متابعة قراءة قبيل اجتماع الفدرالي.. صناديق الأسهم الأميركية تشهد أكبر نزوح للتدفقات في عام ونصف
الأرشيف اليومي: 10/12/2022
الوعود باسترجاع الودائع حلم أم حقيقة؟
مشروع استرجاع الودائع، والوعود الوهمية التي تتردّد، بات «سمفونية يومية»، من دون أي نتيجة عملية تُذكر. هذه الوعود الكاذبة والشعارات الفارغة تذكّرنا بوعود محاربة الفساد، حيث الذين يتبارون ويتنافسون على المنابر، ويُنادون بمحاربة الفساد هم اكبر الفاسدين، وهم أيضاً الذين يعدون باسترجاع الودائع المصرفية، وهم أنفسهم الذين أهدروها.
يبلغ مجموع قيمة الودائع المصرفية اليوم، تقنياً وبكل موضوعية، بين 15% و17%، لعملية صرف أي وديعة، بحسب سعر صرف السوق السوداء، وتحصيل ما تعادله بالـ»الفريش كاش».
الحقيقة المرة، التي علينا أن نقتنع بها في الوقت الحالي، أن الودائع المصرفية ليست لسوء الحظ مختبئة، في صناديق ما أو دهاليز، لكنها أُهدرت، وصُرفت وسُرقت. والمعنيّ الأول والمسؤول الأساسي باسترجاعها هو الدولة اللبنانية، التي صرفت وهدرت هذه الأموال. لكن لو توافرت النيات، كنا شاهدنا في هذه السنوات الثلاث الأخيرة، خطة إستراتيجية لبيع بعض العقارات، وإعادة هيكلة بعض المؤسسات، وبناء صناديق سيادية، لهذا الهدف.
لكن بعد ثلاث سنوات، من أكبر أزمة إقتصادية، وإجتماعية، ومالية ونقدية في العالم، لم تجرؤ الدولة على إتخاذ أي خطوة، أو مبادرة لتسديد الديون المتراكمة على عاتقها.
فالعملية الجارية عبر أمطار من التعاميم، (تعميم 151، 158، 161) التي بموجبها تُدفع بعض الودائع بـ»الملاليم» بخسارة أو «هيركات» يُراوح بين 75% و80%.
هذا يعني أن ليس هناك أي نية جدية من قبل الدولة لإسترجاع الودائع، وهدفها المبطّن هو دفعها بالليرة اللبنانية بالتقسيط، وبعد تراكم خسائر فادحة.
إضافة إلى ذلك، حتى قانون «الكابيتال كونترول»، الذي يتباحثون به منذ ثلاث سنوات، بدلاً من إقراره بعد أيام من الأزمة، يُبرهن أن لا نية جادة للتعامل مع هذه الكارثة وعملية النهب التي تتكامل، حيث لا يوجد بعدئذ أي «كابيتال» ولا نية أو قدرة على «الكونترول».
على صعيد المصارف، فهي تحت المقصلة، يربط حبل السكين الدولة التي لا تريد إصلاحها ولا إعادة هيكليتها، ولا حتى إفلاسها. فمصيرها معلّق بالهواء، مع مصير المودعين المفجوعين والمنهوبين. وحتى لو باعت المصارف بعض أصولها لن تستطيع استرجاع الودائع المتراكمة في المصرف المركزي، وقد أصبحت حبراً على ورق. وبعض المنظمات الدولية مثل صندوق النقد الدولي، تطلب شطبها من سجلات المصرف المركزي.
ولو ذهبنا إلى أقصى الحدود، وأُفلست المصارف، مثلما البعض يطالب ويُراهن، فلن يُحصّل المودعون أكثر من 10% من الودائع، وبعد حروب ودعاوى ومحاكم طويلة الأمد.
أما في موضوع المردود من الغاز والبترول، الذي يعد السياسيون به، فعلينا أن نكون واقعيين، وندرك تماماً أننا لن نحصل على سنت واحد من المردود من هذه الموارد الطبيعية، سوى بعد سنوات بعيدة وطويلة، وإذا حصلت بأعجوبة، فستُهدرها الدولة، ويتقاسمها السياسيون، مثل عاداتهم التي باتت معروفة منذ عقود. ولن يرى المودعون المنهوبون منها سنتاً واحداً.
الحلّ الوحيد لإسترجاع الودائع تقنياً اليوم، هو فقط باستعادة الدولة الدورة الإقتصادية، وجذب الإستثمارات الخارجية، واستقطاب الدولار «الفريش» إلى السوق المحلية، وتنشيط الحركة والتبادل التجاري، وخصوصاً التصدير. فهذا هو الحل الوحيد لإسترجاع الودائع بالدولار وبالتقسيط، حسب الأرباح الجديدة التي سيتقاضاها الإقتصاد.
في الخلاصة، إننا نقفز من أزمة إلى أخرى، والجمود سيّد الموقف، وفقدان الثقة يزداد يوماً بعد يوم، بين اللبنانيين لبعضهم البعض، وأكثر مع الدولة، وأكثر بين المجتمع الدولي والدولة الفاسدة، ولا يوجد حتى الساعة أي نية حقيقية لمشروع إنقاذي، لا بل ثمة مشاريع تخريبية تتواصل، والتدمير يستمر، والشعب يدفع الثمن، ويُنهب يوماً بعد يوم.
د. فؤاد زمكحل
ليست Twitter فقط .. LinkedIn أيضاً لديها مشكلة حسابات وهمية
الشركات الصناعيّة تهرب من الصين: إلى الهند وفيتنام در!
تتسارع خطوات شركة آبل الأميركيّة الرامية إلى نقل كل ما يمكن نقله من سلاسل إنتاجها وتوريدها، من الصين باتجاه أماكن أخرى في آسيا، وتحديدًا الهند وفيتنام. قبل يومين، أعلنت آبل إجراء مباحثات لنقل جزء من إنتاج جهاز “آيباد” من الصين إلى الهند، بعدما كانت الشركة قد نقلت بالفعل أجزاء أخرى من عمليّة الإنتاج هذه باتجاه فيتنام. أمّا بالنسبة لإنتاج هواتف آيفون، قررت آبل منذ أسابيع البدء بإنتاج أجهزة هواتف “آيفون 14” في مراكز التصنيع في الهند، في سابقة تحصل للمرّة الأولى على الإطلاق. فآيفون 14، سيكون عمليًّا نسخة آيفون الأولى التي تبدأ آبل بتصنيعه خارج الصين منذ البداية، إذ كانت الشركة تعمد سابقًا إلى البدء بإنتاج جميع نسخ آيفون الجديدة في الصين، قبل الانتقال إلى تصنيع جزء صغير من الإنتاج في الهند، بعد أشهر طويلة من طرحها في السوق.
آبل تبتعد عن شريكها التاريخي
ببساطة، تبتعد آبل شيئًا فشيئًا عن الصين، شريكتها التي رافقت صعودها في عالم شركات التكنولوجيا. وما جرى على مستوى علاقة آبل بالصين، لم يكن مجرّد قرارات متقطعة وغير مترابطة، بل مثّل سياسة متكاملة ومتعمّدة، ومن ضمن خطّة طويلة الأمد لتقليل الاعتماد على الصين كمركز للإنتاج.
فعلى المدى الطويل، تسعى آبل إلى نقل أكثر من 45% من إنتاج أجهزة آيفون إلى الهند، بعدما اعتمدت خلال السنوات الماضية على الصين لإنتاج أكثر من 98% من هذه الهواتف الذكيّة. كما تسعى الشركة إلى نقل كامل عمليّات تصنيع سائر منتجاتها، كأجهزة الكومبيوتر والساعات الذكيّة وال”Air Pods” إلى فيتنام.
وفي شهر آذار المقبل، تتوقّع الشركة أن يبلغ حجم إنتاجها السنوي في الهند ما يقارب الـ2.5 مليار دولار، مقارنة ب1.3 مليار دولار قبل سنة واحدة بالظبط، ما يمثّل زيادة بنسبة 92% في حجم عمليّات الشركة داخل الهند. مع الإشارة إلى أنّ شركة آبل كانت قد بدأت بإنتاجها في الهند منذ العام 2017، إلا أنّها حافظت على حجم عمليّات متواضع جدًّا هناك، قبل أن تتسارع خطواتها باتجاه نقل أجزاء من إنتاجها الصيني إلى الهند خلال الأشهر الماضية.
آبل ليست وحدها: الشركات تهرب من الصين
ما تقوم به آبل، ليس سوى جزء من حالة عامّة تعيشها كبرى الشركات الصناعيّة وقطاع التكنولوجيا، حيث تسعى اليوم نسبة كبيرة من هذه الشركات إلى الانسحاب بشكل متدرّج من الصين، واستحداث جزء من سلاسل التوريد والإنتاج التي تحتاجها في دول مجاورة، وتحديدًا الهند وفيتنام. مع الإشارة إلى أنّ نزوح صناعي من هذا النوع غالبًا ما يحتاج إلى سنوات لإنجازه على مراحل، بالنظر إلى ارتباط عمل الشركات الكبرى بسلاسل توريد معقّدة ومتشعّبة، وبتفاهمات طويلة الأمد مع الدول التي تحتضن سلاسل التوريد.
فعلى سبيل المثال، بدأت شركة غوغل بنقل نشاطها التصنيعي من جنوب الصين إلى فيتنام، بداية من عمليّات إنتاج هاتف بيكسل 7، حيث تقدّر الشركة بأن نصف هواتفها الذكيّة ستكون مصنّعة في معاملها الفيتناميّة بحلول العام المقبل. مع الإشارة إلى أنّ معامل جنوب الصين كانت تستأثر في السابق بكل إنتاج الشركة، قبل أن تبدأ غوغل بتوزيع إنتاجها ما بين الصين وفيتنام خلال الأشهر الماضية. ومن الناحية العمليّة، لم تتمكن الشركة من نقل كل إنتاجها من الهواتف الذكيّة إلى فيتنام دفعة واحدة، بسبب ارتباط بعض الأصناف المصنّعة بسلاسل توريد صينيّة، وبمورّدين موجودين داخل السوق الصيني، إلا أنّ الشركة تسعى لاستحداث بدائل معقولة لهذه السلاسل خارج الصين.
وعلى النحو نفسه، نقلت شركة مايكروسوفت عمليّات تصنيع أجهزة ألعاب “إكس بوكس” إلى فيتنام، كما بدأت شركة أمازون بتصنيع أجهزة “فاير تي في” في مدينة تشيناي الهنديّة، فيما كانت جميع هذه المنتجات تخرج إلى العالم من المصانع الصينيّة حصرًا في السابق. أمّا شركة ديل، فكانت السبّاقة في هذا المجال، حين قامت بالفعل بنقل معظم مصانعها تدريجيًّا إلى خارج الصين خلال الأعوام الماضية، قبل أن تلحق سائر شركات التكنولوجيا خلال هذا العام.
عوامل طاردة للشركات من الصين
تتنوّع العوامل التي تقاطعت خلال السنتين الماضيتين، بما أدّى إلى تحويل الصين إلى بيئة اقتصاديّة طاردة لبعض الشركات الصناعيّة الكبرى، بعد أن تمكنت خلال العقود الماضية من جذب هذه الشركات باتجاهها. أمّا أبرز هذه العوامل الطاردة، فيمكن تلخيصها على النحو التالي:
– الحرب التجاريّة بين الولايات المتحدة والصين، والتي أدّت في مراحل سابقة إلى فرض رسوم جمركيّة تصل إلى حدود الـ 15% على المنتجات التي يجري تصنيعها في الصين، وهو ما يقلّص تنافسيّة هذه السلع المشمولة بالرسوم. كما أدّت هذه الحرب إلى ارتفاع كلفة توريد المكوّنات التي تحتاجها المصانع في الصين، ما قلّص من هامش ربح الشركات من عمليّاتها هناك.
– العقوبات والقيود التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركيّة على الصين في ما يخص وارداتها التكنولوجيّة، وخصوصًا أشباه الموصلات والشرائح الإلكترونيّة، والتي تحتاجها بشكل أساسي صناعات الحواسيب والهواتف الذكيّة. ورغم لجوء بعض الشركات إلى محاولة الحصول على إعفاءات من بعض هذه القيود، باتت الشركات الكبرى تخشى من التورّط داخل الصين –ولو من غير قصد- في عمليّات يمكن أن تُعد خرقًا لهذه العقوبات.
– النزاع الصيني مع تايوان، وتنامي مخاطر هذا النزاع على الشركات العاملة داخل الصين، خصوصًا أن تايوان تُعد المورّد الأساسي في سوق أشباه الموصلات والشرائح الإلكترونيّة. مع الإشارة إلى انّ واردات مصانع شركة آبل داخل الصين عانت في مراحل سابقة من عرقلة وارداتها التايوانيّة، نتيجة هذا النزاع بالتحديد، وهو ما أثار خشية الشركة من توقّف نشاطها الصناعي داخل الصين نتيجة هذا النوع من المخاطر.
– استمرار الصين باعتماد سياسة “صفر كوفيد” المتشددة، التي أدّت إلى استمرار إقفال المعامل في أجزاء واسعة من البلاد، في مقابل عودة الحركة الصناعيّة والتجاريّة في الغالبيّة الساحقة من أنحاء العالم الأخرى.
في نتيجة تقاطع كل هذه العوامل، باتت جميع الشركات الصناعيّة الكبرى ترى في عمليّاتها داخل الصين مصدر لمخاطر يصعب حصرها أو تلافيها، وهو ما دفعها مؤخرًا للعمل على تنويع سلاسل إنتاجها، واستحداث مراكز تصنيع جديدة في الهند وفيتنام.
سعي الهند وفيتنام للحلول مكان الصين
في هذا المشهد، تبدع كل من الهند وفيتنام في وضع الأسس الكفيلة بوضع البلدين مكان الصين، كمركز أساسي لاستقطاب النشاط الصناعي في آسيا، بالاستفادة من كل الظروف القاسية التي تمر بها الصين اليوم. ولهذه الغاية، عملت الدولتان على وضع رزم كبيرة من الحوافز الضريبيّة، والسياسات الداعمة للنشاط الصناعي.
ومن هذه السياسات مثلًا، اعتماد الهند على خطط تقوم على تمويل الدولة لنصف كلفة مصانع أشباه الموصلات والشرائح الإلكترونيّة، في محاولة لاستقطاب استثمارات كبرى الشركات العاملة في هذا المجال، كـ TSMC وإنتل وسامسونغ، بالإضافة إلى تمويل 30% من كلفة مصانع الشاشات الذكيّة.
ومن خلال تحفيز نشوء هذا النوع من النشاطات الصناعيّة، تكون الهند قد وضعت الركيزة الأولى لسلاسل توريد الصناعات الذكيّة، التي تحتاج إلى هذا النوع من المكوّنات الأساسيّة. مع الإشارة إلى أنّ الشركات الأجنبيّة تأخذ بعين الاعتبار مدى توفّر هذا النوع من المكونات المحليّة الصنع، عند اتخاذ قرار إنشاء المعامل في أي سوق، في محاولة لتخفيض كلفة نشاطها الصناعي.
بالتأكيد، لا تعني كل هذه التطوّرات أن الصين في طريقها إلى خسارة موقعها الصناعي المتقدّم خلال الأشهر أو حتّى السنوات القليلة المقبلة، خصوصًا أن هذا الموقع جاء نتيجة تراكمات وإنجازات تحققت على مدى عقود من الزمن. إلا أنّ جميع هذه المؤشرات تدل على أن الصين لن تكون خلال المرحلة المقبلة القطب الأكثر قدرة على استقطاب الاستثمارات الأجنبيّة في منطقة جنوب آسيا، خصوصًا أن الإحصاءات تشير إلى أنّ أكثر من نصف الشركات الصناعيّة العاملة في الصين قررت بالفعل تجميد كل خططها الاستثماريّة داخل السوق الصيني. باختصار، بات هناك منافسة شرسة من قبل لاعبين آخرين جدد وأقوياء، وبات هناك عوامل ضاعطة تُضعف من قدرة الصين على منافسة هؤلاء اللاعبين.
علي نور الدين