النفط: مؤثرات وتقديرات للاسعار

قال المصرف السويسري في تقرير له اليوم ان  برنت سيتعافى إلى 64 دولارا للبرميل في النصف/  الثاني من هذا العام.

وما يقوله استطلاع حول الاسعار:

من جهة اخرى فقد اظهر استطلاع للرأي أجرته رويترز يوم الجمعة إلى أن أسعار النفط ستتعرض لضغوط هذا العام في الوقت الذي يؤثر فيه انتشار فيروس كورونا على الاقتصاد والطلب العالميين، مما يلقي بظلاله على جهود أوبك للحد من الإنتاج من أجل دعم الأسواق.

ويتوقع المسح الذي شمل 42 اقتصاديا ومحللا أن خام برنت سيبلغ في المتوسط 60.63 دولار للبرميل في 2020، مما ينطوي على انخفاض بنحو خمسة بالمئة عن توقعات الشهر الماضي عند 63.48 دولار.

وبلغ متوسط سعر خام القياس العالمي 59.80 دولار منذ بداية العام وحتى الآن.

تراجع النفط حوالي ثلاثين بالمئة عن مستويات مرتفعة بلغها في يناير كانون الثاني، إذ هبط الخام الأمريكي لما دون الخمسين دولارا للبرميل بعد أن أضر الفيروس بالطلب في الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، وأثار مخاوف حيال فائض في المعروض العالمي.

وقالت المحللة لدى كابيتال إيكونوميكس كارولين بين ”في الربع الأول، نتوقع أن تضغط اضطرابات اقتصادية ناجمة عن التفشي بشدة على طلب وأسعار النفط“.

وقال محللون إنه من المتوقع الإعلان عن زيادة في خفض الإنتاج من جانب منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفائها بقيادة روسيا في فيينا يومي الخامس والسادس من مارس آذار.

ومن بين 37 مشاركا شملهم كلا استطلاعي يناير كانون الثاني وفبراير شباط، خفض 25 توقعاتهم لبرنت في 2020.

ويتوقع المحللون نمو الطلب العالمي على النفط بنحو 0.7 مليون إلى 1.1 مليون برميل يوميا هذا العام، مقارنة مع توقعات الشهر الماضي عند ما بين 0.8 مليون و1.5 مليون برميل يوميا.

ويتوقع الاستطلاع أن يبلغ متوسط الخام الأمريكي الخفيف 55.75 دولار للبرميل في 2020، انخفاضا من متوسط توقعات عند 58.22 دولار في يناير كانون الثاني.

 

وماذا عن كوقف منظمة اوبك؟

اما منظمة اوبك فقد قالت أربعة مصادر مطلعة على محادثات إن عدد من الأعضاء الرئيسيين في فيها  يميلون صوب خفض أكبر لإنتاج النفط مقارنة مع ما كان متوقعا في السابق، في ظل تراجع أسعار النفط إلى 50 دولارا للبرميل بفعل مخاوف من أن تفشي فيروس كورونا سيؤشر سلبا بشدة على طلب الخام.

وقالت المصادر إن أعضاء من بينهم السعودية يدرسون الاتفاق على خفض للإنتاج بمقدار مليون برميل يوميا في الربع الثاني من 2020، ما يزيد عن خفض أولي مقترح بواقع 600 ألف برميل يوميا.

كانت صحيفة فايننشال تايمز أوردت أولا فكرة الخفض الأكبر.

وتسبب الفيروس في نحو 2800 حالة وفاة في الصين وانتشر إلى عشرات الدول الأخرى.

شراء الدين لا دفعه

 

كثيرة هي الأسئلة حول مصير لبنان بعد التاسع من آذار. فالبلد الذي لم يتخلف يوماً عن دفع ديونه السيادية، يتأرجح اليوم بين خيارين أحلاهما مر. إما التوقف عن الدفع وتحمّل تبعات الموقف، وإما الدفع والتضحية بحقوق اللبنانيين من المأكل والمشرب والدواء.

مقابل الضبابية الحكومية بشأن مصير “اليوروبوندز”، تضيء شاشات الأسواق المالية العالمية باللون الأحمر الفاقع، وهي تؤشر صراحة الى انخفاض قيمة التداول بسندات آذار إلى أقل من 50 في المئة، فيما وصل سعر بعض السندات إلى نحو 35 في المئة من قيمتها، ما يعني ان حاملي السندات فقدوا جزءاً كبيراً من استثماراتهم الأولية.

أمام هذا الواقع يطرح المصرفي نيكولا شيخاني السؤال الأبرز هل لا يزال بإمكان الدولة احترام سنداتها المستحقة في آذار 2020؟ وفي حال قررت الدولة اللبنانية التخلف عن السداد لماذا دفعت حوالى 2 مليار دولار أميركي لخدمة ديون سندات اليورو في الربع الأخير من العام 2019.

ندفع أو لا ندفع

الجواب على هذا السؤال يتطلب من وجهة نظر شيخاني سيناريوين: التوقف عن الدفع أو الدفع، ومن ثم تبسيط النتائج التي من الممكن أن تترتب على كل خيار ممكن اأن تتخذه الحكومة.

في السيناريو الأول، حيث تقرر الحكومة عدم دفع سندات “اليوروبوندز” المستحقة في العام 2020، سينخفض سعر هذه السندات بشكل كبير، وسيقل سعر السندات ذات الاستحقاق اللاحق أكثر. البنوك وشركات التأمين اللبنانية تملك حوالى 16 مليار دولار من السندات موزعة على الشكل التالي: 1 مليار تحملها شركات التأمين و15 ملياراً تحملها المصارف (باستثناء أي عملية بيع تمت حديثاً لسنداتها إلى كيانات أجنبية).

هذه المؤسسات ستكون ملزمة باتخاذ احتياطات على الفور ومراعاة الخسائر المحتملة في المستقبل مع الامتثال الكامل لمعايير التقارير المالية الدولية IFRS9 ؛ وعند مقارنة هذه الأرقام مع رأسمال الشركات، ستؤدي هذه الأحكام إلى اعتبار البنوك وشركات التأمين مفلسة تقنياً (بما في ذلك بنوك ألفا وأسماء في التأمين). نتيجةً لذلك، سيتم الاستيلاء على البنوك المفلسة من قبل البنك المركزي من أجل التصفية أو البيع، وقد يخسر المودعون معظم أموالهم ويتوقف الاقتصاد لفترة من الوقت، حيث لن يتمكن أي شخص من التعامل مالياً من دون وجود قطاع مصرفي. بالإضافة إلى ذلك وفي السيناريو الأسوأ، يمكن لحاملي سندات “اليوروبوندز” الأجانب رفع “دعاوى جماعية” ضد الدولة اللبنانية، مما يسمح للمحكمة الدولية أن تجمد (لأغراض التجميع) أصول الدولة خارج البلاد، مثل الذهب المودع في الولايات المتحدة (حيث يمكن استيعاب البنك المركزي في كيان حكومي وبالتالي يكون مسؤولاً بشكل مشترك مع الدولة)، وستكون سمعة الملاءة المالية للدولة على المحك مما يؤثر على تصنيفها وثقة أصحاب المصلحة الدوليين، ما يزيد من صعوبة إعداد خطة اقتصادية لإنقاذ البلاد وإعادة تجميع السوق للتمويل المستقبلي.

السيناريو الثاني، أي إذا قررت الدولة اللبنانية إحترام سنداتها المستحقة في العام 2020، فبإمكانها القيام بذلك فقط من خلال سحب الأموال من الإحتياطيات الاجنبية في البنك المركزي، لأن الحكومة في حالة عجز وليس لديها أموال. تخفيض الاحتياطيات الأجنبية لخدمة الدين سوف يضع المزيد من الضغط على ربط الليرة، وسيؤدي إلى تقليل القدرات الحكومية لتغطية احتياجات العملات الأجنبية لإستيراد المواد الأولية الأساسية من الغذاء والنفط والدواء. من هنا فإن الأموال المدفوعة لتسديد السندات المستحقة في العام 2020 ستكون في النهاية عملية معاقبة للمودعين وامتصاصاً لودائعهم بشكل غير عادل.

وأخيراً، فإن الدفع يعني أن الحكومة تقبل قرار بعض البنوك ببيع “اليوروبوندز” للمستثمرين الأجانب بسعر يتراوح ما بين 70 إلى 80% من قيمتها مع تجنب تأثير آلية “تبادل” داخلية محتملة، ووعد المشترين الجدد بأن الدولة ستحترم دفع الإستحقاق بنسبة 100% ؛ هذا السلوك الأناني أدى إلى زيادة الامتلاك الأجنبي لـ “اليوروبوندز”، وأضاف تعقيدات كنا بغنى عنها على أي قرار ممكن أن يتخذ.

ما الحل؟

يعتبر شيخاني أن الحل الأفضل هو أن تخصص الأموال المنوي دفعها لسداد الدين الى شراء هذه السندات بسعر السوق، نظراً لانخفاض تكلفتها. فمع سعر 30 في المئة للسند الواحد يمكن للدولة شراء 3 مرات أكثر في المبلغ المخصص لدفع الدين. وهو ما يدفع إلى خفض الدين والعجز الحكومي ببطء ويعطي إشارة إيجابية قوية للمجتمع الدولي. كما يمكن أن تدفع الدولة أيضاً جزءاً من مستحقات العام 2020، والبدء بالمفاوضات مع اقتراح “مبادلة” جميع سندات “اليوروبوندز” مقابل سندات جديدة طويلة الأجل ذات الفائدة الأقل. على الرغم من أن هذا التصنيف سيعتبر آلية “تخلف عن السداد” من قبل وكالات التصنيف الرئيسية، وحتى إذا كان ذلك سيؤدي على المدى القصير إلى تقليل ربحية البنوك، إلا أنه سيكون له تأثير إيجابي مماثل لنهج إعادة الشراء مع توفر أموال أقل لتحقيق ذلك.

من هنا وباختصار، لقد أصبح من الواضح أن التخلف عن السداد من دون وجود خطة احتياطية قوية يُعدّ انتحاراً. فالدفع سيؤدي إلى تقليل الاحتياطيات الأجنبية التي يمكن أن تزعزع ربط الليرة وتحد من إمكانيات الاستيراد. وسيدفع الى معاملة المودعين بشكل غير عادل وسوف يشرع السلوك الأناني لبعض البنوك. يبقى الخيار الأفضل من وجهة نظر شيخاني هو إعادة شراء أو تبديل السندات swap، وهي آلية يمكن أن تقلل بشكل كبير من عبء الديون على البلاد.

خالدابوشقرا.