالية 2004 الذي أصدره البيت الأبيض في شباط (فبراير) الماضي.

ولاحظ الأكاديميان أن الحلول التي اقترحها فريق الاقتصاديين لمعالجة المشاكل الاقتصادية اما مستحيلة التطبيق أو أن آلامها لا تطاق وأشارا الى أن أحد الحلول اقترح زيادة ضريبة الدخل بنسبة 69 في المئة بأثر فوري ودائم واقترح آخر زيادة ضريبة العمل بنسبة 95 في المئة بينما اقترح ثالث خفض المساعدات الاجتماعية والصحية بنسبة 56 في المئة وذهب رابع الى حد اقتراح خفض الانفاق الحكومي بنسبة تزيد على 100 في المئة.br> وأكد الأكاديميان في عرض نشرته صحيفة “بوسطن غلوب” نهاية الاسبوع الماضي أن مشكلة العجز المالي تعتبر حال افلاس لكنها حال لم تجد الحكومة الجرأة للاعتراف بها مشيرين الى أنه مع خروج أونيل من وزارة الخزانة واستبداله في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، أسقطت الدراسة التي أوعز الى فريق الاقتصاديين باعدادها ولم تجد طريقها الى مشروع الموازنة.

25,05,03

حديث الاسبوع – تاجر الاسهم آخذ من كل علم بطرف

أسئلة طالما سمعناها من الراغبين في الانخراط في هذا السلك ، او من المتشوقين الى ممارسة تجارة طالما حيرت الكثيرين بتعقيداتها ، واستهوت الالاف ممن يملكون الثروات وممن لا يملكون شيئا منها .
ماذا يجب على العامل في مجال البورصة ان يدرس ؟
ما هي المواد الاكاديمية التي تفيده في عمله ؟
أية شهادة يتوجب عليه ان يحصّل ؟
وجوابنا على مثل هذه الاسئلة سنورده استنادا الى خبرتنا في هذا الحقل آملين الافادة بما قدره الله لنا من قدرة
. علم السياسة ، علم الاجتماع ، علم النفس ، الى شيء من الفلسفة ، هي المواد التي لا بد للمضارب في البورصة ان يدرسها ويمتلك الكثير من خفاياها ليستطيع فهم ما يجري في هذا المكان ولينجح في العبور بسلام بين آلاف الفخوخ التي تنتظره في عمله اليومي .
ان من درس علم التجارة او علم ادارة الشركات والبنوك ، لا شأن له البتة في علم البورصة كما لا قدرة له على فهم ما يجري بين جدرانها وعلى شاشات اجهزتها الالكترونية . ان حامل الدكتوراه في التجارة قد يحقق نجاحا بارعا في ادارة شركته ان كان حذقا شديد الذكاء والحيلة . هو يستطيع بسهولة ان يقدر ما توفره الالات من مدخول او ما تحتاجه الاسواق من انتاج . هو يستطيع ان يجد حلولا ناجعة للمضاربة التي تهدد منتجاته في سوق الاستهلاك . لكن رايه في تطور سهم شركته ليس من الاهمية بشيء . وهو قلما استطاع ان يؤثر على سعر السهم في البورصة . اذ وحدها البورصة ومنطقها الخاص المحكوم بعوامل غالبا ما تكون غريبة هي التي تستطيع التحكم بالدفة وتوجيهها كما تراه مناسبا .
وعلى المضارب ان يلم بفهم تطور سعر سهم شركة ما من الوجهة التقنية ، وينكب على دراسته اكثر من المامه او دراسته لصافي ارباحها او مدخولها او ميزانيتها السنوية . فهذه الاخيرة لا يجب ان تشكل بالنسبة له مركز الثقل في اصدار احكامه .
مهمة المضارب تقارب الى حد كبير مهمة القاضي . فهذا الاخير لم يكن شاهدا على وقوع الجريمة ، وليس بخبير سلاح . لكنه يستمع الى اقوال الشهود ويتلقى تقارير الخبراء ثم يصدر حكمه . المضارب ليس اختصاصيا في الالكترونيات او الطيران او النفط كما وليس عالما بخفايا اجهزة الكمبيوتر او السيارات او الكيمياء ولا يطلب منه ان يكون كذلك . لكنه يتلقى التقارير من هؤلاء الاختصاصيين في كل من هذه المجالات ، يلقي نظرة عليها ونظرة على السياسة الدولية وعلى تطور اسعار الفائدة ثم يصدر حكمه على السهم شراء او بيعا . انه كما يقول الفرنسيون ” الآخذ من كل علم بطرف ” . ان كل ما قرأه ” عبودي ” وكل ما درسه ، وسمع به ، ورآه ، وعايشه ، يفيد ” عبدالله ” في عمله كمضارب .
يتبع في جزء ثان

الفائدة تنخفض الدولار يرتفع

الفائدة على الدولار تتراجع الدولار يرتفع . اي درس يجب ان نتعلم من هذا ؟
تخفيض الفائدة على الدولار لم تكن هي المفاجأة .ذلك ان الحديث عن هذا الامر يجري منذ فترة غير قصيرة ، بحيث ان هذا القرار بات مؤكدا ومنتظرا من قبل كل المعنيين .الشيء الذي لم يكن معروفا بعد ، هو النسبة التي سيعمد الين غرينسبن الى اعتمادها في تخفيض الفائدة
من الناحية المنطقية . وكما توحي به طبيعة الامور ، فان تخفيض الفائدة على عملة ما ، لا بد ان تعني ان عملة هذا البلد قد تراجعت قيمتها لسبب بسيط الا وهو ، ان قلة من المستثمرين سيعمدون الى اعتماد هذه العملة لندرة العائد منها .
ومن الطبيعي ايضا ان العملة المنافسة لهذه العملة المذكورة ، والتي بقيت الفائدة عليها دون تغيير – وهي اليورو في مثلنا – لا بد لها ان تتحسن قيمتها لان عددا متزايدا من الناس سيعمدون الى شرائها طمعا بفائدة متزايدة عليها .
واليوم يحصل بالتمام عكس ما توحي به هذه التحاليل الذكية . الدولار تخفض عليه الفائدة فيشتد . اليورو تبقى فائدته على حالها ، يتراجع .ما السبب في ذلك ؟
السبب جد بسيط وهو ايضا يندمج مع طبيعة الامور اندماجا منطقيا . ان المستثمرين لا يخافون في الوقت الحاضر من وقوع الاقتصاد الاميركي في الانكماش . الين غرينسبن صرح مرارا بهذا الامر . وبدا مطمئنا فيما يخص ذلك . لذلك يستبشر المستثمرون ويعولون كثيرا على نهوض الاقتصاد الاميركي . بينما يتسرب الخوف شيئا فشيئا الى مستقبل الاقتصاد الاوروبي .لا بد ان يواجه فترة من الركود الاقتصاديلا بد ان يزيدها ارتفاع اليورو سوءا .
هذا هو الواضح الان . هناك اطمئنان اكبر الى الاقتصاد الاميركي . وهناك ثقة متنامية به . الى متى سيدوم هذا الاتجاه ؟ هذا ما نجهله في الوقت الراهن ولا بد ان يتكشف قريبا .قد ينقلب الاتجاه فجأة وبشكل لم يتوقعه احد . كما حصل منذ فترة بالنسبة لارتفاع اليورو وتراجع الدولار .
على المدى البعيد لا نستبعد ، كما توحي به الامور الان ، ان يستعيد الدولار مجده الذي اكتسبه بين العامين 1995/2002 .لان النمو في الاقتصاد الاميركي ان ارتفع فلا بد ان يقارب ارتفاعه النسبة التي كان عليها في السنوات العشر السابقة ، وهي ال 3% . بينما ان ارتفع النمو الاقتصادي الاوروبي بمثل ذلك فهو لن يتجاوز ال 1 او ال 1.5 % لان النسبة للسنوات العشر السابقة لم تتعدى هذا الحد
ماذا يعني كل هذا للمستثمر الذي يريد ان ينظر الى امد متوسط وبعيد ؟
يعني ان يتوجه الى اسهم تعتمد على دولار قوي لترتفع . وهنا نسمي اسهم السيارات .وبشكل خاص دايملر كرايزلر ، وبورش .
كلاهما موجودان الان في اخفض مستوى بلغاه منذ فترة غير وجيزة . وكلاهما لا بد ان يربحا من تحسن الدولار رغم المشاكل التي تواجهها صناعة السيارات العالمية .

حامل الاسهم والدولار عليه بالانتباه

none نتذكر اليوم العام 1987 ونخشى ان يتكرر في الصيف السابق للعام 1987 ارتفعت اسواق الاسهم بشكل ملحوظ . في نفس الوقت ارتفعت ايضا اسهم الذهب والذهب نفسه وكذلك سندات الخزينة . ولكن كل ذلك كان كما يشبه الكذبة الكبيرة ، او المزحة . فجأة توقف كل شيء اواخر آب (اوغسطس ). في ذلك الوقت حدث ما يشبه التسابق على شراء كل شيء . وهذا يحدث اليوم . في امريكا لا بد من ابداء الملاحظات التالية : ان البنك الفدرالي الاميركي ، وكذلك الحكومة الاميركية يدفعون الاقتصاد الاميركي باتجاه الاصطدام الكبير بحائط المجهول . بوادر النمو التي شهدناها في المدة الاخيرة كانت مدفوعة بحصان الفوائد المنخفضة وحصان الديون المتراكمة وهذا امر مخيف . النمو الذي بلغ في الفصل الثاني 2.5 % ما كان ليبلغ اكثر من 0.7 % لولا المصاريف المخصصة للتسلح وهذا امر غير مطمئن وهو لا يعبر عن نمو حقيقي . من الناحية التقنية يبدو الاقتصاد الاميركي ومنذ 7 فصول في مرحلة نمو ، ولكنه الاضعف في تاريخ اميركا الحديث . ميزانية امريكا تراجعت في عهد الرئيس الحال بشكل مأساوي كما لم يحصل من ناحية الشدة منذ 20 عاما ، ومن ناحية الطول منذ الحرب العالمية الثانية . الرئيس الحالي هو الرئيس الاول في اميركا الذي الغى عددا اكبر من فرص العمل مما اوجد . ” أكارلوف ” حامل جائزة نوبل يقدر ان العجز في الميزانية الاميركية سيبلغ مع حلول العام 2013 ال 6.000 مليار دولار . ( اليوم يبلغ 500 مليار ) ، وهو يضيف : اظن ان هذه الحكومة هي الأسوأ في السنوات ال 200 الاخيرة من تاريخ اميركا ،النتيجة قد تكون نوع من العصيان المدني .ا ماذا يعني هذا للدولار ؟ ا بكل بساطة صندوق النقد الدولي يحذر الحكومة الاميركية . بحسب رؤيته سيبلغ العجز في السنة الجارية 6 % من مجمل الناتج القومي . وهو ما يوازي ضعف المسموح به في دول الاتحاد الاوروبي .ا الخلاصة : ان كنت بعد هبوط الاسواق في العام 2000 كنت حاضرا في السوق ومشاركا في الارتفاع الذي تلا تلك الفترة ، اجن ربحك الان . لا تتاخر . ابق سيولتك في يدك . اشتر سندات خزينة . زد مستوى اسهم الذهب والذهب في حافظتك . وانتظر التراجع القادم فهو لا بد سيأتي . .

التحليل التقني والتحليل الموضوعي للاسهم

يعتمد التحليل التقني لسهم او لتحركات سوق من الاسواق على ال ” غرافيك ” او ” الرسم ” الذي يخطه هذا السهم او تخطه هذه السوق خلال تحركاتها اليومية او الاسبوعية او الشهرية ..واليوم اذ تحول هذا التحليل كليا الى الاعتماد على أجهزة الكمبيوتر فقد تطورت اساليبه وتشعبت وكثرت المذاهب والمدارس والنظريات بحيث صار يصعب على كل مبتدئ ان يميز بينها او يختارما يناسب عمله او منهجه ٠
هذه الاساليب والفنون سنعود اليها في تحليل لاحق لتبسيط بعضا من طرقها وسنكتفي اليوم بمقرنة سريعة

بينها وبين التحليل الموضوعي الذي يرتكز على البيانات الاقتصادية الصادرة عن شركة معينة والتي توضح مستويات الربح او الخسارة كما تشير الى التطلعات المستقبلية والتقديريات المتعلقة بها ٠
ومن المعروف ان التحليل التقني ينظر اليه من قبل الكثيرين من المحللين الموضوعيين او علماﺀ الاقتصاد بعين الشك وعدم الثقة . فهم يعتبرون هذه الطريقة قائمة على الصدفة وغير مرتكزة على اسس علمية واضحة . رغم ذلك فقد اكتسب هذا المذهب في الفترة الاخيرة الكثيرين من المؤيدين الذين اعتمدوا عليه في عملهم دون التحليل الموضوعي. والسبب في ذلك انما يعود الى فشل التحليل الموضوعي في توقع التراجعات الحادة التي منيت بها اسواق الاسهم العالمية في الفترة الاخيرة ، كما يعود الى عمليات التزوير التي اكتشفت مؤخرا في دفاتر العديد من الشركات العالمية الكبرى من امثال ” انرون ، وورلدكوم ، تايم وورنر ” .اذ اية قيمة او اية مصداقية تبقى لتحليل مرتكز على دفاتر حسابات شركة من الشركات اذا كانت هذه الشركة قد زورت دفاترها وعبثت في أرقامها ؟ ومحللو الكثيرين من البنوك ليسوا كذلك بمعزل عن الاتهام فهم لا يتورعون عن التصريح في العلن بغير ما يعتمدونه هم في تحليلاتهم المصرفية الخاصة . فقد ينصحون بشراﺀ سهم ما ثم يعمدون فورا الى بيعه مستغلين تحسن السهم نتيجة اقبال المستثمرين عليه ٠
بالاضافة الى ذلك فان المضاربين الذين يعتمدون على الصفقات السريعة في اعمالهم لا يمكن لهم الا ان يعتمدوا على التحليل التقني وحده . فحسابات الشركة لا تعني بالنسبة لهم الشيﺀ الكثير بل ما يعنيهم هي تلك التحركات المؤية السريعة التي تحمل لهم الجديد ربحا او خسارة ٠
ولا يعتقدن احد ان التحليل التقني علم بسيط يكتسبه المرﺀ دونما جهد او عناﺀ . ولا يعتقدن احد ان تعلم هذا العلم امر كاف للشروع في الاعتماد عليه في عملية البيع او الشراﺀ . ذلك ان هذا الفن انما يعتمد على الخبرة اعتماده على المعرفة ، والخبرة تعني ان تمارس العمل فعلا . وان تمارس العمل يعني ان تكون مستعدا للمخاطرة بمبالغ مالية غير قليلة لكي تتمكن من اكتساب الخبرة اللازمة . ذلك ان الخسارة امر مكتوب على كل مبتدئ في هذا العمل وعليه ان يتقبلها كجزﺀ لا مفر منه وكمرحلة لا بد منها ان هو شاﺀ سلوك هذا الطريق ٠

بورصة انفو: الموقع الرائد لأخبار الذهب ، العملات ، البورصات. مع تحليلات