عن نمو الاقتصاد الصيني وانعكاسه على سوق العملات

تباطأ النمو الاقتصادي في الصين لأضعف وتيرة في نحو 30 عاما في 2019 في ظل حرب تجارية مضرة مع الولايات المتحدة، مع توقعات بمزيد من التحفيز هذا العام مع سعي بكين لدعم الاستثمار والطلب الضعيفين.

لكن البيانات الصادرة يوم الجمعة أظهرت أيضا أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم أنهى العام الصعب على أداء إيجابي نوعا ما إذ أنعشت هدنة تجارية ثقة الشركات وبدا أن إجراءات اُتخذت في وقت سابق لتحفيز الاقتصاد بدأت تُحدث أثرها.

وأظهرت بيانات من المكتب الوطني للإحصاءات تباطؤ نمو الصين إلى 6.1 بالمئة في العام الماضي كما كان متوقعا مقارنة مع 6.6 بالمئة في 2018. وعلى الرغم من أن النمو ما زال قويا بالمعايير العالمية، ويقع ضمن نطاق المستهدف الحكومي، فهو يمثل أضعف وتيرة منذ 1990.

وأثارت بيانات أحدث، بجانب التفاؤل بخصوص اتفاق المرحلة واحد التجاري بين الولايات المتحدة والصين الذي جرى توقيعه الأربعاء، الآمال في أن الاقتصاد ربما بلغ أدنى مستوياته وسيبدأ في الارتفاع.

وزاد الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأخير من العام الماضي ستة بالمئة على أساس سنوي، ليستقر مقارنة مع الربع الثالث، على الرغم من أن الارتفاع ما زال يمثل أضعف وتيرة في نحو ثلاثة عقود. كما ارتفع الإنتاج الصناعي والاستثمار ومبيعات التجزئة في ديسمبر كانون الأول بأكثر من المتوقع بعد أن أظهروا تحسنا في نوفمبر تشرين الثاني.

ومن الواضح إن بكين ستضع أهدافا أقل للنمو عند نحو ستة بالمئة للعام الجاري من مستوى يتراوح بين ستة و6.5 بالمئة للعام الماضي، وإنها تعول على زيادة الإنفاق على البنية التحتية لدرء تباطؤ أكثر حدة. ومن المقرر الإعلان عن الأهداف الرئيسية في مارس آذار.

وعلى أساس ربع سنوي، نما الاقتصاد 1.5 بالمئة في الفترة من أكتوبر تشرين الأول إلى ديسمبر كانون الأول، بوتيرة مماثلة للأشهر الثلاثة السابقة.

وماذا عن انعكاس هذا على سوق العملات؟

ارتفع الدولار الأسترالي  إذ أظهرت البيانات الصينية أن الضغط المفروض على ثاني أكبر اقتصاد في العالم ربما بدأ في الانحسار، فيما صعد اليوان في المعاملات الخارجية لأعلى مستوى في ستة أشهر مقابل العملة الأمريكية.

وتداولات الدولار الأسترالي في المعتاد مؤشر سيولة لليوان الصيني إذ أن اقتصاد البلاد المحدود والمنفتح يعول بقوة على الصادرات إلى الصين.

وعلى الرغم من أن اقتصاد الصين نما ستة بالمئة في الربع المنتهي في ديسمبر كانون الأول مقارنة مع نفس الفترة قبل عام، وأن النمو في 2019 بنسبة 6.1 بالمئة كان الأبطأ في 29 عاما، من المتوقع على نطاق واسع أن تستحدث بكين المزيد من إجراءات التحفيز في 2020 بينما يظل الضعف يعتري الاستثمار والطلب.

وارتفع الدولار الأسترالي ونظيره النيوزيلندي 0.2 بالمئة مقابل الدولار الأمريكي لكل منهما، بينما صعدت العملة الصينية في السوق الخارجية 0.2 بالمئة إلى 6.8636 يوان للدولار وهو أقوى مستوياتها منذ يوليو تموز 2019.

وعلى الرغم من أن مؤشر الدولار، الذي يتتبع أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من ست عملات منافسة، تمسك بمركزه لكنه يتجه صوب تكبد خسارة أسبوعية محدودة، ولم يطرأ تغير يذكر عليه عند 97.31.

واستقر الجنيه الاسترليني دون 1.31 دولار يوم الجمعة ويتجه صوب تسجيل أول مكسب أسبوعي في شهر، على الرغم من أنه مر بأسبوع صعب ضم انطوى على بيانات صعبة بما في ذلك انخفاض التضخم على نحو غير متوقع وتعليقات تميل إلى التيسير النقدي من جانب صانعي السياسات في البنك المركزي.

أزمة لبنان المالية: تراجُع الدولار مقابل الليرة “وهْم”… حتى إشعار آخر

إستفاقت الأسواق المالية أمس على مفاجأة تراجُع سعر الدولار مقابل الليرة في السوق الثانوية، بنسبة تجاوزت لغاية ساعات الظهر 12 في المئة. فبعد انخفاض غير مسبوق لسعر صرف الليرة مقابل الدولار منذ التسعينات لامس 2500 ليرة، عاد وارتفع سعر صرفها إلى 2170 ليرة مقابل الدولار.

الصدمة الإيجابية التي خلقها التحسّن النسبي في سعر الصرف، وتحديداً لمن يتقاضى أجره بالليرة اللبنانية، أثار تساؤلات أكثر مما قدّم أجوبة. فهذا الإرتفاع أعقب موجة من الإحتجاجات الشعبية عمّت مختلف المناطق اللبنانية، كان من المفروض أن يكون وقعها سلبياً على الليرة، وليس العكس.

أما التحسن المفاجئ فمن الممكن أنه يعود، بحسب رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق باتريك مارديني إلى الأسباب التالية:

– بدء مفاعيل تطبيق تعميم مصرف لبنان القاضي بسداد الحوالات الواردة من الخارج عبر شركات تحويل الأموال نقداً بالدولار الأميركي. وهذا من شأنه ضخ كميات من الدولار في الأسواق كانت قد تراجعت أخيراً بنسبة كبيرة، بسبب القيود المصرفية وإجبار شركات التحويل الإلكتروني على الدفع بالليرة فقط.

– شعور المواطنين بأن مصرف لبنان عاد بعد اجتماعه مع الصرافين واتفاقهم على “عقلنة سعر الصرف”، إلى مسك زمام الأمور.

– إحتمال تدخل مصرف لبنان ببيع الدولار مباشرة للصرافين على سعر 2000 ليرة كي يزيد العرض بسعر مقبول، ويخفّ الضغط عن الليرة اللبنانية. هذا الإرتفاع في سعر الصرف لا يعوّل عليه إن لم يستمر لفترة أقلها شهر من الزمن. إذ إن الإرتفاع الهائل في الطلب على الدولار لأغراض الإستيراد، في ظل توقف المصارف عن تأمين العملة الخضراء، وإجبار التجار على إحضار الدولار الطازج، سيزداد ولن يتقلص. إلا انه، بحسب مارديني فان “الحسنة الوحيدة لاستقرار سعر الصرف لفترة، هي في تخفيف حدة المضاربة على العملة الوطنية، والتي لم تعد محصورة بكبار التجار والمضاربين، إنما في الأفراد ايضاً الذين يعمدون إلى شراء الدولار مراهنين على ارتفاعه في المستقبل القريب وتحقيق الأرباح”.

الدولار والأسعار

التغيرات الكبيرة والسريعة في سعر الصرف تشكّل عامل ضغط على القطاع التجاري وتحديداً في ما خص آلية التسعير. كما انها تثير مخاوف المواطنين من عدم تراجع أسعار السلع والبضائع بنفس النسبة التي ارتفعت فيها نتيجة إنخفاض سعر الصرف. ولكن نقيب أصحاب السوبر ماركت د. نبيل فهد يؤكد أن “من الطبيعي ان تلحق الأسعار تغير سعر الصرف، ذلك لان آلية التسعير واضحة وشفافة. أما عن الوقت الذي يتطلبه التخفيض فهو مرهون بأنواع السلع”.

تقسم السلع إلى 3 فئات:

الأولى، أصناف مسعرة من قبل الدولة لم يطرأ عليها أي تبديل مثل الدخان والخبز…

الثانية، أصناف تتغير أسعارها سريعاً نتيجة سرعة الطلب عليها مثل الحبوب…

الثالثة، أصناف تتطلب بعض الوقت ليطاولها تغير الأسعار سواء كان ارتفاعاً أو إنخفاضاً، مثل المعلبات وأدوات التنظيف.

ويلفت فهد إلى أن “تغيّر سعر الصرف سنلاحظه في الأسواق في غضون أيام قليلة، شرط ان يبقى مستقراً لفترة مقبولة”.

تعطّل الرقابة… والدعم

إستمرار التفاوت في سعر الصرف سيخلق “إرباكاً كبيراً في التسعير والرقابة. حيث يلجأ البعض من التجار إلى تغيير الأسعار بوتيرة يومية، كما يعمد قسم منهم إلى إزالة الأسعار عن المنتجات، وهو مخالف لقانون حماية المستهلك”، تقول نائبة رئيس جمعية حماية المستهلك د. ندى نعمة. ومن خلال مراقبة الجمعية للأسواق ترى نعمة أن “الكثير من الأصناف التي يرتفع سعرها لا يعاود إلى الإنخفاض حتى لو انتفى المبرر. وعادة ما تترافق هذه الحالات مع ضعف الرقابة وتدخل موضعي ضعيف للدولة، من خلال تنظيمها مخالفات ومحاضر ظبط بحق المخالفين، وعدم التشدد في كسر الإحتكارات”.

مواجهة تقلّبات أسعار سعر الصرف والمواد الغذائية يجب أن تواجه، بحسب جمعية “حماية المستهلك”، بتثبيت أسعار 6 أصناف أساسية من أجل تأمين الامن الغذائي للمواطنين وهي: “اللحوم، الألبان والأجبان، الحبوب، الغاز والدواء”.

لا ثبات!

ويشير أحد المصرفيين إلى أن سعر الصرف سيُعاوِد صعوده قريباً لسببين أساسيين:

– غياب السلطة القادرة، وعجزها عن القيام بواجبها.

– تراجع احتياطي مصرف لبنان من العملات الأجنبية الذي يسمح له بالتدخل بقوة لضبط تفلت سعر الصرف. وعليه فإن ارتفاع سعر الصرف لن يكون ثابتاً ولا مستقراً بل سيبقى عرضة للتقلبات.​

خالد ابو شقرا.

بورصة انفو: الموقع الرائد لأخبار الذهب ، العملات ، البورصات. مع تحليلات