من يخطّط لتحويل الليرة الى «بيرا»؟

بعد أزمة شح الدولار، ورغم الفائض القاتل في كميّات النقد الوطني التي تم طبعها ونشرها في السوق، الامر الذي أضعف قيمة الليرة وجعل الدولار يترفّع عليها بنسَب خطيرة، مع ذلك، تدلّ المؤشرات الى ان المواطن سيعاني في الايام المقبلة شحاً في الليرة النقدية، وقد يضطر الى القبول بهيركات على ليرته للحصول عليها كعملة ورقية!

 

عثرة جديدة توضع في طريق التعميم 158 الذي من المتوقع ان يبدأ العمل فيه اعتباراً من مطلع الشهر المقبل اي في 1 تموز، والذي يقضي بأن تعطي المصارف 400 دولار للمودعين شهرياً، بعد انقطاع دام أكثر من عام. لكن، وقبيل بدء تنفيذ هذا التعميم أبلغت بعض المصارف زبائنها من الشركات الخاصة انه اعتباراً من نهاية الجاري سيتوجّب عليها تأمين رواتب موظفيها نقداً بعدما أبلغها مصرف لبنان انه لن يزودها بالاوراق النقدية بالليرة لتغطية تحويلات رواتب القطاع الخاص، على ان تقوم المصارف بتوزيع هذه الاموال على حسابات الموظفين، ليدخل لبنان في أزمة جديدة تتمثّل بمزيد من الانهيار في سعر الصرف، وهذا ما شهدناه في الايام الماضية من خلال ارتفاع الدولار من 13 الفاً الى عتبة 16 الفاً.

 

في هذا السياق، اعتبرت مصادر مطلعة لـ»الجمهورية» انّ هذه القرارات تهدف الى عرقلة تنفيذ التعميم 158 بهدف الحؤول دون استفادة احد منه. فالطلب من الشركات تأمين الاموال نقداً ليدفعها المصرف الى الموظفين سيؤدي الى رفض قاطع من قبل الشركات والمؤسسات لقبول الدفع بواسطة البطاقات الائتمانية اي credit card مثل السوبرماركت والمطاعم والمتاجر… وهنا لا بد من التذكير بأنّ التعميم 158 يقول بدفع 400 دولار شهرياً نقداً اي banknotes و400 دولار بالليرة اللبنانية شهرياً على اساس السعر المحدد على المنصة الالكترونية لعمليات الصرافة «صيرفة» (اي 12000 ليرة) يدفع منها 50 % لصاحب الحساب نقدا (banknote) و50 % بواسطة البطاقات المصرفية. وبالتالي، من ينوي الاستفادة من التعميم بات لزاماً عليه التفكير بالموضوع مليّاً. فمتى أصبحت البطاقات المصرفية مرفوضة يعني انّ مليونين و400 الف ليرة (وهي عبارة عن الـ 200 دولار التي ستحوّل الى البطاقة المصرفية على سعر 12000 سعر الصيرفة) ستبقى عالقة في المصارف، ولن يتمكن المودع من التصرف بها. أما المشكلة الاكبر فتتمثّل بأنه في حال احتاج المودع الذي قرر الاستفادة من التعميم 158 الى مزيد من الاموال، فإنه سيضطر الى السحب من وديعته بالدولار وفق سعر صرف 1500 ليرة وليس 3900 ليرة وفق ما يشترطه التعميم 158، بما سيزيد من خسارة المودع، أضف الى ذلك انه حتى سعر منصة الـ 12000 ليرة ما عاد يعكس الواقع بعدما وصل سعر الصرف في السوق الموازي الى عتبة الـ16 الفاً حالياً، مع التوقعات بأن يصل الى 20 الفاً مع اقتراب موعد دفع هذه الدولارات والمتوقعة اعتباراً من منتصف تموز، على اعتبار انّ النصف الاول من تموز سيكون لتسجيل طلبات المودعين الذين يرغبون بالاستفادة من التعميم 158، كما لا بد من التذكير بأنّ هذا التعميم سيسري لفترة عام فقط يستفيد منه المودع بمبلغ 4800 دولار نقداً.

 

امّا عن الخيارات المتاحة اليوم امام ارباب العمل لتأمين الرواتب للموظفين، فترى المصادر انه اذا طلبت المصارف من ربّ العمل تأمين الاموال نقداً فلن يعود مضطراً الى إرسالها الى المصرف لأنه سيدفعها مباشرة الى موظفيه امّا بالدولار او بعد تصريف الدولار. أمّا اذا كانت اموال رب العمل بالليرة اللبنانية عالقة في المصارف فسيضطر الى بيع الشيك المصرفي في السوق السوداء والقبول بالـ haircut للدفع للموظفين. وفي الحالتين، ما عاد رب العمل في حاجة الى المصرف اذا كان عليه تأمين النقدي لموظفيه، في خطوة ستخرج بعض الشركات من التعامل مع المصارف.

 

أضافت المصادر: انّ هذا التدبير سيخلق سوقاً موازية بين الليرة اللبنانية النقدية والليرة البنكية كما هو حاصل بالنسبة الى الدولار، ويصبح لدينا لولار وبيرا (الليرة في البنك) وإذا كانت نسبة عمولة تصريف شيك بالليرة اللبنانية تصل الى 8 % راهناً فإنها سترتفع قريباً الى ما بين 15 و20 % بسبب ارتفاع الطلب على الليرة. واكدت المصادر انّ الهدف اليوم ليس تجفيف السوق من الليرة، خصوصاً انّ المركزي أعدّ 26 تريليون ليرة لتأمين مقتضيات التعميم 158 إنما هو يحاول تخفيض حجم استهلاك الأسَر.

 

تابعت المصادر: لقد ترافق الاستعداد لتطبيق التعميم 158 بخفض المصارف لسقوف السحوبات المسموحة للمودع شهرياً بشكل ملحوظ، مشيرة الى انّ الهدف الاساسي من هذه الخطوة سحب الدولارات المخبّأة في المنازل، بدليل انّ غالبية التجار وأصحاب المطاعم والفنادق باتوا يقبلون الدفع بالدولار وفق تسعيرة السوق الموازي. ورأت المصادر اننا مقبلون على مرحلة سينتفي فيها الطلب على الليرة ليتركّز التعامل بالدولار.

 

ورأت المصادر انّ من الحلول المطلوبة اليوم ان يقبل مصرف لبنان بقبض الاموال من التجار الذين يستخدمون منصة صيرفة بواسطة البطاقات الائتمانية ولا يشترط الدفع نقداً على غرار ما هو حاصل اليوم، لا سيما من يتعاطون في الشأنَين الطبي والاستشفائي والدوائي وتجار المواد الغذائية، ففي هذه الحالة سيقبل المودع بهذه البطاقة لأنها تصبح ذات فائدة يمكن استعمالها في السوبرماركت او الصيدلية او المستشفى…

ايفا ابي حيدر

«الاستثمارات المؤثرة»

عادة ما ينفصل مفهوم العمل التجاري عن العمل الخيري؛ فالأول يهدف إلى الكسب المادي البحت، أما الثاني فيسعى إلى تحقيق النفع بشكل غير مادي؛ سواء أكان هذ النفع اجتماعياً أم بيئياً أم غيرهما. ويجيء مفهوم «الاستثمار المؤثر» ليكون حالة في المنتصف بين العملين التجاري والخيري، فهو يسعى لخلق منافع اجتماعية وبيئية، دون الإخلال بالعوائد المالية الربحية. ويعدّ البريطاني ناثانيال روثسشايلد أحد أوائل من التفت إلى الاستثمارات المؤثرة، ففي عام 1885، أطلق ناثانيال صندوقاً يهدف إلى إيجاد مساكن للطبقة العاملة البريطانية بعائد ربحي لا يتعدى 4 في المائة. وقد أعيد تشكيل هذا المفهوم في عام 2007 بعد أن كان شبه مهمل في المائة والعشرين عاماً التي تلت ناثانيال، ولعل إهمال هذا المفهوم تمثل في عدم توفر بيانات واضحة عن حجم هذه الاستثمارات المؤثرة والقائمين عليها.
واليوم؛ وبحسب «الشبكة العالمية للاستثمار المؤثر»، فإن حجم الاستثمارات المؤثرة يصل إلى 715 مليار دولار. وقد التفت إليه العديد من الصناديق الاستثمارية حول العالم، فعلى سبيل المثال، أسست شركة «بلاك روك» – وهي من أكبر صناديق الأصول في العالم – شعبة مختصة في الاستثمارات المؤثرة، كما استحوذ بنك «غولدمان ساكس» في السنوات القليلة الماضية على شركة استثمارات مؤثرة، كما أسست شركات عالمية عدة أخرى صناديق للاستثمارات المؤثرة. هذه التحركات من كبريات الشركات لم تأت إلا بطلب من مستثمرين يودون الدخول في استثمارات ليست ذات عوائد مالية فحسب! وقد أوضح استبيان شمل 6 آلاف شخص في بريطانيا أن 70 في المائة منهم يفضلون أن تعود استثماراتهم بالنفع على البشر والبيئة. كما عبر أحد مديري الصناديق الاستثمارية عن أن تحوّل الثروات العائلية إلى الورثة من الشباب والنساء أحد أهم أسباب التفات رؤوس الأموال إلى الاستثمارات المؤثرة. والاستثمارات المؤثرة أثبتت بكثير من الأمثلة جدواها الاقتصادية، فقد أوضحت دراسة قامت بها «كلية لندن للأعمال» أن الشركات التي تقرر تحسين استدامتها في أعمالها الرئيسية تحقق عوائد أعلى من مثيلاتها التي لا تفعل، وضربت مثالاً بشركات التعدين التي تركز على تقليل الآثار السلبية على البيئة.
إلا إن الاستثمارات المؤثرة – رغم منفعتها لأطراف متعددة – تشهد عدداً من التحديات؛ لعل أهمها عدم توفر البيانات بخصوصها، فحتى هذه اللحظة لا يمكن معرفة حجمها العالمي بدقة؛ فهو بحسب «الشبكة العالمية للاستثمار» يتعدى 715 مليار دولار، إلا إنه قد يصل كذلك إلى 2.1 تريليون دولار، والفارق بين الرقمين شاسع ودلالة واضحة على عدم دقة البيانات. كما يعاني الراغبون في هذه الاستثمارات من عدم توفر الفرص الاستثمارية المؤثرة، أو عدم قدرتهم على الوصول إلى هذه الاستثمارات والمشاركة فيها. وتدعم الأمم المتحدة ممثلة بأهداف التنمية المستدامة هذه الاستثمارات المؤثرة، وتهدف إلى أن يصل حجم الاستثمارات المؤثرة في عام 2030 إلى 5 تريليونات دولار على الأقل، والفجوة كبيرة بين أفضل حالة ممكنة اليوم، والمستهدف من الأمم المتحدة بنحو 2.9 تريليون دولار.
ويواجه العالم اليوم عدداً من التحديات التي قد تكون الاستثمارات المؤثرة حلاً لها، فعلى سبيل المثال، تعد أزمة المناخ – التي تعهد رؤساء دول العالم بحلها – من كبرى المشكلات التي يمكن للاستثمارات المؤثرة المساهمة في حلها. وتتشارك معها أزمات أخرى مثل عدم المساواة الاقتصادية، أو التفرقة العنصرية، أو عدم تضمين النساء في القوى العاملة. هذه المشكلات كبيرة لدرجة أن الحكومات – فضلاً عن المؤسسات الخيرية – لا تستطيع حلها دون تدخل الشركات الكبرى والصناديق الاستثمارية الضخمة. ولكن هذه الشركات الكثيرة لم تحدد حتى الآن تعريفاً واضحاً لـ«الاستثمارات المؤثرة»، فينظر إليها بعض الشركات على أنها الاستثمارات التي لا تعرض البيئة للخطر، وينظر إليها البعض الآخر على أنها الاستثمارات التي تحقق شروط الحوكمة الاجتماعية والبيئية.
وفي كل الأحوال؛ فإن تعريف «الاستثمارات المؤثرة» يختلف من ثقافة بلد إلى أخرى، فما يعدّ عملاً خيرياً نافعاً للبشرية في دولة، قد لا يعدّ كذلك في دولة أخرى. وعليه؛ فإن كل دولة يمكن لها الوصول إلى تعريف لهذه الاستثمارات لتحقيق المنافع المرجوة منها. ويمكن للحكومات أن تقدم الحوافز المناسبة التي تشجع القطاع الخاص على الدخول في هذه الاستثمارات، وتشجيع القطاع الخاص يأتي أولاً بتوعيته بأن هذه الاستثمارات ليست أعمالاً خيرية بحتة، بل هي أعمال تجارية ذات عوائد مالية مجزية، إلا إنها وفي الوقت نفسه تعود بالنفع على المجتمع والبيئة.

د. عبدالله الردادي

مشهد ما بعد الانتخابات: طاروا المصريات

 

لسبب أو لآخر، يتمّ ملء الفراغ الاقتصادي والمالي بنقاشات تبدو خارج السياق، ليس لأنّها غير مُجدية، بل لأنّها تُناقش في التوقيت الخاطئ، ومع جهات غير ذي صفة، وضمن اطار يقود في أحسن الأحوال الى جدل عقيم لا يُقدّم ولا يؤخّر.

طفا الى السطح في الأيام الأخيرة، موضوع مجلس النقد (currency board) بلا مبرّر مُقنع بالنسبة الى الأسباب التي تستدعي طرحه بهذه الحماسة والديناميكية، وكأنّه مشروع قائم في حدّ ذاته، يمكن تنفيذه غداً.

ما هو أكيد انّ فكرة مجلس النقد، وفي أحسن الاحوال تستطيع ان تكون بنداً من عشرات البنود التي ينبغي ان تتضمّنها المفاوضات مع صندوق النقد الدولي عندما تبدأ، بعد تشكيل حكومة طبعاً. وللتذكير، وبما انّ التجربة البلغارية هي التي يستند اليها المؤيّدون لإنشاء مجلسٍ للنقد، لا بدّ من التذكير بأنّ المشروع لم يبدأ سوى بعد مفاوضات طويلة مع صندوق النقد، امتدت من تشرين الثاني 1996 حتى منتصف 1997، وتضمّنت دراسات وافية لتأثير الخطوة على كل مفاصل الاقتصاد في البلد، وفي مقدّمها الانعكاسات المحتملة على القطاع المصرفي. وكذلك، جرى التركيز على وضع البنك المركزي، لضمان تنظيف ميزانياته، بحيث لا يبقى بند المطلوبات (Liabilities) سلبياً في موازاة الموجودات.

اكثر من ذلك، تولّى صندوق النقد تنظيم ورش عمل للنواب في بلغاريا لإطلاعهم على طريقة عمل «مجلس النقد»، وأين قد يفيد، وأين قد يضرّ. ومن خلال هذه الورش يتضح انّ القطبة المخفية هي في حُسنِ التطبيق، وهي على غرار خطط الإنقاذ التي يموّلها صندوق النقد، اذ أنّ نجاحها او فشلها يتعلق بمدى التزام الدولة المعنية بمندرجاتها، وحتى بروحيتها.

باختصار، موضوع مجلس النقد يحتاج الى الاتفاق على خطة شاملة تتضمّن بنوداً ينبغي أن تُنفّذ أولاً، ومنها إعادة هيكلة القطاع المصرفي، وإعادة هيكلة البنك المركزي، وضمان قدرة الدولة على اعتماد موازنة مع صفر عجز، لتخفيف احتمالات الاقتراض من الخارج بمبالغ قد تعرقل خطة الانقاذ، ما دام المركزي، وبوجود مجلس للنقد، سيصبح خارج الخدمة في موضوع إقراض الدولة، او طباعة العملة، لتوفير سيولة ضرورية في حالات الطوارئ.

في المحصّلة، لا وجود لمشروع اسمه مجلس النقد في حدّ ذاته، بل انّه مجرد بند يمكن ان يُناقش ضمن خطة الإنقاذ الشاملة، للتأكّد اذا ما كانت تناسب الوضع اللبناني، وتساعد في مرحلة التعافي ام لا. لكن، هل المشكلة اليوم هي حقاً في اختيار الفكرة الاقتصادية أو المالية الافضل ضمن باقة الافكار القائمة، والتي يعرفها كل الاقتصاديين؟ من المؤكّد انّ المشكلة في مكان آخر، وربما من الأجدى حالياً، وطالما انّ المنظومة السياسية دمّرت تقريباً امكانية تشكيل حكومة تتولّى محاولة البدء في الإنقاذ، وهي خطوة إلزامية للخروج من النفق، ان يتمّ تركيز العصف الفكري الاقتصادي على الإجراءات التي يمكن اتخاذها، لتخفيف المعاناة قدر الإمكان، والحفاظ على الحدّ المقبول من القدرات المالية لاستخدامها لاحقاً، سواء اذا ساء الوضع اكثر، أو اذا انفرجت وحان موعد التفاوض على الإنقاذ.

من خلال المؤشرات القائمة، يبدو انّ احتمال الاستمرار بلا إنقاذ حتى موعد الانتخابات النيابية، وربما من بعدها الرئاسية، بات مُرجّحاً. وبالتالي، يحتاج اللبنانيون الى التركيز على الطريقة التي ينبغي اتباعها خلال هذه السنة، لتقليص الإنفاق من الاموال الوطنية المتبقية في المركزي، وفي الوقت نفسه ضمان الحدّ الأدنى من مقومات العيش للمواطنين، لاسيما الفئة الأضعف والأكثر حاجة. وبالطريقة المُعتمدة في الوقت الراهن، لن يبقى أموال لا للإنقاذ، ولا حتى لضمان استمرارية الحياة في حدّها الأدنى، في حال طال الوضع القائم وتخطّى حاجز السنة. وهذا الاحتمال وارد جداً، بالنظر الى المعطيات القائمة اليوم، إلّا اذا طرأ تغيير مفاجئ في المشهد. ولا مؤشرات حتى الساعة الى انّ التغيير آتٍ.

في هذا المناخ، الجدل البيزنطي حول رفع الدعم او ترشيده، وبالتوازي مع اطلاق البطاقة التمويلية المنتظرة، ماضٍ على قدم وساق. والإنفاق ماشي من «الاموال الوطنية» المتبقية. واذا أضفنا الإنفاق الذي سيضطر اليه المركزي اذا طبّق التعميم 158، يمكن ان نستنتج انّ الأزمة ستأخذ منحى مختلفاً بعد عام. ولا تبدو الإجراءات التي تُتخذ حالياً تستطيع أن تخفّف وطأة المأساة. على سبيل المثال، قبول مصرف لبنان باعتماد سعر الـ3900 ليرة لدعم البنزين، قد يؤدّي الى انفاق اضافي وليس العكس، لأنّ المبلغ الذي سيخصّصه الأخير لشراء البنزين سيزيد قليلاً اذا ما ألغى، نسبة الـ10% بالدولار على سعر السوق السوداء. وبالتالي، لا يهدف اقتراح مصرف لبنان الى خفض انفاق الدولارات بقدر ما يهدف الى امتصاص اضافي للسيولة بالليرة، من خلال جمعها على سعر 3900 بدلاً من 1500، بحيث يكسب القدرة على مضاعفة المبالغ المسحوبة من السوق بنسبة تقارب الـ220%. وليس مستبعداً ان يكون المركزي يخطّط لاستخدام الكتلة النقدية بالليرة المسحوبة من التجار، لإعادة شراء الدولارات من السوق الحقيقية!

في حسبة بدائية للإنفاق، واذا أخذنا في الاعتبار الدعم المُرشّد على طريقة الـ3900 للبنزين، سيتبيّن انّ العام الانتخابي سيكون السنة الأخيرة لوجود اموال وطنية في صناديق مصرف لبنان، وستصبح الخيارات في حينه، أقسى بكثير مما هي عليه اليوم.

انطوان فرح