ابتعد لبنان أكثر يوم الجمعة عن ربط عملته بالدولار المعمول بع منذ فترة طويلة إذ حدد مصرف لبنان المركزي سعر صرف لتطبقه شركات تحويل الأموال يقل بنسبة 58 بالمئة عن السعر الرسمي لليرة اللبنانية المنكوبة.
هذه واحدة من عدة خطوات يتخذها المصرف المركزي تبرز التراجع الحاد لليرة في ظل أزمة سيولة دولارية منذ أكتوبر تشرين الأول عندما بلغت مشكلات اقتصادية تختمر منذ فترة طويلة أوجها، مع أن السلطات تبقي على الربط القديم للواردات الحيوية.
وقال مصدر بالمصرف المركزي إن السعر المحدد لشركات تحويل الأموال هو 3625 ليرة لبنانية للدولار يوم الجمعة، مما يوضح مدى هبوطها في سوق موازية عن سعر الربط البالغ 1507.5.
وقال المصدر بالمصرف المركزي ”الأسعار ربما تتغير يوميا وسيتم تحديدها في اليوم السابق“ مضيفا أن المعدل يستند إلى السعر الذي سجله الدولار في مكاتب الصرف الأجنبي. وقال ”في حالة وقوع تقلبات كبيرة خلال اليوم، فإن الأسعار ربما تُحدد مجددا خلال نفس اليوم“.
يُطبق سعر الصرف المعلن يوم الجمعة على تحويلات اللبنانيين الذين يرسلون أموالا لأسرهم في داخل البلاد من الخارج، التي كانت متاحة في السابق بالدولار في مكاتب تحويل الأموال.
وفي إشارة إلى سعر اليوم المحدد لمكاتب تحويل الأموال، قال مصرفي كبير إن حاكم المصرف المركزي رياض سلامة يخفض فعليا قيمة الليرة رغم أن قيمتها ربما تظل في تقلب.
انخفضت الليرة في ظل أزمة مالية ومصرفية تعتبر بشكل كبير أكبر تهديد للاستقرار منذ الحرب الأهلية التي دارت في الفترة بين 1975 و1990، إذ تزعزع الثقة في الاقتصاد وربط الدولار.
ومع نقص المعروض من الدولار، قال مصرف لبنان المركزي في وقت سابق من الشهر الجاري إنه يجب على خدمات تحويل الأموال أن تصرف النقد بالعملة المحلية ”بسعر السوق“، وقال هذا الأسبوع إن عمليات السحب من الحسابات المصرفية الدولارية يجب أن تجرى بالعملة المحلية وفق سعر السوق.
واصطف أشخاص بمكاتب تحويل الأموال يوم الخميس، والذي كان آخر يوم تصرف فيه التحويلات بالدولار، بحسب وسائل إعلام لبنانية.
وقال فاروق سوسة كبير الخبراء الاقتصاديين للشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى جولدمان ساكس ”نرى تحركا سريعا جدا نحو إلغاء فعلي لربط العملة، حيث يبدو وكأنه ستكون هناك آلية رسمية في الأسابيع المقبلة لأولئك الراغبين في شراء العملة.
”من غير الواضح ما إذا كانوا سيخفضون قيمة العملة أو سيلغون ربطها لكن تقليل الفجوة بين السوق الموازية والسعر الرسمي مهم جدا من أجل تعافي الاقتصاد على المدى الأطول“.
وقالت مصادر مصرفية إنها تتوقع أن يكون سعر الصرف المطبق على مسحوبات الحسابات المصرفية قريبا من سعر الصرف الذي حدده المصرف المركزي لشركات تحويل الأموال. ومن المقرر أن تجتمع البنوك وتجار الصرف الأجنبي والبنك المركزي يوم الاثنين لاتخاذ قرار.
وما زال السعر الرسمي مطبقا لواردات الوقود والقمح والأدوية في مسعى لإبطاء التضخم المتصاعد في الاقتصاد المعتمد على الواردات.
وقال وزير المالية غازي وزني لصحيفة الجمهورية يوم الجمعة إن الانخفاض ”لا يمكن شرحه لا اقتصاديا ولا ماليا ولا نقديا“، وإن ما حدث ”هو مضاربة قوية وتلاعب في السوق“.
وأضاف ”وقد زاد هذا الأمر من خوف المواطنين وقلقهم مما أحدث زيادة الطلب على الدولار“.
وحث رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري يوم الخميس الحكومة على استخدام سلطاتها القانونية لوقف ”الانهيار الدراماتيكي“ لليرة اللبنانية قبل فوات الأوان.
كانت نقابة الصرافين أعلنت في وقت متأخر يوم الثلاثاء أنهم سيدخلون في إضراب حتى يوم الاثنين ”للتحذير من استمرار تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية“.