تدابير السلطات المالية لتحصين اقتصاد العالم بمواجهة كورونا

تضخ الحكومات والمصارف المركزية مبالغ هائلة في الأسواق وتعتمد إجراءات طارئة في محاولة لمواجهة آثار فيروس كورونا المستجد على الاقتصاد العالمي. إليكم التفاصيل!

لقد أدى الوباء، الذي قلب حياة العالم رأسا على عقب، إلى انهيار في الأسواق المالية ليواجه النمو الاقتصادي أكبر أزمة له منذ العام 2008.

وقد رصدت وكالة “فرانس برس” استجابة القوى الاقتصادية الكبرى في وقت انتقل فيه مركز الفيروس من الصين ليصيب سائر دول العالم مع فرض إجراءات عزل شاملة وتوقف شركات كبيرة وصغيرة عن العمل.

أوروبا

باتت أوروبا بؤرة وباء كوفيد-19، وقد سعت الحكومات فيها إلى فتح قنوات الإنفاق، فيما اتخذت إجراءات بإقفال حدودها.

وأعلن المصرف المركزي الأوروبي، الأربعاء، خطة بقيمة 750 مليار يورو (820 مليار دولار)، لشراء سندات حكومية وأسهم شركات، ليضخ بذلك المال للمساعدة على احتواء الأضرار الاقتصادية الناجمة عن انتشار الفيروس.

واتخذ المصرف المركزي الأوروبي إجراءات فرضتها الأزمة لتشجيع المصارف على إقراض الشركات، لكنه أثار بلبلة، الأسبوع الماضي، عندما أبقى على فوائده كما هي.

وخفض بنك إنكلترا، الخميس، نسبة الفائدة الرئيسية من 0.25% إلى 0.1%، وهو أدنى مستوى لها، بعد ثمانية أيام على تخفيض أول، وهو ينوي شراء 200 مليار جنيه إسترليني (235 مليار دولار)، من ديون الحكومة والشركات.

وامس، الجمعة، أعلن بنك إنكلترا المركزي إلغاء اختبار التحمل للبنوك الكبرى هذا العام، وقال إنه قد يكون من الصعب تطبيق قواعد رأسمالية عالمية جديدة في موعدها نظرا لأن التركيز الآن منصب على دعم إقراض العملاء المتضررين من وباء كورونا.

وجاء قرار إلغاء اختبار التحمل لأكبر ثمانية بنوك في البلاد في أعقاب قرار من الاتحاد الأوروبي بإلغاء فحصه المزمع لمتانة البنوك الكبرى، والتي تشمل أيضا مصارف بريطانية كبرى، مثل “باركليز” و”إتش.إس.بي.سي”.

وكشفت برلين عن قروض مدعومة من الحكومة بقيمة 550 مليار يورو وعلقت الموجبات القانونية للشركات التي تعاني من أزمة سيولة.

وقد خصصت بريطانيا قروضا مدعومة من الحكومة بقيمة 330 مليار جنيه لمساندة الشركات، في حين ستضمن فرنسا قروضا بقيمة 300 مليار يورو للشركات مع إعلانها أيضا عن حزمة مساعدة منفصلة بقيمة 45 مليار يورو لمساعدة الشركات والموظفين.

وفي إيطاليا، أكثر الدول تضررا من الوباء، وعدت الحكومة “بضخ كمية كبيرة من السيولة” في النظام المالي لتوفير 340 مليار يورو.

وتخطط إسبانيا لضمان قروض بقيمة مائة مليار يورو للشركات.

وأعلن مصرف سويسرا المركزي، الخميس، أنه سيتدخل بشكل أكبر لضمان استقرار العملة المحلية، في حين تدرس النروج التدخل مع تراجع كبير في سعر صرف الكرونة

وتستعين روسيا باحتياطيها من العملات الأجنبية دعما للروبل، وهي تعوض على منتجي النفط مباشرة عندما يتراجع سعر البرميل إلى ما دون 25 دولارا، كما فعلت الأربعاء.

أميركا الشمالية

عرض زعيم الغالبية في مجلس الشيوخ الأميركي ميتش ماكونل، الخميس، خطة مساعدة طارئة بقيمة تريليون دولار لمحاربة العواقب الاقتصادية في الولايات المتحدة.

وتتجاوز هذه الخطة بكثير المساعدات التي خصصت خلال أزمة 2008 المالية، ويرجح أن تشمل مساعدات نقدية مباشرة للعائلات المعوزة.

وتضاف هذه الخطة إلى 100 مليار دولار مخصصة للإجازات المرضية ومخصصات التوقف عن العمل لفترة طويلة. وقد وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب على هذا القانون الأخير، الأربعاء.

ويعرض الجمهوريون في مجلس الشيوخ اليوم الجمعة، على الأعضاء الديموقراطيين حزمة مساعدات أعلنوا عنها تبلغ قيمتها حوالى 1000 مليار دولار لإنقاذ الاقتصاد الأميركي المتضرر بانتشار فيروس كورونا المستجد.

وأكد زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل أن إقرار النص أمر ملح، بينما صُرف نحو 70 ألف شخص من عملهم في جميع أنحاء الولايات المتحدة، بحسب الأرقام الأخيرة للطلبات الأسبوعية للحصول على مخصصات البطالة.

ويبدو أن الولايات المتحدة تدرس خطة لإنقاذ شركات الطيران الأميركية بعدما قال وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين إنها تواجه أزمة أسوأ من تلك التي واجهتها بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001.

وقد خفض الاحتياطي الفدرالي الأميركي نسب الفائدة إلى الصفر تقريبا. وكشف أيضا عن تسهيلات قروض لمساعدة الأسر والشركات على الاستمرار. وأمر ترامب بتعليق إجراءات الإخلاء للمتخلفين عن السداد وحبس الرهونات بوضع اليد على الممتلكات العقارية لمدة ستة أسابيع في إطار جهود الحكومة لتخفيف الأعباء.

والخميس، كشف الاحتياطي الفدرالي عن إجراءات لمساعدة الصناديق المشتركة، وهي أداة استثمارية تحظى بالإقبال وتلقت طلبات سحب هائلة مع مواجهة الأسر والشركات الصغيرة صعوبات نقدية.

من جهتها، أعلنت كندا، الأربعاء، خطة مساعدة بقيمة 27 مليار دولار كندي (19 مليار دولار أميركي)، فضلا عن مساعدة إضافية على شكل إرجاء سداد ضرائب، ولجأت كذلك إلى خفض أسعار الفائدة.

صندوق النقد و”العشرون”

خصص صندوق النقد الدولي 50 مليار دولار للدول الفقيرة، ودعا إلى “استجابة عالمية” مماثلة لتلك التي حصلت في العام 2008.

ودعت السعودية، التي ترأس مجموعة العشرين، إلى قمة استثنائية لقادة دول المجموعة، الأسبوع المقبل، عبر تقنية الفيديو كونفرنس، كما يحصل مع كل الاجتماعات الدولية راهنا.

وفي السياق أيضا، قال التلفزيون الرسمي إن السعودية أعلنت، اليوم الجمعة، عن تدابير بقيمة تتجاوز 120 مليار ريال (31.93 مليار دولار)، للحد من تأثير تفشي فيروس كورونا على الاقتصاد، حسبما نقلت رويترز.

وذكر التلفزيون نقلا عن وزير المالية محمد الجدعان، أن الحزمة تشمل 50 مليار دولار على صورة دعم للبنوك والمؤسسات المالية والشركات الصغيرة والمتوسطة. كما تتضمن أيضا مبادرات أخرى لدعم الاقتصاد بقيمة تتجاوز 70 مليار ريال.

آسيا – المحيط الهادئ

خفضت الصين، حيث انطلق الوباء، معدلات الفائدة وتعهدت بسلسلة من الإجراءات، منها تخفيض ضريبي وتحويلات مالية من بكين إلى أكثر المناطق تضررا.

وخصصت نيوزيلندا 7.3 مليارات دولار لتحفيز الإنفاق. من جهتها، كشفت أستراليا، الأسبوع الماضي، عن خطة إنفاق بقيمة 11 مليار دولار توازي حوالى 1% من إجمالي الناتج المحلي، للمساعدة على تجنب أول انكماش اقتصادي قد تسجله منذ 29 عاما. وعمد المصرف المركزي، الخميس، إلى خفض نسب الفائدة إلى أدنى مستوى لها في البلاد.

وقد تواجه اليابان ضربة مالية كبيرة جدا في حال إرجاء دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو خلال الصيف. وهي خصصت برنامج قروض للشركات بقيمة 15 مليار دولار

وكشفت كوريا الجنوبية عن برنامج دعم غير مسبوق للشركات الصغيرة بقيمة 50 تريليون وون (39 مليار دولار).

أما حكومة هونغ كونغ، فهي تقدم مبلغا نقديا إلى كل مقيم دائم على أراضيها مع تسجيلها انكماشا سببه احتجاجات مستمرة منذ أشهر زاد من وطأتها انتشار فيروس كورونا المستجد.

الاقتصاد الأوروبي ومكافحة الفيروس

انتقل مركز الإصابة بمرض «كوفيد – 19»، الذي يسببه فيروس كورونا، من آسيا إلى أوروبا كالإعصار، جالباً معه ارتفاعاً في عدد المصابين والموتى والضرر الاقتصادي. بعد مرور عدة أسابيع تتسم بالتشوش، بدا فيها قادة الدول الأوروبية غير قادرين على الوصول إلى استجابة مشتركة للكارثة، التي ضربت قطاع الصحة وثقة المستهلك والأسواق المالية في آنٍ واحد، فإن الأسبوع الحالي يمثل نقطة تحول.
اتخذت إسبانيا وفرنسا خطوات قاسية، مثلما حدث في جارتهما المنكوبة إيطاليا، التي كانت قد قطعت شوطاً بالفعل في فرض حظر منزلي على مواطنيها. كما تخطط ألمانيا لإغلاق حدودها بشكل جزئي، ومنعت النمسا التجمعات التي تحوي أكثر من 5 أشخاص. يفسر هذا الإكراه الحتمي الخاص بالصحة العامة الحاجة إلى خنق اقتصاد دول منطقة اليورو وحرمان المواطنين من أبسط الحريات، لكن الخطر الحقيقي لهذا الركود الشامل يتمثل في تهديد يلوح في الأفق أمام الحكومات، وهو الحاجة إلى محفز اقتصادي لتخفيف وطأة الضربة التي تلقاها الاقتصاد.
وأدَّت زيادة عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا في أوروبا إلى فرض مزيد من السياسات. فطبقاً لبيانات جمعتها مؤسسة بلومبرغ، فإن دولاً مثل فرنسا وإسبانيا وإيطاليا تضم أكبر عدد من الحالات المؤكدة للإصابة بكورونا خارج الصين، حيث وصلت إلى 5423 و7753 و24747 حالة على الترتيب. كما زادت سرعة الإصابة والانتشار بالمرض أيضاً، فقاد زادت الإصابة به في فرنسا 5 أضعاف في أسبوع واحد، بينما تضاعف عدد الوفيات في إسبانيا بين ليلة وضحاها. وبعد الامتناع في البداية عن فرض سياسات قسرية تتجاوز إغلاق المدارس، فقد سارعت حكومة فرنسا برئاسة الرئيس إيمانويل ماكرون بشكل كبير يوم السبت إلى إعلان الإغلاق الفوري لأي أماكن عمل غير أساسية، رغم أن فرنسا قد عقدت بشكل مثير للحيرة أول دورة من الانتخابات المحلية كما كان مقرراً لها. لم يعد مرض «كوفيد – 19» متعلقاً بالدول الأكثر إصابة به، مثل الصين أو إيطاليا، بل انتقل قلب إعصار كورونا إلى أوروبا.
ربما كان فرض الإقامة المنزلية على الناس يبدو مخالفاً لمنطقة اعتادت دعم الانتقال الحر وفتح الحدود أمام المسافرين. لكن الأمل في أن هذه الإجراءات ستقلل من انتشار المرض وتخفض معدل الإصابة به، ربما يدفع قطاع الخدمات الصحية إلى نقطة الانهيار. وهذا أمرٌ منطقي الحدوث. ما يبدو أقل معقولية هو إغلاق الحدود؛ حيث إنه في الوقت الذي يبدو فيه أمراً مناسباً لبعض الناخبين، هو في النهاية لا معنى له عندما ندرك أن منطقة شنغن الأوروبية التي لا يتطلب الانتقال بين دولها أي تأشيرات لمساحة، تغطي 4 ملايين كيلومتر مربع تقريباً، وتشمل 400 مليون شخص، وكثيراً من نقاط العبور البرية والبحرية والجوية. وخاصة عند النظر إلى أنه منذ وصول فيروس كورونا المستجد إلى أراضيها، عبرت أعداد كبيرة من الناس الحدود الداخلية بين دول أوروبا، وقد جلب بعضهم على الأقل العدوى معه. لكن مع ذلك وبشكل عام، هناك بعض المنطق وراء ما يُتَخَذ من إجراءات.
السؤال هو هل أوروبا قادرة كذلك على اتخاذ ما يتطلبه الأمر لتعويض التبعات الاقتصادية الناتجة عن وضع عشرات الملايين من البشر قيد العزل؟ ما بدأ هذا العام كضربة للسياحة وسلاسل التوريد متعددة الجنسيات، تمتد عبر الصين، من المرجح أن يؤثر الآن على كل الصناعات. ويقدر أن تؤثر إجراءات العزل التي اتخذتها إيطاليا على قطاعي السياحة والمواصلات بنسبة 90 في المائة، وتجارة التجزئة بنسبة 50 في المائة، وإنتاج المصانع بنسبة 10 في المائة، طبقاً لما قاله الاقتصادي الحكومي السابق لورينزو كودونيو. كما يتوقع الاتحاد الأوروبي انكماش الناتج الإجمالي المحلي للتكتل بنسبة واحد في المائة في العام الحالي. إن استبدال انتشار فيروس كورونا بركود اقتصادي ووضع مزيد من القيود على الخدمات العامة يبدو أمراً مؤلماً.
لكن الأمر المشجع هو وجود زخم دافع لخطط الإنفاق في حالات الطوارئ، فطبقاً لجريدة «ليزيكو» الفرنسية، فإن الحكومة تتوقع إنفاق ما يفوق 30 مليار يورو (33.4 مليار دولار) لتغطية البطالة الجزئية والضرائب والضمانات الحكومية لقروض المشروعات الصغيرة. ويأتي هذا بعد تعهد ألمانيا بدعم المشروعات، من خلال بنك الائتمان لإعادة الإعمار «كي إف دبليو»، الذي تملكه الحكومة، وخطة إيطاليا لصرف 25 مليار يورو. وتعهدت المفوضية الأوروبية بتوفير مليار يورو ضمانات للقروض من خلال بنك الاستثمار الأوروبي.
ربما ينتهي الأمر بظهور التهديد الأكبر للاستجابة الفعالة للأزمة من الولايات المتحدة، وليس من بروكسل؛ حيث لا يوجد كثير من الأمل في أن تقرب محادثة هاتفية جماعية بين رؤساء الدول الصناعية السبع (جي 7) التي كان من المقرر حدوثها الاثنين بين دول أوروبا والرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي اتهمها بنشر الفيروس، والذي قال إن بلاده تحكم السيطرة عليه بشكل «كبير».
وباقتباس كلمات العالم الفرنسي لويس باستير (بشكل غير موفق) فإن الكلمة الأخيرة ستكون للفيروس. فإذا فشل منحنى الإصابات في الانخفاض كما هو مأمول بمرور الوقت، فمن الصعب تخيل أن إنفاق مزيد من المال سيهدئ الناخبين المعزولين في المنازل أو الأسواق المتذبذبة. لكن في الوقت الحالي، هناك بصيص من الضوء وسط الظلام. فخيار أوروبا بتجميد اقتصادها لعلاجه، وحدوث ركود، أمرٌ محتمل، لكن الالتزام المتزايد للحكومات بتوجيه ميزانياتها لعلاج الأزمة لتخفيف الضربة التي وجّهها كورونا هو تطور مرحب به.
وحتى ينتشر هذا في دول العالم بشكل أكبر وأكثر تنسيقاً، فإن أي احتفال بالتغلب على الفيروس سيكون سابقاً لأوانه.

“تحطم الطلب”.. المحللون يسارعون لخفض توقعات النفط

 

يجد المتعاملون والمحللون صعوبة في خفض توقعاتهم للطلب على النفط بالسرعة الكافية، إذ ينخفض استهلاك الوقود بسرعة فائقة بسبب إجراءات العزل التي تفرضها الحكومات لاحتواء تفشي فيروس كورونا.

ففي بداية العام، كانت التنبؤات لزيادة طفيفة في الطلب أو استقراره. لكن في غضون أشهر قليلة، بل وربما أسابيع، تبدو أشد توقعات هبوط الأسعار وقد تجاوزها الزمن.

وقال جيوفاني سيريو رئيس الأبحاث لدى فيتول، أكبر شركة لتجارة النفط في العالم، ”تحطم الطلب هذا العام يتوقف على عدد الدول التي ستقتدي بنموذج العزل الإيطالي.

”إذا طبقت ذلك على بقية أوروبا بل وعلى الولايات المتحدة بشكل أخص، تستطيع أن تذهب في توقعات تراجع الأسعار إلى أبعد ما يمكن“.

وبناء على عمليات العزل واسعة الانتشار في أوروبا، بل وإجراءات أمريكية أكثر تقييدا، يتوقع سيريو انخفاض الطلب أكثر من عشرة ملايين برميل يوميا، أي ما يعادل عشرة بالمئة من الاستهلاك اليومي العالمي من الخام البالغ نحو 100 مليون برميل.

وتوقعت آي.إتش.إس ماركت وبنك ستاندرد تشارترد تراجعا كبيرا في الطلب قد يصل إلى عشرة ملايين برميل يوميا في أبريل نيسان.

لكن محللين كثيرين يحجمون عن الخروج بتوقعات للطلب اليومي تتجاوز الأسابيع القليلة نظرا للضبابية التي تكتنف الفترة التي سيستغرقها احتواء الفيروس والمدى الكامل لتأثيره الاقتصادي في ظل تغير سياسات الحكومات يوما بعد يوم.

وتكثف السلطات في الولايات المتحدة، أكبر اقتصاد في العالم، الإجراءات لوقف انتشار الفيروس. وأبلغت كاليفورنيا قاطنيها البالغ عددهم 40 مليون نسمة يوم الخميس بملازمة المنازل. وقد تفرض الولايات المتحدة فيما بعد قيودا على السفر عبر الحدود مع المكسيك، مما سيقلص بدرجة أكبر طلب على الوقود.

وقالت لويز ديكنسون المحللة لدى ريستاد إنرجي ”صورة الطلب على النفط هذه هي الأشد كآبة منذ زمن طويل ويوازيها انهيار في الوقود والبنزين ووقود السفن والبتروكيماويات والزيت المستخدم في توليد الكهرباء.“

لكن حتى التوقعات التي خرجت قبل أقل من أسبوعين تبدو الآن وكأن الدهر قد أكل عليها وشرب.

وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية في 11 مارس آذار إنها تتوقع ارتفاعا طفيفا في الطلب بمقدار 370 ألف برميل يوميا في 2020، بينما أشارت وكالة الطاقة الدولية في التاسع من مارس آذار إلى انكماش بسيط قدره 90 ألف برميل يوميا.

وفي تقرير صدر يوم 17 مارس آذار، قال ستاندرد تشارترد إنه يتوقع هبوط متوسط الطلب في 2020 بواقع 3.39 مليون برميل يوميا، وهو ما سيكون رقما قياسيا جديدا يتخطى الهبوط المسجل في 1980 البالغ 2.71 مليون برميل يوميا من حيث عدد البراميل لا النسبة المئوية من إجمالي الطلب.

وقالت أمريتا سين كبيرة محللي شؤون النفط لدى إنرجي أسبكتس ”النمو الاقتصادي والطلب على النفط سيصيبهما مزيد من الضعف قبل بلوغ مرحلة التعافي، والتي لن تأتي إلا برفع إجراءات المباعدة الاجتماعية.“

سيل من الإمدادات

في العادة، يساهم هبوط أسعار النفط في دفع الطلب للعودة إلى الزيادة. لكن في ظل الإغلاقات الصناعية، من المستبعد أن تتحفز الشهية حتى مع فقدان خام القياس برنت لنصف قيمته خلال أسبوعين ليجري تداوله دون 30 دولارا للبرميل.

وقالت سين إن برنت قد يسقط إلى مستوى العشرة دولارات، وهو سعر غير مشهود منذ 20 عاما، وذلك بسبب هبوط الطلب وارتفاع قياسي في الإمدادات من السعودية، والتي تطارد الحصة السوقية منذ انهيار اتفاق بين أوبك وروسيا للحد من الإمدادات هذا الشهر.

وقال جيسون جاميل من جيفريز إنه إذا أبقت السعودية على ”تلك الوتيرة، فإن الحد الأدنى الوحيد لسعر النفط على المدى القصير هو الصفر.“

انهار الاتفاق بين منظمة البلدان المصدرة للبترول وروسيا ودول أخرى، في إطار ما يعرف بمجموعة أوبك+، بسبب خلافات على الطريقة المثلى للتعامل مع فيروس كورونا، إذ كانت السعودية وأوبك تسعيان إلى تعميق قيود الإنتاج، في حين عارضته روسيا.

لكن الوعود بخام إضافي من السعودية، التي تقول إنها ستضخ أكثر من مليوني برميل يوميا إضافية إلى السوق، ومن منتجين آخرين مازالت تبدو متواضعة إذا ما قورنت بحجم النزول في الطلب.

وقال بيورنار تونهاوجن مدير شؤون أسواق النفط لدى ريستاد إنرجي ”على السوق أن تعي أن موجة فقد الطلب العاتية الناجمة عن فيروس كورونا ستكون نحو أربعة أو خمسة أمثال سيل النفط القادم من منجي أوبك+ في الربع الثاني على الأرجح.“

وخفض جولدمان ساكس، الذي توقع في 18 مارس آذار هبوط الطلب العالمي بواقع 1.1 مليون برميل يوميا في 2020، توقعاته لبرنت في الربع الثاني من العام إلى 20 دولارا.

وتوقع بنك أوف أمريكا جلوبال ريسيرش نزوله إلى أقل من 20 دولارا.

وقال تاماس فارجا محلل شؤون النفط لدى بي.في.إم أويل للسمسرة في لندن ”الأسعار الحالية ستصيب منتجي النفط عالي التكلفة بألم شديد وبعضهم سيفلس.“

وأضاف جيم بوركارد نائب رئيس آي.إتش.إس ومدير شؤون أسواق النفط لديها ”إذا استمر هذا الوضع في ظل ركود اقتصادي، فإنه سيشير إلى تكون أضخم فائض في إمدادات النفط العالمية على الإطلاق.“

بورصة انفو: الموقع الرائد لأخبار الذهب ، العملات ، البورصات. مع تحليلات