“خريطة حل”… والبديل: “الشلل والانحدار الى وضع أسوأ من فنزويلا”!

أكدت مصادر اللجنة النيابية للمال والموازنة لـ”الجمهورية” انّ خطة التعافي مطلوبة شرط ان تُحاكي الوضع الاقتصادي والمالي كما هو، وليس بافتراضات وتخيّلات غير واقعية.

 

واشارت المصادر الى انها سبق وعرضت على الجانب الحكومي مجموعة من الافكار التي من شأنها ان تخفف من وطأة الازمة، وتفتح الآفاق نحو الحلول، وبالتالي وضع لبنان فعلاً على سكة الانقاذ والتعافي. وجاءت هذه الافكار على شكل خريطة طريق تقوم على ما يلي:

 

أولاً، أن تبادر السلطة ولو متأخرة، الى ان تُظهِر للبنانيين وللمجتمع الدولي بأنّ النمط القديم من الأداء قد تغيّر، وان تعتمد الواقعية في مقاربة الازمة وتبتعد عن لغة التحدي.

 

ثانياً، انّ الحلول موجودة، فلبنان ليس دولة مفلسة، بل دولة متعثرة بالنقد والسيولة، والمعيار اليوم كم هو دينها الخارجي وكم تملك من اصول؟ فالدين الخارجي كان نحو 30 مليار دولار، وفي التفاوض مع الدائنين قد ينخفض بنسبة عالية الى حدود 10 او 11 مليار دولار. وموجودات الدولة كبيرة جداً، فقطاع الخلوي وحده يساوي هذا المبلغ.

 

ثالثاً، لبنان يستطيع ان ينهض من جديد، فلدى الدولة احتياط في المصرف المركزي بنحو 21 مليار دولار، واحتياط من الذهب بنحو 15 مليار دولار واكثر، وأصول بعشرات مليارات الدولارات. وفي مقدور الدولة ان تحوّل هذه الاصول الى قطاعات منتجة، من دون ان تبيعها، وتظهر بالتالي انّ لبنان دولة غنية. لكن هذا مشروط بحُسن التخطيط.

 

فعلى سبيل المثال، بحسب هذه الخريطة، فإنّ لدى الدولة ما يزيد عن مليار م2 أرض، واذا شملت المليار متر بـ50 دولاراً للمتر الواحد، فثمنها يجمع نحو 50 مليار دولار. وبذلك، تستطيع ان تُنشىء الدولة شركة عقارية، وشركة لمنشآت النفط ثمنها مليارات الدولارات لأنّ لديها املاكاً هائلة، وتُنشىء شركة للسكة الحديد، وشركة لمرفأ بيروت، وشركات في قطاعات عديدة، وشركة ليبان تيليكوم. والشرط الاساس لذلك هو ان تبادر السلطة الى جَمع المجلس الاعلى للخصخصة، وتوكِل اليه مهمة إعداد خطة “تشركة”، وتبدأ بإعداد دفاتر شروط شفافة، وتستعين بشركات متخصصة لبنانية ودولية لدرس المشاريع وجدواها، وبهذه الطريقة تستطيع ان تمدّ نفسها بالانتعاش من جديد، وبهذه الطريقة لا تجذب فقط المستثمرين العرب والاجانب، بل تجذب قبلهم المستثمرين اللبنانيين، سواء في الداخل اللبناني او في بلاد الاغتراب. وللعلم انّ سيولة طائلة في ايدي المغتربين اللبنانيين تقارب الثلاثة الى اربعة مليارات دولار، يُراد إرسالها الى لبنان والاستثمار فيه، ولكن هؤلاء المغتربين، في حاجة قبل كل شيء الى طمأنتهم بخطوات تجعلهم يثقون بالسلطة. التي أرسلت اليهم رسالة شديدة السلبية بأنها ستعتمد “الهيركات” ليطال 90% واكثر من ودائعهم. والدولة تنتظر من صندوق النقد ان يقدّم 3 او 4 مليارات دولار على سنوات. وتستطيع الدولة، اذا أنشأت هذه الشركات، ان تُحَصّل مبلغاً يعادل ما سيقدمه صندوق النقد واكثر.

 

رابعاً، بعد ان تقوم بخطة “التشركة”، تبادر السلطة في اتجاه المودعين، لتؤكد لهم انها تضمن ودائعهم. وكونها لا تستطيع ان تدفع “كاش”، تستعيض عن ذلك بأن تمنح المودعين سندات دين بفائدة 1 او 2%، وفي الوقت نفسه تعيد فتح بورصة بيروت، ويتم تداول هذه السندات فيها، ويستطيع حامل السند ان يبيعه إن شاء ذلك بالنسبة التي ترضيه بمعدّل 60 سنتاً للدولار او 70 سنتاً.

 

وتفترض خريطة الحل انّ المودعين سيقبلون بذلك لأنهم بالتأكيد يريدون ودائعهم، علماً انّ كثيرين منهم يعمدون في هذه الفترة الى بيع ودائعهم بثلث قيمتها وحتى بربعها.

 

وبرأي المصادر النيابية فإنّ السلطة إذا اعتمدت هذه الطريقة، تخلق مصداقية لها، لكنّ المشكلة تكمن في انّ الادارة السياسية لا هي مبادرة ولا هي ذكية ولا هي خلّاقة، ولا احد يثق فيها داخلياً وخارجياً.

 

وخلصت مصادر اللجنة المالية الى القول: الوقت لم ينته بعد، والفرصة ما زالت متاحة امام السلطة لكي تبادر الى العلاج، وليس هناك من عذر للحكومة في ان تبقى في دائرة العجز، بل المبادرة الى التخطيط لكيفية الاستفادة من اصول الدولة من دون ان تبيعها، والى البدء بالاصلاحات بالتزامن مع المفاوضات مع صندوق النقد، لأنّ البديل هو الشلل والانحدار التدريجي الى وضع أسوأ بكثير من نموذج فنزويلا.