الأنظار خلال يونيو ستتجه نحو تقرير الوظائف الأميركي وانعكاس بيانات التضخم على اجتماع الفدرالي

أرقام منتظرة لا يقتصر تأثيرها على الاقتصاد الأميركي فقط، فبعد أن فاقت بيانات مؤشر التضخم المفضل للفدرالي لشهر أبريل التوقعات عند 3.1% والتي تقيس أسعار نفقات الإستهلاك الشخصي الأساسي، تتجه الأنظار في 4 من يونيو إلى تقرير الوظائف الأميركي لشهر مايو بعد أن خيب الآمال خلال أبريل بإضافته 266 ألف وظيفة فيما كانت تشير التوقعات بزيادة قدرها مليون وظيفة.

الأيام القادمة من شهر يونيو ستشهد العديد من الأحداث المهمة ولعل أبرزها بيانات التضخم لشهر مايو والتي ستصدر في 10 من يونيو والتي ارتفعت خلال أبريل بنسبة 4.2% متفوقة بشكل كبير على التوقعات والتي كانت تشير إلى 2.6% فقط، ويعتبر التسارع هو الأعلى منذ سبتمبر 2008.

البيانات القادمة سيكون الرد عليها بشكل مباشر من قبل الفدرالي والذي يجتمع في الفترة من 15 إلى 16 يونيو والتي سيترقبها الأسواق بشكل كبير لمعرفة توجهات المركزي حول السياسة التوسعية الحالية وذلك من خلال إمكانية خفض وتيرة برنامج شراء الأصول والبالغة 120 مليار دولار شهريا

الارتفاعات الأخيرة خلال الشهر الحالي للذهب وملامسته مستويات 1900 دولار تضع الأسواق في حالة ترقب حول ارتفاع المخاوف من مسار التضخم وذلك بعد أن شهدت العديد من المعادن والسلع ارتفاعات قياسية غير مسبوقة.. ليبقى السؤال إلى متى سيبقي الفدرالي على سياسته التوسعية في ظل البيانات الإيجابية؟

مفاتيح اقتصاد ما بعد «كورونا» ومغالقه

لم تترك أزمة «كورونا» مؤشراً رئيسياً من مؤشرات الحياة والتنمية المستدامة إلا وعصفت به، فقد أُصيب بالوباء ما يزيد على 163 مليون إنسان، توفي منهم نحو 3.4 مليون. وتؤكد مجلة «الإكونوميست» البريطانية، وفقاً لنموذج إحصائي طورته باستخدام 121 مؤشراً لتغطية فجوات الأرقام غير المتاحة، أن حقيقة أرقام الوفيات تتجاوز ثلاثة أمثال هذا الرقم عالمياً، بما جعلها تضع هذا الرقم ليكون عنوان غلاف عددها الأخير بأن هناك 10 ملايين سبب لتلقيح سكان العالم.
وفي عالم تفقد فيه الأرقام معناها يصعب اتخاذ قرار لحماية عموم الناس وتتغلب الخرافة والشائعات على العلم والحقائق. وقطعاً للشك بيقين المشاهدة لأثر اللقاح، فما من سبيل إلا التوسع العاجل في إتاحة اللقاح.
وقد ضاع من العالم ستة أشهر حاسمة في جدل ومهاترات حول مدى ضرورة إعفاء اللقاح من قيود حقوق الملكية الفكرية التي تقدمت الهند وجنوب أفريقيا، مدعومتين بعشرات من الدول النامية، بطلب في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي لمنظمة التجارة العالمية لإعفاء مؤقت منها، وهو ما رفضته دول متقدمة قادتها الإدارة الأميركية السابقة. وقد تطلب تفهم هذا الطلب البديهي تغيراً في الرئاسة الأميركية وسقوطاً لعشرات الملايين من البشر بين قتيل بالفيروس ومريض به، حتى يتم الإعلان عن عدم الممانعة في منح الإعفاء المؤقت وفقاً لضوابط تسمح بإنتاج اللقاح وإتاحته في الدول النامية.
وفي حين ستصل دول متقدمة عدة للمناعة المطلوبة من الوباء بنسبة 70 في المائة من مواطنيها الملقحين في خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، فإن الدول النامية بمنأى عن تحقيق هذه النسبة قبل سنوات ممتدة، إذا ما استمرت وتيرة إتاحة اللقاحات على ما هي عليه من معدلات شديدة الانخفاض، مع تخوف بأن عملية التصويت على الإعفاء في منظمة التجارة العالمية قد لا يتم قبل شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل. ولا بد من فتح سريع لهذه الأبواب التي أغلقتها نوازع الاحتكار وتعقد الإجراءات في البيروقراطيات الدولية والتذرع بحجج واهية عن نقص القدرات التكنولوجية في الدول النامية والحاجة إلى اتفاقيات ضامنة لنقل المعارف وطرق الإنتاج. وإلى أن يتحقق تطور في هذا المسار، ينبغي التدعيم الفوري لآلية الكوفاكس التي تشرف عليها منظمة الصحة العالمية بتوفير التمويل اللازم لتغطية عجز مواردها المانع من فاعليتها، ولا يقل أهمية عن المال القيام بإعادة توزيع فوري لفوائض اللقاحات التي تتجاوز في بعض البلدان المتقدمة 10 أمثال احتياجاتها الفعلية لمواطنيها.
إن هذه الإجراءات العاجلة لا تأتي تحت باب محبة الخير للغير فحسب، لمن يقدّر فضائلها الإنسانية، ولكنها تأتي أيضاً وفقاً لأولويات تحقيق المصلحة الشخصية وحماية النفس. فإذا تُرك الفيروس يستشري عاتياً في الدول الأفقر والأقل تقدماً يحذر العلماء وخبراء منظمة الصحة العالمية من زيادة في تحوره، بما يهدد المناعة المكتسبة من اللقاح المتعارف عليه. كما أن ارتباط اقتصادات الدول المتقدمة من خلال سلاسل الإمداد العالمية يحتم عليها ألا تتسبب في حجب اللقاح عن مصادر خاماتها وغذائها واحتياجاتها من السلع الأولية، والمصنعة وأسواق بيع منتجاتها بما يترتب على ذلك من عرقلة تعافيها الاقتصادي الذي تتطلع إليه، ويهدد نموها واستثماراتها وفرص العمل فيها، ويرفع أسعار المنتجات ومكوناتها بما يزيد من احتمالات التضخم.
فضلاً عما سبق، فلقد ضيعت أزمة «كورونا» في أقل من سنة واحدة ما تم إنجازه في أعوام. ألم تزد أرقام من يعانون من الفقر المدقع لأول مرة منذ عام 1998 بما يتجاوز 120 مليوناً؟ ألم ترتفع نسب التلاميذ الذين يعانون من فقر التعلم بمقدار 10 في المائة في خلال عام دراسي واحد؟ ألم تتضاعف فيه أرقام من يعانون من الجوع لتصل إلى 265 مليون إنسان؟ ألم تتفاقم بسببها البطالة ليعاني منها 255 مليون عامل فقدوا أسباب الرزق في سوق العمل الرسمية وأضعاف هذا العدد في القطاع غير الرسمي في الدول النامية؟ بهذا كثرت انسدادات قنوات الاقتصاد ونضبت بعض مصادره حتى انكمش، مُعانياً من ركود غير مسبوق منذ الكساد العظيم في القرن الماضي.
لن يتحرك الاقتصاد تلقائياً ليستمر في تحقيق معدل النمو المقدر عالمياً هذا العام ليصل إلى 6 في المائة، رغم تفاوت معروف بين الدول في تحقيقه؛ إذ تلزمه مفاتيح فاعلة لمحركاته ومغالق محكمة لمعوقاته، نلخصها فيما يأتي:
1 – منع تحول زيادة تراكم الديون السيادية وقروض الشركات والقطاع العائلي إلى أزمة عالمية، من خلال منح إعفاءات لديون الدول المتعثرة وإعادة هيكلتها ووضع بناء عالمي متوازن، لمعالجة مشكلات المديونية وإدارتها في إطار أسس تمويل التنمية المستدامة.
2 – التصدي للقيود المانعة من حرية التجارة والاستثمار، ومنع اتباع الإجراءات الحمائية غير المبررة التي أدخلت العالم في حروب تجارية قبل أزمة «كورونا» مع الاستعداد عملياً لانتقال مركز ثقل الجاذبية الاقتصادية شرقاً.
3 – التوافق المبكر مع متطلبات التحول الرقمي وتأثيراته على قطاعات الإنتاج والعمل والتعليم والصحة، فضلاً عن مستحدثاته المرتقبة في شكل عملات رقمية رسمية تصدرها الدول من خلال البنوك المركزية، وتحجيم التداعيات الضارة للأصول المالية المشفرة شديدة التقلب عالية المخاطرة.
4 – الاستعداد لتطوير سوق العمل ليتعافى مسترداً ما فقده من عشرات الملايين، من خلال بطالة سببتها الجائحة مع التوافق مع ضرورات الإغلاق الجزئي ونظم العمل الهجين.
5 – المتابعة الحصيفة لتطورات أسعار السلع الاستهلاكية، خاصة بعدما شهدت ارتفاعاً في اقتصادات متقدمة ذات تأثير عالمي؛ إذ ارتفع الرقم القياسي الأميركي لأسعار المستهلكين بمقدار 4.2 في المائة، بما يعد اختباراً لما يعرف «بمعادلة استجابة» البنك الفيدرالي وحدود مرونة سياسته النقدية وخاصة أسعار الفائدة، ومدى اعتباره هذه الزيادات عارضة أم مستمرة، وتأثير ذلك كله على توقعات التضخم التي قد تكون في ظروف عدم اليقين أكبر تأثيراً في سلوك المستهلكين والمستثمرين من اعتمادهم على الأسس الموضوعية لمسارات التضخم.
6 – تغليب منافع دور الدولة الاقتصادي المباشر في دفع آليات التعافي والخروج من الركود بلا مزاحمة للاستثمارات الخاصة أو تشوية لقواعد المنافسة، مع تحديد المجالات التي يزداد فيها مضاعف الاستثمار والتشغيل والقطاعات التي تتطلب استثمارات عامة طويلة الأجل، كالبحث والتطوير ومساندة القاعدة التكنولوجية والمنتجات الحيوية، مع تفعيل نظم المشاركة مع القطاع الخاص لتخفيض الاعتماد على القروض. هذا مع ضرورة تدبير موارد حقيقية لتمويل الاستثمارات العامة من خلال إصلاحات الموازنة العامة.
7 – مراجعة منظومة تمويل التنمية من خلال صياغة الموازنة العامة وأولوياتها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتمحيص قواعد التعاون الدولي في مجالات الضرائب ومنع التهرب منها، وتطبيق القواعد المانعة من استمرار التدفقات المالية غير المشروعة التي تتجاوز قيمتها السنوية في بعض البلدان النامية ما تحصل عليه من مساعدات واستثمارات أجنبية مجتمعة.
إنَّ هذه المفاتيح والمغالق ما هي إلا أدوات وإجراءات تتشكل معاً محددة للسياسة الاقتصادية لتسهم في تحقيق التنمية. ولكي تصاغ بإحكام أمست تحتاج لنهج جديد في تطوير الأسس والأساليب التي تقوم عليها النماذج الاقتصادية التي تستخدمها المؤسسات المحلية والدولية في تحليل أداء الاقتصاد ووضع أولوياته وتوجيهه. وقد عانت هذه النماذج من وضعها في أسر آيديولوجيات جامدة وانحيازات تجاوز العالم قيودها بسرعة تغيره التي تضاعفت مع أزمة الجائحة. إن التعافي المأمول في الاقتصاد يستلزم أن يواكبه تعافٍ في علم الاقتصاد ونماذجه التي يعتمد عليها صانع القرار وتؤثر في عموم الناس، ولن يتحقق ذلك إلا بالاعتماد على البيانات والأدلة والحقائق وتحليلها علمياً والاستفادة من نتائجها بانتهاج «البراغماتية المبدئية» التي لا تحيد عن تحقيق أهداف التنمية مع مرونة في اختيار أنسب الوسائل الناجعة لذلك، والتي ستختلف بالضرورة مع اختلاف الزمان والمكان وطبيعة الاقتصاد السياسي السائد.

د. محمود محي الدين

إبادة مالية جماعية بانتظار اللبنانيين… إلا إذا

كل الطرق تقود إلى حتمية اقتطاع جزء أكبر من الودائع (BAIL IN) عند بلورة خطة إعادة هيكلة الدين العام، وتحميل المودعين العبء الأساسي لاستيعاب الخسائر. فمع شطب الدولة المنتظر لدينها بالعملتين المحلية والأجنبية، سيتحتم على المصارف إجراء “هيركات”، وتحويل الودائع إلى أسهم. الفرق الوحيد أن العملية ستصبح رسمية، بعدما مارستها المصارف طوال الفترة الماضية إعتباطياً.
على الرغم من إعلان لبنان تخلفه عن سداد الديون في نيسان 2020، إلا أن “المركزي ظل يسدد ديون الحكومة بالعملة المحلية عن طريق طباعة النقود”، بحسب تقرير Doom Loop “حلقة الموت” الذي أعدته وكالة “ستاندرد آند بورز”. ما سيحتم في المستقبل “تضمين أي برنامج لاعادة الهيلكة، الدين الحكومي بالعملة المحلية. ذلك أن إعادة هيكلة الديون بالعملات الأجنبية وحدها لن تؤمن الإستقرار المالي، لكونها لا تشكل سوى 38 في المئة من إجمالي الدين السيادي في نهاية عام 2020. وحتى مع شطب جميع سندات “اليوروبوندز” والديون الرسمية، ستبقى ديون الحكومة تقدر بـ107 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي”.

بين السيئ والأسوأ

تحتفظ البنوك (47 مصرفاً تجارياً) بحوالى 60 في المئة من أصولها على شكل ودائع في مصرف لبنان وشهادات إيداع، و11 في المئة على شكل أذونات خزانة و”يوروبوندز”. وهي تستحوذ على 26 في المئة من الدين الحكومي بشكل مباشر، فيما يستحوذ مصرف لبنان على حوالى 44 في المئة، لغاية نهاية عام 2020. ومن أجل تقدير التكاليف المحتملة لاعادة هيكلة الدين العام، وضعت “ستاندرد آند بورز” ثلاثة سيناريوات للخسائر في سندات “اليوروبوندز” الحكومية، والدين الحكومي بالعملة المحلية، وودائع مصرف لبنان، شهادات الإيداع CDs، فضلاً عن قروض القطاع الخاص.

السيناريو الأول: شطب 50 في المئة من ديون الحكومة اللبنانية بالعملة الأجنبية والمحلية، وشطب 10 في المئة من إيداعات مصرف لبنان، وتحديد نسبة خسائر إقراض القطاع بـ5 في المئة.

السيناريو الثاني: خصم 75 في المئة على سندات اليوروبوندز، و 60 في المئة على الدين بالعملة المحلية، و 50 في المئة على إيداعات مصرف لبنان، و 15 في المئة على إقراض القطاع الخاص.

السيناريو 3: تخفيض 90 في المئة على سندات اليوروبوندز، و70 في المئة على الدين بالعملة المحلية وإيداعات مصرف لبنان.

الكلفة تتدحرج مثل كرة الثلج

ما يمكن إستنتاجه من تقرير “الوكالة”، بحسب المدير التنفيذي السابق في بنوك وصناديق مالية عالمية صائب الزين، أن “الكلفة على المودع والمواطن والإقتصاد، ترتفع مع كل يوم تأخير في إيجاد الحل النهائي من قبل الجهات المعنية الأربع التي حددتها الوكالة، أي: الحكومة، البرلمان، مصرف لبنان، وجمعية المصارف. وهذا ما حذرنا منه منذ بداية العام الماضي”. وبرأي الزين فان “الكلفة الباهظة التي حددتها الوكالة في السيناريو (رقم 3) بـ102 مليار دولار، تشكل 134 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، قد تصبح غداً أكبر. والمشكلة بالكلفة لا تنحصر في حجمها الهائل فحسب، بل بكيفية توزيعها”. ففي الوقت الذي حيدت فيه خطة الإنقاذ 98 في المئة من المودعين عن خطر الإقتطاع من ودائعهم، نرى اليوم أن نسبة “الهيركات” على صغار المودعين، كما على الكبار، بلغت 78 في المئة. وفي ظل استنزاف العملات الأجنبية وانعدام التدفقات الخارجية واستمرار طباعة الليرة اللبنانية لتمويل الدين والعمليات الداخلية، فان الكلفة سترتفع أكثر على المودعين والمواطنين، نتيجة التضخم واستمرار انهيار الليرة أمام الدولار. والمفارقة أن السيناريوات الموضوعة من قبل الوكالة هي على أساس سعر الصرف الرسمي، فيما لو تم احتساب سعر الصرف على 10 آلاف ليرة فان الخسائر سترتفع بين 2 و3 مرات.

ما يميز الأزمة اللبنانية عن بقية الأزمات في الدول والأسواق الناشئة هو تركها تتدحرج مثل كرة الثلج. إذ إنه كلما كبرت “الكرة” كلما انخفضت الديون على القطاع المصرفي وارتفعت على المودعين. وبحسب دراسة الوكالة لـ17 سوقا ناشئاً عانى من حالات التخلف عن السداد السيادية بين عامي 1999 و2010، يتبين أن متوسط نسبة اقتطاع الديون الحكومية بلغت 42 في المئة فقط. فيما هذه النسبة قد تصل في لبنان إلى 90 في المئة، مع ما ستحمله هذه العملية بحق المودعين والمواطنين من “إبادة مالية جماعية”، كما يصفها الزين. فـ”الأزمة النقدية والمالية في لبنان ليست بتعجيزية. وهي مرت على غير دول واستطاعت معالجتها من خلال إجراءات أصبحت معروفة. إلا أن فقدان التعاون بين الجهات المعنية وتقديم المصلحة الشخصية على المصلحة العامة، دفعا كل جهة لـ”تغني على ليلاها” ولتعميق الأزمة، وإلى تحميل المواطنين الكلفة الباهظة لانهيار الليرة والتضخم”.

ألف باء الحلول

الدراسة لوكالة “ستاندرد أند بورز” تفترض شطب حقوق المساهمين في المستقبل، حيث من المرجح أن يخسر المساهمون معظم استثماراتهم في مختلف السيناريوات. كما لا بد من اقتطاع جزء من الودائع عبر Bail in، وطلب المساعدة الخارجية من صندوق النقد، وفصل البنوك الجيدة عن الرديئة، وتصغير حجم القطاع المصرفي وزيادة فعاليته عبر إجراءات الدمج والإستحواذ. إلا أنه مرة جديدة فان “التأخير في اعتماد هذه الحلول البديهية في مواجهة الأزمات النقدية، رفعت كلفة الإقتطاع من الودائع من حدود 20 في المئة قبل منتصف العام الماضي إلى أكثرر من 40 أو حتى 50 في المئة اليوم”، يقول الزين، “كما أن القيمة الفعلية للسندات بالعملات الأجنبية Eurobonds قد تراجعت اليوم إلى ما بين 12.5 و15 سنتاً للدولار. ما يعني حتمية Haircut عليها بنسبة تتراوح بين 85 و87.5 في المئة. فيما سيؤدي تمويل الدين الداخلي من طباعة الليرة إلى زيادة نسبة التضخم، وبالتالي زيادة الخسائر على المواطنين. عدا عن أن هذا الإجراء يبقى رهن الإتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي يفضل عدم التفرقة في المعاملة بين الديون الداخلية والخارجية، والتوصل إلى اتفاق مع المقرضين الدوليين”.

ما تطرحه S&P مع ما يحمله من اقتطاعات كبيرة يصح لمعالجة الواقع اليوم. أما غداً فان الكلفة ستكون أكبر وقد نذهب إلى ما بعد السيناريو (رقم 3)، يقول الزين، و”لو قُبلت التعديلات على خطة الإنقاذ وتم السير بها، لما تجاوز “الهيركات” الـ20 في المئة فيما سيكون أعلى بكثير عند بدء تطبيق أي خطة لاعادة الهيكلة. فالدولار في السوق الموازية كان في أيار العام 2020 حوالى 4450 ليرة ما يعني أن نسبة الإقتطاع من الودائع عند السحب كانت 29 في المئة، وكلفة التضخم على الرواتب بالليرة كانت حوالى 150 في المئة. أما اليوم ومع دولار 13 الف ليرة فقد أصبحت 86 في المئة على المودعين، وأكثر من 400 في المئة على عموم المواطنين”.

في الوقت الذي يُتوقع فيه استمرار الإقتطاع بنسب كبيرة من الودائع عند تبلور أي خطة إقتصادية، فان الإقتصاد يتحول إلى نقدي والبنوك إلى صرافات آلية. ولكن أهمية هذه الدراسة هي إثباتها إمكانية المعالجة في حال تشكيل حكومة قادرة، واتخاذ القرارات المناسبة وتقديم المصلحة الوطنية على المصالح الضيقة لاصحاب القرار الذين حددتهم “الوكالة” بوضوح.

خالد ابو شقرا

هل يُدرك رئيس المركزي اللبناني حجم الورطة التي تنتظرهُ؟

 

ثلاثة أيام تفصلنا عن بدء عمل المنصة الالكترونية لمصرف لبنان، فيما دولار السوق السوداء يعاند ويستمر ثابتاً على مقربة من عتبة الـ13 الف ليرة للدولار. ماذا يعني ذلك؟ هل سيتغيّر الوضع يوم الخميس، وهو الموعد المحدّد لبدء التداول عبر المنصة؟ وما هي احتمالات النجاح والفشل في هذا الإجراء الجديد؟

لم يتمّ الإعلان عن إطلاق المنصة الالكترونية لمصرف لبنان قبل نحو شهرين، في اجواء عادية، بل تحت الضغط، وفي مناخٍ متشنّج. يومها، كان رياض سلامة يخضع للمساءلة من قِبل السلطة السياسية حول الاسباب التي أدّت الى تحليق دولار السوق السوداء ووصوله الى 15 الف ليرة. وكانت السلطة السياسية، تشير الى ارتفاع الدولار وكأنّه مؤامرة محبوكة في الغرف السوداء لأهداف سياسية.

في هذه الاجواء، جرى الاعلان عن المنصّة المركزية، وتمّ الترويج لها على أنّها علاج ناجع لمسألة استمرار ارتفاع الدولار، كما تمّ الترويج لسعر ثابت للدولار في حدود الـ10 آلاف ليرة. كل هذا الكلام لم يكن في موقعه الصحيح، وحتى من يطلقه كان يعرف ذلك، لكن الهدف كان محاولة اشاعة مناخ ايجابي يؤمل منه أن ينعكس فعلياً على سعر الدولار في السوق السوداء.

انطلاقاً من هذا الواقع، ما هي التوقعات المستقبلية لعمل المنصّة، ولتطور سعر صرف الليرة؟

لا بدّ من التوضيح انّ مبدأ وجود منصة مركزية للتداول الحر أمرٌ مطلوب لجسّ نبض السوق، ومعرفة السعر التقريبي الحقيقي للعملة الوطنية. هذا المبدأ يمكن اعتماده ضمن أي خطة اقتصادية انقاذية بهدف توحيد سعر الصرف، ومن ثم اتخاذ قرار بالسعر المرجعي الذي سيجري اعتماده لليرة، بحيث يكون سعراً واقعياً يعكس العرض والطلب والمخزون الاحتياطي، بالإضافة الى اداء الاقتصاد القائم والمتوقع على المدى القصير. ومن خلال تجارب الدول التي مرّت بأزمات مالية وانهيارات وافلاسات، ومن ثم باشرت تنفيذ خطط انقاذ، يتبين انّ سعر العملة في السوق السوداء يعكس الى حدّ ما المستوى الحقيقي للسعر الذي ينبغي اعتماده في مرحلة الخروج من الأزمة. لكن هذا الامر غير مُتاح بالنسبة الى الوضع اللبناني انطلاقاً من نقطتين:

اولاً- استمرار سياسة دعم السلع المستوردة من قِبل المركزي، بما يعني انّ السوق السوداء لا تعكس الحجم الحقيقي للعرض والطلب.

ثانياً- احتمال وجود مضاربات وألاعيب تداولية تهدف إما لتحقيق ارباح سريعة، وإما للضغط السياسي.

من هنا، يمكن الاستنتاج انّ المنصة المركزية ستكون قادرة على مراقبة السوق لمنع المضاربات المشبوهة أو فضحها، لكنها لن تكون قادرة على تحديد السعر الحقيقي لليرة منذ الآن، من اجل اعتماده عندما يبدأ تنفيذ خطة الإنقاذ، هذا اذا بدأت يوماً ما.

الشفافية التي يفترض ان تؤمّنها المنصّة لا يمكن أن تتحقّق إلّا بشرط وحيد، ينصّ على نجاح المنصّة في الغاء السوق السوداء والحلول مكانها. ولكي نصل الى هذه المرحلة ينبغي ان تعمل المنصة على غرار آلية السوق السوداء، أي انّ تشتري وتبيع الدولار. وحتى الآن، عُرف كيف ستبيع الدولارات الى المستوردين، وبأي سعر، ومن أين ستأتي المصارف بالدفعة الاولى من هذه الدولارات، لكن لم يُعرف بعد كيف سيحصل الافراد على الدولارات، وأين سيبيعون دولاراتهم. المنطق، انّ كل هذه العمليات ستتمّ في المصارف ولدى الصرافين الشرعيين، وإلّا فإنّ السوق السوداء ستستمر وستقضي مع الوقت على المنصة، وعلى قسم من دولارات المركزي.

في كل الاحوال، واذا سلّمنا جدلاً بأنّ المنصة ستنجح في الاقلاع وفق آلية عمل السوق السوداء، وانّها ستنجح مع الوقت في الغاء السوق السوداء، وتصبح هي بمثابة السوق الحرة لتبادل العملات، فهل سيكون الوضع أفضل، لجهة سعر الصرف؟

في الواقع، تنطلق المنصّة بالتزامن مع ارتفاع منسوب التشاؤم على المستوى السياسي، بحيث اصبح هناك قناعة بأنّ العهد قد ينتهي بلا حكومة. كذلك، تشير ملامح النقاشات الى انّ هدر الدولارات بالدعم 09العشوائي سيستمر بصرف النظر عن سقف الاحتياطي الالزامي، وبالتالي ستستمر مسيرة الإنحدار بسرعة اكبر. وهذا يعني حصول ضغط اضافي على الليرة، بما يضع مصرف لبنان وحاكمه امام خيارات كلها صعبة، على اعتبار انّه سيصبح مسؤولاً الى حدٍّ ما عن السوق الحرة وتقلّباتها، في حين انّه كان يتنصّل من أي مسؤولية في السوق السوداء.

إذا فلت سعر الدولار بسبب اشتداد الضغط سيكون مصرف لبنان امام الاحتمالات التالية:

1- ترك السوق يفرض السعر المناسب، وهذا يعني احتمال تحليق الدولار، وإشاعة القلق والرعب والبلبلة في البلد.

2 – التدخّل في السوق لبيع الدولار، وهذا يعني تسريع استنفاذ ما تبقّى من دولارات، وتأجيل الكارثة بضعة أشهر، وتقليل فرص النجاة لاحقاً.

3 – وقف بيع الدولار عبر المنصّة والسماح مجدداً بعودة السوق السوداء.

كل الخيارات ستكون صعبة وقاسية، والأرجح انّ سلامة سيتعرّض لضغوطات سياسية من العيار الثقيل لإلزامه بالتدخّل، خصوصاً انّه سيصبح مسؤولاً الى حدٍ ما عن السوق، بسبب إشراف المركزي على منصة التداول، وسينتقل البلد بسرعة من تحت الدلفة الى تحت المزراب… كل الطرق المرسومة حتى الآن توصل الى جهنم.

انطوان فرح

مستجدات دور الدولة وضرائبها وعملتها.. الفوائد . التضخم..

استوجبت الأزمات الصحية والاقتصادية والمالية المتزامنة تدخلاً غير مسبوق للدولة. اتخذ هذا التدخل حزماً من الإنفاق للعام لمواجهة هذه الأزمات والتعافي منها. وفي حين يتصف إنفاق المواجهة طبيعة مؤقتة تنتهي بنهاية الأزمة الصحية بالسيطرة على انتشار الوباء، إلا أن التعافي يتطلب استثماراً عاماً مستثمراً لتنشيط الأسواق وحفز القطاع الخاص. كما تمتد استثمارات التعافي لمساندة قطاعات التعليم والرعاية الصحية، وتطوير البنية الأساسية والتكنولوجية على النحو الذي نراه الآن في الولايات المتحدة التي أنفقت 1.9 تريليون دولار وهي بصدد إنفاق 3 تريليونات أخرى في هذه المجالات بما يتجاوز 20 في المائة من إجمالي ناتجها المحلي في عام واحد. ويتجاوز الإنفاق في دول الاتحاد الأوروبي متوسط 10 في المائة من ناتجها وكذلك تفعل باقي الدول ذات القدرة الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
استعانت هذه الدول في إنفاقها المالي بإمكانية تعبئتها لتمويل منخفض التكلفة بدعم من سياسات نقدية لبنوكها المركزية وجودة في تصنيفها الائتماني تجعل الأسواق المالية تمنحها ما تحتاج بتكاليف زهيدة. أما الدول النامية فلا تملك ترفاً مالياً أو سخاءً نقدياً فتجدها مقيدة في إنفاقها. وهي إن تجاوزت حدودها هددها التضخم المحلي ولوحت لها مؤسسة التصنيف الائتماني بعواقب الأمور وما يترتب عليها من تكاليف وأعباء في التمويل الخارجي. وبعد سنوات من التقارب الاقتصادي بين الدول المتقدمة والدول النامية تجد إشارات واضحة للتباين والتفاوت لصالح الدول الأغنى التي ستشهد تعافياً أسرع من الجائحة ونمواً اقتصادياً أعلى دون أن تتعرض لأزمة مديونية؛ كتلك التي تحدق بأشباحها وتداعياتها على الدول النامية، خاصةً بعدما تسارعت معدلات نمو تراكم مديونياتها من قبل صدمة الجائحة فيما عرف بالموجة الرابعة للديون.
ستترك الأزمات الراهنة صناع القرار أمام تساؤلات هامة:
– ما هو شكل التعافي؟ فمن الأرجح أن يأخذ التعافي شكل حرف K، بما يعكس التفاوت بين الدول والقطاعات في معدلات نموها وبما يكرس عدم العدالة وينذر بتوترات اجتماعية وسياسية تهدد الاستقرار الاقتصادي.
– ما هو مستقبل العمل؟ لقد كان الحديث قبل الجائحة مشغولاً بآثار الثورة الصناعية الرابعة والرقمنة ومستحدثات تكنولوجيا المعلومات وتطبيقاتها على البطالة. وقد أثرت إجراءات الإغلاق الكلي والجزئي للنشاط الاقتصادي لتحجيم الوباء على سوق العمل فأضافت ما يربو على 250 مليون متعطل في السوق الرسمية وأضعاف هذا الرقم في السوق غير الرسمية. وهنا يأتي دور الاستثمارات العامة للدولة في تحفيز النشاط الاقتصادي وكذلك دور سياسات الدولة في ضبط قواعد إعادة فتح المشروعات والقطاعات الاقتصادية للعمل، ومدى تفعيل نماذج التشغيل الهجين بالتفاعل الكفء بين نظم العمل التقليدية ومن خلال الوسائل الافتراضية وعبر شبكات الإنترنت.
– ما هي احتمالات عودة التضخم؟ فبعد عقدين من السيطرة على التضخم، هناك جدل محتدم حول الآثار التضخمية لحزم الإنفاق العام خاصةً في الولايات المتحدة، التي بلغ متوسط معدل التضخم فيها 1.2 في المائة في العام الماضي 2020، ولكن هذا المعدل في شهر مارس الماضي قد بلغ 2.6 في المائة. وهناك رأي يقوده لاري سمرز وزير الخزانة الأميركية الأسبق بأن حزم الإنفاق العام الأخيرة تتجاوز حجم المطلوب لتجسير الفجوات التي سببتها الجائحة وأن هذا الإنفاق سيكون تضخمياً. في حين يترقب بنك الاحتياطي الفيدرالي آثار هذا الإنفاق مفرقاً بين ما يمكن أن يكون تضخماً مؤقتاً انتقالياً أو ذا طبيعة متواصلة تستوجب التدخل. وإن كان الأمر يتطلب في كل الأحوال عدم إغفال عامل التوقعات التي تشكل سلوك المستهلكين والمدخرين والمستثمرين خاصةً في ظروف اللايقين التي تسود الأسواق.
– ما هي مسارات سعر الفائدة؟ رغم التراجع النسبي للولايات المتحدة في الاقتصاد العالمي فما زال الدولار يهيمن على أسواق الصرف ويشكل أكثر من 60 في المائة من احتياطي البنوك المركزية و85 في المائة من التداول في سوق العملات الدولية. ومن ثم فإن تغيرات أسعار الفائدة على الدولار ستستمر في تأثيراتها المعتادة على أسعار الفائدة للعملات الرئيسية وكذلك أسعار الصرف والتدفقات المالية خاصةً قصيرة الأجل.
وفي ظل تزايد دور الدولة يلزم حسن توجيه إنفاقها العام، فكلما كان هذا الإنفاق في «مهمة موجهة» وفقاً للاقتصادية الإيطالية – الأميركية ماريانا مازوكاتو أصبح الأثر تكافلياً ومسانداً لنمو اقتصادي أكثر شمولاً وأعلى في قيمته المضافة طويلة المدى. وقد يكون هذا الإنفاق مكثفاً للبحث والتطوير في مجالات الأبحاث الطبية والتكنولوجية أو في جهود السيطرة على الانبعاثات الضارة بالمناخ. أما إذا كان الإنفاق العام مزاحماً للقطاع الخاص مقيداً لحركة السوق مشوهاً للمنافسة فسيتجاوز ضرره نفعه، ولو بعد حين.
ويتطلب توسع الدولة في إنفاقها العام مراجعة لهيكل إيراداتها خاصةً من الضرائب. فنجد، على سبيل المثال، الإدارة الأميركية الجديدة وهي تتوسع في الإنفاق العام تراجع معدلات الضرائب على أرباح الشركات فتزيدها من 21 في المائة إلى 28 في المائة، وتتخذ إجراءات لتفعيل تحصيل الضرائب، وتقترح حداً أدنى للضرائب على الشركات دولية النشاط لا يقل عن 21 في المائة عبر الحدود بما يستلزمه ذلك من اتفاقات وتنسيق دولي، كما تنظر في تغييرات في الضرائب على الأرباح الرأسمالية، بما قد يحقق في مجمله زيادة في الإيرادات الضريبية تغطي جانباً من الإنفاق المستجد وتسهم في إعادة توزيع الدخول.
من ناحية أخرى تجد تغييراً مهماً في شكل العملات لن تستقيم إدارة السياسة الاقتصادية إلا بإدراك تبعاتها على الاقتصاد والاستقرار النقدي. فقد تنامى الإقبال على الأصول المشفرة وفقاً لخوارزميات مركبة مثل البيتكوين، ولكن لا يمكن اعتبارها من العملات بحال فهي شديدة التقلب لا يمكن الاعتماد عليها كمخزن للقيمة أو وسيط مقبول ذي قوة إبراء واسع النطاق. ولكنها أتت حاملة مزايا تفهم تطور المجتمعات والتقدم في تطبيقات الرقمنة وتكنولوجيا المعلومات. كما أنها تستفيد من خصائص اللامركزية بين أطراف المعاملات دون وسيط أو تكلفة معاملات، بتأمين نظام «سلسلة الكتل» وقاعدة بياناته الموزعة دون تحكم من مركز واحد. وقد حاولت ابتكارات من نوع العملات المستقرة التي تستخدم تكنولوجيا الأصول المشفرة ولكنها تحاول الحفاظ على استقرارها وتحجيم تقلباتها بربطها بأصول حقيقية ذات قيمة مادية مثل النفط والذهب أو عملات دولية مثل الدولار واليورو، ومن أمثلة هذه العملات المستقرة «ليبرا» التي طورتها شركة فيسبوك مع شركاء لها وواجهت صعوبة في الحصول على الموافقات اللازمة وما زالت تحاول الحصول على الموافقات المطلوبة من خلال الشكل المعدل لها المعروف بوحدة «دايم» استناداً إلى قوة منصتها التي تضم 2.5 مليار مشترك حول العالم بدعوى تعزيز الشمول المالي. ويستلزم تفعيل العملات المستقرة موافقة صريحة من البنوك المركزية التي سترتبط بها هذه العملات وهو ما زال يواجه صعوبات.
المجال الأكثر احتمالاً للتطور هو «العملات الرقمية للبنوك المركزية»، ومن خلالها ستكون للبنوك المركزية صيغة إلكترونية لعملاتها التي يمكن أن يستخدمها عموم الناس مباشرة دون وسيط مصرفي لإجراء المدفوعات وتسوية المعاملات من خلال محفظة أو تطبيق إلكتروني وبهذا تكون قد استفادت البنوك المركزية من المستجدات التكنولوجية التي تتميز بها الأصول المشفرة والعملات المستقرة مع قوة الإبراء والسند السيادي الذي تتمتع به البنوك المركزية. فلم تكن البنوك المركزية لتفرط في احتكار ريع الإصدار النقدي لعملتها، أو تزيد من تعقيدات إدارتها للسياسة النقدية، ولكن الإجراءات القانونية والتطوير المؤسسي اللازم لتفعيل العملات الرقمية للبنوك المركزية يستغرق زمناً قدره البنك المركزي السويدي، المتقدم في هذا المجال، بخمس سنوات، هذا وإن قامت بالفعل البهاما بإصدارها الأول تحت مسمى «ساند دولار» ولكنه لاقتصاد صغير الحجم والتأثير. ووفقاً لمسح قام به بنك التسويات الدولية فهناك 60 في المائة من البنوك المركزية بصدد إصدار عملاتها الرقمية و14 في المائة منها في مرحلة الاختبارات التجريبية ويترقب المتعاملون ما قد يسفر عن إحراز اليوان الصيني سبقاً في هذا المضمار؛ وعندئذ ستتغير قواعد اللعبة في السوق النقدية الدولية وليس فقط في أدوار اللاعبين الرئيسيين.

د. محمود محي الدين

 

الذهب يتراجع بفعل صعود الدولار وعوائد السندات قبيل صدور بيانات التضخم الأميركية

تراجعت أسعار الذهب الجمعة 28 مايو، إذ ارتفع الدولار وعوائد سندات الخزانة الأميركية، فيما يترقب المستثمرون صدور بيانات الاستهلاك الشخصي في الولايات المتحدة في وقت لاحق من اليوم لاستقاء مؤشرات على الضغوط التضخمية.

وبحلول الساعة 05:35 بتوقيت غرينتش، هبط الذهب في المعاملات الفورية 0.2% إلى 1891.45 دولار للأونصة. وربح المعدن حوالي 0.6% منذ بداية الأسبوع، ويتجه لتسجيل رابع مكاسبه الأسبوعية على التوالي. ونزلت عقود الذهب الأميركية الآجلة 0.3% إلى 1891.60 دولار.

هذا وارتفع مؤشر الدولار 0.1%، في حين تقدمت عوائد سندات الخزانة الأميركية القياسية لأجل عشر سنوات إلى 1.617%، وهو ما تترجم إلى زيادة تكلفة فرصة حيازة الذهب الذي لا يدر عائدا.

غير أن تركيز المستثمرين ينصب على تقرير الاستهلاك الشخصي الأميركي المقرر صدوره في وقت لاحق من اليوم.

وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، انخفضت الفضة 0.8% إلى 27.64 دولار للأونصة، وهبط البلاتين 0.3% إلى 1175.44 دولار. وارتفع البلاديوم 0.3% إلى 2814.36 دولار، إذ صعدت الأسعار بعدما توقعت شركة نورنيكل الروسية عجزا أكبر في 2021.

متابعة قراءة الذهب يتراجع بفعل صعود الدولار وعوائد السندات قبيل صدور بيانات التضخم الأميركية