180 كم هي المسافة الفاصلة بين تايوان والبر الصيني وأكثر من 70 عاما عمر النزاع والخلاف بينهما أزمة قديمة متجددة يحبس العالم أنفاسه مخافة انفجارها وهو الذي مازال يتقلب على نيران مدافع الحرب الروسية في أوكرانيا والتي تسببت في اضطراب أسواق الطاقة والغذاء وأنهكت اقتصادات دول بمختلف تصنيفاتها.
اليوم يخشى العالم من اشتعال فتيل الأزمة بين البلدين والتي بدأ دخانها يسطع في سماء تايوان وذلك عقب الزوبعة التي اثارتها زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي لتايوان مطلع شهر آب أغسطس لمدة لم تتجاوز 24 ساعة.
اقتصادياً يخشى المراقبون من أن يتسبب اندلاع المواجهة العسكرية بين تايوان والصين في المزيد من الضرر للاقتصاد العالمي والأسواق العالمية وذلك لما يشكله قطاع التصنيع القوي في الصين من أهمية في العالم نظرا لارتباطه الوثيق بالاقتصادات في كل مكان.
كما تعد البحار حول الصين وتايوان من أكثر ممرات الشحن ازدحامًا في العالم.
وبالأرقام، تبلغ التجارة الأميركية مع الصين 656 مليار دولار سنويًا.
في حين يبلغ حجم التجارة بين واشنطن وتايبيه 114 مليار دولار وتمثل التجارة الأميركية مع الصين وتايوان 10 أضعاف تجارتها مع روسيا وأوكرانيا.
وبحسب منظمة أبحاث راند فإن وقوع الحرب بين الصين ووالولايات المتحدة سيكبد أكبر اقتصادين في العالم خسائر فادحة خاصة وأن صناعة أشباه الموصلات التايوانية ستدفع بالبلدين للاستماتة للسيطرة عليها.
وهذا ما يفسر توقيع الرئيس الأميركي على قانون اشباه الموصلات لتخفيف اعتماد بلاده على شركة TSMC وقد تفضل تايوان تدمير منشآتها المصنعة للرقائق بدلا من رؤيتها تحت قبضة التنين الصيني.
تبقى احتمالية وقوع مواجهة عسكرية مجرد سيناريوهات محتملة يأمل العالم أن تذهب أدراج الرياح خاصة وأنه ما زال يدفع فاتورة تبعات جائحة كورونا ويستنزف موارده لمواجهة تداعيات الحرب الروسية بأوكرانيا.
فهل يتغلب صوت العقلاء على مطامع الزعماء؟
التوترات السياسية بين الصين وتايوان تجبر إدارة بايدن على دراسة فرض ضرائب جديدة على بكين، وذلك بعد تصريحات عديدة من البيت الأبيض أن واشنطن كانت تخطط لخفض هذه الضرائب مسبقاً.
ورغم سعي بايدن منذ شهور لإيجاد طرق مختلفة لتخفيف الأسعار على المستهلك ها هو اليوم أمام تحدٍّ صعب، فهل سيفضل التمسك بسياسته الخارجية بدلاً من خفض عبء التضخم على المواطن؟
خفض الأسعار يعتبر هدفًا رئيسيًا للرئيس الأميركي خاصة مع اقتراب الانتخابات النصفية والمقرر عقدها في نوفمبر من العام الجاري، وهو أمر أجبره في السابق بالطلب من فريقه دراسة تخفيف الرسوم الجمركية بحسب “البند 301” التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب على البضائع الصينية، وذلك لأن التعريفات على الواردات الصينية ترفع التكلفة على الشركات الأميركية، وهو أمر ينعكس على ارتفاع تكلفة المنتجات على المستهلكين.
مسؤولون في العديد من الصناعات الأميركية قد طالبوا بايدن بإلغاء الرسوم التي تصل إلى 25% وسط مكافحة الشركات ارتفاع التكاليف وتداعيات أزمتي سلاسل التوريد والرقائق الإلكترونية.
هذه التوترات بين أميركا والصين تأتي بعد أقل من شهر من المكالمة الهاتفية بين رئيسي أميركا والصين والتي كانت الأولى منذ أربعة أشهر.
كما وتأتي هذه التوترات أيضا بعد أسبوعين من زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى تايوان لتصبح أول مسؤول أميركي رفيع المستوى يزور تايبيه رسمياً منذ 25 عاماًن وهو أمر أشعل التوترات بين الصين وتايوان.
وكانت صرحت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين سابقاً إن الرسوم الجمركية على الصين التي وضعتها الإدارة السابقة بعهد الرئيس دونالد ترامب “لا تخدم أي هدف استراتيجي” إلا أن الحالة السياسة في تايوان اليوم مختلفة.
ورغم سيطرة الضبابية حول مستقبل ملف التعريفات الجمركية بين أكبر اقتصادين في العالم، من الواضح أن بايدن في موقع حرج.
فمن سيختار؟ الصين أم تايوان؟..