الانسياق خلف المشاهير

 

الممثل الأميركي المشهور مات ديمون سوّق في 28 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي للعملات المشفرة، في إعلان مدفوع لموقع Crypto.com. وقرن ديمون الاستثمار بالعملات المشفرة بأحداث وشخصيات غيّرت مجرى العالم مثل اختراع الطائرة، واستكشاف الفضاء، في رسالة واضحة إلى أن المخاطرة تؤتي أُكلها، وأن الطموحات تحتاج للإقدام، مختتماً الإعلان بمقولة «الثروة تفضّل الشجعان». ما لم يذكره ديمون أن المخاطرات غير المدروسة تُفقر كذلك، فمن انساق خلفه في هذا الإعلان المدفوع خسر إلى اليوم أكثر ثلثي استثماره، ففي تاريخ الإعلان كان سعر «بتكوين» أكثر بقليل من 60 ألف دولار، وانخفضت الآن إلى مستويات دون 20 ألف دولار.
والدروس هنا واضحة، وإن كان الكثير لا يحب الاستماع لها، وهي لا تتعلق بأي حال بأسواق العملات المشفرة فحسب، بل تشمل الاستثمار بشكل عام. أول هذه الدروس هو عدم الانسياق خلف هذه الإعلانات لأسباب منها أن أمثال ديمون لا يفقهون في الاستثمار البتة. فإسداء النصائح في الاستثمارات التقليدية (مثل أسواق الأسهم) صعب للغاية على المتخصصين، حتى مع وجود بيانات تاريخية ومنمذجة اقتصادياً توضح سلوك السوق والمستثمرين وتقارنه بعدد ضخم من العوامل الاقتصادية والسياسية وغيرها. إن كان هذا هو الحال في أسواق الأسهم، فماذا عن العملات المشفرة وهي التي لم يتضح حتى الآن سلوكها، وهي التي تتأثر بتغريدة من إيلون ماسك!
ثانيها أن الاستثمارات الخطرة لا تناسب الجميع واتّباع المشاهير فيها مغامرة، فالمشاهير يملكون أموالاً طائلة (تبلغ ثروة ديمون 170 مليون دولار)، ونسبة استثماراتهم الخطرة قد لا تُذكر من محفظة استثمارية ضخمة يملكونها، وفي حال خسارة هذه النسبة فهم يتقبلونها بالنظر إلى مدى خطورة الاستثمار. هذا الأمر قد لا ينطبق بكل حال على صغار المستثمرين الذين باندفاعهم قد يضخّون أموالاً قد تسوء حياتهم إن خسروها.
ثالثها أن هذه الإعلانات مدفوعة الثمن، والنصوص المكتوبة فيها مدروسة بعناية، ويحفظها المشهور عن ظهر قلب تماماً كما يحفظ نصوص الأفلام والمسلسلات، لتوضح وجهة نظر المُعلن. والشركات المعلنة تحرص على أن تقال هذه الكلمات من المشاهير لقبولهم وتأثيرهم لدى الناس. وأوضحت دراسة نُشرت هذا الشهر أن المستثمرين في أسواق الأسهم يتأثرون بشكل كبير بإعلانات المشاهير، ويعدّون هذه الإعلانات إشارات من الشركات إلى مستقبل الشركة. ولذلك فإن التشريعات المالية في الكثير من الدول تمنع هذا النوع من الإعلانات للشركات المدرجة. فإذا كان الأمر كذلك في أسواق الأسهم وهي التي تحكمها القوانين لحماية المستثمرين، فماذا عن العملات المشفرة التي تكاد تنعدم فيها قوانين حماية المستثمر.
رابعها، إدراك ما في هذه الإعلانات من تعارض للمصالح، فالإعلان عن منتج يختلف تماماً عن الإعلان عن استثمار، ففي الأول يحصل المشهور على ثمن الإعلان دون أي مكاسب أخرى على الأغلب، أما في الإعلان عن الاستثمار فإن المشهور قد يستفيد من ضخ أموال المتأثرين بهذا الإعلان، ولو اشترى المشهور العملة المشفرة أو السهم قبيل الإعلان وكان أثر الإعلان إيجابياً فإنه سيستفيد بكل تأكيد من ارتفاع سعر العملة أو السهم. ولذلك فإن الكثير من الدول تفرض على المشاهير الإفصاح عن المصالح قبل الإعلان، كانت الهند آخر هذه الدول حيث أقرت هذا الإفصاح الأسبوع الماضي ضمن إصلاحات قوانين حماية المستهلك.
خامسها أن الإعلانات عن الاستثمارات محط شك في الكثير من الحالات، فتباين المعلومات بين المستثمرين هو أحد أهم أسباب تحقيق الأرباح، ولو كانت المعلومة متوفرة لجميع المستثمرين لاختلفت الربحية كثيراً. والفرص الاستثمارية لا تتوفر معلوماتها في الإعلانات المصوّرة، ولا يتم تلميعها كما حدث في إعلان ديمون.
الإعلانات قوت المشاهير، وفيما غصّت مواقع التواصل الاجتماعي بالشماتة بالممثل ديمون، موضحين أن من أخذ بالإعلان خسر ثلثي استثماره. فإن ديمون قد قبض بالفعل ثمن الإعلان، ولم يتضرر من انهيار العملات المشفرة إلا إذا كان قد استثمر فيها بالفعل. وفيما قد تعود العملات المشفرة للارتفاع مرة أخرى، مظهرةً ديمون في موقف المنتصر، فإن هذا الانتصار معنوي لا يغيّر شيئاً في حقيقة أن من أخذ بنصيحته خسر الكثير من المال. والأمر لا يتعلق بانخفاض أو ارتفاع العملات المشفرة، فهذه تقلبات السوق التي تحدث بين الحين والآخر والتي ينتفع منها مستثمرون ويخسر منها آخرون. بل يتعلق بالاستفادة من هذا الدرس الذي وضّح أن إعلانات المشاهير يجب ألا تكون أبداً عاملاً للدخول في الاستثمارات.

 

د. عبد الله الردادي

خطة النهوض بالقطاع المالي: هل يجب اللجوء الى أصول الدولة؟

 

يدور نقاش حاد وضروري، في الأوساط الاقتصادية والمالية والسياسية والشعبية، حول خطة التعافي التي تم الاتفاق عليها مع صندوق النقد الدولي. وتنطوي الخطة على برنامج متكامل من الإصلاحات الاقتصادية والمالية يعالج الاختلالات الماكرو اقتصادية والهيكلية التي عصفت باقتصاد لبنان وقَضت مرحلياً على نموِّه، ويرسم خريطة طريق لهذه الاصلاحات التي لا غِنىً عنها ولا مفرّ من تنفيذها في السنوات المقبلة.

فهذا البرنامج يتضمن معالجة المالية العامة واستدامة الدين، واصلاح مؤسسات القطاع العام وتصويب السياسة النقدية نحو أهدافها الاساسية وتوحيد سعر الصرف ودرء الشأن الاجتماعي ومكافحة الفقر، إضافةً إلى الموضوع الجوهري المتعلق بالحوكمة ومحاربة الفساد. لكنّ النقاش يتركّز خصوصاً على خطة النهوض بالقطاع المصرفي لما لهذا الجانب من وقعٍ مصيري على مدّخرات المودعين ومستوى معيشتهم. وللعلم فإنّ هذه الخطة وضعت الخطوط العريضة ورسمت خريطة طريق ولكن ما زال العمل جارياً على بعض التفاصيل المهمة.

 

تستند خطة القطاع المصرفي على الأسس التالية:

 

ـ أولاً، الحفاظ (إلى أقصى الحدود) على حقوق المودعين وهم الحلقة الأضعف وهم غير مسؤولين عمّا آلت إليه الأوضاع وما حلَّ بأموالهم. فالمودعون ائتمنوا المصارفَ على مدّخراتهم وجنى اعمارهم وقرشهم الأبيض الذي كان سيؤمن لهم حياة كريمة، وخصوصا المتقاعدين منهم. ولا ننسى ايضاً أموال المؤسسات بما فيها رساميلها التشغيلية التي نتيجة تجميدها في المصارف قد تتوقف عن العمل ما يزيد من معدّلات البطالة وانكماش الاقتصاد.

 

– ثانياً، تهدف الخطة الى تصحيح وضع القطاع المصرفي وإعادة رسملته وذلك للدور الاساسي لهذا القطاع في إطلاق العجلة الاقتصادية من خلال تمويل نشاط القطاع الخاص. فنحن نهدف إلى الحفاظ على هذا القطاع وتفعيل دوره علماً أنّ ذلك يتطلب جراحة (قد تكون) موجِعة في المدى القصير بهدف إنقاذ القطاع ووضع الاقتصاد على السكة الصحيحة.

 

– ثالثاً، توصي الخطة باحترام تراتبية الحقوق والالتزام بها والتي تعني عدم المساس بحقوق المودعين قبل استنفاد رأسمال المصارف، وهو يكوِّن خطّ الدفاع الأول عن الودائع. إني أدرك تماماً القلق الذي يشعر به مساهمو المصارف من جرّاء ذلك، ولكن عندما تقع الكارثة يجب على الجميع أن يساهم في عملية الإنقاذ. فالقطاع المصرفي يعاني أزمة غير مسبوقة في التاريخ المعاصر تتمثّل بوجود فجوة مالية تقدّر بنحو 70 مليار دولار (ما يفوق ثلاثة أضعاف حجم الاقتصاد) ناتجة من سياسات مالية توسعية أدّت الى مديونية عامة مرتفعة جدا وسياسات نقدية تركّزت على الحفاظ على سعر صرف ثابت ممّا أدى الى انخفاض كبير في الاحتياطات الأجنبية. أما من ناحية المصارف فكان هناك سوء تقدير للمخاطر سابقاً من حيث توظيفات الودائع وتمركزها وان كنّا ندرك انه في بعض الحالات لم يكن للمصارف الخيار الكامل في هذا الخصوص.

 

انّ هذه السياسات مجتمعة أدت لاحقاً الى ثلاث صدمات أساسية: تدهور سعر الصرف، إعادة هيكلة الدين، ما يتطلّب تطبيق الشروط نفسها على حاملي سندات اليورو بوند الأجانب كما على حاملي هذه السندات المحليين، وهي المصارف، بالإضافة الى الخسائر المتأتية من تعثر بعض قروض القطاع الخاص. يجب معالجة هذه الخسائر جذرياً وفي أسرع وقت ممكن. فكل يوم تأخير يعني زيادة في الخسائر مما سينعكس سلباً على القطاع المصرفي خصوصاً وعلى الوضع الاقتصادي والنقدي عموماً.

 

إذاً، تقع مسؤولية الخسائر في القطاع المصرفي بالدرجة الأولى على مصرف لبنان المركزي وعلى الحكومات المتعاقبة والمصارف. لذا يتضمن برنامج الإصلاح المتّفق عليه مع صندوق النقد الدولي اصدار سندات حكومية طويلة الأمد بقيمة 2.5 مليار لمصرف لبنان مع الإشارة الى انه يمكن زيادة هذه المساهمة إذا كانت المحافظة على استدامة الدين تسمح بذلك. قد يبدو للوهلة الأولى انّ مساهمة الدولة هي صغيرة في المطلق، ولكنها مرتفعة بالنسبة الى حجم الاقتصاد إذ هي تُعادل نحو 11 % من الناتج الإجمالي. كما ان مساهمة مصرف لبنان والمصارف تقدّر بنحو 17 مليار دولار.

 

فإذا اخذنا في الاعتبار هذه المساهمات، ستبقى هناك فجوة كبيرة يجب معالجتها حتى يعود القطاع المصرفي الى ممارسة دوره الطبيعي في تمويل الحركة الاقتصادية لتحفيز النمو وخَلق فرص عمل للعدد الكبير من الشباب اللبناني الذي يدخل سوق العمل كل سنة. هذه ليست مُجرَّد تحليلات وتكهنات، بل وقائع وحقائق يجب مواجهتها للخروج من الأزمة.

 

هناك موجة من الطروحات قيد التداول ومن كثرة تردادها أصبح يتماهى للبعض بأنها حقيقة. معظم هذه الطروحات تركّز على استعمال أصول الدولة لإطفاء الخسائر. دعونا ننظر إلى هذا الموضوع بتجرد كامل وشفافية مطلقة. يعتري استعمال أصول الدولة لإطفاء الخسائر 4 مشاكل أساسية:

 

ـ أولا، انّ حجمَ الفجوة المالية كبيرٌ جداً، ويقدَّر بنحو 3.5 أضعاف الناتج المحلي الإجمالي. هذا يعني أن سد الفجوة المالية يوازي كل ما ينتجه الاقتصاد اللبناني من سلع وخدمات والناتج من جهد جميع اللبنانيين على مدى ثلاث سنوات ونصف سنة. ولنسلّم جدلاً أنه يمكن استثمار كل أصول الدولة والتي تتراوح قيمتها بين عشرة وعشرين مليار دولار واستعمال عوائد هذا الاستثمار لتغطية الخسائر فسيستغرق ذلك أمداً طويلاً من الزمن. فعلى سبيل المثال لا الحصر، إذا استثمرنا 20 مليار دولار بعائد سنوي يساوي 5 % فهذا يعني انّ مردود الاستثمار لن يتجاوز المليار دولار سنوياً. ولنفرض إضافة اننا سنستعمل هذا العائد حصراً، وهذا غير ممكن ولا هو منطقي، لمعالجة الخسائر، فسوف يتطلّب نحو سبعين عاماً هذا إذا لم نحتسب قيمة الوقت. وفي هذا الإطار يجب أن ندرك أنّ معظم أصول الدولة هي حالياً غير منتجة ومتعثّرة، وذلك يعني أنه يجب الاستثمار وضَخّ الأموال فيها قبل أن تأتي بأيّ مردود يُذكر، ما سيجعل معالجة الفجوة المالية أكثر صعوبة. وفي هذا الإطار إننا نرى انّ انشاء صندوق سيادي بهدف تحسين إدارة أصول الدولة ومؤسساتها قد يكون ضرورة لزيادة عائداتها، غير انّ ذلك موضوع منفصل عن معالجة خسائر القطاع المصرفي.

 

– ثانياً، ومع الاعتراف الكامل بحقوق المودعين الكاملة وغير المشروطة بوديعتهم فالسؤال يبقى: هل يجب استعمال هذه العوائد للتعويض على المصارف وعدد محدود من المودعين؟ انّ استعمال هذه العائدات سيحرم الخزينة من موارد هي في أشد الحاجة إليها، خصوصاً بعد أن وصلت أجور العاملين في القطاع العام إلى مستويات متدنية جداً أثّرت بمقدار كبير على الخدمات العامة ونوعيتها. فهل من المعقول أو المقبول أن نأخذ من جَيب جندي او عنصر قوى أمن أو مدرِّس او عامل بلدي، ونحرم القطاعات الاجتماعية من صحة وتربية لنعوّض عن خسائر عدد محدود من المودعين على أحقيتهم؟ وإذا لم تتوافر هذه الموارد للمالية العامة فهذا يعني أنّ الدولة ستلجأ امّا إلى الاقتراض وإلى تفاقم الأوضاع المالية وتزايد الدين العام لا سيما أنّ هذا الدين هو أحد الأسباب الأساسية للأزمة الحالية، أو الى عصر النفقات بمقدار كبير والذي سيؤدي الى انهيار الخدمات العامة، أو بزيادة الضرائب الى مستويات مرتفعة ممّا سينعكس في تدهور الأوضاع الاقتصادية وضغط على سعر الصرف، وبالتالي على مستوى معيشة جميع اللبنانيين.

 

– ثالثا، وبحسب تقديراتنا الحالية يمكننا ان نحافظ على مجمل الودائع إلى حدّ المئة ألف دولار اميركي ما يضمن كل حقوق 88 % من المودعين، وهو مبلغ معرَّض للتناقص كلما تأخرنا في الإصلاحات. ولكن هذا لا يعني على الإطلاق أننا لا نهتم بما تبقى من الـ 12 % الآخرين، فمدّخرات هؤلاء المودعين هي جنى عمرهم والبعض منهم استثمر في لبنان وخلق فرص عمل، ومن الواجب المحافظة على حقوقهم. فنحن في صدد نقاش دائم لمحاولة استرجاع معظم هذه الودائع، ولكن في الوقت نفسه لا يُمكن أن نحرم الغالبية العظمى من اللبنانيين من خدمات هم في أشد الحاجة إليها لمصلحة 3 % من اللبنانيين.

 

– رابعا، هناك تمركز للثروة بمقدار كبير ضمن الثلاثة في المئة حيث يستحوذ خمسة آلاف حساب مصرفي (تمثِّل أقلّ من ٠،٣ % من مجموع الحسابات) على ما يفوق الثلاثين مليار دولار، وهو ٣٠ % من مجمل الودائع أو نصف المبالغ التي تفوق المئة ألف دولار والمقدّرة بـ65 مليار دولار. وهذا يعنى ان نصف الموارد المتأتية من استثمار أصول الدولة ستذهب إلى 5000 حساب فقط لِما لهذا من أثر اجتماعي يخالف ابسط قواعد العدالة الاجتماعية. ولكل هذه الأسباب لديَّ الاقتناع واليقين انه ليس من المنطقي والمُحقّ أن نلجأ إلى اصول الدولة لمعالجة خسائر القطاع المصرفي. ولكن ما يجب على مجلس النواب العمل عليه بجدية مطلقة هو استرداد الأموال المنهوبة وتلك المحوّلة الى الخارج بعد تشرين الأول 2019 نظراً لاستنسابية هذه الاخيرة ممّا سيساعد في استرجاع الودائع بوقت أسرع ويقلل من أي خسارة قد تقع على المودعين.

 

أخيراً، ونظراً لحساسية هذه المسألة وآثارها الاقتصادية والمالية والاجتماعية، فأيّ قرار يتخذ في هذا الخصوص يجب أن يخضع لنقاش جدي وهادئ بين مختلف مكونات المجتمع اللبناني. فالاتفاق الذي توصّل اليه الفريق المفاوض مع صندوق النقد الدولي، هو مبني على تحليل اقتصادي وتقني وبموافقة ضمنية مِن مانحي المجتمع الدولي الكبار، وقد أقرّه مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة في 20 أيار 2022. ومع ذلك فإنّ قراراً كهذا يجب أن يؤخذ على الصعيد الوطني المتمثّل بجميع القوى السياسية التي انبثق منها مجلس النواب وليس من قبل مسؤول، أو من قبل لجنة تفاوض، او حتى من قبل الحكومة.

 

ولكن إذا تعذّر الاتفاق بين الكتل السياسية على هذا الموضوع الذي لم يدخل واضحاً في صلب برامج المرشحين للانتخابات النيابية الأخيرة، فإنه من الافضل ان يتّخذ هذا القرار على صعيد الشعب اللبناني من خلال استفتاء وطني ينحصر بالتحديد بإمكان استعمال الأصول العامة للتعويض على المصارف وعلى المودعين الكبار. انّ بعض الدول المتقدمة تلجأ إلى استفتاءات شعبية حول مواضيع أقل أهمية بكثير من الاوضاع الاساسية والشديدة التعقيد التي يعيشها لبنان، فكيف بالحري إذا كان الموضوع يتعلّق بمصير وطن.

 

سعادة الشامي

خطة التعافي الى الواجهة: ما مصير المودعين؟

مع استئناف لجنة المال والموازنة عملها وعلى جدول أعمالها أوّلاً التشريعات المتصلة بخطة التعافي مثل مشروع الموازنة ورفع السرية المصرفية وإعادة هيكلة المصارف وغيرها، عادت بنود خطة التعافي التي أقَرّتها الحكومة بعد التفاوض مع صندوق النقد الدولي الى الواجهة، وبدأت الملاحظات حولها والاعتراضات عليها تصل تِباعاً الى مجلس النواب.

تعتبر المصارف انها ليست مسؤولة لوحدها عن الأزمة، لكي تُحَمّل الجزء الاكبر من الخسائر المالية وتحميلها بالتالي الى المودعين، مع العلم انّ حماية صغار المودعين ومعاقبة كبار المودعين كما تنص عليه الخطة، لم تلقَ تأييداً من أي جهة كانت واعتبرت غير منصفة في حقهم كون الدولة هي الدائن الاكبر وعليها تحمّل أكبر نسبة من الخسائر يليها مصرف لبنان فالمصارف.

في هذا الاطار، أوضح الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمود انّ الحكومة تسعى الى كسب «رضى» صندوق النقد الدولي من خلال صياغة خطة التعافي، لأنها لا تملك خياراً سوى جذب العطف الدولي عبر صندوق النقد الذي يعتبر بوابة العبور الى الاسواق المالية العالمية، مشيراً لـ«الجمهورية» الى انّ الدول تلجأ الى صندوق النقد الدولي بعد «خراب بصرة» اي بعد ان تصبح في حالة غير منتظمة وفي عجزٍ تام عن إتمام الاصلاحات المطلوبة لعودة انتظام الدولة.

ولفت حمود الى ان الاصلاحات المطلوبة مكلفة إن على الصعيد السياسي او المعيشي او الشعبوي، وليس صندوق النقد الدولي على خطأ في شروط الاصلاحات المطلوبة، «لأن الاصلاح ضروري بغضّ النظر عن حاجتنا للصندوق». ولكن الأزمة التي يمرّ بها لبنان تختلف عن كافة ازمات الدول التي تعامل معها صندوق النقد، لأن مشكلة صندوق النقد الدولي مع اي بلد ساعَده في العالم، كانت مرتبطة بالمالية العامة والدين العام والموازنة حيث يتدخل الصندوق مطالباً بتنفيذ الاصلاحات من اجل انتظام المالية العامة والدين العام وميزان المدفوعات.

وقال حمود انه يؤيد كافة الاصلاحات التي يطالب بها صندوق النقد الدولي لتصحيح المالية العامة ووضع الدين العام على مسار مُستدام، «لكنني لا أتوافق مع خطة الحكومة فيما يتعلّق بودائع الناس والقطاع المصرفي. وهذا ما لم يختبره صندوق النقد الدولي في اي دولة في العالم تعاني من تدهور القطاع المصرفي وضياع المال العام بسبب تعامل المصارف مع البنك المركزي. هذه ظاهرة لم تحصل في اي دولة في العالم، «أزمة لبنان فريدة من نوعها».

ورأى انّ اسلوب تعاطي خطة التعافي بالموضوع النقدي المصرفي مع صندوق النقد دولي يشوبه شوائب كبيرة جدّاً.

أضاف: كيف يمكن لحكومة ان تقول انها غير معنيّة بكبار المودعين بل فقط بحماية صغار المودعين؟ أي قطاع مصرفي يمكن ان يقوم من دون كبار المودعين؟

وكيف ستُعاوِد جَذب الودائع إن لم تَحم كبار المودعين؟

وتابع: بكل وقاحة يقولون انّ مَن حوّلَ أمواله من الليرة الى الدولار بعد 17 تشرين غير مؤهّل eligible لحماية ودائعه. ألا يدرك هؤلاء انّ تلك الودائع كانت بالدولار أساساً وتم تحويلها الى الليرة بسبب الاغراءات والفوائد المرتفعة التي كانت تمنحها المصارف والبنك المركزي؟

وسأل: بأيّ حق تقوم خطة الحكومة بالتمييز بين المودعين؟ ماذا عمّن سحب امواله او سدّد من خلالها قروضاً مصرفية على سعر صرف الـ1500 ليرة، هل يجب ان يعيدها أم انه مُعفي؟

وفيما اعتبر حمود انّ خطة الحكومة ليست بالمستوى المطلوب، اشار الى انه يجب اعادة تكوين قطاع مصرفي سليم وليس اعادة هيكلة القطاع المصرفي، لأنه لا يمكن ان نتعاطى بالاطار المالي الاقتصادي والنقدي والمصرفي قبل ان نُعيد تكوين قطاع مصرفي حقيقي يشعر المودعين الحاليين بالطمأنينة حول إمكانية استرداد اموالهم ولو بعد فترة، «وهذا الامر لا يرتبط بضمانة ولا بِرَهن عقاري او صندوق سيادي لأنّ جميعها «كذبة».

وأوضح انّ الحلّ البديل هو تكوين مصارف سليمة good banks برساميل جديدة وفقاً للقوانين الجديدة والتشريعات الجديدة تستقطب شركاء اقليميين ودوليين.

«لا نستطيع التسليم بأنّ المصرف الذي لا يقوم بأعمال التسليف ولا يسدد للمودع امواله ولا يلتزم بالنسَب المالية والمعايير الدولية هو مصرف قابل للاستمرار محلياً ودولياً. ولكي يعود المصرف مصرفاً صحيحاً يجب ان يعتمد اصول العمل المصرفي من ربحية وسيولة ومَلاءة ورافعة وحوكمة. ولكي ندفع بالمصارف الى الالتزام الكلي بالمعايير من خلال السلطة الناظمة اي مصرف لبنان، يجب إزالة الاسباب الآتية من السلطة الناظمة ليعود البنك المركزي سلطة نقدية وسلطة ناظمة بيدٍ حرة مطلقة ويعود المصرف مسؤولاً وملتزماً بالمعايير الدولية من دون اعفاءات او مرونة».

اضاف: «لأجل ذلك، يكون الحل ان يقوم مصرف لبنان بتأسيس مصرف محلي ليس له رابط دولي يقوم بشراء ودائع الافراد والمؤسسات والشركات غير المالية من المصارف بالعملة الاجنبية مع سجل حركتها منذ 2019 باستثناء الودائع الجديدة، ويحرّر المصارف من الاعباء وخطر التعرض لحالات التوقّف عن الدفع. بالطبع هذا التحرر لا يعني عطاء مجانياً بل تدفع المصارف كلفته التصحيحية، ويُصار الى تغطية هذه الودائع المحولة من خلال تَملّك المصرف الجديد موجودات المصارف وفقاً للسلم التالي:

– ايداعات المصارف لدى المراسلين باستثناء صافي الودائع الجديدة.

– سندات اليوروبوند وفقاً للقيمة الدفترية.

– صافي الودائع لدى مصرف لبنان بالعملة الاجنبية على اساس القيمة الحالية بما فيها التوظيفات الالزامية.

– الاصول العقارية تحت المادة 153 و154 والعقارات بالتخصيص بالسعر العادل او الدفتري أيّهما اعلى.

– العجز يغطّى بقرض من المصرف الجديد.

– يبقي المصرف محفظة القروض بكافة العملات والودائع بالليرة ويكوّن مراكز خدمة لعمليات التصفية للمصرف الجديد.

– يلتزم المصرف ان يقوم خلال سنة بما يلي:

أ – تسديد العجز لصالح المصرف.

ب – ضخ رأسمال جديد بنسبة 10 % من الاصول على ان لا تقل عن 100 مليون دولار.

ج – الالتزام بنسبة ملاءة 18 %، نسبة سيولة 150 %، رافعة مالية 10 % وحَوكمة تفصل مجلس الادارة عن الادارة التنفيذية.

د – عدم السماح بتكوين مركز قطع مدين او تجاوز المركز الدائن الموقوف بتاريخ التحويل.

ه – كل من يتخلّف تُشطب رخصته ويُصار الى تصفيته قضائيا وفقا للقانون 2 / 67 او ذاتياً من خلال تملّك البنك الجديد للموجودات وابقاء اعضاء مجلس الادارة مسؤولين عن العجز.

و – يحافظ مصرف لبنان على الاحتياطي الأجنبي ومخزون الذهب لغاية سداد الودائع ويمكن استعمال العقارات العائدة له لتخفيض حساب البنك الجديد في دفاتره.

الطاقة على مفترق طرق: تغير الأولويات

صدر عن دورية «فورين أفيرز» مقال يشرح بإسهاب التحولات الكبرى في أولويات سياسات الطاقة على ضوء حرب أوكرانيا، بالذات بروز أولويات الحرب وأمن الطاقة المحلي لتشارك أهمية التغير المناخي.
تمت كتابة المقال من قِبل جاسون بوردوف، مساعد الرئيس باراك أوباما لشؤون الطاقة والتغير المناخي في مجلس الأمن القومي الأميركي خلال عهد الرئيس أوباما ومؤسس ورئيس مشارك لمركز دراسات سياسات الطاقة الدولية في جامعة كولومبيا؛ وميغن أوسيلفان أستاذة العلاقات الدولية في معهد كيندي في جامعة هارفرد وكاتبة في شؤون الطاقة.
لماذا مفترق طرق؟ لقد حولت الحرب أولويات الدول والرأي العام. فهناك مخاوف رجال الأعمال من احتمال اضمحلال نظام العولمة والولوج في مرحلة من الكساد التضخمي. ويتخوف الأكاديميون العودة إلى الحروب لحل النزاعات السياسية في ظل عودة الصراع الغربي – الشرقي من جهة وتقوية اواصر العلاقات ما بين الولايات المتحدة وأوروبا من جهة أخرى.
كما تراجع معظم الدول، على ضوء الحرب، مختلف سياساتها: التجارية والموازنات والتحالفات العسكرية.
وضع بند أمن الطاقة ضمن أولويات الساسة، إلى جانب مكافحة التغير المناخي.
ومن المتوقع، أن يشكل هذان البندان تحولاً في تطلعات الدول نفسها؛ إذ ستولي الدول اهتماماً أكثر بمشاكلها الداخلية والمحلية، كما ستولي الاهتمام والأولويات لإنتاج الطاقة المحلي والتعاون الإقليمي خلال المسيرة المرحلية لتحقيق تصفير الانبعاثات.
سيؤدي هذا التحول في الأولويات والاهتمامات إلى انكماش الدول في تكتلات جغرافية وسياسية. الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى تفكك عصر تحالفات الطاقة العالمية القائم حالياً.
السؤال «كيف ستتجاوب الدول مع التحديات الجديدة الناتجة من غزو روسيا لأوكرانيا؟ فمن خلال هذا التجاوب سيتبلور نظام الطاقة الجديد لعقود مقبلة».
تشكل النتائج المترتبة على الحرب: انهيار العولمة وبروز القومية الاقتصادية؛ وغموض نظام الطاقة المقبل لكثير من المراقبين. كما يتوقع تضخم دور الحكومات في قطاع الطاقة الجديد بحجم وشكل غير مسبوق.
فبعد أربعة عقود من المحاولات والسياسات لتخفيض دور الحكومات في قطاع الطاقة، نجد اليوم أن الحكومات الغربية تعترف بالحاجة إلى لعب دور واسع في جميع مراحل الطاقة من تشييد البنى التحتية للوقود الأحفوري، إلى تبني السياسات الدقيقة للتأثير على شركات الطاقة لتقليص الانبعاثات من خلال تسعير الكربون، ومراجعة مدى الدعم الحكومي للشركات لتبني الطاقات المستدامة، وتحديد القواعد والمقاييس التي يتوجب تبنيها في إنتاج الطاقة.
يتوقع الكاتبان أن تتحول أزمة الطاقة الناتجة من الحرب إلى «أسوأ أزمة طاقة منذ نصف قرن»، لكن هناك فروقاً مهمة عن أزمة الطاقة في السبعينات. إذ يعتمد الاقتصاد العالمي اليوم على كثافة طاقة أقل. فقد سبق النمو الاقتصادي نمو استهلاك الطاقة، بحيث إن العالم يستعمل اليوم طاقة أقل لكل وحدة من ناتج الدخل القومي.
كذلك، تزايد كثيراً عدد الشركات في أسواق النفط عن الماضي من ثم يتم توزيع النفط اليوم من قِبل شركات عدة، وليس حفنة منهم، كالسابق.
والأهم، أن أزمة الطاقة الحالية أبعد وأهم بكثير من النفط. فانعكاساتها أوسع على الاقتصاد. فالحرب تضع بصماتها على مختلف أنواع الطاقة؛ مما سيخلق فوضى كبرى. فروسيا ليست فقط واحدة من أكبر الدول المصدرة للنفط الخام والمنتجات البترولية عالمياً، لكن هي أيضاً أهم مصدر للغاز الطبيعي لأوروبا، كما أنها مصدرة مهمة جداً للفحم الحجري واليورانيوم المنخفض التخصيب الذي يستعمل لتوليد المحطات النووية، هذا بالإضافة إلى سلع تجارية أخرى.
لقد ارتفعت أسعار الفحم والبنزين والديزل والغاز الطبيعي وسلع أخرى، من ثم ستؤدي عراقيل أخرى لإمدادات الطاقة الروسية، إما بمبادرات روسية أو أوروبية، إلى التضخم، والكساد، وتوزيع الطاقة من خلال نظام الحصص التموينية، وإغلاق بعض الشركات.
عانى نظام الطاقة العالمي من الضغوط قبل الحرب. فقد واجهت أوروبا ومناطق أخرى تحديات عدة للحصول على طاقة كهربائية وافية. فقد كانت إمداداتهم الرئيسة من الكهرباء تأتي من إمدادات متقطعة من طاقة الشمس والرياح.
كما عانت بعض شركات الكهرباء سنوات من الخسائر والضغوط المترتبة لمكافحة التغير المناخي، بسبب تخفيض الاستثمارات في الصناعات الهيدروكربونية؛ مما أدى إلى تقليص الامدادات.
وأدى كذلك التأخير والتعديل في سلسلة الإمدادات التجارية العالمية بسبب جائحة «كوفيد – 19» إلى الشح في بعض السلع والضغوط على الأسعار. ففي عام 2021 وأوائل 2022، أدى ازدياد الطلب الضخم للغاز والارتفاع العالي للأسعار إلى إفلاس بعض شركات الطاقة وإجبار الحكومات زيادة دعمها لقطاع الكهرباء.
وكان من المحتمل أن تسوء الأمور لولا ارتفاع درجات الحرارة في حينه إلى أكثر من المعتاد؛ مما ساعد أوروبا وآسيا على تقليص الطلب قليلاً.
ساءت الأمور أكثر منذ نشوب الحرب. فتقلصت إمكانيات توفير القروض؛ مما قلص بدوره السيولة اللازمة لتجارة النفط؛ مما أدى بدوره إلى تحديات بالغة الصعوبة، منها ارتفاع أسعار النقط والغاز إلى معدلات عالية جداً.
رغم كل هذا، فالأسوأ قد لا يزال أمامنا. فالطلب على النفط قد يرتفع مع التخلص من الجائحة في الصين وإنهاء الإغلاقات التامة هناك.
ورغم أنه من الصعوبة تصور حظر أوروبي شامل على النفط والغاز الروسي، فإن الاحتمال وارد. لقد فاز الفحم في هذه المعركة. فالصين بصدد زيادة إنتاجها للفحم الحجري.
والاقتراح، في ظل الأزمات المتتالية، إعادة تقييم الدروس المستخلصة. دور الحكومات والقطاع الخاص، فالاعتماد على قوى السوق قد حافظ على توفير الإمدادات بأسعار معقولة طوال الـ40 سنة الماضية.
لكن الأزمة الحالية تستدعي دوراً أكبر للحكومات «لتجنب بعض إخفاقات السوق». ومن المتوقع في نظام الطاقة المقبل أن يكون «دور وتدخل الحكومات بحجم غير مسبوق في التاريخ المعاصر».

وليد خدوري

بسبب أسعار الفائدة صندوق النقد الدولي يقلص توقعاته لنمو الاقتصاد الأميركي..وواشنطن ترد

 

قلص صندوق النقد الدولي اليوم الجمعة توقعاته لنمو الاقتصاد الأميركي بسبب زيادات جريئة في أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفدرالي، لكن الصندوق توقع أن الولايات المتحدة ستتجنب “بالكاد” ركودًا اقتصاديًا.

وقال صندوق النقد الدولي في تقييم سنوي للسياسات الاقتصادية الأميركية إنه يتوقع الآن نمو إجمالي الناتج المحلي الأميركي بنسبة 2.9% في 2022 مقابل أقرب توقع له ونسبته 3.7% في أبريل نيسان.

وبالنسبة لعام 2023 خفض صندوق النقد الدولي توقعه لنمو الاقتصاد الأميركي إلى 1.7% من 2.3%، ويتوقع الآن معدل نمو ضئيلًا نسبته 0.8% لعام 2024.

 

 

تحديات اقتصادية

قالت كريستالينا جورجيفا المديرة العامة لصندوق النقد الدولي في بيان “ندرك أن هناك دربًا يزداد ضيقًا لتجنب كساد في الولايات المتحدة” مشيرة إلى أن هذا التصور ينطوي على درجة كبيرة من الغموض.

وقالت جورجيفا “الاقتصاد يواصل التعافي من جائحة كورونا كما أن الصدمات القوية ما زالت تعصف بالاقتصاد من آثار الحرب الروسية الأوكرانية ومن عمليات الإغلاق في الصين”.

وأضافت “من المؤكد أن حدوث مزيد من الصدمات السلبية سيجعل الوضع أكثر صعوبة”.

 

واشنطن ترد على صندوق النقد الدولي

قالت وزارة الخزانة الأميركية اليوم الجمعة ردًا على تقليص صندوق النقد الدولي توقعه لنمو الاقتصاد الأميركي إنها تقدر الرؤية الاقتصادية التي قدمها الصندوق.

من جهة أخرى، قال جورجيفا أن مناقشاتها مع وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين ورئيس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول “لا تترك مجالًا للشك في التزامهما بخفض التضخم مرة أخرى”.

الدولار يتعثر .. فيما تزيد أسعار الفائدة مخاوف الركود

انخفض الدولار الأميركي مقابل العملات الرئيسية الجمعة 24 يونيو حزيران، في طريقه إلى أول خسارة أسبوعية هذا الشهر، إذ يواصل المستثمرون تقييم سياسة مجلس الاحتياطي الفدرالي وما إذا كانت الزيادات الكبيرة في أسعار الفائدة ستؤدي إلى ركود.

وفقدت العملة الأميركية، التي تعد ملاذاً آمناص، الدعم أيضاً وسط تحسن المعنويات في السوق، وارتفاع البورصات الإقليمية وصعود العملات ذات المخاطر العالية مثل الدولارين الأسترالي
والنيوزيلندي.

وانخفض مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل 6 عملات منافسة، 0.2% إلى 104.19 في آسيا، بعد ارتفاعه في اليوم السابق 0.19% الذي كان مدفوعاً في الغالب بانخفاض اليورو بعد بيانات ضعيفة لمؤشر مديري المشتريات في أوروبا قلصت الرهانات على زيادة كبيرة لأسعار الفائدة من جانب البنك المركزي الأوروبي.

وشهد الدولار تقلباً هذا الأسبوع، وتراهن الأسواق الآن على مزيد من الإجراءات الحذرة من جانب مجلس الاحتياطي الفدرالي عقب زيادة أخرى متوقعة في سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس في يوليو تموز.

وانخفض مؤشر الدولار بنسبة 0.42% خلال هذه الفترة.

وأدت المخاوف من الركود إلى تراجع عوائد سندات الخزانة الأميركية خلال الليل، مما حد من دعم رئيسي للدولار، مع انخفاض عوائد السندات لأجل 10 سنوات لأدنى مستوى في أسبوعين.

وتراجع الدولار مقابل الين 0.2% إلى 134.66، والعملة اليابانية حساسة للغاية للتغيرات في العوائد الأميركية.

وعلى مدار الأسبوع انخفض الدولار 0.25% أمام الين ومن المتوقع أن يقطع سلسلة مكاسب بلغت 6.19% على مدى 3 أسابيع.

وارتفع اليورو 0.22% إلى 1.05435 دولار، ولكن بعد تراجعه بنسبة 0.44% خلال الليل بعد أرقام أضعف من المتوقع لمؤشري مديري المشتريات في ألمانيا وفرنسا.

وأطلقت ألمانيا أيضا “مرحلة الإنذار” من خطتها الطارئة للغاز أمس الخميس ردا على تراجع الإمدادات الروسية.

على الرغم من ذلك، سجل اليورو ارتفاعاً خلال الأسبوع بنسبة 0.52% مقابل الدولار.

وانتعش الجنيه الإسترليني 0.14% إلى 1.22785 دولار، مما يضعه على مسار تحقيق ارتفاع أسبوعي بنسبة 0.48% من شأنه أن ينهي سلسلة خسائر استمرت 3 أسابيع.

الاتحاد الأوروبي يستعد لحياة بدون الغاز الروسي وسط ارتفاع التضخم

اجتمع زعماء الاتحاد الأوروبي الجمعة 24 يونيو حزيران، للاستعداد لمزيد من الخفض في إمدادات الغاز الروسي والحد من تأثير ذلك على التضخم والبحث عن إمدادات بديلة، واتهموا موسكو باستخدام الطاقة “كسلاح” من خلال تقليص الإمدادات الذي حذرت ألمانيا من أنه قد يعطل صناعتها جزئياً.

وبعد يوم من الاحتفالات بوضع كييف على طريق الانضمام إلى التكتل، كانت القمة التي عُقدت اليوم الجمعة في بروكسل فرصة لتحليل التأثير الاقتصادي للحرب الروسية الأوكرانية.

وقال كريسيانيس كارينز رئيس وزراء لاتفيا “لقد تلاشى مفهوم الطاقة الرخيصة، وتلاشى مفهوم الطاقة الروسية بشكل أساسي، ونحن جميعاً في طور تأمين مصادر بديلة”، مضيفاً أنه يتعين على الحكومات “دعم شرائح المجتمع التي تعاني أكثر من غيرها”.

وسينحي زعماء دول الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 باللائمة في الارتفاع الهائل في الأسعار وتراجع النمو العالمي على الحرب التي بدأت قبل 4 أشهر بالضبط، بحسب مسودة بيان القمة التي اطلعت عليها رويترز.

وفي أعقاب العقوبات الغربية غير المسبوقة المفروضة بسبب الحرب الروسية، تأثرت حتى الآن عشرات الدول الأوروبية بشدة من خفض تدفقات الغاز من روسيا.

وقال مسؤول في الاتحاد الأوروبي قبل محادثات اليوم الجمعة “إنها مسألة وقت فقط قبل أن يوقف الروس جميع شحنات الغاز”.

وحذر وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك من أن بلاده قد تواجه نقصاً في الغاز إذا ظلت الإمدادات الروسية منخفضة كما هي حالياً، وسيتعين إغلاق بعض الصناعات مع حلول الشتاء.

واعتماد الاتحاد الأوروبي على روسيا في ما يصل إلى 40% من احتياجاته من الغاز قبل الحرب، وتزيد النسبة إلى 55% بالنسبة في حالة ألمانيا، مما أحدث فجوة كبيرة لسد سوق الغاز العالمي الذي يعاني نقصاً بالفعل.