كورونا لم يفرض على العالم حجرا صحيا فقط، ولكنه يتحول الى كارثة اقتصادية بكل ما للكلمة من معنى. الكورونا الاقتصادي تتم مواجهته من جهة البنوك المركزية بما يشبه الاجراءات الهستيرية، ولكن على ما يبدو حتى الان انها دون جدوى.
تخفيض الفدرالي الاميركي الفائدة الى الصفر في غضون ايام لم يعط النتيجة المأمول منه. ليس بسيطا ان يرد السوق في وول ستريت في اليوم الاول من الاسبوع بتراجعات بين ال 11 وال 13%. هذا ، لا ولن يسمح قريبا بالرهان على ان القعر قد تم بلوغه، وان الارتدادة الشرائية باتت قريبة. كل يد لا زالت مرتجفة حتى اللحظة حيال بدء التموضع من جديد ،واستغلال التراجعات للشراء، وبالرغم من التصريحات الرسمية التي تحاول الطمأنة.
البورصات الاوروبية التي بدأت عملها في اليوم الثاني من الاسبوع على انتعاش تفاؤلي مبشر، عاودت الانحدار وقاربت مقاس عمق يوم الاثنين مهددة بانهيارات حادة جديدة فيما لو تم تجاوزه. الداكس الالماني حقق تراجعا بلغ ال 40% حتى الان. بعد ان لامس ال 14.000 نقطة لامس ال 8200 يوم الاثنين. ثمة نداءات لكبار المستثمرين بان يحترموا دفاع ال 8150/8000 وألّا يعمدوا الى تفجيرها، لان الخطر كبير سيكون اذذاك بان الانهيار سيكون كارثيا ويبلغ ال 4500/4400 نقطة. هل يستجيب السادة المضاربون لهذه النداءات؟ ننتظر ونرى..!
من هذا المنطلق شهدنا وقفا لمضاربات الشورت على الاسهم في بعض البورصات الاوروبية. من هذا المنطلق بدأنا نسمع تعليقا للتداول في بعض البورصات الثانوية في العالم نظرا للعجز عن مواجهة الوضع. هل يطال هذا الإجراء البورصات العالمية الرئيسية؟ ننتظر ونرى..!
وماذا عن الذهب؟ لماذا تراه لم يستفد من حالة الهلع الغير مسبوقة؟
من الواضح جدا ان البيوعات تجري على قدم وساق ،والمتقدمون فيها هم الصناديق التي تكبدت خسائر كبيرة في اسواق الاسهم، فعمدت الى بيع الذهب في هدف استلحاقي للاحتفاظ بالسيولة، وربما معاودة الدخول في السوق عندما تبدو ملامح الانفراج.
ملامح الانفراج قد تظهر ترافقا مع الاعلان عن التوصل الى لقاح للفيروس اللعين هذا. هي لن تحدث بالتأكيد وفقط نتيجة اعلان سادة البنوك المركزية عن تصميمهم على التصدي والدفاع عن الاقتصاد. الاسواق تعلم جيدا ان الحالة غير مسبوقة وان التصدي للحالة الراهنة قد تتطلب جهودا وقرارات موجعة جدا، وقد يطول الامد قبل ان تعطي نتائجها.
وماذا عن تراجع اسعار السكر؟
التراجع بلغ ال 20% وبالطبع ليس السبب بان استهلاك السكر سيتراجع بفعل ازمة الفيروس. انه تراجع اسعار النفط والمنافسة الطارئة على مادة الايثانول اضافة الى تراجع سعر الريال البرازيلي الى مستويات قياسية.
واليورو؟
لن ينجوَ اليورو من الأزمة . فهو وبعد ان استرد عافيته عاود التراجع وعينه على مسار الوضع في أوروبا حيث تتقطع أوصال الدول والمدن ويُفرض عدم التجوال هنا والاغلاق الكامل هناك. الانظار الان على ال 1.10 وصمودها ضرورة حتى يتم احتواء الحالة القائمة.
والدولار؟
الدولار وبالرغم من تمدد الازمة ايضا في الولايات المتحدة يبقى هدفا مفضلا لرؤوس الاموال والطلب عليه مستمر. هو عوّض بعضا من خسائره أمام الين وعزز مكاسبه أمام عملات المخاطرة يوم الثلاثاء خلال جلسة تداولات اتسمت بالتقلب بما يسلط الضوء على هشاشة الثقة في الأسواق. هذا وكانت السيولة شحيحة في السوق، وظل المستثمرون قلقين على الرغم من الخطوات المنسقة التي اتخذتها بنوك مركزية حول العالم لكنها أخفقت بشكل مثير للدهشة في تهدئة المخاوف المتعلقة بتبعات انتشار الفيروس .