إعمل ، ولكن باستراتيجية سليمة

حديث الاسبوع –  إعمل ، ولكن باستراتيجية سليمة –  10.02.2004

 
إعمل ، ولكن باستراتيجية سليمة .
 
 
اجل ، ان كل ربح تحقق في تجارة البورصة ، انما جاء نتيجة اتباع استراتيجية علمية موضوعية يقبل بها المنطق ، ويقرها العقل السليم ؛ وان هو كان على غير ذلك ، فما هو الا ربحا سريعا ، قائما على الصدفة والحظ ، وعلى الصدفة والحظ فقط ؛ إذ سرعان ما ينجح السوق غدا في استرجاع ما يكون قد وفره لك الحظ اليوم ، وقد ينجح في استرجاعه مضاعفا مرة ومرات .
وما تراها عزيزي القارئ تكون هذه الستراتيجية السليمة ؟ وما تراها تكون ركائزها المتينة المحققة لربح مستمر ومتنام ؟ وكيف السبيل لبلوغ  كنه أسرارها و جوهر خفاياها ؟
 
 
لطالما سمعنا قول قائل : انا اقدّر ان الفرنك الى صعود لذلك ساشتريه مقابل الدولار . ولطالما وصل الى مسمعنا سؤال سائل : ماذا تقدّر لليورو مقابل الدولار ؟ أصعود ام تراجع ؟
 
أنا أقدّر . أنت ماذا تقدّر . تقديرات . تقديرات . تقديرات .
 
الوعاء ينضح بما فيه . الكلمة توحي بما تحتويه .
 
هو تقديرٌ ، منك ومني . تقديرٌ يعني تخمينٌ . تخمينٌ إن هو إلا ظنٌ . والظنٌ عكس اليقين . وفيه مغامرة ، ورهانٌ ، بل قل فيه مقامرة .
 
ماذا يعني أن تقدّر صديقي القارئ  ؟ ما الدافع الذي جعلك تقدّر ؟  ولماذا قدّرت أنّ الفرنك الى ارتفاع ؟
 
طبعا انت لا تعرف لسؤالي جوابا . او انك تعرفه وتخجل من البوح به .
 
تخجل ؟  نعم تخجل بكل تاكيد . لا ، لا ، أنا لم أخطئ الكلمة . أنا لا أقصد إهانة ، ولكنني أعني ما أقول .
انت تخجل بشرح المعطيات التي تدفعك لان تعتقد بأن الفرنك أو غيره من العملات يسير الى ارتفاع او انخفاض . انت تخجل لانك ،لا تعتقد ، بل تتمنى ، نعم تتمنى ان يرتفع الفرنك . انت تحب ان يحصل ما تتمناه . أنت لا تستطيع التقدير . أنت لست في وضع يسمح لك بالتقدير . لأن معلوماتك قليلة ، هزيلة ، لا يمكن لاي تقدير مبني عليها ان يكون صائبا وصحيحا . لذلك بنيت تقديرك على ظن باهت اللون ، وظنك على تمن شاحب المرأى  ، وأمنيتك على سراب ، لا بد ان يزول أمام أول شعاع شمس .
 
لقد خالجك شعور ناعم بالربح . ومن لم يخالجه هذا الشعور ؟  لقد دغدغت أحاسيسك نبضات حريرية ناعمة ، نبضات فرح ناتج عن الحصول على مال سهل . نبضات الفرح هذه حولتها انانيتك الى حقيقة . وترجمتها محبة ذاتك الى واقع ، دون ان تعرف ، ودون ان تحسّ ، بأنها مبنية على ظنّ ، وعلى ظنّ ليس الا .
أنت تريد أن تربح ، عزيزي القارئ . بل قل تتمنى لو أنك تربح . ولكي يتمّ لك هذا لا بدّ أن تفعل شيئا . لا بد أن تشتري شيئا ما . ولا بدّ أن يرتفع هذا الشيء . إذن فليكن الفرنك . أنت تقدر أنه سيرتفع ، لأنك تريد له أن يرتفع . لأن عقلك الباطني المتآمر مع مخيلتك ، المترجمة لأحاسيسك ، والناقلة لأمانيك أوحى لك بأن ترفع الفرنك ليتم الربح . وها أنت تأتمر له ، إئتمار الاعمى للمبصر ؛ وترتهن له ، ارتهان التابع للمتبوع .
هذه الأحاسيس صارت جزءا منك . أمست تملأ عليك حياتك . هي ترافقك في كل لحظة . هي انيسك في وحدتك ، وجليسك في وحشتك . انت تخاف ان تفقدها . تفتقدها ان لم تحسّها . تخاف عليها . تريدها حقيقة . تتمنى لو تستطيع ملامستها . تحولها الى واقع ، الى قناعة  . بمخيلتك ، بظنك ، باعتقادك ، بتقديرك ، وها نحن قد وصلنا . بتقديرك ، اذن لا بد لك ان تقدّر ، لا بد لك ان تنحت صنما ، لتعجب بشكله الى حد العبادة . لقد وقعت في الفخ .
 
قل لي ما هي الستراتيجية التي جعلتك تقدر ان الفرنك او غيره الى ارتفاع ؟ 
لماذا اسرعت الى جهاز الكمبيوتر وسجلت أمر شراء الفرنك ؟  
قل لي ما هي المعطيات العقلية ، العلمية ، الموضوعية ، المنطقية ، المقنعة ، التي جعلتك تقدر ما قدرت ، وتنسج ما نسجت ، وتفعل ما فعلت ؟
قل لي لماذا اخترت الفرنك دون غيره من العملات لترفعه وترتفع معه ؟
ألم يكن اختيارك له مبنيا على خبر سمعته في قناة فضائية – وما أكثر ما تنقل من اخبار – ، أو قرأته في صحيفة محلية ؟
ألم تكن مستعدا لرفع الدولار ايضا لو ان الصدفة حملتك الى سماع خبر ما ، أو تصريح ما ، أو تقرير ما غير الذي سمعته ؟
 
لا ، انت لن تستطيع الكثير لإقناعي . انت لم تتصرف انطلاقا من استراتيجية ، ولكن من رغبة . انت لن تربح صديقي ، وان ربحت فلن أهنئك على ما حققت ، لأن ربحك وليد صدفة ولا يد لك في تحقيقه البتتة .
 
وعلى أي ربح سأهنئك إذن ان لم يكن على هذا ؟
 
سرٌ لا بدّ أن أفشيه لك في يوم ، أرجو ألا يكون بعيدا .