تكبدت الليرة اللبنانية المنكوبة مزيدا من الهبوط في ظل إجراءات عزل عام بسبب فيروس كورونا، إذ تمنع البنوك الحصول على الدولارات الشحيحة بالفعل، مما يرفع أسعارها في السوق الموازية ويزيد تكلفة الواردات التي يعتمد عليها البلد المثقل بالديون.
ففي ظل حالة الطوارئ الصحية التي أعلنتها الحكومة في 15 مارس آذار، تقصر بنوك لبنان التي تعاني أزمة سيولة خدماتها على الواردات الهامة ودفع الرواتب بالعملة المحلية مع فتح مجموعة صغيرة من الفروع فحسب.
وقال مستوردون ومتعاملون في العملة إن الليرة تراجعت منذ ذلك الحين 15 بالمئة، ليجري تداولها عند 2850 ليرة للدولار يوم الأربعاء مقارنة مع حوالي 2500 قبل بدء الإغلاق العام.
يقل ذلك بنسبة 47 بالمئة عن سعر الربط الرسمي البالغ 1507.5 ليرة للدولار، وهو السعر المتاح الآن لمستوردي القمح والأدوية والوقود فقط.
وقال هاني بحصلي المدير العام لشركة بحصلي فودز، وهي مستورد كبير للأغذية، ”السيولة المتاحة في السوق تقل باطراد، وهذا من أسباب زيادة السعر بالسوق السوداء.“
صارت السوق الموازية المصدر الرئيسي للسيولة في خضم أزمة مالية ضارية يعيشها لبنان، شهدت تعثره في سداد ديونه الخارجية في 23 مارس آذار والشروع في محادثات رسمية لإعادة هيكلة الديون بعد أيام.
كانت الحكومة سعت في الأسابيع الأخيرة إلى شن حملة على مكاتب الصرافة التي تبيع بسعر أعلى من ألفي ليرة للدولار، إذ أغلق بعضها أبوابه في حين تصرف مكاتب أخرى الزبائن الراغبين في أسعار أعلى، مما زاد صعوبة الحصول على الدولار.
وتعلق البنوك الآن عمليات السحب المحدودة أصلا بمقدار منخفض يصل إلى 100 دولار أسبوعيا. واستحدثت قيودا أواخر العام الماضي عندما انزلق لبنان في الأزمة بعد تباطؤ تدفقات رؤوس الأموال واندلاع مظاهرات ضد النخب الحاكمة.
ورغم عدم إعلان أي خطوة لحجب الدولارات ولا ما إذا كانت مثل تلك الإجراءات مؤقتة، فقد قالت مصادر من أربعة بنوك إنه منذ بدء العزل، لا يمكن إخراج سوى الدولارات المودعة حديثا أو تلك المحولة من الخارج.
مددت الحكومة أجل إجراءات العزل العام بسبب فيروس كورونا حتى 12 أبريل نيسان، إذ أغلقت جميع الشركات والمطارات تقريبا مع فرضها حظر تجول ليليا. وسجل لبنان 479 حالة إصابة بفيروس كورونا و14 وفاة، حسبما أعلنته وزارة الصحة يوم الأربعاء.
ويضطر المودعون إلى سحب دولاراتهم من أجهزة الصرف الآلي التي تحولها إلى ليرات لبنانية بسعر الربط الرسمي، مما يقلص قيمتها ويغضب اللبنانيين المتضررين بالفعل من تخفيضات كاسحة في الوظائف وتضخم آخذ في الارتفاع.
وعزا مصرفيون تراجع تداول الدولارات في الأسابيع الأخيرة إلى إغلاق المطارات عالميا، مما يقوض تدفقات العملة الصعبة التي عادة ما تأتي بصحبة المسافرين وشحنات أوراق النقد.
لكن ميشيل مكتف، وهو مساهم في شركة لبنانية تشحن أوراق النقد، شكك في ذلك، إذ نقلت وسائل إعلام محلية عنه القول إن عمليات شحن أوراق النقد مستمرة.