بعد مضي عام على التوصيات والتعليم . الجزء الثالث

بعد مضي عام على التوصيات والتعليم . الجزء الثالث – 7th September 2004

 
س  :  غربلة الصفقات ! الثعالب العتاق ! الارانب البسطاء ! صيد الستوبات ! ……
 كلام رمزي شديد التعبير وبعيد المرامي ، ولكن ! يبقى السؤال الكبير : ماذا يمكننا فعله لتنبيه المبتدئين الى شراك الصيادين ؟
كيف يمكننا تحويل الارانب البسطاء الى محنكين حكماء ؟
هل من قاعدة محسوسة ، أو هل من نصيحة ملموسة ، يمكن هنا شرحها ؟
ج  : أنا لا اتعمد الرمز في كلامي للتعتيم على الفكرة بل للتنوير عليها ، والتنبيه اليها . ما من شيء قد يفيد الساقط في الفخّ ، او الواقع في الشرك ، او العالق في الشبكة ، بقدر ما يفيده الفخ ذاته ، والشرك ذاته ، والشبكة ذاتها .
ما من معلم يستطيع أن يعلمنا درسا بقدر ما تستطيع أخطاؤنا نفسها . كلّ متعامل سبق له أن سقط في مثل هذه الشراك ، ولا يستطيع واحد الادعاء انه نجا منها بشكل دائم . حتى ناصبها لا بد ان يكون فريسة لصياد آخر في موضع ما ، وفي وقت ما .
ان نحن وقعنا في الفخ ، ثم نهضنا منه واكملنا الطريق ، ثم عدنا لنقع فيه ثانية في طريق عودتنا ، فيه هو ، هو نفسه ، بنفس الموضع ، ونفس الظروف ، ونفس المخاطر . ان حصل هذا فلا يمكنني الا ان اقول ، تبا لمتعامل لا يعرف من قواعد الحساب سوى ان يقول : واحد  زائد واحد تساوي اثنان .
في عملنا هناك حسابات اخرى لا بد من تعلمها ، ولا بد من قبولها ، ومن ملاحظتها . علي ان اقبل ان واحدا يزاد عليه واحد قد يصح احيانا ان يساويا  احد عشر . وعلي ان اعرف بان واحدا يزاد عليه واحد يساوي ايضا وقبل كل شيء ثلاثة محذوف منها واحد ، وهو نادرا ما قد يساوي مباشرة اثنان .
ان استطعت التسليم بان الاحد عشر هي نتيجة لجمع واحدين فانت قادر على تقدير الموضع الذي نصب فيه الشرك ، والزاوية التي حفر فيها الفخّ .
 
س  :  ولكننا لم نتعدّ إطار الرمز بعد .
ج   :  قائدا فرقة ، في وسط المعركة ، نجح الواحد في تخليص فرقته من مصيدة ، ووقع الآخر فيها . ما الذي يميّز الواحد عن الآخر ؟
ولأبسط من هذا . سائقا سيارة . طالعتهما حفرة في الطريق . نجح الواحد في تحاشيها ووقع الآخر فيها . ما الذي يميّز بينهما ؟
ولأوضح من هذين . لاعبا كرة . نجا الواحد من كل مكائد خصمه ونفذ بالطابة حتى بلوغ الهدف ، بينما وقع الاخر في أول فخ نصب له . ما الذي يفرّق بينهما ؟
لا شكّ في انّ سوقا تراوح لفترة ساعات بين حدين قريبين ، وعرف حجم تبادل هزيل ، يكون مناسبا أكثر من غيره لنصب شراك الصيادين ، لان تحريكه صعودا ونزولا ليس من الصعوبة بمكان ، ولأن كمية وافرة من الستوبات تكون قد أخذت مكانها مطمئنة  فوق الحد الاعلى لهذه المساحة الافقية أو تحت حدّها الاسفل .
ولا شك ايضا ان هناك خطوط مقاومة ودفاع معينة يستلذ الصيادون ممارسة رياضتهم في محيطها أكثر من غيرها ، وهي تحدد بحسب حركة السوق وشدة اندفاعه تجاهها وتوقيت هذا الاندفاع وسببه .
ولا شك ايضا – ولعلّ هذا هو الأهم –  بان خط مقاومة منيع لا يجب ان يعني بالضرورة وجود عرض كثيف يمنع السوق من اجتياز هذا الخط ، ولكنه قد يعني ايضا طلبا ضئيلا ناتج عن انعدام الشهية للجلوس الى المائدة في هذا الموضع ، وهذا التوقيت . وهذا موضع نصب الشباك  وحفر الفخوخ بامتياز .
والى كل ذلك ، يبقى ان نقول ما يبدو الأعمق أهمية ، والأكثر صوابية ، والأدق حكما ، والأشد افادة . لم ينفعنا يوما في هذه المواضع حكم ، كما نفعنا حسّ التاجر الذي لا يوصف بكلام ، وبصيرته التي لا ترى بعين ، وحدسه الذي فاق كل تحليل وسما فوق كل اختبار .
وهو ذاته ، هذا الحسّ ، وهذا الحدس ، وهذه البصيرة ، هي التي ميزت قائد الفرقة وسائق السيارة ولاعب الكرة ، كلّ عن مثيله .
 
س  : هل من حكمة من تحديد محيط للشراء او البيع ، وليست نقطة معينة يلتزم بها كل المتعاملين . هل لك أن توضح إيجابية الطريقة المعتمدة والافادة التي يمكن للمتعامل ان يجنيها منها ؟
ج  :  وهنا وصلنا الى نقطة تجاذب مهمة بين الآراء لا بد من الوقوف عندها .
إنه لمن السذاجة الاعتقاد ، أو القول ، أو الادعاء ، بأن شخصا ما يمكنه ان يحدّد نقطة معينة تكون هي نقطة تحول الترند من تراجعي الى تصاعدي ، او من تصاعدي الى تراجعي . ومن أصاب بذلك مرة أو مرات فانما يكون ذلك نتيجة صدفة ، ترافقت لا شك مع حسن تقدير، ولكنها احتفظت بمعظم الفضل في الاصابة .
وان نحن سلمنا بهذا المبدأ ، فعلام الفرض على مجموعة من المتعاملين نقطة معينة ، إن اصابت وفقوا بها جميعا ، وإن اخفقت أخفقوا بها جميعا ؟ نحن لا نريد تحويل العمل الذي نقوم به الى امتحان مدرسي يخفق فيه الترايدر أوينجح ، ويتحوّل التلامذة فيه الى لجنة فاحصة . وأرجو أن يحمّل كلامي هنا القدر الذي يتحمّله  من المرامي وليس أكثر .
أنا في العمل الذي اتابعه لا ارمي الى حملة او موجة دعائية . أنا لا يهمني ان يقال : التوصيات حققت في الشهر الفا  أو الفين أو ثلاثة آلاف أو أكثر أو أقل من النقاط . أنا لا أسعى الى جائزة يعتمد في منحها لي على عدد نقاط أحققها على الورقة . هذا كلام ، ووسيلة دعائيةلا تخلو برأيي من اللاواقعية .
ما أراه أنا وما أتمنى ان يراه كلّ متعامل يتابعني في العمل هو التالي : لا يمكن اعتبار المتعامل عنصرا ثانويا في هذه اللعبة . لا يمكن ولا يجوز اعتباره جهة متلقية لتعليمات  فحسب .  ومنفذة لتوصية دونما اية مشاركة في القرار. ان شاء ان يتمتع فقط بهذه الصفة فهو لن يكون مؤهلا لتحقيق ربح ، أي ربح . ومن الخير له ان يودع حسابه في صندوق توظيف يتولى إدارته شخص ذو كفاءة ويكون قد وفر على نفسه العناء الكثير .
المتعامل هو العنصر الفعال الاول والاهم في هذه المعادلة . على كاهله يقع الجزء الاكبر من القرار ، ومن التنفيذ ، ومن تحقيق النتيجة ، معتمدا طبعا على توصية قائمة بحد ذاتها على تحليل لسوق من الاسواق . وان كان المتعامل هذا لا يريد ، أو لا يستطيع  ، أن يتخذ قرار فتح صفقته في محيط لا تتجاوز مساحته النقاط العشر، فالأولى ان يعيد النظر في كلّ ما أقدم عليه من قرارات . وان كان المتعامل هذا لا يريد ، أو لا يستطيع فعل ذلك الان ، فكيف سيكون قادرا مستقبلا على حمل المسؤولية ، كلّ المسؤولية ، بحيث انه يكون قادرا على التصرف باستقلالية تامة ، من حيث التقرير والتنفيذ ؟
 انا أعرف تماما ان هناك من المتعاملين من يعتمدعلى خلاصة تجربته في الحكم على اي توصية بحيث يستبق النقطة المحددة لفتح الصفقة ، أو بحيث يؤجلها ان رأى في السوق حركة توحي بامكانية تجاوزه لهذه النقطة ، بحيث يكون فتح الصفقة ممكنا بمستوى اكثر امانا واكثر ضمانة ، واقل مخاطرة . وأعرف ايضا ان هناك منهم من يتسرع في الحكم ، ويعجل في فتح صفقته في موضع يسبق النقطة المحددة ، مدفوعا بمشاعر تخوف من ألا يبلغ السوق النقطة المحددة وتضيع صفقة يمكن ان تحقق له الوفير من الربح . واعرف كما يعرف الكثير من المتعاملين أن كلا الطرفين ، قصدت المتروي والمتعجل ، قد يصيبا في مرة ويخفقا في أخرى ، وهذه صفة ملازمة لعملنا ولا يمكن لاحد ان يتجاوزها .
 
س  :  بهذه الحالة لا يمكن للمتعاملين ان يحققوا بالضبط النتيجة النهائية التي تحققها انت في التوصيات .
ج   :  انا لا اطلب منهم ذلك ، ولا اتوقع ذلك ، خاصة من المبتدئين منهم . ان تحقيق نتيجة تساوي نصف ما تحققه التوصيات بالنسبة لمبتدئ في هذا العمل ، اعتبره إنجاز مهم من قبله في الطريق الى الهدف ، وأهنئه عليه  . ولنكن اكثر واقعية واكثر وضوحا . ان ععمل مبتدئ بتنفيذ توصيات يومية بيعا وشراء وأمضى فترة شهر او شهرين في السوق دون ان يقع بخسارة كبيرة أو ان هو حقق ربحا متواضعا ، فانا اعتبره قد حقق إنجازا مهما  في سعيه الى النجاح يستحق عليه الشكر .
هدف المبتدئ يجب ان يكون قبل كل شيء التمرن والتدرب وامتلاك آلية العمل وتنمية حس التاجر وتطوير نفسية المتعامل القادر على التاقلم مع كل الظروف المستجدة ، وتمتين اعصاب الكارّ والفارّ ، وقبل كل شيء تطوير استراتيجية العمل المبنية على التوصيات التي يتلقاها بقصد ترجمتها الى عمل فعلي .
 
س  :  اذن انّ تلقي التوصية لا يصح اعتباره ضمانة لتحقيق الربح !
ج  :  لا بالطبع ، ان تلقي التوصية لا يعني بالضرورة تحقيق الربح . تلقي التوصية هو مرحلة اولى تسبق المرحلة الاهم التي تتمثل بتحويل هذه التوصية الى قناعة باجرائها ، وتحويل هذه القناعة الى تنفيذ ، واعتبار هذا التنفيذ محاولة لتحقيق الربح ، مع الاحتفاظ بنسبة معينة من التشكك بامكانية حصوله .
هذا التشكك هو الحصانة المستقبلية لي من اية صدمة نفسية قد تحملها لي خسارة مفاجئة كنت أتوقع منها ربحا .
الربح يجب أن يوضع دوما في دائرة الاحتمال ، ولا يجوز ان ينتقل باي شكل من الاشكال الى دائرة التاكيد ، حتى ولو صدرت التوصية عن خبير متمرس في أمور السوق واحواله .
التوصية بحد ذاتها يمكن ان تكون ناتجة عن حكم خاطئ حتى ولو صدرت عن أكثر الخبراء تمرسا .
التوصية الصائبة لا بد أن تنفذ لينتج عنها ربحا .
التنفيذ لهذه التوصية هو العنصر الاهم الذي يتطلب تمرنا وتدربا بقصد التغلب على كل المعوقات النفسية التي تعتبر من الموانع لحصول الربح .
من هنا القول :  الاشهر الاولى يجب ان تكون اشهر تدرب وتعلم ، مرحلة ترويض لطباع التسرع والاندفاع ، وليست أشهر او مرحلة تحقيق ربح . الربح ياتي لاحقا ، ويأتي وفيرا ، ويأتي مريحا ، وياتي ممتعا ؛ هذا إن انت نجحت في ترويض ما يجب ان يروّض من طباع ، وفلحت في شحذ ما يجب أن يشحذ من همم ، والتزمت بما يجب ان يلتزم به من آداب .
آداب !!!!
نعم للبورصة آداب ، كما لكل ناحية من نواحي الحياة ، ولنا في ذلك يوما كلام !
 
 
س  :  على ماذا تعتمد في قرارك لفتح الصفقات ؟
 
س  :  هل تقصد أن امتلاك أسرار التحليل التقني غير كاف للنجاح في تحقيق الربح ؟
 
س  :  لا شك انك لاحظت من تصرفات المتعاملين أمورا إيجابية واخرى سلبية تجمع بين البعض منهم . هل لك أن تحدثنا عن أكثر ما لفت نظرك في هذا المجال ؟
 
هذه الاسئلة وغيرها ستلقى جوابا في الاجزاء المتبقية من الحوار والتي ستنشر تباعا .
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

 

 

بعد مضي عام على التوصيات والتعليم . الجزء الثاني

بعد مضي عام على التوصيات والتعليم . الجزء الثاني –  21th August 2004  

 
س  :  من المعروف عن طريقتك في العمل انك لا تعمد الى تحديد ستوب للصفقة المفتوحة الا بحالات معينة . هل نطمع بتوضيح لهذا الامر ؟
ج  : سكر دارك ولا تتهم جارك ،  يحميك من المفاجآات ، يضمن عدم غدر السوق بك الى حد إفلاسك ، يأخذ منك القليل ويوفر عليك الكثير ، راحة للبال وأمان لرأس المال ، رشوة للسوق لا بد منها ليغض عنك الطرف ، هذا بعض ما يقال فيه ، وهو  كثير .
كلام جميل ، فيه بعض من حقيقة تصحّ في مناسبات ، ولكنه ليس كل الحقيقة . إذ تقال فيه أوصاف أقل نبلا وأكثر غدرا .
 صديق لدود لا يؤمن جانبه ، غدّار يظهر عليك بوجه ويخفي عنك آخر ، يأخذ القليل ، ولكنه إن أخذ هذا القليل في مرات عديدة صار القليل كثيرا .
وان شئت وصفي له بكلمة مبتكرة لقلت فيه : حاميها حراميها .
 
س  :  وكيف يكون الستوب عدو المتعامل ، ومن المتعارف عليه انه وسيلة امان ؟
ج  :  إن احصى أي متعامل عدد المرات التي سلب منه فيها الستوب الصفقة سلبا ، ثم عاد السوق ليجري تاركا اياه فريسة لمشاعر الندم . وإن أحصى عدد النقاط التي ضاعت منه في مثل هذه المناسبات . ولو حوّلها الى عملة ما ، وأعاد التفكير ، وراجع الحسابات . لو فعل كل ذلك ، لتوصل الى نتيجة حتمية تقضي بإعادة التفكير بكل هذه النعوت والاوصاف التي تطلق على هذه الوسيلة السحرية ، ولاعتبر ان اللجوء اليها ضروري في حالات معينة ، ولكنه مميت قاتل في حالات اخرى .

لا شكّ في ان اللجوء الى الستوب تصبح ضرورة قصوى ان عمد المتعامل الى الدخول في السوق في مواضع يشتدّ فيها الخطر ، او في اوقات يعرف  فيها عن السوق الانفلات من كل قاعدة وكل عرف .
لا شك ايضا في ضرورة اللجوء الى الستوب ان اصرّ المتعامل على الدخول في السوق في حالة لم يشبعها درسا ، وكان دخوله اقرب الى تجربة الحظ منه الى الاقتناع العقلي الراجح . 
ولكن ، إن انت رايت الدخول بائعا او شاريا ، في موضع رجحت امكانية صواب رأيك وتحليلك بشكل واضح ، فهنا تكمن المخاطرة بادخال الستوب الى العملية وإقحامه بما ليس له ، هنا يكمن خطر تحول الحارس الى سارق ، ويصح فيه القول : حاميها حراميها .
 
س  :  وفي حال اتخاذ قرار استعمال الستوب لحماية الصفقة ، ما القاعدة الاساسية لاعتماده ؟
ج  :  في حال اتخاذ هذا القرار لسبب ما ، قد يتعلق بوضع السوق ، أو ربما بوضع المتعامل ، فلا بد من احترام قاعدة مهمة في ذلك تقضي بان تقل نسبة النقاط المقررة للستوب عن نسبة النقاط المحددة كهدف لجني ربح الصفقة . وذلك انطلاقا من الحقيقة التالية :
لنسلم جدلا بان اعتماد استراتيجية قائمة بجزء منها على الحظ في اتخاذ القرارات امر ممكن  . في هذه الحالة لا بد من القبول بان قانون النسبية يسمح بالتسليم بان هذه الصفقات المعتمدة ستكون بنصفها الاول  خاسرة وبنصفها الاخر موفقة . وفي هذه الحالة ، ان عمد المتعامل الى تحديد مستوى للستوب يقل عن مستوى الهدف بنسبة ملحوظة فهو لا بد ان يخرج في آخر المطاف من السوق بربح ما ، أو لنقل على الاقل سينجو من الخسارة .
 
س  :  هل نفهم من الشرح السابق ان صفقة حدد هدفها ب100 نقطة يجب أن يكون وقفها 50 ؟ أم ترى المقصود غير ذلك .
ج   :  من حيث المبدأ التفكير بهذه الطريقة سليم ، ولكن ، لا الهدف ولا الوقف يجوز ان يحدد بطريقة اعتباطية عشوائية . كل ترند يتخذه السوق خطا مستقبليا له ، له نقطة ما يهدف السوق الوصول اليها . ان نجح المتعامل في تقدير هذه النقطة فلا بد ان تكون الهدف المقصود للصفقة . وهي قد تبلغ احيانا ال 40 نقطة ، واحيانا ال 90 ، واحيانا اخرى ال 150 نقطة او ما يزيد . والهدف هذا قد يتمثل بخط مقاومة او خط دفاع ، يقدر المتعامل ان قوة الجذب فيه كافية لايصال السوق اليه ، وقوة الدفع ايضا كافية لايقافه ان هو بلغه . هنا يعمد المتعامل الى تحديد هدفه على هذه النقطة .
وما قيل عن الهدف يقال ايضا عن الستوب . إذ يبدو من المسلم به ان تتشكل تحت المستوى الحالي للسوق او فوقه نقاطا يشتد عليها الطلب ، أو يشتد عليها العرض ، طمعا في الدخول بالسوق في لحظة مناسبة للسفر معه الى الهدف الذي سبق وتحدثنا عنه ، رغبة بتحقيق ربح ما . هذه النقاط تشكل غالبا دفاعا او مقاومة صلبة تهيء الظروف المناسبة للترند ان ينطلق صعودا او هبوطا . هذه النقاط لا بد من اخذها بعين الاعتبار في عملية البحث عن مساحة يثبت الستوب عليها حماية للصفقة المختارة .
 
س  :  قصدت ان الستوب يثبت تحت وفوق هذه النقاط ؟
ج  :  بالطبع هذا ما هو متعارف عليه في طريقة العمل بالستوب . يفترض المتعامل في ان هذا الخط أو هذه المساحة المسماة دفاعا او مقاومة ستصمد وتنجح في إطلاق الترند بالوجهة المرغوبة ، فيعمد الى تثبيت الستوب تحت الدفاع في حالة الشراء وفوق المقاومة في حالة البيع  حماية لصفقته من المفجاات غير المحسوبة والتطورات غير السارة . وهذه المساحة هي التي يجب ان يبحث عنها من يرغب ان يحدد وقفا لصفقته ، ولا يجدر به على الاطلاق ان يعتمد نقطة عشوائية في ذلك ، كان يقول حددت هدفي على 120 نقطة ، احدد وقفي على اربعين .
لا شكّ في ان النسبة بين ال 120 وال 40 جيدة لهدف وستوب ، ولكن الهدف يجب ان يكون مبررا اختياره على ال 120 وكذلك الوقف لا بد من سبب تقني وجيه ومقنع لتثبيته على ال 40 نقطة .
 
س  :  وهل يمكن الاطمئنان الى ان خط الدفاع او المقاومة الذي ثبت الستوب وراءه كفيل بحماية الستوب ، ان مال السوق الى الارتفاع والسير بالوجهة المحددة له ؟
ج  :  لا طبعا ، لا يوجد في هذا النوع من العمل اية ضمانة لنجاح اية خطة ، او لحصول اي مطلوب . ما نخطط له هو امر مرغوب حدوثه . ما يحدث بالفعل قد يكون المخطط له ، كما قد يكون نقيضه ايضا .
الستوب ، اي ستوب هو عرضة لخطرين دائمين .
 الخطر الاول يتمثل بكون ما خطط له المتعامل لامكانية حدوث ترند باتجاه ما جاء خاطئا ، فيسير السوق بالاتجاه المعاكس ويسقط الستوب وتحصل الخسارة ، الخسارة هنا هي خسارة ايجابية لا بد من قبولها ، لانها خسارة بنطاق المعقول ولولا الستوب لكانت  اكثر فداحة وأشد إيلاما .
 الخطر الثاني يكمن في جهوزية صيادي الستوب باية لحظة الى التدخل ، باساليبهم البارعة ، وطرقهم المطوّرة ، وخدعهم المرسومة ، لاصطياد الستوب المقرر تحديده وراء خط مقاومة أو خط دفاع ، فينجحون بحركة سريعة في اسقاط هذا الخط وخطف كل ما حدد وراءه من ستوبات بسعر يناسبهم جدا . وهكذا يكونون هم ، قد نجحوا في الصعود الى القطار في افضل محطة ، وسافروا فيه الى حين بلوغ الهدف . بينما يكون المتعامل الذي ظنّ هذه المرة عن خطأ ، بان الستوب سيحميه من الوبال ، قد بقي على الرصيف متحسرا على خيبته وفشله .
هنا يصح قولي به : الستوب حاميها حراميها .
وهنا يكمن السرّ المكتسب بالخبرة ودقة الملاحظة ،السرّ القائم على ضرورة غربلة الصفقات ، واختيار ما يجب فتحه منها مع تحديد نقطة مناسبة للستوب لحظة دخول السوق ، وما يجب فتحه منها مع الاستغناء عن هذه الوسيلة ، منعا لخسارة قد تتم بعملية قرصنة سريعة يقوم بها ثعالب عتاق يدركون جيدا كيف يوقعون الارانب البسطاء في شراك احسنوا نسج خيطانها .
——————————————————————–

وفي الجزء التالي :
 
س  :  يشكو بعض المتاملين من تحديد محيط للشراء او البيع ، وليست نقطة معينة يلتزم بها كل المتعاملون . هل لك أن توضح إيجابية الطريقة المعتمدة والافادة التي يمكن للمتعامل ان يجنيها منها ؟
 
س  :  على ماذا تعتمد في قرارك لفتح الصفقات ؟
 
س  :  هل تقصد أن امتلاك أسرار التحليل التقني غير كاف للنجاح في تحقيق الربح ؟
 
س  :  لا شك انك لاحظت من تصرفات المتعاملين أمورا إيجابية واخرى سلبية تجمع بين البعض منهم . هل لك أن تحدثنا عن أكثر ما لفت نظرك في هذا المجال ؟
 
هذه الاسئلة وغيرها ستلقى جوابا في الاجزاء المتبقية من الحوار والتي ستنشر تباعا .
 
 
 
 
 

 

 

بعد مضي عام على التوصيات والتعليم

بعد مضي عام على التوصيات والتعليم 9th August 2004  

بعد مضي عام على التوصيات والتعليم  .
واحد من العتاق العتاق ، واحد ممن عجنتهم السنون في معاجن الكرّ والفرّ ، ثم خبزتهم على نار المقاومة والدفاع ، لتقدمهم فيما بعد خبز معرفة على مائدة الالتزام المعنوي العنيد والصدق الاخلاقي الشريف  .
عرفناه من زمن بعيد ، شربنا معه كؤوس الأيام حلوة ومرة ، خضنا سوية جولات وجولات ، سجلنا في الكثير منها انتصارات وانتصارات ، ورضينا بما كان لنا من هزائم ، مستعينين  بما أوتي الرجل من حكمة ، ومن واقعية ، ومن موضوعية ، ومن قدرة سحرية في استثمار أي انكساروفي استغلال أية هزيمة ،  بتحويلها مباشرة الى عبرة وأمثولة ، تكون له وتكون لنا سلاح المستقبل الأمضى .
أخذ على نفسه عهدا بأن يكون عونا لكل من شاء الافادة من خبراته في مجال تجارتنا هذه ، فرافق المتعاملين يوميا منذ ما يقارب السنة ، ولا يزال . أطلعهم على أسرار وخفايا ، ولا يزال ، يحملهم الترس قبل السيف ، والدرع قبل الرمح ، وإن هو آنس في نفوسهم عزما ، وفي قلوبهم شجاعة ، وفي فرائصهم شدة ، وفي زنودهم قوة ، أطلقهم الى الحلبة يناضلون عليها ويدللون على ما يستطيعون .
الاستاذ أيمن بارود ، نحاوره اليوم ، آملين أن يكون في الكلام بعضا من إفادة ، لكل من يعمل في ما نعمل ، ولكل من تسوّل له نفسه الدخول في عالم السحرالواقعي الخلاب ، عالم المقارعة والتحدي .
 

س  : استاذ ايمن نبدأ بالسؤال عن خلاصة انطباعك بعد مضي سنة على قبولك المشكور لهذا التحدي .

ج   : انا في حالة من الرضى والشكر الكثير لرب العالمين ، على ما حققناه بعونه خلال هذه الفترة من تذليل لمصاعب ، ومن ازالة لمعوقات كانت تقف في طريقنا . المصاعب هذه لم تفاجئني ، كنت احسب لها حسابا . ولعلّ أكثر ما يثلج الصدرهو ما كنا نعرفه ، وما راهننا عليه ، وما تأكد لنا الآن ، من كون العقل العربي غير قاصر عن مماشاة العقل الغربي وعن التقدم عليه أيضا ، إن هو توفرت له الارضية الصالحة والمناخ المؤاتي لذلك . إن جملة من الذين يرافقونني يوميا في عملنا اليومي أثبتوا هذا القول بالفعل . أثبتوا قدرتهم على النجاح وعلى تحويل التعامل من هواية ، أو من تجربة مؤقتة ، إلى مهنة رئيسية يداومون فيها يوميا ، ويحصّلون ما قسم لهم من رزق منها .
هذا ما هدفنا اليه ، وهذا ما حققنا حتى الان خطوات مقبولة ولا نزال في طريقنا الى تحقيق المزيد ، ان قدّرنا الله .

س  :  الذين حققوا الهدف وباتوا متعاملين مداومين ، هل يجمعهم عامل مشترك ، هل يتميزون بما يفتقده غيرهم ؟

ج  :  لا شكّ في ذلك على الإطلاق . هناك صفات طالما لفتنا النظر اليها في مناسبات عدة تجمع بين هذه الفئة من المتعاملين . هم يتميزون بامتلاكهم للروح العلمية الموضوعية ، بقدرتهم على التحليل والمقارنة والاستنتاج ، برغبتهم في التعلّم وقناعتهم بان التعلّم أهم من تحقيق الربح بكثير . هذه الفئة سرعان ما تتنبه الى واقع لا يمكن نكرانه وهو : ان امتلاك فنّ العمل يمكن أن يكون منطلقا ووسيلة لتحقيق الربح ، بينما لا يمكن لتحقيق الربح أن يكون هو الوسيلة للتعلم . الربح بدون العلم هو ربح حظ ، الربح عن طريق العلم هو ربح عمل . هذا ولا يخفى على احد أيّهما أبقى واضمن ، ولا يخفى على احد في أيّهما حلت بركة الله ونعمته .
 

س  :  وهل يعني ذلك أن لا مكان للحظ في عملنا هذا ؟

ج  :  لا ، لا يمكنني أن ادّعي ذلك . الحظ موجود في كلّ مجال من مجالات حياتنا ، هو يرافقنا في كلّ ما نقوم به ، فيكون باسما او عثرا . لكنني أصرّ على التفريق بين حظ البارع  وحظ الفاشل ، بين الحظ بمفهومه الايجابي ومفهومه السلبي . من يعتمد على الحظ  لتحقيق مكسب في عملنا هذا ، لا يمكن أن يكتب له نجاح دائم . قد يحقق بعض المكاسب الظرفية ولكنها غير دائمة .
 

س  :  والذين فشلوا في الوصول الى غايتهم . ما الذي يجمع بينهم ؟

ج  :  صفات ما حلّت واحدة منها بامرئ إلا اهلكت فكره ، وحطمت فؤاده ، وكسرت نفسه . كلّ هؤلاء قدموا إليّ  بنهم على الربح قلّ مثيله وندر قرينه . كلّهم اقبلوا على المائدة وكأن الطعام سيهرب عنها . كلّهم راقبتهم وهم يأكلون فأشفقت عليهم ، كانوا جميعا يلتهمون ولا ياكلون ، لا تكاد اليد اليمنى ترتد عن افواههم مفرغة فيها ما حملته ، حتى تتبعها اليسرى ، فتفرغ بدورها حمولة اختارتها من أدسم ما وجد على المائدة . وهم ان أصيبوا بعسر في ابتلاع الممضوغ فلهم بالشراب على ذلك عونا ، لا للتمهل والتاني ، مما يعني مداواة العلّة بعلّة لا تقلّ خطرا عنها .
وأنا ؟
أنا أحذردونما ملل أو كلل  ، أنصح بالتروي ، أدعو الى الهدوء ، أذكّر بالتعقل ، منتظرا النهاية المحتومة ، فإذا هي مشهد من أسوأ ما يكون ، ونهاية من أصعب ما يكون .
آداب المائدة لم يحترمها واحد منهم ، ربح الجظ ذاق طعمه معظمهم ، الربح الذكي المتنامي الواقعيّ الصحيّ الدائم لم يكتب لهم .
 

س  :  ومن بين هؤلاء ، هل هناك من عاد واستوعب الدرس ؟

ج  :  لا شكّ في ذلك . هناك منهم فئة من الميسورين القادرين على البدء من جديد . لا شكّ في انهم اقتنعوا بعد ان جربوا بانفسهم . النصيحة لم تكن كافية لهم . كان لا بد من حرق الاصابع للاحساس بوجود اللهيب . والان هناك منهم من انسحب عن الساحة مؤثرا البحث عن عمل آخر ، كما هناك من يعاود الكرّة بمنهجية جديدة أكثر تعقلا ، وأكثر تفهما لواقع الحال .
 

س  :  واقع الحال . أي واقع حال ؟ هل لنا من ايضاح ؟

ج  :  بالطبع  . واقع الحال يقول : السوق لا تمكن مصارعته . لا مجال لمعاندته . يستحيل الثأر منه . هو دوما الرابح . هو دوما على حق .
لا بدّ من مهادنته ، من مصادقته ، من مماشاته . وان بدا لك منه لينا ، او بانت رقة ، فخذ منه ، لن يبخل عليك إن لم تكن طماعا .
س  :  مصادقة السوق ! مصارعة السوق ! ما زلت اطمع بايضاح ما .
ج  :  بربك ! أما سمعت عن لبوة أرضعت غزالا صغيرا واعتنت به ؟  اما سمعت عن لبوة ارضعت طفلا من بني البشر ؟ أما تآخى أبدا كائنان ينتميان الى فصيلين يقفان على طرفي نقيض ؟
أنت ، انا ، نستطيع إن شئنا جعل السوق وحشا يأكل ولا يشبع ، يفترس ولا يشفق ، كما اننا نستطيع ان نجعله كائنا مسالما يعطي فلا يندم ، ويهب فلا يستعيد .
 

س  :  وكيف ؟ ألا تبوح لنا ؟

ج  : بأن تكون الطير الصغير الذي لا مهرب لوحيد القرن منه ، ولا حلّ له سواه ، لتنقية جلده من حشرات تمتصّ بعضا من دمه .
لا سرّ لأخفيه ، ولا خفايا لاكتنزها ، أنا اعلّم مريدي التعلّم بالمثل ، وانببهم بالرمز ، ومتى كان اللبيب بحاجة لغير الاشارة ليفهم ؟
 والحق يقال ، ما نفذ أحد في هذا السوق ، وما أثبت جدارة ، وما اظهر تفوقا ، وما استحق تهنئة ، بقدر ما فعل اللبيب  المؤهل على التقاط الاشارة من الاشارة ، واستخراج العبرة من الخطأ .
 

س  : وحيد القرن يستمتع بالطير الصغيرينقر بمنقاره الدائرة المحيطة بعينه . الطرفان لهما مصلحة في ذلك . الواحد يتغذى ، الآخر يتنظف . وهل يعقل ان يكون السوق صديق المتعامل ليغدق عليه الربح ؟

 ج  :  بالطبع . السوق يموت ان لم يكن فيه رابحون . السوق ، قصدت البورصة كائن حيّ كباقي الكائنات . عائلة السوق هم المتعاملون الأوفياء القادرون على التعامل مع السوق دون الحاق الضرر فيه . هؤلاء هم اصدقاؤه وأولاده . هؤلاء هم الذين يبرّون به ويبرّ بهم . هؤلاء تراهم إن ظلموا من قبل السوق مرة ، يسارع اليهم ليعوض الصفعة بلمسة ، والعثرة بفاتحة خير .
الخاسرون هم أعداء السوق ، هم الذين يحاربونه محاربة الندّ للندّ ، هؤلاء تراهم لا يربحون صفقة ليخسروا صفقات . هؤلاء استجلبوا هم اللعنة على أنفسهم . بطمعهم ، بتسرعهم ، بتعجلهم ، بنهمهم . هؤلاء يريدون أن يأخذوا ما ليس لهم  ، هؤلاء هم الخاسرون الدائمون .
وان شئت أن اكون أكثر وضوحا ، حتى لا تتهمني بتعمّد الغموض ، تراني أقول : إن أولئك الذين يعدون الناس بتحويل ثلاثمائة من الدولارات بشهرين الى خمسة عشر الفا ، وبأربعة شهور الى خمسين الفا ، هم إما مخادعون أو جاهلون . واعلم تمام العلم ، إن أنت انتزعت من السوق مبلغا خياليا خلال فترة قصيرة ، فإنّ السوق سيسارع الى استرجاع هذا المبلغ منك مضاعفا  في فرصة قريبة جدا .
 
س  :  هل تعني ان تحقيق ربح يساوي خمسين الف من الدولارات أمر مستحيل في شهور قليلة ؟
ج  :  لا لم اقصد هذا . إن تحقيق خمسين ألف دولار في شهور قليلة هو امر ممكن وسهل التحقيق ، ولكن ، ليس برأسمال لا يتعدى الثلاثمائة دولار .
 
س  :  وكم يجب ان يكون المبلغ إذا ؟
ج  : لا يسعني إلا أن انحني باحترام امام من انطلق من عشرة آلاف من الدولارات ، وتمكن من تحويلها الى خمسين ألفا في مهلة تقارب الخمسة شهور .
ولا شك أن من انطلق من العشرة وحولها الى خمسين ، يستطيع ان ينطلق الان من الخمسين ويحولها الى مئتين . هذا منطقي . ولكن عليه ان يستمر باحترام آداب المائدة . حذار وكثرة الطعام !
 
س  :  وحساب ال 300 وال 500 دولار ، الا ترى من حظ له ؟
ج  :  له حظه طبعا ، ولكن عليه ان يتحلى بالصبر ، عليه أن يحول حسابه في السنة الاولى الى 2500 دولار ا ، وفي السنة الثانية يقارب ال 10.000 ويصير بامكانه ان ينطلق لارباح اكبر .
وكلمة اخرى عن هذه الحسابات . أن من يفتح حسابا ب 500 دولار ليجرب ويتمرن ويتعود على اسلوب العمل هو مختلف تماما عمن يعتمد هذا الحساب لانه لا يملك من الدنيا الا ال 500 دولارا . هذه الفئة من المتعاملين أدعوهم للتفكير مليا قبل الاقدام على الخطوة ، خاصة إن كانوا أرباب اسر ومن مواطني بلدان يصعب تحصيل المال فيها . هذا لا يعني ان الربح عليهم مستحيل ، لا طبعا ، ولكن اصابتهم باول خسارة سينعكس عليهم قلقا ، وتوترا ، فتنعدم قدرتهم على التخطيط والتركيز ، ويتحول فكرهم الى طاقة سلبية تهدف الى الانتقام من السوق واسترداد ما سلبه منهم بمثل ما فعل ، وتكون النتيجة الخروج من السوق بخفي حنين .
 
س  :  من المعروف عن طريقتك في العمل انك لا تعمد الى تحديد ستوب للصفقة المفتوحة الا بحالات معينة . هل نطمع بتوضيح لهذا الامر ؟
 
س  :  وكيف يكون الستوب عدو المتعامل ، ومن المتعارف عليه انه وسيلة امان ؟
 
س  :  يشكو بعض المتاملين من تحديد محيط للشراء او البيع ، وليست نقطة معينة يلتزم بها كل المتعاملون . هل لك أن توضح إيجابية الطريقة المعتمدة والافادة التي يمكن للمتعامل ان يجنيها منها ؟
 
س  :  على ماذا تعتمد في قرارك لفتح الصفقات ؟
 
س  :  هل تقصد أن امتلاك أسرار التحليل التقني غير كاف للنجاح في تحقيق الربح ؟
 
س  :  لا شك انك لاحظت من تصرفات المتعاملين أمورا إيجابية واخرى سلبية تجمع بين البعض منهم . هل لك أن تحدثنا عن أكثر ما لفت نظرك في هذا المجال ؟
 
هذه الاسئلة وغيرها ستلقى جوابا في الاجزاء المتبقية من الحوار والتي ستنشر تباعا .

 

 

حسنا ، لتكن مشيئتك سيد جرينسبن

 

حسنا ، لتكن مشيئة السيد جرينسبن  1st  August 2004

 

الكلّ بانتظار البطل ، دقت ساعته ، وصل الى القاعة ، صعد الى المسرح ، أدلى بما في دلوه ، عزف سمفونية التفاؤل ، المشاهدون بطبعهم يفضلون الكوميديا على التراجيديا ، يحبون الضحك ، يميلون الى التصفيق ، صعوبات الحياة تكفيهم ، لماذا التشاؤم اذن ، ان كان لا بدّ من مسرحية فلتكن كوميدية . البطل عرف ما يسر الناس ، إنتزع منهم البهجة انتزاعا ، صفق له الحضور ، فرح من فرح ، أسدلت الستارة ، ولكن ، الآن أو بعد آن ، ستاتي ساعة الحقيقة ، لا بد لذلك أن يكون . 

كثرة كثيرة من العاملين على الذهب يعتمدون في تقدير وجهة المعدن الاخضر على شارتين . اولهما شارت الذهب وهذا امر طبيعي ، وثانيهما شارت الدولار وهذا أمر قد يثير استغراب البعض من الوافدين على هذه المهنة .
نعم هم أحيانا على حق في ما يعملون ، فلكي تعرف ما سيكون عليه الامر في كابول أو في بغداد أو في غيرها وغيرها من العواصم ، فلا بد لك ان تعرف ما هو عليه الامر اليوم في واشنطن . ويخطئ من يظن ان فصل الامرين هو من السهولة بمكان .
انه من دواعي المنطق ان يرتبط سعر الذهب بسعر الدولار الى حد معين ، فيرتفع الاول ، او يميل الى الارتفاع ، ان انخفض الثاني . وينخفض الاول ، او يميل الى الانخفاض ، ان ارتفع الثاني . هذه حقيقة عايشناها في فترات كثيرة يكون السوق فيها فريسة للمضاربات ، ولتنقل الرساميل من مكان الى مكان ، تبعا لقوة تصريح سياسي أو اقتصادي ، أو تبعا لتطرف في نتائج بيان يقيس قوة الاقتصاد ، فيستقرأ منه وجهة قرار قادم سيتخذه الفدرالي الاميركي رفعا للفائدة او خفضا لها .
وفي أيامنا هذه نحن نعيش هذه الحالة . فمنذ مارس الفائت والى اليوم ، والذهب يتفاعل ايجابيا او سلبيا بشكل دقيق مع الهبات الساخنة او الباردة الصادرة عن كلام السيد جرينسبن او عن البيانات التي تستبق وجهة كلامه . والفترة التي سبقت مارس الماضي بماذا تميزت ؟
أمر سهل للغاية . لقد عرفت تراجعا دراماتيكيا للدولار وصل الى حد التطرف بحيث ان قلة من المحللين كانوا قد توقعوا حصوله . الذهب عرف في هذه الحقبة عهده الذهبي اللامع . هذا امر يسير مع منطق الامور . نسبة الى اليورو تراجع الدولار الى حدود ال 1.3000 . الذهب دقّ ابواب ال 430.00 دولار اللاونصة الواحدة . معادلة مقبولة .
لماذا كان الدولار يتراجع ؟ ببساطة السبب الظاهري والمباشر هو : لان الفائدة عليه كانت تنخفض . وهذا من مسلمات الامور ، أن تراجع الفائدة على عملة ما تنفر الرساميل منها ، فتشير بوجهها عنها ، وتنصرف باحثة لنفسها عن مردود أكثر انتاجا .
لماذا كان الذهب يرتفع ؟ ببساطة السبب الواقعي هو : لأن بعضا من هذه الرساميل التي سئمت رائحة عفنة تنبثق من الورقة الخضراء الذابلة ، يممت نحو المعدن الاصفر مشغوفة بلمعانه ، ولو لوقت .
والآن لماذا يتراجع الذهب ؟ ببساطة لان السيد جرينسبن بشر بعصر ذهبي قادم على الاقتصاد الاميركي ، وبالتالي على انتعاش لا بد ان يصيب الدولار بعضا منه ، فيعود الى ورقته شيء من اخضرارها .
ولكن هل سيبقى الامر على هذا النحو ؟
هل يُعقل ان يستمرّ الحال على هذا النحو ؟
هل يمكن ان تستمرّ الورقة الخضراء متحكمة بوجهة المعدن الاصفر الذي طالما رفع راسه مختالا متكابرا ؟
توقعاتنا بأن الذهب سيدكّ اسوار ال 500.00 دولار ومن بعدها سيهدد ال 800.00 بالسقوط ، أتراها مجرد أوهام وبقية من احلام ؟
لا لا لا !
هي توقع لا بدّ ان يصير واقعا .
ولكن متى ؟
مهلا ، مهلا ، مهلا .
سيحصل هذا ، نعم سيحصل  .
ولكن متى ؟  قلها بربك ! 
عندما ،  تبدأ الفائدة على الدولار بالارتفاع ، وستزداد ارتفاعا ، وسترتفع ايضا وايضا ، والدولار ، الدولار لن يبالي بذلك ، بل ، سيتابع  التراجع  !
هل يمكن ان يحصل هذا ؟
نعم يمكن ان يحصل .
عندها سيضرب السيد جرينسبن اخماسا باسداس ، وسيعرف انه راهن على ما هو صعب المنال .
عندها سيكتشف السيد العجوز إنه خلط بين الممكن والتمني ، وآثر الثاني على الاول ، فقط لكونه يابى مغادرة الفدرالي إلا وقد أعاد الى الاقتصاد الاميركي بعضا من عنفوانه ، ولكن السفن لم تستطع يوما التحكم بوجهة الريح ، وللتاريخ حتمية لا بد من الاعتراف بها والتنبه لها . 
وإني والله ، لقارئ هذه الكلمات منذ اليوم في عينيه ، ولسامعها في نبرات صوته !
غلطة الجاهل بغلطة ، وغلطة الشاطر بالف غلطة .
 
 
 

 

قراءة هادئة للآتي

 

قراءة هادئة للآتي . 13th July 2004
 
ان كلّ مدقق في واقع الحال الاقتصادي الاميركي يقع على جقيقة لا مفرّ من الاعتراف بها ولا مهرب من الوقوف عندها . إنّ أكبر اقتصاد في العالم يمر في حقبة استثنائية لم يعرفها منذ وقت غير قريب . هو من الحساسية والهشاشة بحيث يصعب عليه تحمّل أي زيادة في الفائدة ، وهو كذلك من الضعف والسقم بحيث يستحيل عليه تقبل فكرة أي تراجع في تدفق الرساميل الاجنبية على البلاد . الامران لا بد منهما ، ولسؤ الحظ لا يمكن باي حال ان يتمّ الامران دون أن يلحق واحدهما الضرر بمسيرة النمو الذي تتراءى بوادره الوهمية للكثيرين .
الكثيرون من المتتبعين لمسيرة النمو المخادع هذه يؤكدون على ان رفع الفائدة لن تنعكس ضررا على الاقتصاد ، ويصرون على ضرورة حدوثها بعد أربع سنوات من فائدة قاربت الصفر . هم يؤكدون على ذلك ولكنّ ثمة أرقام توحي بغير ذلك .
إن إتحاد البنوك المتخصصة في قروض العقارات سجل في المدة الاخيرة تراجعا واضحا في هذا المجال ، كما سجل تراجعا في الطلب السابق على تملك البيوت والشقق السكنية . إن هذا لأمر ملفت للنظر في فترة بالغة الحساسية كالتي نمر بها .
الاتحاد نفسه هذا سجل ارتفاعا كبيرا بنسبة القروض المتحركة فوائدها بحيث ان هذه النسبة قد بلغت 30% من القروض جملة ، وهي نسبة مقلقة ولا شك ، تعبر عن انعدام قدرتهم على متابعة تحملهم للقروض الاقل خطرا ، فحولوا قسما لا يستهان به الى قروض تتحرك فوائدها رغم الخطر الذي قد يتعرضون له من جراء ذلك .
الاتحاد نفسه سجل ايضا تراجعا واضحا بالنسبة لتملك المساكن المنتمية الى الفئة المتوسطة، اذ تبين ان 20% فقط من السكان باتوا قادرين على تملك مثل هذا النوع من المساكن . أمور مقلقة لا شك في ذلك .
نأتي الان الى تقارير أخرى .
إئتمان المستهلك بلغ ارتفاعا ملحوظا لم يبلغه من فترة طويلة . الارتفاع هذا يترجم ولا شك استهلاكا ملحوظا ، وينعكس ايضا انتاجا ملحوظا .
ولآئتمان المستهلك هذا وجهه القاتم ايضا ولكنه لا يبدو الا بعد فترة من البحبوحة الكذابة المخادعة : نسبة الإفلاس الفردي زادت 50% من 10 سنوات الى الان . إحصاءاات العام الفائت تظهر ان ميزانية عائلة من كل 73 عائلة انتهى بها الامر الى الافلاس . هذا في فترة بحبوحة تظهر وجها كذابا للمستهلك وتخفي عنه وجه الغدر المقيت .
وان زيدت الفائدة فماذا سيحصل على هذه الجبهة ؟
لا شك أن زيادة الفائدة ستنعكس تقلصا سريعا في نسبة القروض المكونة لإتمان المستهلك ، كما أنها ستنعكس مباشرة ميلا الى الادخارعوضا عن الاستهلاك ، بالنسبة لمن هو قادر على الادخارطبعا . وفي الحالتين تراجع في الاستهلاك ، زيادة في التخزين من قبل المصنعين ، تراجع في التصريف ، وفي آخر المطاف تراجع في الانتاج .
وهل نسينا ان 70% من الانتاج الاميركي هو مخصص للاستهلاك الداخلي و 30% فقط يصنع للتصدير ؟
وهل لا زلنا نراهن على كون الاقتصاد الاميركي في طريقه الى التعافي ؟
وهل لا زلنا عاجزين عن قراءة ملامح القلق التي تختفي وراء بسمة مخادعة يبديها السيد جرينسبان بين الفينة والفينة ؟
الاقتصاد الاميركي يتعافى . هذا مجرد وهم ! وهم يقارب الجنون !
لكل عصر نهاية . هذا معروف على الصعيد السياسي ، وهو ينطبق ايضا على الصعيد الاقتصادي . عصر النمو الاقتصادي الاميركي قد انتهى . بدأ في أوائل الثمانينات ، وها هو في هذه الفترة يلفظ أنفاسه الاخيرة . الرسم البياني الاقتصادي سيطالعنا الان بترند تراجعي قد يطول أمده ، وقد يطول الى حين يصعب تقديره ، وقد يطول الى حيث تشاء الحتمية التاريخية بحسب ما رآها ابن خلدون  ، وقد يطول الى عصر تتغير فيه كل مفاهيم السياسة الاميركية :  سياسة خارجية ، إنفاقا حربيا  ،  صدقا داخليا ، مفهوما جديدا لتقليص العجز ..
والى أن يحين الوقت ، لا بد لنا من الترداد : إن رفع معدل الفائدة ينطوي على مخاطر لا بد من الاعتراف بها . هو يقلل من استهلاك المستهلك ، وهذا يودي بنا الى تراجع في ربح الشركات ، وهذه ستقلل من كميات انتاجها ، وستتراجع ارباحها ، وستستغني عن قسم من العاملين لديها ، وما ادراك ماذا بعد  .
البعد معروف وهو بيت القصيد : أسهم هذه الشركات ستتراجع ، حركة سوق العقارات سيصاب بالسقم ، الاسعار ستتراجع  . السبب واضح : ليس هناك من يشتري .القادرون على الدفع قلّة قليلة .
والدولار ، ما الذي سيصيبه ؟
طبعا من الصعب تصور مصير وردي له على المدى المتوسط ، رغم ارتفاع معدلات الفائدة ، وإن كانت إمكانية محافظته على ما يتمتع به من ثقة أمرا ممكنا مرحليا .
وأسعار الأسهم والسندات ؟
هي الى تراجع .
وأسعار المعدن الاصفر ؟
الى ارتفاع أكيد ، ال 450$ للاونصة هي هدف قد لا يكون بعيد المنال .
 

 

أصدام – أو ، غلطان يا معاند بحر

 

 صدام – أو ، غلطان يا معاند بحر   . 5th july 2004
لا لا لا !!
لا تذهب بخيالك الى البعيد . المقال ليس سياسيا ، بل هو يتناول شؤون السوق .
صاد ِصدام مكسورة ، ودالها ليّنة غير مشددة ، والمرمي إليه ليس حدث الساعة . بل حدث كل ساعة !
أخي المتعامل .
السوق بحر صاخبة أمواجُه ، عميقة لججُه ، خطيرة مجاهلُه ، عديدة ألغازُه ، وفيرة خيراتُه ، كثيرة كنوزُه ، معلومة مكارمُه ..
السوق هذا أكرم الكثيرين ممن هادنوه ، وأذلّ العديدين ممن عاندوه ..
لا تصادم السوق ، وإلا صدمك ..
لا تعلن الحرب عليه ، فأنت خاسر حكما . .
لا تبحث عن ثأر عنده إن غدر بك مرّة ، إذ لن تلقى عنده قلبَ الأب المحب ، ولا  لسانَ الاخ المرشد ، ولا حكمة الصديق المتسامح . 
وان فعلت فلن تستيقظ من صدمة  لتغفوَ على صدمة ، ولن تشفى من لطمة  لتبلى بلطمة . ثمّ ، لا يعود اليك وعيُك ، إلا وقد انتهى أمرُك .
وإني لأراك ، أخي القارئ ، تنظر اليّ بعينين ملأهما العجب ، وتهمّ بنطق كلمتين صاغتهما الدهشة .
وما العمل إذن ؟  وما وسيلة التعامل الفضلى ؟
مارس عملك كتاجر، ولا تنزلق الى غياهب الرهانات السوداء  . 
كن تاجرا مناورا مرنا، ولا تكن ممّن قتّر الله عليهم في الرزق ، فحمّلوا ظهورهم حقيبة ، وداروا في القرى النائية أو الأحياء الفقيرة ، ينادون على بضاعة لا تريدها الا قلّة من نسوة ضاقت بهنّ سبل العيش .
هادن السوق وقت المهادنة ، صادقه إن هلّ عليك زمن المصادقة ، رافقه في مسيرة شاك دربها ، ثمّ ، إن بدت لك مواضع ضعف في جنب من جنباته ، لا تتمهّل ولا تتردد . سدّد طعنة يومك ، والق ثمرة جهدك .
مواطن الضعف في السوق قد تبين كلّ ساعة في يوم ، وقد لا تبين إلا في ساعة من يوم . المهمّ ان يكون سهمُك مبريا ، وفأسُك مشحوذا . والمهمّ المهمّ أن تكون متيقظا بكلّ ما وُهبت من همّة ، وكلّ ما أوتيت من إرادة .
أخي المتعامل .
شيمة السوق الغدرُ ، لتكن شيمتك الحنكة .
وماذا غير الحنكة ؟
الكثير الكثير !
وفي أخبار العرب مآثرُ  . وفي أقوالهم حكم .
روي عن شيخ قبيلة حلمُه ، ونقلت عنه رويّته . كان شيخَ قبيلته ، وكان حكيمَها وخادمَها .
وصل الى مجلسه يوما شابٌ غريرٌ من شباب القبيلة وما سلّم ، بل اقترب منه وسدد الى وجهه صفعة ، صُعق لها كلّ من جالس الشيخ .
وبكل ما أوتي الشيخ من وقار، و رويّة ، وهدوء ، واتزان  قال : لِمَ تصفعُني يا أخي ؟
وبكل ما أوتي الشاب من غرور، واعتداد ، وجهل ، وغباء  قال : رهان بيني وبين شلة من أقراني . الرهانُ على من يجرؤ على صفعك . وها أنا قد ربحت الرهان .
وبمثل ما سأل الشيخ أجاب : لقد خسرت الرهان يا أخي وما ربحته . فما عدتُ شيخَ قبيلتك . إنّ فلانا قد تولّى امور القبيلة وهو الان شيخُها المطاع ، فاذهب إليه واصفعه .
وكان فلان هذا رجلا ممّن لا يردون الصفعة إلا بطعنة ، فكان ان لقي الشابُ حتفه على يده .
وفي واقع الحال وحقيقة الامر من طعن الشاب الغرير ؟ أفلانٌ أم شيخُ قبيلته ؟
لا يختلف اثنان على أنّ شيخ القبيلة أخذ منه ما هو دين له .
بحلمه ، ورويّته ، وحكمته ، استحق أن يكون ما هو عليه .
وانت أخي المتعامل .
انت ، إيّاك أن تعاند السوق ، ولا تنسى المثل : غلطان يا معاند بحر !
أوصيك بالمرونة ، والرويّة ،  والحنكة ، والحكمة .
أوصيك بالمنهجية الموضوعية ، وبالروح العلمية .
وقبل كل شيء .
 أوصيك بالحلم  !!
الحلم ، بكسر الحاء لا بضمها .
الحلم هذا ، فيه أسرارُ الربح ، ومنه إكسيرُ النجاح .
عليك به .
وأنت ، بإذن الله وعونه ، من الظافرين الرابحين .
  

 

أخطأ جرينسبن هذه المرة؟ا

 

الفائدة الى ارتفاع : الدولار  سيرتفع ؟ الذهب  سينخفض ؟   . 19th june 2004

من حيث المبدأ ، وبحسب القاعدة الاقتصادية المعمول بها ، وبحسب المعادلة العلمية المقبولة : نعم . ولكن .

هذه المرة ستصح هذه المعادلة ايضا ؟ لا قد لا تصح .

ان ارتفاع الفائدة هو امر يبدو حتميا كنتيجة للعجز الهائل في الخزينة ولكن هذا الارتفاع لن يكون من التاثير بحيث انه قادر على إعطاء الدولار الحقنة المقوية الكافية ليصمد على مستويات عالية قد توصله اليها تلك القرارات المتلاحقة المنتظرة في رفع الفائدة عليه . بالعكس ، هو قد يرتفع كردة فعل هوجاء غير محسوبة من السوق نتيجة سوء تقدير أولي ، ونتيجة الاقبال المتزايد على السوق لمستثمرين لا يقيمون وزنا للمعطيات العلمية المتغيرة بحسب المستجدات الاقتصادية الطارئة ، ونتيجة موقف استغلالي ناتج عن مضاربات عنيفة تصدر عن بيوت المال العملاقة . ولكن ماذا بعد ؟ستذهب السكرة ، ستأتي الفكرة .

العجز في ميزان الخزينة لا بد ان يغطى . أسعار السندات لا بد ان تكون قد بلغت اعلى درجاتها والان يجب ان تتراجع . الفائدة  ترتفع . المشكلة  والسبب ليس التضخم القادم والمهدد لعجلة الاقتصاد . السبب الاكبر هو تغطية العجز الخطير: خمسمئة مليار من الدولارات .

هل ان اجتذاب 500 مليار دولار من التوظيفات الاجنبية الى اميركا سيكون ممكنا ؟ هذا هو السؤال المعضلة . سوق الاسهم اليابانية عاد ليكتسب بعضا من بريقه  ألن يكون المنافس الجدي لهذه الرساميل ؟

رفع الفائدة لا بد ان ينعكس سلبا على سوق الاسهم الاميركية   ، سيحدّ من النمو ، سيؤثر على أسعار العقارات ، سينعكس على مستوى مدخول الخزينة بشكل ضرائب ، سيزيد من مستوى العجز فيها .  المشكلة تتفاقم . المستثمرون الاجانب سيطرحون الكثير من الاسئلة . ما توقعوه من رفع الفائدة لم يؤتيهم ما تمنوه ، خسروا بتوظيفات الاسهم ، خسروا بتوظيفات السندات . ثقتهم بالدولار ستنعدم .

الرهان على رفع الفائدة من اجل اجتذاب الرساميل الاجنبية الى داخل الولايات المتحدة ، في حين ان هذه الفائدة تهدد الاقتصاد وتعيق نموه ، هذا الرهان هو أمر من الخطورة بحيث قد يجعلنا نكتشف ، وفي وقت ليس ببعيد ، أنّ ذلك الكهل القابع على رأس الفدرالي منذ ما لا يحصى من السنين ، والذي يحضر نفسه لولاية جديدة ، رغم بلوغه الثامنة والسبعين ، والذي لم يسبق له أن اخطأ الا قليلا ،  قد أخطأ هذه المرة ، وقد لا يترك ذلك الكرسي إلا وقد خلّف وراءه أسوأ ذكرى في أذهان الاميركيين .

سيرتفع الدولار ، نعم ، في المدى المنظور ، وكردة فعل عفوية ، غبية ، جاهلة ،عمياء ، على خطوات لا تخلو من المغامرة . ولكنه لا بد أن يعاود التراجع في فترة لن يطول أمدها الكثير . ومع تراجعه هذا سيكون الذهب الرابح الاكبر  .

الافادة اذن من القول نعم للدولار ! ولكن لفترة وجيزة . ومن عدم نسيان الفترة المناسبة للقفز الى الذهب  !

 . والى اليورو ايضا ؟ نعم . لا شيء يمنع .

 ولكن ! في الوقت المناسب .

 

المقاومة والدفاع ، خطوط محسوبة أم محسوسة ؟ ا

المقاومة  والدفاع ، خطوط محسوبة أم محسوسة ؟  . 7th june 2004
 
 
يتبين لنا  مما سبق من ابحاث وتحاليل ، وبما لا يقبل الشك ، انّ خطوط المقاومة والدفاع  المحددة على حركة معينة ، منطلقة من نقطة ما  ومنتهية بنقطة ما  في الرسم البياني – الشارت – ، هي من الكثرة بحيث يختلف المحللون التقنيون ، ويحارالمبتدئون منهم بشكل خاص ، في تحديد الخط الذي سينجح في كبح جماح السوق ووقف تقدمه .  ومن هنا ينتج التضارب في التوقعات والاختلاف في التوصيات الصادرة من بيوت الابحاث المختلفة . ففي حين يرى الواحد أن خط الدفاع المكوّن من ال 50% تصحيحا للحركة المذكورة هو خط له من المتانة والصلابة ما يؤهله لوقف تراجع السوق ورده على أعقابه ، ينبري غيره من المنظرين ليقلل من أهمية هذا الخط مبشرا بدنو انهياره واستمرار التراجع الى حين بلوغه خطا آخر ، قد يكون خطّ الترند المتراجع ، أو غيره من الخطوط الذي يقلّ بعدا عن الخط المذكور أو يكثر .
فمن يصدّق المتعامل إذن ؟ وعلى تحليل أي محلّل يرتكز ؟ ومن تباشير أي مبشر ينطلق ؟
في الحقيقة إنّ المحللين المذكورين هما خبيران متمرسان ، وقد يصيب الاول في تحليل ارتكز فيه على معطيات عقلية موضوعية معينة ، بينما يخطئ الثاني الذي ارتكز في تحليله أيضا على معطيات لا تقل موضوعية عما تسلح به صاحبه . وقد تنقلب النتيجة فيصحّ توقع الثاني ويخطئ الاول .
فما السرّ إذن ؟ ومن نصدّق ؟ وعلى من نعتمد ؟
لا شكّ في ان مقاومة – او دفاعا  – تشكلت منذ فترة طويلة تصل الى حد السنتين مثلا ، تزيد اهمية على مقاومة حديثة العهد تشكلت لتوها قبل يومين مثلا أو ما يقاربهما .
لا شكّ أيضا في كون المقاومة – أو الدفاع – متميزة في مركزها ، بعيدة عمّا سواها من قمم مقاومة أخرى ، تشكل قوة جذب للسوق يلحظها المتعامل المتمرس في نبضه وسعيه لبلوغها .
لا شكّ في أن ازدياد عدد محاولات السوق في كسر مقاومة ما ، يزيد تلك المقاومة أهمية ويجعل من النجاح في كسرها بابا لحركة عنيفة آتية قد تكسب المراهن عليها وفيرا .
لا شكّ أن النجاح في كسر مقاومة بعد محاولات عديدة ، يعني النجاح في تفعيل كميات هائلة من أوامر الوقف ، نتجت عن تتابع صفقات كثيرة ، نتجت عن رهانات خاطئة – أو بالاصحّ ، تبيّن الآن انها كانت خاطئة –  في كل مرة كان السعر يقترب من هذه المقامة ويفشل أمام أسوارها .
لا شكّ ايضا أن دكّ أسوار مقاومة ما ، أو دفاع ما ، قد يدوم طويلا ، وقد يتكرر كثيرا ، ولا يتحقق النجاح في الاقتحام ، فيعود السوق مهزوما فيربح فريق ويخسر آخر .
لا شكّ في أنّ المتحركات المتوسطة الناتجة عن الوحدات ال 10 او 20 او 25 او 50 او 100 او 200 السابقة للوحدة الحالية ، سواء كانت أياما أو ساعات أو أنصاف ساعات أو أرباعها ، هي أيضا خطوط مقاومة او دفاع بحسب حكم وقوعها ، فوق أو تحت السعر الحالي لسوق ما .
لا شكّ في أن الخطوط الناتجة عن التصحيح بحسب حسابات الفيبوناكسي ، هي خطوط مقاومة ودفاع لا تقلّ أهمية عن غيرها من الخطوط  –  وهي التصحيح لحركة ما بالنسب التالية : 0.2140  /  0.3820  /  0.5000  /  0.6180  /  0.7860  بالمئة – .
لا شكّ في أن كسر السوق لمقاومة ما يحولها مباشرة الى دفاع – وكسره لاي دفاع يحوله الى مقاومة – تتركز عليه  الانظار ، وتعلّق عليه الآمال في أن يكون الحاجزالمتين  الذي يمنع السوق من العودة الى ما كان عليه من قيمة في ما سلف .
ولا شكّ  أن خط الترند المنطلق من أعلى قمة في الترند الحالي المتراجع ، والمار في القمة التي تتلي الاولى ، هو اشد خطوط المقاومة صلابة ، واكثرها اهمية واحتراما بين جمهور المحللين . ولكن !
لا شكّ ايضا في أن هذا الخط المميز عن غيره – خط الترند – ، هذا الخط الذي يسلب عقول المتعاملين ، هذا الخط الذي يشهد كلما اقترب السوق منه أعدادا هائلة من الصفقات المراهنة على صموده ؛ هذا الخط ، قد يتجاوزه السوق بسهولة لا يمكن تخيلها ، بينما يصمد غيره من الخطوط الذي يبعد عنه  او يقترب منه ، ويكون  خطا ثانويا عاديا لا يحتلّ آلا اهمية ثانوية في كتب الكاتبين وتحاليل المحللين .
ما السرّ إذن ؟
من هو مالكه ؟
كيف يربح الرابحون ؟
وخط المقاومة الصامد ، كيف تراهم يحسبون ؟
لعمري ، ما ظننتهم حسبوها ، بل قل أحسوها 
إن الخطوط هذه ، على كثرتها ، تتساوى بالأهمية ، من حيث المبدأ . تتميز بالتاثير من حيث الواقع .
الفتيات كلّهنّ على جمال ، واحدة منهنّ ستفوز باللقب . الاختيار ، غالبا ما يكون نتيجة آحاسيس تتقدم الحسابات ، وترجح الدفة .
 
لا يجوز ان ينظر لخطوط المقاومة بنفس المنظار . لا يجوز ان تطبق عليها كلها نفس المقاييس . لا يجوز ان تكون حصيلة ترجمة لشروحات وتحديدات درسناها في كتاب . لا يجوز لنا أن ننظر اليها بالجملة .
بصر ثاقب  وبصيرة  لطيفة ، لا بد من تعاونهما ، من اجل هدف واحد : إماطة الحجب عن خط واحد بين خطوط كثيرة ، يبحث عنه الجميع ويظفر به القلّة .
ريشة الرسّام يمكن لكلّ ان يمتلكها . القيثارة يمكن لكلّ ان يقتنيها .
ربّنا ، هب قلبنا نورا ، كحّل ريشتنا بألوان الصدق والخير والنبل ، أنطق قيثارتنا نغم البذل والعطاء والحسّ الانساني الشريف .
وأعطنا ، اعطنا  قوة  وصبرا  وجلدا  ، على التمرّن والتمرّس ، والتمرّن والتمرّس ، مرّات ومرات ، مرات ومرّات . فنبلغ منانا ، ونفتح الباب : باب الاحساس المرهف . إحساس الفنّان ، إحساس الرسام ، إحساس العازف ، إحساس الشاعر ، إحساس المحلل التقني الناجح  الذي ، ما عوّل على عقله قيراطا ، حتى عوّل على حسّه مئة قيراط ، فكانت له الغلبة . وكان له النصر .
 إحساس يمكن اكتسابه ، ويمكن تطويره ، ويمكن صقله ، عبر التمرّن والتمرّن والتمرّن .
وهل المحلل التقني غير فنان يرى بعين قلبه ويستنيربنبض مشاعره ؟
وهل خطوط المقاومة محسوبة ؟ 
لا ، بل قل  محسوسة .
وهل خطوط الدفاع محسوبة ؟
لا ، بل قل  محسوسة .
الكلمة الاولى في تحديدها ، للعقل ؛ ولكنّ الكلمة الفصل تبقى ، للاحساس .
 
 
 
 

 

خطوط المقاومة وخطوط الدفاع ، وهما أم حقيقة ؟ا

خطوط المقاومة وخطوط الدفاع ، وهما أم حقيقة ؟

  . 11.05.2004

 
يخطئ من يعلّم ، ويخطئ من يعتقد ، ويخطئ من يتوهم ، ويخطئ من يبشر ان خطوط الدعم والمقاومة هي خطوط نفسية وهمية بحتة ، لا تحمل أية قيمة وضعية مادية علمية .
يخطئ من يعلّم إن ارتفاع السوق عند خط دعم هو نتيجة لوهم يتوهمه الناس بأن السوق سيرتفع فيقبلون على الشراء .
يخطئ من يبشر بأن تراجع السوق على خط مقاومة هو نتيجة ظن وتخمين من قبل الناس بان السوق سيتراجع فيقبلون على البيع .
إنّ الأمر لأعمق من الوهم ، والظن ، والاعتقاد ، والتخمين ، والتقدير .
إنّ الأمر لأبعد من مجرد الاقبال على الشراء ظنا من ان السوق سيرتد صعودا أو هبوطا أمام حاجز نفسي وهمي لا وجود له إلا في مخيلة المتعاملين .
إنّ الأمر لمرتكز يا أصدقائي على قاعدة تعامل استراتيجية تعوّد على اعتمادها ، وتعوّد على احترامها ، وتعوّد على قبولها ، وتعوّد على التسليم بصوابيتها كلّ – أو أكثر- المتعاملين الذين تصلهم ملاحظاتنا اليومية بالنسبة للتعامل الفعلي بالسوق .
إنّ كلّ ارتداد للسوق هبوطا أو صعودا إنما هو نتيجة مباشرة وحصرية ومنطقية ، لفعل حقيقي واقعي مادي عقلي ، يتمثل باصطدامه بحاجز ما أجبره على التراجع بالاتجاه المعاكس .
أن كل ارتداد للسوق ، في أيّة نقطة من نقاط الرسم البياني ، أنما كان سببه وجود خط مقاومة أو خط دعم متخفيا وراء معوّقات كثيرة ، تحجب رؤيته عن الكثيرين من المتعاملين ، بينما تظهرها جليّة واضحة لمتعاملين آخرين .
لا يمكن للسوق أن يرتدّ في اتجاه معاكس إلا إن هو اصطدم بقوة تجبره على الارتداد . وهذه القوة لا بد أن تكون واحدة من اثنين : قوة مقاومة لارتفاعه صعودا ، أو قوة دفاع لتراجعه هبوطا .
الحاجز الذي يحجب هذه القوة عن الأنظار ، هو ما يسعى الجميع إلى أزالته لتبدو القوة هذه بكل تفاصيلها ، بعدّتها وعديدها ، بكمّها ونوعها ، بقوّتها وضعفها .
إماطة الحجب هي إذن مهمة المحلل التقني . هي مهمة القادر. سمّه ما شئت . جنرالا ، أو رائدا ، أو عقيدا ، أو نقيبا ، أو قائد فرقة ، الى ما هنالك من تسميات تختلف بالشكل وتلتقي بالجوهلر .
إنّ من يظنّ بأنّ خطوط المقاومة هي فقط خطوط وهمية نفسية ، إنما هو كمن يبشر بأنّ العدوّ اندحر من بلد ما ، أو من أرض ما ، أو من منطقة ما ، فقط ، وفقط ظنا منه بأن مقاومة ما تقف له بالمرصاد . أو فقط ، وفقط وهما من رؤساء فيالقه ، ومن أفراد جيشه ،  بأن من سيتصدى سيكون خطيرا ، ومن سيقاوم سيكون عنيدا .
إنّ من يظنّ ذلك لهو كمن يقول بأنّ المقاومة  ….  كانت وهمية ، وأنّ فرار العدو كان خوفا من سراب ، وأنّ كلّ تلك التضحيات المبذولة لم تكن سوى نتاجا لمخيلة البعض وتمنياتهم .
لا يا أصدقائي .
لا وألف لا . لا يتراجع مهاجم إلا إن آلمته ضربة المتصدي ، ضربة المقاوم ، وأصابت منه مقتلا . فهل يعقل لقوة وهمية نفسية أن توجه ضربات قاتلة لعدو يقضم حقوقها حقا بعد حق ؟
قد يحصل ان يخترق المحتلّ خط دفاع أولا ، وثانيا ، وعاشرا ؛ ولكنّ خطا ما ، ذا رقم ما ، وذا قوة ما ، وذا ثقل ما ، لا بدّ أن يلقنه الدرس .
هذا الخط ليس وهما أو خيالا . هو حقيقة تتمثل برجال أشداء على العدو في ساحة الوغى ، وتتمثل بقوة عرض أو قوة طلب في ساحة تجارتنا هذه .
أنّ كل متر ، بل قل ، كلّ فتر من افتار الارض التي تقضم هو خط مقاومة ، أنّ خطا واحدا من هذه الخطوط سينجح في وقف التقدم . مهمتنا أن نحدّد وجوده قبل أن تبلغه طلائع الزاحفين ، وان ننزل نحن ايضا في معركة التصدي ، وان نساهم في وقف تقدم السوق  . مهمتنا هذه ليست بالمستحيلة ، لأنّ الخط الذي نبحث عنه ليس خطا وهميا نفسيا بحت . هو خط موجود تتخفى وراءه قوة هائلة من المستبسلين الجاهزين لوقف تقدم غير مرغوب فيه .
ولكن ، كيف ؟ أنا أسمع آلافا من الألسنة تتمتم بهذا السؤال . أحسّ بآلاف من الأفئدة تنبض بهذه المشاعر المحتارة . ولكن كيف ؟ هل انّ ذلك ممكن؟
نعم ، إنّ ذلك لممكن . إنّ الحرب لضروس . إن الغلبة فيها لا تكون بالتمني . 
  

التحليل التقني وسيلة تعامل المستقبل المثلى

التحليل التقني وسيلة تعامل المستقبل المثلى . 27.03.04
 
التحليل التقني ليس اذن هدفا ، بل وسيلة موصلة لهدف . الهدف هو الربح ، التحليل التقني الوسيلة .
الهدف يتحقق ، ان وفق المتعامل في تحديد اللحظة المناسبة لدخوله السوق ، كما في تحديده اللحظة المثالية لخروجه منه . هذه هي قوة التحليل التقني وميزته .
اكتساب هذا العلم لا بد ان يتمّ على مراحل . تبدأ الاولى بالتعرف عليه كمبادئ اساسية عن طريق الاطلاع والتعلّم ، وتتلوها مراحل أخرى لا بدّ فيها من تطبيق المعلومات على السوق من خلال دراسة دقيقة للرسم البياني ، ونقل الدراسة الى صفقات حية ، سواء على برنامج تعامل وهميّ تجريبيّ ، أو على برنامج تعامل حقيقيّ حي ّ .
ان التعرّف على هذا العلم – خاصة باللغة العربية – لا يمكن ان يتمّ عن طريق مناهج أكاديمية تعليمية منتظمة في إطار تعليميّ رسميّ واضح . لذلك لا بد من اللجوء الى المقالات الصادرة في وسائل إعلامية مختلفة ، أو المشاركة في دورات تدريبية تحصل بين الحين والحين عبر الانترنت أو في أماكن مختلفة من الوطن العربي .
 وهنا لا بد من توضيح أمر لكل من شاء الدخول الى هذا العالم : إنه لمن الطبيعي ، ولا بدّ أن يكون واضحا : إن دراسة كتاب ، أو المشاركة في دورة لا يمكن أن يكون عاملا كافيا لتحقيق نجاح في عالم البورصة . إن نحن درسنا مبادئ التعامل بموجب خطوط الدفاع والمقاومة مثلا ، وحدّدنا ماهية هذه الخطوط ، وسبل التعرف عليها ، فلا يمكن أن تكون هذه الخطوة وحدها كافية لتحقيق النجاح ، وإلا فان كلّ من شارك في دورة بدائية مماثلة ، أو قرأ كتابا مشابها ، كان له أن يمتلك السرّ ويحقق الربح . ولو كان ذلك صحيحا أيضا لتمكن كل من تعرّف الى هذه الخطوط ان يكون على حق ، ولكان الجميع على حق ، ولتمكن الجميع من تحقيق الربح ، وهذا هو المستحيل الأكبر في عالم البورصة ، إذ لا بد من أن يقف مقابل كلّ رابح يطرب لربحه ، خاسرا يتحسّر على خسارته .
نعم ، لا بدّ أن يكون في البورصة  متعاملين ناجحين ، وآخرين أقلّ نجاحا ، وغيرهم فاشلين ، وآخرين شديدي الفشل  ، فتستقيم الامور ، وتسير عجلة التعامل ، كما قًدّر لها أن تسير .
وليتمّ هذا ، وتستقيم أمور العمل ، لا بدّ من التعرّف على التحليل التقنيّ كمرحلة أولية  تتلوها مراحل أخرى ، تفوقها في الأهمية ، وتتقدم عليها في الفضل  .
الكتاب يعرّفنا على العدة التي يجب ان نستعملها في عملية التحليل التقني ، كما يطلعنا على قواعد اللعبة المعتمدة لنكون على بيّنة من امرنا . الكتاب موضوعي في ما يقدم ، يثير الإعجاب كوسيلة تعريف وشرح ، ولكنّ تلك المساحة من الحرية اللازمة في مجال التطبيق ، فهو يتجاهلها ويبقى بعيدا عنها .
على سبيل المثال ، يقول لنا الكتاب ، أو يقول لنا الشارح في الدورة : إن وصل المؤشر المعتمد  في التحليل الى حدود الحقل العلويّ فالسوق متخم شراء . ويتوقف الكتاب عند هذا التحديد . وهنا تختلف الآراء ، ففي حين يرى الواحد من المحللين المذكورين ، بناء على هذه المعطيات ، ان السوق  متخم شراء ، ولا بد أن يعرف ارتدادا تنازليا بترند معاكس للذي دفعه إلى الأعلى ، ويسارع إلى اقفال مراكزه أو يفتح إخرى معاكسة ؛ يرى متعامل آخر أن هذه المعطيات التي يعطيها المؤشر المذكور لن تصحّ هذه المرة ، لكون الترند شديد النبض ، خفيف الحركة ، بحيث يصعب عليه الارتداد ، ولا بد من أن يتابع مسيرته التصاعدية ؛ فيحافظ على مراكز الشراء التي يحملها ، أو يفتح مراكز إضافية أيضا .
المحللان قرأا نفس النظرية في الكتاب المشهور، واطلعا على نفس التحديد للمؤشر المذكور ، وتعرفا على نفس الشرح للمبدأ المطروح ، واستوعبا نفس المعلومات ، وأعجبا بنفس المبادئ ، وكوّنا نفس القناعات .  ولكن ، ما ان جاء وقت التطبيق حتى تحول شرح الكتاب ، واستحالت المعرفة المكتسبة ، ترجمة شعورية نفسية داخلية ، عبّر عنها الواحد بما يتناسب مع أمانته لما درس من فصول في كتاب ، أو مع رغبته في جني ما تيسر من مال ، فسعى الى اقفال صفقاته وفتح أخرى معاكسة . وعبّر عنها الآخر بما يتناسب مع ما يجول في نفسه  ويجيش في قلبه ، من مشاعر طمع بآلاف أخرى ، واحاسيس رغبة بربح إضافي ، فسعى إلى المحافظة على صفقاته ، وربما الى دعمها بصفقات اخرى .
المحللان اعتمدا نفس المرجع إذن ، ولكنهما وصلا الى نتيجتين مختلفتين ، فربح واحدهما ، وخسر الآخر .
فهل التحليل التقني هو اذن تحليل موضوعيّ علميّ ، أم تراه تحليل شخصيّ شعوريّ ؟  وما العمل ليجوز التعويل عليه ؟
هذا ما سنتناوله في بحثنا القادم إن شاء الله وأذن .
 
 

البورصة كائن حيّ كما سائر الكائنات

البورصة كائن حيّ كما سائر الكائنات –  8.03.2004
 
نعم إن المحلل التقني هو عالم النفس في عالم البورصة الشاسع  ، وستبقى له هذه الاهمية ، طالما ان العاملين في السوق بشر كما غيرهم في ميادين الحياة الاخرى . إن تصرفاتهم واحدة . تروح وتجيء . تموت لتحيا . وهي أبدا في حركة دائرية لا تنتهي .
والبورصة ، ما البورصة ؟ إن هي إلا كائنا حيّا كما كلّ الكائنات .
 
وإن نحن سلّمنا بصوابية ما تقدّم من تحليل ، ومن شرح ، ومن استنتاج ، واستقراء ؛ فلا بد من القبول إذن بأنّ الاشكال التي نراها اليوم تتشكل امامنا على الشاشة وتؤلف مجتمعة ما نسميه الرسم البياني او الشارت ، ان هي الا استرجاعا لاشكال مشابهة سبق وعايشنا ظهورها في مناسبات سابقة . وان هي الا ترجمة لردات فعل نفسية وشعورية ، تنتج الان عن حالة تعيشها تلك الكتلة البشرية الهائلة التي نسميها بورصيين ، أو متعاملي البورصة . حالة ، حصل لها ايضا ان عاشتها فيما سبق ، ونتجت عنها رسوم واشكال هي نفسها تتردد اليوم .  
ولكن !
كيف يمكننا الإفادة من كل ما تقدم ؟
كيف يمكننا الولوج الى المرحلة القادمة ، فنحوّل النظرية الى تطبيق ، والعلم الى تعامل نشط وناجح ، ينتج عنه ربحا في صورة مال يزيد الحساب ولا ينقصه ؟
كيف يمكننا تحويل امتلاكنا رموز علم التحليل التقني  وإقرارنا بصوابيته ، إلى ربح ملموس ينتج عن صفقات حبلى باسرار العلم ، وثملى بانوار نهاره ؟
وما تراه يكون هذا التحليل التقني ؟
ولماذا تراه يصح أن يكون مادة بحث وركيزة مخططات ؟
كلّ هذا سيأتي البحث الى خفاياه إن قدّر الله له ان يكون .
الحليل التقنيّ هذا لا قيمة له البتة ان كان هدفا . لا بدّ له ان يكون وسيلة لهدف . لا بدّ من ربح يتحقق بواسطته .
والربح المزعوم هذا ، كيف له أن يتحقق ؟ من اشترى عملة ، لا سبيل له الى الربح إلا إن ارتفعت هذه العملة . ومن باع عملة ، لا سبيل له الى الربح إلا ان انخفضت قيمة هذه العملة . وكذلك القول عن سلعة ما ، او سهم ما .
والشرط لتحقيق الربح ان ارتفعت العملة اوان ارتفع السهم ، ان يكون الارتفاع منتظما في ” ترند ” تصاعدي او تنازلي ، لتنتظم بذلك عملية الشراء والبيع في نقاط حساسة من هذا الترند ، نقاط يسميها المتعامل مفاتيح ، وهي وحدها تملك سرّ اللعبة بكاملها .
أما ان كان الارتفاع أو الانخفاض ناجما عن حركات فوضوية ، طيّارة ، مترددة ، متوترة ؛ فهي تكون تحركات خطيرة لا ينتج عنها ربح ، الا وكان وليد الصدفة لا غير .
والترند هذا ، ساحر جمهور البورصة وسالب عقولهم ؛ الكل يترقب  قدومه ترقب العاشق للمعشوق ، الكلّ يتطلع اليه تطلع أمل وصل حدّ الولع في شدته ، ورغبة ثارت لتتاخم الشهوة في عنفها. 
والترند هذا ، مضت الأيام التي كان يُظنّ فيها إنه وليد الصدفة فقط . وبتنا اليوم نعيش عصرا وضعت فيه الاصول لكل علم ، والقواعد لكل فنّ ، والحدود لكلّ مبدأ . بتنا نعيش عصرا تأكد فيه إن الترند هذا يمكن تحديده ، واستباق حصوله ، والاستفادة من جريه ، تصاعديا كان أم تراجعيا ؛ إنطلاقا من نقطة ما ، بها قوة دفع  ما ؛ وصولا الى هدف ما ، به قوة جذب ما . وكل من شاء ان يأخذ حصة من ربح ، لا بد له من عبور محطات ثلاث وصولا الى الهدف :
1 –  تحديد بداية الترند ، في وقت مبكر بقدر ما تسمح به العوامل المتحكمة ببدايته .
2 –  ان يبقى متواجدا فيه ، بقدر ما تسمح به العوامل المتحكمة باستمراريته .
3 – ان يتعرف الى نهاية الترند وبداية تصحيح معاكس ، فيسارع الى جني ربحه بالسرعة التي تسمح بها العوامل الموحية بنهايته .
هنا تكمن قوة التحليل التقني ، والسرّ الذي امتلكه الكثيرون ممن سبروا أغواره ،  وتمنى الكثيرون  من الواردين على هذه التجارة امتلاكه .
مساعدتهم على ذلك ، نعدهم بها . خطوة بخطوة ، إن شاء الله وأعان .
  

قراءة المستقبل في مرآة الماضي

 4 – قراءة المستقبل في مرآة الماضي   –  1.03.2004
 
ولكن ، هل يمكن أن نفهم الماضي من خلال خطوط صمّاء ، تتلوى على صفحة شاشة خرساء ؟
وإن نحن فهمنا هذه الخطوط ، وأحسننا قراءتها ، وأتقننا فكّ رموزها ، فهل يعقل أن نحسن توقع أشكال خطوط الغد ، من خلال فهمنا لمعاني خطوط الأمس ورموزها ؟
أيعقل ترى ، أن نستقرئ المستقبل ، إنطلاقا من فهمنا لأحداث الماضي ؟
 
نعم ، إنّ هذا لممكنٌ . إنّ هذا لممكنٌ .
 
إنّ قرار كلّ عملية من عمليات البيع والشراء التي أجريت في سوق من الاسواق أسهما كان أم عملات ، إنما اتخذه إنسان ما ، في مكان ما ، وفي وقت ما ، ولسبب ما قد يكون مرتكزا على أصول عقلية منطقية ، أو على أخرى نفسية إنفعالية بحتة ، كما إنه قد يكون – كما هو الحال غالبا – نتيجة تفاعل وتداخل بين عوامل عقلية ونفسية معا .
 
نعم إنّ كلّ هذه القرارات إنما صدرت عن أناس ، بل قل : عن فيض من التحليلات والافكارالتي انتجتها عقول هؤلاء الاشخاص ؛ فاختلطت بفيض من مشاعر ضاقت بها صدورهم ، وانفعالات عبقت بها نفوسهم ، واضطرابات جاشت بها قلوبهم ، لتترجم فيما بعد صفقات بيع وشراء ، نرى انعكاساتها على الشاشة أمامنا ، عبر رموز تتزاحم  لتنقل الينا رسما يبيّن ترجمة لها ، رسما يسميه الخبراء : الشارت . 
 
فالشارت ، عزيزي القارئ ، إن هو إلا ترجمة مباشرة لتصرفات المتعاملين واللاعبين على هذه الحلبة ، كبارا كانوا أم صغارا . أن هو إلا تخطيطا دقيقا لدقات قلب يضخ الدم في  جسم هائل ، وإشارات دماغ يسّير هذا الجسم ويتحكم بحركاته كلها . ومن أجل فهم هذه التحركات الظاهرة على الشاشة ، لا بدّ أن  نرى – أو نتخيل على الأقل – اليد القوية المحركة لها ، وان نفقه – أو نتصور على الأقل – القوة الخفية الكامنة وراءها . 
 
وإن نحن فهمنا ما يجري أمامنا اليوم ، وما جرى أمامنا بالامس ، وما قبل الامس ، فهل يصحّ ان ننقل هذه الاحداث الى الغد ؟ هل يصحّ ان نستنبط منها ما قد يكون عليه المستقبل ،  وأن نحوّل استنباطنا ، إن هو أصاب ، الى صفقات كثرت الرابحة بينها وندرت الخاسرة ؟ 
 
 نعم ، إنّ هذا لممكنٌ . إنّ هذا لممكنٌ . 
أما البرهان على ذلك ، فانما يتمّ بالمعادلة التالية .
 
إنّ ردات فعل الانسان حيال ظروف أو أحداث متشابهة ، تكون غالبا متقاربة ، إن لم نقل متشابهة كلّ التشابه . وهذا ما يمكن لكل واحد منا أن يستنتجه من حياتنا اليومية إن هو دقق الملاحظة ، وركّز الانتباه . 
إن كثرة معايشتنا لشخص من الأشخاص ، سواء انتمى الى أفراد العائلة ، أو الى دائرة الاصدقاء ، تجعلنا قادرين على تصور ما قد يصدر عنه حيال حدث معين من تصرف بناء على ما راينا منه في مناسبات مشابهة سابقة . نحن نعرف انه قد يثور ويصرخ ويشتم في حالة ما ، لانه ثار وشتم وصرخ في السابق في حالة مشابهة . ونحن نعرف انه سوف يصمت ويطأطئ الرأس ويحزن أمام خبر ما ، لأنه صمت وحزن وطأطأ الرأس أمام حدث مشابه .
وما يصحّ قوله في الانسان الفرد ، يصحّ كذلك في الجماعة ، قليل كان عددها أو كثير . فتصرّف الجماعة حيال حدث ما،لا يختلف عن تصرّف الفرد ، ويمكن استباقه وتخيله وتقديره ، من قبل الفلاسفة ، وعلماء النفس ، وعلماء الاجتماع . وهو يكاد يكون واحدا حيال خبر مفرح كاكتساب النصر في المعارك ، والغلبة في الحروب ، كما حيال خبر محزن كالخسارة الوطنية العامة ، أو الزلازل والكوارث .
وأن كان يصحّ أن يكون هذا التصرف واحدا في حالات معروفة من قبل العامة ، ومشهود بها من قبل الاختصاصيين من علماء النفس والاجتماع ، فلماذا لا يكون واحدا ايضا ، في حالات مشابهة تعيشها هذه الجماعة في سوق البورصة ، بحيث أنها تتعرض لنفس الانفعالات النفسية ، فرحا وحزنا ، فتنتج عنها تصرفات مشابهة لتلك الناتجة عن النصر أو الكارثة ، وتترجم فورا  الى قرارات ، وتتحول هذه الى أفعال ، وترتسم الافعال رسما بيانيا ، يسمونه شارت ؛ فينكبّ عليه المحلل التقني دارسا ، مستنطقا ، مستقرئا ، مقارنا ، مشبّها ؛ ولا يزال به الى ان تتكشف له أسرار ، وتتفتح له أبواب ، وتتقشع له دروب ، فيخرج على الملأ بنظريات ، تكوّن ركائز علم جديد فيه الغثّ وفيه الثمين . تماما كما في كل علم وتماما كما في كل فنّ .
وهل المحلل التقنيّ سوى عالم نفس واجتماع ؟  
أليس العاملون في البورصة أناسا كما غيرهم من الذين يشكلون حقل تجارب ، أو مادة دراسة لعلماء النفس المعروفين ؟
ألا يخافون من خسارة ويحزنون لها ؟
الا يهللون لنصر ويفرحون له ؟
ألا يحبون ، ويكرهون ، ويطمعون ، ويحسدون ، ويغيرون ، ويخشون ، ويياسون ؟
فلماذا اذن لا يكون لهم علماء خبراء ، يهتمون بتحليل انفعالاتهم هذه وتسجيلها ؟
لماذا لا يكون المحلل التقني ، هو عالم النفس هذا ؟
ولماذا لا يكون التحليل التقني وسيلة مثلى لاستباق أحداث المستقبل ، انطلاقا من أحداث سابقة حصلت في الماضي وفي ظروف مشابهة ؟
نعم إنه لكذلك ، وستبقى له هذه الاهمية طالما ان العاملين في السوق بشر كما غيرهم في ميادين الحياة الاخرى . فتصرفاتهم واحدة . تروح وتجيء . تموت لتحيا . وهي أبدا في حركة دائرية لا تنتهي .
والبورصة ، ما البورصة ؟ إن هي إلا كائنا حيّا كما كلّ الكائنات .
 
 

التحليل التقني ارضية صلبة لاستراتيجية ناجحة ؟ا

حديث الاسبوع –  التحليل التقني ارضية صلبة لاستراتيجية ناجحة ؟  –  21.02.2004

 
وبعد ان اقتنعت انت ، صديقي القارئ  ، بما كنت قد اقتنعت به انا من قبلك . وبعد ان سلّمت معي بان الدخول في السوق بطريقة عشوائية ، غريزية ، فوضوية ، لا يمكن أن يؤدي الى نجاح ، يستحق التهنئة والمباركة . وبعد ان أثارت كلماتي بك الفضول اللازم ، والحشرية الكافية ، لطرح السؤال والبحث له عن جواب  .
وبعد كل هذا ، لا بدّ ان تسألني ، ولا بدّ أن تكون ملحاحا في السؤال : وهل انّ التحليل التقني المزعوم يمكن ان يشكل أرضية صالحة ، وقاعدة ثابتة ، تبنى عليها استراتيجية العمل العقلانية الموضوعية المزعومة ؟
وبعد كل هذا ، لا بدّ أن أجيبك ، ولا بدّ أن أكون مصرارا في الجواب : نعم إن التحليل التقني ، يمكن أن يكون تلك القاعدة الصلبة التي يحق لكل راغب بامتهان هذه المهنة أن يبني عليها استراتيجية عمله ، إ ن هو رغب سلوك الدرب ،  كما يفعل المهرة من المتخصصين الذين سبقوه .
 
وما تراه يكون التحليل التقنيّ هذا ؟ ولماذا يمكن الانطلاق منه والاعتماد عليه .
 
نلاحظ في السنوات الاخيرة ان التحليل التقني يكتسب أهمية متزايدة من المقبلين على العمل بالبورصة ، وإقبالا ملحوظا من المهتمين بشؤونها ، ليس لسهولة في فهم خفاياه ، ولا لضمانة في نجاح وسائله ، إنما اقتناعا بانه الطريقة المثلى الى فهم سيكولوجية السوق ، واستباق ما يخفيه المستقبل القريب والبعيد ، من تحركات يصعب تقديرها او التنبؤ بها .
 
هنا لا مجال للحديث عن أرقام تفضح خسارة وقعت فيها شركة من الشركات ، أو ربح حققته ، بحيث أن سهمها ، أو ينخفض تبعا لذلك .  كما انه لا مجال للبحث أو لترقب  مستوى معين تراجعت اليه ، أو ارتفعت عنه معدلات البطالة في بلد من البلدان ، بحيث أن هذا الحدث يؤثر على مستوى التضخم فيه ، وبالتالي ينعكس على وضع السوق .
  .  ان التحليل التقني انما هو تحليل لفترة زمنية سابقة ، مرّ  بها  سوق من الأسواق ، أو عملة من العملات ، أو سهم من الأسهم ، أو مؤشر من المؤشرات ،  بهدف الوصول الى قراءة لمستقبل هذا السوق ، أو هذه العملة ، أو هذا السهم ، على المدى القريب والبعيد . أما أهم ما في عدّة المحلل التقني ، فهو الشارت . أي ذلك الخط الذي يترجم تحركات السوق في الفترة الماضية معتمدا على ، ورابطا بين ، حقبات زمنية تتراوح بين الدقيقة والسنة .
 
ولكن ، هل يمكن أن نفهم الماضي من خلال خطوط صمّاء ، تتلوى على صفحة شاشة خرساء ؟
وإن نحن فهمنا هذه الخطوط وأحسننا قراءتها ، وأتقننا فكّ رموزها ، فهل يعقل أن نحسن توقع أشكال خطوط الغد من خلال فهمنا لمعاني خطوط الأمس ورموزها ؟
أيعقل ترى ، أن نستقرئ المستقبل ، إنطلاقا من فهمنا لأحداث الماضي ؟
 
نعم ، إنّ هذا لممكنٌ . إنّ هذا لممكنٌ .
 

إعمل ، ولكن باستراتيجية سليمة

حديث الاسبوع –  إعمل ، ولكن باستراتيجية سليمة –  10.02.2004

 
إعمل ، ولكن باستراتيجية سليمة .
 
 
اجل ، ان كل ربح تحقق في تجارة البورصة ، انما جاء نتيجة اتباع استراتيجية علمية موضوعية يقبل بها المنطق ، ويقرها العقل السليم ؛ وان هو كان على غير ذلك ، فما هو الا ربحا سريعا ، قائما على الصدفة والحظ ، وعلى الصدفة والحظ فقط ؛ إذ سرعان ما ينجح السوق غدا في استرجاع ما يكون قد وفره لك الحظ اليوم ، وقد ينجح في استرجاعه مضاعفا مرة ومرات .
وما تراها عزيزي القارئ تكون هذه الستراتيجية السليمة ؟ وما تراها تكون ركائزها المتينة المحققة لربح مستمر ومتنام ؟ وكيف السبيل لبلوغ  كنه أسرارها و جوهر خفاياها ؟
 
 
لطالما سمعنا قول قائل : انا اقدّر ان الفرنك الى صعود لذلك ساشتريه مقابل الدولار . ولطالما وصل الى مسمعنا سؤال سائل : ماذا تقدّر لليورو مقابل الدولار ؟ أصعود ام تراجع ؟
 
أنا أقدّر . أنت ماذا تقدّر . تقديرات . تقديرات . تقديرات .
 
الوعاء ينضح بما فيه . الكلمة توحي بما تحتويه .
 
هو تقديرٌ ، منك ومني . تقديرٌ يعني تخمينٌ . تخمينٌ إن هو إلا ظنٌ . والظنٌ عكس اليقين . وفيه مغامرة ، ورهانٌ ، بل قل فيه مقامرة .
 
ماذا يعني أن تقدّر صديقي القارئ  ؟ ما الدافع الذي جعلك تقدّر ؟  ولماذا قدّرت أنّ الفرنك الى ارتفاع ؟
 
طبعا انت لا تعرف لسؤالي جوابا . او انك تعرفه وتخجل من البوح به .
 
تخجل ؟  نعم تخجل بكل تاكيد . لا ، لا ، أنا لم أخطئ الكلمة . أنا لا أقصد إهانة ، ولكنني أعني ما أقول .
انت تخجل بشرح المعطيات التي تدفعك لان تعتقد بأن الفرنك أو غيره من العملات يسير الى ارتفاع او انخفاض . انت تخجل لانك ،لا تعتقد ، بل تتمنى ، نعم تتمنى ان يرتفع الفرنك . انت تحب ان يحصل ما تتمناه . أنت لا تستطيع التقدير . أنت لست في وضع يسمح لك بالتقدير . لأن معلوماتك قليلة ، هزيلة ، لا يمكن لاي تقدير مبني عليها ان يكون صائبا وصحيحا . لذلك بنيت تقديرك على ظن باهت اللون ، وظنك على تمن شاحب المرأى  ، وأمنيتك على سراب ، لا بد ان يزول أمام أول شعاع شمس .
 
لقد خالجك شعور ناعم بالربح . ومن لم يخالجه هذا الشعور ؟  لقد دغدغت أحاسيسك نبضات حريرية ناعمة ، نبضات فرح ناتج عن الحصول على مال سهل . نبضات الفرح هذه حولتها انانيتك الى حقيقة . وترجمتها محبة ذاتك الى واقع ، دون ان تعرف ، ودون ان تحسّ ، بأنها مبنية على ظنّ ، وعلى ظنّ ليس الا .
أنت تريد أن تربح ، عزيزي القارئ . بل قل تتمنى لو أنك تربح . ولكي يتمّ لك هذا لا بدّ أن تفعل شيئا . لا بد أن تشتري شيئا ما . ولا بدّ أن يرتفع هذا الشيء . إذن فليكن الفرنك . أنت تقدر أنه سيرتفع ، لأنك تريد له أن يرتفع . لأن عقلك الباطني المتآمر مع مخيلتك ، المترجمة لأحاسيسك ، والناقلة لأمانيك أوحى لك بأن ترفع الفرنك ليتم الربح . وها أنت تأتمر له ، إئتمار الاعمى للمبصر ؛ وترتهن له ، ارتهان التابع للمتبوع .
هذه الأحاسيس صارت جزءا منك . أمست تملأ عليك حياتك . هي ترافقك في كل لحظة . هي انيسك في وحدتك ، وجليسك في وحشتك . انت تخاف ان تفقدها . تفتقدها ان لم تحسّها . تخاف عليها . تريدها حقيقة . تتمنى لو تستطيع ملامستها . تحولها الى واقع ، الى قناعة  . بمخيلتك ، بظنك ، باعتقادك ، بتقديرك ، وها نحن قد وصلنا . بتقديرك ، اذن لا بد لك ان تقدّر ، لا بد لك ان تنحت صنما ، لتعجب بشكله الى حد العبادة . لقد وقعت في الفخ .
 
قل لي ما هي الستراتيجية التي جعلتك تقدر ان الفرنك او غيره الى ارتفاع ؟ 
لماذا اسرعت الى جهاز الكمبيوتر وسجلت أمر شراء الفرنك ؟  
قل لي ما هي المعطيات العقلية ، العلمية ، الموضوعية ، المنطقية ، المقنعة ، التي جعلتك تقدر ما قدرت ، وتنسج ما نسجت ، وتفعل ما فعلت ؟
قل لي لماذا اخترت الفرنك دون غيره من العملات لترفعه وترتفع معه ؟
ألم يكن اختيارك له مبنيا على خبر سمعته في قناة فضائية – وما أكثر ما تنقل من اخبار – ، أو قرأته في صحيفة محلية ؟
ألم تكن مستعدا لرفع الدولار ايضا لو ان الصدفة حملتك الى سماع خبر ما ، أو تصريح ما ، أو تقرير ما غير الذي سمعته ؟
 
لا ، انت لن تستطيع الكثير لإقناعي . انت لم تتصرف انطلاقا من استراتيجية ، ولكن من رغبة . انت لن تربح صديقي ، وان ربحت فلن أهنئك على ما حققت ، لأن ربحك وليد صدفة ولا يد لك في تحقيقه البتتة .
 
وعلى أي ربح سأهنئك إذن ان لم يكن على هذا ؟
 
سرٌ لا بدّ أن أفشيه لك في يوم ، أرجو ألا يكون بعيدا .