السترليني مقابل الدولار كوّن مُرتكزا ثلاثيا مهماً على الرسم البياني الشهري يستحق الاهتمام..!

كُتب الكثير عن الجنيه الإسترليني في أعقاب استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على مدى السنوات الأربع الماضية. الآن وقد تم إجراء استفتاء الخروج أخيرًا، فقد حان الوقت لإلقاء نظرة على زوج الجنيه الاسترليني مقابل الدولار الأميركي.

في غضون ذلك ، منذ استفتاء الخروج  ، ضرب وباء كورونا العالم. ومع ذلك ، فإن الحدثين حتى الآن ليس لهما أهمية كبيرة بالمقارنة مع انخفاض الجنيه الاسترليني مقابل الدولار الأميركي خلال الأزمة المالية الكبرى في 2008-2009.
مستوى 1.40 – 1.45 هو المجال الرئيسي للجنيه الاسترليني مقابل الدولار الأميركي. عندما تنظر إلى الرسم البياني الشهري وتفسره ، فيبدو لك ان خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أو موجة الوباء ليس مهما حقًا في المخطط الكبير للأشياء. ما يُظهر الرسم البياني ، كانت هناك أوقات أخرى غطى فيها الزوج مساحة أكبر وتحرك فيها.

يبدو أن الجنيه الاسترليني مقابل الدولار الأميركي ، قد شكل قاعًا ثلاثيًا على الرسم البياني الشهري. أعقب الانخفاض الأخير ، الناجم عن الانخفاض في مارس 2020 خلال الوباء ، انتعاش قوي – انتعاش لا يزال مستمراً حتى الان. وبالتالي ، تصبح منطقة 1.40-1.45 مفتاحا مهما جدا على المدى المتوسط ​​إلى الطويل.
هذه المنطقة ضرورية لأنها شكلت دعماً مهماً خلال الأزمة المالية الكبرى ، ثم مقاومة قوية خلال الانتعاش الأول بعد الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
عندما يتعلق الأمر بمستويات الدعم والمقاومة ، فكلما زادت قوة السعر لإعادة اختبارها ، كلما ضعف الدعم أو المقاومة واصبح الكسر محتملا اكثر فاكثر… لذلك ، في محاولة أخرى في هذه المنطقة ، قد يكمل الجنيه الاسترليني مقابل الدولار الأميركي القاع الثلاثي ، وسيكون الاهتمام على الحركة المقاسة لنمط الانعكاس. يتم حساب الحركة المقاسة عن طريق قياس المسافة بين القاع الثلاثي ومنطقة المقاومة من نقطة الانكسار. الهدف يكون بهذه الحالة هو 1.65 وسيفكر التجار في هذا الهدف إذا وصل الزوج إلى 1.45.
اعتبارًا من يناير 2021 ، أصبحت المملكة المتحدة خارج الاتحاد الاوروبي. يفتح فصل جديد ولا أحد يعرف ما إذا كان الخروج سيكون نجاحًا اقتصاديًا للمملكة  أم لا. للوهلة الأولى ، يبدو أن المملكة المتحدة لديها الكثير لتخسره من “الطلاق”. في الوقت نفسه ، يبدو هذا الوضع الجديد جذابًا للمستثمرين حول العالم الذين يرغبون في الرهان على بقاء وانتعاش أحد أكثر الاقتصادات تطوراً في العالم.

هل كان 2020 عاماً سيئاً لصناعة النفط؟

لو أن هناك عاماً بحاجة إلى أن يتبع المرء إزاءه توجه «نصف الكوب المليء»، فإنه بالتأكيد 2020 – هكذا أخبرني مسؤول تنفيذي بمجال النفط خلال محادثة دارت بيننا في وقت قريب. وبطبيعة الحال، تطرق الحديث إلى الوباء وصناعة النفط. وأعرب المسؤول عن اعتقاده بأنه رغم الارتباك الذي أحدثه الوباء، فإننا مع ذلك استهلكنا 90 مليون برميل يومياً – فكيف إذن نعت ذلك بأسوأ تراجع في الطلب على النفط على الإطلاق؟
وأبدى المسؤول أسباباً وجيهة تدعوه للتفاؤل، على رأسها أنه في أعقاب الانهيار المفاجئ الذي وقع في الربيع، ينهي النفط العام بنشاط متجدد. وعاود خام «برنت» لما يزيد على 50 دولاراً للبرميل، بجانب نجاح أسهم الطاقة، التي عانت من انكماش شديد جعلها أصغر القطاعات في مؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، في تسلق طريقها من جديد نحو الأعلى.
من جانبها، تقدر منظمة «أوبك» أن متوسط الطلب بلغ ما يقل قليلاً عن 90 مليون برميل يومياً هذا العام، بانخفاض قدره 9.8 مليون برميل يومياً عن 2019. على الجانب الآخر، بالنظر إلى أن متوسط السعر يبلغ 42 دولاراً، فإن هذا يعني عائداً اسمياً بقيمة 1.4 تريليون دولار فقط لقطاع المنبع فقط. بالتأكيد هذا ليس أداءً سيئاً لعام ضرب العالم خلاله وباء. ونظراً لأن هذا التراجع تسببت فيه حالة الإغلاق، تحمل الغازولين ووقود الطائرات العبء الأكبر.
وكانت هذه تحديداً وجهة المسؤول التنفيذي الذي تحدثت إليه، وهي أن 10 في المائة من الطلب على الوقود تتعلق بصورة أساسية بالسفر جواً لرؤية أفراد الأسرة وقيادة السيارة إلى المتجر أكثر عن الضروري. إلا أن الـ90 في المائة المتبقية مرتبطة باحتياجات ضرورية لا يمكن لشيء إيقافها – بمعنى انتقالات لا يمكنك تجنبها وصناعات بلاستيكية وما إلى غير ذلك. وعندما يجري احتواء فيروس «كوفيد – 19»، ستعاود الـ10 في المائة الإضافية للظهور بقوة.
وأعتقد أن هذه الصيغة القائمة على 10/90 تبدو مفيدة في النظر إلى ما تحمله لنا الفترة المقبلة.
ويمكنك النظر إلى الـ10 في المائة باعتبارها تجارة قصيرة الأجل. والمؤكد أن الطلب سيقفز من جديد العام المقبل، لكن ليس على نحو كامل، ذلك أن «أوبك» تتوقع عودة 60 في المائة فقط من الطلب المفقود خلال عام 2020 في عام 2021. ويعني ذلك 5.9 مليون برميل يومياً. ومع استمرار مجموعة «أوبك+» حجب براميل خارج السوق وتراجع الاستثمار في الإمدادات الجديدة على نحو بالغ، تبدو الساحة مهيأة لارتفاع الأسعار.
في تلك الأثناء، فإن استمرار سياسات التيسير النقدي والمحفزات المالية (المتوقعة) من شأنها تأجيج التضخم. ومن شأن ذلك دفع المال نحو المواد الخام – جدير بالذكر هنا أن «مؤشر بلومبرغ للسلع» وصل لتوه إلى أعلى مستوى له منذ ست سنوات.
وينبغي الانتباه هنا إلى أنه في الوقت الذي يبدو فيه التعافي في الطلب على النفط حقيقياً، فإنه يبقى بمثابة هدف متحرك داخل سوق عادة ما تشهد كثيراً من التقلبات. وفي الوقت الذي ارتفعت فيه العقود الآجلة للنفط الخام، تظل المؤشرات المادية مثل هوامش التكرير منخفضة في هذا الوقت من العام. فيما يتعلق بإمدادات النفط الخام، تتعرض «أوبك+» لضغوط متزايدة، وهو أمر لا يثير الدهشة: فبعد أربع سنوات من ظهورها لأول مرة، ظل سعر النفط كما هو دونما تغيير، وينتج الأعضاء أعداداً أقل من البراميل.
فيما يتعلق بالتضخم، فإننا جميعاً نعلم أن الماء السهل يطلق العنان في مرحلة ما للبعبع القديم: التضخم. إلا أن التساؤل الذي لا يزال قائماً: هل سنصل إلى هذه النقطة في أعقاب الوباء مباشرة، خصوصاً بالنسبة لسوق النفط، حيث تصل الطاقة الفائضة إلى 8 ملايين برميل في اليوم؟ في الواقع، من المحتمل أن يسبب التحفيز المالي موجة من التضخم، لكن الانهيار التشريعي لمشروع قانون المساعدات الأخير لا يعزز الثقة فيما هو آتٍ.
هنا، تبدو سياسة أن تعمل الشركات على معاونة نفسها بنفسها أكثر منطقية ورشداً، وإن كانت لا تزال قيد التجربة. ولا يعني ما سبق أن نسبة الـ10 في المائة محكوم عليها بالفشل، وإنما المقصود أن الامر قد ينطوي على صعوبات وتقلبات أكبر عن الزيادة التي شهدها الشهر الماضي. على أي حال، فإنَّ جزء الـ90 في المائة من وجهة النظر العالمية هو ما ينطوي على الأهمية الحقيقية، وهو يتعلق بالاستثمار والشراء والاحتفاظ بدلاً عن التجارة قصيرة الأجل. ويعتمد هذا الجزء على حقيقة أساسية: أن النفط متأصل بعمق في مجتمعنا وسلوكنا اليومي.
تجدر الإشارة هنا إلى أنه خلال الصيف، فوجئت بمدى السرعة التي تحولت بها الطرق في منطقتي من فارغة بشكل مخيف، إلى شيء يقترب من الحالة الطبيعية قبل جائحة فيروس «كوفيد – 19».
في المقابل، يرى البعض أن رقم 90 مليون برميل يومياً لا يكشف حقيقة الضرر الفعلي الذي ألحقه فيروس «كوفيد – 19» بالقطاع النفطي. جدير بالذكر هنا أنه في أبريل (نيسان)، عندما كانت الشوارع فارغة في الوقت الذي تعج فيه أجنحة المستشفيات بالحركة بمختلف المدن في أرجاء العالم، انخفض الطلب بأكثر عن 20 مليون برميل يومياً.
في الواقع، إن أسلوب إنفاق الدولارات التحفيزية خلال عام 2021 أمر بالغ الأهمية، ليس فقط فيما يتعلق بتجارة النفط على المدى القصير، وإنما كذلك لمستقبل الـ90 مليون برميل يومياً سالفة الذكر.
وربما يأمل البعض من كبار المعنيين بسوق النفط في أن يحرز الجمهوريون انتصارات انتخابية في جورجيا في الخامس من يناير (كانون الثاني)، وذلك سعياً لإحباط الأهداف المرتبطة بحماية البيئة في أجندة الرئيس المنتخب جو بايدن. ومع هذا، فإنه يتعين على هؤلاء الانتباه لحقيقة أن وجود مجلس شيوخ منقسم على ذاته سيضر بجهود تحقيق انتعاش اقتصادي.
والأهم من ذلك السياق العام ذاته، ذلك أننا اليوم نمر بثاني أزمة منذ ما يقرب من عقد من الزمان التي عززت دور الحكومة كجهة فاعلة اقتصادياً – ويحمل هذا تداعيات فيما يخص إلى أي مدى سترسم الأسواق ملامح السياسة الوطنية تجاه المناخ. وتكمن النقطة الأساسية هنا ليس في أن «الاتفاق الأخضر الجديد» لن يتم تفعيله، وإنما في مسألة طرحه من الأساس – فقد نجح ذلك في دفع النقاش العام الدائر بالبلاد نحو تصور تتدخل الحكومة في إطاره في الاقتصاد بدرجة أكبر. على هذه الجبهة، يمكن أن يكون انتصار بايدن الذي ينتمي إلى حد ما لتيار الوسط مفيداً لصناعة النفط.

ليام دانينغ

السوق عائم على بحر من الدولارات

لم يعد حجم الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية  المتواجد في السوق قادراً على خلق المزيد من الطلب الفعّال على الدولار في السوق السوداء، وبالتالي فإنّ سعر صرف الليرة سيحافظ على استقراره الحالي ولن يتأثر بالعوامل النفسية التي تتحكّم بها المراكز المالية البديلة العائمة على بحر من الدولارات.

مع توقّف المصارف بشكل كامل عن العمل نتيجة الاقفال العام الذي تم تمديده لغاية 8 شباط، شُلّت التحويلات المالية من الخارج عبر القطاع المصرفي وتوقف تدفّقها عبر تلك القناة، إلا انها ما زالت سارية عبر شركات تحويل الاموال ولو بأحجام أقل من المصارف وعبر المطار الذي يشكّل المنفذ الاكبر لدخول العملة الصعبة الى البلاد.

وفي غياب الاحصاءات والارقام الدقيقة الرسمية، ذكر المستشار الاقتصادي في صندوق النقد الدولي لأميركا اللاتينية، رند غياض، أن تحويلات المغتربين إلى لبنان بلغت في العام 2020 ما يقارب الـ 7 مليارات دولار مُتخطّية بذلك معدل السنوات الـ 15 الماضية البالغ 6.8 مليارات دولار، في حين سجلت التحويلات المالية الى لبنان عبر شركات تحويل الاموال ارتفاعاً الى 1.2 مليار دولار في 2020 مقارنة مع 1.1 مليار في 2019. وقد أكدت مصادر شركة OMT لـ«الجمهورية» انّ حوالى 150 ألف عائلة بالحد الادنى تستفيد شهرياً من التحويلات الواردة من الخارج نقداً وبالدولار الأميركي بمعدل 300 دولار أميركي لـ 60% من التحاويل الآتية من الخارج. وقد سجلت التحويلات عبر الشركة زيادة بنسبة 50% بعد انفجار مرفأ بيروت، وتحديداً خلال آب وأيلول 2020، بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام 2019، نتيجة تضامن المغتربين مع أهلهم وأقاربهم في لبنان.

ولكن مع توقّف محركات الانتاج في البلاد، وما يُفترض ان يؤدّي الى تراجع في الطلب على الدولار في السوق السوداء، لم يشهد سعر صرف الليرة اللبنانية تحسّناً لغاية اليوم وما زال مستقراً عند معدل 8800 و8900 ليرة مقابل الدولار. فلماذا لم تتخطّ الليرة بعد سقوفها القصوى في ظلّ أسوأ فترة يمكن ان تمرّ بها البلاد على كافة الاصعدة السياسية والاقتصادية والمالية والصحية؟

شرح الخبير الاقتصادي بيار الخوري ان لبنان يسير منذ أواخر العام 2019 في مسار انحداري اقتصادي شامل طويل الأجل، لا ينحصر فقط بسعر صرف العملة المحلية بل بالمؤشرات الاقتصادية كافة: الناتج المحلي الاجمالي، معدل التضخم ومعدل البطالة أي قدرة البلاد على إنتاج قيَم مضافة وخلق الوظائف بالاضافة الى قدرتها على ضبط مستوى الاسعار.

ورأى انه في ظل تدهور تلك المؤشرات الاقتصادية، فإنه «من المستغرب انّ سعر صرف الليرة مقابل الدولار في السوق السوداء ما زال محافظاً على استقراره نسبياً، وهو امر لا يمكن تفسيره بالتوازي مع اتجاه الأزمة الطويل الأمد».

وفي هذا الاطار، شدّد الخوري لـ»الجمهورية» على ضرورة التمييز بين الرغبة باقتناء الدولارات والقدرة الفعلية على اقتنائها، اي الطلب الفعّال الذي انعدم نسبياً اليوم في سوق بيروت نتيجة تراجع القيمة الفعلية لكتلة السيولة الساخنة بالليرة اللبنانية في السوق M0 الى ما دون الـ3 مليارات دولار، رغم الارتفاع الهائل في طباعة العملة، والذي حصل خلال العام الماضي وبداية العام الحالي، علماً انّ حجم تلك الكتلة يبلغ اليوم 27 تريليون ليرة، وكان ليوازي اكثر من 18 مليار دولار في حال تم احتسابه وفقاً لسعر الصرف السابق عند 1500 ليرة.

واوضح انّ سعر صرف الليرة مقابل الدولار الاميركي والعملات الاجنبية في بيروت يُفتَرض أن يكون محكوماً بعاملين اثنين:

– عامل حجم السيولة المتوفرة بالليرة اللبنانية لخلق الطلب على العملات الاجنبية.

– عامل الثقة

وشدّد الخوري على انّ الطلب الفعّال على الدولار غير قائم في السوق بسبب عدم توفّر السيولة النقدية بالليرة، مشيراً الى انّ الطلب على الدولار قائم فقط لدى منصّة مصرف لبنان التي تقوم بامتصاص السيولة بالليرة المتواجِدة في السوق.

في المقابل، ذكر الخوري انّ الطلب المضارب، الذي تتحكّم به المراكز المالية الكبيرة الموجودة في السوق، هو الذي يعمل على التلاعب بسعر الصرف صعوداً ونزولاً تَماشياً مع التطورات السياسية او الامنية او الاقتصادية، موضحاً انّ أي تدهور إضافي في سعر الصرف وصولاً الى سقف الـ10 آلاف ليرة، على سبيل المثال، سيتبعه ارتفاع في سعر صرف الليرة، لأنه سيكون ناتجاً عن عمليات مضاربة وليس عن عمليات تعكس القيمة الحقيقية للنقد الموجود في السوق، والمُستَخدم في جزء كبير منه للاستهلاك المحلي وليس لاقتناء الدولارات وتخزينها، مشدداً على انّ الكتلة النقدية الساخنة لم تعد قادرة على صنع تغييرات جوهرية في سعر الصرف.

ولفت الى انّ السوق تعوم اليوم على بحر من الدولارات ناتجة في معظمها عن عمليات تبييض أموال، وتتحكّم بها المراكز المالية الكبرى التي تملك دولارات أكثر من حجم السوق اللبناني، وباتت اليوم بمثابة السلطة النقدية البديلة التي تتحكّم بسعر صرف الليرة تماشياً مع مصالحها، وبهامشٍ يتراوح بين 7 و10 آلاف ليرة منذ 7 أشهر، وهي قادرة على ضبط العوامل النفسية لمنع أي انهيار إضافي لليرة في ظلّ غياب الطلب الفعّال على الدولار.

رنى سعرتي