الحروبُ التجارية ليست جديدة على العالم، وفي أغلبها حمائية الطابع، بهدف تحقيق أفضلية اقتصادية.بمعنى، أن الدول بغرض حماية منتجاتها وصناعاتها المحلية، وأسواقها الداخلية، وضمان مواطن عمل للقوى العاملة، تعلن حرباً على السلع المستوردة، عبر فرض رسوم جمركية عالية.وعلى سبيل المثال لا الحصر، لعلنا ما زلنا نذكر ما قام به الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، خلال فترة حكمه، من إجراءات حمائية تمثلت في فرض رسوم جمركية عالية، ضد السلع والبضائع المستوردة من الصين ومن دول الاتحاد الأوروبي، مما أدّى بتلك الدول إلى اتخاذ إجراءات مماثلة.الإجراءات الحمائية، تتسم بكونها مؤقتة، ولفترات محدودة، وعادة بقصد خدمة أغراض سياسية، يأتي في مقدمتها سعي القيادة السياسية إلى إرضاء فئات معينة في المجتمع، لضمان أصواتهم في الانتخابات.
أحياناً، تلجأ الدول إلى محاولة إلحاق الضرر بدولة أخرى، باتخاذ إجراءات تقلص من نسبة ما كانت تستورده منها من بضائع وسلع، أو تمنعها كلية.الهدف في هذه الحالة يكون بغرض مفاقمة الضغوط على تلك الدولة، لقاء الحصول على منافع سياسية أو اقتصادية أو كلتيهما.
في بعض الحالات، تسعى الدول إلى حظر ما تصدّره من منتجات استراتيجية إلى دولة أو دول معينة.وعادة ما يكون الهدف، في هذه الحالة، استراتيجيا أمنيا في المقام الأول.وهو الحفاظ على أفضليتها الأمنية.ويستتبع ذلك، تحمّل خزينة الدولة لكل الخسائر المالية التي تلحق بالمؤسسات والشركات المصنّعة لتلك السلع الاستراتيجية، لقاء توقفها عن التصدير.في هذا السياق، تتحولُ التجارة سلاحاً في حرب معلنة.وفي هذا السياق، أيضاً، يمكننا موضعة وقراءة ما أصدره الرئيس الأميركي جو بايدن من قرارات، في نهاية الأسبوع الأول من شهر أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، تتعلق بوضع ضوابط رقابية شديدة على تصدير منتجات التقنية العالية الأميركية إلى الصين، في محاولة لمنع الصين من تحقيق طموحها في أن تكون دولة عظمى.وعلى رأسها وأهمها الرقائق الإلكترونية (Semiconductors-Chips) الضرورية في العديد من الصناعات المدنية والعسكرية عالية التقنية.
الصين لن تقف مكتوفة اليدين أمام هذه الخطوة العدائية الأميركية، من دون اللجوء إلى إجراء مماثل في القوة ومخالف في الاتجاه، بمنع تصدير مواد خام ضرورية لعدد من الصناعات التقنية المهمة.المراقبون الغربيون يتفقون على أن قرارات الرئيس بايدن بمثابة إعلان حرب على الصين، وأطلقوا عليها اسم حرب الرقائق الإلكترونية.
أهمية الرقائق الإلكترونية بدت أكثر وضوحاً في أزمة توقف الإنتاج في مصانع السيارات الأوروبية، بعد رفع حالة الإغلاق العام في أزمة انتشار الوباء الفيروسي، والسبب أن السيارات الحديثة تعتمد في تقنيتها على الرقائق الإلكترونية، ونقص مخزونها من تلك الرقائق بسبب محنة الوباء الفيروسي، أدى إلى إرباك المصانع، وتوقف خطوط الإنتاج بها.
هذا التوجه الأميركي مؤخراً ليس اقتصادي الطابع، بل، يؤكد الخبراء، استراتيجي أمني.وهو دائم وليس مؤقتاً.قرارات الرئيس بايدن تؤكد كذلك على عودة المئات من المواطنين الأميركيين وحملة البطاقات الخضراء العاملين في صناعة الرقائق الإلكترونية في الصين.من المهم الإشارة هنا إلى أن الصين وضعت خطة وبدأت تنفيذها لتحقيق الاكتفاء الذاتي اقتصادياً من الرقائق الإلكترونية، واستعانت في ذلك بأعداد كبيرة من مهندسي التقنية في أميركا وأوروبا.
وتساءل المعلقون الغربيون عن الأسباب التي دفعت الرئيس الأميركي بايدن إلى اللجوء إلى هذا الإجراء الأحادي، ومن دون السعي إلى الاستعانة بالحلفاء الأوروبيين. ويقولون إن الحكمة تقتضي أنك إذا قررت الدخول في حرب فمن الأفضل ألا تذهب إليها وحيداً. ويوضحون أن الخطوة الأميركية هذه تقطع بالقوة الصلات بين القطاع التقني الأميركي ونظيره الصيني.
الجدير بالذكر، أن واشنطن حاولت إقناع الحلفاء الأوروبيين بضرورة التنسيق فيما بينها لوضع ضوابط رقابية على تصدير التقنية إلى الصين، شبيهة بسياسة فرض العقوبات على روسيا. إلا أن الأوروبيين يرون أن تلك الضوابط الرقابية يجب تطبيقها على المنتجات، وليس على النحو الموسع الذي اتخذته واشنطن.
المراقبون الغربيون يرون أن سد المنافذ أمام الصين ومنعها من الحصول على ما تحتاجه صناعاتها من تقنية، وخاصة تطوير صناعة الرقائق الإلكترونية محلياً، وعلى مسافة أقل من 100 ميل من تايوان، التي تعد أكبر مركز في صناعة الرقائق، سوف يجعل من تايوان هدفاً عسكرياً للصين أكثر من ذي قبل، ويسرّع في عملية اجتياحها. ويستشهدون بما حدث في عام 1940 عندما حظر الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت تصدير النفط والحديد الصلب إلى اليابان لمنعها من تطوير صناعاتها العسكرية. وكان رد الفعل الياباني التحرك سريعاً واحتلال الدول التي يتوفر بها النفط والحديد.
الأرشيف اليومي: 05/11/2022
مصرف لبنان ومراحل من الاحتياطي السلبي بالـــدولار… إقتصاد لبنان لم يبدأ عام 1993!
من المستغرب أن تشهد معظم النقاشات الاقتصادية الاعلامية وكثير من الكتابات، تركيزاً حصرياً على فترة ما بعد عام 1993، وربما يعود ذلك إلى سهولة إيجاد المعلومات والأرقام لهذه الفترة، بعد تسلّم الرئيس الشهيد رفيق الحريري السلطة التنفيذية وإعادة انتظام عمل المالية العامة ونشر الإحصاءات في وزارة المال ومصرف لبنان المركزي. إلّا أنّ اقتصاد لبنان لم يبدأ عام 1993، والاختلالات في موازين المالية العامة وبيانات المصرف المركزي ومنها الاحتياطي من العملات الأجنبية، لم تطلق صفارات الإنذار فقط بدءاً بالعام 2005، ولو أنّ كارثية ميزان المدفوعات منذ العام 2011 لا مثيل لها حتى خلال سنوات الحرب. لكن معظم ما نعانيه حتى اليوم من نقص في الأرقام وشح في التقارير يعود تحديداً إلى المراحل السابقة… أحد أبرز المؤشرات التي تشكّل مصدر قلق نقدي اليوم، يكمن في مستوى الاحتياط الصافي من العملات الأجنبية لدى المصرف المركزي، وهو الذي عرف مستويات سلبية (أي تحت الصفر) في مراحل سابقة، لا بدّ من التوقّف عندها وتسليط الضوء على الخيارات التي اتُخِذت حينها وتبيان الدروس المستخلصة للوضع الحالي…
خلافاً لكل مفاعيل الصدمة التي يعبّر عنها البعض اليوم حيال وضع احتياطي المصرف المركزي من العملات الأجنبية خصوصاً بعد اضطراره إلى خفض معدل الاحتياطي الالزامي على الودائع بالعملات الأجنبية من 15 % الى 14 %، ومع ذلك إعلانه فقط عن الاحتياطات الاجمالية بالدولار المتبقية لديه، من دون التطرّق الى الاحتياطات الصافية كونه لم يعد لديه سوى ما تبقّى من احتياط إلزامي على الودائع (من دون أي إضافات صافية)، من الجدير ذكره أننا شهدنا سابقاً مراحل بهذه الصعوبة من دون الإعلان والترويج الكارثي لمعانيها نظراً لاستفادة لبنان في المراحل السابقة من كونه «مُحتضنا» بمظلة عربية ودولية داعمة…
أكد صندوق النقد الدولي، في تقريره الخاص بلبنان عام 2002، تدهور الاحتياطات الأجنبية الصافية لمصرف لبنان وخصوصا صافي الاحتياطيات الأجنبية التي أصبحت سلبية لأول مرة في تاريخ لبنان. فماذا تعني الاحتياطات الصافية؟ إنها الاحتياطات بالعملات الأجنبية من دون احتساب الاحتياطي الالزامي والحر الذي يعود للمصارف التجارية لدى المصرف المركزي (وهو طبعاً جزء من الودائع).
وأوضح تقرير صندوق النقد الدولي أنه «في أيلول 2001، وفي محاولة لدعم احتياطاته الإجمالية، أدخل مصرف لبنان معدلات احتياطي إلزامي على الودائع بالعملات الأجنبية، تم تحديده بنسبة 10 % خلال الربع الأخير من عام 2001، وبنسبة 15 % اعتبارًا من 1 كانون الثاني 2002. ومع ذلك، في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2002، تعرضت احتياطات النقد الأجنبي لمصرف لبنان لضغط مكثف لأنّ M3 كان في حالة تراجع…
وبقيت المصارف التجارية معرّضة بشدة للديون الحكومية واستمرت القروض المتعثرة في الزيادة. القطاع المصرفي اللبناني عبارة عن ودائع مصرفية كبيرة جدا (بما في ذلك الودائع لغير المقيمين) كانت تساوي نحو 240 % من الناتج المحلي الإجمالي – ومُعتمدة على الدولار بمقدار كبير، مع دولرة 72 % من إجمالي الودائع و83 % من الائتمان المقدّم للقطاع الخاص. وأصبحت المصارف التجارية في لبنان تحمل 56 % من إجمالي الدين الحكومي بتوجيهات مباشرة فرضت ذلك عليها بمرحلة اولى، وهو ما يمثّل نحو ثلث إجمالي أصول المصارف وكان يشكل دخل الفوائد المصاحب نحو 40 % من إجمالي دخل المصارف التجارية. بين عامي 1993 و2001، اعتمدت الحكومة اللبنانية في البداية على الاقتراض الكبير من السوق المحلية، وشكّلت الديون بالليرة اللبنانية نحو 81.3 % من إجمالي الدين. وقد تمّ إجبار المصارف على الاكتتاب بسندات الخزينة حتى 60 % من التزاماتها بالليرة اللبنانية، وخُفّض المعدل إلى 40 % في عام 1994 ثم أُلغي في عام 1997.
من عام 2002 إلى عام 2008، تصاعدت حصّة الديون بالعملات الأجنبية مع بدء مؤتمر باريس الذي عُقد في شباط 2001، فشكّل متوسّط الديون بالعملات الأجنبية 49.1 % من إجمالي الدين من 2002 إلى 2008. وعاوَد الدين بالليرة اللبنانية النمو ليشكّل من 2010 إلى 2018 متوسّط 60.25 % من مجموع الدين.
وبلغت عائدات الدين بالعملة المحلية، خصوصاً على سندات الخزينة عن عام وعامين، مستويات عالية تخطّت 30 % في التسعينات. واشترك اللاعبون المحليون بشكل رئيسي في الديون بالعملة المحلية على أساس عائد مرتفع لتعويض المخاطر العالية. على هذا النحو، تأثرت عائدات سندات الخزينة اللبنانية لعامين، التي احتفظت المصارف المحلية بمعظمها بعائد 33.6 % في آب وأيلول 1992، قبل أن ينخفض تدريجاً الى حدود 7.1 % مطلع العام 2019.
علماً أنّه بدءاً من العام 2016 أصبح الاتجاه الى خفض خدمة الدين العام باعتماد سياسات نقدية غير تقليدية عُرفت بـ»الهندسات المالية» بالتوافق بين وزارة المال والمصرف المركزي والمصارف اللبنانية، بغية استبدال تدريجي لجزء من الدين بالليرة بدين بالدولار (يوروبوند)، كون الفوائد على اليوروبوند أقل من الفوائد على سندات الخزينة بالليرة اللبنانية نظراً لفارق عامل المخاطرة بين العملتين.
وكانت مختلف التوترات السياسية تضغط على مناخ الثقة للاستثمار وتدهور تصنيف لبنان السيادي لدى مؤسسات التصنيف «فيتش»، «موديز» و»ستاندرد أند بورز»، مما يؤدي الى رفع الفوائد لتعويض المخاطر.. اليوم قارَب مجموع الدين العام الـ100 مليار دولار وفق الأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة المال، إنما فعلياً فقط أقل من ثلثه بالدولار الأميركي والمتبقّي هو بالليرة، وقد تدنت قيمته كثيراً إذا تمّ تقويمه على أساس سعر الدولار في السوق.
أما تحميل المصرف المركزي عبء العجوزات المالية فإنه أيضاً لم يبدأ لا حالياً ولا عام 1993 بل كذلك الأمر منذ سنوات الحرب وعن طريق الفرض لا المشورة وضَربَ بعرض الحائط إستقلالية المصرف المركزي وكل بنود قانون النقد والتسليف التي تحول دون استسهال تمويل مصرف لبنان للعجز المالي..
بين عام 1962 وحتى عام 1975، عندما بدأت الحرب في لبنان، كانت كل الموازنات تعاني من عجز، باستثناء موازنات الأعوام 1971 و 1972 و 1974 عشية اندلاع حرب 1975. أول غياب لقطع حسابات الموازنات العامة وحسابات المهمّة (حسابات الخزينة) كان بين عام 1979 وعام 1993. وحديثاً تكرّر الأمر بوقف قطع الحسابات المستمر منذ عام 2004 وحتى عام 2020.
وتميّزت حقبة 1983- 1984 بتنامي عجزين: عجز المالية العامة وعجز ميزان المدفوعات. أما الاقتراض من المصرف المركزي، فقد أجازته اتفاقية عُقدت بين وزارة المال والمصرف المركزي عام 1977، سمحت للحكومة بأن تحصل على قروض استثنائية، بغية تمويل تسيير أجهزة الدولة، وإعادة الإعمار. وقد رُفع سقف هذه القروض اكثر من مرّة بعد ذلك التاريخ. وكان ذلك يتمّ بموجب مادة في قانون الموازنة تُجيز للحكومة تعديل الاتفاقية المذكورة بمرسوم.
بعد عام 1985، لم تعد الحكومة ترسل مشروع الموازنة إلى مجلس النواب على النحو المنصوص عليه في الدستور. وأقرّ البرلمان إمكانية التصويت على قوانين تسليفات إضافية لموازنة عام 1985، أو اللجوء إلى طلب سلفات خزينة.
وقد فرضت الدولة على المصارف إلزامية الاكتتاب بسندات الخزينة على مواردها من الليرة اللبنانية. وأدّت خاتمة فترة الحرب في عامي 1989 و1990 إلى تفاقم وضع المالية العامة وأدّى انخفاض الإيرادات الضريبية إلى اعتماد الخزينة العامة، بالإضافة إلى الديون، على أرباح مصرف لبنان التي يتمّ تحويلها إليه بموجب قانون النقد والتسليف. وبلغت حصة أرباح مصرف لبنان في تمويل الخزينة نحو 62 % من إيرادات الموازنة عام 1989 و38.5 % من إيرادات الموازنة عام 1990.
وبعد غياب الموازنة لمدة 5 سنوات، اتّسَمت نهاية عام 1990 بإصدار الموازنة العامة. تحسّن وضع المالية العامة نسبياً، لكن استمرار العجز أدّى إلى نمو قوي في الدين العام الداخلي الذي زاد بنسبة 66 % عام 1991 و92 % عام 1992. في نهاية العام 1992 كان مجموع الدين العام الثابت المتوجّب على الخزينة اللبنانية يُعادل نحو 3 مليارات دولار أميركي، منه 327.5 مليون دولار أميركي والباقي بالليرة اللبنانية.
وابتداءً من العام 1993 وحتى العام 2005 انتظَم من جديد العمل المؤسساتي في المالية العامة وعُرفت موازنة العام 2005 بـ»الموازنة الإصلاحية»، وترافقت مع آخر قطع حساب عن العام 2004، قبل أن يتوقّف صدور قطوعات الحسابات مجدداً ويستمر غيابه الى اليوم! لا بل توقّف أيضاً إقرار الموازنات المالية من العام 2005 حتى العام 2016، قبل أن يُعاود صدور الموازنات عام 2017 ولكن من دون قطع حسابات.
عام 2011 كان عام انقلاب كل المؤشرات الاقتصادية في لبنان، تزامن مع انقلاب مناخ الاستقرار السياسي، تبدّل مسار مؤشر الدين العام/الناتج المحلي ليعاود الارتفاع بعد سنوات من الانخفاض المتتالي، وكان قطاع الكهرباء يُراكم سلفات بالدولار الأميركي وفوائد عليها تخطّت 18 مليار دولار حتى العام 2011 مما رفع الدين بالدولار الى أكثر من 21 مليار دولار. واستمرت الكهرباء في تسجيل عجز مالي سنوي بنحو ملياري دولار وتتراكَم عليها الفوائد حتى باتت تفوق الـ43 مليار دولار ولو كان معظم هذه السلفات بالليرة اللبنانية إلا أنه كان يتم تحويلها تلقائياً من المصرف المركزي الى الدولار الأميركي لتسديد قيمتها بالدولار الأميركي (لا سيما منها مثلاً لاستيراد الفيول وتغطية مدفوعات ومستوردات بالعملات الأجنبية).
من عام 2002 إلى عام 2008، تصاعدت حصّة الديون بالعملات الأجنبية مع بدء مؤتمر باريس الذي عُقد في شباط 2001، فشَكّل متوسّط الديون بالعملات الأجنبية 49.1 % من إجمالي الدين من 2002 إلى 2008. وعاوَد الدين بالليرة اللبنانية النمو ليشكّل من 2010 إلى 2018 متوسّط 60.25 % من مجموع الدين، علماً أنّه بدءاً من العام 2016 أصبح الاتجاه الى خفض خدمة الدين العام باعتماد سياسات نقدية غير تقليدية عُرفت بـ»الهندسات المالية» بالتوافق بين وزارة المال والمصرف المركزي والمصارف اللبنانية، بغية استبدال تدريجي لجزء من الدين بالليرة بدين بالدولار (يوروبوند)، كَون الفوائد على اليوروبوند أقل من الفوائد على سندات الخزينة بالليرة اللبنانية نظراً لفارق عامل المخاطرة بين العملتين.
اليوم لم يعد الاحتياطي بالعملات الأجنبية الاجمالي (وليس الصافي) لدى مصرف لبنان يتخطى منتصف تشرين الأول لعام 2022 حدود الـ10 مليارات دولار، طبعاً عند تنقيص محفظة اليوروبوند اللبنانيّة التي يحملها مصرف لبنان، والبالغة قيمتها 5.03 مليارات دولار والتي أعلنت الدولة الللبنانية العجز عن سدادها منذ آذار 2020. مسار الاحتياطي بالعملات الأجنبية لدى مصرف لبنان لا يحدده المصرف المركزي وحده بل مجمل متطلبات الاقتصاد التي يَتشارك بتحمّل مسؤولياتها مجمل السلطات الى حين، وعلى أمل استعادة إستقلالية السياسة النقدية خصوصاً إزاء السياسة المالية للدولة اللبنانية…