يتنافس الجميع على المنصَّات والشاشات بعناوين ووعود لإعادة النهوض وبناء الإقتصاد اللبناني المتين والجديد، لكن من وراء الستار، الكل يُتابع الإستراتيجية التدميرية والانحدارية المبطّنة.
إن إعادة النهوض الاقتصادي الحقيقي، يبدأ بإعادة الدورة الاقتصادية، وإعادة هذه الدورة، تبدأ بإعادة نهوض القطاع الخاص، وإعادة نهوض هذا القطاع تبدأ بإعادة التمويل والاستثمار.
التمويل والاستثمار هما العمود الفقري، واليوم يُمثّلان المدماك الأول لإعادة بناء كل القطاعات الانتاجية، التي تُقاوم للإستمرار وأيضاً للتطوير وتصدير نجاحاتها. ولا يُمكن تطوير القطاع الخاص وتمويل معدّاته ومواده الأولية، من دون تمويل عبر المصارف.
ولا يُمكن الإستناد على اقتصاد “الكاش” لتمويل التطوير والنمو والإنماء، فاقتصاد “الكاش” هو قنبلة موقوتة، يُمكن أن تنفجر في أي لحظة.
لذلك، نحتاج إلى قطاع مصرفي جديد، متين وقوي، تحت المراقبة الداخلية، الإقليمية والدولية، بحيث يستطيع تمويل الإقتصاد اللبناني الجديد وتطويره، لإعادة النمو المرجو والمنشود.
إنّ نقطة الانطلاق لإعادة النمو، هو بناء قطاع مصرفي جديد لتمويل الإقتصاد. أما تمويله عبر المنصات الإلكترونية، و(7) أسعار للصرف، وسوق السوداء النامية، سيُطلق “رصاصة الرحمة” على ما تبقّى من الشركات والاقتصاد الأبيض.
نحتاج اليوم إلى استثمارات لتمويل ليس فقط، المعدّات والمواد، لكن أيضاً الأفكار والريادة، والرياديين، لبناء نهوض جديد.
من هنا، كي نستطيع تمويل المعدّات والإنماء، من المؤكّد أننا نحتاج إلى قطاع إستثماري رائد، وأساسي، يكون في صُلب النهوض بالاقتصاد.
من جهة أخرى، إنّ استعادة النمو والبناء لن تكون بفرض الرسوم والضرائب الخيالية الجديدة، وتغطية فجوة العجز، ولا من خلال فرض الأعباء على شعب منهوب واقتصاد مهترئ، لكن عبر تمويله ودعم استثماراته للتطوير والتنويع.
إننا اليوم على مفترق طرق، والخيار واضح وصريح، إما نريد أن نبني إقتصاداً جديداً، وإعادة منصّتنا الدولية من خلال تطوير وتمويل قطاعنا الخاص عبر مسار جديد، تحت المراقبة الدولية، لدعم الاقتصاد الأبيض وتطوير إنمائه، وإما إنماء الاقتصاد الأسود والتهريب وتبييض الأموال، وإقتصاد “الكاش” بعيداً من كل سيطرة ومراقبة داخلية ودولية، وتدمير ما تبقّى من الإقتصاد الأبيض لمصلحة إقتصاد المافيات المُظلمة.
د. فؤاد زمكحل