اتخذت منطقة اليورو عدة خطوات تجاه مركزية التنظيم والإشراف المصرفي، لكن هناك القليل من الدلائل على أن المقرضين مهتمون بالسعي إلى الاندماج خارج الحدود.
تُظهر صفقتان حديثتان – اقتُرحت إحداهما في إسبانيا والأخرى في إيطاليا – أنه على الرغم من كل النوايا الحسنة، فإن «الاتحاد المصرفي» الأوروبي لا يزال غير مكتمل.
سيكون البنك المركزي الأوروبي، الذي يعد أكبر مشرف في منطقة اليورو، راضياً عن عمليات الدمج المحلية في الوقت الحالي، حيث لا يزال بإمكانها المساعدة على تقليل السعة الزائدة في صناعة مكتظة. لكن يتعين على السياسيين والمنظمين مضاعفة الجهود لمواءمة القواعد في الاتحاد النقدي، بحيث يكون لدى المصرفيين مزيد من الأسباب للنظر إلى خارج الحدود، حيث تحتاج منطقة اليورو إلى مزيد من عمليات الاندماج الخارجي، ليس فقط لإظهار الوحدة، بل كخطوة أساسية لتعزيز الاستقرار المالي.
ومع ذلك، لا تزال الاندماجات المحلية هي اللعبة الوحيدة في المدينة. فقبل أسبوعين، ذكر بنكا «سايكس بانك»، و«بنكيا إس إيه» أنهما يدرسان صفقة شاملة لجميع الأسهم من شأنها إنشاء أكبر بنك محلي في إسبانيا. جاء هذا الإعلان بعد أسابيع فقط من استحواذ مجموعة «أنتيسيا سنابولا أسبا» البنكية على منافستها «أوبي بانكا أسبا» لتصبح أكبر مقرض في إيطاليا من حيث الأصول.
لا شك في أن المجموعات الأكثر وضوحاً، خصوصاً في أوقات الأزمات، هي تلك التي لا تقع بعيداً عن الوطن. فأسهل مبرر لدمج البنوك هو أن تخفيض التكاليف وشبكات الفروع الزائدة على الحاجة يمكن أن يؤدي إلى وفورات كبيرة.
ومع ذلك، فإن عمليات الدمج عبر الحدود توفر فرصاً ممتازة لتنويع الإيرادات. قد يكون ذلك أقل وضوحاً خلال فترة الركود الأوروبي، لكنه مفيد بشكل خاص عندما تضرب صدمة اقتصادية إحدى الأسواق أكثر من غيرها.
البنك المركزي الأوروبي لا يفضل عمليات الاندماج المحلية على تلك التي تجري عبر الحدود. فالدمج الوطني يمكن أن يساعد في زيادة الاستقرار المالي للدولة عندما يؤدي إلى زيادة الربحية أو الجمع بين بنك أقوى ومنافس أكثر اهتزازاً. من الناحية النظرية، فإن السماح للبنوك الضعيفة بالخروج من السوق بطريقة منظمة يمكن أن يقلل أيضاً من نقاط الضعف التنظيمية، لكن أوروبا أثبتت بعناد أنها غير قادرة على ترك المقرضين يفشلون. فغالباً ما يكون الاندماج هو البديل الواقعي الوحيد.
لكن الصفقات التي تتجاوز الحدود الجغرافية توفر مكاسب إضافية للمشرفين؛ فقبل كل شيء، يمكنها تخفيف الروابط الخطيرة بين البنك ودولته الأم. وهذا يعني أنه عندما يكون بلد ما في مأزق، فإن المقرض سيعاني بدرجة أقل، وعندما يكون البنك في وضع سيئ، تنتشر الصعوبات في مختلف الاقتصادات. يمكن أن يكون هذا الانتشار مفيداً بشكل خاص في منطقة اليورو، لأن العملة المشتركة والسياسة النقدية تعني أن الحكومات الفردية لديها أدوات أقل لمعالجة الأزمات المعزولة.
لم يخجل البنك المركزي الأوروبي من تأكيد مزايا عمليات الاندماج خارج الحدود، ومع ذلك فإنها لا تزال بعيدة المنال. تخشى البنوك ألا تتحقق مكاسب الكفاءة نظراً لصعوبة العمل في بلدان مختلفة بها حواجز لغوية وثقافية. وقد يفضل المشرفون الوطنيون أيضاً تطويق أسواقهم المحلية حتى لا يشعروا بقلق بشأن إنقاذ الشركات الأجنبية التابعة. فمعظم الساسة يبغضون أن تستولي جهة خارجية على بنك محلي لأنهم يخشون فقدان التأثير في إحدى رافعات الاقتصاد الرئيسية.
في يوليو (تموز)، شرع البنك المركزي الأوروبي في الدخول في مشاورات عامة لتوضيح نهجه بشأن الاندماجات، حيث يسعى البنك إلى طمأنة المقرضين بشأن المطالب الرقابية لرأس المال الجديد التي يعتقد المصرفيون أنها مرتفعة للغاية وغير مؤكدة، ومن ثم فقد شكلت عقبة مهمة أمام عمليات الاندماج عبر الحدود.
يتعين على الساسة القيام بدورهم أيضاً؛ مثلاً من خلال تكثيف الجهود لإنشاء نظام ضمان وديعة موحد عبر الاتحاد النقدي، وهو ما سيؤدي إلى طمأنة المشرفين الوطنيين بوجود شبكة أمان أوروبية أوسع في حالة تعرض أي بنك لمشكلات خطيرة. وقد دعا أولاف شولتز، وزير المالية الألماني، إلى ذلك في مقال نُشر عام 2019 في صحيفة «فايننشيال تايمز» البريطانية، لكن، وكما كنت أخشى ذلك الوقت، لم يحرز سوى تقدم محدود منذ ذلك الحين.
دفع الوباء القادة الأوروبيين إلى كسر المحظورات، إذ يمكننا أن ندرس مثلاً فكرة إنشاء صندوق مشترك للإنعاش لدعم البلدان التي تمر بأزمات. ويمكن للمقرضين في أوروبا أن يفعلوا ذلك بنفس الروح.
فرديناندو جوليانو