أدب الرفق بالاعصاب

أدب الرفق بالاعصاب .  

   14th February 2005

 
مقالتي اليوم هي وليدة صدفة نتجت عنها زحطة لسان في حديث جمعني مع عزيز .
قلت : عليك ان تمتلك وأن تتشبث بفنٍ ، إسمه فن التعامل مع الأعصاب ، فتحافظَ بذلك على كلّ فلس تحققه في تجارة البورصة وتزيد عليه .
ما ظننت أن كلمتي ستفعل في نفسه ما فعلت ، ولا ستقع منها حيثما وقعت ، إذ طالعني في اليوم التالي بقول حرّك في نفسي رغبة بالكتابة .
قال : كلمتك بالإمس أنبتت فيّ بذرة كانت لا تزال غافية ، وهي تتنامى ، وأنا أتنعم بفيئها .
طربت لما سمعت من العزيز ، كعادتي عندما أسمع من عزيز قولا يوحي بانه نجح ، بطريقة ما ، في زيادة لبنة ولو واحدة على ما يبني .
أدركت أهمية الكلمة ، واستشعرت إهمالا مني بعدم تفصيلها حتى اليوم . غفرت لنفسي الإهمال وسمّيته تأخيرا ، لكوني كنت قد نويت كتابة سلسلة مقالات عنوانها  ” أدب البورصة ” ، وكان هذا المقال ليحتلّ مكانه في السلسلة المذكورة دونما شك . وها أنا ، ولأن الحادثة حرّكت فيّ رغبة بالتقاط قلمي ، والبحث عن ورقة ، أراني قد بدأت بالحديث عن واحد من فصول ” أدب البورصة ” قبل أوانه ، إيفاء بوعدي ، وإرضاء لأنانية الرغبة في الكتابة ، وإفادة لمن يهمه هذا الامر .
وعدت العزيز بكتابة مقال أعنونه ” فن التعامل مع الاعصاب ” ، وها أنا أشعر برغبة في تعديل العنوان ليكون ” أدب الرفق بالأعصاب ” ، ظناً مني بأهليته في نقل أبعاد وأعماق ، وفي غرس بذور لأحاسيس ونبضات ، ما كان ليستطيعَها العنوان الأول .
هدفي كان ، وسيبقى ، شيئا من التنوير في درب مَن هدف الى اتخاذ العمل بالبورصة مهنة له . وما انحرافي الآن الى بعض اللقطات المعبّرة المقتبَسة من المسرحية السياسية التي يجري تمثيلها حاليا على المسرح السياسي اللبناني ، إلا رغبة في إلقاء الضوء على كيفية تحاشي الأخطاء ، توفيرا لتحمّل عبئا لا بد أن تورثنا اياه .
اقتبس لقطات من المسرحية السياسية لشدة قربها من حياتنا ، نحن العرب . نحن سياسيون بالفطرة . كلنا سياسيون . نهتم بالسياسة ونعمل بها ونتلهّف لها ، بطريقة تختلف كليا عن عمل وتلهف أهل الغرب ، هي خبز يومي لنا .
نحن كلنا سياسيون ، فإلى إيضاحاتنا التي لا أرمي منها إلى انتقاد ، ولا إلى نصرة فئة على أخرى ، من الفئتين المتصارعتين على مسرح الساحة اللبنانية الحالية ، مع تقديري ومحبتي لهم جميعا ، ومع إعجابي وذهولي بهم جميعا ، لما يتمتعون به من لياقة ، في الأبدان  بتحويلهم المسرح الى حلبة ، وفي الأذواق بامتلاكهم كلّ آداب السياسة وفنون الحكم الراقي والمعارضة الخلاقة .
اقتباسي لمشاهد من المسرحية اللبنانية هذه ، ليست انتقاصا من المسرحيات الأخرى التي يقوم بها ممثلون آخرون في أمكنة أخرى من عالمنا العربي . أرجو التكرم بالنظر اليها من زاوية الأهمية البالغة لما يجري اليوم على المسرح اللبناني ، واختصاره المعبّر لما يجري على المسرح العربي عامة . افتباسي هذا له علاقة ايضا بقناعة كون لبنان في قلب كل مواطن عربي ووجدانه .
أطلنا ، ولنعد الى صلب ما نحن فيه . ألأعصاب وفن التعامل معها ، مسجلين الآتي :
في السجال الدائر منذ فترة حول الأكثرية والأقلية في تكوين نسيج المجتمع اللبناني ، أسجل دعوة أحد الاقطاب الفاعلين في السياسة اللبنانية الى إجراء استفتاء عام حول القضايا المختلف عليها . أسجل أن هذه الدعوة بحد ذاتها كانت إنفعالية الى حدّ ما لكونها غير متناسبة مع الواقع اللبناني الطوائفي .
في رد على الدعوة المذكورة ، إنبرى إبن أحد الاقطاب المعارضين الكبار ، وهو ورث السياسة عن جدّه ، وسار على خطاه ، ويتدرب حاليا على يد أبيه . إنبرى ليقول :  “الكلمة ليست للأكثرية الكميّة ، بل للأكثرية النوعيّة “.
الكلمة هذه خير مثال على عدم إتقان الرجل فنّ التعامل مع الأعصاب واللطف بها ، ممّا أثار في وجهه عواصف من الردود والإتهامات ، إضطرته أخيرا الى محاولة التوضيح لما قصد من كلامه ، دون أن ينجح في ذلك . الكل فهم أن مقاصده هي نفسها ما كان جده يعمل بموجبه ، ويُختصر بالقول أن المسحيين متفوقون على المسلمين في لبنان بامتلاكهم الثقافة الغربية ، رغم تفوق المسلمين بعددهم حاليا . صاحبنا لم يسمع بعد بحقيقة التحولات الأخيرة والتي جعلت من المسلمين في العقود الثلاثة الماضية ، قوّة ثقافية وعلميّة شمولية لا تقلّ عن قوّة المسيحيين الفاعلة . يبدو انه لم يستطع التخلص من المعادلة التي كانت سائدة في السبعينات والتي سمعها من جدّه في طفولته ، وهو في لحظة فلتان لغرائز معينة ، وفي ظل غياب ” فن الرفق بالاعصاب وأدب التعامل معها ” ، أوقع نفسه في مأزق كبير وخسارة كبرى ، أظن أنها ستلازمه تعييرا طيلة حياته السياسية . هذه الحالة من الفلتان لغرائز معينة ولغياب لحالة  ” الرفق بالاعصاب وفن التعامل معها ” ، هي ذاتها التي توقع التاجر في البورصة في مآزق تسبب له الكثير من الإحراج والأسف والندم . وما كان كلامنا عن السياسة ، إلا توسلا للوصول الى النتيجة التي تهمنا في تجارتنا .
 
رئيس حكومة لبنان الحالي عمر كرامي ، وبعد اشتداد الضغوط عليه من طرف المعارضة ، بان عليه التوتر والإنفعال ، قال في تصريح مقتضب : ” باليومين القادمين منفرجيهم ” يقصد المعارضة . الصحف تندرت كلها على دولة الرئيس – الديمقراطية وحريّة الرأي في لبنان تسمحان بذلك – الكلّ انتظر نهاية اليومين ، دولة الرئيس نسي تهديده عندما هدأت أعصابه .  الرأي العام لا يرحم  . لم ينس تصريح دولة الرئيس . الصحف تذكره به بين الحين والحين ، هي تعرف انه لن يجيب ، هو يعرف انها لا تريد جوابا . المسرحية تجري  ، نحن في الصالة نضحك ، إضحكوا معنا . ما يهمني من الأمر هو أن دولة الرئيس في لحظة مهمة من لحظات حياته السياسية ، غابت عنه لفتة الى فصل أساسي من فصول قاموس آداب السياسة ، ما كانت لتغيب عن أخيه الرشيد رحمة الله عليه . هذا الفصل له عنوان متكرّر : ” أدب الرفق بالأعصاب ” . صفقة رئيس حكومة لبنان كانت خاسرة .
 
وزير الداخلية وفي مواقف عديدة ، خرج عن المألوف في الحديث ، ووصل الى حد الشتم بكلام غير لائق . ألكل أجمع على كون معاليه متوتر الاعصاب ، والبعض استرسل في نصحه بوصفات طبية شعبية مختلفة . رئيس طائفته أنبه ناعما . معاليه افتقد في تلك اللحظات ” فن التعامل مع الأعصاب ”  . أخطأ وكان خطأه كبيرا . هذا أمر سيعيره به الكثيرون ، وسيستغله أخصامه ، إن هو ترشح آجلا أو عاجلا الى رئاسة الجمهورية . صفقته كانت خاسرة .
 
زعيم معارض كبير في معرض اندفاعه اتهم حزبا ذا نفوذ مميز بقتل والده قبل ثماني وعشرين سنة ، دون أن يملك برهانا على ذلك . ألأمر ورّطه بدعاوى قضائية  أقامتها عليه الجهة المُتهَمَة . الزعيم المشهود له بالحنكة أخلّ في عمله هذا بقانون أساسي يقضي بالتناغم الدائم مع ميزان الاعصاب الشديد الحساسية . صفقته كانت خاسرة  .
 
كفانا انتقادا ، وللقوم حسناتهم أيضا ، هيا بنا اليها .
 
في قراءتي اليوم لاخبار أمس السبت الموافق ل 12 فبراير 2005 ، لحظت موقفا إيجابيا يستحق رئيس الحكومة التهنئة عليه  .
الخبر التالي قرأته في إحدى الصحف : ” السلطة أقدمت أمس على احتجاز أربعة ناشطين من جمعيات خيرية في العاصمة من الصباح لتفرج عنهم في التاسعة ليلاً، بححة التحقيق معهم في قضية إقدام “جمعية بيروت للتنمية الاجتماعية” على توزيع صفائح من الزيت على العائلات المحتاجة”.
والمجهود القضائي الذي تبذله النيابة العامة التمييزية وقسم المباحث الجنائية المركزية على هذه القضية لم يتوقف عند هذا الحد، بل تمّ استدعاء الناشطين الأربعة الى التحقيق مجدداً، غداً الاثنين.” انتهى الخبر .
التوقيف كان بتهمة رشوة الناس لاغراض انتخابية . اي اطعام الناس زيتا ليصوتوا في الانتخابات النيابية القادمة التي ستجري بعد شهرين مع الجهة التي تطعمهم اليوم وهي جمعية خيرية تابعة لمؤسسات الرئيس رفيق الحريري .
ليس هذا ما يهمني بالخبر وهو لا علاقة له ببحثنا .
المهم أن القضية تطورت ، نواب جبهة الرئيس الحريري قصدوا قصر العدل لمقابلة المحتجزين . تمّ منعهم من ذلك .  مما دفع بمفتي الجمهورية اللبنانية للاتصال برئيس الحكومة تعبيرا عن رفضه لمنع ايصال الزكاة الى مستحقيها تحت أي ذريعة .
سماحة المفتي اتصل مرة ومثنى وثلاث ورُباع وخُماس ، ورئيس الحكومة لا يجيب . في المرة السادسة وُفق في ذلك . حصل على وعد بالتدخل وإجراء اللازم . 
أيضا ليس هذا ما يعنيني في الأمر . ما يعنيني أنا فيه هو أن الرئيس كرامي قد نجح هذه المرة بامتلاك ” فنّ التعامل مع الاعصاب ”  فأعطى نفسه المهلة الكافية بتأخير المحادثة وتاجيلها والمماطلة بها ، ريثما تكوّنت لديه القدرة النفسيّة الإيجابية ، وريثما تجمّع عنده المخزون الفكري اللازم ، لمواجهة صاحب السماحة بما يمليه عليه الأمر من توازن في الحديث ورصانة في التعبير ، فوفّر على نفسه ردّة فعل متسرعة من نوع : ” منفرجيهم باليومين القادمين ” . رئيس الحكومة أجرى بتصرفه هذا صفقة رابحة .
مع تسجيلي للرئيس عمر كرامي حكمته وحسن امتلاكه هذه المرة – وبايحاء من روحية أخيه المرحوم رشيد – ل ” أدب الرفق بالأعصاب ، وفن التعامل معها ” ، أدعو أعزائي المتعاملين في تجارة البورصة الى التشبه به ، بتأجيل الهواتف التي تأتي في أوقات غير مناسبة داعية بفتح صفقة معينة ، إن سيطر على المتعامل جوّ من انعدام الشفافية ، وكثافة الضبابية في الرؤية ، وبالأخص ان كان الهاتف الداخلي ملحاحا على القول : ” ماذا تنتظر يا هذا ، إشترِ ! ها قد بلغ النهار نصفه ، وأنت لم تعقد صفقة واحدة الى الآن . “
وطالما إني قد سجلت لرئيس حكومة لبنان الحالي هذه الحكمة ، وأقريت له بهذا الأدب السياسي الملتزم ، فلا بدّ من الإتيان على ذكر ما طالما أُعجبت به من مواقف للرئيس السابق لحكومة لبنان . مواقف توحي بأن الرجل يمتلك أدب الرفق بالأعصاب وفنّ التعامل معها بامتياز .
لقد حاولت أن أسجل عليه موقفا أو زلة تساويه هو بغيره ، وتجعلني انا بعيدا عن الانحياز في بحث موضوعي  ، فما استطعت . ما وجدت هذه الزلات على الأقل في المسرحية السياسية التي تدور رحاها الآن على المسرح اللبناني ، والتي بدأت بفصل تعديل الدستور في سبتمبر الماضي .
فن الرفق بالأعصاب الذي يمتلكه رفيق الحريري قد يكون عنصرا مهما وأساسيا من عناصر نجاحه الفائق سياسيا وماليا واقتصاديا . وهو الراوي عن نفسه : ” كانت أمي تجري لنا – أنا وأخوتي – حمامنا الأسبوعي في اللكن المعدني ، وفي نفس الغرفة التي نجلس وننام فيها . وفي صباي عملت صانع دكان يبيع الحلوى ، وهو ما زال موجودا الى الآن ويثير فيّ ذكريات طيبة “. “
أنا على ثقة بأن امتلاك الرجل أدب الرفق بالأعصاب كان ولا يزال من أهم العوامل التي حققت له هذه النقلة النوعية على جميع المستويات .
أخي المتعامل ، لقد أطلت في أمثلة أرجو أن تكون على شيء من التعبير الكافي لتجعلك مستعدا لتفادي مخاطر الاستخفاف بما يجب ان أن يُجَلّ في مهنتنا هذه . وعدي أن نُتبع بحث اليوم بآخر يوسع ما يعنينا نحن في السوق من هذا الموضوع . رجائي من الله أن يفتح ما قد يكون موصدا في وجهك من أبواب تقود الى المزيد من النجاح . ولا نجاح بدون معرفة .
 
 
 

 

 

بائعو التوصيات استنادا الى تحليلات خاصة

2

  –  بائعو التوصيات استنادا الى تحليلات خاصة .    30th January 2005

 
وما أكثرهم !
وما أشق التفريق بين الغثّ والثمين منهم !
وما أصعب من إصدار حكم لهم ، أو عليهم !
كلّهم يتوخون الربح ، كما كلّ واحد في هذا السوق الهائل . فماذا تُراهم يكونون ؟  طهاة مهرة ، أم رماة مكرة ؟
ألاتهامات لهم كثيرة كثيرة ، وقد تختصر في واحدة يرددها الكثيرون : لو كان هؤلاء فعلا طهاة مهرة ، فعلام يلجأون الى بيع توصياتهم ؟ ألا يكفيهم أن يطبقوها بيعا وشراء ، فيحققوا بذلك ثروات طائلة ؟
تهمة سمعتها من أكثر من مصدر ، وفي أكثر من مناسبة ، فلنحاول التأني والتبصروالتدقيق ، ثم نعمد الى إصدار المناسب من الأحكام .
 
في بادئ الأمر ، وقبل كلّ طرح لإشكال ، وقبل كل تعميم لتساؤل ، وقبل كلّ تدقيق بأمر ،  وقبل كل إصدار لحكم ؛ لا يجب الأغراق ، ولا يجوز الغوص في غياهب الشك الذي إن تكاثرت خيوطه بدون رادع علمي منهجي موضوعي ، تحولت الى حبال خشنة تلتف حول أعناقنا وتحوّلنا الى دمى مؤتمرة لكل ما هو ضلال وضياع .  ، إلى ذلك لا يسمح الإنصراف أيضا ، ولا يصحّ الإغراق أيضا في نظرية المؤامرة الغريبة الدائمة التي تحاك ضدنا ، من خصوم نعرفهم حينا ، ونجهلهم أحيانا ، فنحارب ضدهم ،حتى ولو كانت معركتنا ضد طواحين الهواء . الشكّ المتطرف هو مدخل الى سراديب الضلال ، والدخول الى غياهب الضلال خسارة لا منجاة منها ، ولا منقذ من تشعباتها .
 
انا لا اريد ان أتخذ موقفا مسبقا من الأمر قبل الشروع ببحثه ، فيكون مَثلي مَثلُ الطبيب الذي وصف الدواء ، ثم عاد للكشف على المريض وارسال عينات دمه الى المختبر . أنا لا أريد أن أعمل ما أكره ، وأن أسلك مسالك التعصب لرأي في سعي للبحث عن الحقيقة ؛ لكنني لا أخفي سرا إن أنا صرحت بحقيقة تملك عليّ نفسي ، وتشغل كل ذرة في كياني . أنا لا أستطيع أن أرمي الإتهامات جزافا ، أنا أكره الظلم موجها إليّ وأمقته موجها لغيري . فلنسلك دروب الحقّ في بحثنا الدؤوب عن الحقيقة ، ولنا في ذلك من الله العون والتوفيق ، إن هو شاء وأذن .
 
أن يكون بين بائعي التوصيات المنتشرة بين البنوك والمؤسسات والأفراد أناس متطفلين على هذه المهنة ، أو حديثي الوجود فيها ، او أصحاب مصلحة في توجيه القراء من خلال تبليغهم لتوصيات معينة ، لهو أمر من المسلمات الأكيدة التي لا يمكن لصاحب عقل راجح ان ينكر وجوده أو أن يدافع عن نقيضه ، دون أن يكون كلامه موضع شكّ وريبة . إننا نشهد كلّ يوم ، ونتعرف كلّ أسبوع على محلّل جديد  للسوق ، أو مقدم حديث  لخدمة التوصيات أو غيرها ، ثمّ لا يكاد وقت ينقضي ، فنتعرف بطريقة ما على الشخص المذكور ، فنعرف أنّه حديث العهد بهذه المهنة ، وقليل الخبرة فيها ، فهو في الأمس القريب كان لا يزال يسأل عن معاني كلمات من أمثال : ” ترند ”  و ” دفاع ”  و  ” مقاومة ” و ” مؤشر” . وهو في الامس القريب كان لا يزال يستفسر عن الفارق بين كلمتي  ” ترايدر ”  و ” بروكر”  ، وعن الفارق بين هاتين الكلمتين وكلمة  ” ترند “.
نعم يا سادة ، إنّ هؤلاء الأخوة موجودون على كثير من المواقع المستحدثة ، يصولون ويجولون ، يتحفون القراء بنصائح لا تحصى ، يهاجمون من طاب لهم مهاجمتهم ، ويثنون على من طاب لهم الثناء عليه ، وكل ذلك في إطار مصلحتهم الخاصة ، فهم إما قد قرروا ان يصيروا مقدمي مساعدة في الفوركس ، او إنهم قد نظموا أمورهم ، وتمكنوا بكلفة لا تزيد عن الألف من الدولارات ، أن يفتحوا لانفسهم موقعا على الانترنت ، وأن يصيروا مستضيفين لجملة من المهتمين في هذه الأمور . وها هم الآن يتبارون في إصدار الفتاوى ، ويتسابقون في التحريم والتحليل ،  فهذا بنظرهم صليبي متآمر لا يجوز السماع له أو التحدث إليه ، وذاك بنظرهم يصدر توصيات خدمة لبروكر معين وليس مساعدة للمتعاملين ، وذانك برأيهم فاشل عديم الفائدة ، لأنهم لم يسمعوا بعد أن أحدا قد نجح في تحقيق ثروة من توصياته المزعومة .
نعم يا سادة ، إن سيئي السمعة ، حديثي العهد ، قليلي الحظ هؤلاء قد جربوا في بادئ الامر حظهم في التداول وفشلوا  – أقول جربوا حظهم ، وأنا اعني ما اقول ، وما من داخل لهذا المجال تجربة لحظ إلا وقد لاقى الفشل  –  جربوا حظهم ففشلوا ، وها هم يتحولون الآن الى عمل آخر ، ومهنة أخرى ، لقد صاروا صيادي عملاء . إنهم يرمون  شباكهم على كل ماء ، وينصبون فخوخهم على كلّ برّ ، لا همّ لهم  سوى اصطياد عميل  دسم ، ويا للحظّ إن كان العميل غرّا ، كبير الثروة ، كثير المال ، وفير الخير ،  قليل الخبرة ، نادرالتجربة ، لم يفقه الكثير بعد من أسرار هذه المهنة وخفاياها ، فهو سريع في تصديقه ، قليل في سؤاله ، سهل إغراؤه ، متيسر إغواؤه  .
وهذه الفورة المستجدة في نشر المواقع على شبكة النت ، هذا الكمّ الهائل من البائعين والموصين والخادمين ، يستأهل وجودهم حالة من التيقظ والتنبه ، لا أنكر ذلك .
أذكر في هذا المجال رجلا تعرّف على العمل بالفوركس من فترة لا تزيد على السنة ، وهو قد اتصل بي منذ أيام متفاخرا . قال : أنا أملك اليوم أربع مواقع على النت ، وأقدم عليها خدمة الفوركس للمتعاملين . دعائي له : زاده الله من خيره ، وفتح له كنوز الأرض وأبواب المجد .
صاحبنا هذا ، لن يحتاج في حال سقوطه إلى أكثر من إلغاء مواقعه هذه إن اصيب بخيبة ، ثم المبادرة الى فتح مواقع جديدة ، بأسماء جديدة ، وحلية جديدة .
تصل الى مسامعي في كل يوم أخبار مستجدين من الذين ينشرون توصيات على منتديات عربية وأجنبية ، تُطرح علي الأسئلة حول ما اقول فيهم وفي توصياتهم . رأيي واحد : قد يكون بينهم الغثّ ، وقد يكون بينهم الثمين . إن من يفشل بينهم ، لن يكون مضطرا لأكثر من تغيير اسمه ، والاشتراك مجددا بإسم مستحدث ، وإطلاق موجة من التوصيات والتحاليل جديدة ، مجربا لحظه ، ومغامرا على حساب غيره .  
نعم يا سادة ، أمام واقع من هذا النوع لا بد من التحفّظ والتيقظ ، لا بد من التنبه والتفقه ، ولكن حذار من التعميم وإلا بتنا مرضى أوهام تكبّلنا ولا نقدر على الإفلات منها .
وإن نحن عدنا الى صلب موضوعنا ، ودققنا النظر في القول القائل : لو كان بائعو التوصيات طهاة مهرة ، فعلام يبيعون توصياتهم ؟ إن تطبيقها على السوق لكفيل بتوفير الثروة لهم . فماذا ترانا نقول ؟
نقول إنه كلام خطير ، واتهام جائر ، إن هو عُمّم بشكل قطعي .
إذا نحن عممنا القول بأن مقدم التوصيات ، أو بائعها ، لا يرمي من فعلته هذه إلا الكسب  والربح المادي فقط ، فهذا بدء الخطأ ورأس الضلال .
أحبائي !
هل يصحّ أن ننظر الى العتيق المجَرّب الذي حقق نجاحا واضحا في هذا السوق وكوّن خبرة عميقة عبر سنوات طويلة ، هل يصحّ أن ننظر اليه ونحاول الحكم على دوافع تصرفه بعين المبتدئ الباحث عن وسيلة للربح أو الإثراء ؟
هل يصحّ الظن أن نفس الأحاسيس التي تتملك الثاني في تعامله اليومي مع السوق ، هي نفسها وعينها الاحاسيس والدوافع والاهداف التي تملأ وجدان الأول ، فتكوّن مبررات اتصاله بالعالم المحيط به والمتكوّن من متعاملين قديمي العهد او حديثي الدخول في هذا السوق ؟
هل يصحّ الاعتقاد بأن هدف كلّ من نجح في رسم الدرب المؤدي الى النجاح ، وفاز في ترجمة هذا السبيل الى مال تحقق بصورة ربح مادي حقيقي ، هل يصحّ الأعتقاد بأن هدفه مقتصر ، أو يجب أن يكون مقتصرا على تحقيق الربح فقط ؟
 ألا يمكن تصوّر وجود أناس يرغبون في مدّ يد العون لغيرهم من المبتدئين ، لا طمعا باستفادة مادية يحققونها ، بل خضوعا لأنوار شمس أشرقت في نفوسهم ، وتجاوبا مع أحاسيس خير ملأت عليهم قلوبهم ،  فقللت نسبة الأنانية فيها  بقتل سوسة الأنا المسيطرة على النفس البشرية ، وأحلّت محلها رغبة لذيذة  في نشر المعرفة وتعميم العلم وزرع بذور الخير ؟
هل يصحّ الظنّ انّ هذه الفئة من البشر غير موجودة ، لمجرّد كوني أنا ، أو ربما أنت ، أخي القارئ ، غير منتمين لها ؟
أحبائي !
لنعد قليلا الى الوراء ونتبصر في حقائق الامور ، انطلاقا من تساؤلات قد تفتح لفكرنا آفاق علم جديد ، وتزرع فيه بذور قناعات خيّرة .
ماذا لو أنّ أبقراط أو ابن سينا أو غيرهم من آباء الطبّ الاوائل قد قرروا يومها الاحتفاظ بعلمهم لانفسهم ، وحملوا ما حققوه من نجاحات واكتشافات معهم الى القبر ؟
 ماذا لو ان هؤلاء قرروا ألا يختاروا نخبة من المميزين ليكونوا تلامذة لهم يحملون الراية بعدهم ويكملون الطريق ؟  لو أنّ هؤلاء العظماء قرروا الإصغاء الى صوت الأنا دون غيره ، هل كنا لنعيش اليوم ما نعيشه من إنجازات في عالم الطبّ الحديث ؟
ماذا عن بيتاغور وعلومه في الرياضيات ؟ ماذا عن جابر بن حيان ؟ ماذا عن الخوارزمي ؟ ماذا عن مريديهم ومساعديهم وتلامذتهم ؟ ماذا لو أنّ هؤلاء العمالقة قد بخلوا على الانسانية بما علموا ؟
إخواني !
أعذروا تبسطي في ما قد يكون مملا لمن يريد ان يلقى جوابا مختصرا ، جوابي : حذار من الوقوع في فخوخ المدّعين للعلم وهم فيه هواة . هؤلاء كانوا موجودين منذ القدم وسيبقون موجودين الى الازل . هم يعممون ما يعرفون ، ولا يعرفون إلا القليل .
ولكن هل يجوز أن نطلب من كلّ مُصدر لتوصيات ، أو كلّ مُحلل لسوق ، أن يكون قادرا على تحقيق ثروة من توصياته ؟
جوابي على الامر واضح ومختصر : لا يمكن أن نطلب منه ذلك بشكل تعميمي مطلق . قد يستطيع وقد يصطدم بمعوقات تمنعه من ذلك .
ان محلّل السوق قد يكون ناجحا في جمع المعلومات اللازمة لاصدار الحكم الصحيح ، وإصابة الهدف بدقة كاملة ؛ ولكنه لسبب من الاسباب ، نفسيّ أو عصبيّ أو ماديّ ، قد لا يستطيع النجاح في تنفيذ مايراه ، وتحويل علمه ومعرفته وتحليله الى نجاح مادي مترجم بربح مال من صفقات يعقدها بشكل يومي .
 إن محلل السوق هذا قد لا يمكنه وضعه المادي من تأمين المال الكافي للمتاجرة وتحويل علمه الى ربح . ومن أمثال هؤلاء أعرف الكثيرين .
 إن محلل السوق هذا قد لا يمكنه وضعه النفسي من المتاجرة الفعلية ، فهو يعرف ولا يستطيع . ومن أمثال هؤلاء أعرف الكثيرين .
وكما هو الحال في ساحة المعركة ، قد يفشل القائد إن هو تحوّل الى جنديّ  فلا يستطيع تنفيذ الخطة التي كان قد وضعها ، ويستحيل طبعا على الجنديّ أن يضع الخطة اللازمة لتحقيق النصر . هنا ايضا ، لا أشترط على المنفذ ان يكون قادرا على إصابة العمق في التحليل والدراسة كما يستطيعه الخبير المجرّب . ولا أشترط على الخبير المحنّك أن يكون قادرا ، وبكلّ حذاقة ، أن ينفذ كلّ خطة وضعها بنفسه ، كما قد يستطيعه مساعد له ، او تلميذ عنده ، أو متعامل واثق بعلمه ومتلق لرأيه .
والخبير المُحلّل والمُجَرّب ، هل أطلب منه أن يقدم لي كمتعامل ما أراه أنا في السوق ؟
لا طبعا ، هو سيقدم ما يراه هو من أمور .
والخبير المحلل والمُجَرّب ، هل عليّ أن التزم بما يراه بشكل أعمى ، وأنفذ دون اعتراض ؟
هذا يعود لي كمتعامل ، ولنسبة الخبرة التي تكونت عندي ، ولنسبة الثقة التي أوليه إياها . قد أنفذ ما يقول ، وقد أستنير فقط  بما يقول .
والخبير المُحلل والمُجَرّب ، هل أطلب منه أن يقدم لي كمتعامل توصية مصيبة في كل يوم وفي كل ساعة ؟
لا طبعا ، هو سيصيب في آن ، وسيخطئ في آن . المهم أن يصيب في كثير من الأحيان .
إخواني !
إن كلّ هذه الأمثلة التي ورد ذكرها ، إنما هي متواجدة على كل ساحة ، وفي كل بلد ، وفي كل لغة ، ولا يقتصر وجودها على لغتنا العربية أو مواقعنا العربية . بائعو التوصيات ومصدروها ، بينهم الطهاة المهرة ، وبينهم الرماة المكرة ، نرجو الله أن يمنّ علينا كلنا بنعمة البحث والتدقيق ، منجاة من الفخوخ ، ووصولا الى ما تصبو اليه النفس ويتمناه الفؤاد . 
 
 

 

تساؤلات اضافية مشروعة لا يقصد منها الا التنوير

ج – تساؤلات اضافية مشروعة لا يقصد منها الا التنوير

!!!   17th January 2005

 
وبعد كل ما تقدم ، فقد وقفت مليا أمام آحصاء بلغني من قبل أحد المهتمين بواحد من البرامج التي اسهبنا في الحديث عنها في المقالتين السابقتين ، ودققت النظر في النتائج التي حققها هذا البرنامج والتي تشمل سنتين اثنتين من العمل ، فلفتت نظري أمور عديدة لا بدّ من التوقف عندها .
1 – ان واحدا من هذه البرامج – وهو يعتبر من أشهرها ويصح أخذه نموذجا عنها كلها – قد حقق على اليورو دولار :
 في العام 2003  نتيجة قاربت ال 3000 نقطة .
 في العام 2004 نتيجة قاربت ال 2000 نقطة .
 بينما حقق على اليورو  ين نتيجة :
 في العام 2003 بلغت ال 2000 نقطة .
 في العام 2004 نتيجة بلغت 1800 نقطة .
نعم ،أخي المهتم بهذا  الآلي العبقري . ان أخذت نتيجة السنتين لليورو دولار تجد انها بلغت 5000 نقطة . وان انت حولتها الى عملة تكون 50.000 دولارا بعقد واحد فقط يحتاج للانطلاق به حسابا يمكن ان يقتصر على 2000  دولار فقط .
لا شك أنها مغريات هائلة ، وهي قد تصح . ولكن !
ان انت حوّلت هذه النتيجة الى نتيجة شهرية يتبين لك ان ما تحقق في الشهر وبالحساب النسبي كان 200 نقطة فقط .
وان انت عدت الى اليورو ين ، لوجدت ان النتيجة الشهرية كانت 150 نقطة فقط .
150  او حتى 200 نقطة في الشهر ، لفظة أقل لمعانا ، وأخف تأثيرا ، وأضعف آغراء من لفظ ال 5000 . هذا لا شك فيه على الاطلاق .
والنقاط المذكورة هذه  ، سواء كانت 200 او 150 نقطة ، هي أقصى ما يمكن لهذا البرنامج تحقيقه . هذا ما لا يجب أن ننساه أبدا . إن انت نجحت ، أخي المتعامل ، في فتح كل الصفقات التي حدّدها خلال الشهر ، وبالتالي خلال السنتين . أي بمعنى آخر : قد تحقق نتيجة أقلّ من هذه المعلنة بكثير ، ولا يمكن لك باية حال أن تحقق نتيجة أفضل من هذه المذكورة .
والنقاط هذه ، أخي المتعامل ، سواء كانت 200 او 150 نقطة ، يسهل عليك أنت ، كما يسهل على كل واحد أن يحققها  ، إن هوعمل على صقل قدراته الذاتية ،  وتنمية امكاناته الفكرية ، وتطبيق قناعاته المنطقية ، واحترام معطياته الموضوعية ، وترويض انفعالاته العاطفية ، ولجم اندفاعاته المتسرعة .
والنقاط هذه ، أخي المتعامل ، سواء كانت 200 او 150 نقطة ، يسهل عليك أنت ، كما يسهل على كل واحد أن يحققها  ، إن هو ابتكر لنفسه برنامجا ميكانيكيا بسيطا ، مرتكزا على أي مؤشر من المؤشرات التقنية كمثل :
التقاطع بين خطين متوسطين انسيابيين كخط ال 10 وال 50 وحدة  ، او كخط ال 20 وال 100 وحدة  ايضا ، على سبيل المثال لا الحصر .
الاعتماد على مؤشر ال RSI  مثلا في حالات انخفاضه الى قيمة تتجاوز ال 30 ، أو في حالة ارتفاعه الى قيمة تتجاوز ال 70 . أو في حالات التعاكس في الاتجاه بينه وبين وجهة السوق لزوج من الازواج المذكورة سواء كان اليورو دولار او غيره .
الاعتماد على تقنية التحليل المرتكز على أشكال الشموع اليابانية الشهيرة ، واختيار مواضع يصح اعتبارها اشارات شراء او بيع مشجعة .
الاتكال على ال MACD  في حالات التقاطع بين خطيه من الاسفل الى الاعلى ، او من الاعلى الى الاسفل .
أخي المتعامل !
ان تحقيق 150 نقطة شهريا من الوجهة النظرية ، هو أمر يسير حدوثه الى درجة السلاسة ، بالاستناد على أية طريقة من طرق التحليل ، كما بالاستناد على أية طريقة لم يسبقك أحد غيرك على ابتكارها .
ولكن تحقيق ال 150 نقطة بموجب طريقة نظرية ، لا تعني تحقيق 1500 دولارا في الشهر بطريقة تلقائية تطبيقية .
ان ال 150 نقطة قد تتحول الى 1500 دولارا ، هذا أمر ممكن ، ولكن !
عليك أن تشتري كل الصفقات ( ليلا  نهارا ) . كل الصفقات التي أوحى لك بها البرنامج  – الذي ابتكرته انت او الذي اشتريته من مبتكره –  ، عليك ان تنفذها دون أي تردد ، ودون أي شك ، ودون أي خوف ، ودون أية خشية ، ودون أي طمع ،  ودون أية رجفة يد ، ودون أية رفة جفن ، ودون أية دقة قلب .
 دون أي تشاطر على البرنامج ، ودون أي تدخل في عمله ، ودون أي عطل للانترنت ، ودون أي توقف للجهاز ،  ودون أي انقطاع للتيار .
 دون أي تأخر في تنفيذ صفقة من قبل البرنامج ، ودون أي امتناع عن إجراء طلب من قبل الشركة ( خاصة في وقت صدور البيانات الحساسة ) .
أخي المتعامل !
هل لاحظت معي دقة الموقف ؟
 
في تأملي لنتيجة حققها واحد من هذه البرامج في شهر واحد كمثال على عمله ، تبين  لي انه حقق النتائج التالية :
0 / +40 / + 5 / +165 / + 135 / – 100 / 0 / + 55 / + 85 / -10 / +40 / +10 / – 100 / 0 / +15 /+ 45 / +75 / +181 /  – 110 / 0 / 35 +/ +159 .
ان ما يهمني من هذه النتيجة هي الارقام التالية :
165 / 135 / 181 / 159 .
والسؤال هنا هو :
ماذا لو ان واحدة من هذه الصفقات الاربع فاتتك لسبب من الاسباب ؟
الجواب هو واضح  وأكيد :
لقد تحولت نتيجة الشهر الى الصفر .
وان فاتت هذه الصفقة لسبب ما ، فقد اختلّ اتزانك الفكري ، وتعطلت ثقتك الراسخة ، وشككت بكل شيء سبق واعتمدته كواجب لوجود أكيد . وها أنت تتراجع عن إجراء ما تبقى من صفقات ، فتترك البرنامج . وان انت لم تتمالك اعصابك ، فسترى نفسك منجرا تحت تأثير الصدمة النفسية الى لعن البرنامج  وصاحبه ومعرفك عليه في آن .
 
وقد يقول قائل :
ولكن هناك ال -100 / -100 / -110 / .
فقد يفوتني منها ايضا شيْ  واكون من الرابحين بتوفير الخسارة . وتزداد ثقتي ، وتتقوى قناعتي ، وأبلغ أفضل مما خططتت  له .
الجواب هو واضح وأكيد :
نعم هذا ممكن  . ولكنه نادر الحدوث .
وان هو حدث ، فان تاثيره الايجابي على النفس يبقى قاصرا عن تعويض صدمة سببتها عرقلة في تنفيذ صفقة كان ربحها وفيرا . إن كل تفويت لصفقة رابحة ، تحتاج الى تفويت لاجراء 3 صفقات خاسرة أو اكثر ، لتترسخ الثقة ، ويصفو الوجدان ، وتشتد العزيمة ، وتتزن النفس ،  وتشعر بالاطمئنان الى حسن سير العمل في مثل هذه البرامج .
 
وفي آخر المطاف ، وفي سؤال بدا لي ساذجا ، فضحكت كثيرا له ، وسخرت من نفسي لمجرد التفكير به . ولكنني رغم ذلك لم أقو على طرده من مخيلتي ، فهو لا يزال يراودني ، ويضحكني  .
ماذا لو أن واحدا من هذه البرامج أثبت عبقريته الفائقة ؟
ماذا لو أن اعتماده تم عالميا ؟
ماذا لو ذاع صيت هذا  العبقري  ووصل الى أسماع القيمين على البنوك ؟
ماذا لو قرر هؤلاء الاستغناء عن مئات وألوف الترايدرز المحنكين عندهم ، واستبدالهم بالسيد عبقر ؟
ماذا لو وقع مسؤولو البنوك المركزية في غرام السيد عبقر ، والكل يعرف انهم تجار اساسيون في سوقنا هذا ؟
ماذا لو حصل كل هذا ، اخي المتعامل ؟
هل تعرف ماذا سيحصل إذذاك في سوق العملات العالمي ؟
أنا سأقول لك :
كل المتعاملين سيكونون من الرابحين ، كلهم على السواء ، كبارا وصغارا ، لن يكون هناك خاسرين .
وستنصرف مطابع البنوك المركزية الى طبع العملات  ( ورقا ملونا مزخرفا )  وضخها في السوق ، لتغطية ارباح المتعاملين .
وحدهم سيكونون متضررين : مزورو العملات . فقد سلبتهم الان البنوك المركزية كل حقوقهم ، وها هي تمارس المهنة نيابة عنهم .
وسيعمّ الخير ، وتنتشر النعمة ، ويسيطر السلام على المعمورة .
وستبلغ معضلة فلسطين نهايتها السعيدة ، وكذلك معضلة العراق ، فلا يبقى مبرر للصراع على آبار النفط فالمال أهم من النفط ، والمال بات متوفرا فعلامَ الصراع .
وستتساوى البلدان العربية المنتجة للنفط والمنتجة للفقر .
ولن  يبقى شيئا يستحق الصراع من اجله .
 
ليتك تتساذج معي أخي المتعامل ، ونتضاحك سوية لبرهة .
على ماذا ؟
على كل شيء ، وعلى لا شيء .
على سذاجتي ، وعلى سذاجتك .
 
أخي المتعامل ، تعالى نتضاحك ، ونتساذج ، ونتمازح ، وان شئت تعالى نتساخف !
لا بأس في ذلك ، ولكن !
إياك أن تستخف في الامور المصيرية !
هل تريد تحقيق ربح في هذا السوق ؟
أنت من سيحقق هذا الربح .
لا أحد غيرك .
أنت وهو وأنا .
نحن .
 
 
 

 

 

تساؤلات تثير الشك في امكانية تحقيق المعلن عنه من نتائج

2 – –

تساؤلات تثير الشك في امكانية تحقيق المعلن عنه من نتائج  !!!   10th January 2005

 

غالبا ما نقف في مثل هذه البرامج الميكانيكية التي يروج لها أصحابها على كونها آلة سحرية كفيلة لوحدها بانتاج ما لا يمكن تصوره من ربح  ، غالبا ما نقف في مثلها أمام نتيجة مفصلة تغطي مساحة زمنية تتراوح بين السنة والسنتين ، تمكن البرنامج خلالها من تحقيق ربح لا يقل باية حال عن الاربعة آلاف نقطة في زوج واحد من الازواج المتعددة .
نعم ، في زوج واحد فقط . وأي زوج من الازواج هو ؟
ان كل هذه البرامج تعطينا ربحا قد تحقق على بعض من الازواج الرئيسية الاربعة : اليورو  دولار ، او السترليني دولار ، او الدولار فرنك ، او اليورو ين ياباني ، او الدولار ين ياباني . لماذا يا ترى ؟ وأين تكمن المخاطر في مثل هذا الاختيار ؟
انه من البديهي القول ان الازواج الرئيسية المذكورة تعرف تبادلات يومية عالية بحيث يجعلها مؤهلة اكثر من غيرها لتامين تحركات بالغة الاهمية تكفل تحقيق ربح محترم ان أصاب المتعامل أو البرنامج الميكانيكي في اختيار اللحظة المناسبة لفتح صفقته . ومن البديهي القول بان الفارق بين العرض والطلب على هذه الازواج يكون منخفضا قياسا على الازواج الاخرى مما يشكل عنصرا ايجابيا يصب في مصلحة المتعامل وزيادة نسبة ربحه . كل هذا يعتبر صحيحا ، ولكن أسئلة محددة تبقى مشروعة ، وتبقى الاجابة عليها وحدها كفيلة بازالة التشكك ، أو إثبات أحقية المخاطر المحدقة بالامل المنشود في صورة تحقيق ربح على المدى الطويل اتكالا على هذه البرامج .
السؤال الاول المطروح هو : لماذا اختار مبرمج هذا البرنامج اليورو دولار والدولار فرنك لتطبيق برنامجه عليه ؟
لا يخفى على اي لبيب تابع العمل في هذا السوق ، بان هذين الزوجين متلازمين في حركتيهما تلازما عكسيا  شديدا يبلغ أحيانا حد التطابق . فان نحن اخذنا الرسم البياني للزوج الاول وقلبناه راسا على عقب ، وقارنناه برسم الزوج الاخر ، لوجدنا ان الخلاف بينهما يكاد يكون معدوما الى حد كبير .
ماذا يمكن لهذا الامر ان يعني ؟
بكل بساطة سيعني هذا الامر تقاربا شديدا بالنتيجة المحققة على الزوجين ، تقاربا يسمح بالتقدير بان شراء عقدين اثنين على زوج واحد منهما يمكن أن يحقق نفس النتيجة التي تحققت من خلال شراء عقد واحد على كل منهما .
وبكل بساطة ايضا سيعني هذا الامر ان اختلالا معينا في فترة زمنية ما ، ولسبب مجهول ما ، على نتيجة زوج من هذين الزوجين سيكون مرشحا ايضا للظهور على نتيجة الزوج الاخر وستكون الخسارة مزدوجة ايضا .
السؤال الثاني المطروح هو : لماذا لم يقدم مبرمج البرنامج المذكور لنا النتيجة التي حققها برنامجه على بقية العملات المتداولة في السوق ؟ وهل ان تطبيق البرنامج المذكور عليها كفيل بان يحقق نتيجة ايجابية ايضا ؟
هنا ايضا لا يمكن أن يخفى على اي لبيب بان حركة زوج مثل اليورو فرنك سويسري ، او اليورو جنيه سترليني ، او الدولار استرالي دولار اميركي ، تختلف اختلافا كليا عن حركة العملات المختارة لتطبيق البرنامج عليها واعلان نتائجه . حتى الدولار ين ياباني يعتبر ذا خاصية محددة في الحركة ، أكاد أقول انه يحتاج الى برنامج خاص به ليتمكن من تحقيق الربح المنشود ، رغم كونه واحدا من العملات الرئيسية التي تتمتع بسيولة عالية في التعامل تؤهله لان يصنف بين العملات الرئيسية المثلى .
 ولعل هذا الاختلاف في الحركة هذه ، وفي نسبة الترند المحقق ، تنعكس ولا شك على النتيجة المحققة من قبل البرنامج ربحا أو خسارة ، ولعل هذا الاختلاف هو السبب الكامن وراء اختيار عملات محددة وصرف النظر عن عملات اخرى ، كون الاولى تحقق ربحا بينما لا تحقق الاخرى سوى خسارة .
وهنا قد يقول قائل : وما همنا في ذلك ؟ ان كان البرنامج قد حقق ربحا على زوج محدد ، فعلام لا نطبقه على هذا الزوج ونجني الربح الطائل منه ؟
رويدك اخي ! لا يغرّنّك الاندفاع ، تمهل قليلا ، لا تهمل التدقيق في الامر .
اذا كان البرنامج المذكور قد حقق الربح الوفير على زوج اليورو مقابل الدولار ، ولم يحقق الا الخسارة على زوج الدولار مقابل الين مثلا ، فهل يمكن لمخلوق أن يضمن استمرار اليورو دولار على نفس الوتيرة حركة ونبضا وسرعة وتقلبا ؟
هل يمكن لمخلوق أن يضمن رسما بيانيا لهذا الزوج شبيها لرسمه في السنتين الماضيتين ؟
هل يمكن لنا الحصول على نفس النتيجة على رسم بياني قد يتراوح خلال السنتين القادمتين بين سعرين هما 1.3500 وال 1.2500 مثلا ، كما حصلنا على نتيجة لرسم بياني ارتفع في السنتين الماضيتين من ال 0.8000 الى ال 1.3500 ؟
هل يمكن لاي مبرمج ان يضمن بان لا يتحول اليورو دولار مستقبلا الى حركة شبيهة بما هو عليه اليوم اليورو فرنك مثلا ، او اليورو دولار استرالي مثلا ؟
وقد يقول قائل : ان حصل هذا التحول ننتقل ببرنامجنا الى عملة أخرى .
 رويدك اخي ! لا يغرّنّك الاندفاع ، تمهل قليلا ، لا تهمل التدقيق في الامر .
كيف سيمكنك تحديد الوقت الذي سياتي به هذا التحول ؟  من هي الجهة التي ستنبئك به ؟ هل من برنامج ميكانيكي آخر يمكنه ايضا القيام بهذه المهمة ؟
ان حصل هذا التحول ستكون انت ضحيته الكبرى . في بدايته ستظن أن المرحلة هي مرحلة خسارة مؤقتة لا بد ان تتلوها محطات ربح تعوض فيها ما خسرته ، وستتلو مرحلة الخسارة الاولى مراحل اخرى ، وستزداد الخسارة ، وستزداد معها الحيرة والارتباك ، ولن تجد نفسك الا وقد وقعت في فخ زمن عاد السوق ليسرق منك فيه ما قدمه لك في زمن آخر . ولن تستطيع الا ضرب كف بكف ، والعياذ بالله من الشيطان الرجيم .
وقد يقول قائل : يكفيني ان احقق ربح مرحلة قادمة لفترة سنة او سنتين ثم أحجم عن التعامل حفاظا على ما حققته .
رويدك اخي ! لا يغرّنّك الاندفاع ، تمهل قليلا ، لا تهمل التدقيق في الامر .
ومن هي الجهة التي ستضمن لك ان المرحلة السوداء لن تبدأ الان ؟ أو انها قد بدأت لتوها مع بداية هذا الشهر ، أو هذا الاسبوع ، أو هذا اليوم ؟ وان صح هذا فانت لن تحقق ربحا ولكنك ستبدأ مباشرة بالخسارة . وان طالت مرحلة الخسارة فلن يكون للداء من دواء .
أخي المتعامل !
ان العامل الذي قد يخفف من هذه المخاطر ، يكمن في اطلاعك على ما حققه البرنامج الميكانيكي من نتائج على كل ازواج العملات المتداولة في السوق ، وليس على أزواج معينة ،  ولفترة لا تقل عن سنوات ثلاث . فان كان قد حقق نتيجة جيدة عليها كلها ، وفي نفس الفترة الزمنية ،  فان نسبة التخوف من مطبات قادمة وفخوخ مجهولة تخف ولا شك ، ويكون بالامكان في هذه الحالة الاقدام على هذا العمل بثقة نسبية ، تجعل أحقية الامل راجحة على كفة الخوف والتشكك .
أخي المتعامل !
ان كنت قد عقدت العزم على البدء بالتعامل معتمدا على برنامج من هذه البرامج المطروحة في التداول ، ان كنت قد بلغت هذه المرحلة واتخذت هذا القرار ، فانا لا اسعى لادخال الشك الى نفسك بنسف كل القناعات التي تكونت عندك ، أو إذابة كل الآمال التي بنيتها في نفسك من خلال اتخاذك لهذا القرار . انا أرمي فقط الى التنوير القائم على معطيات موضوعية واحتمالات منطقية ، والتنبيه الى أحداث مستجدة  قد تطرأ في الفترة التي تتعامل انت بها بواسطة هذا البرنامج فتقع انت ضحية مفترضة مع من يقع من المتعاملين . وقد لا تطرأ هذه الاحداث ، فتنجو انت منها مع الناجين ، وتحقق قسما او كلا من الربح الذي أمّلت النفس بها .
أخي المتعامل !
ان نجوت من الفخوخ التي تم شرحها ، وصار الى التنوير عليها في القسم الاول من هذا البحث ، وان نجوت من الفخوخ التي شرحنا أبعادها وفصلنا احتمالات وقوعها في هذا القسم ، وان نجوت من الفخوخ التي سيتم شرحها وتبيان مخاطرها ايضا في القسم القادم ؛ ان حصل كل ذلك ، فأنت ستبلغ مرادك ، ولا شك ، وستحقق الربح المنشود ، أو شيئا منه .
نعم ان ذلك لحاصل .
ولكن ! 
بعد اجتياز الكثير من الحواجز ، وتذليل الكثير من العقبات .
واعلم أنّ لعامل الحظ القسط الوافر في رؤيتك المنارة وبلوغك الميناء . 
أخي المتعامل !
نحن نحقق ارباحنا  في هذا السوق . نحن ، أنت وأنا نستطيع ذلك . ومن أراد استطاع .
لنعمل على تهذيب طباعنا ، وتدريب أنفسنا ، وترويض انفعالاتنا ، والتحكم بقراراتنا . لنعمل على خلق شخصية التاجر المؤهل على الصمود في الساحة هذه . لنسعى الى برمجة شخصيتنا وفكرنا وأعصابنا برمجة موضوعية علمية هادفة .
لنفعل كل ذلك ،  فننجح .
ننجح في ابتكار أفضل برنامج تداول .
هذا البرنامج سيكون اسمه : أنت وأنا .
 
ج – وفي البحث القادم تساؤلات اخرى مشروعة ، قد تلقي المزيد من الضوء على الموضوع المطروح .
 
 

 

 

 

بائعو التوصيات استنادا الى برامج ميكانيكية

1 — بائعو التوصيات استنادا الى برامج ميكانيكية ؟

  – 22th December  2004

 
يكثر الحديث في الوقت الراهن عن البرامج الميكانيكية التي يروج لها البعض بكونها تتمتع بمقدرة فائقة على تحقيق الربح الطائل ، دون ان يكلف المتعامل نفسه اي مشقة ولا حتى مشقة البيع والشراء ، ذلك ان البعض منها يصار الى ربطه ببرنامج التداول بحيث يكون بامكانه ان يجري العمليات فتحا واقفالا دون الحاجة لاي تدخل من قبل العنصر البشري الذي تقتصر مهماته على إحصاء ارباحه بحسب زعم المبرمجين والمسوقين . . .
كثرت الاتصالات بنا مؤخرا ، استفسارا واستمزاجا ، حبا بالاستنارة قبل الاشتراك ، ورغبة بالاستنصاح قبل الوقوع في خطأ برامج مجهولة خفاياها على الكثيرين من حديثي المعرفة بهذا الباب . لذلك راينا المباشرة في التدقيق بهذا النوع من التوصيات ، وتقديم بحثه على غيره ، آملين التوفيق من المولى الى ما فيه الحقيقة والصواب .
 
ا – ان أول حجة يلجأ اليها المروجون لهذه البرامج ، هي كونه يوفر للمتعامل حظ التخلص من الانفعالات النفسية ، فلا يلجأ الى اقفال صفقة قبل موعدها ، أو الى فتح صفقة في غير موضعها ، تحت ضغط عامل الطمع بربح أو الخوف من خسارة . فما مدى صحة هذا الزعم ؟
من حيث المبدأ ، ومن الوجهة النظرية الصرفة ، أجد ان الكلام الوارد في هذه الحجة من الصحة بحيث يصعب نكرانه على صاحب القول . فالبرنامج لا أحاسيس له لتتأثر ، ولا مشاعر له ليخاف ويطمع ، بل هو قد لقّم بمعلومات محددة ، يقوم بالاعتماد عليها باتخاذ القرارات وتنفيذها ، بصرف النظر عن الحركة الحاصلة في السوق ، أسبابا ونتائجا ممكنة . وبهذا لا يخفى على احد تميّزه عن الكائن البشري الذي يجد نفسه فريسة لكثير من التجاذبات النفسية التي تعيق عليه دربه وتمنعه من تنفيذ ما خطط له في كثير من الحالات ، سيما ان كان في طور تعامله الاول . البرنامج لا يتردد امام قرار . هو لا يطمع بربح اضافي ، هو لا يعمد الى آغلاق صفقة قبل موعدها ، هو لا يراقب مواعيد البانات ولا يحلل نتائجها ، وهو قبل كل شيء لا يحتاج لقرار مبني على معطيات موضوعية مقنعة ومتخذ بعد تدقيق مبني على خبرة سنوات في هذا العمل الشاق .
رجل آلي بكل ما للكلمة من معنى ، يعمل لك وعنك ، حتى الارباح هو يحصيها ويسلمها لك مكدسة في حسابك . فهل هذا صحيح ؟
نعم ، قد يكون صحيحا ، هو يسلمك الارباح مكدسة في حسابك ، ولكن ، ان هو تمكن من تحقيقها .
وما المعوقات التي قد تمنعه من التغلب على الانفعالات النفسية التي توقع بك انت وتدفعك الى الخسارة ؟
انت هو المعوق الاكبر ، صديقي المتعامل ، واليك الدليل المبني على مثل بسيط :
لقد اشترى البرنامج المذكور صفقة يورو دولار على ال 1.3300 ، ووفق في شرائها بحيث ان السعر بلغ بحركة سريعة غير منتظرة حدود ال 1.3450 ، محققا بذلك ربحا محترما . وانت ّ اين انت في هذه الفترة ؟
انت تجلس أمام الجهاز ، تراقب الوضع بكل امتنان ، تكاد تصفق لهذا العبقري النادر الوجود ، تزيد نبضات قلبك مع كل ارتفاع ، تتناقص الى حد الانعدام مع كل تراجع تصحيحي ، توشك ان تتدخل في عمل العبقري المذكور ، تمسك انفاسك ،  تودّ لو كان باستطاعتك ان تكلمه ، ان تسدي له النصح ، أن تقول له اقفل الصفقة ارجوك . يبلغ الربح القمة التي كنت لتحلم به لو انك تتعامل أنت بنفسك . 150 نقطة . تحولها الى دولارات . هي 1500 دولارا بعقد واحد . وان كانت عقودك 100 فالربح 150.000 دولارا . ربحت 150.000 دولارا ، تريد ان تجني ربحك ، تريد ان تغتنم الفرصة ، وكلك يقين من ان السوق في مثل هذه الحالات قد يرتد على اعقابه ، فيضيع منك ما تحقق . تبدأ بالتكلم مع البرنامج الاصم : اقفل الصفقة ايها المعتوه ، ما تراك تنتظر ؟  انت تريد ان تتدخل ، توشك ان تمدّ يدك لاقفال الصفقة ، ولكن صوتا داخليا يقول لك : دعه هو يعرف عمله . اما هكذا اوصاني بائع البرنامج ؟ اذن لانتظر ، العبقري يعرف ما عليه فعله .
والمعتوه لا يجيب ، هو أصمّ أخرس ، لا يأكل ألا من لون واحد ، ولا يفقه الا لغة واحدة ، لغة لقنه اياها مبرمجه ، وهو لن بتعلم غيرها على الاطلاق .
وما هي الا لحظات ، حتى يرتد السوق متراجعا ، فتضيع النقاط كما تحققت ،  وتوشك ان تضيع ال 150.000 من الدولارات كانت منذ لحظات في يدك ، ها هي تتحول الى ربح هزيل لا يتجاوز ال 5000 آلاف دولارا بدقائق خمس . هنا يفيق الرجل الآلي من ثباته ويقرر اقفال الصفقة . لعنه الله ، غبيّ ابن اغبياء .
وتنتظر الصفقة الثانية فتاتي . انت في حسرة لا يسهل على امرئ تجاوزها ، وفي نقمة لا يمكن لمخلوق تخطيها . يقرر الآلي الشراء . تسير الصفقة في الربح . تبلغ ال 50 نقطة . يتملكك شعور غريب ، يملأ عليك نفسك ، يتحكم بكل خليّة من خلاياك ، يوجه كلّ ذرّة من كيانك . يتحول هذا الشعور الى صوت عميق يقول : لا تدع هذا المعتوه يتحكم بربحك وجنى عمرك ، هيا اقفل الصفقة الان ، وعاود الدخول فيها في التصحيح الاتي ، فتعوض ما سبق له ان ضيعه عليك .
وبحركة لا شعورية ، وبقرار غير متعمد ، تمتدّ يدك الى الجهاز وتقفل الصفقة . ولكن السوق يكمل دربه ، انه لا يصحح ، وتضيع عليك فرصة تحقيق 200 نقطة من الربح كانت لتساوي 200.000 دولارا لو انك لا تزال موجودا في السوق .
وتتملكك الحسرة ، ويملأك الحزن ، ولكن ما قدّر قد كان .
نعم صديقي المتعامل ، برنامجك هذا لا يتاثر بالانفعالات العاطفية والمعوقات النفسية الي تتعرض لها انت . نعم هذا صحيح ، ولكنك انت ستكون انفعالاته ، وستنقل العدوى اليه بتدخلك بين الحين والحين بقراراته . وبهذا ستنتفي حجة المسوقين للبرنامج ، فهو لم ولن يقوى على التغلب على الانفعالات النفسية ، وستكون انت عائقا اساسيا يمنعه واقعيا من تحقيق الربح الذي حققه من الوجهة النظرية ، هذا ان لم تكن انت قادرا على التغلب على انفعالاتك .
نعم صديقي المتعامل ، لا تعول على هذه النقطة ، ولا تصنفها في مصاف الايجابيات ، الا ان بتّ على يقين تام بقدرتك على امتلاك اعصابك ، وامتناعك عن التدخل في عمل عبقريك هذا . وان انت استطعت ، فيجب ان تكون قادرا ايضا على توجيه انفعالاتك النفسية حتى في الصفقات التي تبرمجها انت وفقا لاستراتيجية عمل ترسمها بنفسك . اما ان لم تستطع فعل ذلك ،  فتكون الحجة الاولى والاهم قد تعرضت لازمة ثقة كبيرة ، تجعل الفرق بين الموعود وبين التطبيق شاسعا ، وهي بذلك تشكل عاملا مهما من العوامل التي ستحول دون قدرتك على تحقيق الربح الذي حققه – او يدعي انه حققه – مسوق البرنامج المذكور .
 
ب – 
 
 وفي الاجزاء القادمة للبحث معوقات اخرى سنعمد الى بحثها تفصيلا ، ان شاء الله وأذن .  
 
 
 
 
 

 

 

بائعو التوصيات : طهاة مهرة ، أم رماة مكرة ؟ا

بائعو التوصيات : طهاة مهرة ، أم رماة مكرة ؟

  – 11th December  2004

 

إن كان بائع التوصيات عبقريا ، كما يدعي ، فلماذا يعمد الى بيع توصياته ؟ أفلا يكفيه أن يطبقها ويجني منها ربحا هائلا ؟

سؤال يطرحه المهتمون في هذا النوع  من العمل ، منذ ان كان هذا العمل ، وسيستمرون في طرحه الى ما شاء الله .  

رويدك اخي ! لا تتعجل في الحكم ، إنّ لبعض الظنّ إثمٌ .

رويدك أخي ! لا تتعجل في التصديق ، إن لفي التدقيق خير من التسرع .

الجملة الاولى في ما تقدم ، تتضمن الكثير الكثير . سنعمد – بحكمة الحكيم ، ودقة العالم ، وذمة القانوني ، والتزام المؤمن – الى بحثها ، والتدقيق فيها ، وتحليل ما يختبئ بين كلماتها ، في محاولة للخروج من كل ذلك بنتيجة ترضي العقل والضمير في آن .

البحث الموعود سياتي على مراحل متتابعة ، والجزء الاول سيكون بمتناول من يهمه هذا الامر قريبا جدا باذن الله .  

 

 

 

إن شئت أن تعمل جمّالاً عليك أن تعلّي عتبة دارك

إن شئت أن تعمل جمّالاً عليك أن تعلّي عتبة دارك  – 27th November  2004

 
مثل عربي معروف ، فيه ما فيه من العبرة والتفكه  . ان ذكره اللبنانيون والسوريون قالوا : البدو يعمل جمّال بدو يعلي عتبة دارو .
خطا الاوروبيون خطوات جبارة في توحيد قارتهم ، وما ان وصلوا الى توحيد العملة حتى اشتدت المخاوف من احتمال الفشل ، وارتفع معيار التحدي ، إذ لا يجوز ل ” مسيو يورو – او – هارر يورو ” أن يكون اقلّ شأنا من ” مستر دولار ” .
قوة العملة هي  ،  ولا شك ، تعبير وانعكاس لقوة اقتصادية ، واستقرار سياسي ، وبحبوحة داخلية ، وثقة خارجية . عوامل تتضافر كلها لتخلق حالة من الهيبة التي يطمئن لها ااخاطر ويطرب بها الفؤاد .
الاوروبيون ، كلّ الاوروبيين في منطقة اليورو، عامة شعب وسياسييين ، طربوا وانتشَوا ، يوم انطلق اليورو مساويا للدولار ثم ارتفع بعد أيام قليلة ليبلغ ما يزيد على ال 1.1500 دولار. ولم يطل الامر على هذه الحالة حتى عاد الى التراجع واستمر فيه الى أن دقّ ابواب ال 0.7000 سنتا . يومها كانت التنهدات تسمع في منطقة اليورو ، وكان الترقب سيّد الموقف . وكان الخوف من الشماتة كبير .
ولاسباب لسنا الان في وارد تفصيلها بدأ  العد العكسي ، وعاد القطار الى المسار بالاتجاه الصحيح ، وها نحن اليوم على ابواب ال 1.3500 . فما ردّة فعل الاوروبيين على ذلك ؟
لا شكّ في أن عامة الناس ينظرون الى الوضع نظرة الافتخار والزهو ، فعملتهم قد تمكنت من التفوق على الدولار وقهره . عملتهم باتت اليوم تاخذ مكانها على المستوى العالمي بسمعة بيضاء نقيّة طاهرة ، هي تطمح ان تحتل المركز الاول عالميا كعملة احتياط . هي على وشك ان تسلب الورقة الخضراء  عرشا تربعت عليها الاخيرة عقودا كثيرة . ” منذ ولادته في العام 1999 ، تمكن اليورو من جذب ما يقارب خُمس  الاحتياط النقدي العالمي . فهو احتوى جزءا ارتفاع من 13.5% عام 1999 الى ال 19.5% العام 2003 ” . انه خبر مفرح ومبشر . ولكنه ياتي في وقت غير مستحب .
عملة احتياط عالمية ، ثقة فائقة باليورو على مستوى البنوك المركزية الدولية ، الكثيرون منهم يشيحون نظرهم عن الدولار ، يخرجون منه ، يميلون نحن عملة القارة الموحدة ، هي تستهويهم بما لها من بريق عذري لم يمَسّ . الروس ، الصينيون ، الكثير من بنوك الشرق الاوسط ، يعون خطورة الموقف . هم يريدون التحول بجزء من احتياطهم النقدي من الدولار الى اليورو . اجل بين ليلة وضحاها بات اليورو عملة احتياط عالمية .
ولكن ما الذي قد يعنيه هذا للاوروبيين ؟
عامة الناس فخورون . هذا نلمسه بالتحدث معهم . هم لا يقدرون خطورة الموقف . السياسيون قلقون ، يحذرون ، يطالبون البنك المركزي الاوروبي بعمل شيء ما . السيد تريشيه يحاول ، هو يحاول بوسائل عدة ، يحاول اقناع الاميركيين بعمل موحد لمنع هذا التحول المفاجئ في اسواق النقد . الاميركيون يشيرون بوجههم عنه . يقولون لا شأن لنا بذلك . لا مصلحة لنا بان نكون عملة الاحتياط العالمية الوحيدة ، شاركونا بهذا الفخر ، هم يقولونها وعلى الشفاه ابتسامة ساخرة .
 يميل السيد تريشه الى الاسيويين ، يريد منهم شراكة فعلية للتدخل في السوق شراء للدولار ، من اجل منع هذا التراجع المتعب للجميع . الآسيويون يفتشون مثله عن دواء ، ولكنهم جربوا الكيّ في الماضي ، أوجعهم الكيّ كثيرا ولم يجدِ نفعا . اليابانيون كلفتهم التدخلات السابقة في السوق ما يقارب المئتي مليارا من الدولارات ، النتيجة كانت خيبة وراء خيبة . في كل مرة كان اليابانيون يتدخلون شارين للدولار ، كان السوق يهلع صعودا بحركة جنونية مرعبة ، ثمّ ، وبكل برودة اعصاب يبرز على الساحة من يعاود بيع ما اشتراه اليابانيون فيعود السعر الى أعماق أكثر آيلاما من السابقة .
ماذا جنى اليابانيون ؟ جنَوا امتلاكهم لمئتي مليار من الدولارات ، اشتروها باسعار يزيد نصفها عن ال    110.10  ، وهم الان يحملونها ، عارفين ان الدولار سيتراجع الى ما دون ال 100.00 ، وعارفين ايضا ان الخسارة التي تكبدوها  لا بد من الانتظار طويلا لتعويضها . لذا لا بد من استبعاد امكانية التفاهم بين الاوروبيين واليابانيين على تدخل مبرمج ومدروس في السوق ، فاليابانيون لن يعرضوا انفسهم للدغ من الجحر مرتين .
ماذا بقي امام السيد تريشه ؟
تخفيض الفائدة . هي حلّ من الحلول المطروحة . ولكن هل سيقوى هذا الحل على وقف ارتفاع اليورو ؟
نعتقد انه سيقوى على تبريد الحماوة الحالية ، ولكنه لن يكون الحل الناجع على المدى المتوسط والبعيد . وهو الى ذلك ينطوي على مخاطر كثيرة ان تم الاقدام عليه وسط اجواء غير تضخمية تستدعيه . اذ لا يضمن احد اذذاك عدم الانزلاق شيئا فشيئا الى باحة الركود الاقتصادي ، فالدواء المعطى لم يكن المناسب للداء الموجود .
وباختصار فان التدخل في السوق مستبعد حاليا ، وتخفيض الفائدة على اليورو مستبعد ايضا ، للامرين محاذير كثيرة ، ولا بد من اخذ الامور بالتروي  .
اجل ، انه لمن المستحب ان يرى المواطنون عملتهم تتحول الى عملة احتياط عالمي . انه لمدعاة للفخر ان يرى الاوروبيون هدفهم و قد تحقق بسنوات قليلة جدا  ، هدفهم المتمثل باعادة شيء من التوازن الى النظام المالي العالمي ، وبانتزاع جزء من العزّ الذي احتفظ به الاميركيون لانفسهم طيلة عقود . انه لمن دواعي السرور ان تتحول العملة الى عملة احتياط دولي وتتدفق اليها الرساميل من كل حدب وصوب ، فتساهم في تمويل العجز ، بل تقف حاجزا دون حدوثه . هذا كان الحلم الاكبر للاوروبيين ، سياسيين  واقتصاديين .
وها هي الامنية تتحقق ، الرساميل تتدفق ، فاذا بها تصير عبئا . تدفقت الرساميل في وقت غير مناسب . الدولار يتراجع بقوة ، الرساميل تتدفق على اوروبا ،  يساعد هذا  على ازدياد تدحرج الدولار . إذن ما كان بالامس أمنية ، صار اليوم عبئا .
والمقلق في الامر ان اليورو يرتفع دون ان يعكس في ارتفاعه وضعا اقتصاديا وسياسيا اوروبيا مطمئنا ، فالنمو الاوروبي لا يشكل الا نصف النسبة الذي يقدر بها النمو الاقتصادي الاميركي .
نعم أراد الاوروبى ان يدخل حلبة النقد الدولية من بابه العريض . فتح له الاميركي اليوم الباب على مصراعيه . دخل ، ويبدو انه يتوه في هذه الارجاء الواسعة . يبدو انه سيستغيث  ، الاميركي يتفرج ، ويبتسم . الاسيوي لن يقوَ على الاغاثة .
كان على الاوروبي أن يعرف ، كان عليه أن يقرأ الامثال العربية : “من يريد ان يعمل جمّالاً عليه أن يعلّي عتبة داره ” .
 
 

 

غلطان يا معاند بَحر

غلطان يا معاند بَحر13th October 2004

 

بالمصادفة مّرَ صديقنا خالد في 11\2\ 2004على موقع أراب اون لاين بروكرز ، كان يتمنى دائما أن يُتاجر بالعملات عن طريق الانترنيت لأنه قد سئم التعامل بالطريقة التقليدية مع البنوك لما فيه من تجاوزات كثيرة بحق المضارب، بسرعة البرق طلب استمارة الانضمام إلى هذه الخدمة التي طالما حَلُمَ بها، استقبلَ الاستمارة، دوّن المعلومات ، أرسَلها بالفاكس اتصلَ بسرعة ( أرسلوا لي رقم الحساب لأقوم بالتحويل بسرعة أريد أن اعمل أريد أن احقق رغبتي الموجودة بداخلي منذ 10 سنوات…….. ) .

 

استلم صاحبنا رقم الحساب وهرولَ إلى البنك صباحا ليودع 5000 دولار ليبدأ العمل،  في هذه الأثناء كان يتصل بشكل متكرر للسؤال عن وصول الحوالة.

 

أثناء تصَفح الموقع لاحظ وجود عنوان الترايدر بالمسينجر وتسأل هل احتاج إلى الاتصال بالتريدر ؟ (لااظن انني سأحتاجه إذا طلع السوق بيع وإذا نزل السوق شراء !!! الأمر ابسط مما يسوق له هؤلاء ، هم هكذا دائما أهل البورصة يضخمون الأمور وكأن الوضع يحتاج إلى مُرشد ) .

 

جاء البريد الأول ليبشر صاحبنا بوصول الحوالة، وماهي إلا لحظات دخل بعدها في خضم البحر الهادر يشتري هنا و يبيع هناك ويوجه أسئلته للترايدر هل اشتري هنا ؟ هل أبيع هنا ؟ كم ممكن يوصل الين؟ كيف شايف الاسترليني ؟ هل اشتري بالحساب كاملا ؟ هل …………… ؟

 

جاءه رد الترايدر أن هذا ليس بأسلوب عمل للبورصة فهي تحتاج إلى هدوء وترقب وبحث عن الفرصة المناسبة للدخول وانك بهذه الطريقة سنفقدك قريباً. تعجّب خالد وقال في نفسه ( ما أسوا حظي رماني القدر عند حذر ومتردد، هذا السوق لا يعرف الجبن والحذر يحتاج المغامرين، مقاومة ، دعم ، شارت ، كله كلام فاضي ، فلا نامت أعين الجبناء )….

 

في أول يوم وضع خالد الإسترليني فوق الين والدولار بجوار الفرنك واليورو مع الكندي والاسترالي تحت النيوزلندي يعني باختصار متناقضات جَمَعَها في سلة واحدة….

 

شاءت قدرة المولى عز وجل أن يأتي السوق في تلك الليلة من نصيب خالد فاستيقظ صباحا ليجد أل 5000 دولار أصبحت امامه على الشاشة 12542 دولار !!!!!!!!!

 

جنَّ جنونه ( هذه البيضة التي تبيض ذهباً أين أنا من هذا الكنز كم كنت مغفلا طوال هذه السنين، يجب أن أعوض كل مافاتني بالحياة، 7542 دولار في اليوم يعني 37710 بالأسبوع تصبح 150840 شهريا وبذلك أكون حققت 1810080 دولار سنويا أكثر من مليون وثمانمائة ألف دولار ؟؟؟؟؟؟ )

تسأل بنفسه ( لماذا الترايدر يوبخني على طريقة عملي بالسوق أنا حققت 7542 في 24ساعة )، قال في نفسه ( يبدو أن الترايدر أصابته بيروقراطية العمل الرسمي التي تجعل الإنسان مقيدا حتى في تفكيرة ! هو خائف ربما لا يعشق المغامرات ربما  حذر لأسباب شخصية ؟ )

 

في اليوم الثاني بدأت شمس الحقيقة تظهر وماهي إلا لحظات ويبدأ مسلسل الخسائر يتوالى على صاحبنا حتى أصبح في كل يوم يربح 10000 دولار يخسر في اليوم التالي 15000 دولار وكان لصاحبنا زيارة كل أسبوع لبنكه لإرسال حواله لزيادة الرصيد عل وعسى أن يبعد عنه شبح المارجن كول.

 

كل حوالة تأتي من صاحبنا يربح بعدها بأيام ربحا خياليا ما يلبث أن يقذف به في ثواني بسبب كثرة العقود وبسبب جهله بالسوق، كان الترايدر يحاول كثيرا في تأديب سلوكه بالعمل وكان ينصاع ليوم ويتجاوز ذلك بالأيام الأربعة الباقية من كل أسبوع، كان يبحث عن الانتقام من السوق فيجد أن السوق يزيد من جراحه وينتقم منه أكثر وأكثر….

 

ضل صاحبنا على هذه الحال حتى خسر 47843 دولار من ماله بالإضافة إلى ما يقارب أل 75000 دولار التي ربحها من السوق………………………….

أحس خالد بمرارة الفشل مع خسارة المال، فالفشل أصعب من خسارة المال لأنك إذا وضعت في عقلك الباطني انك فاشل فان ذلك سينقلب على جميع جوانب حياتك وسيطاردك الفشل حتى يصبح جزءاً من حياتك .

 

من أخطاء طريقة عمله وصوله إلى حد الرصيد ( المارجن كول ) ، العقود الكثيرة، الشراء بمواقع خطيرة جدا، تحدي اتجاه السوق، عدم قبول آراء المحللين والعارفين، الجمع بين متناقضين، عدم استخدام وقف الخسارة ،،،،،،،،،،،،،،

 

صاحبنا ألان مصاب بذهول ليس من خسارة المال ولكن من طريقة خسارته وبدأ المحاولة في اعادة التوازن إلى عمله بمساعدة الترايدر وهو الان يسعى لان يحقق طريقة متزنة للعمل بدأً من 1\10\2004 وقال لي أريدك بعد نهاية شهر 7 أن تنقل تجربتي الحقيقية في هذا السوق وقتها سأخبرك بطريقة عملي المربحة لتخبرها لأصدقائك.

خالد طلب مني نقل هذه التجربة نقلتها بأمانة….. وغلطان يا معاند بحر

4\10\2004

 

 

بعد مرور عام على التوصيات . الجزء الخامس

 بعد مرور عام على التوصيات الجزء الخامس  5th October  2004

 

س  :  لا شك انك لاحظت من تصرفات المتعاملين أمورا إيجابية واخرى سلبية تجمع بين البعض منهم . هل لك أن تحدثنا عن أكثر ما لفت نظرك في هذا المجال ؟

 
ج  :  المتعاملون فريقان : رابحون وخاسرون . كلّهم بشر يخضعون في تصرفاتهم لنفس القواعد ويتأثرون بنفس المؤثرا ت عاطفية شعورية ، أو عقلية فكرية .
أشعر احيانا انني لا اتعامل مع افراد معينين رغم كوني قد حفظت حتى الان أسماء كل الاخوة الذين يرافقونني في عملي اليومي . أشعر وكأنني امام كتلتين بشريتين تقفان على طرفي نقيض . كتلة تربح في تجارتها ، وأخرى تخسر في مغامرتها .
 
س  :  وهل الموازنة بين التجارة والمغامرة عمل صدفة ؟ ام ترى يرمى بها إلى شيء ؟
 
ج  :  بل يرمى بها ، ويرمى الى أشياء وأشياء . أستطيع أن اؤكد أن كلّ ، أو لنقل معظم ، الذين يتاجرون يربحون . واستطيع أن أؤكد أيضا أن كلّ ، أو لنقل معظم ، الذين يغامرون يخسرون . الرابحون متشابهون في اساليب عملهم ، وفي ردات فعلهم ، وفي طريقة كلامهم ، وفي كلّ ما يبدر منهم أو يظهر عليهم . والخاسرون متشابهون ايضا ، في كل مغامراتهم ، وفي خيبات آمالهم ، وفي اسراعهم الى تبرير ما حصل ، وفي الهروب من المسؤولية ، وكذلك في كلّ ما يبدر منهم أو يظهر عليهم .
كلنا بشر ، نفرح لما يسرّ القلب  ، ونحزن لما يكمد الفؤاد . ينشرح صدرنا لربح ، فنشكر الله على نعمته ونميل الى ذواتنا فننمي بها مشاعر الفخر، والى انفسنا نغذي بها أحاسيس الاعتزاز . وتنقبض أنفاسنا لخسارة ، فنسارع الى ايجاد التبارير الكفيلة بنزع اللوم عن ذواتنا ، ورميه على أي مخلوق سوانا ، إرضاء لانانيتنا ، ودغدغة للأنا اللعينة الكامنة فينا  .
 
س  :  وهل من أمور معينة لفتت نظرك يمكن التطرق اليها ؟
 
ج  :  لفت نظري أمر يجمع بين شريحة غير قليلة من المبتدئين المتعاملين بحسابات صغيرة ، معظم هؤلاء المتعاملين يدخلون هذا العمل بشعور القادم الى الربح المؤكد ، فان بدأوا عملهم بصفقة خاسرة ، فوجئوا بما حصل ، وانعكس الامر تعكرا في مزاجهم وتوترا في تصرفاتهم ، وفشلا في عملهم . والتوتر هذا يشتد أكثر فأكثر ان كان المتعامل قد ادخر مالا قليلا من مهنة يشقى بها ، وجاء الى تجارتنا هذه عاقدا العزم على مضاعفة هذا المبلغ ، وممنيا النفس ان يحصل هذا الامر في وقت قريب ، وقريب جدا ، لا لشيء الا ، لتتم له الامنية الثانية ، وبأسرع ما يمكن : أمنية إضافة الربح المحقق الى رأس المال الأصلي ، ومضاعفتهما كليهما مرة جديدة .  
هذه الفئة من المتعاملين متشابهة بقدر كبير ، أكاد أن أقول أن الاشخاص هنا يتبدلون ولكن المتعامل واحد .
نصيحتي لاصحاب الحسابات الصغيرة المكونة من الف من الدولارات ، ألا يغامروا بالعمل بهذا المبلغ الا ان كانوا يمتلكون عشرة أضعاف ما يغامرون به . والا يبدأوا بالعمل الا بعد أن يكونوا قد طرحوا على انفسهم السؤال الكبير القائل : هل انا مستعد لخسارة الالف دولار هذه ؟  وألا يبدأوا بالعمل الا ان كانت كل جارحة من جوارحهم تهتف لهم بكلمة نعم .
نصيحتي لمن لا يمتلك الا مبلغا لا يزيد على الالف دولار أن يتروى كثيرا قبل أن يتاجر بها أو حتى بنصفها . المبلغ هذا لا يكفي لتحقيق الربح المعقود العزم عليه . المبلغ هذا قد يكفي ، وقد لا يكفي لتعلم الدروس الاولى التي لا بد لكل وافد الى نادينا أن يتعلمها . المبلغ هذا يجب ان لا نمني النفس كثيرا بانه قادر على نقلنا الى سلم المجد . أنا لا أنكر أن هناك من انطلق منه ونجح ، ولكنني لا أستطيع تعميم هذا الامر .
 
س  :  أخبرنا عن تجارب تضحك وتفيد .

 

ج  :  احببته دون أن اعرفه ، خفيف الظل ثقيله . يريد أن يربح ولا يربح . هو معي من زمن بعيد . لم يزد حسابه عن ال 500 دولارا ولم ينقص عن الخمسين . ان بلغ حسابه خمسين دولارا دعمه بمئة جديدة . وجد وعمل ورفعه ال مئات قليلة . ويحتاج الى مئة دولار لامر طارئ . يسحبها من حسابه . يدفع تكاليف الحوالة اربعين دولار ا ليسحب مئة . وهكذا تسير اموره .
يكون اليورو على حدود ال 1.2280 . ارسل توصية تقول : نبيع اليورو ان بلغ ال 1.2310 . ولا تمضي ثوان على ذلك حتى ، يبلغني منه سؤال طريف : بيع أم شراء  يا استاذ ؟
أحس بغيظ يفاجئني . أمسك اعصابي . تمرّ لحظات كأنها دهرٌ . اقول : بيع .
أظنّ ان المسرحية قد انتهت ، ولكن بعد أقل من دقيقة يرميني بالسؤال التالي : هل تقصد الان ابيع يا استاذ ؟
أحاول تمالك أعصابي . لا أقوى على ذلك . اضرب كفا بكف . أثور عليه . أقسوه بالكلام . أهدده أحيانا .
يمكث برهة لا يجيب . أقول : بما تراه يفكّر . تدور في رأسي تساؤلات كثيرة . ألوم أناي على ما فعلت . أستسمح ربي على قسوتي . أخشى أن أكون قد آذيته . وفي هذه اللحظة بالذات . وكأنها بمشيئة القادر العظيم . تصلني منه رسالة . أتلهّف لقراءتها . أفتحها .
كلمة يتيمة : السموحة .
أضحكُ ، واضحكُ ، وأضحك .
 وهكذا تستمر لعبة الهرّ والفأر . لعبة شبه يومية . لا تنقطع إلا ، عندما يفلس صديقي لفترة ، بانتظار وصول الدعم للحساب : المئة دولار .
إضحك انت ايضا يا عزيزي  . إضحك انت ايضا  . صار الرجل من حياتي . أضيق به احيانا ، ولكنني أفتقده ان غاب يوما ، ما استطعت له كرها ، أحببته رغما عني  .
 
س  :  وبكلمات تفصل بينها قهقهات : ماذاعن مشتركاتنا ؟
 
ج  :  لهنّ مني كل التقدير والاحترام . عددهنّ ينقص طبعا عن أعداد المشتركين ، ولكن عدد الناجحات بينهنّ يزيد على عدد المشتركين ، إن نحن نظرنا الى الامر من الزاوية النسبية العددية . روح الميل الى المغامرة عندهنّ تكاد أن تكون معدومة . هنّ يستحقنّ المزيد من الوقت المخصص لهنّ . وسيكون ذلك مستقبلا باذن الله . لا اميز معهنّ بين صاحبة حساب كبير أو صغير . أجرب ان ابلسم جراحهنّ إن حصلت . أنجح أحيانا . أحاول ان أعوض لهنّ ما تلحقه بهنّ مجتمعاتنا من غبن . هنا يلزمنا فعل الكثير .
 
س  :  يشكو بعض المشتركين من عدم حصولهم على جواب يطرحونه احيانا .
 
ج  :  هم يشكون بمعنى يتأففون ؟ ام يرفعون الشكوى الرسمية عليّ ؟
 
ج  :  لا الاصح انهم يطالبون بما يعتبرونه حقا لهم .
 
ضحك طويل  ثم :
 
ج  : قد يحصل أن اغلق نافذة بالخطأ فيضيع سؤالها . قد يحصل أن يتوقف المسنجر ايضا وتضيع أسئلة . لكنها هي حالات قليلة جدا . حالات اخرى  لعلها الأهم ، تتمثل بأسئلة لا يمكن ايجاد جواب لها ، إلا على طريقة الدليل الصحفي في القدس قبل العام 1967 . والامر يوجز بالتالي :
مجموعة من السيدا ت الاميركيات ، يحججن الى القدس . بعضهنّ تعرفا ، وبعضهنّ حجا ، وكلهنّ سياحة وترفيها . 
دليل سياحي فلسطيني برفقة السيدات . ذكيّ  ، حريصّ ، سريع البديهة ، يقظ الذهن ، والى كل ذلك ، معجب بمقولة لكل سؤال جواب  . طبعا ، رجل من القدس لا يجوز ان يجهل أمور القدس بكل تفاصيلها  .
سيدة من الجمع ، اضافت الى الحشرية التي تروى عن عنصر النساء ، حشرية ناشئة من تقدم العمر ، حيث يصير المرء مكثارا للسؤال ، محبا لمعرفة جزئيات لم يعرها اهتماما في شبابه . ربما خوفا من مغادرة هذا العالم تاركا فيه ما يجهله .
الجمع في متحف للمخزونات القديمة . السيدة ترى جمجمة صغيرة في إحدى الخزائن فتسأل : لمن هذه الجمجمة ؟
يفاجأ صاحبنا بالسؤال . لم يسبق ان طرحه أحد عليه . جمّع ما بقي من جرأة . سبق احمرارا كان سيظهر على وجهه . قال : هي لشيشرون . ( امبراطور روماني كبير الشان )
السيدة التي كانت على شيء من الاطلاع تستغرب الجواب معترضة : ولكننا نعرف أن رأس سيدنا شيشرون كان كبيرا ، فهل يعقل أن تكون جمجمته صغيرة ؟
ولم يكن حال صاحبنا أمام الهجوم الثاني بأحسن مما كان عليه أمام الاول . ولم تكن مقدرته على المناورة في الجواب الثاني بأضعف مما كانت عليه في الاول . قال : نعم سيدتي ، أنت محقة في ذلك ، ولكنّ هذه جمجمة شيشرون عندما كان لا يزال ولدا .
وقبلت السيدة الجواب . ونفذ العقل العربي من مكيدة …
ويرتفع الفرنك السويسري 20 نقطة ، ويردني سؤال ملح يقول : ما السبب وراء ارتفاع الفرنك ، ارجو الإجابة ؟ وهل يمكن أن نجد سببا لكل تحرك ناتج عن مضاربات طبيعية مستمرة في سوق يعيش على المضاربات .
جوابي واحد أقوله هنا على كل سؤال من هذا النوع : السوق يتنفس ، شهيق وزفير ، ان توقف عن التنفس مات . هذا سر من اسرار وجوده . وان أغرق في الشهيق ايضا يموت ، وان أغرق بالزفير أيضا يموت . لا بد من الفعلين متلازمين متلاحقين متساويين او متفاوتين بحسب ما يحتاج السوق من ضخ لدم الى أعضائه . هذا الضخ وهذه الحاجة هي التي تحدد قوة اندفاع أو ضعفها . لا شك انه من المفيد ان نعرف سببا لحالات تحرك معينة . ولكننا لا يمكن باي شكل من الاشكال ان نعمد الى معرفة سبب تحرك مفاجئ حصل . والا سيكون عملنا مخصصا لما حدث ولن نقوى على التفكير بما سيحدث .
ويدخل مشترك الى السوق بعد أن انهى وظيفته ، وقبل ان يتناول وجبة غدائه ، فينقض علي انقضاض الصقر بسؤال من امثال : ماذا أشتري الان ؟
وان كان من جواب فلن اقول الا : من الافضل أن تذهب الى ماكدونالد . لا  وجبات جاهزة عندي ، جعبتي تفتقر للتوصيات المعلبة ، نصيد السمكة عندما ترد محيطنا .
ولا اجيب احيانا . ويحرد السائل .
 السموحة … !!
المعذرة ثم المعذرة ، هناك امور لا أجد  لها جوابا .
دليل السياحة يكذب .
شيشرون لم يمت مرتين .
الجمجمة لا يمكن أن تكون له عندما كان ولدا .
وهي ليست له عندما مات كهلا .
هذا مستحيل .
 
س  : ويبقى ان أعرف جوابا على فضول : ما أشد ما كرهت ؟
 
ج  :  ما كرهت شيئا كرهي لهذا الاندفاع السريع الى التخوين ، لهذا الوقوع الغير إرادي في فخ الشك غير المبرر .
هي سمة رهيبة ألحظها في كل مقلب من مقالب حياتنا اليومية . أذكر على سبيل المثال لا الحصر :
 بداية متعكرة عند الصباح ، يفتح واحدنا البرنامج ولكنه يعصى عليه . السوق باحسن حال ، الشورت الان في هذه اللحظة يجب ان يكون ، هو يعرف ذلك .
يحاول مجددا مع البرنامج ، ولكن هذا يستمر بالعصيان .
شركة نصابة ، اقفلوا البرنامج في وقت يعرفون ان الربح فيه سهل .
 ويعمد الى الرسائل ، هو يستفسر أولا بادب وحشمة ، طمعا بالحصول على حل . واذ يسمع ان البرنامج يعمل بشكل طبيعي ، يثور ، يكاد ان يشتم : عندي لا يعمل . خدمات سيئة ، الشركة تنصب تقفل البرنامج عندما تشاء وتفتحه عندما تشاء . سأفضحكم على المنتديات .
وأضحك وأضحك … ( وسيكون لنا في هذا الموضوع يوما نقد وبناء )
واستعوذ بالله من الشيطان الرجيم . الا يمكن ان تكون قد اخطات في كتابة حرف من حروف كلمة السر ؟
لا طبعا انا احفظها جيدا ، هي تاريخ مولد ابني الوحيد وزيادة عليه حرفين من اسم زوجتي .
ألا يمكن أن تكون قد غيرت أو عدلت هذه الكلمة ، ثم نسيت ما فعلت ؟
وينقطع صاحبنا عن الاجابة .
 وبعد لحظات يبدأ باجراء الصفقات .
ويظن صاحبنا انني لم افهم . ولكنني فهمت :
غيّر صاحبنا كلمة السر التي تخوله الدخول الى برنامج التعامل عند المساء ، تحسبا لقرصنة ما . عمد بعدها الى تناول وجبة دسمة من ذوات الحساب  . إشتدت عليه الاحلام ليلا الى درجة بلوغها حد الكوابيس . نسي في صباحه ما أقدم عليه في مسائه ، فعمد الى التخوين .
واسترسلُ في التفكير . لا ألومُ صاحبي هذا . هو معذور .
نعيش في بعض من عالمنا العربي علاقات يومية مشوهة بين الفرد والسلطة . بين القانون والمجتمع الاهلي . بين الحاكم والمحكوم . هذه العلاقات الشبه قبلية حيث السلطة تملك وتعطي . حيث لا بد للناس من ان يكونوا مطيعين ، ومطيعين فقط .
علاقات متسمة بالمحسوبية والزيف  والغش . علاقات ناشئة عن ثقافة اسمها ثقافة الفساد .
هذه الثقافة هي المسؤولة عن كل تصرف من هذا النوع . انساننا يعيش حالة شك مستمر بكل ما هو حوله ، حالة استنفار مستمر للحفاظ على ما هو له ، على حق مهدد بان يؤخذ منه .
انساننا يعيش حالة وسواس رهيب . لا بد من الشك في كل شيء ، لا يمكن تصديق أي شيء ، الغش يحيط بنا من كل صوب ، النضال مطلوب على مدار الساعة للحفاظ على الملك .
محسوبية ، زيف ، كذب ، غش ، طاعة ، أمر واقع ، توريث جمهوريات ، تمديد رئاسات ، تعيين برلمانات ، ثقافة فساد ، وساويس تخوين .
كل ذلك باسم الانسان ، وباسم صاحبنا الذي لم يفتح معه برنامج التعامل بالعملات  . فهل لا يحق له أن يتهم أو يشك ؟
بلى له كل الحق في ذلك ، بلى وألف بلى ، ولكن !! 
يا ليته ، ويا الف ليته ، يوفر ذلك عليّ ، ويوجه سهامه الى حيث مستحقيها !!!
 
 

 

بعد مرور عام على التوصيات . الجزء الرابع

 على ماذا تعتمد في قرارك لفتح الصفقات ؟20th September 2004

 
شديد الاهمية سؤالك هذا . فائق الحساسية هو . يوحي برغبة تجسسية هائلة . أقرأ في كلماته غزوة عربية لا رحمة فيها . أخشى الاتهامات بالتكتم على ما قد يكون فضحه مفيدا .  اشعرتني بمسؤولية ضخمة .
 أبغيت مني جوابا مختصرا ، صادقا ، قلّ كلامه ودلّ معناه ؟
أقول : اعتمدت في قراري لفتح صفقاتي على نفسي ، وعلى نفسي دون سواها .
 
أمزاح أم هروب الى الوراء؟
 
لا بل إيجاز ووصول الى الهدف من أقرب الطرقات وأسهل السبل .
أعتمد على نفسي . ونفسي هذه من تراها تكون  ؟
إحص ِ لياليَ لا تحصى ، لياليَ امضيتها في فك رموز شموع ترتسم امامي على ما يسمونه رسما بيانيا . أضف اليها اياما كثيرة عرفتها مقارنا لحالات ألمح في وجوهها شبها ، محاولا إيجاد وجوه خلافها . زد على هذا لحظات شك وخوف وتردد ، لا يمكن لامرئ ان يشعر بأمرّ منها . إجمع الثلاثة إلى حالات خسارة ، تحني ظهرا ولا أصلب . أضف كل ذلك الى عزم ٍ شديد ٍ عنيد ٍ رشيدْ .
إفعلْ كلّ ذلك ، تقعْ على نفسي .
ما من أحدٍ  ولا من شيءٍ , ما من كتابٍ  ولا من برنامج ٍ , ما من مدربٍ ولا من دورةٍ ، يستطيع أن ينفعني ، أو تستطيع أن تنفعك ، في اتخاذي لقراري ، او في اتخاذك لقرارك ، كما تستطيعه نفسي ، وكما يجب أن تستطيعه نفسك .
ونفسي هذه من تراها تكون ؟
نفسي هذه ليست المؤلفات التي عملت على ارتشاف محتوياتها ، وليست المقالات التي انصرفت الى التدقيق بتفاصيلها ، وليست النظريات التي انكببت على تحليلها ، وليست التحاليل التي بدأت باختبارها .
نفسي هذه  ليست الشموع اليابانية ، ولا خطوط الدعم والمقاومة ، ولا خطوط الترند المتصاعد والمتراجع ، ولا القناة المنحصر السوق بين خطيها ، ولا تقسيمات الفيبوناكسي ، ولا موجات اليوت .
نفسي هذه  ليست الخطوط المتوسطة الانسيابية ، وهي ليست مؤشرات ال RSI  أو ال MACD   ولا ال  STOCHASTIC  ولا غيرها الكثير الكثير من امثالها .
نفسي هذه  ليست البيانات الاقتصادية الصادرة عن مؤسسات الاحصاء ، او عن وزارات التجارة والمالية العالمية ، أو عن البنوك المركزية المختلفة .
نفسي هذه ليست مستوى التضخم ، ولا مستوى ثقة أو ائتمان أو سعر المستهلك ، ولا هي الناتج المحلي الاجمالي ، ولا مبيعات التجزئة ، أو السلع المعمرة .
نفسي هذه  ليست قرارات رفع الفائدة او تخفيضها ، هي ليست تصريحات السيد جرينسبن ، ولا بيانات السيد تريشه ، او مناورات غيره من رؤساء البنوك الممتلكة لقدرة التاثير في تحريك السوق صعودا او نزولا .
نفسي ليست واحدا من كلّ ما تقدم  ، فهل تكون نفسي كلّ ما تقدم ؟
نعم قد تكون ، أو قل إنها لكذلك .
إنّ ثمة شيء أعرفه وأؤكده وأتذكره وأحبه وابوح به ولا أخفي سرّه :
نفسي هي عصارة ذلك الكمّ الهائل ، وخميرذلك المزيج الدسم ،  من التعلّم ، ومن التعليم ، ومن التجارب ، ومن الدروس ،  ومن الاخطاء ،  ومن العبر ، ومن الخوف ، ومن الوهم ، ومن الطمع ، ومن القناعة ، ومن الخيبات ، ومن النجاحات ، ومن الرعشات ، ومن البسمات  .
نفسي هي انتفاضة الرماد بعد انكسارة الافلاس ، ومن لم يعرف الافلاس مرة لا يمكن ان يعرف للربح قيمة . نفسي هي انبعاث المارد من قمقم الصياد ، وقرار المنكسر بتحصيل الانتصار .
نفسي هي تلك اللا الصارخة من اعماق اعماقي : هذه صفقة يوسوس لك بها شيطان الطمع  فلا تعمل بمشيئة شيطان الطمع . وتنصاع يدي لإيحاءات نفسي .
نفسي هي ذلك الشعور الناعم الهادئ المدغدغ لرغبة الربح التي لا بد أن يكون قد عرفها وقد احسّها كلّ من يقرأ هذه السطور . هي تلك الوشوشات الصامتة الخفية : الآن ، الآن ، هذه واحدة من الصفقات التي ما ولدت يوما غيرَ ذكر ، وستلداليوم ، توأما من الذكور ( ونحن أقوام لا نزال تفضل ، وللاسف ، وعن غيرحق ، مولودا ذكرا ) وتنصاع يدي الى وشوشات نفسي .
 
س  :  هل تقصد أن امتلاك أسرار التحليل التقني غير كاف للنجاح في تحقيق الربح ؟
 
ج : امتلاك اسرار التحليل التقني هو درجة من درجات المعرفة التي لا تحصى . هي مادة من مواد التعلَم والتخصّص ، يتلقاها طالب الطبّ في سنة من سنوات تحصيله العلميّ . هي مادّة يدرسها وتفيده في كل يوم أثناء ممارسته لعمله بنسبة معينة ودون أن يحسّ بذلك . ولكن في مرحلة من مراحل ممارسته الناجحة ، أراه يصبح ويمسي على قواعد اخرى ، وأسرار اخرى ، هي قواعده هو ، وأسراره هو ، بينما لا تبدو تلك التي درسها في شبابه بجانبها سوى حروف جامدة يابسة ، لا جدوى منها ولا حاجة لها . 
تخيّل طبيبا جرّاحا يعمد الى مراجعة درس سبق وان تعلمه قبل سنوات ، ثم يعود لتطبيق الدرس في عمليته الجراحية .
تخيّل لاعب كرة وقف على ارض الملعب وراح يرسم خطة الهجوم على ورقة يحتفظ بها في جيبه قبل ان ينفذها على الارض .
تخيّل سائق سيارة يفتح الكتاب الذي تعلّم به قيادة سيّارته على المقعد المحاذي لمقعد القيادة ويعود اليه في كل عقبة تلاقيه في سيره .
التحليل التقني هو الكتاب الذي عرّف السائق المبادئ الاولية للقيادة ، وأطلعه على قوانين السير ، وأرشده الى المرغوب فعله ، ولكن قيادة السيارة لا يمكن ان يتم تعلّمه بكتاب .
تخيّل سائق السيارة الذي ما فعل امام الخطر الداهم سوى الضغط بقدمه وبكل ما اوتي من قوة على مكبح السيارة . تخيّله وقارنه بسائق آخر زاد على خفة الضغط على المكبح خفة ذهنية اخرى جعلته وبسرعة البرق ينعطف بسيارته يمينا او يسارا لتفادي المصيبة القادمة . أليس حظ الثاني بالنجاة يضاعف حظ الاول .
امتلاك أسرار التحليل التقني ، هو امتلاك أسرار قيادة الدراجة الهوائية عن طريق كتيب صغير يمكن لكلٍ ان يحصل عليه ، هو امتلاك اسرار قيادة الجماهير في كتيب صغير يمكن لكلٍ ان يشتريه .  نقل هذه الاسرار الى حيز التطبيق الفعلي هو سرّ كلّ الاسرار ، هوخلاصة كلّ الافكار .
ادرس التحليل التقني بكل تفاصيله ، إحفظ عن ظاهر قلب كلّ حرف من حروفه ، ثمّ ، إن دقّت الساعة – ساعة إقفال صفقة مشؤومة اخطات في فتحها – تاخر لحظة واحدة عن اتخاذ القرار وتنفيذه ، وها انت من الخاسرين .
اعتمد على ما عرفته من قواعد التحليل التقني كلّها ، ما وضع منها حديثا ، وما عرف من قرون ، ثمّ ، لا تتحرر من تلك البلادة القاتلة التي ما لازمت فكرا الا وعطّلته ، ولا رافقت يدا إلا وأغلّتها ، إفعل ذلك وما انت إلا من الفاشلين .
امتلاك اسرار التحليل التقني هو امتلاك قواعد الصرف والنحو لاية لغة من اللغات الحيّة ، فهل امتلاك قواعد اللغة يجعل من الممتلك اديبا أو كاتبا أو شاعرا ؟
امتلاك أسرار التحليل التقني هو امتلاك سر استخراج مئات من الالوان من ألوان ثلاثة فقط . فهل كان مازج الالوان يوما رساما فنانا خلاقا  مبدعا ؟
إمتلك أسرار التحليل التقني . أدرسها وتدرب على تطبيقها . لكن ، إيّاك أن تقف عند هذا الحد ، فهو معرفة القليل وعليك بمعرفة الكثير .
 
 

 

بعد مضي عام على التوصيات والتعليم . الجزء الثالث

بعد مضي عام على التوصيات والتعليم . الجزء الثالث – 7th September 2004

 
س  :  غربلة الصفقات ! الثعالب العتاق ! الارانب البسطاء ! صيد الستوبات ! ……
 كلام رمزي شديد التعبير وبعيد المرامي ، ولكن ! يبقى السؤال الكبير : ماذا يمكننا فعله لتنبيه المبتدئين الى شراك الصيادين ؟
كيف يمكننا تحويل الارانب البسطاء الى محنكين حكماء ؟
هل من قاعدة محسوسة ، أو هل من نصيحة ملموسة ، يمكن هنا شرحها ؟
ج  : أنا لا اتعمد الرمز في كلامي للتعتيم على الفكرة بل للتنوير عليها ، والتنبيه اليها . ما من شيء قد يفيد الساقط في الفخّ ، او الواقع في الشرك ، او العالق في الشبكة ، بقدر ما يفيده الفخ ذاته ، والشرك ذاته ، والشبكة ذاتها .
ما من معلم يستطيع أن يعلمنا درسا بقدر ما تستطيع أخطاؤنا نفسها . كلّ متعامل سبق له أن سقط في مثل هذه الشراك ، ولا يستطيع واحد الادعاء انه نجا منها بشكل دائم . حتى ناصبها لا بد ان يكون فريسة لصياد آخر في موضع ما ، وفي وقت ما .
ان نحن وقعنا في الفخ ، ثم نهضنا منه واكملنا الطريق ، ثم عدنا لنقع فيه ثانية في طريق عودتنا ، فيه هو ، هو نفسه ، بنفس الموضع ، ونفس الظروف ، ونفس المخاطر . ان حصل هذا فلا يمكنني الا ان اقول ، تبا لمتعامل لا يعرف من قواعد الحساب سوى ان يقول : واحد  زائد واحد تساوي اثنان .
في عملنا هناك حسابات اخرى لا بد من تعلمها ، ولا بد من قبولها ، ومن ملاحظتها . علي ان اقبل ان واحدا يزاد عليه واحد قد يصح احيانا ان يساويا  احد عشر . وعلي ان اعرف بان واحدا يزاد عليه واحد يساوي ايضا وقبل كل شيء ثلاثة محذوف منها واحد ، وهو نادرا ما قد يساوي مباشرة اثنان .
ان استطعت التسليم بان الاحد عشر هي نتيجة لجمع واحدين فانت قادر على تقدير الموضع الذي نصب فيه الشرك ، والزاوية التي حفر فيها الفخّ .
 
س  :  ولكننا لم نتعدّ إطار الرمز بعد .
ج   :  قائدا فرقة ، في وسط المعركة ، نجح الواحد في تخليص فرقته من مصيدة ، ووقع الآخر فيها . ما الذي يميّز الواحد عن الآخر ؟
ولأبسط من هذا . سائقا سيارة . طالعتهما حفرة في الطريق . نجح الواحد في تحاشيها ووقع الآخر فيها . ما الذي يميّز بينهما ؟
ولأوضح من هذين . لاعبا كرة . نجا الواحد من كل مكائد خصمه ونفذ بالطابة حتى بلوغ الهدف ، بينما وقع الاخر في أول فخ نصب له . ما الذي يفرّق بينهما ؟
لا شكّ في انّ سوقا تراوح لفترة ساعات بين حدين قريبين ، وعرف حجم تبادل هزيل ، يكون مناسبا أكثر من غيره لنصب شراك الصيادين ، لان تحريكه صعودا ونزولا ليس من الصعوبة بمكان ، ولأن كمية وافرة من الستوبات تكون قد أخذت مكانها مطمئنة  فوق الحد الاعلى لهذه المساحة الافقية أو تحت حدّها الاسفل .
ولا شك ايضا ان هناك خطوط مقاومة ودفاع معينة يستلذ الصيادون ممارسة رياضتهم في محيطها أكثر من غيرها ، وهي تحدد بحسب حركة السوق وشدة اندفاعه تجاهها وتوقيت هذا الاندفاع وسببه .
ولا شك ايضا – ولعلّ هذا هو الأهم –  بان خط مقاومة منيع لا يجب ان يعني بالضرورة وجود عرض كثيف يمنع السوق من اجتياز هذا الخط ، ولكنه قد يعني ايضا طلبا ضئيلا ناتج عن انعدام الشهية للجلوس الى المائدة في هذا الموضع ، وهذا التوقيت . وهذا موضع نصب الشباك  وحفر الفخوخ بامتياز .
والى كل ذلك ، يبقى ان نقول ما يبدو الأعمق أهمية ، والأكثر صوابية ، والأدق حكما ، والأشد افادة . لم ينفعنا يوما في هذه المواضع حكم ، كما نفعنا حسّ التاجر الذي لا يوصف بكلام ، وبصيرته التي لا ترى بعين ، وحدسه الذي فاق كل تحليل وسما فوق كل اختبار .
وهو ذاته ، هذا الحسّ ، وهذا الحدس ، وهذه البصيرة ، هي التي ميزت قائد الفرقة وسائق السيارة ولاعب الكرة ، كلّ عن مثيله .
 
س  : هل من حكمة من تحديد محيط للشراء او البيع ، وليست نقطة معينة يلتزم بها كل المتعاملين . هل لك أن توضح إيجابية الطريقة المعتمدة والافادة التي يمكن للمتعامل ان يجنيها منها ؟
ج  :  وهنا وصلنا الى نقطة تجاذب مهمة بين الآراء لا بد من الوقوف عندها .
إنه لمن السذاجة الاعتقاد ، أو القول ، أو الادعاء ، بأن شخصا ما يمكنه ان يحدّد نقطة معينة تكون هي نقطة تحول الترند من تراجعي الى تصاعدي ، او من تصاعدي الى تراجعي . ومن أصاب بذلك مرة أو مرات فانما يكون ذلك نتيجة صدفة ، ترافقت لا شك مع حسن تقدير، ولكنها احتفظت بمعظم الفضل في الاصابة .
وان نحن سلمنا بهذا المبدأ ، فعلام الفرض على مجموعة من المتعاملين نقطة معينة ، إن اصابت وفقوا بها جميعا ، وإن اخفقت أخفقوا بها جميعا ؟ نحن لا نريد تحويل العمل الذي نقوم به الى امتحان مدرسي يخفق فيه الترايدر أوينجح ، ويتحوّل التلامذة فيه الى لجنة فاحصة . وأرجو أن يحمّل كلامي هنا القدر الذي يتحمّله  من المرامي وليس أكثر .
أنا في العمل الذي اتابعه لا ارمي الى حملة او موجة دعائية . أنا لا يهمني ان يقال : التوصيات حققت في الشهر الفا  أو الفين أو ثلاثة آلاف أو أكثر أو أقل من النقاط . أنا لا أسعى الى جائزة يعتمد في منحها لي على عدد نقاط أحققها على الورقة . هذا كلام ، ووسيلة دعائيةلا تخلو برأيي من اللاواقعية .
ما أراه أنا وما أتمنى ان يراه كلّ متعامل يتابعني في العمل هو التالي : لا يمكن اعتبار المتعامل عنصرا ثانويا في هذه اللعبة . لا يمكن ولا يجوز اعتباره جهة متلقية لتعليمات  فحسب .  ومنفذة لتوصية دونما اية مشاركة في القرار. ان شاء ان يتمتع فقط بهذه الصفة فهو لن يكون مؤهلا لتحقيق ربح ، أي ربح . ومن الخير له ان يودع حسابه في صندوق توظيف يتولى إدارته شخص ذو كفاءة ويكون قد وفر على نفسه العناء الكثير .
المتعامل هو العنصر الفعال الاول والاهم في هذه المعادلة . على كاهله يقع الجزء الاكبر من القرار ، ومن التنفيذ ، ومن تحقيق النتيجة ، معتمدا طبعا على توصية قائمة بحد ذاتها على تحليل لسوق من الاسواق . وان كان المتعامل هذا لا يريد ، أو لا يستطيع  ، أن يتخذ قرار فتح صفقته في محيط لا تتجاوز مساحته النقاط العشر، فالأولى ان يعيد النظر في كلّ ما أقدم عليه من قرارات . وان كان المتعامل هذا لا يريد ، أو لا يستطيع فعل ذلك الان ، فكيف سيكون قادرا مستقبلا على حمل المسؤولية ، كلّ المسؤولية ، بحيث انه يكون قادرا على التصرف باستقلالية تامة ، من حيث التقرير والتنفيذ ؟
 انا أعرف تماما ان هناك من المتعاملين من يعتمدعلى خلاصة تجربته في الحكم على اي توصية بحيث يستبق النقطة المحددة لفتح الصفقة ، أو بحيث يؤجلها ان رأى في السوق حركة توحي بامكانية تجاوزه لهذه النقطة ، بحيث يكون فتح الصفقة ممكنا بمستوى اكثر امانا واكثر ضمانة ، واقل مخاطرة . وأعرف ايضا ان هناك منهم من يتسرع في الحكم ، ويعجل في فتح صفقته في موضع يسبق النقطة المحددة ، مدفوعا بمشاعر تخوف من ألا يبلغ السوق النقطة المحددة وتضيع صفقة يمكن ان تحقق له الوفير من الربح . واعرف كما يعرف الكثير من المتعاملين أن كلا الطرفين ، قصدت المتروي والمتعجل ، قد يصيبا في مرة ويخفقا في أخرى ، وهذه صفة ملازمة لعملنا ولا يمكن لاحد ان يتجاوزها .
 
س  :  بهذه الحالة لا يمكن للمتعاملين ان يحققوا بالضبط النتيجة النهائية التي تحققها انت في التوصيات .
ج   :  انا لا اطلب منهم ذلك ، ولا اتوقع ذلك ، خاصة من المبتدئين منهم . ان تحقيق نتيجة تساوي نصف ما تحققه التوصيات بالنسبة لمبتدئ في هذا العمل ، اعتبره إنجاز مهم من قبله في الطريق الى الهدف ، وأهنئه عليه  . ولنكن اكثر واقعية واكثر وضوحا . ان ععمل مبتدئ بتنفيذ توصيات يومية بيعا وشراء وأمضى فترة شهر او شهرين في السوق دون ان يقع بخسارة كبيرة أو ان هو حقق ربحا متواضعا ، فانا اعتبره قد حقق إنجازا مهما  في سعيه الى النجاح يستحق عليه الشكر .
هدف المبتدئ يجب ان يكون قبل كل شيء التمرن والتدرب وامتلاك آلية العمل وتنمية حس التاجر وتطوير نفسية المتعامل القادر على التاقلم مع كل الظروف المستجدة ، وتمتين اعصاب الكارّ والفارّ ، وقبل كل شيء تطوير استراتيجية العمل المبنية على التوصيات التي يتلقاها بقصد ترجمتها الى عمل فعلي .
 
س  :  اذن انّ تلقي التوصية لا يصح اعتباره ضمانة لتحقيق الربح !
ج  :  لا بالطبع ، ان تلقي التوصية لا يعني بالضرورة تحقيق الربح . تلقي التوصية هو مرحلة اولى تسبق المرحلة الاهم التي تتمثل بتحويل هذه التوصية الى قناعة باجرائها ، وتحويل هذه القناعة الى تنفيذ ، واعتبار هذا التنفيذ محاولة لتحقيق الربح ، مع الاحتفاظ بنسبة معينة من التشكك بامكانية حصوله .
هذا التشكك هو الحصانة المستقبلية لي من اية صدمة نفسية قد تحملها لي خسارة مفاجئة كنت أتوقع منها ربحا .
الربح يجب أن يوضع دوما في دائرة الاحتمال ، ولا يجوز ان ينتقل باي شكل من الاشكال الى دائرة التاكيد ، حتى ولو صدرت التوصية عن خبير متمرس في أمور السوق واحواله .
التوصية بحد ذاتها يمكن ان تكون ناتجة عن حكم خاطئ حتى ولو صدرت عن أكثر الخبراء تمرسا .
التوصية الصائبة لا بد أن تنفذ لينتج عنها ربحا .
التنفيذ لهذه التوصية هو العنصر الاهم الذي يتطلب تمرنا وتدربا بقصد التغلب على كل المعوقات النفسية التي تعتبر من الموانع لحصول الربح .
من هنا القول :  الاشهر الاولى يجب ان تكون اشهر تدرب وتعلم ، مرحلة ترويض لطباع التسرع والاندفاع ، وليست أشهر او مرحلة تحقيق ربح . الربح ياتي لاحقا ، ويأتي وفيرا ، ويأتي مريحا ، وياتي ممتعا ؛ هذا إن انت نجحت في ترويض ما يجب ان يروّض من طباع ، وفلحت في شحذ ما يجب أن يشحذ من همم ، والتزمت بما يجب ان يلتزم به من آداب .
آداب !!!!
نعم للبورصة آداب ، كما لكل ناحية من نواحي الحياة ، ولنا في ذلك يوما كلام !
 
 
س  :  على ماذا تعتمد في قرارك لفتح الصفقات ؟
 
س  :  هل تقصد أن امتلاك أسرار التحليل التقني غير كاف للنجاح في تحقيق الربح ؟
 
س  :  لا شك انك لاحظت من تصرفات المتعاملين أمورا إيجابية واخرى سلبية تجمع بين البعض منهم . هل لك أن تحدثنا عن أكثر ما لفت نظرك في هذا المجال ؟
 
هذه الاسئلة وغيرها ستلقى جوابا في الاجزاء المتبقية من الحوار والتي ستنشر تباعا .
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

 

 

بعد مضي عام على التوصيات والتعليم . الجزء الثاني

بعد مضي عام على التوصيات والتعليم . الجزء الثاني –  21th August 2004  

 
س  :  من المعروف عن طريقتك في العمل انك لا تعمد الى تحديد ستوب للصفقة المفتوحة الا بحالات معينة . هل نطمع بتوضيح لهذا الامر ؟
ج  : سكر دارك ولا تتهم جارك ،  يحميك من المفاجآات ، يضمن عدم غدر السوق بك الى حد إفلاسك ، يأخذ منك القليل ويوفر عليك الكثير ، راحة للبال وأمان لرأس المال ، رشوة للسوق لا بد منها ليغض عنك الطرف ، هذا بعض ما يقال فيه ، وهو  كثير .
كلام جميل ، فيه بعض من حقيقة تصحّ في مناسبات ، ولكنه ليس كل الحقيقة . إذ تقال فيه أوصاف أقل نبلا وأكثر غدرا .
 صديق لدود لا يؤمن جانبه ، غدّار يظهر عليك بوجه ويخفي عنك آخر ، يأخذ القليل ، ولكنه إن أخذ هذا القليل في مرات عديدة صار القليل كثيرا .
وان شئت وصفي له بكلمة مبتكرة لقلت فيه : حاميها حراميها .
 
س  :  وكيف يكون الستوب عدو المتعامل ، ومن المتعارف عليه انه وسيلة امان ؟
ج  :  إن احصى أي متعامل عدد المرات التي سلب منه فيها الستوب الصفقة سلبا ، ثم عاد السوق ليجري تاركا اياه فريسة لمشاعر الندم . وإن أحصى عدد النقاط التي ضاعت منه في مثل هذه المناسبات . ولو حوّلها الى عملة ما ، وأعاد التفكير ، وراجع الحسابات . لو فعل كل ذلك ، لتوصل الى نتيجة حتمية تقضي بإعادة التفكير بكل هذه النعوت والاوصاف التي تطلق على هذه الوسيلة السحرية ، ولاعتبر ان اللجوء اليها ضروري في حالات معينة ، ولكنه مميت قاتل في حالات اخرى .

لا شكّ في ان اللجوء الى الستوب تصبح ضرورة قصوى ان عمد المتعامل الى الدخول في السوق في مواضع يشتدّ فيها الخطر ، او في اوقات يعرف  فيها عن السوق الانفلات من كل قاعدة وكل عرف .
لا شك ايضا في ضرورة اللجوء الى الستوب ان اصرّ المتعامل على الدخول في السوق في حالة لم يشبعها درسا ، وكان دخوله اقرب الى تجربة الحظ منه الى الاقتناع العقلي الراجح . 
ولكن ، إن انت رايت الدخول بائعا او شاريا ، في موضع رجحت امكانية صواب رأيك وتحليلك بشكل واضح ، فهنا تكمن المخاطرة بادخال الستوب الى العملية وإقحامه بما ليس له ، هنا يكمن خطر تحول الحارس الى سارق ، ويصح فيه القول : حاميها حراميها .
 
س  :  وفي حال اتخاذ قرار استعمال الستوب لحماية الصفقة ، ما القاعدة الاساسية لاعتماده ؟
ج  :  في حال اتخاذ هذا القرار لسبب ما ، قد يتعلق بوضع السوق ، أو ربما بوضع المتعامل ، فلا بد من احترام قاعدة مهمة في ذلك تقضي بان تقل نسبة النقاط المقررة للستوب عن نسبة النقاط المحددة كهدف لجني ربح الصفقة . وذلك انطلاقا من الحقيقة التالية :
لنسلم جدلا بان اعتماد استراتيجية قائمة بجزء منها على الحظ في اتخاذ القرارات امر ممكن  . في هذه الحالة لا بد من القبول بان قانون النسبية يسمح بالتسليم بان هذه الصفقات المعتمدة ستكون بنصفها الاول  خاسرة وبنصفها الاخر موفقة . وفي هذه الحالة ، ان عمد المتعامل الى تحديد مستوى للستوب يقل عن مستوى الهدف بنسبة ملحوظة فهو لا بد ان يخرج في آخر المطاف من السوق بربح ما ، أو لنقل على الاقل سينجو من الخسارة .
 
س  :  هل نفهم من الشرح السابق ان صفقة حدد هدفها ب100 نقطة يجب أن يكون وقفها 50 ؟ أم ترى المقصود غير ذلك .
ج   :  من حيث المبدأ التفكير بهذه الطريقة سليم ، ولكن ، لا الهدف ولا الوقف يجوز ان يحدد بطريقة اعتباطية عشوائية . كل ترند يتخذه السوق خطا مستقبليا له ، له نقطة ما يهدف السوق الوصول اليها . ان نجح المتعامل في تقدير هذه النقطة فلا بد ان تكون الهدف المقصود للصفقة . وهي قد تبلغ احيانا ال 40 نقطة ، واحيانا ال 90 ، واحيانا اخرى ال 150 نقطة او ما يزيد . والهدف هذا قد يتمثل بخط مقاومة او خط دفاع ، يقدر المتعامل ان قوة الجذب فيه كافية لايصال السوق اليه ، وقوة الدفع ايضا كافية لايقافه ان هو بلغه . هنا يعمد المتعامل الى تحديد هدفه على هذه النقطة .
وما قيل عن الهدف يقال ايضا عن الستوب . إذ يبدو من المسلم به ان تتشكل تحت المستوى الحالي للسوق او فوقه نقاطا يشتد عليها الطلب ، أو يشتد عليها العرض ، طمعا في الدخول بالسوق في لحظة مناسبة للسفر معه الى الهدف الذي سبق وتحدثنا عنه ، رغبة بتحقيق ربح ما . هذه النقاط تشكل غالبا دفاعا او مقاومة صلبة تهيء الظروف المناسبة للترند ان ينطلق صعودا او هبوطا . هذه النقاط لا بد من اخذها بعين الاعتبار في عملية البحث عن مساحة يثبت الستوب عليها حماية للصفقة المختارة .
 
س  :  قصدت ان الستوب يثبت تحت وفوق هذه النقاط ؟
ج  :  بالطبع هذا ما هو متعارف عليه في طريقة العمل بالستوب . يفترض المتعامل في ان هذا الخط أو هذه المساحة المسماة دفاعا او مقاومة ستصمد وتنجح في إطلاق الترند بالوجهة المرغوبة ، فيعمد الى تثبيت الستوب تحت الدفاع في حالة الشراء وفوق المقاومة في حالة البيع  حماية لصفقته من المفجاات غير المحسوبة والتطورات غير السارة . وهذه المساحة هي التي يجب ان يبحث عنها من يرغب ان يحدد وقفا لصفقته ، ولا يجدر به على الاطلاق ان يعتمد نقطة عشوائية في ذلك ، كان يقول حددت هدفي على 120 نقطة ، احدد وقفي على اربعين .
لا شكّ في ان النسبة بين ال 120 وال 40 جيدة لهدف وستوب ، ولكن الهدف يجب ان يكون مبررا اختياره على ال 120 وكذلك الوقف لا بد من سبب تقني وجيه ومقنع لتثبيته على ال 40 نقطة .
 
س  :  وهل يمكن الاطمئنان الى ان خط الدفاع او المقاومة الذي ثبت الستوب وراءه كفيل بحماية الستوب ، ان مال السوق الى الارتفاع والسير بالوجهة المحددة له ؟
ج  :  لا طبعا ، لا يوجد في هذا النوع من العمل اية ضمانة لنجاح اية خطة ، او لحصول اي مطلوب . ما نخطط له هو امر مرغوب حدوثه . ما يحدث بالفعل قد يكون المخطط له ، كما قد يكون نقيضه ايضا .
الستوب ، اي ستوب هو عرضة لخطرين دائمين .
 الخطر الاول يتمثل بكون ما خطط له المتعامل لامكانية حدوث ترند باتجاه ما جاء خاطئا ، فيسير السوق بالاتجاه المعاكس ويسقط الستوب وتحصل الخسارة ، الخسارة هنا هي خسارة ايجابية لا بد من قبولها ، لانها خسارة بنطاق المعقول ولولا الستوب لكانت  اكثر فداحة وأشد إيلاما .
 الخطر الثاني يكمن في جهوزية صيادي الستوب باية لحظة الى التدخل ، باساليبهم البارعة ، وطرقهم المطوّرة ، وخدعهم المرسومة ، لاصطياد الستوب المقرر تحديده وراء خط مقاومة أو خط دفاع ، فينجحون بحركة سريعة في اسقاط هذا الخط وخطف كل ما حدد وراءه من ستوبات بسعر يناسبهم جدا . وهكذا يكونون هم ، قد نجحوا في الصعود الى القطار في افضل محطة ، وسافروا فيه الى حين بلوغ الهدف . بينما يكون المتعامل الذي ظنّ هذه المرة عن خطأ ، بان الستوب سيحميه من الوبال ، قد بقي على الرصيف متحسرا على خيبته وفشله .
هنا يصح قولي به : الستوب حاميها حراميها .
وهنا يكمن السرّ المكتسب بالخبرة ودقة الملاحظة ،السرّ القائم على ضرورة غربلة الصفقات ، واختيار ما يجب فتحه منها مع تحديد نقطة مناسبة للستوب لحظة دخول السوق ، وما يجب فتحه منها مع الاستغناء عن هذه الوسيلة ، منعا لخسارة قد تتم بعملية قرصنة سريعة يقوم بها ثعالب عتاق يدركون جيدا كيف يوقعون الارانب البسطاء في شراك احسنوا نسج خيطانها .
——————————————————————–

وفي الجزء التالي :
 
س  :  يشكو بعض المتاملين من تحديد محيط للشراء او البيع ، وليست نقطة معينة يلتزم بها كل المتعاملون . هل لك أن توضح إيجابية الطريقة المعتمدة والافادة التي يمكن للمتعامل ان يجنيها منها ؟
 
س  :  على ماذا تعتمد في قرارك لفتح الصفقات ؟
 
س  :  هل تقصد أن امتلاك أسرار التحليل التقني غير كاف للنجاح في تحقيق الربح ؟
 
س  :  لا شك انك لاحظت من تصرفات المتعاملين أمورا إيجابية واخرى سلبية تجمع بين البعض منهم . هل لك أن تحدثنا عن أكثر ما لفت نظرك في هذا المجال ؟
 
هذه الاسئلة وغيرها ستلقى جوابا في الاجزاء المتبقية من الحوار والتي ستنشر تباعا .
 
 
 
 
 

 

 

بعد مضي عام على التوصيات والتعليم

بعد مضي عام على التوصيات والتعليم 9th August 2004  

بعد مضي عام على التوصيات والتعليم  .
واحد من العتاق العتاق ، واحد ممن عجنتهم السنون في معاجن الكرّ والفرّ ، ثم خبزتهم على نار المقاومة والدفاع ، لتقدمهم فيما بعد خبز معرفة على مائدة الالتزام المعنوي العنيد والصدق الاخلاقي الشريف  .
عرفناه من زمن بعيد ، شربنا معه كؤوس الأيام حلوة ومرة ، خضنا سوية جولات وجولات ، سجلنا في الكثير منها انتصارات وانتصارات ، ورضينا بما كان لنا من هزائم ، مستعينين  بما أوتي الرجل من حكمة ، ومن واقعية ، ومن موضوعية ، ومن قدرة سحرية في استثمار أي انكساروفي استغلال أية هزيمة ،  بتحويلها مباشرة الى عبرة وأمثولة ، تكون له وتكون لنا سلاح المستقبل الأمضى .
أخذ على نفسه عهدا بأن يكون عونا لكل من شاء الافادة من خبراته في مجال تجارتنا هذه ، فرافق المتعاملين يوميا منذ ما يقارب السنة ، ولا يزال . أطلعهم على أسرار وخفايا ، ولا يزال ، يحملهم الترس قبل السيف ، والدرع قبل الرمح ، وإن هو آنس في نفوسهم عزما ، وفي قلوبهم شجاعة ، وفي فرائصهم شدة ، وفي زنودهم قوة ، أطلقهم الى الحلبة يناضلون عليها ويدللون على ما يستطيعون .
الاستاذ أيمن بارود ، نحاوره اليوم ، آملين أن يكون في الكلام بعضا من إفادة ، لكل من يعمل في ما نعمل ، ولكل من تسوّل له نفسه الدخول في عالم السحرالواقعي الخلاب ، عالم المقارعة والتحدي .
 

س  : استاذ ايمن نبدأ بالسؤال عن خلاصة انطباعك بعد مضي سنة على قبولك المشكور لهذا التحدي .

ج   : انا في حالة من الرضى والشكر الكثير لرب العالمين ، على ما حققناه بعونه خلال هذه الفترة من تذليل لمصاعب ، ومن ازالة لمعوقات كانت تقف في طريقنا . المصاعب هذه لم تفاجئني ، كنت احسب لها حسابا . ولعلّ أكثر ما يثلج الصدرهو ما كنا نعرفه ، وما راهننا عليه ، وما تأكد لنا الآن ، من كون العقل العربي غير قاصر عن مماشاة العقل الغربي وعن التقدم عليه أيضا ، إن هو توفرت له الارضية الصالحة والمناخ المؤاتي لذلك . إن جملة من الذين يرافقونني يوميا في عملنا اليومي أثبتوا هذا القول بالفعل . أثبتوا قدرتهم على النجاح وعلى تحويل التعامل من هواية ، أو من تجربة مؤقتة ، إلى مهنة رئيسية يداومون فيها يوميا ، ويحصّلون ما قسم لهم من رزق منها .
هذا ما هدفنا اليه ، وهذا ما حققنا حتى الان خطوات مقبولة ولا نزال في طريقنا الى تحقيق المزيد ، ان قدّرنا الله .

س  :  الذين حققوا الهدف وباتوا متعاملين مداومين ، هل يجمعهم عامل مشترك ، هل يتميزون بما يفتقده غيرهم ؟

ج  :  لا شكّ في ذلك على الإطلاق . هناك صفات طالما لفتنا النظر اليها في مناسبات عدة تجمع بين هذه الفئة من المتعاملين . هم يتميزون بامتلاكهم للروح العلمية الموضوعية ، بقدرتهم على التحليل والمقارنة والاستنتاج ، برغبتهم في التعلّم وقناعتهم بان التعلّم أهم من تحقيق الربح بكثير . هذه الفئة سرعان ما تتنبه الى واقع لا يمكن نكرانه وهو : ان امتلاك فنّ العمل يمكن أن يكون منطلقا ووسيلة لتحقيق الربح ، بينما لا يمكن لتحقيق الربح أن يكون هو الوسيلة للتعلم . الربح بدون العلم هو ربح حظ ، الربح عن طريق العلم هو ربح عمل . هذا ولا يخفى على احد أيّهما أبقى واضمن ، ولا يخفى على احد في أيّهما حلت بركة الله ونعمته .
 

س  :  وهل يعني ذلك أن لا مكان للحظ في عملنا هذا ؟

ج  :  لا ، لا يمكنني أن ادّعي ذلك . الحظ موجود في كلّ مجال من مجالات حياتنا ، هو يرافقنا في كلّ ما نقوم به ، فيكون باسما او عثرا . لكنني أصرّ على التفريق بين حظ البارع  وحظ الفاشل ، بين الحظ بمفهومه الايجابي ومفهومه السلبي . من يعتمد على الحظ  لتحقيق مكسب في عملنا هذا ، لا يمكن أن يكتب له نجاح دائم . قد يحقق بعض المكاسب الظرفية ولكنها غير دائمة .
 

س  :  والذين فشلوا في الوصول الى غايتهم . ما الذي يجمع بينهم ؟

ج  :  صفات ما حلّت واحدة منها بامرئ إلا اهلكت فكره ، وحطمت فؤاده ، وكسرت نفسه . كلّ هؤلاء قدموا إليّ  بنهم على الربح قلّ مثيله وندر قرينه . كلّهم اقبلوا على المائدة وكأن الطعام سيهرب عنها . كلّهم راقبتهم وهم يأكلون فأشفقت عليهم ، كانوا جميعا يلتهمون ولا ياكلون ، لا تكاد اليد اليمنى ترتد عن افواههم مفرغة فيها ما حملته ، حتى تتبعها اليسرى ، فتفرغ بدورها حمولة اختارتها من أدسم ما وجد على المائدة . وهم ان أصيبوا بعسر في ابتلاع الممضوغ فلهم بالشراب على ذلك عونا ، لا للتمهل والتاني ، مما يعني مداواة العلّة بعلّة لا تقلّ خطرا عنها .
وأنا ؟
أنا أحذردونما ملل أو كلل  ، أنصح بالتروي ، أدعو الى الهدوء ، أذكّر بالتعقل ، منتظرا النهاية المحتومة ، فإذا هي مشهد من أسوأ ما يكون ، ونهاية من أصعب ما يكون .
آداب المائدة لم يحترمها واحد منهم ، ربح الجظ ذاق طعمه معظمهم ، الربح الذكي المتنامي الواقعيّ الصحيّ الدائم لم يكتب لهم .
 

س  :  ومن بين هؤلاء ، هل هناك من عاد واستوعب الدرس ؟

ج  :  لا شكّ في ذلك . هناك منهم فئة من الميسورين القادرين على البدء من جديد . لا شكّ في انهم اقتنعوا بعد ان جربوا بانفسهم . النصيحة لم تكن كافية لهم . كان لا بد من حرق الاصابع للاحساس بوجود اللهيب . والان هناك منهم من انسحب عن الساحة مؤثرا البحث عن عمل آخر ، كما هناك من يعاود الكرّة بمنهجية جديدة أكثر تعقلا ، وأكثر تفهما لواقع الحال .
 

س  :  واقع الحال . أي واقع حال ؟ هل لنا من ايضاح ؟

ج  :  بالطبع  . واقع الحال يقول : السوق لا تمكن مصارعته . لا مجال لمعاندته . يستحيل الثأر منه . هو دوما الرابح . هو دوما على حق .
لا بدّ من مهادنته ، من مصادقته ، من مماشاته . وان بدا لك منه لينا ، او بانت رقة ، فخذ منه ، لن يبخل عليك إن لم تكن طماعا .
س  :  مصادقة السوق ! مصارعة السوق ! ما زلت اطمع بايضاح ما .
ج  :  بربك ! أما سمعت عن لبوة أرضعت غزالا صغيرا واعتنت به ؟  اما سمعت عن لبوة ارضعت طفلا من بني البشر ؟ أما تآخى أبدا كائنان ينتميان الى فصيلين يقفان على طرفي نقيض ؟
أنت ، انا ، نستطيع إن شئنا جعل السوق وحشا يأكل ولا يشبع ، يفترس ولا يشفق ، كما اننا نستطيع ان نجعله كائنا مسالما يعطي فلا يندم ، ويهب فلا يستعيد .
 

س  :  وكيف ؟ ألا تبوح لنا ؟

ج  : بأن تكون الطير الصغير الذي لا مهرب لوحيد القرن منه ، ولا حلّ له سواه ، لتنقية جلده من حشرات تمتصّ بعضا من دمه .
لا سرّ لأخفيه ، ولا خفايا لاكتنزها ، أنا اعلّم مريدي التعلّم بالمثل ، وانببهم بالرمز ، ومتى كان اللبيب بحاجة لغير الاشارة ليفهم ؟
 والحق يقال ، ما نفذ أحد في هذا السوق ، وما أثبت جدارة ، وما اظهر تفوقا ، وما استحق تهنئة ، بقدر ما فعل اللبيب  المؤهل على التقاط الاشارة من الاشارة ، واستخراج العبرة من الخطأ .
 

س  : وحيد القرن يستمتع بالطير الصغيرينقر بمنقاره الدائرة المحيطة بعينه . الطرفان لهما مصلحة في ذلك . الواحد يتغذى ، الآخر يتنظف . وهل يعقل ان يكون السوق صديق المتعامل ليغدق عليه الربح ؟

 ج  :  بالطبع . السوق يموت ان لم يكن فيه رابحون . السوق ، قصدت البورصة كائن حيّ كباقي الكائنات . عائلة السوق هم المتعاملون الأوفياء القادرون على التعامل مع السوق دون الحاق الضرر فيه . هؤلاء هم اصدقاؤه وأولاده . هؤلاء هم الذين يبرّون به ويبرّ بهم . هؤلاء تراهم إن ظلموا من قبل السوق مرة ، يسارع اليهم ليعوض الصفعة بلمسة ، والعثرة بفاتحة خير .
الخاسرون هم أعداء السوق ، هم الذين يحاربونه محاربة الندّ للندّ ، هؤلاء تراهم لا يربحون صفقة ليخسروا صفقات . هؤلاء استجلبوا هم اللعنة على أنفسهم . بطمعهم ، بتسرعهم ، بتعجلهم ، بنهمهم . هؤلاء يريدون أن يأخذوا ما ليس لهم  ، هؤلاء هم الخاسرون الدائمون .
وان شئت أن اكون أكثر وضوحا ، حتى لا تتهمني بتعمّد الغموض ، تراني أقول : إن أولئك الذين يعدون الناس بتحويل ثلاثمائة من الدولارات بشهرين الى خمسة عشر الفا ، وبأربعة شهور الى خمسين الفا ، هم إما مخادعون أو جاهلون . واعلم تمام العلم ، إن أنت انتزعت من السوق مبلغا خياليا خلال فترة قصيرة ، فإنّ السوق سيسارع الى استرجاع هذا المبلغ منك مضاعفا  في فرصة قريبة جدا .
 
س  :  هل تعني ان تحقيق ربح يساوي خمسين الف من الدولارات أمر مستحيل في شهور قليلة ؟
ج  :  لا لم اقصد هذا . إن تحقيق خمسين ألف دولار في شهور قليلة هو امر ممكن وسهل التحقيق ، ولكن ، ليس برأسمال لا يتعدى الثلاثمائة دولار .
 
س  :  وكم يجب ان يكون المبلغ إذا ؟
ج  : لا يسعني إلا أن انحني باحترام امام من انطلق من عشرة آلاف من الدولارات ، وتمكن من تحويلها الى خمسين ألفا في مهلة تقارب الخمسة شهور .
ولا شك أن من انطلق من العشرة وحولها الى خمسين ، يستطيع ان ينطلق الان من الخمسين ويحولها الى مئتين . هذا منطقي . ولكن عليه ان يستمر باحترام آداب المائدة . حذار وكثرة الطعام !
 
س  :  وحساب ال 300 وال 500 دولار ، الا ترى من حظ له ؟
ج  :  له حظه طبعا ، ولكن عليه ان يتحلى بالصبر ، عليه أن يحول حسابه في السنة الاولى الى 2500 دولار ا ، وفي السنة الثانية يقارب ال 10.000 ويصير بامكانه ان ينطلق لارباح اكبر .
وكلمة اخرى عن هذه الحسابات . أن من يفتح حسابا ب 500 دولار ليجرب ويتمرن ويتعود على اسلوب العمل هو مختلف تماما عمن يعتمد هذا الحساب لانه لا يملك من الدنيا الا ال 500 دولارا . هذه الفئة من المتعاملين أدعوهم للتفكير مليا قبل الاقدام على الخطوة ، خاصة إن كانوا أرباب اسر ومن مواطني بلدان يصعب تحصيل المال فيها . هذا لا يعني ان الربح عليهم مستحيل ، لا طبعا ، ولكن اصابتهم باول خسارة سينعكس عليهم قلقا ، وتوترا ، فتنعدم قدرتهم على التخطيط والتركيز ، ويتحول فكرهم الى طاقة سلبية تهدف الى الانتقام من السوق واسترداد ما سلبه منهم بمثل ما فعل ، وتكون النتيجة الخروج من السوق بخفي حنين .
 
س  :  من المعروف عن طريقتك في العمل انك لا تعمد الى تحديد ستوب للصفقة المفتوحة الا بحالات معينة . هل نطمع بتوضيح لهذا الامر ؟
 
س  :  وكيف يكون الستوب عدو المتعامل ، ومن المتعارف عليه انه وسيلة امان ؟
 
س  :  يشكو بعض المتاملين من تحديد محيط للشراء او البيع ، وليست نقطة معينة يلتزم بها كل المتعاملون . هل لك أن توضح إيجابية الطريقة المعتمدة والافادة التي يمكن للمتعامل ان يجنيها منها ؟
 
س  :  على ماذا تعتمد في قرارك لفتح الصفقات ؟
 
س  :  هل تقصد أن امتلاك أسرار التحليل التقني غير كاف للنجاح في تحقيق الربح ؟
 
س  :  لا شك انك لاحظت من تصرفات المتعاملين أمورا إيجابية واخرى سلبية تجمع بين البعض منهم . هل لك أن تحدثنا عن أكثر ما لفت نظرك في هذا المجال ؟
 
هذه الاسئلة وغيرها ستلقى جوابا في الاجزاء المتبقية من الحوار والتي ستنشر تباعا .

 

 

حسنا ، لتكن مشيئتك سيد جرينسبن

 

حسنا ، لتكن مشيئة السيد جرينسبن  1st  August 2004

 

الكلّ بانتظار البطل ، دقت ساعته ، وصل الى القاعة ، صعد الى المسرح ، أدلى بما في دلوه ، عزف سمفونية التفاؤل ، المشاهدون بطبعهم يفضلون الكوميديا على التراجيديا ، يحبون الضحك ، يميلون الى التصفيق ، صعوبات الحياة تكفيهم ، لماذا التشاؤم اذن ، ان كان لا بدّ من مسرحية فلتكن كوميدية . البطل عرف ما يسر الناس ، إنتزع منهم البهجة انتزاعا ، صفق له الحضور ، فرح من فرح ، أسدلت الستارة ، ولكن ، الآن أو بعد آن ، ستاتي ساعة الحقيقة ، لا بد لذلك أن يكون . 

كثرة كثيرة من العاملين على الذهب يعتمدون في تقدير وجهة المعدن الاخضر على شارتين . اولهما شارت الذهب وهذا امر طبيعي ، وثانيهما شارت الدولار وهذا أمر قد يثير استغراب البعض من الوافدين على هذه المهنة .
نعم هم أحيانا على حق في ما يعملون ، فلكي تعرف ما سيكون عليه الامر في كابول أو في بغداد أو في غيرها وغيرها من العواصم ، فلا بد لك ان تعرف ما هو عليه الامر اليوم في واشنطن . ويخطئ من يظن ان فصل الامرين هو من السهولة بمكان .
انه من دواعي المنطق ان يرتبط سعر الذهب بسعر الدولار الى حد معين ، فيرتفع الاول ، او يميل الى الارتفاع ، ان انخفض الثاني . وينخفض الاول ، او يميل الى الانخفاض ، ان ارتفع الثاني . هذه حقيقة عايشناها في فترات كثيرة يكون السوق فيها فريسة للمضاربات ، ولتنقل الرساميل من مكان الى مكان ، تبعا لقوة تصريح سياسي أو اقتصادي ، أو تبعا لتطرف في نتائج بيان يقيس قوة الاقتصاد ، فيستقرأ منه وجهة قرار قادم سيتخذه الفدرالي الاميركي رفعا للفائدة او خفضا لها .
وفي أيامنا هذه نحن نعيش هذه الحالة . فمنذ مارس الفائت والى اليوم ، والذهب يتفاعل ايجابيا او سلبيا بشكل دقيق مع الهبات الساخنة او الباردة الصادرة عن كلام السيد جرينسبن او عن البيانات التي تستبق وجهة كلامه . والفترة التي سبقت مارس الماضي بماذا تميزت ؟
أمر سهل للغاية . لقد عرفت تراجعا دراماتيكيا للدولار وصل الى حد التطرف بحيث ان قلة من المحللين كانوا قد توقعوا حصوله . الذهب عرف في هذه الحقبة عهده الذهبي اللامع . هذا امر يسير مع منطق الامور . نسبة الى اليورو تراجع الدولار الى حدود ال 1.3000 . الذهب دقّ ابواب ال 430.00 دولار اللاونصة الواحدة . معادلة مقبولة .
لماذا كان الدولار يتراجع ؟ ببساطة السبب الظاهري والمباشر هو : لان الفائدة عليه كانت تنخفض . وهذا من مسلمات الامور ، أن تراجع الفائدة على عملة ما تنفر الرساميل منها ، فتشير بوجهها عنها ، وتنصرف باحثة لنفسها عن مردود أكثر انتاجا .
لماذا كان الذهب يرتفع ؟ ببساطة السبب الواقعي هو : لأن بعضا من هذه الرساميل التي سئمت رائحة عفنة تنبثق من الورقة الخضراء الذابلة ، يممت نحو المعدن الاصفر مشغوفة بلمعانه ، ولو لوقت .
والآن لماذا يتراجع الذهب ؟ ببساطة لان السيد جرينسبن بشر بعصر ذهبي قادم على الاقتصاد الاميركي ، وبالتالي على انتعاش لا بد ان يصيب الدولار بعضا منه ، فيعود الى ورقته شيء من اخضرارها .
ولكن هل سيبقى الامر على هذا النحو ؟
هل يُعقل ان يستمرّ الحال على هذا النحو ؟
هل يمكن ان تستمرّ الورقة الخضراء متحكمة بوجهة المعدن الاصفر الذي طالما رفع راسه مختالا متكابرا ؟
توقعاتنا بأن الذهب سيدكّ اسوار ال 500.00 دولار ومن بعدها سيهدد ال 800.00 بالسقوط ، أتراها مجرد أوهام وبقية من احلام ؟
لا لا لا !
هي توقع لا بدّ ان يصير واقعا .
ولكن متى ؟
مهلا ، مهلا ، مهلا .
سيحصل هذا ، نعم سيحصل  .
ولكن متى ؟  قلها بربك ! 
عندما ،  تبدأ الفائدة على الدولار بالارتفاع ، وستزداد ارتفاعا ، وسترتفع ايضا وايضا ، والدولار ، الدولار لن يبالي بذلك ، بل ، سيتابع  التراجع  !
هل يمكن ان يحصل هذا ؟
نعم يمكن ان يحصل .
عندها سيضرب السيد جرينسبن اخماسا باسداس ، وسيعرف انه راهن على ما هو صعب المنال .
عندها سيكتشف السيد العجوز إنه خلط بين الممكن والتمني ، وآثر الثاني على الاول ، فقط لكونه يابى مغادرة الفدرالي إلا وقد أعاد الى الاقتصاد الاميركي بعضا من عنفوانه ، ولكن السفن لم تستطع يوما التحكم بوجهة الريح ، وللتاريخ حتمية لا بد من الاعتراف بها والتنبه لها . 
وإني والله ، لقارئ هذه الكلمات منذ اليوم في عينيه ، ولسامعها في نبرات صوته !
غلطة الجاهل بغلطة ، وغلطة الشاطر بالف غلطة .
 
 
 

 

بورصة انفو: الموقع الرائد لأخبار الذهب ، العملات ، البورصات. مع تحليلات