الأرشيف اليومي: 19/03/2023
بتكوين تقفز 5.19% إلى 28380 دولارا
ما التالي بالنسبة لسعر البيتكوين | 30 ألف دولار أم 22 ألف دولار؟
UBS يوافق على شراء كريدي سويس بأكثر من ملياري دولار
البنوك الأميركية تقترض مبلغًا قياسيًا من برنامج الإقراض الفدرالي لمواجهة الأزمات
«إقتصادات» العالم تتجه نحو الـ Stagflation
في ظل مشاكلنا المتزايدة في لبنان، وصراعنا اليومي كي نبقى على قيد الحياة، وتركيزنا المضاعف على أزماتنا المتراكمة الإقتصادية والإجتماعية والمالية والنقدية، من المهم ألاّ نغضّ النظر عن الأزمات الدولية، وبالأخص إعادة هيكلة كل اقتصادات العالم، والتغيّرات الجذرية، وأيضاً المعضلات حيال التضخم المفرط الحاصل بالتوازي مع ركود وانكماش الذي يجرّنا على الطريق الشائك نحو الـ Stagflation.
لم تكد الإقتصادات الدولية تبلسم جروحها التي سبّبتها جائحة كورونا بعد سنتين من تجميد كل عقارب النمو والتبادل التجاري الدولي، حتى فوجئت أوروبا والعالم ككل بالحرب الروسية – الأوكرانية، وأبعادها الدولية ونتائجها ليس بالأضرار البشرية والتخريبية فحسب، لكن أيضاً بالتضخم الدولي والركود الناتج عنه.
إن هذا التضخم أدّى مباشرة إلى ارتفاعٍ مخيف في سعر صرف الدولار الأميركي والضغوط على كل البلدان التي تتعامل بالعملة الخضراء. وقد أدّى إرتفاع سعر الصرف هذا، إلى التضخم في هذه البلدان مصحوباً بركود وانكماش.
من جهة أخرى، إن هذه الحرب أدت أيضاً إلى التوصل نحو آفاق دراماتيكية في كل أسعار الموارد الطبيعية، لا سيما النفطية والغازية، وأيضاً الموارد الزراعية ومشتقاتها، مما ساهم في ارتفاع التضخم أكثر في كل بلدان العالم.
هذا التضخّم المفرط الذي أصبح مستداماً ومتزايداً أدى إلى زيادة مباشرة وغير مباشرة في سائر تكاليف الإنتاج والتصدير والتخزين، والذي أدى بدوره إلى إرتفاع أسعار وثمن المبيع، وانعكس أيضاً ارتفاعاً في الكلفة المعيشية وكل تكاليف الحاجات الأساسية لا سيما الطعام والشراب لكل شعوب العالم.
من جهة أخرى، إنّ هذا التضخم أدى مباشرة إلى إرتفاع الفوائد المصرفية التي أدت إلى انخفاض الإستثمارات وانكماش وجمود أكبر دولياً. ومن بعض نتائج هذه الـ Stagflation إرتفاع 27 % من الإفلاسات في الشركات في أوروبا وحدها.
فهذا يعني أن التوترات الدولية الراهنة ستواصل دفع التضخم إلى قمم أعلى، في ظل انكماش وركود متواصل، ولبنان الذي أصبح مدولراً بامتياز ومتّكلاً أكثر فأكثر على العملة الخضراء سيواجه مشكلة إقتصادية دولية جديدة، ستضاف الى أزماتنا الإقتصادية والمالية والنقدية الكارثية.
أما الركود والإنكماش المتزامن مع هذا التضخم فسيوثران مباشرة على المغتربين اللبنانيين، وتدفقاتهم المالية، التي تقترب من 40% – 50% من الناتج المحلي الراهن.
في الخلاصة، لا شك في أن أزماتنا الداخلية تتزايد يوماً بعد يوم، لكن علينا أن يتكوّن لدينا رؤية إقتصادية، كلية وشاملة وماكرو-إقتصادية لرسم خطط واستراتيجيات لمواجهة هذه الأزمات الداخلية، الإقليمية والدولية، على المدى القصير والمتوسط والبعيد. العالم متجه نحو الـ Stagflation بينما لبنان يتابع إستراتيجيته التخريبية الداخلية، والتدمير الذاتي.
د. فؤاد زمكحل
مجموعة “UBS” تعرض الاستحواذ على “Credit Suisse” بمبلغ يصل إلى مليار دولار
قصة استيلاء الدولة على الودائع خلال 12 عاماً
بعد أكثر من ثلاث سنوات على بدء الانهيار المالي والاقتصادي، بات هناك قناعة مكوّنة من شقين: أولاً، انّ الاطراف الثلاثة المسؤولة عن الأزمة هي الدولة، مصرف لبنان والمصارف. وثانياً، انه اذا لم تشارك الدولة في تسديد ديونها، أو جزء منها، فإنّ مصير الودائع لن يكون واعداً.
في توزيع المسؤوليات، لا يزال هناك خلاف على التراتبية بين الاطراف الثلاثة، بمعنى ان البعض يعتبر ان المصارف مسؤولة أولاً، ومن ثم مصرف لبنان واخيراً الدولة. في حين يعكس آخرون هذه التراتبية، ويضع الدولة على رأس قائمة المسؤولية وبعدها المركزي ومن ثم المصارف. وفي موضوع تسديد الدولة لديونها، هناك وجهات نظر متضاربة، اذ يعتبر البعض انّ المسؤول ليس مَن اقترض وأنفَق، بل مَن وافق على الاقراض.
في النتيجة، تبدو المواجهة اليوم أبعد من مسألة تتعلق بالتشريعات ووحدة المعايير في القضاء، لتصل الى عمق الأزمة، أي الى الخاتمة التي ستنتهي إليها هذه الأزمة. وفي هذا السياق، تبرز نية السلطة في التنصّل من اية مسؤولية، بذريعة عدم القدرة على تنفيذ أية خطة إنقاذية، اذا لم يتم شطب ديونها، والبدء على بياض.
من هنا، ستكون المواجهة قاسية بين السلطة والمصارف، في حين انّ بعض جمعيات المودعين، ولأسباب غير مُقنعة، لا تتدخل في هذه المعركة الحاسمة، مع انّ نتيجتها ستقرّر مصير أموال المودعين. وما يؤكد على قساوة المواجهة، مضمون الدعوى التي تقدمت بها جمعية المصارف اللبنانية الى مجلس شورى الدولة لِوقف تنفيذ البند 3 من قرار مجلس الوزراء تاريخ 20/05/2022. والقرار المُستهدف بالدعوى يتناول ما أطلقت عليه الحكومة في جلستها الاخيرة قبل ان تتحول الى حكومة تصريف اعمال، تسمية «خطة الحكومة للتعافي المالي والاقتصادي»، وضَمّنتها وثيقة بعنوان «استراتيجية النهوض بالقطاع المالي» قضت في البند الثالث منها بـ»إلغاء جزء كبير من التزامات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية تجاه المصارف اللبنانية لخفض العجز في رأس مال المصرف المركزي».
وفي قراءة مضمون الشكوى التي تقدمت بها المصارف، هناك اتهام واضح للسلطة بمصادرة اموال المودعين ومحاولة تملّكها بالقوة، من خلال إصدار قرارات وزارية، كما هي حال القرار الصادر في 20 ايار 2022. وتصف المصارف في احد بنود الادّعاء، ما جرى على الشكل التالي: «بعد قيام الدولة اللبنانية بمصادرة ودائع المصارف لدى مصرف لبنان والتصرّف بها وتَملّكها ما بين 2010 و2021 من دون الإعلان عن ذلك في حينه، وبالتالي فإنّ القرار المَشكو منه لا يتعلق بعمل مستقبلي تنوي الحكومة القيام به، بمعنى أن القرار لا يعبّر عن رغبة الدولة اللبنانية في المستقبل بالاستدانة من مصرف لبنان بما يوازي الودائع الخاصة لديه وتملّكها نهائياً، بل انّ القرار المشكو منه هو قرار استلحاقي أتى لإعلان a posteriori وبمفعول رجعي أن تملّك الودائع الذي نفذته الدولة اللبنانية وانتهت من تنفيذه من دون أن تسميه في حينه كذلك، أصبح بموجب القرار تملكاً نهائياً».
وتستعين المصارف بكلام حاكم مصرف لبنان، والذي كشف فيه «انّ الدولة استدانت من مصرف لبنان ما بين العام 2010 والعام 2021 مبلغ 62 مليار دولار، وأنّ هذا المبلغ مساوٍ لديون مصرف لبنان تجاه المصارف اللبنانية من جهة، وموجودات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية من جهة أخرى. وبالتالي، مساوٍ لأموال المودعين لدى المصارف اللبنانية».
وهكذا تكون الدولة قد قررت، وبمفعول رجعي، الاستيلاء على اموال المودعين، بقرار يكرّس استيلائها ومصادرتها لأموالهم. وبذلك تحاول الدولة جَعل المودعين يحلّون مكانها في دفع الخسائر، «عبر تحويل المبالغ التي استدانتها الدولة وأنفقتها من ودائع المودعين من دين إلى ملكية نهائية».
هذه باختصار الروحية التي بَنت عليها المصارف مضمون الدعوى ضد الدولة اللبنانية. وهي تُظهر، بما لا يقبل الشك، في انّ المواجهة المثلّثة الأضلع، بين الدولة ومصرفها المركزي، والمصارف والمودعين ستكون مُحتدمة في المرحلة المقبلة. خصوصاً ان المشكلة ستبرز ايضاً على مستوى تحديد المسؤولية في موافقة المركزي على إقراض الدولة، وهل ان بنود قانون النقد والتسليف تغطي هذا الامر؟
يبقى انّ هذه الاشكالية ترتبط بديون أخذتها الدولة ولا تريد تسديدها، وتبيَّن انها اموال المودعين. ولكن السؤال الآخر المطروح، كيف سيتم التعاطي مع 20 الى 24 مليار دولار تمّ إنفاقها من اموال المودعين ايضاً، منذ اندلاع الأزمة، من خلال ما عُرف بسياسة الدعم؟ هل يمكن اعتبار هذه الاموال بمثابة ديون ام مجرد قرار بمصادرة اموال الناس، بذريعة انّ الضرورات تبيح المحظورات؟
التعقيدات كثيرة ومتشعّبة، لكن المعالجات العقلانية، وبصرف النظر عمّا يقوله القانون، تبدأ بمقاربة واقعية تسمح بالوصول الى نتائج مقبولة لكل الاطراف المعنية بالأزمة، وكل ما عَدا ذلك أشبَه بفقاقيع لملء الوقت الضائع، وزيادة الانهيار عمقاً وضرراً.
انطوان فرح