احتياطيات الغاز في لبنان تتراوح بين 80 و 140 مليار دولار والنفط 90 ملياراً

خبير النفط والغاز فادي جواد: ثروة لبنان النفطية تزيح عنا شبح العتمة لـ20 عاماً

كان من المفترض أن تقدّم شركة “توتال” التي قامت بأعمال الحفر بالبلوك رقم 4 بحثاً عن الغاز، دراسة عن نتيجة الحفر الأوليّة التي أجرتها لفترة شهرين في لبنان، ومقارنتها بالدراسات الجيوفيزيائية التي على أساسها تمّ الحفر في هذه البقعة وذلك لتسهيل عملية اختيار الموقع المناسب لحفر البئر في المرحلة المقبلة، إلا أن هذه الدراسة لم ترَ النور بعد لغاية اليوم. فالحفر في البلوكين 4 و9 اللذين يعوّل عليهما الكثير في استكشاف الغاز، يعتبر ضمن البنود التي يجدر بالحكومة الجديدة الشروع بها بشكل سريع فور تشكيلها نظراً الى التداعيات الإيجابية التي ستتركها على الساحة الإقتصادية و”الكهربائية” للبلاد. فما هي الآمال المعلقة على تجديد الحفر في البلوكين المذكورين وما هي نتائج الثروة النفطية المرجوّة على الإقتصاد؟

نتائج الحفر المعلنة في البلوك رقم 4 لفترة شهرين بدءاً من شباط، لم تأت كما اشتهاها اللبنانيون، اذ أنها بيّنت بخجل العثور على آثار الغاز. ووفقاً لدراسة عالمية في مثل تلك النتيجة إن 1 من 4 آبار تعطي النتيجة المرجوة والامل في استكشاف الكمية التجارية المطلوبة. من هنا يقول خبير اقتصاد النفط والغاز فادي جواد إنه يجب دراسة نتيجة الحفر الاولية جيداً ومقارنتها بالدراسات الجيوفيزيائية التي على اساسها تمّ الحفر ما يقلل من عامل المخاطرة Risk Factor وبالتالي ستعيد “توتال” تقييم الموقف لتأخذ القرار باختيار موقع البئر المقبل الجديد بالتعاون مع هيئة ادارة قطاع البترول الوطنية التي ستقيم من جهتها الدراسات الجيولوجية والجيوفيزيائية للمنطقة وتضمها لنتائج الحفر وهذا سيساعد الجانب الوطني على مناقشة “توتال” في اقتراح الموقع الجديد المقترح لحفر البئر الجديدة والموافقة عليه من عدمه او اقتراح موقع افضل”.

تجديد الحفر

وحول إمكانية تجديد أعمال الحفر في البلوك 4 رغم النتائج غير المرضية، خلال الفترة المقبلة، يؤكّد جواد أن إتفاقية الالتزام بين لبنان وشركات التحالف (التي رست عليها مناقصة كل من بلوكي 4 و 9 وفاز الكونسورتيوم المؤلف من توتال الفرنسية التي تقود وتدير التحالف و نوفاتاك الروسية وإيني الإيطالية )، تقوم على ان يكون عدد الآبار 3 في مدة 3 سنوات وتمدد لسنة واحدة بموافقة الحكومة اللبنانية لحفر بئر اضافية. على أن تعيد الحكومة تلزيمها لشركات أخرى أكثر إحترافية في تقنيات استكشافية خاصة بها كما حصل مع شركة “شلّ” والحكومة المصرية حيث اعادت تلزيم حقل زُهر لشركة “إيني” الايطالية والتي استكشفت اكبر حقل غاز في منطقة حوض المتوسط وسبب فشل “شل” كان حفرها أعماقاً ضحلة !

وحول التزام شركات التحالف بالاتفاقية او انسحابها منها بسبب النتائج غير الإيجابية في البلوك رقم 4، اشار جواد الى أن العكس هو الصحيح، فالنتائج فوق الممتازة في البلوك رقم 4 كان يجب ان يطلع عليها اللبنانيون في بداية شهر تموز الماضي حسب وعد “توتال” عن حاجتها لشهرين لدراسة نتائج الحفر التي حصلت عليها خلال شهر شباط الماضي ولكن تم تأخير نتائج الاعلان للوصول الى تسوية في المنطقة.

ويضيف: وبذلك وفور وضوح الرؤية الجيوسياسية للمنطقة ستبدأ الحفارة بإنجاز ما عليها ونصب اول بئر لبنانية في هذا البلوك وعلمت أن “توتال” متحمّسة للسيطرة على البلوكات حيث استأجرت 4 طوابق لطاقم عملها الشهر الماضي في بيروت وهذا دليل على ما هو موجود وقادم.

وما هي مجريات الأمور في المرحلة المقبلة؟

يؤكّد جواد انه من الناحية الفنية وحسب الالتزام المبرم، يكون التوجه لحفر بئرين في المرحلة المقبلة بعد اصدار النتائج التي كانت متوقعة خلال شهري حزيران وتموز الماضيين، ومن الناحية التقنية من الصعب ان نعطي نتيجة بلوك 4 قبل استكمال الدراسات للبئر الاولى حيث يحفر في مكان غير معروف ومنطقة عذارء تسمى Wild Cat وبعد الدراسات ستتحدث توتال وتعلن اذا ستكمل في هذا البئر وتقوم بـ well appraisal وباعتبارها اول بئر تحفر في منطقة Wild Cat ونسبة نجاحه 1 من 4 على احسن تقدير يعني من الممكن حفر 3 آبار ويكتشفون الكمية في البئر الرابع ومن الممكن الا تجد شركات التحالف شيئاً وتأتي بعدها شركة اخرى وتستكشف كميات تجارية كما حدث في كثير من الدول.

وبالنسبة الى المعلومات التي حصلت عليها “توتال” إثر استكشافها البئر الأولى، يقول إن المعطيات الموجودة حالياً هي معلومات “سايزمية ” حيث تبيّن وقت ارسال ورجوع الموجات وتعطي رسومات تقريبية للاعماق وبالنسبة الى الكميات التي يتكلم عنها الاميركيون نحو 90 تريليون قدم مكعب باعتبارها احتياطياً Reserve وهذا ليس صحيحاً فهي كميات موارد Resources متوقعة لتتحول الى احتياطي، يكون موارد ويتحول الى علمية الاكتشاف Discovery ومن ثم مرحلة الاستكشاف التجاري Commercial Discovery ومنها يبدأ تحديد الاحتياطي Reserve وبعدها 3 مراحل: Proven Reserve،Probable Reserve Possible Reserve.

إحتمال وجود الغاز

ويعتبر أن احتمال عدم وجود غاز في البلوك رقم 4 هو ضعيف جداً اذ أن اول بئر تعطينا المعلومات الخاصة بالطبقات الجيولوجية والمحدّد فيها المكمن وبعدها يعاد رسم كل الخرائط نتيجة التعرف على السرعات الخاصة بالموجات والمكان الحقيقي وتحويل الخرائط الى خرائط واقعية اكثر وضوحاً من الاولى وبالتالي الوصول الى المكمن الخاص بهذا البلوك.

أما عن كيفية التأكّد من وجود غاز في المياه اللبنانية، فيشير الى أن “الاكتشافات النفطية تختلف بين بلوك وآخر ومن خبرتنا يوجد بلوك منتج ملاصق لبلوك غير تجاري تم اقفاله وبلوك بحجم 30 تريليون قدم مكعب يجاوره بلوك يحتوي على 2 تريليون قدم مكعب، فبالتالي اذا لم توفق شركات التحالف في الوصول الى استكشاف تجاري في بلوك 4 يجب المسارعة الى تلزيمه لمجموعة اخرى مثلما حصل مع توتال في حقل “زُهُر” المصري حيث خرجت منه بسبب عدم وصولها لأي استكشاف وكان نصيب الاستكشاف بعد اعادة تلزيمه لشركة ايني الايطالية وكان الحقل الاكبر في البحر المتوسط، وبالتالي عملية استكشاف الغاز هي المرحلة المهمة في عالم النفط والغاز وتحتاج الى مهارات فنية عالية من قبل الفنيين بالتعاطي مع الجيولوجيا وتحليل البيانات.

وبالنسبة الى البلوك 4 النتائج الاولية مبشّرة اذ تفيد عن وجود غاز في مستويات متعددة من الحفر بالاضافة الى العناصر الاساسية لوجود هيدروكربون ونحن بانتظار التقرير النهائي من شركة “توتال” لتحليل البيانات والعينات الذي تأخر 7 أشهر بدل ان يصدر خلال 60 يوماً وهي الفترة المطلوبة لنشر النتائج !

وفور إعلان النتيجة وخصوصا اذا كانت مبشّرة سيدفع التحالف الى الانطلاق نحو حفر البئر الاختياري غير الالزامي والتوجه الى التفتيش عن المكمن المنتظر وخصوصاً ان طبقة الصخور التي بلغت 1000 متر في البلوك رقم 4 كانت غنية بالهيدروكربون وهذا ما يدعوني الى التفاؤل بأنه يوجد كمية تجارية مهمة، ومن جهة اخرى سيعزز وضع الدولة اللبنانية في قوة التفاوض على البلوكات الثمانية بالاضافة الى انه سيفتح شهية الشركات البترولية العالمية للدخول بقوة في دورة التراخيص الثانية وخصوصا الشركات الاميركية التي سنشهد تواجداً لها قوياً في الفترة القادمة.

البلوك 9: كمّيات كبيرة

وحول البئر الموجودة في البلوك 9 والتي يقال إنها تحوي كميات كبيرة من الغاز لقربها من حقل غاز زُهُر المصري الذي يضم كميات كبيرة من الغاز، يوضح جواد أننا “بانتظار العمل على البلوك رقم 9 في اسرع وقت من دون اي تأخير وخصوصاً ان العمل في بلوك رقم 4 قد توقف وبالنسبة الى رقم 9 فمؤشراته اعلى في النجاح بوجود كمية مبشرة نظراً لقربه من حقل “كاريش” الاسرائيلي والذي حفر وظهرت نتائجه الجيولوجية ودخل مرحلة الاستخراج كما ان البلوك رقم 9 قريب جداً من عدد كبير من البلوكات المصرية والاسرائيلية الغنية بالغاز مثل تامار ليقياثان افروديت وزُهر والتي استكشفت فيها كميات تجارية وصلت الى 30 تريليون قدم مكعب وليقاثيان 18 تريليوناً”.

وفي حال العثور على الغاز والنفط ماذا سيتغير في لبنان حالياً ولاحقاً علماً أن الفوائد المادية سيلمسها لبنان بعد 7 او 10 سنوات وفق أقلّ تقدير. اذا كانت البلاد لا تزال قائمة؟

تقدّر ثروة لبنان بنحو 30 تريليون قدم مكعب و850 مليون برميل من النفط، “قيمة احتياطيات الغاز في لبنان تتراوح بين 80 و 140 مليار دولار، وإحتياطيات النفط نحو 90 مليار دولار للفترة الممتدة بين عامي 2020 و2039. وبناءً على الاتفاقية فإن الدولة ستحصل على ما يقدر بنحو 56% إلى 71% من إيرادات الرقعة البحرية رقم أربعة، و55 إلى 63% من الرقعة رقم تسعة، ومن المعلوم أن 20 تريليون قدم مربّعة فقط كفيلة بتوفير الطاقة على مدار الـ 24 ساعة يومياً لمدة عشرين سنة، بحسب هيئة إدارة قطاع النفط في لبنان وهذه أهمية اكتشاف الغاز على سواحل لبنان”.

وبالتأكيد اذا لم يواكب الاكتشافات مرحلة مواكبة لها وهي تطوير صناعة البتروكيماويات التي تعتبر مستقبل الصناعات النفطية في العالم والتي تســعى جميع الدول النفطيــة لتطويرها واذا لم نطور الاقتصاد الانتاجي قبل بدء العائدات البترولية يرى جواد أن “هذه الصناعة ستنضمّ للاقتصاد الريعي ولا اعتقد ان تحقيق العوائد سيستغرق 7 سنوات اذا وجدت الارادة السياسية للتسريع في اخذ القرارات والاجراءات”.

سيستغرق انتاج النفط فترة تتراوح بين 3 و 5 سنوات وخصوصاً اننا بلد غير نفطي ولا نملك البنية التحتية والكفاءات المطلوبة مثل دول الخليج القادرة على الاستفادة من اي اكتشاف نفطي جديد بربع المرحلة الزمنية، لذلك من الضروري الإسراع في بدء الحفر في بقية البلوكات بعد التلزيمات المطلوبة والتي كنا منتظرين الدورة الثانية اوائل 2020، إذ إن الاسرائيليين بدأوا الحفر في حقل “كاريش” الذي يبعد حوالى 7 كلم عن البلوك رقم 9 وبالتالي يقفون على حوض خزان واحد ما يستوجب الضغط لايقاف العمل في حقل “كاريش” لحين الوصول الى تفاهم دولي على الكميات المسموح سحبها من قبل كل من الدولتين ما يحمي حقوق الشعب اللبناني في ثروته النفطية”.

بدء الحفر ضروري لإيقاف عمل “كاريش”

ايفا ابي حيدر