يواجه حملة دين لبنان الدولي خطر خسارة ما يصل إلى 80 بالمئة من استثماراتهم إذ تلوح في الأفق إعادة هيكلة قد تكون أشد إيلاما من تلك التي وقعت على حملة سندات اليونان في خضم أزمتها.
فالمحللون مجمعون على استحالة خدمة دين لبنان العام الثقيل البالغ نحو 150 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي وأنه سيكون على الدائنين القبول بخفض قيمة حيازاتهم إذا كان للبلد أن يتحاشى انهيارا ماليا شاملا.
وينصب التركيز على ما ستفعله الحكومة حيال سندات دولية حجمها 1.2 مليار دولار تستحق في التاسع من مارس آذار. وسيعني السداد تدهور وضع احتياطي النقد الأجنبي اللبناني السلبي بالفعل، فضلا عن تقليص فرص حصول حملة الدين الأطول أجلا على صفقة يمكن أن يعتبرونها عادلة ومنصفة لهم.
ولم تعلن الحكومة حتى الآن خططها في هذا الصدد، لكن التزام الدولة بالسداد، المدفوع برغبتها في المحافظة على سجلها الناصع حتى الآن فيما يتعلق بدفع ديونها، بدا أنه يهتز في الأيام الأخيرة، حسبما تقوله مصادر مالية مطلعة.
والعديد من سندات لبنان الأطول أجلا متداول عند حوالي 30 سنتا في الدولار، وهو مستوى يعتبره المستثمرون مما ينذر بأزمة وبإعادة هيكلة مرجحة للدين في وقت ما – وهي خطوة يقول رئيس البرلمان اللبناني ذو النفوذ إنها ”الحل الأمثل“.
وقال نيك إيزينجر، من قسم الدخل الثابت بالأسواق الناشئة في فانجارد، التي تحوز بعض دين لبنان، ”ليس من الصعب تصور أن معدل الاسترداد لتلك السندات سيكون منخفضا جدا – أقل من 20 بالمئة.. إذا أرادوا بالفعل ترتيب أوضاعهم وخفض مستويات الدين وصيانة احتياطيات النقد الأجنبي فسيكون عليهم القيام بتخفيضات القيمة الضخمة هذه.“
قيم الاسترداد
قد تدور قيم الاسترداد بين 20 و30 سنتا في الدولار بما يعني عوائد خروج بين ثمانية و12 بالمئة، مع افتراض تمديد آجال الاستحقاق خمس سنوات، وفقا لتقديرات علياء مبيض، العضو المنتدب في جيفريز.
وعائد الخروج هو توقع السوق لقيمة السندات السيادية بعد القيام بإعادة هيكلة.
وقالت علياء ”نقدر أن خفضا للقيمة يبلغ 70 بالمئة سيكون ضروريا للوصول بنسبة الدين اللبناني للناتج المحلي الإجمالي إلى مسار دين مستدام عند 60 إلى 70 بالمئة من الناتج خلال عشر سنوات،“ مشيرة إلى أن الحكومة والبنك المركزي والقطاع المصرفي عموما يعانون جميعا من نقص في الدولار.
وقد يكون خفض الدين بهذه الطريقة أشد حدة من بعض حالات إعادة هيكلة الديون السيادية الأخرى في الآونة الأخيرة. فقد خفضت أوكرانيا مستحقات معظم دائنيها 20 بالمئة عندما فشلت في خدمة ديونها. وألزمت اليونان حملة السندات من القطاع الخاص بقبول خفض 50 بالمئة في إطار برنامج لتجاوز أزمتها المالية التي بدأت في 2009.
لكن هذين البلدين نالا دعم صندوق النقد الدولي الذي سيرسل فريقا من خبرائه للبنان يوم الخميس لبحث التحديات الاقتصادية مع السلطات وتقديم مشورة فنية واسعة النطاق، حسبما أكده الصندوق.
وقال نافذ صاووك محلل الأسواق الناشئة لدى أكسفورد إيكنوميكس ”خفض القيمة 70 بالمئة، الذي يذكره البعض، يفترض أسوأ التصورات على الإطلاق – تعثر غير منظم في السداد دون تدخل من صندوق النقد.. لكن بمجرد شروعك في وضع أي شيء آخر يمكن أن يحدث مثل مساعدة فنية بمساندة موثوقة أو برنامج من صندوق النقد مدته ثلاث سنوات، فإن قيمة الاسترداد تبدأ في الزيادة.“
انكشاف القطاع المصرفي
يحذر جولدمان ساكس من أن العلاقة التكافلية بين الحكومة والقطاع المصرفي تعقد أي مسعى لبلوغ قيمة استرداد واقعية.
فبعد سنوات من ضخه رؤوس الأموال إلى البنك المركزي عبر استثمارات اللبنانيين في الخارج، وصل انكشاف القطاع المصرفي على الدين الحكومي نحو مثلي قاعدة رأس المال لديه.
ويرى كارلوس عبادي القائم بأعمال العضو المنتدب في جي.إس.إيه الفرنسية للاستشارات السيادية أن الطريقة الوحيد لحل المشكلة قد تتمثل في التعامل مع الدين الحكومي بمعزل عن دين البنك المركزي.
وقال ”إذا نحوا البنك المركزي جانبا وتعاملوا مع ذلك بشكل منفصل على الجانب السيادي، فهناك فرصة لإعادة هيكلة يقبلها الدائنون ستكون بين 60 و65 سنتا.. لكن يجب أن تكون هناك خطة مالية وإصلاح، بما في ذلك لقطاعي الاتصالات والكهرباء لتخليص الميزانية من خسائر فادحة وجلب دولارات جديدة.“
وأشار إلى أنه في حالة تبني ذلك الخيار، فربما تكون قيم الاسترداد متماشية عموما مع الأرجنتين.
فبعد تعثرها في سداد ديونها في 2001، تسعى الأرجنتين، التي يعصف بها الاضطراب المالي مجددا، إلى إعادة هيكلة دين بحوالي 100 مليار دولار وحددت لنفسها 31 مارس آذار موعدا للانتهاء من إعادة تنظيم قروض صندوق النقد الدولي ثم السندات المملوكة ملكية خاصة.