إعادة الهيكلة أمر مُكلف لكن لا بدّ منها

تبدو الأزمة المالية وكأنها عصيّة على المعالجة، حتى الآن على الأقل. لكنّ الحلول ليست مستحيلة، وهناك نماذج كثيرة في اكثر من دولة وقعت ثم نجحت في النهوض مجدداً. الشرط الوحيد للخلاص يرتبط بتوفّر إرادة وإدارة سياسية فاعلة تستطيع أن تأخذ القرارات الصائبة في الوقت المناسب.

قد يكون المخرج الوحيد لأزمة تفاقمت حتى بلغت حدود اللامعقول وشعب لم يعد يرى كيف يمكن أن تكون النهاية إلّا من خلال إعادة الهيكلة. فديوننا فاقت الـ180 بالمئة من الناتج المحلي بحسب تقرير صندوق النقد الدولي للعام 2018. وتخلّفنا عن سداد ديوننا من مستحقات اليوروبوندز، وكانت في وقتها ضرورية لا سيما أنّ البنك المركزي بحاجة ماسّة الى هذه المبالغ من أجل تأمين الحاجات الأولية للبنان.

 

ويتلخص الوضع اليوم كالتالي: إنهيار العملة، محادثات مع صندوق النقد الدولي متعثرة وقطاع مصرفي أقلّ ما يقال فيه انه يعاني أزمة معقدة، وحكومة عاجزة عن القيام بأية خطوة الى الأمام الأمر الذي يجعلنا حتماً في الهوة. وللذين يراهنون على الشرق، نؤكد أن لا الشرق ولا الغرب باتا ينفعان.

 

في الواقع، إنّ التخلّف عن الدفع وحده ليس بهذه الخطورة، فالعديد من الدول تخلفت سابقاً عن الدفع ومن بينها أوكرانيا في العام 1999، وأعادت هيكلة ديونها في العام 2015 وعادت الى الأسواق المالية العالمية. كذلك فعلت الأرجنتين، وبعد مفاوضات حثيثة مع صندوق النقد تمكنت من العودة الى الأسواق.

 

إلّا أنّ الأمر يختلف في لبنان، والقضية لا تتعلق بالتخلف عن الدفع وحده إنما تَخطّت الأمور هذه المرحلة. ومن الطبيعي أنّ المصارف تأثرت مباشرة بالأزمة، لا سيما أنها انخرطت في «اللعبة» حتى النهاية. ومن العواقب المتوقعة إعادة الهيكلة، لا سيما أنها خسرت ما قيمته 10 مليارات دولار من الودائع. وعلى الدولة أوّلاً بأول أن تحارب التهرّب الضريبي وتحسّن الجباية وتسعى الى الخصخصة، فضلاً عن إعادة هيكلة الدين، الأمر الذي سوف يكون ذات تأثير كبير على المصارف، علماً أنّ المصارف كانت عصب الاقتصاد اللبناني والقطاع الأنجح. وإذا كان لا بد من اقتطاع من الودائع، فيجب أن تكون على الودائع الكبيرة جداً، لئلّا تخلق أزمة اجتماعية اضافية. بمعنى آخر، ينبغي التركيز على الطبقة الثرية جداً، والتي تستطيع ان تتحمّل الاقتطاع.

 

بحسب أحد مسؤولي الـ IIF، اذا استمر الاضطراب السياسي لفترة طويلة، ومع عدم دعم الدول المانحة خلال الأشهر القادمة، قد تتدهور الحالة الاقتصادية أكثر فاكثر، وكذلك الاحتياطي الأجنبي في البنك المركزي، وهذا الأمر سوف يخلق مضاعفات جمة اقتصادياً واجتماعياً. وموقف صندوق النقد الدولي من هذا كله واضح وصريح، كونه يريد أن يعلم أقلّه مع من يتفاوض، ويريد أن يلمس جدية المفاوض وقدرته على أخذ القرار والسير بالاصلاحات الموعودة قبل أن يقدّم أي دعم. والبعض يتحدث هنا عن 10 مليارات دولار (وهو رقم طموح لعدم ثقة المانحين الدوليين بالحكومة).

 

لذلك، قد يكون المدخل الوحيد لمعالجة هذه الأزمة هو التفاوض مع صندوق النقد الدولي، وهو الوحيد القادر على تشجيع الدول المانحة الأخرى على المساهمة في تمويل الانقاذ. والأمر ليس بالغريب، وقد حصل سابقاً مع اليونان حيث رفضت أنجيلا ميركل دعم اليونان إلّا بوجود صندوق النقد الدولي وبحسب شروطه.

 

الهدف من المفاوضات، كما تؤكد متحدثة بإسم الصندوق، هو التوصّل الى إطار شامل يساعد لبنان على معالجة الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة واستعادة الاستدامة والنمو. ولن يلتزم الصندوق ولا الدول المانحة أية مساعدة قبل التزام الطرف اللبناني بالاصلاحات ومكافحة الفساد السياسي المستشري.

 

والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم هل إعادة هيكلة المصارف اللبنانية قادرة على ضمان أموال المودعين، لا سيما أنّ إعادة الهيكلة تتطلب اعادة رسملة وإعادة هيكلة الدين الخارجي الأمر الذي يتطلّب اتفاقاً مع المستثمرين الخارجيين حَمَلة اليوروبوندز. كلها أمور مكلفة ورساميل المصارف سوف يتدنى حتماً، ومن المستحيل ان يحصل الانقاذ من دون خطة خارجية قد تكون، بحسب ناصر السعيدي، بكلفة 25 إلى 30 مليار دولار، فضلاً عن إعادة تقييم اصول المصارف وغيرها من الموجودات.

 

الأمر الأكيد أنّ حجم القطاع المصرفي مقارنة بالناتج هو بنسبة 300 بالمئة، وهذا يعني احتمال حصول اندماجات لدى العديد منها لا سيما انّ عملها قد تتغيّر طبيعته قليلاً في الفترة الاولى بعد بدء تنفيذ خطة التعافي، ومن المؤكد انّ المصارف ستتعرض لخسائر، ولا توجد حلول سحرية لهذا الأمر، والبرهان على ذلك ما يحصل اليوم في المصارف من «لَيلرة» للدولار من أجل تخفيف حجم الودائع بالدولار الأميركي وعلى سعر صرف ضئيل مقارنة بسعر صرف السوق السوداء. هذا، ويقول مصرفيون انّ البنوك اللبنانية تستعد لمرحلة صعبة في ظل إعادة الهيكلة. هذا الأمر سوف يترك العديد منها عرضة للدمج، ولذلك ينبغي التركيز على تجنيب المودع الخسائر المحتملة.

 

انّ إعادة الهيكلة هذه ضرورية ومطلوبة من قبل صندوق النقد الدولي للدخول في أي محادثات مع لبنان. وهذا الأمر يذكّرنا بقبرص في العام 2012-2013 حيث تراجعت بيئة الأعمال وزادت القروض المتعثرة وتعرّض الاقتصاد لِما يجري في اليونان، الأمر الذي أدّى الى انهيار القطاع المصرفي، والذي كان يشكّل 9 أضعاف الناتج المحلي حتى أصبح اليوم يشكّل فقط 3.5 مرات هذا الناتج.

 

قد تكون قبرص درساً مفيداً لبلد مثل لبنان، مع العلم أنّ اموال المودعين تضررت بنسَب كبيرة وصلت الى 40 بالمئة من حجم الايداعات، ورغم ذلك استطاعت قبرص أن تستعيد عافيتها بعد 3 سنوات من المعاناة.​

ب. غريتا صعب.

الذهب يقفز لمستويات قياسية مع اندفاع صوب الملاذ الآمن وسط هبوط الدولار

سجلت أسعار الذهب مستويات قياسية مرتفعة يوم الاثنين مع احتدام الخلاف بين الولايات المتحدة والصين في حين دفع ضعف الدولار المستثمرين لإلتماس الآمان في المعدن الاصفر تحوطا في مواجهة المخاطر التي تهدد الاقتصاد العالمي الذي يعاني بسبب جائحة كوفيد-19.

وقفز الذهب في التعاملات الفورية إلى مستوى قياسي عند 1945.16 دولار للأوقية (الأونصة) قبل أن يتراجع قليلا إلى 1935.80 دولار في أواخر جلسة التداول، لكنه يظل مرتفعا 1.8 بالمئة عن مستواه في بداية الجلسة.

وارتفع الذهب في العقود الآجلة الأمريكية 1.8 بالمئة ليسجل عند التسوية 1931.00 دولارا للأوقية.

وانضمت الفضة للاتجاه الصعودي وقفزت بما يصل إلى ثمانية بالمئة إلى 24.57 دولار للأوقية، وهو أعلى مستوى منذ أغسطس آب 2013. وفي أواخر الجلسة كانت الفضة مرتفعة 6.98 بالمئة عند 24.33 دولار.

وقالت سوني كوماري المحللة الاستراتيجية للسلع في إيه.إن.زد إن الذهب ” في وضع ممتاز للتحرك صعودا“ وسط أزمة الفيروس وسعي البنوك المركزية للحصل على سيولة.

وأضافت قائلة ”يحصل على مزيد من الدعم من انخفاض العائدات وضعف الدولار والتوتر الجيوسياسي بين الولايات المتحدة والصين. الطلب على (الذهب) الملاذ الآمن يتزايد في حين لم يعد هناك طلب على الدولار الأمريكي“.

ونزلت العملة الأمريكية لأدنى مستوى في نحو عامين مع رهانات متزايدة على أن مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) سيشير إلى تحول آخر في السياسات صوب التيسير حين يجتمع هذا الأسبوع مما ينطوي على إبقاء أسعار الفائدة منخفضة لفترة أطول.

وارتفع البلاتين 2.1 بالمئة إلى 933.80 دولار للأوقية بينما صعد البلاديوم 3.2 بالمئة إلى 2289.50 دولار للأوقية.

أسهم السفر تدفع أوروبا للهبوط بعد أن فرضت بريطانيا حجرا صحيا على العائدين من إسبانيا

نزلت أسهم أوروبا يوم الاثنين، إذ قادت أسهم شركات السفر الخسائر بعد أن فرضت بريطانيا حجرا صحيا لمدة أسبوعين على المسافرين العائدين من إسبانيا بعد زيادة في وتيرة الإصابات بفيروس كورونا.

وأغلق المؤشر ستوكس 600 الأوروبي منخفضا 0.3 بالمئة، ليواصل الخسائر بعد أن سجل يوم الجمعة أول نزول أسبوعي له في أربعة أسابيع.

وهبطت أسهم السفر والترفيه 3.4 بالمئة، إذ تراجعت أسهم شركات رحلات مقرها بريطانيا مثل توي وإيزي جت وآي.إيه.جي المالكة للخطوط الجوية البريطانية (بريتيش إيروايز) ما بين ستة بالمئة و11 بالمئة.

وهوى المؤشر الأوسع نطاقا إلى أدنى مستوى في شهرين، ليزداد تشبثا بموقعه كصاحب أسوأ أداء في أوروبا هذا العام بخسارة قدرها 40 بالمئة.

ومما فاقم متاعب القطاع، خفضت رايان إير الأيرلندية هدفها السنوي لعدد المسافرين بمقدار الربع وحذرت من أن موجة ثانية من الإصابات بكوفيد-19 قد تزيد ذلك تقليصا.

ونزل سهما لوفتهانزا وإيرفرانس بحوالي خمسة بالمئة لكل منهما بعد أن قالت الحكومة البريطانية إنها تتابع الوضع في ألمانيا وفرنسا عن كثب.

وهبطت الأسهم الإسبانية 1.7 بالمئة، لتكون في مؤخرة البورصات الأوروبية، متضررة أيضا من ضعف في أسهم البنوك.

وظل المؤشر داكس الألماني مرتفعا بدعم من زيادة 2.7 بالمئة لسهم شركة ساب للبرمجيات بعد أن أعلنت عن خطط لفصل وطرح كوالتريكس الشركة الأمريكية المتخصصة في قياس معنويات المستهلكين عبر الإنترنت في البورصة.

مسؤول بالمركزي الأوروبي: اقتصاد منطقة اليورو لم يتجاوز خطر كورونا

قال فابيو بانيتا عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي لصحيفة لا ريبوبليكا إن الخطر الذي يهدد منطقة اليورو بسبب فيروس كورونا لم ينته بعد مضيفا أنه يتوقع ألا تكون هناك حاجة لإجراء أي تعديلات على برنامج البنك الضخم لشراء أصول.

ولمواجهة أسوأ انهيار اقتصادي تعيه الذاكرة، يشتري البنك دينا من خلال برنامج مشتريات طارئ للجائحة بقيمة 1.35 تريليون يورو (1.58 تريليون دولار) ويدفع للبنوك أموالا لتقديم قروض من سيولتها فيما يحاول حماية اقتصاد التكتل من تداعيات فيروس كورونا.

وقال بانيتا في مقابلة وزعها البنك يوم الاثنين ”من السابق لأوانه إعلان النصر“ مضيفا أن من المرجح أن تشهد منطقة اليورو انكماشا في الربع الثاني أكبر منه في أول ثلاثة أشهر.

وأظهرت بيانات حديثة تحسن الإنتاج الصناعي ومبيعات التجزئة ومؤشر مديري المشتريات، ويقول بانيتا إن هذا كان متوقعا في ظل الانخفاض الكارثي للنشاط الاقتصادي والإجراءات الحكومية لدعم الاقتصاد.

وتابع ”لا توجد أسس كافية تمنحنا شعورا بالرضا“.

وقال مشيرا لبرنامج المشتريات الطارئ ”البرنامج ناجح، ولا أرى أسبابا اقتصادية لتغيير قرارتنا أو تحركاتنا“.

وتابع أن النشاط الاقتصادي دون مستويات ما قبل الجائحة بكثير ومن المستبعد أن يعود إليها قبل نهاية 2022.

الدولار يهوي واليورو يرتفع. ايضا الذهب وعملات الملاذ.

هوى الدولار يوم الاثنين فيما أبعد تعثر خطى التعافي الاقتصادي في الولايات المتحدة المستثمرين عن عملة الاحتياطي العالمية مع مراهنة أكبر على أن الفدرالي  الأمريكي قد يشير لتحول آخر في توقعاته في بيانه الذي سيصدر عقب اجتماعه المنتظر هذا الأسبوع.

ونزلت العملة الأمريكية لأقل مستوى في أربعة أشهر أمام الين الياباني وأدنى مستوى في 22 شهرا أمام اليورو( تجاوز ال 1.1700 )  وأقل مستوى في خمسة أعوام أمام الفرنك السويسري بفعل ازدياد الرهانات على موقف متساهل مستمر للفدرالي الاميركي.

الذهب سجل مستوى مرتفعا قياسيا قارب فيه ال 1950 دولار للاونصة الواحدة وهي حركة طبيعية مفهومة نتيجة للرهانات على انخفاض اضافي للدولار وتراجع الطلب عليه،  كما نتيجة لاحتدام الخلاف الصيني الاميركي.

ويجتمع الفدرالي الاميركي  يومي الثلاثاء والأربعاء بعدما أظهرت بيانات الاسبوع الماضي تعثر التعافي في سوق العمل في الولايات المتحدة من خلال ارتفاع جديد فاق التوقعات لطلبات اعانة البطالة الاسبوعية. وفي حين لا يُنتظر صدور إعلانات مهمة، يتوقع محللون احتمالات أن يشرع صانعو السياسات في التمهيد لتحرك آخر في سبتمبر أيلول أو أقله في الربع الأخير من العام الحالي.

وقد يؤكد الفدرالي الأمريكي التلميحات التي صدرت في الآونة الأخيرة بشأن مزايا تحديد متوسط للتضخم المستهدف مما يتيح ابقاء أسعار الفائدة منخفضة لفترة أطول.

ونتيجة لهذه الاجواء ارتفع اليورو 0.5 بالمئة إلى 1.1725 دولار وزاد الدولاران الأسترالي والنيوزيلندي بنفس الوتيرة، في حين سجل الجنيه الاسترليني والدولار السنغافوري ذروة أربعة أشهر ونصف الشهر.