مورغان ستانلي ينصح الجميع باستغلال أي موجة صعود بالأسهم.. “بع كل ما تملك”

أوصى مايكل ويلسون المحلل لدى مورجان ستانلي، بأن يبيع المستثمرون أي انتعاش في الأسهم الأمريكية قد ينتج عن إجراءات دعم المنظمين بعد انهيار بنك “سيليكون فالي”.

وكتب ويلسون في مذكرة يوم الاثنين “نقترح بيع أي ارتداد عند تدخل حكومي لإخماد أزمة السيولة الفورية في “SVB”، والمؤسسات الأخرى حتى نحقق أدنى مستويات هبوط جديدة في السوق، على الأقل.

آثار الفيدرالي

قال مايك ويلسون: “إن انهيار بنك “سيليكون فالي”، وإغلاق بنك “سيجنتشر” يوضح تأثير تشديد سياسة الفيدرالي. في حين أنه لا يرى مشكلة منهجية أوسع نطاقا مماثلة لتلك التي واجهتها خلال الأزمة المالية العالمية لعام 2008، خاصة مع دعم السلطات الأميركية للودائع في البنكين المتعثرين، ولكنه يرى أن سقوط هذه البنوك من المحتمل أن يكون له تأثير سلبي على النمو الاقتصادي، وفقاً لما ذكرته وكالة “بلومبرغ”.

وعلى إثر انهيار بنك “سيليكون فالي”، ظل بنك “First Republic Bank” تحت الضغط، حيث انخفضت الأسهم بنسبة 70% في تعاملات ما قبل السوق الأميركية حتى بعد أن تحرك البنك لمحاولة تهدئة القلق بشأن السيولة بعد إفلاس “SVB”.

بينما خسر “باكويست بانكورب” أكثر من 40%، وهبطت “ويسترن ألاينس بانكورب” 30%، وتراجعت شركة “تشارلز شواب (NYSE:SCHW)” بنحو 20%، وهبطت “زيون بانكورب إن أي” 15%. وانخفضت أسهم “Comerica Inc” بنسبة 7%.

انخفاض الأرباح

وقال ويلسون من مورغان ستانلي إنه يتوقع استمرار اتجاه المودعين في سحب الأموال من البنوك التقليدية وتكديسها في الأوراق المالية ذات العوائد المرتفعة، ما لم يرفع المقرضون أسعار الفائدة على الودائع. وأضاف أن هذا سيؤدي بدوره إلى انخفاض الأرباح ومن المحتمل انخفاض المعروض من القروض.

وكتب ويلسون: “ننظر إلى أحداث الأسبوع الماضي على أنها مجرد عامل دعم إضافي لتوقعاتنا السلبية لنمو الأرباح”.

وأضاف مايكل: “باختصار، بدأت سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي تؤتي ثمارها، ومن غير المرجح أن تنعكس حتى إذا أوقف الاحتياطي الفيدرالي زياداته في أسعار الفائدة أو عمليات التشديد الكمي مؤقتاً”.

وتوقع أن تشدد البنوك من عمليات توفير الائتمان مما يؤثر بشكل أكبر على الشركات ذات رؤوس الأموال الصغيرة.

تصريحات بايدن

قال الرئيس الأميركي جو بايدن منذ قليل إنه وجه بالتحرك سريعا لاحتواء تداعيات انهيار بنك “سيليكون فالي”.

وأشار إلى أن دافعي الضرائب لن يتحملوا خسائر البنوك، مضيفا :”لن نسمح بتكرار إخفاقات البنوك، وسنعمل على حماية الشركات الناشئة”.

وأضاف بايدن في خطاب حول تداعيات انهيار بنك “سيليكون فالي”، أنه بإمكان المودعين ببنك “سيليكون فالي” الوصول إلى أموالهم بدون عوائق.

وأوضح أن المستثمرين الذين يخاطرون بودائع الأميركيين ستتم محاسبتهم ولن يحظوا بأي حماية، قائلا: “سنحاسب المسؤولين عن أزمة البنوك ولا أحد فوق القانون”.

وكشف أنه ستتم إقالة إدارة بنكي “سيليكون فالي” و”سيغنتشر”، وستتم محاسبتهم.

وتابع :”أطلب من الأميركيين الثقة في النظام المصرفي، وأوكد أن ودائعهم في أمان”.

توقعات للتضخم.. غدًا

من المقرر أن يصدر مكتب إحصاءات العمل الأمريكي (BLS) أرقام التضخم لشهر فبراير يوم الثلاثاء، 14 مارس.

من المتوقع أن يرتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي بنسبة 0.4٪ على أساس شهري. ومن المتوقع أيضًا أن يرتفع مؤشر أسعار المستهلكين الرئيسي بنسبة 0.4٪ مقارنة بالشهر السابق وأن يصل النمو السنوي إلى 6.0٪. بالنسبة لشهر يناير، كانت الأرقام المعلنة هي 0.4٪ و 0.5٪ و 6.4٪ على التوالي.

سيراقب مجلس الاحتياطي الفيدرالي تلك البيانات بعناية حيث يُنظر إليها على أنها آخر إصدارات البيانات قبل اجتماع البنك المركزي الأسبوع المقبل، والذي سيناقش فيه خطواته التالية.

توقعات جولدمان ساكس

يتوقع بنك جولدمان ساكس (NYSE:GS) أن برتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي بنسبة 0.45٪ مقارنة بالشهر السابق بينما يتوقع أن يصل مؤشر أسعار المستهلكين الرئيسي إلى 0.4٪ شهريًا و 6.08٪ سنويًا.

كتب الاقتصاديون في ملاحظة للعملاء بالمتابعة، نتوقع أن يظل معدل التضخم الأساسي الشهري لمؤشر أسعار المستهلك في نطاق 0.3-0.4٪ في الأشهر القليلة المقبلة، مما يعكس مسارات أعلى لتضخم أسعار السيارات المستعملة والمأوى، ونتوقع أن ينخفض معدل التضخم الأساسي الشهري في مؤشر أسعار المستهلكين إلى حوالي 0.2٪ في النصف الثاني من عام 2023. نتوقع أن يبلغ تضخم مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي السنوي 3.7٪ في ديسمبر 2023 و 2.6٪ في ديسمبر 2024. التباطؤ الذي نتوقعه في عام 2023 مدفوع بالسلع أكثر من فئات الخدمات”.

توقعات بنك أوف أمريكا

وبالمثل، يتوقع الاقتصاديون في بنك أوف أميركا أن يصل مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي إلى 0.42٪ مقارنة بالشهر السابق، لكنهم يحذرون من أن المخاطر تميل إلى الاتجاه الصعودي.

لا نعتقد أن نسبة 0.5٪ غير واردة…في ضوء الارتفاعات الأخيرة في مؤشر مانهايم للسيارات المستعملة.”

من المتوقع أيضًا أن يرتفع مؤشر أسعار المستهلكين الرئيسي بنسبة 0.38٪، والذي من المفترض أن يشهد نموًا سنويًا بنسبة 6.1٪

أكبر إفلاس مصرفي أميركي منذ 2008: درس للمصارف اللبنانية

لم يستغرق الأمر أكثر من 48 ساعة: تهبط أسهم مصرف “سيليكون فالي” بنسبة 66% في البورصة. يفشل المصرف في تأمين 2.25 مليار دولار من السيولة لزيادة رساميله وتعويض خسائر سابقة متراكمة في الميزانيّة. يهرع المودعون إلى أبواب فروع المصرف في كاليفورنيا. تعلن مؤسسة ضمان الودائع إقفال المصرف ووضع اليد عليه (راجع “المدن”). خلال يومين فقط، تحوّل المصرف من مؤسسة ماليّة طبيعيّة، إلى أكبر إفلاس مصرفي أميركي منذ حصول الأزمة الماليّة العالميّة عام 2008، وإلى ثاني أكبر إفلاس مصرفي في تاريخ الولايات المتحدة الأميركي.

أمام كل تلك الأحداث المتسارعة، تُرك الأميركيون أمام سلسلة من الأسئلة البديهيّة: كيف تولد أزمة بهذا الحجم خلال يومين من الزمن؟ كيف ولدت “خسائر” هذا المصرف؟ وما علاقة ما يجري بأزمة سقف الديون الأميركيّة القائمة حاليًا، وبأزمة التضخّم وارتفاع الفوائد؟ وثمّة من راح يبحث خلف أسئلة أخطر: كيف يمكن أن تؤثّر هذه الأزمة على قيمة الدولار وموقعه في الأسواق العالميّة؟ وإذا كان العالم يترقّب الأزمة الماليّة المقبلة، وينتظر شرارتها من مكانٍ ما، هل يمكن لوادي السليكون وأبرز مصارفه أن يكونا مهد هذه الشرارة المنتظرة؟

كيف أفلست؟ تدريجيًّا.. ثم فجأة
البحث عن السؤال الأوّل، “لماذا”، قد يكون سهلًا ومتعذّرًا، في الوقت نفسه. ثمّة الكثير مما نعلمه عن أسباب الصعوبات الذي واجهت المصرف خلال الفترة الماضية، ومنها ما يتصل بمسألة ارتفاع الفوائد وأثرها على قيمة سندات الخزينة الأميركيّة. إلا أن ترتيب هذه الأحداث بشكل مفصّل، وتحديد أثر كلٍّ منها بالأرقام على الميزانيّة، سيحتاج إلى انتظار التدقيق الذي ستجريه مؤسسة ضمان الودائع.

لكن باختصار شديد، يشبه ما جرى الغالبيّة الساحقة من الانهيارات المصرفيّة الكبرى عبر التاريخ. ويمكن تلخيصه بعبارة شهيرة وردت في رواية “الشمس تشرق أيضًا” المشهورة: “كيف أفلست؟ تدريجيًا…ثم فجأة!”. بمعنى آخر، ما جرى لم يكن سوى حصيلة تراكم خسائر عبر سلسلة من الأحداث الصغيرة المتدرّجة، قبل أن ينكشف كل شيء خلال ساعات معدودة.

قيمة أصول المصرف تتجاوز 209 مليار دولار. لتبسيط المسألة للقارئ اللبناني أو العربي، توازي قيمة هذه الأصول نحو 2.2 مرّات قيمة كل ما تبقى من ودائع في القطاع المصرفي اللبناني. والجزء الأكبر والأساسي من موجودات المصرف الأميركي، تركّزت في سندات الخزينة الأميركي، أي في الدين العام الأميركي (هل يذكركم ذلك بشيء أيها اللبنانيون؟).

في الأصل، لم يكن هناك ما يدعو للقلق بالنسبة إلى توظيف بنك “سيليكون فالي” أموال المودعين في الدين العام الحكومي الأميركي، طالما أن المقترض هو حكومة الولايات المتحدة، وطالما أنّ الولايات المتحدة هي من يقبض على مفاتيح مطبعة الدولار (ولو أنّ سيناريو تخلّف الحكومة عن سداد إلتزاماتها بات احتمالًا يتردد ذكره بقوّة اليوم).

لكن مصاعب المصرف بدأت مؤخرًا مع تتالي قرارات رفع الفوائد، الصادرة عن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي منذ العام الماضي. وقد لا يعرف ذلك كثيرون من الذين لا يتابعون أخبار أسواق المال ودهاليزها، لكن سندات الدين تصدر في العادة بقيم ثابتة يفترض أن يدفعها المقترض عند الاستحقاق، فيما تتذبذب قيمة هذه السندات الراهنة عند تداولها بيعًا وشراءً في السوق. وبمجرّد ارتفاع الفوائد، تنخفض تلقائيًا قيمة التداول السوقيّة الراهنة لهذه السندات، لزيادة الفارق بين القيمة الراهنة والقيمة التي سيتم دفعها عند الاستحقاق، وإعطاء المستثمر الربح الذي يتناسب مع الفوائد الجديدة المرتفعة.

لن يكون صعبًا على القارئ هنا تخيل سلسلة الأحداث التي جرت بعد ذلك: منذ بدء ارتفاع الفوائد الأميركيّة خلال العام الماضي، بدأت قيمة سندات الدين العام التي يملكها مصرف “السيليكون فالي” بالانخفاض، وبدأت قيمة المحفظة الاستثماريّة للمصرف بأسرها بالانخفاض. وعلى مدى الأشهر الماضية، كانت تتراكم بصمت كتلة من الخسائر، هي الفارق بين قيمة الأصول وقيمة الإلتزامات المتوجّب دفعها للمودعين (مجددًا: هل يذكركم ذلك بشيء، أيها اللبنانيون؟).

في الوقت نفسه، ومع النزاع الحاصل بين الجمهوريين والديموقراطيين حول رفع سقف اقتراض الولايات المتحدة الأميركيّة، بدأت ترتفع الأصوات المحذّرة من احتمال تخلّف الحكومة الأميركيّة عن دفع السندات عند الاستحقاق. وهذا تحديدًا ما ساهم بدوره في خفض قيمة سندات الدين العام الأميركي في الأسواق، فازدادت خسائر المصرف.

الهلع ورد فعل السلطات
ما تبقى من أحداث جرت خلال الساعات 48 الأخيرة، قبل إفلاس المصرف، كان مجرّد انكشاف لكل ما تراكم في الأشهر السابقة. تتوالى أخبار الخسائر، فيزداد ضغط سحوبات المودعين من المصرف. يحاول المصرف التعامل مع الوضع، فيقوم ببيع ما قيمته 21 مليار دولار من الاستثمارات التي يملكها، وأغلبها من سندات الدين العام الأميركيّة، للحصول على السيولة. فيتكبّد المصرف خسائر إضافيّة نتيجة اضطراره لبيع السندات بخصومات كبيرة، نظرًا لقيمتها المتدنية اليوم، ونظرًا لمعرفة الأسواق بحراجة موقف المصرف. خلال يومين فقط، دخل المصرف دوّامة الهلع والسحوبات والخسائر المتكررة (مجددًا، يبدو كل ذلك مألوفًا للبنانيين، بما فيه بيع محفظة السندات).

ما سيحصل لاحقًا، لن يكون مألوفًا لأي لبناني. لن يشبه ما جرى منذ العام 2019 هنا. بعد 48 ساعة فقط من بدء الأزمة، أي يوم الجمعة الماضي، وضعت مؤسسة ضمان الودائع الفيدراليّة يدها على المصرف، وأقفلت فروعه. كل وديعة مضمونة لغاية 250 ألف دولار، من السيولة الموجودة بحوزة المؤسسة، وبإمكان المودع سحب المبلغ ابتداءً من يوم الإثنين (أي غدًا، في أوّل يوم عمل بعد إقفال المصرف، بلا أي مبالغة!).

وابتداءً من هذه اللحظة، وضعت المؤسسة جميع الخيارات على الطاولة: بيع الأصول والتصفية، أو بيع المصرف بأسره، أو دمجه أو إعادة رسملته..إلخ. الخيارات المطروحة اليوم، يفترض أن تستند إلى التدقيق الذي سيجري في قيمة الأصول المتبقية، وتوزيع الخسائر يفترض أن يستند إلى أسباب الخسائر وتسلسل الأحداث، بما فيها قيمة الحوافز والمكافآت التي حصلت عليها إدارة المصرف، المسؤولة عن الإفلاس.

لم يتحدّث أحد عن قدسيّة الودائع، ولا عن “الثقة” بالنظام المصرفي الأميركي. لم يطرح أحد شعارات عن القطاع الذي “صنع مجد الاقتصاد” الأميركي. لم يطرح “اليمين” صندوقاً سيادياً، يحمّل الدولة مسؤوليّة إعادة رسملة المصرف، بحجّة أن سبب الخسائر سندات الدين العام وارتفاع الفوائد.

في الواقع، كان ميت رومني، المرشّح الجمهوري السابق لرئاسة الجمهوريّة، يقولها بصريح العبارة: المساهمون والمدراء سيخسرون كل شيء، كما يفترض أن يكون الحال. هذه مسألة بديهيّة. أما المودعون من أصحاب النيّة الحسنة (ضعوا خطّين تحت عبارة “النيّة الحسنة”)، فيجب أن يحصلوا مما تبقى وسريعًا على الأموال الضروريّة والكافية لتأمين الرواتب والدفع للمورّدين. وبطبيعة الحال، لم يتهم أحد رومني بكونه يساريًّا متطرّفًا أو سوفياتيًّا، كما اتهمت أوساط جمعيّة المصارف اللبنانيّة كل من عارض طروحاتها في لبنان.

المسألة واضحة إذًا، معايير التعامل مع المصارف المفلسة ستُحترم في قضيّة مصرف “سيليكون فالي”. ويرّجح كثيرون اليوم أن تكون خسائر مودعي المصرف محدودة جدًا، أو قد تكون هامشيّة، طالما أن السلطات التفتت للخسائر وفرملت عمل المصرف سريعًا، في وقت مبكر. فقبل إقفال المصرف بساعات، كان حجم السيولة المطلوبة لإنقاذ المصرف لا يتجاوز 2.5 مليار دولار، مقابل أصول تناهز قيمتها 207 مليار دولار. أمّا أهم ما في الأمر، فهو أن السلطات لم تترك –بتحرّكها السريع- هامشًا لأي نوع من العمليّات الاحتياليّة، التي تجري في العادة خلال الانهيار المصرفيّ، تمامًا كما حدث في لبنان.

علي نور الدين