ما الذي يعنيه تباطؤ الاقتصاد الصيني بالنسبة للاقتصاد العالمي؟

قد يواجه الاقتصاد الصيني فترة طويلة من النمو المنخفض، وهو احتمال قد يكون له تداعيات عالمية بعد 45 عامًا من التوسع السريع والعولمة.

تتخذ الحكومة الصينية مجموعة من الإجراءات التي تهدف إلى تعزيز الاقتصاد، حيث تعهد قادة البلاد الاثنين 24 يوليو/تموز بتعديل وتحسين السياسات في قطاع العقارات، مع دفع التوظيف المستقر نحو هدف استراتيجي. كما تم الإعلان عن تعهدات بتعزيز الطلب على الاستهلاك المحلي وحل مخاطر الديون المحلية.

نما الناتج المحلي الإجمالي الصيني بنسبة 6.3% على أساس سنوي في الربع الثاني، بأقل من توقعات السوق بنمو قدره 7.3% بعد إنهاء ثاني أكبر اقتصاد في العالم إجراءات الإغلاق الصارمة لكوفيد-19.

على أساس ربع سنوي، نما الناتج الاقتصادي بنسبة 0.8%، أبطأ من الزيادة الفصلية البالغة 2.2% المسجلة في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري.

وفي الوقت نفسه، سجل معدل البطالة بين الشباب رقماً قياسياً مرتفعاً بلغ 21.3% في يونيو/حزيران، فيما تسارعت وتيرة نمو الإنتاج الصناعي من 3.5% على أساس سنوي في مايو/آيار إلى 4.4% في يونيو/حزيران، متجاوزة التوقعات.

حدد الحزب الشيوعي الصيني الحاكم هدف نمو بنسبة 5% لعام 2023، وهو هدف أقل من المعتاد ومتواضع بشكل ملحوظ لدولة بلغ متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي فيها 9% منذ فتح اقتصادها في عام 1978.

خلال الأسابيع القليلة الماضية، أعلنت السلطات عن سلسلة من التعهدات التي تستهدف قطاعات محددة أو تهدف إلى طمأنة المستثمرين من القطاع الخاص والأجانب وتعدهم ببيئة استثمارية أكثر ملاءمة.

مع ذلك، كانت هذه الإجراءات الواسعة إلى حد كبير تفتقر إلى بعض التفاصيل الرئيسية، وكانت القراءة الأخيرة للاجتماع الفصلي للمكتب السياسي بشأن الشؤون الاقتصادية تتسم بنبرة متشائمة.

قال جوليان إيفانز-بريتشارد رئيس قسم الاقتصاد الصيني في Capital Economics – في مذكرة – إن قيادة البلاد قلقة بشكل واضح، ووصف تقريرها الأخير المسار الاقتصادي بأنه “متعرج” ويسلط الضوء على التحديات العديدة التي تواجه الاقتصاد.

ويشمل ذلك الطلب المحلي، والصعوبات المالية في القطاعات الرئيسية مثل العقارات، والمشهد الخارجي القاتم.

وأشار إيفانز بريتشارد إلى أن القراءة الأخيرة تذكر “المخاطر” 7 مرات، مقابل 3 مرات في قراءات أبريل/نيسان، ويبدو أن أولوية القيادة هي توسيع الطلب المحلي، لافتاً إلى أنه سيتم تقديم المزيد من الدعم على مستوى السياسة خلال الأشهر المقبلة.

لكن عدم وجود أي إعلانات رئيسية أو تفاصيل تلك السياسة يشير إلى الافتقار إلى العجلة أو أن صانعي السياسة يكافحون من أجل التوصل إلى تدابير مناسبة لدعم النمو. وفي كلتا الحالتين، فإنه ليس مطمئنًا بشكل خاص للتوقعات على المدى القريب.

صدمة ثلاثية

لا يزال الاقتصاد الصيني يعاني من “الصدمة الثلاثية” لكوفيد-19 وتدابير الإغلاق المطول وقطاع العقارات المتعثر ومجموعة كبيرة من التحولات التنظيمية المرتبطة برؤية الرئيس شي جين بينغ لـ “الرخاء المشترك”، وفقًا لما قاله روري غرين رئيس أبحاث الصين وآسيا في TS Lombard.

وأضاف غرين أنه نظرًا أن الصين لا تزال في غضون عام من إعادة فتح اقتصادها بعد تدابير صفر كوفيد، فلا يزال من الممكن أن يُعزى الكثير من الضعف الحالي إلى تلك الفترة، لكنه أضاف أن هذا يمكن أن يصبح راسخاً إذا لم يتم اتخاذ الرد المناسب.

وقال لـ CNBC الجمعة 21 يوليو/تموز: “هناك فرصة أنه إذا لم تتدخل بكين، فإن أضرار كوفيد على الاقتصاد الصيني يمكن أن تتماشى مع بعض الرياح المعاكسة الهيكلية التي تعاني منها الصين – خاصة فيما يتعلق بحجم قطاع العقارات والانفصال عن الاقتصاد العالمي والتركيبة السكانية، ودفع الصين إلى معدل نمو أبطأ بكثير”.

على الرغم من أن الحاجة إلى الانكشاف على الصين ستظل ضرورية للشركات الدولية لأنها لا تزال أكبر سوق استهلاكي في العالم، يرى غرين أن التباطؤ قد يجعلها أقل إغراءً قليلاً ويؤدي إلى تسريع الانفصال عن الغرب من حيث تدفقات الاستثمار والتصنيع.

ومع ذلك، بالنسبة للاقتصاد العالمي، من المرجح أن تؤثر التداعيات الفورية للتباطؤ الصيني على السلع والدورة الصناعية، حيث تعيد الصين تشكيل اقتصادها لتقليل اعتمادها على قطاع العقارات الذي كان يمتص ويدفع أسعار السلع الأساسية.

إن إعادة توجيه الاقتصاد بعيدًا عن العقارات ونحو التصنيع الأكثر تقدمًا واضح في اندفاع الصين الهائل نحو السيارات الكهربائية، مما أدى إلى تجاوز البلاد لليابان في وقت سابق من هذا العام كأكبر مصدر للسيارات في العالم.

على الرغم من أنه لم يتضح بعد كيف ستتعامل الأسر الصينية والقطاع الخاص والشركات المملوكة للدولة مع الانتقال من نموذج يحركه العقار والاستثمار إلى نموذج مدعوم من التصنيع المتقدم، قال غرين إن البلاد حاليًا في “لحظة محورية”.

بنك أوروبا لم ينجز مهمة التضخم بعد عام من رفع الفائدة

بعد عام من بدء البنك المركزي الأوروبي في رفع أسعار الفائدة، بدأت التوقعات ترتفع بأن دورة تشديد السياسة النقدية قد شارفت على النهاية مع تباطؤ التضخم الرئيسي من مستويات 10.6% إلى مستويات 5.5%.

ويستعد صانعو السياسة النقدية من بنك أوروبا في اجتماع الأسبوع الحالي للكشف عن رفع فائدة إضافي بمقدار 25 نقطة أساس نحو مستويات 4.25%.

425 نقطة أساس هي عمليات رفع الفائدة منذ عام لمحاولة كبح جماح التضخم المتغلغل في الاقتصاد جراء الحرب الروسية الأوكرانية.

هل يفاجأ بنك أوروبا الاسواق ويثبت الفائدة؟

في ظل توقف بعض البنوك المركزية الكبرى عن رفع الفائدة، بدأت الأصوات تنادي بأن بنك أوروبا قد يفاجأ الأسواق، إلا أنه على ما يبدو بأن مجلس بنك أوروبا متجه إلى عملية رفع الفائدة، ومن غير المرجح أن يوجه البنك إلى أي توقف في اجتماع سبتمبر، حيث تنتظر الأسواق قرائتين للتضخم مفصليتين حتى اجتماع سبتمبر، وقد تكونا هما المحرك الأساسي لتحركات بنك أوروبا.

إلا أن ارتفاع أسعار النفط في الشهر المنصرم وانسحاب روسيا من مبادرة حبوب البحر الأسود قد تأجج مشاعر التضخم مرة آخرى، لذلك قد يكون توجيه البنك إلى سياسة نقدية قبل شهرين هي خطوة استباقية وغير مرجحة.

إن التضخم الرئيسي والأساسي لا يزالا عند مستويات مرتفعة 5.5%، لذلك التحدي الرئيسي لبنك أوروبا أن يكون إبقاء الفائدة المرتفعة لفترة زمنية أطول مما تتوقعه الأسواق لمحاولة السيطرة على التضخم المرتفع.

كما أن محاولة إعادة بناء المصداقية للبنوك الكبرى هو هدف أساسي، فقد أمضى البنك المركزي الأوروبي والبنوك المركزية الكبرى الآخرى معظم العام ونصف العام الماضيين في سعيهم إلى هندسة “هبوط سلس” لاقتصاداتهم بعد الحرب الروسية في أوكرانيا. ذلك قد يعطي انطباع بأن بنك أوروبا لن يتوقف عند هذا القدر من عمليات رفع الفائدة قبل أن يصل التضخم إلى المستهدف 2%.

هل نجح بنك أوروبا بكبح جماح التضخم؟

انخفض التضخم إلى 5.5% من ضعف ما كان عليه تقريبًا في ذروته 10.6%. ولكن هذا يرجع إلى انعكاس في أسعار الغاز الطبيعي والنفط أكثر من تحرك البنك المركزي الأوروبي حتى الآن.

وبمجرد إزالة الطاقة والغذاء، يظل ما يسمى بالتضخم الأساسي أعلى مما كان عليه قبل بداية دورة تشديد السياسة النقدية. ذلك قد يدفعنا لتوقع بأن سيناريو “الهبوط السلس” قد يكون بعيد عن متناول أيدي بنك أوروبا خاصة مع أرقام النمو الاقتصاد السلبية والصفرية.

وبالرغم من تفاؤل الأسواق إلا أن بنك اوروبا لم ينجح لحتى الآن بمهمته، وأن معركته ضد التضخم قد تكون طويلة، كما أن محاولة كبح جماح التضخم ستحتاج المزيد من عمليات رفع الفائدة والبقاء على فائدة مرتفعة لفترة زمنية طويلة.

ليس كل شيء سيء في أوروبا

نجح الاقتصاد حتى الآن في تجنب الركود حتى مع ارتفاع فواتير الطاقة وتكاليف الاقتراض التي تضغط على الأسر. سوق العمل القوي بشكل مدهش هو أساس الاستهلاك. لكن بعض القطاعات -وخاصة التصنيع- تعاني من الإنكماش. كما تقلص الإنتاج في ألمانيا (أكبر عضو في الكتلة)خلال الشتاء.

أرقام النمو وبالرغم من أنها سلبية في الربع الثاني من عام 2023، إلا أنها أفضل من السلبية في قراءة الربع الأول من العام الحالي. وأعطت بنك أوروبا المزيد من الوقت لمتابعة السياسة النقدية وتأثيرها على النمو. على الأقل تفادي الركود التقني تعتبر إشارة جيدة في وقت يعاني الاتحاد الأوروبي من التضخم المرتفع وانكماش التصنيع.

كل ما في أوروبا يدعو إلى انقسام بنك أوروبا

حذر رئيس بنك اليونان يانيس ستورناراس من أن النمو قد يكون دون المستوى، مشيرًا إلى أن التضخم قد يكون أضعف نتيجة لذلك. وقال رئيس بنك إيطاليا إجنازيو فيسكو بأن ضغوط الأسعار قد تنحسر أسرع من المتوقع. إن التصريحات القادمة من اليونان وإيطاليا قد تكون دعوات واضحة للتوقف عن رفع الفائدة في سبتمبر القادم.

بينما جادل رئيس البنك المركزي الألماني يواكيم ناجل بأنه من السابق لأوانه إعلان “نوع معين من الانتصار” على التضخم، ملمحًا إلى أنه قد تكون هناك حاجة إلى رفع فائدة آخر في الخريف.

وقد ذكر الصقر التقليدي رئيس بنك هولندا كلاس كنوت بأن أي إجراء بعد يوليو قد يكون احتمالاً ولكن ليس مؤكد بأي حال من الأحوال.

ذلك يعطي إشارة بأن مجلس بنك اوروبا بات أكثر انقساما عن السابق حول مدى الحاجة لمزيد من عمليات رفع الفائدة في اقتصاد منطقة اليورو. لذلك قد لا يحمل اجتماع بنك أوروبا توجيهات مستقبلية صريحة إلا أن كريستين لاغارد قد تترك الباب مفتوح لمزيد من عمليات رفع الفائدة بتكرار عبارتها “لم ننجز المهمة بعد”.

أحمد عزام

ماذا عن الزخم الصاعد في أسواق الذهب والفضة؟

بدأت أسعار المعادن النفيسة (خاصة الفضة) مساراً صاعداً قصيرًا في 12 يوليو تموز قبل أن تتراجع مرة أخرى ليُطرح سؤالاً، هل سيستمر هذا الزخم لمزيد من الوقت أم لا؟

لا يزال الكثيرون متفائلون بأن أسعار الذهب ستستمر في الارتفاع حتى نهاية عام 2023، ومع ذلك، تلوح في الأفق ضغوط متزايدة تدفع الذهب والمعادن النفيسة الأخرى نحو التراجع.

ومع انخفاض الدولار الأميركي، أصبحت المعادن الثمينة ميسورة التكلفة بصورة أكبر للمستثمرين، وهو ما يدفعهم نحو الشراء، لكن في ظل التوقعات بمزيد من الارتفاعات الأخرى في أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفدرالي من خلال سياسة نقدية مشددة، فإن تفاؤل المضاربين على ارتفاع الذهب يتضاءل.

وفي الفترة بين الأول من يونيو حزيران وحتى الأول من يوليو تموز، انخفضت أسعار المعادن النفيسة إلى حد ما، مما أدى في النهاية إلى انخفاض مؤشر المعادن الثمينة MMI (مؤشر المعادن الشهري) بنسبة 6.71% على أساس شهري.

البلاديوم يخالف الاتجاهات

على عكس المعادن الثمينة الأخرى، كانت أسعار البلاديوم في انخفاض مستمر خلال العام الماضي، وعلى الرغم من ارتفاع الأسعار بشكل طفيف في يوليو تموز مقارنة بالاتجاه الهبوطي العام في 2023، لكن المتوقع أن هذا الزخم الصعودي سيدعم البلاديوم.

البلاتين في ارتفاع قصير الأجل

على غرار أسعار الذهب والفضة والمعادن النفيسة الأخرى (باستثناء البلاديوم)، ارتفعت أسعار البلاتين منذ بداية يوليو تموز، مع ذلك، من غير الواضح ما إذا كان الزخم الصعودي سيستمر أم لا.

قد تحدث انخفاضات طفيفة، وفي نفس الوقت، لا يوجد دليل كاف لتأكيد انعكاس حقيقي نحو الانخفاض.

الفضة تتفوق

تمكنت الفضة من الارتفاع بشكل يفوق ارتفاعات أي من المعادن النفيسة الأخرى خلال أوائل ومنتصف يوليو تموز.

وعلى غرار الذهب، تعرضت الفضة لزخم صعودي على المدى القصير، ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الفضة ستستمر في حركة الصعود من عدمه.

ثيران الذهب يتدخلون

على الرغم من أن أسعار الذهب كانت في ارتفاع منذ بداية يوليو تموز، ما يدل على قوة صعودية وزخم صعودي ثابت، إلا أن هناك شبه تردد من الثيران في ظل ارتفاع الدولار وتوقعات استمرار الفدرالي الأميركي في تشديد سياسته النقدية مما قد يؤدي إلى تراجع الأسعار مرة أخرى.