هل تطغى المؤثرات السلبية على تداولات الأسهم الأميركية؟

كانت المؤشرات الأميركية النجوم الإيجابية في سماء الأسواق المالية هذا العام، فقد ارتفع مؤشر S&P500 بحوالي 14% في عام 2023. لكن الأسواق الأميركية تتطلع إلى الشهر الحالي أغسطس والشهر القادم سبتمبر على أنهم الأسوء أداءً تاريخياً للمؤشرات الأميركية بسبب الإجازات وانخفاض السيولة، كما أن المخاوف المتزايدة من العدوى الصينية لا زالت تحوم في الأفق، وأن ضعف البنوك الأميركية لا يزال يثير الفزع في وول ستريت، كما أن المستثمرين اليابانين في الأسواق الأميركية قد يجدوا أسواق السندات اليابانية جاذب بعض الشيء.

انخفض مؤشر ناسداك بنسبة 7.7% في أغسطس، وانخفض مؤشر S&P500 بنسبة 5% تقريبًا هذا الشهر.

ولم يكن مؤشر داو جونز أفضل حالاً، فقد انخفض المؤشر بنسبة 3%، وأغلق يوم الجمعة المنصرم أدنى من المتوسط المتحرك 50 يوم، وهو المستوى الرئيسي الذي يعتبره المستثمرون على أنها إشارة هبوطية. إن الأسهم الأميركية قد سجلت 3 جلسات أسبوعية سلبية متتالية وهي أطول سلسلة تداول سلبية منذ فبراير.

ومؤشر الخوف والطمع والذي يعتبر وسيلة لقياس تحركات سوق الأسهم ومزاج الأسواق وما إذا كانت الأسهم مسعرة بشكل عادل، حيث تستند النظرية إلى المنطق القائل بأن الخوف المفرط يميل إلى خفض أسعار الأسهم، ويميل الجشع المفرط إلى إحداث تأثير معاكس، ذلك المؤشر أظهرعلامات الخوف يوم الجمعة للمرة الأولى منذ مارس، كتغيير كبير عما كان عليه قبل شهر واحد فقط عندما كان المؤشر في منطقة “الجشع الشديد”.

هناك بعض الإشارات بأن الأسواق الأمريكية قد تتعرض لبعض المؤثرات السلبية كالتالي:

عدوى الاقتصاد الصيني

إن الاقتصاد المتدهور في الصين قد يحمل أخبار سيئة للأسهم الأميركية من ناحية ارتباط الأسواق بمشاعر المستثمرون في الأسواق، فالمشاعر السلبية قد تنتقل من الأسواق الصينية إلى الأسواق الأمريكية جراء عدوى المشاعر.

فتباطأ الإنفاق الاستهلاكي الصيني وإنتاج المصانع والاستثمار في الأصول طويلة الأجل “مثل الممتلكات أو الآلات أو غيرها من السلع” في يوليو وفقًا لمكتب الإحصاء الوطني في البلاد.

كما سجلت بطالة الشباب في ثاني أكبر اقتصاد في العالم ارتفاعات قياسية مرارًا وتكرارًا، وقررت بكين تعليق إصدار بيانات بطالة الشباب الشهرية تمامًا.

كما أن أزمة العقارات والديون المستمرة جعلت بعض المستثمرين يخشون من احتمال حدوث لحظة “شبيهة ببنك ليمان” بالنسبة للصين. إيفرجراند من جهة وكنتري غاردن من جهة آخرى، أثرت على ثقل أسواق العقارات التي تشكل جزء كبير من الناتج المحلي الإجمالي الصيني.

بيما لا يُخفى أن التوترات بين الولايات المتحدة والصين في تصاعد؛ حيث يتصادم أكبر اقتصادين في العالم حول قضايا حول السياسة التجارية والتكنولوجيا.

كان النمو الاقتصادي في الصين محركاً أساسياً للاقتصاد العالمي على مدى معظم العقدين الماضيين، وهذا يعني أنه إذا تباطأ الاقتصاد الصيني، فإن النمو الاقتصادي العالمي قد يتباطأ.

بمعنى أن تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي قد يكون مؤثر كبير على الأسهم الأمريكية بشكل سلبي، بسبب التعرض المباشر لمبيعات الشركات الأمريكية كون الصين مستهلك رئيسي للسلع. ذلك قد يدفع الأسواق للتشكيك في استدامة المرونة الاقتصادية.

الفدرالي الأميركي ومعدل الفائدة

رفع الفدرالي الأميركي معدلات الفائدة بأكثر من 5% خلال العام ونصف العام الماضيين لمحاولة كبح جماح التضخم.

وبدت وول ستريت في الفترة الآخيرة شبه متأكدة من أن الاحتياطي الفيدرالي كان على وشك الانتهاء من دورة رفع أسعار الفائدة، والذي افترض العديد من الاقتصاديين أنه سيُغرق الولايات المتحدة في الركود.

لكن سلسلة من البيانات الاقتصادية القوية تحدت هذه التوقعات. كان الاقتصاد الأمريكي مرنًا، حيث قدّر بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي للربع الثالث بنسبة 5.8%، ولا تزال البطالة منخفضة وإنفاق المستهلك قوي.

بما أن النمو مرتفع والركود ليس على الحدود الاقتصادية والمخاوف من الضغوط التضخمية لايزال في الاقتصاد، فإن مسؤولو الفيدرالي الأمريكي قد يشعرون بأن هناك المساحة للمزيد من رفع الفائدة، وهذا يتوافق تماماً مع محضر الفيدرالي الأمريكي الآخير، أو على الأقل أن التوقعات ارتفعت بأن الاحتياطي الفيدرالي سيُبقي أسعار الفائدة أعلى لفترة أطول.

مستثمرو الأسهم قد يجدون ذلك إشارة سلبية بأن عوائد السندات قد تكون جاذبة لتناقل الأموال من سوق الأسهم إلى أسواق السندات. حيث وصل  العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 30 عامًا إلى أعلى مستوياته منذ 2011 وحققت السندات لأجل 10 سنوات أفضل عائد لها منذ أكتوبر 2022.

البنوك لا تزال في خطر

لا تزال المخاوف من العدوى قائمة حول الأزمة المصرفية الإقليمية في مارس. باع صندوق المستثمر الأمريكي مايكل بيري “المشهور بالبيع على المكشوف” عديد من أسهم البنوك. حيث نفذ عمليات بيع على سهم بنك فيرست ريبابلك بقيمة 150 ألف سهم، بينما لم تسلم البنوك الآخرى من عمليات البيوع مثل ويسترن ألاينس و باك ويست بنك و بنك هانتينغتون من ضمن محفظة ضمنت مراكز بيوعية بقيمة 1.6 مليار دولار ضد سوق الأسهم.

قد تكون البنوك الكبرى أيضًا في حالة ساخنة، فقد انخفضت أسهم البنوك يوم الإثنين المنصرم بعد التقارير التي أفادت بأن وكالة فيتش للتصنيف الائتماني حذرت من تخفيض تصنيف إضافي في الصناعة المصرفية الأمريكية يمكن أن يؤثر على تصنيفات العديد من المقرضين الأمريكيين الكبار.

عديد الإشارات الاقتصادية والنفسية قد تكون مسيطرة على أسواق الأسهم بشكل سلبي، لكن تلك المؤشرات والإشارات قد تتغير مع تغير المعطيات الاقتصادية وصدور البيانات الاقتصادية المحركة للأسواق.

أحمد عزام محلل أسواق المال في مجموعة إكويتي

بورصة انفو: الموقع الرائد لأخبار الذهب ، العملات ، البورصات. مع تحليلات