الذهب في تراجع بداية الاسبوع وبانتظار مواعيد مهمة

ينصب التركيز هذا الأسبوع على العديد من الخطب التي سيلقيها ممثلو  الفيدرالي ، وعلى رأسهم رئيس المجلس جيروم باول ، الذي يأمل المستثمرون الحصول منه على مزيد من القرائن حول السياسة النقدية للفيدرالي في وباء كورونا.

اليوم الاثنين سيكون السوق على موعد مع كلمة لرئيس الفدرالي في ال 16:00 جمت. وسيمثل باول لاحقا  أمام اللجنة المالية في مجلس النواب يوم الاربعاء. وتأتي جلسة الاستماع أمام لجنة البنوك بمجلس الشيوخ يوم الخميس.
بدأ الذهب أسبوع التداول الجديد ضعيفًا في بيئة من المعنويات المظلمة والخسائر في أسواق الأسهم الدولية بالإضافة إلى الدولار الأمريكي القوي على نطاق واسع. حتى الآن ، كان تداول المعدن الثمين منخفضًا عند 1937.30 دولارًا للأونصة.

يفترض مراقبو السوق أن باول سوف ينتهز الفرصة للمطالبة بمزيد من المساعدة المالية من السياسيين. وخطب أعضاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي تشارلز إيفانز ، ورفائيل بوستيك ، ولايل برينارد ، وجيمس بولارد ، وماري دالي ، وجون ويليامز مدرجة أيضًا على جدول الأعمال هذا الأسبوع.

اكتسب الذهب بالفعل حوالي 28 في المائة هذا العام في أعقاب وباء كورونا والسياسة النقدية المتساهلة للغاية للبنوك المركزية بالإضافة إلى إجراءات تحفيز السياسة المالية الشاملة. في حوالي الساعة 08:40 صباحًا بتوقيت جمت ، انخفض الذهب بنسبة 0.59٪ إلى 1938.28 دولارًا للأونصة.

البنية التحتية والقطاع الخاص

في عالمنا المتطور اليوم، يفتقد أكثر من 800 مليون نسمة إلى الكهرباء، ويعيش أكثر من ملياري إنسان دون ضمان للحصول على مياه صالحة للشرب، وتنقطع آلاف القرى حول العالم عما حولها من المدن بسبب عدم وجود طرق مهيأة للسفر والمواصلات. هذه الأرقام وغيرها الكثير، توضح الحاجة إلى التفاتة جادة إلى وضع البنى التحتية حول العالم، ورغم أن موضوع البنى التحتية يناقش باستمرار بين قادة العالم سواء على مستوى مجموعات الدول السبع أو العشرين، إلا أن الأرقام توضح أن نمو مشاريع البنى التحتية لم يتحسن. بل على العكس، فالأرقام تشير إلى أن العجز في ميزانيات البنى التحتية قد يزيد على 15 تريليون دولار بحلول عام 2040. أكثر من نصف هذا العجز يصب في مشاريع الطرق، ويتوزع باقي العجز بين مشاريع مياه الشرب والطاقة والاتصالات وسكك الحديد. وبالنظر إلى هذا العجز وعدم قدرة الحكومات العالمية على مجاراة الطلب للبنية التحتية، يبرزان فكرة الشراكات بين الحكومات والقطاع الخاص للاستثمار في البنية التحتية.
حيث يشكل القطاع الخاص حلا مناسبا لعدم قدرة الحكومات لتنفيذ مشاريع البنى التحتية من عدة جوانب، منها قدرة الخاص على إدارة المشاريع بشكل فعال يقلل من حجم الهدر الذي عادة ما يرتبط بتنفيذ الحكومات لهذه المشاريع. كذلك القطاع الخاص أكثر قدرة على إدارة العمليات اليومية من الحكومات. كما أن هذا الشركات الخاصة أكثر قدرة على تنفيذ المشاريع بتقنيات أعلى من الجهات الحكومية بحكم اطلاعها المستمر على السوق.
إلا أن هذا النوع من المشاريع يتطلب جهدا مختلفا من الحكومات، فتحديد موارد المشروع ومخاطره والمسؤوليات المرتبطة فيه وكذلك الحوافز المترتبة عليه هو الدور الرئيسي للحكومات. ولعل أحد أكبر أسباب إحجام القطاع الخاص عن مشاريع البنى التحتية هو تحمله الكامل للمخاطر، فكثير من الحكومات تلقي بكامل المسؤولية على القطاع الخاص محملة إياه مخاطر قد تضعف الجدوى الاقتصادية لهذه المشاريع. كما أن عدم ضمان الحكومة لهذه المشاريع يزيد من تكلفتها على القطاع الخاص، والمعلوم أن تكلفة تمويل مشاريع البنية التحتية عادة ما تكون مرتفعة بسبب طول أمد تنفيذ هذه المشاريع، وطول أجل مردودها الاقتصادي، إلا أن تنفيذ الحكومات لهذه المشاريع عادة ما يخفض من تكلفة هذا التمويل بسبب انخفاض معدل الخطر للقروض الحكومية. أما في حال أصبحت شركات القطاع الخاص هي المنفذة، فإن نسبة الخطر ترتفع بشكل حاد رافعة معها تكلفة التمويل. وعلى ذلك فإن الضمان الحكومي لهذه المشاريع في غاية الأهمية لزيادة الجدوى الاقتصادية لهذه المشاريع.
ولذلك فإن أكثر تجهيز مشاريع البنى التحتية لتكون جاهزة للاستثمار من قبل القطاع الخاص، هو أحد أكبر العوائق الحالية لمشاريع البنى التحتية. فالقطاع الخاص – وإن رغب في الاستثمار في مشاريع طويلة المدى – إلا أنه يريد التأكد من حسن تخطيط هذه المشاريع والتأكد من توزيع المسؤوليات والحوافز والمخاطر بشكل عادل قبل البدء فيها. والواضح أن الكثير من شركات القطاع الخاص لا تنظر إلى البنى التحتية كمشاريع مربحة، فنسبة استثمار هذا القطاع تتراوح بين 2 في المائة و3 في المائة في الوقت الحالي وهي أقل من 0.1 في المائة من حجم الاقتصاد العالمي.
إن استثمار الشركات في البنية التحتية قد يكون الحل الأمثل للطلب العالمي المتزايد في البنى التحتية، ولا يبدو أن الحكومات قادرة على تلبية هذا الطلب دون الاستعانة بالقطاع الخاص. وليس الأمر متعلقا بنقص الميزانيات الحكومية لتنفيذ هذه المشاريع فحسب، بل إن هذه المشاريع تشكل فرصا حقيقية للقطاع الخاص للاستثمار فيها، والنماذج الناجحة لهذه الاستثمارات كثيرة، فالكثير من الشركات نفذت مشاريع مربحة مشابهة، ومن هذه النماذج تشغيل الطرق بعد تنفيذها لمدد طويلة، أو استثمار الأراضي التي تمر بها هذه الطرق. كما تشكل هذه المشاريع إضافة إلى القطاع الخاص بجعله شريكا استراتيجيا للحكومة، معطية إياه الفرصة للعمل في مساحة استثمارية جديدة، بعيدة عن الاستثمارات التقليدية ذات التنافسية الشديدة.

د. عبدالله الردادي.

هل تُنقِذ البورصة أموال المودعين؟

يومها كنت أشغل منصب رئيس بورصة بيروت، وعملت جاهداً على إقناع المسؤولين بأنّ البورصة لا يمكن لها أن تعيش على الفتات الذي يسقط من مائدة المصارف. فسياسة الفوائد المرتفعة والإحجام عن الخصخصة وتداول سندات الخزينة خارج البورصة، وتوجيه الشركات للاستدانة من القطاع المصرفي حصراً دون تكوين رأسمالها عبر اكتتابات تُطرَحُ في البورصة، كانت تحول دون تأمين إطار الأمان. عوضاً عن ذلك، كان الإصرار على النفخ في إطار المصارف حتى إنتفخ الإطار وانفجر.

كثر الكلام عن مشاريع الخصخصة ما بين العامين 2000 و2004، فتمّ وضع عددٍ من التشريعات المتعلقة بها، وكان الإهمال لدور البورصة جلياً. ولما اعترضتُ كرئيس لبورصة بيروت في ذلك الحين، مستنداً الى دراسات ناقشها الاتحاد العالمي للبورصات، عن دور الخصخصة في النهوض بكبرى بورصات العالم، وتعميم ثقافة الاستثمار على المواطنين، جوبهت بجواب فحواه: «لو أعطينا لشركة ما حصرية الإستثمار في كهرباء لبنان من خارج البورصة لحصَّلنا ثمناً اعلى مما لو طرحناها في بورصة بيروت». علماً أنّ اقتراحي كان بأن يشارك الشعب اللبناني بـ 49% من خصخصة كهرباء لبنان عبر بورصة بيروت، فيما تؤول الإدارة ونسبة 51% الى شريكٍ استراتيجي أجنبي.

طبعاً لم يؤخذ بإقتراحي في حينه، لتبقى أموال الشعب نائمة في المصارف تغذّي الدين العام، وليتصارع السياسيون على حصص الخصخصة، فتطوى صفحتها ونصل الى ما وصلنا اليه من خسائر.

واذكر أيضاً، انّ المصارف كانت تُثني الشركات عن الإدراج في البورصة، مقترحة عليها التسليفات بدلاً من اللجوء إلى البورصة. لقد عملت جاهداً في احدى المرات على إقناع كبير المساهمين في شركة لبنانية ذات امتدادات اقليمية، بإدراج شركته في البورصة، وكان في صدد تقديم طلب الإدراج، حتى أتاه أحد المصرفيين ليثنيه قائلاً: «لماذا الإدراج في البورصة، أنا أؤمّن لك التمويل اللازم عبر المصرف، فلا حاجة بك للإدراج».

أما سندات الخزينة، فقد عانينا الأمرّين حتى تمّ إدراجها في بورصة بيروت؛ الّا أنّ المصارف أصرّت على التداول بها حصرياً في ما بينها.

وأروي الحادثة التالية: في أحد الأيام فوجئت بأمر بيع لعدد من سندات الخزينة ظَهَرَ على شاشة التداول أمامي، واعتقدت للحظات أنّ المصارف اقتنعت بأنّ التداول بسندات الخزينة على الملأ وبالشفافية التي تؤمّنها البورصة هو الخيار الصائب. وكم خاب ظني عندما تمّ سحب أمر التداول بعد دقائق قليلة، ليفيدني صاحب أمر البيع بأنّ احد المصارف الناشطة في مجال سندات الخزينة عرض عليه شراء سنداته بأي سعر يقترحه دون قيد، ولكن بشرط واحد، وهو سحب أمر البيع عن شاشة البورصة، منعاً لكشف هامش التسعير الواسع التي كانت تستفيد منه المصارف.

وها انّ المودعين يتهافتون اليوم على شراء أسهم شركة واحدة غير مصرفية مدرجة في البورصة للهروب من القطاع المصرفي، رغم مخاطر الاستثمار في الأسهم. نعم أصبحت شركة «سوليدير» ملاذاً للمودعين الذين يتهافتون على أسهمها اليوم، كقارب نجاة بعد غرق «تيتانيك» المصارف. ولكن، وإن كانت القيمة السوقية لشركة «سوليدير» تقارب المليارين وخمسماية مليون دولار، إلّا أنّها تتوزع على أسهم معظمها مملوكة من مجموعات كبيرة متمسكة بها، ما يجعل عدد الأسهم المتاحة للتداول قليلاً جداً.

فما هي حسنات ومخاطر الاستثمار في أسهم شركة «سوليدير»:

الحسنات:

– قامت شركة «سوليدير» أخيرا ببيع عقارات مكّنتها من تسديد الجزء الأكبر من ديونها.

– إعادة هيكلة الإدارة والتقشف في المصاريف، لعبا دوراً ايجابياً في تحسين الوضعية المالية للشركة.

– المساهمون الجدد لم يدخلوا أخيراً ليتخارجوا من مساهماتهم بفترة وجيزة أو أقله قبل تحقيق أرباح كبيرة على سعر أسهمهم.

– الاستثمار في أسهم الشركات المدرجة في البورصة مفتوح لرؤوس الأموال مهما صغر حجمها.

– امكانية تسييل الأسهم شبه فورية لصغار المساهمين. كما أنّها يمكن أن تكون جزئية بحسب الحاجة إلى السيولة.

– مع منع التحاويل إلى الخارج انتفت إمكانية شراء أسهم الشركات العالمية وانحصرت ببورصة بيروت.

– التحليلان الأساسي والفني يعطيان مؤشرات إيجابية تجاه الشركة.

– تمسّك حاملي الأسهم بها، لأنّ أي تسييل لمساهماتهم يعني عودة مدخراتهم إلى آتون الحسابات المصرفية من جديد.

السيئات:

– إنّ أداء الأسهم العقارية يبقى مرهوناً بنجاح أو فشل إدارة الشركة، فيما امتلاك عقار بطريقة مباشرة يجعلك سيداً وحيداً على استثمارك.

– امكانية التلاعب بسعر السهم من قِبل كبار المضاربين تبقى احتمالاً وارداً.

– إنّ الإداء السابق للشركة ما زال عالقاً في ذهن اللبنانيين.

– الجدل السياسي حول الشركة يبقى عائقاً امامها، كما انّ موقعها في صلب التظاهرات له سلبيات جمَّة.

وبناءً على ما سبق اطرح الأسئلة التالية؟

– كانت «سوليدير» سابقاً الشركة الأكثر تأثراً بالأحداث الأمنية والسياسية، أما الآن فنرى سعر السهم يرتفع في اليوم نفسه الذي تُحرق فيه المحال التجارية في وسط بيروت وينفجر المرفأ. هل لأنّ سهم «سوليدير» أصبح أكثر ارتباطاً بارتفاع سعر الدولار منه بالأحداث؟

– هل سيتعامل حاملو أسهم «سوليدير» مستقبلاً مع طالبي الشراء كمالكي العقارات حالياً، فيحتسبون سعر السهم بحسب سعر الدولار في السوق السوداء؟

– هل من باب الصدفة أنّه بعد استنفاد كافة الحلول تصدر التعاميم حول مساهمة المودعين بأسهم المصارف عبر البورصة، أو تطالب المصارف بخلق صندوق يجمع ممتلكات الدولة، تُطرح أسهمه في البورصة؟

– صدر قانون الاسواق المالية في العام 2011 بعد مخاض دام 14 عاماً واقرَّ خصخصة بورصة بيروت خلال عام من صدوره، ثم عدنا وانتظرنا حتى العام 2017 لاصدار المرسوم المتعلق بخصخصتها. أو تعلمون أنّ خصخصة بورصة بيروت ما زالت عالقة تنتظر تعيين عضوين مؤقتين لمهمة مدّتها لا تتعدّى السنة الواحدة؟ لماذا؟

– هل كان علينا انتظار خراب البصرة لنتذكر إطار الأمان الذي تحدث عنه بيل وليامس؟

التجربة المصرية بين عامي 2016 و2018 تخبرنا بأنّ الارتفاع الحاد في سعر الدولار مقابل الجنيه المصري وفقدانه من الأسواق، ترافق مع ارتفاع حاد مماثل بمؤشر البورصة المصرية. وهنا أرى الأزمة المالية في لبنان تطل علينا لتقول: البورصة والعقار من أمامكم والمصارف من ورائكم، فتمسكوا بإطار الأمان ولو متأخّرين.

د. فادي خلف.