شرح «تقرير أوبك الشهري للأسواق النفطية» الصادر الأسبوع الماضي، منحى وحيثيات التقلبات في أسعار النفط الخام والمنتجات البترولية في ضوء ظاهرة «الكساد التضخمي» العالمي، وإعادة انتشار جائحة كورونا عالمياً، كما استمرار الحرب الأوكرانية دون هوادة منذ نهاية شهر فبراير (شباط) الماضي، والتشنجات الأميركية – الصينية على ضوء زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركية لتايوان.
فبحسب منظمة «أوبك»، استمرت العوامل الأساسية في أسواق النفط باسترداد عافيتها القوية لمستواها ما قبل نشوب الجائحة خلال النصف الأول لعام 2022. لكن رغم استرداد العافية هذه، فقد ظهرت في الوقت نفسه مؤشرات عن تباطؤ في النمو الاقتصادي العالمي، من ضمنها بعض الدول النفطية نفسها. ومما ترك بصماته على أسواق النفط أيضاً الانخفاض النسبي للاستثمارات في قطاع الإنتاج النفطي بسبب التشريعات لتصفير الانبعاثات بحلول 2050، ما أدى إلى محدودية إمكانية زيادة الإنتاج من الأقطار المنتجة للنفط من خارج منظمة «أوبك».
نتيجة لهذه التقلبات انخفضت أسعار سلة «أوبك» 9.17 دولار للبرميل، أو 7.8 في المائة بشهر يوليو (تموز)، مقارنة بشهر يونيو (حزيران)، ليسجل معدل سعر السلة خلال شهر يوليو 108.55 دولار للبرميل.
وانخفضت في الوقت نفسه مؤشرات النمو الاقتصادي العالمي نحو 3.1 في المائة لعامي 2022 و2023. وتعزو أسباب هذا إلى انخفاض ناتج الدخل القومي الأميركي خلال الربع الثاني من عام 2022. فقد انخفض ناتج الدخل القومي الأميركي 1.8 في المائة خلال الأشهر الماضية لعام 2022. ويتوقع استمرار انخفاضه إلى 1.7 في المائة في 2023. ويتوقع نمو اقتصاد منطقة السوق الأوروبية المشتركة لعام 2022 نحو 3.2 في المائة، فيما التوقعات بانخفاض هذا المعدل لدول السوق الأوروبية لعام 2023 نحو 1.6 في المائة.
وقد سجل الطلب العالمي على النفط خلال عام 2022 زيادة معتدلة مقدارها 3.1 مليون برميل يومياً، ما زاد من معدل الطلب العالمي إلى نحو 100 مليون برميل يومياً. وتشير التوقعات لعام 2023 إلى أن ارتفاع الطلب على النفط سيستمر بنحو 2.7 مليون برميل يومياً، ليسجل ارتفاع الطلب العالمي على النفط 102.7 مليون برميل بومياً.
ولتحديد مشهد الاستهلاك النفطي العالمي، يذكر تقرير «أوبك»، أنه بصورة عامة تهيمن العوامل السلبية على توقعات عام 2023، نظراً للنزاعات الجيوسياسية، واستمرار الجائحة، وزيادة معدلات التضخم، كما ارتفاع معدلات الديون السيادية في دول متعددة.
الأرشيف اليومي: 20/08/2022
القطاع المصرفي إلى أين؟
لقد تآكلت المعاملات المصرفية بما فيها إغلاق المصارف لـ10 ايام خلال عام 2019 و15 يوماً خلال عام 2020 والودائع ما بين نهاية 2019 وشهر تشرين الأول عام 2020 انخفضت بما يساوي 29 مليار دولار ربما نصف هذه المبالغ سحب للإيداع لدى العائلات خوفاً من شح الدولارات في ما بعد، والأهم من كل ذلك أنه ليس هنالك قانون يمنع التحويل من لبنان الى الخارج مع الترحيب بتوافر ما يُسمّى fresh dollar أي الدولار الطازج، يا لسخافة المعاملات المالية.
المصرفيون فرضوا على المودعين سقفاً لسحب ودائعهم حتى لو كانت بعشرات آلاف ومئات آلاف الدولارات ومع ذلك انخفضت الودائع الإجمالية من 142 مليار دولار منها نسبة 10% لغير اللبنانيين – الى مستوى 70 مليار دولار حالياً، وكل ما سمعناه من حكومة الرئيس ميقاتي على لسان نائب رئيسها أن حقوق المودعين ربما يمكن تأمين جزء منها في حال توافر رأسمال البنوك. نائب رئيس الوزراء الذي يتصرّف كأنه العالم العلّامة بشؤون المصارف وسياسات صندوق النقد الدولي لا يعرف أن رؤوس أموال المصارف قد تبخّرت، وكيف للمصارف أن تحفظ رؤوس أموالها وأموال المودعين وهي لا تستقبل ودائع سوى من النوع الذي يمكن محاصرته بممارسات البنوك غير القانونية حقاً، والحديث عن القانون يدفعنا الى التعرّض لممارسات بنوك اشتهرت بمصداقيتها.
عام 2008 بعد أزمة بنك Lehman Bros وشركة التأمين الأميركية الدولية AIG وكان إفلاس البنك على مستوى 640 مليار دولار وشركة التأمين التي كانت ناشطة في لبنان والشرق الأوسط على مستوى 180 مليار دولار، أعلن الرئيس الأميركي أن أموال جميع المودعين في جميع المصارف الأميركية بالدولار مضمونة دون انتقاص.
في الوقت ذاته أقرّ الكونغرس قانوناً يسمح للرئيس (بوش الابن بتاريخه) بمصادرة جميع الودائع بالدولار لدى البنوك الأميركية إذا استوجبت ذلك المصلحة الوطنية، ويا لهذا التعبير من شرح واضح، المهم أن الأميركيين سحبوا بموجب هذا القانون يدهم من ضمانة سعر صرف الدولار وأهمّيته كعملة لسداد الالتزامات المالية. قانون كهذا لم يصدر في العالم في أي وقت وخلال أي أزمة. كل ما حققه هذا القانون هو انتزاع مسؤولية السلطات الأميركية عن توافر أو عدم توافر الدولار لحاجات مختلف الدول.
بالتأكيد من المهم التذكير في هذا الصدد بأن العملة الاكثر استعمالاً وادّخاراً – بصورة مبدئية طبعاً – هي الدولار. فنسبة 80% من الودائع المترصّدة هي بالدولار وكانت سابقاً على مستوى 85%.
المضاربات على تفاوت أسعار العملات على النطاق العالمي تشمل 5 عملات هي الفرنك السويسري، اليورو، الين الياباني، الاسترليني، الدولار الأميركي، والمضاربات تنجز بين هذه العملات، ومن المفيد أن نذكر معدلات مديونية الدول ذات الاهمية على صعيد العملات قياساً الى حجم إنتاجها.
بلدان السوق الأوروبية مدينة بأكثر من 6-7 تريليونات دولار، والتريليون هو ألف مليار، والخزينة الاميركية مدينة بسندات تبلغ قيمها حالياً، وهي على زيادة مع تنفيذ برنامج الرئيس لإنفاق 1.2 تريليون دولار على تطوير البنية التحتية، أكثر من 20 تريليون دولار ويمكن تلخيص موضوع المديونية الرئيسية للبلدان التي يجري التعامل بعملاتها للمضاربة بأن حصّة الولايات المتحدة، والصين هي الحصة الكبرى، علماً بأن دين اليابان يفوق نسب مديونية الولايات المتحدة لكن اليابانيين يعتبرون نظامهم مغلقاً وهم غير قلقين على دينهم المتجاوز لـ200% من الدخل القومي لأنهم لا يطلبون فوائد على إصدارات لعشر سنوات ويكتفون بمعدّل نموّ يتراوح حول 2-3% سنوياً خاصة أن عدد سكان اليابان على تناقص.
دين المضاربات المترسّب هو بنسبة 60% عالمياً على الولايات المتحدة، الصين، اليابان – وإن تكن عملتها محايدة عن المضاربة – اليورو والفرنك السويسري. أما الاسترليني، هذه العملة التي كانت العملة الرئيسية العالمية، حتى انتهاء الحرب العالمية الاولى، فلم يعد لها أهمية أساسية ومعدّلات المضاربة على الجنيه، خاصة بعد انسحاب بريطانيا من السوق الاوروبية، أصبحت بالحجم غير ذات أهمية.
إزاء هذه الأوضاع وتأزم الوضع الاقتصادي في أوروبا الذي بدأ يضغط في اتجاه خفض العقوبات على روسيا سواء بالنسبة لصادرات الغاز أو النفط سيرتهن معدّل النموّ العالمي لسنوات، وهنالك ثلاثة بلدان تستفيد من استمرار الأوضاع على ما هي عليه، بل بالنسبة للولايات المتحدة، فإن ربحها يزداد كلما تأزمت الأوضاع الى حدّ أبعد واستمرّت مفاعيل الحرب. فالولايات المتحدة تصدّر النفط والغاز وكذلك النروج، وكذلك المملكة العربية السعودية التي تخوض تحدّي تسريع وتنويع النموّ واستجلاب الاستثمارات الخارجية. ولسوء الحظ كل ما نستطيع قوله أن الوضع العالمي غير مرتاح، وأن وضع الدولار هو في يد الأميركيين الذين حالياً ينعمون بتحسّن سعر صرف الدولار وازدياد الطلبات على البضائع الاميركية.
– مروان اسكندر