متابعة قراءة النفط يغلق منخفضاً عند التسوية رغم استمرار توترات الشرق الأوسط
الأرشيف الشهري: يناير 2024
الأسهم الأوروبية تغلق على انخفاض مع انطلاق فعاليات منتدى دافوس
إجراءات صينية جديدة لمجابهة “المخاطر المالية”
رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي في أتلانتا يحذر من أن التقدم الأميركي بشأن التضخم من المرجح أن يتباطأ
إبقاء تصنيف لبنان على C مع نظرة مستقرَّة
أعلنت وكالة «موديز» الدولية للتصنيف الإئتماني، مؤخراً، إبقاء تصنيف لبنان عند C، لكنها عدّلت نظرتها المستقبلية إلى «مستقرّة» من «لا نظرة» سابقاً. علماً أنها تحدّثت أيضاً عن مخاطر عدم تنفيذ الإصلاحات، والفراغات الدستورية الداخلية، والمخاطر الأمنية في المنطقة، وخطورة امتداد الأزمة على المدى الطويل.
نذكّر أن التصنيف الدولي للبنان ولأي بلد، مهم جداً، لاستقطاب الإستثمارات، وحماية المستثمرين، وخصوصاً لإعادة الثقة المنخفضة والمعدومة. نذكّر بأسف، أن التصنيف اللبناني كان قد وصل في سنواتنا الذهبية إلى مراتب عالية، أي إلى +B، لكنه تراجع سريعاً إلى -B –B، +C، -C وصولاً إلى أدنى التصنيفات بحسب وكالة موديز وهي C.
أما وكالات التصنيف الدولية الأخرى، مثل «ستاندرد آند بوز» S&P، فقد وضعت لبنان أيضاً في أدنى المستويات في سلّم تصنيفاتها، أي SD (Default)، بعد قرار التعثّر المالي الذي كان بالحقيقة الإعلان عن الإفلاس المبطّن. أما وكالة فيتش (Fitch)، فهي أيضاً صنَّفت لبنان في أقصى ترتيبها وهو RD (Default Restricted) جرّاء «حالة التخلّف عن الدفع المقيّدة».
نذكّر بأسف، أن نقطة التحوّل المهمة في كل هذه التصنيفات، وتاريخنا الأسود الذي كان في 7 آذار 2020، كان قد ارتسم عندما أعلنت رسمياً الدولة اللبنانية ما سُمّي بالتعثّر المالي (Financial Distress) والذي هو بالحقيقة إفلاس البلاد. وهنا إنهارت الثقة نهائياً، وتدهورت أكثر فأكثر العملة الوطنية، وتحوَّلنا سريعاً إلى اقتصاد مدولر، وهُدر ما تبقّى من الإحتياط، وتلاشى الدعم الوهمي، والذي لم ير منه اللبنانون شيئاً، لا بل تبخَّر إلى ما وراء الحدود.
نذكّر أنه حينما أُعلن الإفلاس، كان لدى «المركزي» أكثر من 30 مليار دولار، فيما المتوجّبات لتلك السنة لم تتجاوز أكثر من مليار ونصف المليار. فأبقت وكالة «موديز» Moody›s تصنيف لبنان على C، لكنها حسّنت النظرة المستقبلية إلى مستقرّة جرّاء إستعادة بعض النموّ الخجول، وخصوصاً بعد موسم صيف 2023 الذي أعاد بعض الحركة والسيولة، وشبه الإستقرار. لكنّ التقرير شدّد أيضاً على أن ثمّة مخاطر كبيرة لامتداد الأزمة على المدى الطويل، من دون أي خطة إصلاحية وإنقاذية، ومن دون أي إستراتيجية ورؤية، وفي ظل الفراغات الدستورية وغياب القرارات المصيرية.
فهذه الأزمة الراهنة التي أصبحت من صلب حياة اللبنانيين والإقتصاد اللبناني، والتي طالت على المَديين القصير والمتوسط، يُمكن أن تطول على المدى الطويل، كبلاد أخرى متعثّرة مثل فنزويلا وغيرها.
كما حذّر التقرير أيضاً من مخاطر حرب غزة، ولا سيما تداعياتها على لبنان، وعلى كل القطاعات الإقتصادية، ولا سيما على القطاع السياحي، والذي كان من أهم «عوّامات» الخلاص لإقتصادنا، وأيضاً يمكن أن تجرّنا الى تضخّم مفرط وإنكماش، أي أن توصلنا إلى الركود التضخمي (Stagflation).
لسوء الحظ، إن الذين أوصلونا إلى هذا القعر، هم المسؤولون المباشرون عن تدهور كافة التصنيفات الدولية، والذين لم يرف لهم جفن، بعد هذا التدمير المالي والنقدي، الإقتصادي والإجتماعي المبرمج والممنهج، ولا نستطيع أن ننتظر منهم أيّ خطة أو حتى أي جهد أو نيّة لإعادة بناء النمو، والثقة، أو أيّ خطة لنرتفع مجدداً بهذه التصنيفات الدولية. فالتصنيفات العليا في بعض البلاد تجذب المستثمرين والمبتكرين والرياديين، أما التصنيفات الدنيا فتجذب المهرّبين والمروّجين والمبيّضين.
في المحصّلة، لا شك في أنه رغم أن النظرة الدولية للبنان مستقرة، فإن أهم ركائز إعادة النمو تبدأ بإعادة الثقة المعدومة، وأيضاً بإعادة بناء مؤسسات الدولة المهترئة. لذا إن الرسائل المباشرة وغير المباشرة التي تصلنا من السياسيين جرّاء شعاراتهم الوهمية، ووعودهم الكاذبة، مفادها أن ليس هناك أي نيّة للإنقاذ، لا بل لديهم إستراتيجية لإستكمال هذا المسلسل الإفلاسي والتدهوري. أما رسائل الشعب، والرياديين والقطاع الخاص والإقتصاد فهي واضحة أيضاً، بأننا لم ولن نستسلم، ولن نترك مركبنا يغرق، لا بل سنواصل معركتنا بعزيمة ومثابرة للإنقاذ لإعادة إنماء القطاع الخاص اللبناني.
د. فؤاد زمكحل
كيف تواجه الشركات تحديات 2024؟
أصحاب المصلحة في الاقتصاد السعودي ليسوا فقط الحكومة والمواطنين والشركات، بل هناك المستثمرون الأفراد والمؤسساتيون كذلك.
ولهذا عندما نريد فهم أي قرار اقتصادي هذا العام يجب أن نأخذ نظرة بانورامية 360 درجة حتى يكون الحكم سليماً.
ولنبدأ بالحكومة التي رفعت أسعار الطاقة جزئياً، لكنها لم تحررها بالكامل بعد، ولن تتحرر لفترة طويلة من الوقت.
ما الذي يدفعني لقول هذا؟! بعض المنطق السليم، ففي كل أرجاء العالم تحاول الحكومات الحصول على موارد طاقة رخيصة، وهذا يفسر تمسك أوروبا وأميركا بالفحم حتى اليوم.
وقد يقول البعض إن الحكومة تحتاج لمداخيل أعلى وتخفيف العبء عليها قليلاً، حيث لا تزال أسعار الطاقة مدعومة. هذا صحيح، ولكن مراجعة أسعار الطاقة الأخيرة، خصوصاً على الشركات الصناعية، ليست وليدة اللحظة، أو ردة فعل على تراجع المداخيل النفطية العام الماضي.
في الحقيقة، أبلغت الجهات الحكومية المختلفة الشركات في 2022، أن هناك مراجعة في نهاية 2023. هذه المراجعة انتهت برفع أسعار بعض المنتجات، مثل الديزل وزيت الوقود الثقيل، لكن وقود السيارات (البنزين) ظل ثابتاً كما هو، والسبب في هذا كما ذكر وزير المالية محمد الجدعان سابقاً، أن الحكومة تريد التحكم في التضخم، وإبقاءه في مستويات لا تصل إلى 3 في المائة.
لكن من الصعب توقع أن تكاليف النقل لن ترتفع هذا العام، وبالتالي تكلفة كثير من السلع والخدمات.
في الوقت ذاته من الصعب توقع أن الحكومة تريد تراجع الأنشطة غير النفطية، وبالتالي أنشطة القطاع الخاص، حيث إنها أصبحت تشكل دخلاً مهماً في صورة ضرائب، ولو تراجعت الأنشطة ستتراجع مداخيل الحكومة غير النفطية، وهذا يعيدنا للاعتماد على النفط، وقد يكون هذا مستبعداً، لأننا نعرف سعي الحكومة الحثيث لرفع الدخل غير النفطي.
وعندما نتكلم مع المسؤولين الحكوميين عن أصحاب المصلحة مثل الشركات، سنجد الرد نفسه الذي كنا نسمعه من سنوات. هناك هدر في الطاقة، وكثير من الشركات تستفيد من الدعم، ولكنها لم تطور نفسها وأساليب عملها. ودائماً ما تتم الإشارة إلى أن سعر اللقيم في العالم مرتفع جداً، ومع هذا تحقق أرباحاً، بينما الشركات السعودية لا تربح كثيراً وهي مدعومة.
ما الحل إذن؟! هل تدفع الحكومة الشركات إلى تقليص التكاليف والحد من الترهل؟! في الحقيقة أغلب الاقتصاديين في العالم ضد الدعم، لأنه لا يجعل الشركات تتنافس بعدالة. واعتياد الشركات على الدعم على المدى البعيد ضار بالاقتصاد.
هناك بعض الصحة في ذلك، ولكن هذا يتطلب تحرير كثير من جوانب الاقتصاد، وليس الوقود فقط. وأنا من مدرسة أخرى ترفض تحرير الاقتصاد بالكامل، وهناك كثير من المسؤولين قد يوافقوني الرأي. والسبب في هذا أن الاقتصادات المتقدمة في الغرب نمت بصورة كبيرة في فترات سابقة عندما كانت تحصل على الطاقة بصورة رخيصة.
لكن الدعم غير المقنن خطير، ولنأخذ قطاعاً مثل الإعلام في السعودية، الذي لا يزال يعتمد على الدعم الحكومي. ولكن لا يمكننا لوم شركات الإعلام وحدها، لأن بيئة الإعلام ليست متحررة ونظام المؤسسات الإعلامية لا يشجع على الاستثمار فيها، ومن دون الدعم لن تتمكن شركات إعلامية كثيرة من الوفاء بالتزاماتها. هذا ليس مبرراً، ولكننا لم نصل إلى المرحلة التي نتقبل فيها إغلاق المؤسسات الإعلامية.
من ناحية أخرى، الحكومة كذلك لديها التزامات دولية لخفض الانبعاثات، وعليها دفع القطاع الصناعي لتقليص استهلاكه، حتى يتبقى لديها مزيد من الوقود لتصديره.
لقد استثمر كثير من مصافي السعودية في إنتاج الوقود النظيف، الذي يباع في الأسواق العالمية بسعر أعلى بكثير منه محلياً.
كل هذا لا يعني أصحاب المصلحة الآخرين مثل المستهلكين والمستثمرين، الذين أصبحت شهيتهم للاحتفاظ بأسهم قطاع البتروكيماويات والإسمنت أقل من قبل. هذا قد يعرقل خطط السوق المالية لأن تكبر هذا العام.
هناك دعم من نوع آخر، لا بد أن يكون موجوداً لمساعدة هذه الشركات على الاستمرار، مثل التوسع في إعطاء تراخيص تصدير الإسمنت للخارج، خصوصاً أن أسعاره محلياً لا ترتفع، وهناك توسعات في طاقات بعض الشركات أدت إلى فائض في السوق.
وبالتالي كان من اللازم أن يكون هناك تصحيح، وقد يستغرق بعض الوقت وقد يسبب بعض الألم. ولكن تاريخياً دائماً ما يتأقلم الجميع مع التصحيح والصدمات. وستحمل الأيام المقبلة كثيراً من القرارات، وقد نرى بعض الاندماجات وتقليصاً في النفقات.
هل هذا ما تحتاجه الشركات السعودية؟ أعتقد أن الشركات تحتاج للتفكير خارج الصندوق والتركيز على الإبداع والبحث والتطوير. الهدف الآن يجب أن يكون زيادة الدخل وليس تقليص النفقات، ما عدا ذلك لن يتغير الواقع كثيراً وستظل الشركات السعودية خلف الركب العالمي. الكلام سهل ولكن الفعل لا يزال صعباً.
وائل مهدي
الديون الأميركية و«زمن الماغانوميكس»
في الأيام الأولى من العام الجديد، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، أن إجمالي الدين العام للحكومة الفيدرالية، وصل إلى 34 تريليون دولار للمرة الأولى في التاريخ.
بحلول التاسع عشر من يناير (كانون الثاني) الجاري، سوف تشهد أروقة واشنطن، معركة جديدة حول سقف الدين الأميركي، وما إذا كان يتوجب رفعه، الأمر الذي يتطلب موافقة الجمهوريين في مجلس النواب، على موازنة الإنفاق المقترحة، وهو أمر مشكوك فيه، مما يعني أن احتمالات ما يُعرف بـ«الإغلاق الحكومي»، قائمة، مع ما يترتب على ذلك من توقف أميركا عن سداد ديونها إذا طال زمن الإغلاق، وتالياً شيوع وذيوع حالة من الفوضى في الأوساط الاقتصادية العالمية.
الجمهوريون يطالبون بتخفيض الإنفاق التقديري للعام المالي 2024، إلى ما دون الحدود القصوى المتفق عليها في يونيو (حزيران) الماضي، وهو ما يرفضه الديمقراطيون، الذين يتهمون إدارة ترمب بأنها كانت السبب في خلق ديون متدفقة من خلال التخفيضات الضريبية التي أقرّوها في عام 2017، واستفادت منها الشركات الكبرى، ووجهاء القوم من الأثرياء، تلك التي تكبّد عناءها الأميركيون من الطبقة الوسطى، إذ جرى تخفيض مخصصات الضمان الاجتماعي، والرعاية الطبية، وبقية المساعدات الاجتماعية.
هل يرفض الديمقراطيون إذاً ظاهرة «الماغانوميكس»؟
باختصار يشير هذا المصطلح إلى التوجهات السياسية والاقتصادية لإدارة ترمب التي رفعت شعار «جعل أميركا عظيمة من جديد»، وخلط الشعار بالاقتصاد بنوع خاص ليظهر مسار العظمة «السياسية والاقتصادية معاً»، وحتى من دون النظر إلى تبعات هذه السياسات على الداخل اقتصادياً أول الأمر، ثم لجهة النفوذ الأميركي تالياً.
الدين الأميركي العام، أول الأمر، هو مجموع الدين العام المقرر على الحكومة الاتحادية، وهو جملة سندات الضمان المملوكة لأطراف خارج الولايات المتحدة، إلى جانب سندات الضمان التي تُصدرها وزارة الخزانة الأميركية والمملوكة لأطراف داخل أميركا، ولا يشمل هذا الدين سندات الضمان التي تصدرها حكومات الولايات.
لماذا ارتفع الدين الأميركي على هذا النحو؟
الظاهر أنه كان من المتوقع أن يصل إجمالي الدين الفيدرالي إلى 34 تريليون دولار في نهاية 2029، لكنّ تفشي فيروس كورونا، أدى إلى إغلاق جزء كبير من الاقتصاد الأميركي، إضافةً إلى أن مستويات الاقتراض الكبيرة غير المسبوقة في عهدي ترمب وبايدن، سرّعت من تراكم الديون المعلقة في رقبة العم سام.
تبدو الحقيقة المؤكدة للذين لديهم علم من كتاب «المالية العامة» للولايات المتحدة، أن «الأميركيين ينفقون كأن واشنطن لديها موارد غير محدودة»، وهو أمر غير صحيح، وعمّا قريب لن يكون هناك «خبز مجاني» للجميع.
في مقدم الأسئلة التي تراود العقول عموماً: «ما تأثير زيادة الديون في الاقتصاد الأميركي، وبالتالي في مرتبتها، وسط عالم يرى البعض أنه مُقبل لا محالة على مرحلة مغايرة من التعددية القطبية؟».
الثابت أنه على المدى القصير، قد لا يمثل عبئاً، لا سيما أن المستثمرين يرغبون في إقراض الأموال للحكومة الأميركية الاتحادية، وهو إقراض يسمح للخزانة الأميركية بمواصلة الإنفاق على البرامج من دون الحاجة إلى زيادة الضرائب على المواطنين.
غير أنه وعلى المدى الطويل قد يُعرّض الأمن القومي الأميركي، والبرامج الرئيسية للجمهورية، للخطر، بما في ذلك الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية، أي الأعصاب الرئيسية لـ«النسيج المجتمعي الأميركي».
هل بدأت رحلة القلق لدى الأطراف الدولية من إقراض واشنطن؟
غالباً الأمر كذلك، فقد خفض المشترون الأجانب للديون الأميركية، لا سيما الصين، واليابان، وكوريا الجنوبية، عطفاً على كثير من دول القارة الأوروبية، ممتلكاتهم من سندات الخزانة الأميركية بالفعل.
وحسب تحليل آخر لـ«مؤسسة بترسون المالية»، فإن الحيازات الأجنبية من الديون الأميركية بلغت ذروتها عند 49 في المائة عام 2011، لكنها انخفضت إلى 30 في المائة بحلول نهاية عام 2022، بتراجع قدره 40 في المائة.
هل يعكس هذا التراجع نوعاً من فقدان الثقة في حالة الاستقرار السياسي الداخلي، التي تمهد الطريق للهيمنة الاقتصادية في مرحلة لاحقة؟
المؤكد أن هناك أصواتاً دولية تعلو الآن متسائلة عن مصير ودائعها لدى «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي، لا سيما في حال توقف واشنطن عن سداد ديونها، وهو أمر ولو بدا في المدى المنظور غير وارد، إلا أنه في سياق «نشوء وارتقاء، ثم انهيار الإمبراطوريات» أمر تقليدي.
أهي أخطاء الداخل الأميركي التي تعيد سيناريوهات ما جرى يوماً ما في خضم عظمة الإمبراطورية الرومانية؟
حين يعاود المرء قراءة أبجديات موازنة الدفاع الأميركي لعام 2024 التي وصلت إلى حدود 886 مليار دولار، فإنه تلقائياً يتذكر حين كافحت روما لتجهيز قوات وموارد كافية لحماية الحدود من الثورات المحلية والهجمات الخارجية، وبحلول القرن الثاني الميلادي، أجبر الإمبراطور أدريان على بناء سوره الشهير في بريطانيا ليمنع تدفق جحافل الأعداء إلى أراضي دولته. غير أن ذلك كله جرى من خلال زيادة نفقات الجيش الإمبراطوري، مما كلّفه تراجع تطوراته التكنولوجية، وانهيار بنيته التحتية.
هل واشنطن اليوم هي روما الماضي؟
يحاجج المؤرخ الأسكوتلندي الأصل الأميركي الجنسية، نيل فيرغسون، بأنه قد لا تتجسد الإمبراطورية الأميركية بوصفها مجموعة من المستعمرات والمحميات على غرار بريطانيا في الزمن القريب، وروما في العصور الغابرة، لكن الرغبة في الهيمنة الدولية والتكاليف المرتبطة في التوسع في أنحاء العالم متشابهة بين الإمبراطوريتين.
هل سقف الدين الأميركي، يعزِّز ما ذهب إليه الكثيرون من أن الإمبراطورية الأميركية في زمن الأفول، وأنها تكاد تلامس «سقف الانهيار»، على حد وصف الصحافي الأميركي الشهير توم أنغلهارت في مقال له مؤخراً في مجلة «ذا نايشن» واسعة الانتشار؟
تبدو واشنطن بعد انكشافها في زمن تفشي جائحة كوفيد كأنها «إمبراطورية من غير ثياب»، فهل تُعرّي أزمة سقف الدين «ورقة التوت» المتبقية لواشنطن، لا سيما بعد انكشاف «تهافتها البيوريتاني»، خلال العقدين الأخيرين بنوع خاص؟
إميل أمين كاتب مصري
من الأسبق في تفتيت الاقتصاد العالمي؟
انتهى منذ أيام الاجتماع السنوي الأكبر مشاركة للاقتصاديين، والذي عُقد هذا العام في مدينة سان أنطونيو بولاية تكساس الأميركية، الذي تناول في ما تناوله ما تجود به القرائح والدراسات مستجدات الاقتصاد على مستوى العالم وبلدانه وقطاعاته المختلفة، وسياسات التعامل معها. وسيقت في المناقشات أدلة على بدايات لتعافي الاقتصاد الأميركي، مقارنة بالاقتصادات الكبرى الأخرى، وأنه سينجح في السيطرة على التضخم في الأجل القصير مع تفادي السقوط في الركود في ما يعرف بـ«الهبوط الناعم». جاء ذلك مدعوماً بأرقام جيدة لسوق العمل ومعدلات التشغيل، إلا أن توقعات المستقبل ما زالت ملبدة بغيوم متكاثرة.
وقد يحول تكاثف هذه الغيوم دون استمرار ارتفاع معدلات النمو لمتوسطات ما قبل الأزمات التي شهدها العالم مع بداية هذا العقد بتوالٍ لأزمات ارتبطت بمربكات الجائحة والحرب في أوكرانيا، ثم تداعيات ما يشهده الشرق الأوسط من حرب دموية لا إنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة في غزة مع مخاطر متصاعدة لتوسع نطاقها. كما أن التضخم رغم تراجعه ما زال أعلى مما يستهدفه البنك الفيدرالي بإصرار على ألا يتجاوز معدله نسبة 2 في المائة سنوياً، بما يجعل المجال مفتوحاً أمام البنك الفيدرالي لرفع آخر لسعر الفائدة، أو عدم تخفيضه، على عكس ما يأمله المستثمرون بأن تبدأ سلسلة تخفيض لتكلفة التمويل تبدأ من شهر مارس (آذار) المقبل تصل إلى 1.5 في المائة على مدار العام الحالي. وإن كان الأرجح، إن هيأت ظروف سوق العمل والنمو إجراءات تخفيض الفائدة، فلن يتجاوز هذا 0.75 في المائة.
وقد تناولت جلسات كثيرة بالنقاش احتمالات التعافي والنمو والاستقرار النقدي والمالي للاقتصاد العالمي في ظل ما يعانيه من تفتيت، فضلاً عن تغيرات في أسسه التي نشأ عليها مع النظام الدولي الذي أفرزته الحرب العالمية الثانية، فهناك تغير في نمط العولمة الاقتصادية مع الانتقال المتسارع من عالم ثنائي القطبين إبان الحرب الباردة إلى أحادي القطب بعد سقوط الاتحاد السوفياتي وزوال الستار الحديدي، وصولاً إلى عالم اليوم المتعدد الأقطاب، مع انتقال ملحوظ لمركز الجاذبية الاقتصادية نحو نصف العالم الآسيوي الأعلى نمواً والأكبر سكاناً. ومع هذا الانتقال تزداد التوترات الجيوسياسية؛ وفي هذه الأثناء تزداد تهديدات لمربكات أخرى تأخذ تارة شكل مستجدات التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي والتطبيقات الذكية وتأثيراتها في أسواق العمل والتفاوت في الدخول والثروات. وتأخذ هذه المربكات تارة أخرى شكل اضطرابات مؤسسية وفي نظم الحكم، مع تصاعد لتأثير اليمين المتطرف والموجات الشعبوية. ولا يجمع هذه المربكات المحتدمة تزامن حدوثها فحسب، ولكن إدراك متنامٍ بأن هذا العالم أصبح متقطع الأوصال سياسياً، ويعاني من التفتيت اقتصادياً.
وترصد دراسة لصندوق النقد الدولي، عن التفتيت الجيو – اقتصادي ومستقبل النظام الدولي المتعدد الأطراف، ازدياد التوجه لسياسات منكفئة نحو الداخل بإجراءات حمائية مع تصاعد لاستخدام معوقات ضد التجارة وتدفقات رؤوس الأموال وحركة العمالة عبر الحدود، وتقييد التعاون التكنولوجي. فعلى مدار العقد الماضي شهد العالم تبنياً لسلسلة من الإجراءات الحمائية التقليدية والمستجدة، كما اتخذت السياسات الصناعية الجديدة في الولايات المتحدة وأوروبا نهجاً أعاد ذكرى الحروب التجارية في ما وصفته في مقال سابق تحت عنوان «عاد الميركانتيليون» في إشارة لممارسات سادت القرنين السادس عشر والسابع عشر بدفع البلدان إلى تراكم ثرواتها بتقييد الواردات والتوسيع في الأسواق، ولو كان ذلك كما حدث بالفعل بحروب وصراع استيطاني وتجارة البشر والسيطرة على مصادر الخامات.
وقد ازدادت صور التفتيت الاقتصادي حدة بعد الجائحة وما اعترض خطوط الإمداد من قيود، كما عمقت الحرب في أوكرانيا حدة الاستقطاب عبر الانحيازات الجيوسياسية وما جرى من عقوبات تجارية ومالية، ومن خلال تقييد نظم الدفع الدولي. ومع تباين دوافع إجراءات التفتيت لأسباب تتعلق بالأمن أو التحرر من الاعتماد على شركاء تجاريين بعينهم إلا أنها قد ترتبط بتبنٍّ لسياسات محلية التوجه كإجراءات السياسة الصناعية الجديدة كتلك التي اتبعتها الولايات المتحدة مؤخراً مساندة بقانون تخفيض التضخم وقانون الرقائق الإلكترونية والعلوم، وإجراءات دول الاتحاد الأوروبي المتعلقة بالاقتصاد الأخضر والتحول الرقمي. كما يزداد التفتيت مع إجراءات لرد الفعل للمعاملة بالمثل، وعندما يستشعر أطراف المعاملات الاقتصادية أن عوائدها أمست في غير صالحهم تجارة أو استثماراً أو هجرة للعمالة. وهناك تقدير بأن إجراءات تعويق التجارة فقط قد ازدادت بثلاثة أمثال من عام 2019 حتى عام 2022، وأنها كلفت الاقتصاد العالمي تراجعاً في ناتجه يعادل 7 في المائة من ناتجه الإجمالي. ومن مخاطر هذا التوجه تراجع التعاون الدولي في مجالات مكافحة التغير المناخي، وعلاج أزمات الديون قبل تفاقمها، وتيسير حوكمة تطبيقات الذكاء الاصطناعي. فلا سبيل عملياً أن تعوق دول مسارات التعاون في مجالات التجارة والاستثمار، ثم تتوقع تعاوناً بناءً في مجالات أخرى مثل العمل المناخي والصحة العامة.
وستتناول قمة «المستقبل» التي ستُعقد في إطار أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، في سبتمبر (أيلول) المقبل، مسألة تفاقم حدة التفتيت الاقتصادي وآثاره المكلفة على النظام الدولي. وهناك أهمية بمكان للنظر في مسببات هذا التفتيت، وهل العدو الأول للاقتصاد العالمي يكمن في الصراعات الجيو – سياسية وليست الإجراءات الحمائية كما يذهب الاقتصادي بجامعة هارفارد داني رودريك؛ أم أن الحمائية هي التي أشعلت النيران الجيو – سياسية وفقاً لتحليل الاقتصادية بينيلوبي غولدبيرغ كبيرة الاقتصاديين السابقة للبنك الدولي. ونظراً لتعقد وتشابك مسببات تدهور الوضع العالمي الحالي سياسياً واقتصادياً لن يتيسر حسم أي المسببات سبقاً، فقد تحالفت دوافعها في الإضرار بالشأن الدولي، وتدفع كالمعتاد التكلفة الأكبر الأطراف الأضعف في العلاقات الدولية؛ وهي الأولى بالاعتبار والحماية؛ ليس لاعتبارات العدل فحسب، لكن لما يسفر عنه تجاهل المستضعفين من عواقب وخيمة على السلم والأمن الدوليين.
د. محمود محيي الدين
الملياردير بيل أكمان: الفدرالي سيخفض الفائدة بوتيرة متسارعة
الذهب يستقر خلال الأسبوع وسط ترقب لتطورات الأوضاع بالشرق الأوسط
الدولار الأميركي سيقفز هذا العام بسبب الفدرالي والتوترات الجيوسياسية
البتكوين تتكبد خسائر حادة .. وإثريوم تسجل مكاسب أسبوعية 15%
أسعار الشيكات ترتفع بانتظار سعر سحب الدولار من المصارف
تشهد سوق الشيكات في الفترة الأخيرة تغييرات في طريقة احتسابها، إذ بعدما أقفل العام 2023 على بيع الشيك بنسبة 11.5% من قيمته الاسمية، سجلت هذه النسبة ارتفاعا هذا الاسبوع الى ما بين 14% للشراء و 15% للبيع. فلماذا هذا التغيير؟ وهل من علاقة بالتعميم 151؟ وما السقف الذي يمكن أن تبلغه؟
يخلق عدم تجديد التعميم 151 الكثير من التكهنات حول مصير دولار المصارف في المرحلة المقبلة، وقد أضيف اليها مؤخراً البيان الاخير للمصرف المركزي والذي يوحي باستئناف التحضيرات لإطلاق منصة بلومبرغ ودعوة المصارف للانضمام اليها. كل هذا يَشي بأنّ شيئاً ما يتحضّر للمرحلة المقبلة تتعلق بسعر الصرف. هذه الاجواء انعكست تبدّلاً في تسعيرة الشيكات في السوق والتي ارتفعت قيمتها مؤخرا الى 15% بما يوحي بارتفاع الطلب عليها تحضيراً للمرحلة المقبلة والتي يتوقع معها ان ترتفع قيمتها. والسؤال المطروح هل ستعود الشيكات الى قيمتها الفعلية؟ ما هو السقف الذي يمكن ان تبلغه؟ هل ستظل تجارة الشيكات قائمة؟ وهل من مصلحة للمودعين اليوم ببيع شيكاتهم؟ وهل من تداعيات اقتصادية لهذا التوجه في ظل عدم إقرار الكابيتال كونترول واي خطة تعافٍ اقتصادي؟
ما حقيقة العلاقة بين ياسمين عبد العزيز وأحمد العوضي اليوم؟
في السياق، شرح المستشار المالي ميشال قزح لـ«الجمهورية» انّ سوق الشيكات هي سوق مواز تتحكّم فيها مجموعة من الصرافين، وهؤلاء يشترون الشيكات لسببين: الاول كخطوة استباقية مراهنين على ان يقدم المصرف المركزي على رفع سعر الصرف من 15 الفاً الى 25 او 35 او ربما 89500 ليرة، لذا يسارعون الى الشراء مراهنين على تحقيق ارباح في المرحلة المقبلة متى ارتفع سعر الصرف. والثاني: شراء الشيكات بهدف بيعها لأفراد يستعملونها بهدف تسديد ديون مستحقة عليهم.
وكشف قزح انّ بعص المصارف عمدت الى رفع سقف السحوبات الى 5000 دولار بدل السقف الذي حدّده المركزي اي 1600 دولار، وذلك بهدف تسريع تخلّص المودعين من لولاراتها قبل ان يتغيّر سعر الدولار في المصارف. وربطَ قزح ما بين هذه الخطوة وبين ارتفاع سعر الشيك قائلاً: بمجرد رفع سقف السحوبات يرتفع سعر الشيك لأنّ هذه الخطوة تتيح تصريف كمية ليرات أكثر، لذا يُقدم بعض الافراد على شراء الشيكات ووضعها في البنوك وسحبها على 15 الفا طالما انّ سقف السحوبات ارتفع او لإبقائها وسحبها لاحقاً عندما يرتفع سعر دولار المصارف.
وتابع قزح: انّ المصارف التي أبقت على نفس سقف السحوبات اي 1600 دولار رفعت من كمية النقدي الممكن للمودع أخذها من 5 او 10 ملايين الى 24 مليون ليرة، وهي بذلك تحاول التخلص من أكبر كمية ممكنة من اللولارات لديها.
ترقب لتغير دولار المصارف
وعن حركة السوق، قال قزح: الحركة ضعيفة جدا والمودعون في حالة انتظار وترقّب لتغيّر سعر دولار المصارف، لا سيما انّ هناك توجهاً لتوحيد سعر الصرف بعد اقرار الكابيتال كونترول، على ان يخفّض تزامناً سقف السحوبات من 1600 دولار راهناً الى 270 دولاراً مع الابقاء على الحصول على نفس كمية النقدي بالليرة اللبنانية.
وردا على سؤال، قال قزح انّ سعر الشيكات يتجه نحو سعر السوق لكن استعمالها لن يعود متاحاً بعد إقرار الكابيتال كونترول، لأنه سيُتاح، بعد هذا الاقرار، سحب 24 مليونا شهريا والتي توازي 270 دولاراً، ومن شأن ذلك ان يلجم حركة الشيكات وان يجمّد الودائع القديمة، فقط ودائع الفريش ستكون قابلة للتحرك.
وتابع: في المرحلة المقبلة لن تبقى الودائع على حالها انما ستتم غربلتها والاتفاق على كيفية رَد جزء منها. ومن الطروحات المتداولة اعطاء سندات على مدة 30 عاما واحتساب الفائدة بـ5.5% (الفائدة المتداولة عالمياً) على سبيل المثال سند قيمته 100 دولار يقسّم على 30 عاماً وتُضاف اليه الفائدة الاسمية تصبح قيمته 20 دولاراً اي بهيركات نحو 80% بما يوازي الهيركات المتّبَع اليوم، لكن السلطة تحاول تمليق المودع بالمراهنة على انخفاض الفائدة العالمية بما يرفع من قيمة السند لاحقاً.
الحل بصندوق النقد
وأكد قزح ان كل حل خارج صندوق النقد ليس بحل إنما هو «ترقيع»، لافتاً الى ان صندوق النقد يقسم المودعين آخر 10 سنوات الى فئات، منهم من هرّب امواله خارج لبنان بعد الثورة في عام 2019، ومنهم من حوّل من ليرة الى دولار بعد الثورة، ومنهم من استفاد من فوائد الهندسات المالية والتي وصلت قيمتها الى 15 مليار دولار، وهناك مصارف استفادت من الهندسات بقيمة تتراوح ما بين 20 الى 30 مليار دولار. هؤلاء يجب غربلتهم والعمل وفق الرأسمال لا الفوائد الوهمية، ولاحقاً التفتيش عن حلول لرد اموالهم.
إرتفاع كبير متوقّع في اسعار الشيكات؟
مصدر مالي مواكب للوضع، استبعد ان تكون بعض المصارف لجأت الى رفع سقف السحب، لا سيما انه تم تجفيف السوق من الليرة، بحيث كانت فائدة الانتربنك ترتفع الى مستويات قياسية، بسبب حاجة المصارف الى السيولة بالليرة. وقال المصدر لـ«الجمهورية» انّ ارتفاع سعر الشيكات يرتبط حصراً بالرهان على ارتفاع سعر سحب دولار المصارف في الفترة المقبلة. ووفق السعر الجديد الذي سيتم تحديده، قد ترتفع من جديد اسعار الشيكات. واذا ما تم رفع سعر دولار المصارف الى سعر منصة صيرفة اي 89،500 ليرة، فهذا سيؤدي حتما الى ارتفاع اكبر في اسعار الشيكات، لا سيما ذات القيمة الصغيرة منها.
إيفا ابي حيدر