أهمية مشروع غاز بوتين الكبير

عبر بضعة أسابيع مهمة، اتخذ أحد أكثر مشاريع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أهمية وطموحاً – نظام تصدير الغاز الطبيعي الروسي لمواكبة الواقع الجيوسياسي الجديد عوضاً عن واقع حقبة الحرب الباردة القديم – وضعه النهائي. ومن المتوقع أن يستمر، من دون تغييرات كبيرة، حتى نهاية المسار الروسي على قمة أكبر مصدري الطاقة حول العالم.
وتشمل اللمسات الأخيرة على المشروع الكبير، الذي بدأ العمل فيه منذ عام 2001 مع بناء خط أنابيب «بلو ستريم» إلى تركيا، إطلاق خط آخر للأنابيب يحمل اسم «باور أوف سيبيريا» إلى الصين في الثاني من ديسمبر (كانون الأول). وكانت الولايات المتحدة قد فرضت في الأسبوع الماضي عقوبات على خط أنابيب «نورد ستريم 2» المتجه إلى ألمانيا، مع صفقة جديدة لنقل الغاز الطبيعي إلى أوكرانيا، وتشغيل خط أنابيب «تورك ستريم»، والمقرر له الانطلاق في يناير (كانون الثاني) من العام المقبل.
وساعدت الضغوط الخارجية مع ظروف السوق العالمية على صياغة نظام تصدير الغاز الطبيعي الروسي الجديد، بحيث لا يمكن استخدامه كأداة ضغط شريرة لتعزيز سياسات بوتين الخارجية. وفي الأثناء ذاتها، ينتظم الخط الجديد بصورة تجعل من روسيا بعد بوتين قادرة على الحفاظ على حصتها الهائلة في سوق الطاقة الدولية مع استخدامها كأساس متين لعقد الشراكات التجارية المفيدة. مما يجعل من النظام الروسي جزءاً إيجابياً من إرث فلاديمير بوتين للبلاد، إن لم يكن بفضل الرجل تماماً.
كانت روسيا قد ورثت تعاقدات توريد أوروبا بالغاز الطبيعي عن الاتحاد السوفياتي السابق، مما يعتبر أحد أكبر مصادر العملة الصعبة بالنسبة لاقتصاد روسيا المتهالك لما بعد الحقبة السوفياتية. غير أن خطوط الأنابيب السوفياتية كانت تمر عبر أراضي أوكرانيا وروسيا البيضاء، اللتين كانتا جزءاً من الإمبراطورية السوفياتية القديمة، ثم تحولتا إلى جمهوريتين مستقلتين وذاتي سيادة، وتطالبان برسوم لعبور الغاز الطبيعي وإمدادات الطاقة منخفضة الأسعار في مقابل المحافظة على إمدادات الطاقة الروسية صوب أوروبا، أو بمعنى آخر، إلى الجانب الشيوعي السابق منها، حيث كان كل ما هو روسي وما يأتي من روسيا غير مرغوب فيه على الإطلاق حينذاك.
وفي الوقت نفسه، شكل موردو الغاز الطبيعي في آسيا الوسطى وفي أذربيجان تهديداً تنافسياً؛ إذ كان من اليسير عليهم نسبياً توصيل الغاز الطبيعي إلى تركيا، مما قد يؤدي إلى توصيله مرة أخرى إلى أوروبا.
وفي العقد الأول من القرن العشرين، عندما اعتنى فلاديمير بوتين ومستشاروه بفكرة جعل روسيا قوة عظمى في مجال الطاقة، أصبح من الواضح لدى خبراء الاستراتيجية في الكرملين أنهم في حاجة ماسة إلى اعتماد المزيد من المرونة لزيادة الإمدادات والحصول على مزيد من النفوذ الاقتصادي على دول الجوار في أوروبا وآسيا. وكان خط أنابيب «بلو ستريم»، الذي يمر عبر قاع البحر الأسود وحتى ميناء سامسون التركي وجرى افتتاحه في عام 2003، بمثابة الخطوة الافتتاحية الأولى في لعبة الغاز الطبيعي لدى الرئيس بوتين.
بيد أن طاقة خط أنابيب «بلو ستريم» الاستيعابية التي تبلغ 16 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي في العام قد تقلصت من واقع 180 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي التي كانت تصدرها خطوط الأنابيب السوفياتية إلى أوروبا عبر أوكرانيا وروسيا البيضاء. وساعد ذلك روسيا على التنافس في تركيا، ولكن لم يعتبر حلاً للمشكلة الأكبر المتمثلة في اعتماد روسيا على خطوط الأنابيب في أوكرانيا وروسيا البيضاء. وتوالى تراجع حصة واردات الغاز الطبيعي التي تصل إلى أوروبا قادمة من روسيا.
وفي عام 2011، تمكنت روسيا من السيطرة الكاملة على نظام نقل الغاز الطبيعي في روسيا البيضاء مقابل إمدادات الغاز الطبيعي الرخيصة إليها. لكن أوكرانيا ظلت تفرض سيطرتها بقوة على خطوط الانابيب التي تمر عبر أراضيها، والتي تمثل نصيب الأسد من طاقة روسيا التصديرية الكلية.
أراد فلاديمير بوتين المزيد من الوصول المباشر إلى جنوب أوروبا وغربها، وأراد امتلاك القدرة على تجاوز عقبة أوكرانيا لأسباب سياسية واقتصادية. وكان نظام خطوط الأنابيب الأوكراني، الخاضع لإدارة إحدى الشركات الوطنية، في حالة سيئة للغاية، وتخشى شركة «غازبروم» الروسية التي تحتكر الصادرات الروسية للغاز الطبيعي عبر خطوط الأنابيب، من أن تضطر إلى الاستثمار في إصلاح خطوط الأنابيب الأوكرانية ومن ثم يكون لها تأثير كبير على إدارتها وتشغيلها. وفي الوقت نفسه، أراد بوتين التأثير على الحكومة الأوكرانية لإبقائها ضمن المدار الروسي. وقطعت الحكومة الروسية إمدادات الغاز الطبيعي إلى أوكرانيا مرتين في السنوات الأولى من القرن الجديد في محاولة لتركيعها، ولكن في غياب طرق التصدير البديلة لم تسفر هذه الأساليب عن نتيجة تذكر.
وفي عام 2012، اتخذت روسيا خطوة رئيسية أخرى من خلال افتتاح خط أنابيب «نورد ستريم»، الذي يمتد عبر قاع البحر الأسود وحتى شمال ألمانيا، مع طاقة استيعابية بلغت 55 مليار متر مكعب في العام، الأمر الذي عزز من نصيب روسيا في واردات الغاز الطبيعي إلى أوروبا. وفي الوقت نفسه، كانت روسيا تخطط لبناء خط أنابيب كبير يصل إلى جنوب أوروبا، تحت اسم «ساوث ستريم»، يمر عبر البحر الأسود وحتى بلغاريا. ومن هناك يمكن تمديد الخط فرعيا لنقل الغاز إلى اليونان، ثم إيطاليا، وصربيا، إلى وسط أوروبا.
وكان ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014 قد جعل من الضروري على الرئيس بوتين إعادة رسم خريطة تصدير الغاز الطبيعي الروسي؛ إذ لم تعد أوكرانيا – وفق الأوضاع الجديدة – مجرد شريك مثير للإزعاج، بل تحولت إلى خصم مباشر. وأصبح تجاوزها من الضرورات الجغرافية والسياسية بالنسبة إلى الرئيس الروسي. وكانت أوروبا أكثر قلقاً من أي وقت مضى بشأن زيادة صادرات الغاز الطبيعي من روسيا، والتي يمكن استخدامها في رفع مستوى النفوذ السياسي. ومن جهته، قام الاتحاد الأوروبي في أواخر عام 2014 بعرقلة بناء خط أنابيب «ساوث ستريم» بممارسة الضغوط الكبيرة على بلغاريا. كذلك أصبحت خطط توسيع خط «نورد ستريم» من خلال إلحاق خطين متوازيين من الأنابيب فيما كان يُعرف بخط «نورد ستريم 2»، أكثر سمية ورفضاً من الناحية السياسية، لا سيما في ظل مقاومة الولايات المتحدة الواضحة لهذا المشروع. وفي واشنطن، كانت المخاوف من ارتفاع النفوذ السياسي الروسي على ألمانيا تعززها الرغبة الحقيقية في توصيل المزيد من الغاز الطبيعي الأميركي المسال إلى أوروبا.

ليونيد بيرشيدسكي

الذهب: تخلى عن بعض المكاسب اثر انحسار التوتر. وماذا عن التقنيات؟

واصلت أسعار الذهب في التعاملات الأوروبية انخفاضها من أعلى مستوياتها في ستة أعوام ونصف العام عند 1.611.27 دولار (الأونصة) في منتصف الأسبوع  ، وكانت حتى الآن منخفضة عند 1540.10 دولار للأوقية.

هذا وقد انخفض معدل العزوف عن المخاطرة في الأسواق مرة أخرى ، بالإضافة إلى الذهب ، فإن الطلب على الاصول الأخرى المعروفة باسم “الملاذ الآمن” مثل الفرنك السويسري والين الياباني أصبح الآن  على تراجع واضح ايضا.

مرد هذا التطور هو الى  الاسترخاء الحذر في الصراع بين الولايات المتحدة وإيران. نائب الرئيس الاميركي مايك بينس يفترض أن إيران تتجه الى عدم  التصعيد. في وقت سابق ، كان إعلان الرئيس دونالد ترامب بفرض عقوبات على إيران بدلاً من تجديد الرد العسكري قد أعطى الأسواق أملاً بأن النزاع لن يتصاعد أكثر.

من الوجهة التقنية :

من المرجح أن يؤدي التراجع في البدء إلى زيادة الضغوط على الاسعار بعد انخفاضه اإلى ما دون مستوى 1،557 دولار مرة أخرى.
تراجعات اضافية الى  1،517 دولار أمريكي تبقى ممكنة اذا ما استمرت حالة الانفراج القائمة.
فوق هذا الدعم ، تبقى الوجهة الصعودية على حالها من الايجابية.
بهذه الحالة المزيد من المكاسب السعرية باتجاه ال 1611 دولار أمريكي اواما بعدها ممكنة . إذا تم كسر الاتجاه الصعودي عند 1.490 دولار أمريكي نزولا ، فإن الصورة ستصير من جديد على اتجاه سلبي .

مقاومات: 1.611

دفاعات: 1.517+1.490+1.480

( 1 ) العيش عند سفح البركان

العيش عند سفح البركان …
بات معلوما، ويجب أن يكون العلمُ راسخا لا شكّ فيه، والقناعة ثابتة لا شائبة عليها .
بات مفهوما، ويجب ان يكون الفهمُ نقيا منقشع الأفق، والإدراك صفيا جلي الثوابت لا تردد في قبوله.
بات مفهوما ومعلوما ومؤكدا وجليا وواضحا وثابتا أن العمل في أسواق المال، والنجاح فيه، والثبات عليه، ليس من المستحيلات المقتصرة على بعض الموهوبين، ولكنه أيضا ليس من الاعمال المبَسّطة العادية أو الوظائف الروتينية اليومية، كما يحلو للبعض تصويره.
شاهدت مؤخرا عرضا تلفزيونيا يصح تصنيفه دعائيا أكثر منه إعلاميا، أدمن على تقديمه أحد الطارئين الجدد على السوق، فتعمد في حديثه تصوير الربح في السوق على أنه من المسلّمات التي لا يعوّقها عائق ولا يمنعها مانع. تعمّد إقناع المشاهدين أن مجرد التعرّف الى الرسم البيانيّ والتدرّب على استعمال برنامج المتاجرة يعني الانتقال من الفقر الى الغنى، ومن الضِعة الى الرفعة.
تعمّدت مراقبة حركات صاحبنا وتتبع تقديمه لبرنامجه في أكثر من حلقة واحدة، فتكوّن لديّ شعورٌ بكونه لم يوفق في عمله كمتاجر في السوق، ولا في تحقيق ثروة يطمع بها، من ممارسة تجارة – هو ليس لها – وهي في أعلى سلّم المهن، من حيث متطلبات الذكاء والنباهة واليقظة والوعي وتوقّد الفكر. هو لم ينجح في تحقيق هدفه فتحوّل الى الاسترزاق من التعليم.
التعليم مهنة – بل رسالة – نبجّلها ونحترمها، على أن تكون محافظة على شرف التوجه وأخلاقية المنطلَق . صاحبنا لم يحافظ على كلي الشرطين، لقد فشل في التعليم ، ثم جُرّم في الوسيلة المعتمدة للثراء، كما فشل في ممارسة التجارة.
كان المعلم الطارئ يقدم للمشاهدين رسما بيانيا لسهم أو لعملة تكون فيها الوجهة تصاعدية ( ولم يقدم مرة واحدة “ترند” بوجهة تراجعية، لكون التصاعدي يغري النفوس ويجذب العقول ) . كان يضع سهما يختار له اللون الأخضر( وللخضار جذبا سحريا في مثل هذه المواضع) عند أسفل “الترند”، وسهما آخر أحمر عند أعلاه، ثم يقول بنبرة الواثق العارف الصادق الناصح: هنا تشتري مشيرا الى السهم الأخضر، وهنا تبيع مشيرا الى الأحمر. ويضيف – وعينه في عين المشاهد تحديقا – الربح يكون كذا بالنقاط، ويكون كذا بالدولارات.
التعليم عزةٌ والتنوير شرفٌ. إيّاك أن تحوّله الى خداع. لا يبقى بهذه الحالة وصفٌ له سوى كونه ذلة وتسولا.
كلّ متمرس في السوق يدرك أن الشراء يجب أن يتمّ عند السهم الأخضر ، وهذا يبدو جميلا ومشوّقا ومثيرا اذا رأته العين وقد اكتمل “الترند” فحقق ما حقق من ارتفاع. كل مشاهد توسوس له نفسه الشراء في أسفل القاعدة والبيع في الأعلى، ولكن!
لنجرب أخي القارئ سوية طمس الجزء المتصاعد من الترند بورقة تخفيه عن نظرنا انطلاقا من السهم الاخضر وصولا الى الأحمر. لنفعل ذلك ثم لنسأل أنفسنا : لماذا كان عليّ أن أشتري في العمق؟ كم هو مستوى الخطورة؟ ما المعطيات التي تحثّ على الشراء وترجّح حدوثه؟ وغيرها ، وغيرها من الاسئلة الملحة والمبررة التي لا بد من إيجاد الجواب لها قبل الشروع بعملية الشراء.
أسئلة كلها مهمة، ولكن الأهم يبقى التالي : ماذا لو اشتريت وانقلبت المسيرة؟ ماذا لو صار الترند تراجعيا لسبب ما؟ كم ستبلغ الخسارة؟ أين سأخرج؟ كم سيكون بمقدوري التحمّل ، ماديا ونفسيا؟
كلّ هذه الأمور تجاهلَها الأستاذ المعلم ولم يأت على ذكر أبسط تفصيل فيها. هو رمى الى هدف وبلغه. أراد التوجّه الى شريحة خام محدّدة من المشاهدين. شريحة  لا تزال طرية العود تريد أن تربحَ وهي تستعدّ للمباشرة بالعمل دون طرح الكثير أو حتى القليل من الأسئلة.
هذه الفئة من المشاهدين تريد طريقا مزروعة بالرياحين والورود. تريد أن تسمع كلاما جاذبا يدغدغ لها طبيعتها الراغبة في التعرف على العمل بالبورصة. هو زرع لها هذه الطريق، ونصب هذا الفخّ، مستغلا سذاجة تتمكن من طباعها.
هنا نصل الى الشقّ الثاني من الجريمة. المشاهد الذي وقع في الفخ هو شريك المعلم الذي جذبه إليه، لأن الثاني أعطى الاول ما استلذّ سماعه، ولو قال له غيرَ ما قال لانصرف عنه وما أصغى.
أخي القارئ لنتصارح.. أنت وأنا…
إن سلسلة مقالات سبقت هذا المقال على هذه النافذة وكانت خلاصة خبرة عمر لمستنيرين مجرّبين – هم قبل كل شيء مخلصين – لا تبتعد عن جو الفكرة الرئيسية لحديثنا هذا.
أنا أعترف وأقر وأصر . أنا أدعوك الى الإعتراف والإقرار والإصرار معي على كون المسألة أخلاقية قبل كل شيء آخر. لا تساوي الذهب بالنحاس، فالبَون شاسع بين المعدنين وقيمة الواحد لا تقارَن بقيمة الآخر.
أبطالٌ نستوطن السوق. برابرة يعبرون فيه. أيضا في هذه خلاصة سنوات من الجدّ والسعي والبحث والمقارنة والإستخلاص . هي أيضا تستحق الكثير من التبصّر والتقدير لتضمّنها جملةً من الحقائق ومن الثوابت ومن العِبَر.
يتبع.

للتواصل مع كاتب المقال
bild11u

( 2 ) العيش عند سفح البركان

لا شك في كونك – أخي القارئ – قد أنبتت في نفسك أملا وغذّيته شهورا – كما حالة الكثيرين غيرك ممن تعرفوا على هذا السوق فاشتدّ هيامَهم به – . الأمل هذا مغرٍ، فهو يدغدغ أحاسيس الأنا، ويوسوس لكلٍ من الوافدين بإمكانية الظفر بمهنة جديدة تدرّ من الأرباح ما يكفي مؤونة أو ما يزيد.
أخي القارئ .
إن طموحك المشروع هذا يمكن ان يتحوّل الى واقع، شرط أن تكون لها…
إن طموحك هذا سيكون بعيدا عن التحقق، بل مستحيل البلوغ، إن كانت شروط هذا العمل لا تماشي قدراتك الفكرية أو النفسية أو المادية …
طويلٌ هو الصفّ الذي يجب أن تقفَ فيه سعيا الى الهدف. منذ برهة كنت في مؤخرة الواقفين وها أنت الآن وسط الصف الطويل ، لأن الوافدين وراءك كثر …
ضيقٌ هو الباب الأيسر المذهّب الذي يستقبل كل مَن سمحت له مؤهلاته اجتياز اختبار التحمّل والثبات. قلّة هم السعداء الذين يدخلون هذا الباب …
واسع هو الباب الحديدي الأيمن الذي يخرج منه كلّ من اقتنع، بعد عناء، أنه في المكان الخطأ والزمان الخطأ بعد اتخاذه القرار الخطأ…
راقب جيدا كل الذين يقفون أمامك. إنهم يريدون ما تريد ويسعون الى ما تسعى.. بعضُهم ينالُ مبتغاه، وكثرتهم يخرجُ مقتنعا أو مكرها، إذ لا مجال للمعاندة أو المخادعة أو الغرور في هذا المكان.
أخي القارئ.
إن اولئك الذين يدخلون في الباب المذهّب ، ( وهو الباب الذي تتمنى وُلُوجه أنت ) ، إن هؤلاء لعارفين إنهم سيعيشون عند سفح البركان، ولجاهزين في كل لحظة للتعامل مع غضبه بالوسيلة الملائمة.
إنهم يدركون نسبة الخطر، ويعرفون أن الهولَ آت يوماً، والغضبَ بادٍ في ساعة ليلٍ، أو في ساعة نهار.
إنهم أبطالٌ حقيقيون، شجعانٌ أقحاح، يعشقون المواجهة ويعرفون مواضع الكرّ ومواضع الفرّ.
أخي القارئ.
لا تتردد في الإنسحاب إن لم تأنس في نفسك قدرة. ولا تتردد في الصمود إن سمعت صوتا داخليا يهتفُ لك أن إبقَ.
وحده صوتك الداخلي يحسن تقييم الأمور، فاصغِ له.
ألأزمة المالية الأخيرة كانت أقسى مما تصور خبيرٌ أو مستثمرٌ أو مسؤولٌ من الكبار الكبار. رمت سهامَها بكل الإتجاهات فأصابت الكثيرين وما استثنت إلا القليلين. أعرف جملة من العِتاق الذين كانوا يدركون أن ثورة البركان آتية لا محال. إصاباتهم كانت غير بليغة، وها هم  يخرجون من الرماد، وينفضون عن أكتافهم غبار أيامٍ عجاف.
أخي القارئ.
بتنا نستلذ العيش عند سفح البركان. نحترم قوته وجبروته. نتعلم منه الكثير الكثير. لا ننكر عليه ما يحتكر من مزايا، وما يكتنز من خفايا. لا نتجاهل الإنذار المبكر، فنتذاكى ونغترّ… نحدّ من خسارتنا إذا هبّت ريحُه في وجهنا، ونستغلّها لصالحنا إذا هبّت ريحُنا في وجهه.
نحن لا ندفن رؤوسنا في الرمال، غير آبهين بمؤخرتنا عارية بادية للعيان…
إعلم، أخي القارئ، أن البركان جبارٌ عنيد. فنّ العيش عند سفحه لا تمتلكه الكثرة. له مخاطرُه، لكن نكهته الخاصة أيضا؛ يستلذها البعض – نستلذّها نحن – فلا نطيق عنه ابتعادا. نستلذّها الى حدّ استشعار الإشتياق في العُطَل.
نستلذّ الحياة عند سفح البركان، لأننا لها.
أخي القارئ !
جاورنا !
إن كنت لها !

للتواصل مع كاتب المقال :   khibrat-omr@boursa.info

بورصة انفو: الموقع الرائد لأخبار الذهب ، العملات ، البورصات. مع تحليلات